الأزمة الأوكرانية والنظام العالمي الجديد

https://rasanah-iiis.org/?p=28636

بواسطةكلمون تيرم

مقدّمة

حقائق جديدة وتغيُّرات كبرى سيشهدها العالم على خلفية الوضع في أوكرانيا، وعليه؛ تلقي هذه الدراسة الضوءَ على التصوّرات الدولية للنظام العالمي الجديد؛ نتيجةً لهذه الأزمة وما يكتنف العالم من تغيُّرات محتملة، ولا سيّما في الشرق الأوسط، وتناقش الدراسة بصورة أساسية ما إذا كانت الحرب على أوكرانيا تأكيدًا لولادة نظام غربي بعد الحرب.

كانت الفكرة السائدة في الدوائر الإستراتيجية الغربية قبل الحرب على أوكرانيا في عام 2022م وانسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان في أغسطس 2021م تتمثل في الدفاع عن مفهوم «النظام الدولي القائم». ووفقًا لهذا الرأي، فقد استند النظام الدولي إلى فكرة وجود «قوة مهيمنة محبة للخير»، أي الولايات المتحدة الأمريكية.

لكن ترى موسكو الصراع مع أوكرانيا من زاوية مختلفة، فهو من منظورها صراع بين روسيا والغرب، ولا سيّما أن العالم يشهد ولادة نظام دولي جديد، في ظل المحور الروسي-الصيني الصاعد في مواجهة الغرب المتراجع. ولن يكون هذا التراجع لفترة قصيرة؛ لأنّ القارة الأوروبية ستبقى في حالة حرب ومقسَّمة، ما دامت المواجهة العسكرية مستمرة في أوكرانيا.

وإذا افترضنا سيناريو مواجهة طويلة الأمد بين روسيا والغرب، فإنّ أحد أهمّ الاحتمالات سيكون إحياء حركة عدم الانحياز الجديدة، التي تشمل عددًا متناميًا من الدول (في أوروبا مثل صربيا، وبدرجة أقل المجر)، التي لا ترغب في الوقوف إلى جانب أي طرف من أطراف الصراع في هذه المواجهة. ويمكن تفسير هذا الاتجاه الجديد من الحياد بصورة أفضل بالنظر إلى: التكاليف الاقتصادية لمعارضة العمل العسكري الروسي في أوكرانيا، والطبيعة غير المقنعة للحجة القانونية الغربية، والقدرة الروسية على تطوير خطاب مضاد للتصدي للرواية الغربية. ويرتبط هذا الاتجاه الجديد للحياد أيضًا بالخوف من نشوب حرب عالمية ثالثة، تشارك فيها قوى عظمى ذات قدرة نووية.

وفي أوروبا، لا تتفق الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشأن فكرة فصل روسيا عن الجانب الغربي للعولمة، ألا وهو «النظام المالي الدولي القائم على الدولار الأمريكي»، ولا سيّما أن فصل روسيا عن الاقتصاد العالمي ليس مثل فصل إيران أو سوريا أو كوريا الشمالية. ويُعزى التأخير في فرض العقوبات على روسيا إلى تبنِّي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لمواقف مختلفة، وسوف تجد ألمانيا وإيطاليا صعوبة في الاستغناء عن إمدادات الغاز الروسي؛ لأن هناك وجهة نظر سائدة مفادها أن العقوبات يجب ألا تضرّ الدول الأوروبية أكثر من روسيا. وتخشى الدول الأوروبية من أن فرض عقوبات على روسيا قد يفضي إلى نتائج غير مرغوبة، أي فرض عقوبات على أنفسهم، أي اقتصاداتهم، كما جرى في فرض العقوبات على صادرات المنتجات الزراعية الأوروبية إلى روسيا منذ عام 2014م. وهذا يفسر التراجع الذي شهده الاتحاد الأوروبي في أبريل 2022م في مستوى أدائه المعهود، إذ لم يعُد الاتحاد الأوروبي قادرًا مرةً أخرى على التصرُّف بسرعة وبقوة. في بداية الحرب، كان هناك شعور بصعود أوروبا وتحرُّكها بوصفها قوة عظمى قادرة على إحداث التغيير، لكن بعد شهر واحد لم يعُد الأمر كذلك.

هذه الكتلة الأوروبية المفتتة منقسمة أيضًا بسبب الجدل حول كيفية تأمين المصالح الأوروبية طويلة الأجل. فالِخيار الأول يتمثل في الدفع باتجاه تسوية دبلوماسية مع تعديل المواقف الأوكرانية، والخِيار الثاني تبنِّي سياسة المواجهة ضد روسيا مع دعم الموقف الأوكراني المقاوم وتصدير الأسلحة إلى كييف. ولحل النزاع، يمكن للدول الأوروبية أن تكون جزءًا من الحل الدبلوماسي بتقديمها ضمانات أَمنيَّة لأوكرانيا، إذ يمكن للدول الأوروبية دعمَ أمن أوكرانيا باستنادهم إلى نص المادة الخامسة من معاهدة حلف الناتو: «أي هجوم أو عدوان مسلح ضد طرف منهم (أطراف الناتو) يُعَدّ عدوانًا عليهم جميعًا». وقد تلجأ الدول الأوروبية إلى خيار ثانٍ لطمأنة حليفها الأوكراني، وذلك بعرض الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ويشمل هذا الخيار بعض الضمانات الأَمنيَّة، مثل المادة 49 من معاهدة لشبونة المتعلقة بطلبات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي[1]، وهذا ما حدث بالفعل؛ فقد منحت دول الاتحاد الأوروبي أوكرانيا «صفة مُرشح» الذي يُعدُ قرارًا سياسيًا ورمزيًا في المقام الأول ولا سيّما وأن حصول أوكرانيا على عضوية فعالة في الاتحاد يتطلب سنوات لاستكماله.

أوّلًا: صحوة أوروبا الجيوسياسية

في الأسابيع الأولى من الأزمة، بدت الكتلة الغربية أكثر تماسكًا وقوة، ولكن أصبح التهديد الماثل -الذي تشكِّله موسكو على حدود الحلف من القطب الشمالي إلى أوكرانيا عبر دول البلطيق- عنصرًا جوهريًّا في المراجعة الإستراتيجية للحلف في صيف 2022م، ولا سيّما أن الحلف استعاد فجأةً «السبب الأساسي لوجوده» وتماسكه. ومن العناصر الرئيسية الأخرى للمراجعة الإستراتيجية لحلف الناتو، تركيزها الجديد على الصين، التي تمثل «طموحاتها المعلَنة وإصرارها تحديات منهجية للنظام الدولي»، وذلك حسب ما ورد في البيان الصحفي الصادر عن قمة بروكسل 14 يونيو 2021م. وهنا نلحظ أن العداوة مع بكين لدى بعض أعضاء الحلف قد تراجعت منذ نشوب الحرب على أوكرانيا، كما جرى على المدى القصير تعزيز التماسك الذي يسعى إليه دائمًا «الناتو» والاتحاد الأوروبي، الذي يجب أن يفضي أيضًا إلى وثيقة إطارية حول الأمن والدفاع. لكن التنافر الإستراتيجي لـ«الناتو» لم يختفِ تمامًا، ولا سيّما أن المخاوف الأولية[2] من الحرب مع روسيا سوف تنقلب إلى مصالح اقتصادية تنافسية نحو روسيا. وهذه فرصة فريدة لفرنسا للترويج داخل المنظمتين لرؤيتها حول الاستقلال الإستراتيجي الأوروبي، الذي يعزز التضامن عبر الأطلسي، لا التنافس معه. وهنا يقول وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل: «لقد أوضحت هذه الأزمة بصورة أكثر جلاءً أننا نعيش في عالم قائم على سياسة القوة الغاشمة، فكل شيء فيه يُسلَّح، ونواجه معركة روايات شرسة ]صراع بين الدول حول كيفية رواية الأحداث[»، كما أكد بوريل أن أوروبا تعتمد اعتمادًا مفرطًا على روسيا، ووفقًا لوجهة نظره، فإن «الطاقة تلعب دورًا غير متناسب في العَلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، وأن روسيا تستخدم الطاقة سلاحًا سياسيًّا»، وأضاف مؤكدًا: «نحن الآن متحمسون بالكامل للحد من اعتمادنا المفرط على واردات الطاقة الروسية»[3].

وفي هذا السياق، نشر الاتحاد الأوروبي تعريفًا للأجندة الإستراتيجية الأوروبية، التي تحدّد الطبيعة التكميلية لجدول الأعمال الأمني بين «الناتو» والاتحاد، إذ تهدف «البوصلة الإستراتيجية» كما يُعرِّفها الاتحاد الأوروبي إلى توجيه التطوّرات الضرورية لأجندة الأمن والدفاع في الاتحاد الأوروبي للسنوات العشر المقبلة، في عالم متعدّد الأقطاب ومتنازَع بين أطرافه.

وفي الوقت نفسه، يبدو أن الخطة الفرنسية للتقريب بين الاتحاد الأوروبي وروسيا باسم تشكيل «أوروبا الكبرى» في عالم متعدّد الأقطاب من غير المرجَّح أن تتحقَّق، بسبب العامل الأوكراني، وبسبب مواقف واشنطن وعدد من دول أوروبا الشرقية[4].

وعلى الرغم من هذه القيود التي تكبِّل الاستقلال الأوروبي، فإنه يجب اتخاذ خطوات كبيرة -ولا سيّما على المستوى الأوروبي- من أجل «نزع الطابع الغربي» عن الرد على التدخّل العسكري الروسي في أوكرانيا. وكردِّ فعل على العداء الغربي الظاهر، ستستثمر روسيا في تعميق شراكاتها الدولية في إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا. وسيكون لهذه الإستراتيجية الجديدة تأثيرات عديدة في النظام الدولي من الناحية الجيوسياسية والاقتصادية، مثل تراجع هيمنة الدولار الأمريكي ولفترات طويلة على نظام التجارة العالمي ومخاوف قوى إقليمية ودولية (غير غربية) من العقوبات الأمريكية، لهذا السبب؛ سيتعيَّن على الأوروبيين مواجهة تحدٍّ مزدوج، أن يتَّحدوا، وأن يُديروا الدور المحتمل للولايات المتحدة، لدفعهم إلى تبني موقف متطرف ومنعهم الخروج بحلٍ دبلوماسي لفترةٍ قصيرةٍ في حال تمكنوا من اتخاذ موقفٍ مشترك لحل الأزمة الأوكرانية.

وسيكون لهذا نتائج سلبية لجميع الأطراف على الجانب الأوروبي، وكذلك على الجانب الصيني، لأن الولايات المتحدة يمكن أن تتصدى لهدف بروكسل المتمثل بالدفاع عن المصالح الاقتصادية الأوروبية في الصين. ولعل حاجة أوروبا هذه إلى اختيارها المعسكر الأمريكي ضد الكتلة الروسية-الصينية تكون نتيجةً للحرب في أوكرانيا.

ومن الناحية الجيوسياسية، فإنّ الصعوبات التي يواجها الغرب في إقناع العالم بضرورة التصدي لروسيا ستسرع ولادة نظام دولي جديد لما بعد الغرب (اُصطلح عليه مؤخرًا بـ«نظام ما بعد الغرب»)، لكن في حقيقة الأمر نجد أن وجهة النظر السائدة في إفريقيا أو الشرق الأوسط أو آسيا (باستثناء اليابان وكوريا الجنوبية) أن الحرب في أوكرانيا حرب إقليمية وليست صراعًا دوليًّا.

ثانيًا: الجدل حول أسباب/جذور الحرب

تثير الحرب في أوكرانيا أيضًا جدلًا حول عمل أجهزة المخابرات في كُل من فرنسا والولايات المتحدة، بالتحديد حول طبيعة النيات الروسية قبل غزو أوكرانيا وقوة الجيش الروسي. وبلا شك يمكن ملاحظة فشل المخابرات الأمريكية في تقدير التفوُّق المُتصوّر للجيش الروسي. وفي هذا الصدد، يوضح أستاذ الدراسات الإستراتيجية بجامعة سانت أندروز في أسكتلندا، فيليبس بايسون أوبراين، بأن «صمود المقاومة الأوكرانية أمرٌ محرج لمؤسسة فكرية غربية ومجتمع عسكري، كان قد توقع بثقة أن الروس سوف يغزون أوكرانيا في غضون أيام»[5].

وكانت المفاجأة أيضًا على الجانب الروسي، فقد واجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مقاومةً شديدةً غير متوقعة من الأوكرانيين، وعقوبات قاسية من غرب موحَّد بشكل غير متوقع[6]. أما مقدار هذه «المفاجأة» على روسيا فيعتمد على ماهية الأهداف السياسية للجيش الروسي، إذا كان الهدف العسكري الروسي يكمُن في التركيز على الجزء الشرقي من أوكرانيا، فهنا تكون روسيا قادرة على إعلان انتصارها قبل نهاية عام 2022م وفي حال مُضي روسيا بهدفها لتغير النظام في كييف فمِن المرجَّح أن يستمر الصراع لعدة سنوات.

وعلى الجانب الفرنسي، كان تقييم باريس لقوة الجيش الروسي أكثر دقة، إذ قلَّلت توقُّعات المخابرات الفرنسية احتمالية حدوث غزو عسكري روسي، آخذةً في الحسبان التكلفة المُتصوّرة (الاقتصادية والعسكرية). واستبعدت المخابرات الفرنسية سيناريو الغزو؛ لأنهم توقعوا أن عملية صُنع القرار الروسية تستند إلى تحليل التكلفة والفوائد، وليست مدفوعةً بمفاهيم مثل الهيبة أو التفضيلات الأيديولوجية. هذا القصور في تقييم النيات الروسية أحد الأسباب التي كانت وراء إقالة مدير المخابرات العسكرية الفرنسية في نهاية مارس 2022م. يدور أيضًا نقاش داخل المجتمع الإستراتيجي الفرنسي حول أهمية العامل الأوكراني في اتخاذ هذا القرار السياسي، أي إقالة مدير المخابرات، إذ قد يكون سبب الرئيس الفرنسي لإعفاء مدير المخابرات العسكرية الفرنسية الجنرال إريك فيدو من منصبه «خطؤه في اختيارٍ ارتكبه الرئيس الفرنسي، عندما عيَّنه مباشرةً الصيف الماضي»، في عام 2021م[7]. والاحتمال الآخر هو أنه ربما كان الجنرال الفرنسي فيدو ينتقد موقف بلاده من روسيا، وبسبب تعبيره عن رأيه السياسي أُقيل من منصبه. وليس من المعتاد بتاتًا إعفاء جنرال في هذا المنصب بعد مرور سبعة أشهُر على تعيينه. ومع ذلك، من الواضح أن مديرية المخابرات العسكرية الفرنسية تعرضت لانتقادات بسبب عدم كفاية المعلومات الواردة من الأراضي الأوكرانية، ولأنها لم تتوقع أن الروس كانوا في طريقهم لغزو أوكرانيا، لكن عدة مصادر أَمنيَّة نفت أن تكون هذه هي الأسباب الرئيسية لإقالة الجنرال.

بالإضافة إلى الجدل الداخلي الفرنسي حول موضوع الحرب، يوجد أيضًا بعض التوترات الداخلية داخل الحكومة الألمانية، ففي داخل الائتلاف الحاكم في برلين انقسامات بشأن إمدادات السلاح لأوكرانيا. في الأسابيع الأخيرة، تحدّث عديد من وسائل الإعلام عن المواجهة بين وزارة الدفاع الألمانية بقيادة كريستينا لامبريشت من «الحزب الديمقراطي الاجتماعي»، ووزير الاقتصاد وحماية البيئة روبرت هابيك. وللتوضيح، في رحلة إلى أوكرانيا في ربيع عام 2021م تحدّث هابيك، الذي كان يشغل آنذاك منصب الرئيس المشارك لحزب الخضر الألماني، علنًا لصالح إرسال أسلحة دفاعية إلى كييف، لكن حينها لم يدعم أحد موقفه؛ لأن المستشارة الألمانية لم تكُن حريصة على إرسال أسلحة ثقيلة إلى أوكرانيا. ويمكن تفسير ذلك بأنه خيار سياسي، وليس مشكلة المخزون/التوريد لدى المصدِّرين الألمان[8].

ثالثًا: الجدل الداخلي في أوروبا وعودة أمريكا «شرطيًّا» لأوروبا

لقد ارتفع عدد الجنود الأمريكيين في أوروبا من 80000 إلى 100000 جندي ‪ خلال شهرين منذ بداية الحرب (منذ منتصف فبراير إلى منتصف أبريل 2022م). هذا الوجود العسكري الأمريكي على الأراضي الأوروبية هو الآن على نفس مستواه في عام 1997م. في نهاية الحرب الباردة في عام 1991م تمركز 345000 جندي أمريكي في أوروبا (منهم 224000 في ألمانيا). وفي سياق الوجود العسكري الأمريكي المتزايد على الأراضي الأوروبية، يدور نقاش حول الأولوية التي يجب إعطاؤها لمجموعة مختلفة من الأهداف، منها: الطموح إلى استقلال إستراتيجي أوروبي، والسعي لتحقيق ضمان أمن أمريكي. في الأشهُر المقبلة من المحتمل جدًّا أن نشهد زيادةً في اعتماد أوروبا على الجيش والطاقة من الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه، فإنّ الارتفاع المتوقع في المشتريات العسكرية الأوروبية من الولايات المتحدة سيشكِّل قريبًا عقبة جديدة أمام بناء قدرة صناعية عسكرية أوروبية مستقلة، وعليه، فإن تعزيز الصناعة العسكرية يبقى شرطًا لا غنى عنه لتحقيق استقلال أوروبا الإستراتيجي. ولم تعُد أوروبا قوة موازنة بين موسكو وواشنطن منذ بداية الحرب الأوكرانية؛ نظرًا إلى المواقف الدبلوماسية الجديدة لدول مثل تركيا وإسرائيل والصين.

وفي هذا السياق العسكري الجديد، لا بد من مناقشة ما ينبغي أن تكون عليه الرؤية المستقبلية للدفاع الأوروبي. ولأن مشروع قوة الرد السريع الأوروبية (5000 جندي) قد يبدو هشًّا، يطالب بعض الخبراء بإنشاء جيش أوروبي اتحادي، وبالطبع قد يعني هذا نهاية احتكار العنف المشروع للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي سيشهد بالتالي تأكيدًا موازيًا لـ«السيادة العسكرية الأوروبية». من المُسلَّم به أن هذا لن يحلّ جميع المشكلات الأمنية التي تواجه أوروبا، ولكن سيولِّد طموحًا من شأنه أن يحدّ من احتمالات ازدهار برامج إعادة التسليح الوطنية، أي على المستوى الوطني المستقلّ عن الاتحاد. أخيرًا، سيشكِّل هذا الطموح (أي إنشاء جيش اتحادي) شكلًا من أشكال الردّ السياسي المناسب، الذي يوازي حجم التحدي الناجم عن عودة الحرب إلى أوروبا[9].

وفي ما يتجاوز حدود النقاش التنظيري حول استقلال أوروبا الإستراتيجي، يدعو البعض لبدء عملية جديدة بناءً على الحقائق العسكرية الأوروبية على الأرض، أي «ألّا تكمن المسألة في معرفة ما إذا كنا نؤيد حلف شمال الأطلسي أو أوروبا الدفاعية أو التعاون الفرنسي-الألماني، لكن تكمن في تحديد إستراتيجية مبنية على الحقائق (بما في ذلك الحقائق المزعجة)»[10]. ومن الواضح أن روسيا والغرب سيجدان نفسيهما عالقين في مواجهات طويلة الأمد، ولسنوات قادمة. وما يتبقى من أسئلة مطروحة هو: «هل ستكون المواجهة عالمية أم ستقتصر على أوروبا؟ هل هي شاملة أم محدودة؟ هل ينظمها بعض القواعد المنضبطة أم أنها فوضوية بالكامل؟»[11].

ويدور سجال في أوروبا حول مستوى الدعم العسكري الذي يجب منحه الشريك الأوكراني، وهل ينبغي إنشاء ملاذ آمن أو منطقة حظر طيران. ويجب على الأوروبيين التفكير في إعداد إستراتيجية خروج طويلة الأجل لروسيا، بحيث لا تُكَافَأُ بها روسيا على غزو أوكرانيا. وتهدف الإستراتيجية، إستراتيجية الحفاظ على حوار دبلوماسي/سياسي مع موسكو[12]، إلى تجنُّب احتمالية التقارب الروسي مع العالم غير الغربي، أي الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا. لقرون عديدة، لم تنفصل روسيا عن أوروبا (على الأقل منذ القرن السادس عشر)، لكن ما هو مؤكد في الأشهر المقبلة أن العَلاقات الروسية-الأوروبية لن تعود كسابق عهدها، أي قبل 24 فبراير 2022م، وأن العودة إلى العَلاقة التي كانت سائدة قبل عام 2014م وحرب القرم هي أيضًا أقل احتمالًا.

رابعًا: العقوبات الاقتصادية ضد روسيا واحتمالية الانقسامات بين الدول الأوروبية

يعتمد مستقبل تحالف العقوبات على الهدف السياسي لنظام العقوبات. هل سياسة العقوبات هذه مصمَّمة لإنهاء الحرب، أم هي لزيادة التكاليف الاقتصادية للتدخل العسكري على موسكو؟ وهنا يوضح ريتشارد نيفيو المعروف باسم مهندس عقوبات واشنطن على إيران أن «فرض عقوبات على جميع صادرات روسيا من النفط والغاز الطبيعي من شأنه أن يوجه ضربةً خطيرة إلى الاقتصاد الروسي، لكن القيام بذلك سيؤدي أيضًا إلى تفاقُم أزمة الطاقة المتنامية؛ نظرًا إلى الاعتماد الأوروبي والعالمي على تدفقُّات الطاقة الروسية»[13]. بعبارة أخرى، يجب أن تكون أضرار العقوبات على روسيا أكثر من أضرارها على المصالح الأوروبية، ويجب الأخذ في الحسبان أن «الاضطرابات في الطاقة والغذاء والسلع الزراعية وطرق التجارة ستولِّد خلافات داخل تحالف العقوبات، الذي يضمّ حاليًّا أستراليا وكندا واليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من بين دوله الأعضاء، خصوصًا إذا بدت الأعباء غير متوازنة أو غير عادلة»[14]. وتشكِّل القدرة على مشاركة أعباء العقوبات عاملًا رئيسيًّا في قدرة الدول الأوروبية على الاستمرار في نظام العقوبات على المدى الطويل. والتحدي الآخر لنظام العقوبات الجديد ألّا يتلقَّى الدعم سوى من عدد قليل من البلدان حول العالم.

خريطة (1): الدول التي فرضت عقوبات اقتصادية على روسيا

Source: Ollie Vergas on Twitter, https://bit.ly/3xBSymc

خامسًا: العواقب الإقليمية للحرب الأوكرانية

يسُود تصوّر في دول الاتحاد السوفييتي السابق بحدوث تراجع نسبي للقوة الروسية إزاء حربها على أوكرانيا. هذا لا يعني أن روسيا لن تكون القوة المهيمنة الإقليمية بعد الآن، بل ستبقى قوةً مهيمنة لكن بدرجة أقل. ومن دول الاتحاد السوفييتي السابق مَن تدعم أوكرانيا ضمنيًّا، وأخرى تدعم روسيا ضمنيًّا أيضًا. الدولة الوحيدة في المنطقة (منطقة دول الاتحاد السوفييتي سابقًا) التي تنحرف عن هذا الموقف هي أرمينيا؛ لإدراكها صعوبة تطبيق «الصمت» أو «الحياد». ونظرًا إلى الموقف الذي لا تُحسَد عليه لجأت أرمينيا إلى سياسة «التهرب الإستراتيجي«[15]، أو ما يُعرف بـ«Strategic Shirking»، ولا تهدف هذه السياسة إلى إبعاد يريفان عن موسكو، وإنما لإبعادها عن العواقب الجيوسياسية للصراع نفسه.

والنتائج الجيوسياسية الجديدة للحرب الأوكرانية سلبيةٌ أيضًا على نفوذ الولايات المتحدة الجيوسياسي في جميع أنحاء العالم، والتي تشمل: التقارب الروسي-الصيني، وعدم الاستقرار في أوروبا الشرقية، والحاجة إلى تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في أوروبا، وصعوبة إتمام إستراتيجية «التحوُّل نحو آسيا» للتركيز على التصدي لما يُسمَّى بـ«التهديد الصيني»[16]. في حقيقة الأمر، هذا الصراع يعني العودة إلى سياسة القوة، وهذا من شأنه أن يخلق نهجًا جيوسياسيًّا جديدًا يعتمد على الفكرة التي تروِّج لها بعض الدول مثل روسيا للتحرك من منطلق الحقوق التاريخية ومناطق النفوذ، بدلًا من التزام القواعد المتفق عليها دوليًّا ومبادئ التعاون لتعزيز السلم والأمن الدوليين (أي إلى النظام الدولي القائم على القواعد الذي تروِّج له الهيمنة الأمريكية الخيّرة).

سادسًا: كتلة روسية-هندية-صينية جديدة؟

أفضل تفسير للرفض الأوروبي لاستخدام الروبل عملةً للتجارة (باستثناء المجر وسلوفاكيا) هو المخاطرة السياسية بقبول مثل هذا القرار تحت الضغط الروسي. في الواقع، مَن تطلق عليهم روسيا اسم «الدول غير الصديقة» يشكلون 70% من مبيعات الغاز الروسي ونصف التجارة الروسية العالمية. إذا قبلت الدول الأوروبية الروبل في مشترياتها من الغاز فقد يتسبب ذلك بنتائج وخيمة لسلع أخرى، مثل الأسمدة والنفط وما إلى ذلك، وستكون هذه أيضًا خطوة مهمة لفك ارتباط الدولار بالتجارة العالمية. وهنا صرَّح صندوق النقد الدولي بأن عقوبات روسيا تهدد بتقويض هيمنة الدولار الأمريكي[17]. لذلك، من المحتمل حدوث «تفتُّت» في النظام المالي العالمي، ومع ذلك «من غير المرجَّح أن يكون اليوان الصيني منافسًا عالميًّا للدولار الأمريكي على المدى القصير، لأنه لا يزال غير قابل للتحويل بحرية»[18]. في الوقت الحالي، «لا يزال الدولار الأمريكي هو المستودع الأكثر قابليةً للاستبدال والأمان، والأفضل من حيث القيمة، إذ لا يوجد منافسون جادّون للنظام المالي الدولي القائم على القواعد المعمول بها، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية»[19]. ومع ذلك، توجد مقترحات لتجاوز العقوبات الأمريكية، مثل منصة معاملات هندية-روسية جديدة، فمن المرجَّح أن يضمن النظام، الذي يُنظَر إليه على أنه بديل لنظام «سويفت» (جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك ومقرها بلجيكا)، النقل السلس لـ«استيراد أو تصدير المستندات لصفقات الروبية والروبل، التي تجري تسويتها من خلال حساب الدَّين بالروبية»[20].

شكل (1): الانخفاض المحدود للروبل الروسي

Source: Arnaud Dubien on Twitter, https://bit.ly/3vuq3US

والجدير بالذكر هنا أنه في هذا العام 2022م، شهد الروبل أكبر انخفاض له منذ عام 2014م، ولكن ما لبث هذا الانخفاض إلا لفترةٍ وجيزةٍ وعاود للارتفاع بسرعة في شهر يونيو من نفس العام ليصل إلى أعلى مستوياته منذ سبع سنوات رغم العقوبات الغربية على البلاد. بالنسبة لروسيا والصين، يتعين على المرء أن يأخذ في الاعتبار هدف التجارة الثنائية الرسمية البالغ 200 مليار دولار (نحو 180 مليار يورو) بحلول عام 2024م، الذي أُعلِن عنه في أوائل فبراير 2022م في أثناء زيارة فلاديمير بوتين لبكين. ويبقى هذا الهدف دون تغيير، ويمكن تحقيقه في وقت أقرب مما هو متوقع. على أي حال، سيظل هذا أقل بكثير من حجم التجارة الحالي بين الصين والاتحاد الأوروبي، البالغ 586 مليار دولار في عام 2020م، وفقًا للمعهد الأوروبي للإحصاء، أو مع الولايات المتحدة، البالغ 555 مليارًا في عام 2020م، التي لا تزال حتى الآن أهمّ شركاء بكين التجاريين. وفي هذا السياق، ومع زيادة ضغط إدارة جو بايدن لإثناء الصين عن تعزيز دعمها لموسكو، من المتوقع منطقيًّا أن تعدِّل الصين موقفها للاستمرار في تسيير عَلاقاتها مع أهمّ شركائها التجاريين[21].

أما نهج أوروبا تجاه الصين فيعتمد على الشكوك، لذا من المتوقع أن يلجأ الاتحاد الأوروبي إلى إعادة ضبط عَلاقته مع أحد أكبر شركائه التجاريين، الصين[22]. وبالتأكيد دفع الوضع في أوكرانيا الاتحاد الأوروبي إلى الاقتراب أكثر من الولايات المتحدة، وسيكون لهذا التقارب نتائج سلبية لجميع الأطراف على الجانب الأوروبي، وكذلك على الجانب الصيني؛ لأن الضغط الأمريكي على المصالح الاقتصادية الأوروبية في الصين سيكون أقوى نتيجةً للحرب في أوكرانيا. وعلاوةً على ذلك، على الرغم من أن ميركل جعلت التجارة المحور الرئيس لسياستها تجاه الصين، فإن الحكومة الائتلافية الجديدة في ألمانيا اقترحت تبنِّي نهج قائم على القيم.

سابعًا: عواقب الحرب في أوكرانيا على الشرق الأوسط

تلقت روسيا بعض الدعم الدبلوماسي من دول الشرق الأوسط، إذ صوَّتت سوريا لصالح روسيا في الأمم المتحدة، وامتنعت الإمارات في مجلس الأمن عن إدانة الحرب الروسية في أوكرانيا. علاوةً على ذلك، ستستمر موسكو أيضًا في تعزيز التعاون مع المنظمات الإقليمية الأخرى، بما في ذلك جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي[23]. وسوف تستفيد روسيا من المخاوف في الشرق الأوسط من أن الولايات المتحدة تركز الآن بشكل أكبر على التحديات التي تشكِّلها الصين وروسيا، بدلًا من التركيز على شؤون الشرق الأوسط.

بين دول مجلس التعاون الخليجي أيضًا إرادة سياسية لدفع الولايات المتحدة لإثبات «مصداقيتها بوصفها حليفًا، وإقامة معادلة جديدة للعَلاقات من شأنها تحسين مكانتها»[24]. ويشير خيار «الحياد»، الذي تتبنّاه بعض الدول العربية، إلى حدوث تغيُّر فعليّ في مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط[25]. وفي الوقت نفسه، تغيِّر حرب روسيا على أوكرانيا دبلوماسية الشرق الأوسط، وتُجبِر الولايات المتحدة على إعادة تقييم التكاليف السياسية لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015م مع إيران[26]. هناك إغراءات من واشنطن للسماح بالعودة «القانونية» لصادرات النفط الإيراني إلى السوق الدولية، في خضم فرض عقوبات على قطاع النفط الروسي (ويفسِّر هذا أيضًا موقف بايدن من فنزويلا).

وفي ما يتعلق بإيران، لم تنجح واشنطن في عزل الملف النووي عن التوترات المتزايدة مع موسكو حول أوكرانيا. وكان هذا واضحًا في الطلب الروسي للحصول على ضمانات لتعاونها العسكري والفضائي والسيبراني والنووي، الذي له حساسية مع إيران. وفي سوريا، قد يتعرض التنسيق المشترك بين الولايات المتحدة وروسيا للخطر بسبب الحرب في أوكرانيا[27]. إنّ قيام شراكة أمريكية-خليجية جديدة أمر محتمل في حال تعثُّر إحياء الاتفاق مع إيران لأسباب سياسية، إذ سيكلِّف شطب الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب الأمريكية إدارة بايدن كثيرًا.

ويرى بعض الخبراء أن «الحوار الأكثر فاعلية وشفافية وشمولية، بدعم من القيادة على كلا الجانبين، يمكن أن يضع هذه الشراكة التي دامت ثمانية عقود تقريبًا على مسار جديد»[28]. وبافتراض أن روسيا والغرب قد دخلتا حقبةً جديدةً من المواجهة، يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه المواجهة الجديدة ستزعزع استقرار المنطقة أم أن القوى العظمى ستكون قادرة على عزل تعاونها الإقليمي (في سوريا وفي المفاوضات الدولية للتوصل إلى اتفاق نووي بشأن إيران). الأمر المؤكد هو أن مصداقية الضمان الأمني الأمريكي لم تتزايد بعد الحرب في أوكرانيا. وقد صرحت الدول الأعضاء الأوروبية في حلف الناتو بأن الحلف سيردّ على التدخّل العسكري الروسي لطمأنة الدول التي تقع على خط المواجهة، وذلك في بداية الحرب عندما كان مَن ينظرُ إلى الغزو الروسي لأوكرانيا بأنه الخطوة الأولى التي ستجر بعدها سلسة الغزوات لدول مثل مولدافيا ورومانيا، إلخ.

خاتمة

هل روسيا قوة إقليمية، على حد تعبير أوباما، أم قوة عظمى، أم شبه عظمى؟ الواضح أن روسيا أعادت وضع نفسها خصمًا قويًّا لا يمكن تهميشه، للتفرغ والتركيز على ما يسمَّى بالتهديد الصيني. لذلك ستراجع إدارة بايدن خطتها العامة، وستستعد لمواجهة مزيد من التوترات المتصاعدة من جبهتين، روسيا والصين، في السنوات المقبلة. ولن تتمكن الولايات المتحدة بسبب حالة عدم الاستقرار الجديدة، التي يشهدها النظام العالمي من تحديد حلفائها وخصومها ببساطة وسهولة، إذ سيتعيَّن عليها التكيُّف مع العَلاقات المتضاربة، والجمع بين التعاون في منطقةٍ ما، والمنافسة في منطقةٍ أخرى، واحتمال المواجهة في منطقةٍ ثالثة، وإعطاء اللاعبين من الدرجة الثانية مزيدًا من الاستقلالية ومزيدًا من الفضاء. وسيتعيَّن عليها عامًا بعد عامٍ الاعتراف بأن لدى أوروبا رؤية مختلفة لعَلاقتها مع روسيا، وأنهما قد تتشاركان قيمًا متماثلة، لكن لكل منهما أولويات إستراتيجية متباينة.

وسوف يشهد النظام الدولي الجديد كتلة غربية أكثر تماسكًا أمنيًّا، لكن تحالف العقوبات سيبقى هشًّا. يوجد أيضًا سؤال يتعلق بقدرة روسيا على الحفاظ على النظام الإقليمي في دول الاتحاد السوفييتي السابق وحدودها. ويمكن أن تواجه الدبلوماسية الروسية اختبارات تتمثل في: عملية السلام في القوقاز بين أرمينيا وأذربيجان، وأفغانستان تحت حكم «طالبان»، والوضع في جورجيا.

أمّا ضعف الهيمنة الروسية على دول الاتحاد السوفييتي السابق، فقد يجعلها تعتمد على دول مثل إيران للتصدي للرواية الغربية. ويُنظَر أيضًا إلى اتساع الفجوة بين روسيا والغرب على أنها فرصة لطهران لتقوية محور مناهض للغرب مع روسيا والصين. ومن المنظور الإيراني، كلما كانت العَلاقة بين روسيا والغرب أسوأ، زاد احتمال تعامل روسيا مع إيران بطريقة إيجابية. ومن وجهة نظر طهران، فإنّ الحرب في أوكرانيا تقدمُ فرصةً لتعزيز المصالح المشتركة بين روسيا والصين وإيران، وخلق فرص وإمكانيات جديدة للسياسة الخارجية والاقتصادية والأمنية الإيرانية. هذا النظام السياسي الأمني الجديد أمامه عقبة واحدة، وهي الصعوبة التي تواجهها القوى الإقليمية والدولية غير الغربية للتغلُّب على النظام المالي الدولي الخاضع لهيمنة الدولار الأمريكي. ويبقى أن نرى ما إذا كانت الحرب في أوكرانيا يمكن أن تسرِّع فك ارتباط النظام العالمي بالدولار أم لا.


[1] The Lisbon Treaty, 11, December 13, 2007, accessed April 20, 2022, https://bit.ly/3JRe0pD.

[2] Jason W. Davidson, «The End of Strategic Cacophony? The Russo-Ukrainian War and the Future of NATO,» War on the Rocks, April 14, 2022, accessed April 20, 2022, https://bit.ly/36rrr1Y.

[3] «A Strategic Compass for Security and Defence,» European Union, [n.d.] accessed A April 20, 2022, https://bit.ly/3EuIJI5.

[4] Pavel Timofeev, «How the Ukrainian Crisis Affects Relations Between Russia and France,» Abroad, April 5, 2022, accessed April 20, 2022, https://bit.ly/3EsAwnE. [Russian].

[5] Phillips Payson O’Brien, «How the West Got Russia’s Military So, So Wrong,» The Atlantic, March 31, 2022, accessed April 20, 2022, https://bit.ly/3xED40A.

[6] Thomas Graham, Rajan Menon, «How to Make Peace With Putin,» Foreign Affairs, March 21, 2022, accessed April, 2022, https://fam.ag/3jT7Gn1/.

[7] Jean Dominique Merchet, «Le Directeur de Reseignement Militaire Remercié Pour Cause d’Ukraine,» L’opinion, March 30, 2022, accessed April 20, 2022, https://bit.ly/380lKsi.

[8] «Pressure Grows on Scholz as German Delegation Visits Ukraine,» The Local, April 12, 2022, accessed April 20, 2022, https://bit.ly/3rFNTMb.

[9] Jean-Pierre Darni, «La Relance de la Défense Européenne et le Conflit en Ukraine: Dynamiques et Paradoxes,» Fondation Pour La Recherche Strategique, March 28, 2022, accessed April 20, 2022, https://bit.ly/3uRYtlf.

[10] Francois Cornut-Gentille, «Notre Modèle d’Armée Soi-disant Complet Est Surtout Obsolète,» Le Monde, March 28, 2022,April 20, 2022, https://bit.ly/3vn51Y0.

[11] Hanna Notte, «Will Western-Russian Confrontation Shake the Middle East?» War on the Rocks, March 29, 2022, accessed April 20, 2022, https://bit.ly/3xIwOFd.

[12] Richard Nephew, «The Sanctions War Is Just Beginning, Foreign Affairs,» March 31, 2022, accessed April 20, 2022,https://fam.ag/3MfEyT5.

[13] Richard Nephew, «The Sanctions War Is Just Beginning, Foreign Affairs,» March 31, 2022, accessed April 20, 2022,https://fam.ag/3MfEyT5.

[14] Ibid.

[15] Nerses Kopalyan, «The Weakening of the Leviathan: Armenia, Russia, and the Consequences of the War in Ukraine,» EVN Report, [n.d.], accessed April 20, 2022, https://bit.ly/3uVtKUr.

[16] «John Mearsheimer, Putin’s Invasion of Ukraine,» YouTube video, 22: 51, posted by La Bibliothèque Toddienne, March 13, 2022, accessed April 20, 2022, https://bit.ly/3JVDORF.

[17] «Russia Sanctions Threaten to Erode Domination of US Dollar,» Financial Times, March 31, 2022, accessed April, 20, 2022, https://on.ft.com/3OjSZrc.

[18] Brian P. Klein, «Why Russia and China’s Move to Shift World Away From the US Dollar Is Doomed to Fail,» South China Morning Post, March 29, 2022, accessed April 20, 2022, https://bit.ly/3OpZZD2.

[19] Ibid.

[20] Saikat Das, «A New Indo-Russian Transaction Platform May Be Up This Week,» The Economic Times, March 31, 2022, accessed April 20, 2022, https://bit.ly/3L1BzOa.

[21]Alice Ekman, «Pékin et Moscou se Rejoignent sur un Ressentiment Viscéral Envers les Etats-Unis et ‘l’Occident,» Le Monde, March 22, 2022,accessed April 20, 2022, https://bit.ly/3OiMdSJ.

[22] Emily Rauhala, Lily Kuo, Ellen Nakashima, «How the Ukraine War Has Europe Reassessing Its Relationship With China,» The Washington Post, March 31, 2022, accessed April 20, 2022, https://wapo.st/3xAv2pL.

[23] Mona Alami, «Political Concerns Shape Russia’s Relations With the GCC Amid the Ukraine Crisis». Arab News, March 21, 2022, accessed April 20, 2022, https://bit.ly/3OifKvL.

[24] Bandar Algaloud, «The War in Ukraine and Strategic Hedging by Arab Countries,» The Insitutue for National Security Studies, March 21, 2022, accessed April 20, 2022, https://bit.ly/3xEtN8X.

[25] Ibid.

[26] Jonathan Tirone, Daniel Flatley, «Russia’s War Has Changed the Iran Nuclear Deal Calculus,» Bloomberg, March 24, 2022, accessed April 20, 2022, https://bloom.bg/3rEwpjr.

[27] Hanna Notte, «Will Western-Russian Confrontation Shake the Middle East?» War on the Rocks, March 29, 2022, accessed April 20, 2022, https://bit.ly/3M7t4Bc.

[28] Bilal Y. Saab, Karen E. Young, «How Biden Can Rebuild US Ties With the Gulf States,» Foreign Policy, April 4, 2022, accessed April 20, 2022, https://bit.ly/3McCfAk.

كلمون تيرم
كلمون تيرم
زميل غير مقيم في «رصانة» وباحثٌ مشارك في كلية الدراسات المتقدّمة في العلوم الاجتماعية في باريس