افترض الأميركي جيم هانسون، رئيس مجموعة الدراسات الأمنيّة، في مقاله الذي نُشر في «فوكس نيوز»، أنّ الرئيس ترامب قرّر أنّ اتفاق إيران النوويّ ليس من مصلحة الولايات المتحدة الأميركيّة، الرأي الذي ترتفع أسهمه بشكل واضح يومًا بعد يوم، وأنه يريد إلغاء الاتفاق. ما الذي يمكن أن يفعله؟ الإجابة أن ترامب يستطيع فعل ما يريد، والسبب أن الرئيس السابق، باراك أوباما، لم يكن يتعامل مع الاتفاق كمعاهدة، لذلك فهي لا تمتلك شكلًا قانونيًّا، وإذا أراد ترامب استخدام الوسائل السياسيّة والدبلوماسيّة فهو يستطيع إخراج هذا الاتفاق من البيت الأبيض بكل بساطة، وإشعال النار في أوراقه.
أمّا إذا أراد استخدام الأسلوب التقليديّ فلديه خيارات ومتطلّبات متعدّدة، داخليًّا وفي الأمم المتحدة، المكان الذي حوّل فيه أوباما خطّة العمل المشتركة إلى قرار صادر عن مجلس الأمن. ويجب على مثل هذه القرارات أن تُتّخَذ بما يتناسب مع الدستور الأميركيّ.
يستطيع ترامب عرض الاتفاق على مجلس الشيوخ من أجل الموافقة عليه من قبل 67 سيناتورًا، وهم الذين بدورهم لن يوقعوا على اتفاق كهذا باعتباره كارثيًّا بالنسبة إليهم، فهُم أطالوا مناقشة الاتفاق دون تصويت، ولم يصادقوا على وثيقة «كوركر كاردن» المتعلّقة باستمرار المفاوضات مع وجود العقوبات التي صُمّمت من أجل إغفال الكونغرس عن تلك المفاوضات. وهذا الخيار له نقطتان إيجابيّتان: الأولى هي تصحيح أخطاء وتجاوزات السلطة التنفيذيّة في إدارة أوباما، من خلال الادعاء على هذا الاتفاق وأنه يجب أن يخضع لتصويت مجلس الشيوخ. والثانية إشراك الكونغرس في قراره لإلغاء الاتفاق. وبما أن هذه الخطوة منطوية على بعض المخاطر والتحديات فمن الضروريّ إيجاد انسجام داخليّ أميركيّ قدر الإمكان، وتشكيل جبهة قويّة.
وعلى الرغم من هذه الإجراءات أو أيّ رفض للاتفاق من قبل الرئيس الأميركيّ ترامب، فقرار مجلس الأمن الدوليّ رقم 2231 يبقى فعّالًا، وهناك آليّة معيّنة في القرار تسمح للولايات المتحدة في حال عدم التزام إيران بالاتفاق باستخدام حقّ النقض (VETO) وإلغاء الاتفاق، إذا تمسّكنا برأينا فإن العقوبات التي خُفّفت عن إيران ستُفعَّل من جديد.
كما يوجد خيار آخر بالضغط على إيران لإجبارها على إلغاء الاتفاق من تلقاء نفسها، فإيران لم تلتزم بشكل كامل ومع ذلك حصلت على مكافآت نقديّة من إدارة أوباما، وخُفّفت في تلك الفترة العقوبات عنها، رغم أنها لم تتخلَّ عن أهدافها في أن تصبح قوّة نوويّة، وبالتالي إذا كان الاتفاق غير مقنع بالنسبة إليهم فسوف ينسحبون من تلقاء أنفسهم.
يبدو أن الإيرانيّين قد سلكوا هذا الطريق بأنفسهم، إذ أعدّوا قائمة من الشكاوى حول عدم التزام الولايات المتحدة بالاتفاق وقدموها إلى هيئة مراقبة تنفيذ خطة العمل المشتركة، ومن المستغرب أنّ إيران هي التي تقدّمت بالشكوى، وهذا التصرف قد يمهد الطريق للرئيس ترامب لجعل إيران تتحدث بنفسها عن إلغاء الاتفاق النوويّ، وبالتالي إعفاء الولايات المتحدة من ممارسة الضغط عليها.
إنّ العائق الرئيسيّ لدى ترامب أمام الوفاء بوعده وتخليص الولايات المتحدة من هذا الاتفاق هو الخمول الملحوظ في حكومته تجاه هذه القضيّة، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ وزارة الخارجيّة تستثمر بشكل كبير في هذا الاتفاق، بالإضافة إلى عديد من كبار المسؤولين الذين نصحوه بعدم إلغائه.
الرئيس الأميركيّ يؤمن بأنّ هذا الاتفاق خطير وله تداعيات سيّئة، وقد أخبر هؤلاء المسؤولين بأنه لا يريد إعطاء شهادة لإيران بأنها ملتزمة من جديد، وقام بتكليف مستشارين آخرين للعمل على دراسة إلغاء اتفاق إيران النوويّ.
وعلى الرغم من خطورة إلغاء هذا الاتفاق وما سيترتب عليه من ردود فعل إيرانيّة قد تثير المشكلات، فإنه سيسمح لإيران بالتقدّم في قدراتها النوويّة التي هي أخطر من الخيار السابق في حال إلغاء اتفاقها.