تُعَدّ مسألة الأقليات في إيران من المسائل الشائكة والمُتجاذَبة، فالنظام يؤكّد دومًا أنّه لا تفرقة بين المواطنين بسبب دين أو مذهب أو عرق، في حين أنّ بعض المنظمات الحقوقية يؤكّد غير ذلك.
من هنا جاءت أهمية هذه الدراسة، إذ سنتناول فيها موقع أهل السُّنَّة في إيران، نموذجًا من نماذج الأقلوية الإيرانية، باعتبارهم الفئة المذهبية الأكبر بعد عموم أكثرية الشعب الإيراني الذي ينتمي إلى المذهب الشيعي.
وسنُحاوِل في هذه الدراسة الإجابة عن عددٍ من الأسئلة المتعلقة بموقع أهل السُّنَّة في الدولة الإيرانية، وعلاقتهم بالنظام السياسي الإيراني ما بعد الثورة الإيرانية عام 1979م، ومدى حصولهم على حقوقهم السياسية والمذهبية. وأيضًا سنحاول الإجابة عن حقيقة المظلومية، أهي واقعٌ في الحياة السياسية والمجتمعية أم هي مجرَّد فرضيات، ومدى تأثر حقوق أهل السُّنَّة بتشظي جماعتهم ونسيجهم الاجتماعي ما بين عرقيّ وثقافيّ، وعدم تبنيها مطالب موحّدة. فالسؤال المهمّ والمركزيّ الذي تسعى الدراسة لتتبعه وإجابته في هذا الصدد هل أهل السُّنَّة مهمشون بفعل النخبة الحاكمة أم بفعل الانزواء الأقلّوي، والشعور بالغربة المذهبية في أكبر دولة شيعية ومذهبية في العالم وما تمظهرات هذا التهميش. ولا تخلو الدراسة من لمحة تاريخية عابرة ترصد موقع أهل السُّنَّة في النظام السياسي للدولة الإيرانية في طور تشكلاتها الحديثة، لنعرف ما إذا كان ثمة إرث يستقي منه النظام الراهن أم إنّه متفرّد في سياسته المذهبية تجاه السُّنَّة، وإن كان التركيز سينصبّ أكثر على عهد ما بعد الثورة الإيرانية 1979م.