اضطرّ النظام الإيراني إلى استئناف الأنشطة الاقتصاديَّة «منخفضة المخاطر» في معظم أنحاء البلاد رغم أنَّ الأوضاع الناجمة عن تفشِّي فيروس «كورونا» لا تزال حرجة؛ وذلك تحت وطأة الضغوط الاقتصاديَّة والأوضاع المعيشيَّة الصعبة التي خلفتها الأزمة، والتي بات النظام غير قادرٍ على مواجهتها بعد التراجع الكبير في الإيرادات من المصادر الأساسية التي ترفدُ الميزانيَّة بالموارد، ومع ذلك لم يعدم النظام الإيراني توظيف الجائحة ومحاولة الاستفادة وتحقيق مكاسبَ داخليَّة وخارجيَّة من ورائها، والهروب بمجمل الأزمة التي يُعاني منها للأمام عبر الحديث عن مؤامرةٍ خارجيَّةٍ تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية ضدّ إيران لتهدئة الغضب الداخلي.
ورغم جوانب الإخفاق والتداعيات الكارثيَّة للأزمة على كافة المستويات الإنسانيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، غير أنَّ النظام حقَّق من خلال تسييسهِ بعض المكاسب الرمزيَّة والمؤقتة، التي مِن أهمها مطالب بعض الدول والمنظمات الدوليَّة والشخصيَّات بتعليق العقوبات الأمريكية على إيران لأسبابٍ إنسانيَّة، وكذلك تفعيل آلية التبادل المالي الأوروبية المعروفة بـ «إنستكس»، التي أقرتها الترويكا الأوروبية في يناير 2019، وذلك بعد أنْ ظلت متوقفةً منذ أكثر من عامٍ نتيجةَ الضغوط الأمريكية.
لكن يظل الإخفاق في إدارة الأزمة وتداعياتها الداخليًّة التحدي الرئيس الذي سيُواجهه النظام بعد انتهاء الأزمة وعودة الحياة إلى طبيعتها، إضافة إلى تواضع نتائج توظيف انتشار «كورونا» في إيران في كسب رأيٍ عامٍ دوليٍّ يضغطُ على الولايات المتحدة ويدفعها نحو مراجعة سياسة الضغوط والعقوبات.
وتطرحُ إشكاليَّة إدارة الأزمة ومحاولة توظيفها جملةً مِن التساؤلات حول البيئة الداخليًّة وسبب تفاقم الأزمة في إيران إلى هذا الحدّ، وكيف أسهم الوباء في تفاقم الأزمة الداخليًّة، وكذلك تساؤلاتٍ حول الطريقة التي تعاملت بها السلطة مع جوانب الأزمة المختلفة وكيفيَّة إدارتها عمليًّا، ومحاولة توظيفها لتحقيق مكاسبَ سياسيَّة داخليًّا وخارجيًّا، وأخيرًا أهمّ النتائج والتداعيات التي خلّفتها الأزمة ومآلاتها.
تُجادل هذه الورقة بأنَّ النظام الإيراني أخفق في إدارة أزمة «كورونا» وتعمَّد تسييسها؛ لتحقيق أهدافٍ داخليَّة وخارجيَّة؛ مما عمّق من التحديات وضاعف من الأزمات التي يُواجهها، ولتوضيح ذلك سوف تتناول هذه الورقة عددًا من المحاور الرئيسيَّة هي: المحور الأول: «كورونا» وأبعادُ الأزمة الداخليًّة في إيران. المحور الثاني: السُّلطة وإدارة الأزمة. المحور الثالث: السُّلطة ومحاولات توظيف الأزمة. المحور الرابع: نتائجُ وتقييم إدارة إيران لأزمة «كورونا». المحور الخامس: المآلات واحتمالات المستقبل.
أولًا: «كورونا» وأبعادُ الأزمة الداخليًّة في إيران
جاء وباء «كورونا» بينما يواجه النظام أكبر أزمةٍ تاريخيَّةٍ منذ ثورة عام 1979؛ نتيجةَ إستراتيجية الضغوط الأمريكية القصوى التي تركت آثارًا بالغةً على الأوضاع الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة في إيران([1])، والتي وصلت إلى حدّ التشكيك الواسع في شرعيَّة النظام، ولا سيّما بعد تسلسل الاحتجاجات الشعبيَّة والفئويَّة التي لم تتوقف منذ وقوعها نهاية عام 2017م واستمرت تداعياتها خلال العام 2018، مرورًا بالاحتجاجات الواسعة في نوفمبر 2019م والتي واجهها النظام بقسوةٍ غير مسبوقةٍ وقمعٍ لم يسبق له مثيل، ووصولًا إلى الاحتجاجات في مطلع يناير عام 2020م على خلفية إنكار السُّلطة مسؤوليتها عن إسقاط الطائرة الأوكرانية.
فاقم «كورونا» من أبعاد الأزمة الداخليًّة بكافة جوانبها بعدما تحولت إيران إلى بؤرةٍ للوباء في الشرق الأوسط، وأصبحت تحتلّ مركزًا متقدمًّا من حيث معدلات الانتشار والوفاة، فبحسب البيانات الرسمية توفي قرابة 4500 شخصٍ، وأُصيب قرابة 70 ألف شخصٍ وذلك حتى 13 أبريل 2020م، فيما تتّهم المعارضة وأطرافٌ دوليَّةٌ أخرى محايدةٌ طهران بإخفاء حقيقة الضحايا، وتُشكك في هذه الإحصائيَّات وتتحدث المعارضة عن عدد وفيَات يصل إلى عشرين ألف[2].
لقد أظهر انتشار الفيروس هشاشة الوضع في قطاع الخدمات الصحيَّة بصفةٍ خاصّة، حيث كان هناك نقصٌ حادٌ في المعدات الأساسيَّة اللازمة للتعامل الفنيّ من الأزمة، وإنْ كان ذلك منطقيًّا في جميع الدول التي تواجه الأزمة، لكن في إيران حذرت منظمة الصحة العالميَّة من عدم قدرة طهران على تحمل تبعات انتشار الفيروس[3].
وأصبحت عدم الشفافية تهمةً تواجهها السلطات؛ بسبب عدم إعلان الحقائق المتعلقة بالوباء، خصوصًا بعدما تبيَّن أنَّ الحرس الثوري أصبح يلعب دورًا في إصدار شهادات الوفاة، وظهر أنَّ بعض هذه الشهادات لا يُدوّن بها أنَّ سبب الوفاة هو الإصابة بـ «كورونا»، ولكنْ تُسجل على أنّها وفاةٌ نتيجة اختناقٍ في الجهاز التنفسيّ، فيما يبدو أنه محاولة لإخفاء حجم الكارثة [4]، وقد أدت عدم الشفافية إلى أجواءٍ من عدم الثقة داخليًّا وخارجيًّا، خصوصًا بعدما اتهمت بعض الدول الخليجيَّة، إيران بتصدير الوباء للخارج، عبر التستُّر على انتشار الفيروس وعدم ختم جوازات سفر مواطنيها المسافرين إليها.
وزاد الطين بلّه توقف عجلة الاقتصاد؛ بسبب فقدان الميزانية أهمّ مواردها، سواءً من الضرائب، أو قطاع الخدمات، ناهيك عن قطاع النِّفط المورد الذي تقلَّص؛ بسبب العقوبات إلى أدنى مستوياته، وكذلك انخفاض أسعاره عالميًّا، وقلة الطلب عليه بعد حالة الركود العالمي جرّاء حالة الإغلاق العالميّ واسع النطاق بعد انتشار «كورونا» في العالم؛ فنتيجةَ هذه الأوضاع الاستثنائيَّة المرتبطة بالأزمة أعلن الرئيس حسن روحاني خلوّ خزينة البلاد من الموارد [5].
وقد زادت أزمة «كورونا» من حالة الارتباك الداخليّ بين أجنحة السلطة، وظهر تخبّطٍ في التعامل مع الأزمة في بدايتها، وتبادل المسؤولين الاتهامات بمحاولة توظيفها، حيث اتّهم محمد تقي فاضل مؤبدي، عضو هيئة التدريس بجامعة «مفيد» في مدينة قم، السلطات بتسييس الأزمة من خلال الزعم بأنَّ السبب فيها العقوبات المفروضة على إيران.
وقد تحملت حكومة روحاني بسبب تعاطيها مع انتشار «كورونا» انتقاداتٍ واسعة، إذ نظر إلى سياسة الحكومة على أنها استمرارٌ لنمط التعامل نفسه مع الكوارث الطبيعيَّة والأزمات والأحداث السياسيَّة السابقة، ولا سيَّما أنَّ الحكومة هوّنت من انتشار الفيروس في البداية.
كما أصاب الفيروس وراح ضحيته بعضٌ من النُّخب في مؤسَّسات الدولة وهياكل السلطة المختلفة؛ بما أعطى مؤشرًا على حجم الانتشار الواسع والتأثير الكبير للوباء، وأثرُ ذلك على سير العمل داخل أجهزة الدولة ومؤسَّساتها، إذ أدى تفشِّي «كورونا» إلى تعليق جلسات البرلمان من 25 فبراير 2020م حتى 07 أبريل 2020م، وذلك بعد أنْ أُصيب العديد من أعضائه وكان آخرهم رئيس البرلمان علي لاريجاني الذي لم يحضر أول جلسةٍ بعد العودة للانعقاد؛ بسبب إصابته «كورونا»، وقلّ ظهور المسؤولين ومنهم الرئيس روحاني؛ بما أشاع حالةً من البلبلة وعدم الثّقة، وكذلك أُصيب عددٌ من قيادات الحرس الثوري، وأعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام ومجلس صيانة الدستور، ووصل الفيروس إلى بيت المرشد نفسه، وراح ضحيته بعضٌ من هؤلاء الشخصيات والرموز والمسؤولين ورجال الدين[6].
ثانيًا: السّلطة وإدارةُ أزمةِ «كورونا»
أعلنت إيران رسميًّا عن أول إصابة بــ «كورونا» في 19 فبراير 2020، وانتظرت السّلطات حتى انتهاء الانتخابات لتُعلن في 22 فبراير 2020م عن أول إجراءاتها وهي إغلاق المدارس والجامعات بصورةٍ مؤقّتة لمدة أسبوع، ثُم انتظرت خمسة أيام أخرى لتعليق صلاة الجمعة في 28 فبراير 2020، رغم أنَّ الأوضاع كانت تُنذر بأن الأزمة شديدة الخطورة.
وقد تضاربت تصريحاتُ المسؤولين حول «كورونا»، فبينما رآه المرشد علي خامنئي، وقائد الحرس الثّوري حسين سلامي، هجومًا إرهابيًّا بيولوجيًّا شنّته الولايات المتحدة، نجد أنَّ وزارة الصحة أفادت بمعلوماتٍ وأصدرت بياناتٍ يناقض ذلك، بل قال وزيرها إنه نبّه إلى وجود الفيروس في إيران قبل الإعلان عنه بشهرين، وهو الأمر الذي كان يعني عدم وجود تنسيقٍ بين مؤسَّسات الدولة في التعاطي مع الأزمة.
وبعدما تفاقم الوضع، تشكلت لجنةٌ لإدارة الأزمة بقيادة رئيس القيادة العامّة للقوات المسلحة الإيرانية محمد باقري، وبينما أعلن باقري في 13 مارس 2020م عن خُطته التي تقوم على إخلاء الشوارع والأسواق والمراكز التجاريَّة في المدن خلال الـ 24 ساعة المقبلة لمواجهة انتشار «كورونا»، أعلن روحاني في 16 مارس 2020م أنه «لن يتمّ تطبيق أيّ حجرٍ صحِّي لا اليوم ولا في أيام أعياد النوروز«، وبالتالي لم يتمّ تفعيل ما قاله رئيس الأركان، ولم تُعَد هناك أية تدابير جديَّة على الأرض لمكافحة الفيروس[7].
حاولت الحكومة تدارك أخطائها في التعامل مع الأزمة، فقررت لجنة إدارة الأزمة اتّخاذ عددٍ من القرارات والإجراءات، ومنها إغلاق المراكز الدينيَّة في 15 مارس 2020م رغم ضغوط رجال الدين، وحظر السفر بين المدن في 26 مارس 2020م وغيرها من الإجراءات الاحترازيَّة، وذلك بعد ما تجاوز عدد الوفيات أكثر من ألفين شخصٍ، وكانت الحكومة تُبرِّر تأخر هذه الإجراءات؛ بسبب مخاوفها من تضرر الاقتصاد ولا سيَّما أثناء الظروف التي تمر بها إيران في ظل العقوبات الأمريكية[8].
وبعدما ظهر إلى أيّ مدى أسهم التخبط والارتباك وعدم التنسيق في تفشِّي الفيروس وزيادة عدد الخسائر البشريَّة، قررت الهيئة الوطنيَّة لمكافحة «كورونا»، والتي انتهجت سياسةَ التعايش السلميّ والتساهل مع الفيروس، وإقناع الناس، مُتجاهلةً تحذيرات العديدِ من الخبراء الطبيّين، اعتماد عدد من القوانين في مطلع أبريل 2020م لمنع الناس من الخروج والتجمع في الحدائق والأماكن الطبيعيَّة، وتطبيقُ قوانين مثل غرامةٍ قدرها خمسمئة ألف تومان (31 دولار)، ومصادرة سيارات المخالفين لمدة شهرٍ واحد، وإغلاقُ جميع الحدائق في المدن، ومنع السيارات مِن المغادرة إلى مدنٍ أخرى [9]، مع استئنافٍ جزئيٍّ للأنشطة الاقتصاديَّة منخفضة المخاطر في معظم أنحاء البلاد، اعتبارًا من السبت 11 أبريل 2020م، عدا العاصمة طهران، حيث سيتم إعادة فتحها اعتبارًا من 18 أبريل، و «أُعيد فتح العديد من المكاتب الحكوميَّة بثلث موظفيها». في حين لا تزال «المدارس والجامعات مُغلقة»، واستمرّ حظر التجمعات الثقافيَّة والدينيَّة والرياضيَّة[10].
وعلى الجانب الاقتصاديّ، أقرت الحكومة حزمةً من القرارات والإجراءات لمعالجة تدهور الأوضاع ولتقديم المساعدات العاجلة للمتضررين، كما طلب روحاني من المرشد سحب مليار دولارٍ من الصندوق الوطنيّ للتنمية؛ وذلك لتوفير الاحتياجات الضروريَّة للبلاد، وهو الطلب الذي وافق عليه خامنئي بعد انتقاداتٍ تعرّض لها سواءً في الداخل أو مِن قِبَل الخارجيَّة الأمريكية، وذلك بعد طلب إيران قرضًا من صندوق النّقد الدوليّ، وكذلك قررت الحكومة منح قرضٍ ائتمانيٍّ للشراء يبلغ مليون تومان لـ 23 مليون عائلةٍ من مستحقيّ الدعم وبفائدةٍ تبلغ 12% يتم تقسيط سدادها على 24 شهرًا وبمهلة أربعة أشهر، بالإضافة إلى إجراءاتٍ بتأخير سداد القروض البنكيَّة، ومنح مهلةٍ للعقوبات البنكيَّة لأصحاب الورش ومساعدة الأُسر والشرائح المتضررة [11].
كما قامت الحكومة بتوفير قروضٍ ميسّرة لمساعدة الشركات على عدم وقف أنشطتها، بما يضر بمصالح العمال والموظفين بها، حيث وعد البنك المركزيّ بتقديم 75 ألف مليار تومان (5 مليارات دولار)؛ لتوفير تسهيلاتٍ للشركات الاقتصاديَّة بشرط أنْ تحتفظ هذه الشركات بعمالها [12].
ولجأت الحكومة لتغطية احتياجاتها إلى القروض من أجل تأمين الميزانيَّة، وفي هذا الصدد طالبت إيران صندوق النّقد الدوليّ بمساعدةٍ قدرها 5 مليار دولار لمساعدتها على مواجهة الأزمة ضمن المساعدات التي يُقدمها الصندوق للدول في مواجهة «كورونا»[13]، وبذلت وزارة الاقتصاد جهودًا حثيثةً للحصول على مساعداتٍ نقديةٍ وغير نقديةٍ من بنوك التنمية، حيث أعلن معاون وزير الاقتصاد ورئيس منظمة الاستثمار والمساعدات الاقتصاديَّة والفنيَّة الإيراني عن الاستعداد لتقبّل مساعدات بنوك التنمية [14].
ولحجب تدفّق المعلومات المتعلقة بـ «كورونا» والخوف من التأثير على الرأي العام وتوجيه الانتقادات لأداء الحكومة، وإظهار عدم الشفافية، قامت السلطات باعتقال العشرات من الأشخاص الذين يبثّون مشاهد حول ضحايا «كورونا»، ووجّهت مذكرات توقيفٍ لآخرين[15].
جدول(1): تسلسل إجراءات السُّلطات في إيران لمواجهة تفشِّي «كورونا»
31 ديسمبر 2019 | أبلغت الصين منظمة الصِّحة العالميَّة باكتشاف فيروس «كورونا» بمقاطعة ووهان |
19 فبراير 2020 | أعلنت وزارة الصِّحة الإيرانيَّة عن أول إصابتين، وفي نفس اليوم أعلنت عن وفاتهما |
22 فبراير 2020 | إغلاق المدارس والجامعات لمدة أسبوع |
24 فبراير2020 | منظمة الصِّحة العالميَّة تقول إنه على العالم الاستعداد لوباءٍ عالميٍّ محتمل |
26 فبراير 2020 | قال روحاني إنّه لا توجد خططٌ لحجر المناطق المتضررة من تفشِّي المرض |
28 فبراير 2020 | وقف إقامة صلاة الجمعة |
28 فبراير 2020 | أفاد تلفزيون «بي بي سي» الفارسي عن وقوع 210 حالة وفاةٍ بإيران؛ بسبب «كورونا»، بعد إجراء إحصاءٍ مستقل، بينما كان الرقم الرسميّ لليوم 34 حالة |
13 مارس2020 | اللواء محمد باقري يقول إنَّ بلاده قرّرت إخلاء الشوارع والأسواق والمراكز التجاريَّة في المدن خلال الـ 24 ساعة المقبلة |
15 مارس2020 | إغلاق بعض الأضرحة والمزارات الشيعيَّة في مشهد وقم |
16 مارس2020 | رفض روحاني من جديد لفرض إجراءات الحجر الصِّحي في أيٍّ من المقاطعات |
26 مارس2020 | إيران تبدأ حظر السفر بين المدن |
11 أبريل2020 | استئنافُ الأنشطة الاقتصاديَّة منخفضة المخاطر |
ثالثًا: السّلطة ومحاولات توظيف الأزمة
لم يفُت النظام الإيراني توظيف تفشِّي «كورونا» لأجل بسط سيطرته على الأوضاع الداخليًّة، والعمل على تحقيق تضامنٍ شعبيٍّ، فضلًا عن إحالة الأزمة إلى دور قوىً خارجيَّة ووجود مؤامرةٍ وراء تفشِّي الفيروس، بل ذهب المرشد إلى اتهام الولايات المتحدة بإنتاج فيروسٍ خصيصًا لإيران؛ لهذا خرج البعض وطالب بضرورة تنحية الخلافات السياسيَّة جانبًا، والتأكيد على ضرورة التحلي بروح التعاون وتجنّب النّقد والمعارضة لمواجهة هذا التحدي، وقد عبر عن ذلك النائب الأول لرئيس الجمهورية إسحاق جهانغيري بقوله إنَّ «الظرف الحالي يستلزم التضامن الاجتماعيّ والتفاهم الوطنيّ بشكلٍ أكبر»[16].
ولتأكيد دوره قام الحرس الثوريّ ببناء مستشفياتٍ مجهزةٍ وميدانيَّة [17]، كما قامت قوات تعبئة المستضعفين «الباسيج» بدورٍ مُماثل، من خلال مشاركة أكثر من 600 ألفٍ من عناصره في جميع أنحاء البلاد لدعم الأجهزة المختلفة، وتقديم الدّعم للجهات الفاعلة في الأزمة وفي توفير وتوزيع آلافٍ من حزم المساعدات إلى المناطق المحرومة بمساعدة المتبرعين[18]، وكذلك روّجت وسائل الإعلام لدور الميليشيَّات التابعة لإيران وهي تقوم بجهودٍ ميدانيَّةٍ لمواجهة الفيروس، كـ «الحشد الشعبي» في العراق و «حزب الله» في لبنان، وذلك في محاولةٍ لتحسين صورتها بعد دورها في مواجهة الاحتجاجات الشعبيَّة في هذه البلدان ومسؤوليَّتها عن سقوط العديد من الضحايا.
ويبدو أنَّ الحرس الثوريّ قد تجنّب من البداية التصدي للكارثة وترك مسؤولية ذلك للقوات المسلحة؛ خشية التعرض لهجومٍ وانتقاداتٍ هو في غنى عنها[19]. ولبعث رسالةٍ خارجيَّةٍ لتحسين صورته بعد اتهامات له بقمع احتجاجات نوفمبر 2019م بعد رفع أسعار الوقود والتي يُقال إنَّ عدد مَن قُتلوا فيها تخطى 1500 فردٍ، فضلًا عن مئات المعتقلين، قام النظام بلإفراج عن 85 ألف سجينٍ بصورةٍ مؤقتة خشية انتشار «كورونا»، وكان المقرّر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في إيران قال في 10 مارس إنه طلب من طهران الإفراج مؤقتًا عن جميع السجناء السياسيّين [20].
وحاول النظام الإيراني استغلال الانشغال الدوليّ بمواجهة هذا الفيروس، وقام بتسخين بعض جبهات الصراع في الخارج، حيث صعّدت الميليشيَّات المحسوبة عليه في العراق هجماتها ضدّ الولايات المتحدة، وأعاد الحوثيون شنّ هجماتهم على المملكة العربية السعودية، وذلك في محاولةٍ للضغط على أطراف المواجهة لإعادة النظر في سياساتها تُجاه إيران، وذلك بالتوازي مع جهود جلب التعاطف الخارجيّ مع إيران على أرضية الوضع الإنساني جرّاء تداعيات تفشِّي «كورونا»، وكذلك الضغط على الولايات المتحدة في العراق لسحب قواتها منه[21].
كما قام النظام بأكبر حملةٍ دبلوماسيَّةٍ شاركت فيها كافة مؤسَّسات الدولة من أجل كسب تعاطفٍ دوليٍّ، وكسب تأييد القوى الدوليَّة الفاعلة والمؤسَّسات الدوليَّة في مواجهة العقوبات الأمريكية، وقاد هذه الحملة الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، وكذلك رئيس البرلمان علي لا ريجاني، حيث أجروا اتصالاتٍ بنظرائهم في مختلف الدول، ومارسوا خطابًا إعلاميًّا دعائيًا تمّ فيه إحالة أزمة «كورونا» في إيران إلى العقوبات؛ وذلك بهدف تحويل العقوبات الأمريكية إلى مسألةٍ إنسانيَّةٍ تخصّ الشعب الإيراني، كما دفع النظام بحملةٍ شعبيةٍ لمخاطبة الشعب الأمريكي والضغط على وزارة الخزانة لإيقاف العقوبات والضغوط المتواصلة على إيران[22].
وأخيرًا، صعَّدت إيران تهديداتها النوويَّة مستغلةً الانشغال العالميّ بمواجهة «كورونا»، حيث لم تسمح للوكالة الدوليَّة للطاقة النوويَّة بالوصول إلى بعض المواقع، إذ رأت أنَّ طلباتها تستندُ إلى ضغوطٍ أمريكية، هذا بالإضافة إلى التهديد بالانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT) إذا لم يُلبِّ المجتمع الدولي مطالب إيران[23]، وذلك في وقتٍ اتّهمت فيه الوكالة طهران بتجاوز التزاماتها ولا سيَّما فيما يتعلق بمعدلات التخصيب وكميته، وبتركيب أجهزة طردٍ مركزيٍّ متطورة.
رابعًا: نتائجُ وتقييم إدارة إيران لأزمة «كورونا»
يدّعي النظام الإيراني أنَّ لديه تجربةً طويلةً مع تسيير الأوضاع في ظلّ الأزمات، وأنّه قد راكم خبراتٍ واسعةً في هذا الإطار، ولا سيَّما أنه يُواجه الضغوط والعقوبات والأزمات لأكثر من أربعة عقود منذ اندلاع الثورة عام 1979م، وهذا ما عبَّر عنه أمين عام المجلس الأعلى للأمن القوميّ علي شمخاني بقوله: «لقد تعلمنا لسنواتٍ فنّ إدارة الحياة في الأزمة»[24]، ويُمكن تقييم طريقة وأسلوب إدارة الأزمة ورصدُ بعض نتائجها على النحو الآتي:
1. تداعياتُ تسييسِ الأزمة «مكاسب داخليَّة وخارجيَّة محدودة»:
حقَّق النظام عددًا من المكاسب من وراء تسييس هذه الأزمة وهي:
أ. ضبط الأوضاع الداخليَّة وتراجع الاحتجاجات ضدّ النظام في الداخل والخارج: حيث استفاد النظام من حالة الهلع المجتمعيّ من تفشِّي «كورونا»، وَمِن كونها حالةً عالميَّةً لا تخصّ إيران وحدها، وذلك في استعادة الهدوء والاستقرار الداخليّ بعد شهور من الاضطرابات وعدم الاستقرار الداخلي، ففي ظل «كورونا» تراجعت كافة مظاهر الاحتجاجات الحاشدة التي تُهدد النظام، فضلًا عن أنَّ الإجراءات الاحترازية والحجر المنزليّ أسهم في هدوءٍ نسبيٍّ إجباريّ، وبالتوازي مع تراجع حدة الغضب داخليًّا ضدّ النظام انخفضت كذلك حدّة الاحتجاجات ضدّ النفوذ الإيراني في كلٍ من العراق ولبنان، والتي كانت مستمرة منذ أشهر[25].
ب. تحسين صورة التيّار المحافظ: بينما أسهمت الأزمة وإدارتها في التأثير سلبًا على شعبية روحاني والإصلاحيين، فإنّها حسّنت صورة الجناح المتشدّد المهيمن على السلطة داخل النظام، حيث أيّدوا من البداية إجراءاتٍ صارمةٍ لمواجهة انتشار «كورونا» في البلاد، وهم الذين نادوا بحظر السفر والحجر الصِّحي وحظر التجول والتباعد الاجتماعيّ وإلغاء المناسبات الدينيَّة والثقافيَّة، كما كانوا هم من نادى بتقديم الحكومة مساعداتٍ للمتضررين، ولعبت المؤسَّسات التابعة لهم ولا سيَّما الحرس الثوري وقوات الباسيج والمؤسَّسات الماليَّة الموازية في جهود مواجهة الفيروس على الأرض، بينما كانت الحكومة بقيادة روحاني تتعامل مع الأزمة باستخفافٍ في البداية، بل وأسهمت قرارات الرئيس وحكومته في تفشِّي الفيروس بعد رفض إجراء حجرٍ صحيٍّ واتباع إجراءاتٍ أكثر احترازًا في مواجهة «كورونا» [26].
ج. وجود مطالبَ دوليَّة بتعليق العقوبات الأمريكية على إيران: نجح النظام في كسب تعاطف بعض القوى والمنظمات الدوليَّة الفاعلة، وطالبت بعضها بتعليق العقوبات الأمريكية عن إيران، وأسفرت الحملة الدبلوماسيَّة الإيرانيَّة عن استجابةٍ من بعض الأطراف حيث بعث ممثلو إيران وروسيا والصين وكوبا وكوريا الشماليَّة والعراق وفنزويلا ونيكاراغو في الأمم المتحدة برسالةٍ إلى الأمين العام بضرورة رفع العقوبات عن إيران، كما دعت المقررة الخاصة للأمم المتحدة بحقوق الغذاء هلال إلفير إلى رفع العقوبات الدوليَّة ضد دول مثل إيران وسوريا وفنزويلا؛ بسبب انتشار فيروس «كورونا»[27].
وأيَّد الاتحاد الأوروبي في 03 أبريل 2020م تنفيذ بعض الإعفاءات الإنسانيَّة ليُمكن تعليق العقوبات الاقتصاديَّة المفروضة على دولٍ مثل كوبا وفنزويلا وإيران حتى تتمكن من الحصول على المعدات الطبيَّة اللازمة على وجه السرعة[28].
د. إجراء أول معاملةٍ مالية عبر آلية «إنستكس»: نجح الاتحاد الأوروبي على وقع الأزمة في تفعيل آلية «إنستكس» لأول مرةٍ منذ إقرارها في يناير 2019م، إذ قدمت من خلالها ألمانيا مساعداتٍ طبيَّةٍ وإنسانيَّةٍ للنظام الإيراني، وذلك على الرغم من أنَّ الولايات المتحدة حاولت منع تفعيل هذه الآلية، وقد عبر عن ذلك رئيس الغرفة التجاريَّة البريطانيَّة-الإيرانيَّة اللورد نورمن لامونت بقوله إنَّ «أمريكا تعرقل تفعيل إنستيكس، وتُطيل فترة تنفيذها»[29]. كذلك دعا المرشح الرئاسيّ الأمريكي جون بايدن إلى تسهيل إرسال الأدوية والمعدات الطبيَّة اللازمة لمكافحة «كورونا» في إيران، كما دعا طهران إلى اتّخاذ إجراءٍ إنسانيٍّ والسماح للمعتقلين الأمريكيين بالعودة إلى وطنهم[30].
هـ. تلقي إيران مساعداتٍ إنسانيَّةٍ لمواجهة «كورونا»: قدمت أكثر من 30 دولةً وعددًا من المنظمات الدوليَّة مساعداتٍ لإيران في مجال مكافحة «كورونا»، وفي هذا الصدد أرسلت الصين منذ اندلاع الأزمة مساعداتٍ عبر 28 رحلةً جويًّة، وشملت هذه المساعدات؛ أكثر من عشرة ملايين كمامة، و500 ألف مجموعةٍ تشخيصيَّة لفيروس «كورونا»، و300 ألف قطعة ملابسٍ للجراحة والعزل، ومليونين و200 ألف قفازٍ طبيّ، و350 جهاز تنفّس صناعي، و500 غرفة مستشفياتٍ جاهزة، ومجموعةٍ متنوعةٍ من أدوية ومعدات المستشفيات[31].
وضمن مساعدات بنوك وصناديق التنمية وضع صندوق أوبك للتنمية العالميَّة مساعدةً قيمتها 500 ألف دولار تحت تصرّف منظمة الصِّحة العالميَّة لصرفه على شراء وتوزيع التجهيزات الضرورية جدًّا للمستشفيات لمواجهة فيروس «كورونا» في إيران، وكان الصندوق قد قدّم مساعدةً عاجلةً مشابهةً لمواجهة السيول عام 2019م[32]. إضافةً إلى ذلك تلقّت إيران مساعداتٍ شملت معداتٍ وأدواتٍ طبيَّة بقيمة 200 مليون دولار، من دولٍ مثل تركيا، وقطر، واليابان، وفرنسا، والصين، وَمِن منظماتٍ دوليَّةٍ عدّة كمنظمة الصِّحة العالميَّة[33].
2. نتائج الاحتواء «إخفاقٌ وظيفيّ وفشل في تعليق العقوبات»:
في مقابل بعض النجاحات المحدودة كانت هناك تداعياتٌ ونتائجَ سلبية مؤثرة على النظام وعلى مجمل أزماته الداخلية والخارجية، ومنها:
أ. التأخر في التعامل مع الكارثة وتحمّل المسؤولية عن الانتشار الواسع للفيروس: كانت السلطة وقراراتها سببًا رئيسيًّا في تفاقم الأزمة، حيث تأخرت السلطات في إيران في الكشف والإعلان عن وجود فيروس «كورونا» حتى يوم 19 فبراير 2020م، وهناك تقديراتٌ بأنّ ذلك تمّ عن عمدٍ في وقتٍ لم يكُن فيه قد تفشَّى الفيروس وظهرت مخاطره، وهذا التأخير كان بسبب رغبة النّظام في عدم تأثير الإعلان عنه في الحدّ من نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانيَّة التي أُجريَت في النصف الثاني من فبراير 2020م، على أيّ حال ترتب على ذلك تأخُّر السّلطة في اتّخاذ التدابير اللازمة لمواجهة الجائحة الأمر الذي أدى إلى اتساع نطاقها[34].
ب. الفشل في إدارة الأزمة: حيث أثرت الثُنائيَّة المؤسَّسية التي يُعاني منها النظام في التأثير على إدارة الأزمة وصناعة القرار الخاص بها، حيث تملص الرئيس روحاني من تحمّل مسؤولية إدارة اللجنة المعنيَّة بإدارة الأزمة؛ بسبب محدودية سُلطته في مواجهة المؤسَّسات الموازية والمؤسَّسات العسكريَّة وتوتر علاقاته بها، وربما أراد أنْ يُلقي بعبء الأزمة على الجناح المناوئ له في السّلطة بقيادة المرشد، والذي طالما حمّلهُ مسؤولية إخفاق السلطة خلال السنوات الأخيرة منذ الإنسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي[35].
وظهر أنَّ النظام الإيراني قد أخفق في إدارة أزمة «كورونا» أكثر من غيره من دول المنطقة تحديدًا؛ وذلك لأسبابٍ متعدّدةٍ أهمّها نمط تعاطيه وغياب الشفافية وأولويَّة توظيف الأزمة على استثمارها، وقد ترك ذلك أثره على عدم الرضا الشعبيّ عن السياسات، خصوصًا في ظل الانتشار الواسع للفيروس، والأخبار والفيديوهات المتداولة حول حقيقة الكارثة، وتأثُّر الأوضاع المعيشيَّة والحياتيَّة للمواطنين بصورةٍ أكبر مما كانت عليه بعد الأزمة.
ج. عدم ثقة المواطنين في السلطة: رغم ضعف الإجراءات الاحترازيَّة من جانب أجهزة الدولة ومؤسَّساتها، لكن لم يُبد المواطنون الالتزام الكافي والاستجابة الفعَّالة، حيث أثّرت أزمة الثقة بين المواطنين والسّلطة على الحدّ من الاستجابة الشعبيَّة لقرارات السلطة وتوجيهاتها[36]، وتعود أزمة الثقة تلك إلى طريقة تعامل السّلطة مع الأزمة وتضارب تصريحات المسؤولين بشأنها، وكذلك وجود فجوةٍ بين الجماهير والحكومة نتيجةَ سياسة الإنكار التي تُمارسها السلطة مع كلّ أزمة، كما حدث في حادثة الطائرة الأوكرانية في يناير 2020م وغيرها من الحوادث، وهو الأمر الذي لعب دورًا في التأثير على نمط حياة الناس رغم خطورة الأوضاع.
د. التأثير السلبي لمواقف رجال الدين على مسار الأزمة: وأسهم رجال الدين في تفاقم الأزمة من خلال معارضة إغلاق الأضرحة في مدينة قُم، ورفضهم فرض حجرٍ صحيّ على المدينة التي تفشى بها الفيروس وانتقل منها إلى معظم المدن الإيرانية، بل كان لآرائهم وفتواهم الدينيَّة دورٌ في تعقيد الأمور ولا سيَّما أنَّ هذه الآراء كان لها تأثيرٌ على عدم التزام العامة باحتياطات السلامة الواجبة[37].
ه. مضاعفة الأزمات الاقتصادية والمعيشية: لا شكّ أنَّ النظام لم يكن مستعدًا لمواجهة أزمةٍ بهذا الحجم، بل إنَّ هذه الأزمة أضافت إلى النظام أعباءً اقتصاديَّةً لا قِبَل له بتحمل تبعاتها، كما أنّها ضاعفت معاناة المواطنين، وضاعفت من مشاكلهم المعيشيَّة، فضلًا عن أنَّ تداعياتها الاقتصاديَّة ستكون كارثيَّة بأضعاف أيّ دولةٍ في ظل العقوبات والضغوط الدوليَّة وفقدان الميزانية لأهمّ مواردها الأساسيَّة، وربما تجدُ الدولة صعوبةً في حال استمرت الأزمة لفترة أطول في تدبير الاحتياجات الأساسيَّة.
كذلك كشفت الأزمة عن هشاشة الوضع الاقتصاديّ، وعدم قدرة النظام على تحمل أعباء الأزمة، وظهر ذلك مع حيرة الحكومة بين مواجهة «كورونا» عبر تطبيق قواعد الحجر ومطالبها للشركات باستمرار العمل؛ خشية التأثير على أوضاع العمال والموظفين، فالحكومة لا تريدُ أنْ يكون لديها أيّ التزامٍ ومسؤولية تُجاه هؤلاء المعرّضين لفقدان أعمالهم[38].
و. فشل الحملة الدبلوماسية في التأثير على الموقف الأمريكي واستمرار سياسة العقوبات: باءت محاولاتُ إيران لتخفيف حدّة الضغوط الأمريكية من خلال الترويج لدور العقوبات في التأثير على إمكانية مواجهة إيران لتفشِّي «كورونا»، حيث لم تلتفِت الولايات المتحدة للضغوط الإيرانية، ولا المطالبات الدوليَّة بتعليق العقوبات، وواصلت ممارسة ضغوطها الاقتصاديَّة عبر الاستمرار في سياسة الضغوط القصوى، ومعاقبة أيّ أطرافٍ خارجيَّةٍ تتعاون مع إيران خارج إطار المساعدات الإنسانيَّة الخاصة بالغذاء والدواء[39].
خامسًا: المآلات واحتمالاتُ المستقبل
لا يبدو أنَّ سياسة الحكومة في التعاطي مع تفشِّي «كورونا» سوف تُسهم في محاصرته في المستقبل القريب، بل إنَّ استئناف الأنشطة الاقتصاديَّة محدودة المخاطر، سوف يؤدي إلى استمرار انتشار الفيروس بل زيادته، ولا سيَّما أنَّ تلك الإجراءات كانت لضروراتٍ اقتصاديَّة ولمواجهة حالة ركودٍ مُحتملة بسبب حالة الإغلاق التي تشهدها إيران، لكنَّ هذه السياسة نفسها التي لا تُعطي أولويةً لمواجهة انتشار الفيروس ربما هي التي ستقود إلى حالة الركود التي يخشاها النظام، إذا ما خرج انتشار الفيروس عن السيطرة.
فالنظام يجد نفسه بعد «كورونا» في الزاوية، فالعقوبات الأمريكية مستمرةٌ ولا مجال لتعليقها، وعدم اللجوء إلى إغلاقٍ كاملٍ وفرض حجرٍ صحيٍّ واسع النطاق، يعني ترك الناس نهبًا للفيروس، ومع زيادة انتشار «كورونا» في إيران من المرجح أنْ تتفاقم شرعية النظام ويتزايد الغضب الشعبي الذي له جذوره السياسيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة. وفي حالة الحجر والإغلاق الكامل فمرجح الدخول في مرحلة ركودٍ اقتصاديٍّ وتضخّمٍ واسع النطاق وإفلاس البلاد، وهذا حتمًا سيقود إلى حالة غضبٍ شعبيٍّ واسع النطاق واحتجاجات على غرار احتجاجات 2019م، والخروج من هذا المأزق يكون إمَّا من خلال انكشاف أزمة «كورونا» عالميًا، وهذا بأيّ حالٍ لا يعني أنَّ الأزمة بالنسبة لإيران انتهت، أو إعادة طهران النظر في تشددها من مسألة المفاوضات مع الولايات المتحدة.
ربما تتّجه إيران لاتباع سياسة المقاومة وتحمّل تبعات الأزمة وتفاقمها لفترةٍ محدودة في حالة عدم وجود تهديدٍ داخليٍّ لشرعية النظام، وهذا هو على الأغلب السيناريو المحتمل، وذلك حتى نوفمبر المقبل على أقل تقدير انتظارًا لنتائج الانتخابات الأمريكية، حيث ترى إيران أنَّ حظوظ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد تتراجع بعد أزمة «كورونا»، وهذا الرهان كذلك سوف يدفع إيران لتفويت فرصة شغل الرأي العام الأمريكي قبل الانتخابات الرئاسيَّة المقررة في نوفمبر 2020م بصراع قد يُثيره ترامب في العراق للتغطية على أزمة «كورونا» في الداخل.
كما أنَّ استمرار الرهان على التوظيف السياسيّ لـ «كورونا» ليكون بمثابة رافعةٍ لتعليق العقوبات وتخفيف حدة الضغوط مسألةً غير مضمونة بأيّ حالٍ من الأحوال، فعلى الرغم من استغلال إيران لتداعيات «كورونا» ومحاولة الضغط على الولايات المتحدة لسحب قواتها من العراق، فإنَّ ردّ الفعل الأمريكي الحاسم، وإعادة تموضع القوات ونقل السفارة إلى مقر قاعدة عين الأسد، ونشر بطاريات صواريخ باتريوت، بعث برسالة ردعٍ قوية إلى إيران، الأمر الذي في الأغلب يدفعها نحو إعادة النظر في استغلال ظرف «كورونا» للضغط على الولايات المتحدة وحلفائها عبر التصعيد العسكري[40].
ورغم بعض المكاسب التي جناها النظام من تسييس الأزمة، والتي ترتّب عليها مطالب بعض الدول والمؤسَّسات والشخصيَّات السياسيَّة بتعليق العقوبات على إيران، بوصفها تواجه أزمةً إنسانيَّةً حقيقية، وكذلك تلقي مساعداتٍ إنسانيةٍ من بعض الدول والمؤسَّسات الدولية، غير أنَّ ذلك لا يُمثل نجاحًا مؤثرًا؛ لأنّ المساعدات تتعلق بالجوانب الإنسانية والغذاء والعلاج، كما أنَّ الولايات المتحدة رفضت الاستجابة لهذه الضغوط. ناهيك عن أنَّ أيٍّ من هذه الدول لا يُمكنها أن تتّجه نحو تحدي الولايات المتحدة وخرق برنامج عقوباتها على إيران، والدليل على ذلك أنَّ الولايات المتحدة رغم الأزمة قد فرضت عددًا من العقوبات على الدول والشركات والأفراد التي عاونت طهران على تصدير النِّفط أو التحايل على العقوبات المفروضة على التبادلات الماليَّة، وذلك خلال شهريْ فبراير ومارس 2020م، أي في ظل تفاقم أزمة «كورونا»[41].
ولا يُعطي تفعيل آلية «إنستكس» مؤشرًا على قيام الدول المشاركة بها على توسيع نطاق عمل هذه الآلية، لهذا يبقى مستقبل توسيع نطاق هذه الآلية خارج نطاق بعض المساعدات الإنسانيَّة ضعيف؛ نظرًا لأنَّ الشركات الأوروبية غير مستعدةٍ إلى الآن للعمل وَفق هذه الآلية خشية تعرضها للعقوبات الأمريكية، فضلًا عن أنَّ الدول الأوروبية ذاتها كان لديها شروطها الخاصة لتفعيل هذه الآلية بصورةٍ كاملة، ومنها انضمام إيران للاتفاقيات الخاصة بمجموعة العمل المالي (FATF)، وهو الأمر الذي رفضته إيران، وترتّب عليه إدراجها على اللائحة السوداء لهذه المنظمة[42].
ولا تزال أوروبا تُبدي قلقها على خلفية سياسة إيران النوويَّة بعد تخفيض التزاماتها في الاتفاق النووي، إضافةً إلى زيادة وتيرة التخصيب وتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة، والتضييق على رقابة الوكالة الدوليَّة للطاقة الذريَّة على المواقع والأنشطة النووية الإيرانية[43]، فضلًا عن الاستمرار في تطوير برنامج الصواريخ الباليستية، وانتقاد سلوك إيران الاقليميّ المزعزع للاستقرار، كما أنَّ الولايات المتحدة لن تسمح بإجراءتٍ تُحبط إستراتيجية ضغوطها القصوى على إيران من جانب أيٍّ من الأطراف الدولية ولا سيَّما الأطراف الأوروبية.
وقد أثبتت تجارب متعددة أن النظام الإيراني يستخدم التسهيلات المتعلقة بشراء السلع والغذاء والدواء من أجل التحايل على العقوبات، بل يستخدمها لتمويل أنشطة النظام التوسعيَّة وسياساته الأيديولوجية والثورية، وهذا ما كشفت عنه الإدارة الأمريكية مؤخرًا، حيث اتهمت النظام بسرقة مساعداتٍ ماليَّة قدمها الاتحاد الأوروبي لإيران.
هذا وتدحض بعض الحقائق حجج إيران فيما يتعلق بتأثير العقوبات على مواجهة الأزمة، إذ في الوقت نفسه الذي تمارس فيه إدارة ترامب سياسة أقصى ضغط، فإنّها استثنَت من العقوبات التعاملات التي تخصّ الغذاء والدواء، وبالفعل استوردت إيران سلعًا أساسيَّة وأدوية في 2019م بقيمة 15 مليار دولارٍ من حساباتها من صادرات النِّفط العام في الخارج، كما دشّنت الولايات المتحدة بالتعاون مع الحكومة السويسرية آليةً مالية مطلع العام 2020م؛ لأجل هذا الغرض، وقد أجرت بعض الشركات من خلالها تعاملاتها مع إيران[44].
إنَّ التجربة التي أثبتت للشعب الإيراني مرارًا خداع النظام وإنكاره للواقع، وبالتالي فقدان الثقة فيه، هي نفسها التي ربما تقفُ خلف موقف القوى الدوليَّة اليوم فيما يتعلق بقضية العقوبات ومساعدة إيران، فخبرة سنوات طوال، أثبتت أنَّ النظام الإيراني لا يعنيه شعبه بقدر ما يعنيه بقائه في السّلطة، فالنظام خلال ستة أيام في نوفمبر 2019م قام بقتل 1500 متظاهرٍ لاعتراضهم على زيادة أسعار الوقود، واعتقل ما يقارب سبعة آلاف، وترك فيروس «كورونا» ينتشر بين الإيرانيين ومدنها حتى أصبح كارثةً محقَّقةً في إيران، وذلك على خلفية حساباتٍ تتعلق بتجديد شرعيته في الانتخابات وبعث رسائلَ للخارج من خلال نسبة المشاركة بأنه لا يزال يحظى بالقبول والتأييد الشعبي.
وإنْ كان الأمر مرتبطٌ فعليًا برضا المواطنين والشرعية الحقيقية النابعة من تأييد الجماهير، فلماذا يتجاهل النظام المطالب الشعبية بوقف تمويل مشروعه الخارجي التوسعي، والالتفات إلى الداخل من أجل تحسين معيشة المواطنين، إذ على العكس ورغم تفاقم الأزمة يُوجه ميليشيَّاته في العراق للتصعيد ضد الولايات المتحدة، وميليشيَّاته في اليمن للتصعيد ضدّ المملكة العربية السعودية.
في النهاية، يمكن القول إنَّالنظام الإيراني أخفق مرتين في إدارة أزمة انتشار «كورونا»، المرة الأولى عندما تعاملت السّلطة مع الأزمة برعونة، ولم تتّخذ الأزمة على محمل الجدّ، وأرسلت طائراتها إلى الصين الموطن الأصلي الذي صدّر الفيروس للعالم، وتأخرت عن الإعلان عن الفيروس، واتّخاذ الإجراءات العلميَّة المناسبة لمحاصرته، وأخطأت مرةً ثانية عندما عمدت إلى تسييس أزمة «كورونا» في الداخل والخارج ليس لصالح الإيرانيين ولكن من أجل البحث عن ترياق لبقاء النظام واستمراره، لكنَّ هذا الإخفاق لا شكَّ سيكون له ما يعقبه عندما تنكشف الأزمة، وتظهر الأزمة الداخليًّة التي يُواجهها النظام منذ الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي وقد تعمَّقت واستفحلت بصورةٍ غير مسبوقة.
[1]–شذى خليل، الاقتصاد الإيراني يحتضر بين فيروس كورونا وانخفاض أسعار النِّفط العالمي، مركز الروابط للدراسات الإستراتيجية، (16 مارس 2020)، تاريخ الوصول، 10 أبريل 2020. https://bit.ly/2wu2CjW.
[2]-منظمة مجاهدي خلق، فوكس نيوز: قالت المعارضة الإيرانية إن العدد لوفيات كورونا في إيران يزيد عن 20000، (12 أبريل 2020)، تاريخ الوصول: 13 أبريل 2020. https://bit.ly/3a4Jl6v
[3]-فرانس 24، منظمة الصحة العالمية: قلة التجهيزات الوقائية في إيران تُعقد جهود احتواء فيروس كورونا، (04 مارس 2020)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020. https://bit.ly/2UXmrK0
[4]–شفق نيوز، إجراء غريب.. الحرس الثوري يُصدر شهادات وفيات كورونا في إيران، (10 أبريل 2020)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020. https://bit.ly/3a3eN50
[5]-وكالة أنباء دانشجو، کوهکن: لایحه فعلی بودجه پاسخگوی شرایط نیست / تامین بودجه از طریق وام، کشور را دچار مشکل میکند، (۱۷ فروردين ۱۳۹۹)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020. https://bit.ly/2xSD9Rr
[6]-إسراء أحمد فؤاد، كورونا يتغول فى البرلمان الإيراني رغم تعليق جلساته.. الفيروس يطول رئيسه ويغير خريطة الإصابات في هيكل السلطة في إيران.. «لاريجاني» يدخل قائمة الإصابات البالغ عددها 50 ألف.. وإصابة 23 نائبًا آخر تنذر بالمزيد، اليوم السابع، (03 أبريل 2020)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020. https://bit.ly/2V0Xq0t
[7]-الشرق الأوسط، تخبط «الحجر الصحي» يزيد محنة الإيرانيين مع «كورونا»، (16 مارس 2020)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020. https://bit.ly/2JRVhOm
[8]-النهار، إيران تتّجه أخيرًا نحو إجراءات الحجر… «قرارات أشدّ» لوقف انتشار كورونا، (25 مارس 2020)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020. 2020. https://bit.ly/2JRZx0i
[9]-موقع صحيفة سياست روز، کرونا دشمن است، مدارا جواب نمیدهد، (۱۹ فروردين ۱۳۹۹)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020. https://bit.ly/2K05lVH
[10]-كالة رويترز، الرئيس الإيراني: استئناف الأنشطة الاقتصادية منخفضة المخاطر 11 أبريل، (05 أبريل 2020)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020. https://bit.ly/2VrkWD0
[11]-وكالة إيلنا، توزیع بستههای حمایتی در بین کارگران روزمزد /تدارک دستگاههای اقتصادی برای جهش تولید ، (۱۳۹۹/۰۱/۱۳)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020. https://bit.ly/2UQNzJf
[12]-وكالة مهر، برنامه های مهم بانک مرکزی در سال ۹۹ اعلام شد، (۱۳ فروردین ۱۳۹۹)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020، https://bit.ly/2xAKc1c
[13] -كالة إيرنا، در نشست خبری ویدئوکنفرانسی مطرح شد؛ موسوی: بیش از ۳۰ کشور و سازمان به دولت و ملت ایران کمک کردند، (۱۸ فروردین ۱۳۹۹)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020. https://bit.ly/3bThJCE
[14]-وكالة إيسنا، برای خرید تجهیزات مورد نیاز مقابله با کرونا: صندوق اوپک ۵۰۰ هزار دلار به ایران میدهد، (۱۴ فروردین ۱۳۹۹)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020. https://bit.ly/2w7MwMJ
[15]-تبناك، رئیس پلیس فتا ناجا: ۲۴ شایعه پراکن کرونا ویروس دستگیر شدند، (۰۷ اسفند ۱۳۹۸)، تاريخ الوصول: 13 أبريل 2020. https://bit.ly/3a61WPm
[16]-وكالة إيرنا، جهانگیری: بیش از همیشه زمان «همبستگی اجتماعی» و «تفاهم ملی» است، (۱۳ فروردین ۱۳۹۹)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020، https://bit.ly/2yh2xR9
[17]-وكالة أنباء تسنيم، سردار شریف: در روزهای آینده از دستاوردهای جدید بهداشتی ــ درمانی سپاه رونمایی میکنیم، (۱۴ فروردين ۱۳۹۹)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020، https://bit.ly/39D69do
[18]-وكالة نادي الصحفيين الشباب، سردار سپهر خبر داد: حضور ۶٠٠ هزار بسیجی در عرصه مقابله کرونا، (۱۶ فروردين ۱۳۹۹)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020. https://bit.ly/3e00sd1
[19]-سعيد جولكار، الحرس الثوري.. يهمّش الحكومة في مكافحة فيروس كورونا، ميدل إيست أون لاين، (10 أبريل 2020)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020. https://bit.ly/3cclxiD
[20]-آر تي عربي، إيران تفرج مؤقتًا عن 85 ألف سجينٍ بينهم سياسيون في ظل انتشار فيروس كورونا، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020، https://bit.ly/3ckXwWH
[21]-المعهد الدولي للدراسيات الإيرانية، تقرير الحالة الإيرانية، (مارس 2020م)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020.
[22]– المرجع السابق.
[23] -وكالة نادي الصحفيين الشباب، NPT مهمترین محور مذاکرات برجامی ایران و اروپا، “۱۱ اسفند ۱۳۹۸”، تاريخ الاطلاع: 30 مارس 2020. https://bit.ly/2VzLbbT
[24]-وكالة مهر، شمخانی: دوقطبی کاذب «اقتصاد-سلامت» نباید ما را متوقف کند، (۱۸ فروردین ۱۳۹۹)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020. https://bit.ly/2x6st1K
[25]-Kenneth M. pollack, The Coronavirus Won’t Kill the Islamic Republic, foreign policy, (2 Aap, 2020), accessed on: 10 Apr 2020. https://bit.ly/3aL0QK5
[26]–Ibid.
[27]– وكالة مهر، گزارشگر سازمان ملل خواستار رفع تحریم های ایران شد، (۱۳ فروردین ۱۳۹۹)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020. https://bit.ly/39wP6JR
[28]-وكالة إيسنا، درخواست اتحادیه اروپا برای تعلیق تحریمهای آمریکا علیه ایران برای مقابله با کرونا، (۱۶ فروردین ۱۳۹۹)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020. https://bit.ly/2UFpCpx
[29]-وكالة إيرنا، اتاق بازرگانی انگلیس و ایران خواستار توسعه عملیات مالی با اینستکس شد، (۱۲ فروردین ۱۳۹۹)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020. https://bit.ly/39ERJtn
[30]-موقع راديو فردا، جو بایدن با اشاره به بحران کرونا خواستار کاهش تحریمها علیه ایران شد، (فروردین ۱۵, ۱۳۹۹)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020.https://bit.ly/3dXf9gX
[31]-وكالة فارس، کمکهای چین برای مقابله با کرونا امشب با ۲ پرواز از پکن به ایران ارسال میشود، (۱۳۹۹/۱/۱۶) تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020، https://bit.ly/3bRJWto
[32]-وكالة إيسنا، برای خرید تجهیزات مورد نیاز مقابله با کرونا: صندوق اوپک ۵۰۰ هزار دلار به ایران میدهد، (۱۴ فروردین ۱۳۹۹)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020. https://bit.ly/2w7MwMJ
[33]-عبد السلام سالمي بور، مرجع سبق ذكره.
[34]-سكاي نيوز عربي، كورونا وانتخابات إيران.. كيف غامر النظام بحياة المواطنين؟، (23 فبراير 2020)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020. https://bit.ly/3cdb86h
[35]-المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، المفاصلة ومستقبل التيار الإصلاحي في إيران، (07 يناير 2019)، تاريخ الوصول: 11 أبريل 2020. https://bit.ly/2Ru3nRc
[36]-عبد السلام سالمي بور، أسباب فشل إيران في مكافحة فيروس كورونا (تحليل)، وكالة الأناضول، (02أبريل 2020)، تاريخ الوصول: 04 أبريل 2020. https://bit.ly/34t7QJx
[37]-مهدي خلجي، فيروس كورونا في إيران (الجزء الأول): عوامل متعلقة برجال الدين، معهد واشنطن، (09مارس 2020)، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020. https://bit.ly/2XqJzSQ
[38]-نعمت احمدی، مردم با پایان، صحيفة جهان صنعت، تاريخ الوصول: 10 أبريل 2020. https://bit.ly/2Xa6Kkf
[39] إيلي يوسف ، واشنطن: العقوبات باقية طالما استمرت طهران في تمويل الإرهاب، الشرق الأوسط، (08 أبريل 2020)، تاريخ الوصول: 11 أبريل 2020. https://bit.ly/2xiM3YA
[40]-محمد علي، سلام الجاف، واشنطن تعيد تموضع قواتها في العراق، العربي الجديد، (17 مارس 2020)، تاريخ الوصول: 11 أبريل 2020. https://bit.ly/3a0n6hO
[41]-المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، مرجع سبق ذكره.
[42]-وكالة خانه ملت ، اروپا نتوانست خلأ نبود آمریکا را در برجام پر کنند / پنج گام کاهش تعهدات برجامی قدرت چانه زنی ایران را رشد داد، تاريخ الوصول: 11 أبريل 2020. https://bit.ly/2X5WmKe
[43]-فرانس 24، النووي الإيراني: وكالة الطاقة الذرية تدق “ناقوس الخطر” وتنتقد إيران لعدم تعاونها، (03 مارس 2020)، تاريخ الوصول: 11 أبريل 2020. https://bit.ly/3eeN3gX
[44]-Kenneth M. pollack, Op Cit.