احتجاجات في مدن إيرانية على الأوضاع المعيشية السيئة وانهيار العملة الوطنية.. والمولوي عبد الحميد للنظام: «بدلًا من سجن الناس تنحّوا عن السلطة»

https://rasanah-iiis.org/?p=30541
الموجز - رصانة

تزامنًا مع مواصلة احتجاجات شعار «المرأة، الحياة، الحرية» في إيران، تتواصل احتجاجات مختلف الجماعات في مدن إيران على الأوضاع المعيشية السيئة مع انخفاض قيمة العملة الوطنية.

وفي شأن حقوقي، وبينما تشير تقارير إلى اعتقالات جديدة في زاهدان، انتقد خطيب جمعة زاهدان في إيران المولوي عبد الحميد (الجمعة 24 فبراير)، النظام الإيراني مرة أخرى، وطالب بـ«تنحي مسؤولي النظام الإيراني عن السلطة».

وفي شأن اقتصادي، انتقد أستاذ الاقتصاد بجامعة العلامة طبطبائي في طهران، فرشاد مؤمني، السياسات الاقتصادية والاجتماعية الأكثر تخريبًا للنظام الإيراني في العقود الثلاثة الماضية، كما حذر من أنه «إذا لم يوافق النظام على تحديث جوهري للهيكل المؤسسي فلن تبقى إيران».

وعلى صعيد الافتتاحيات، تناولت افتتاحية صحيفة «آرمان أمروز» الوضع الاقتصادي «المتردي» في إيران، فيما ناقشت افتتاحية «تجارت» انعكاسات ارتفاع سعر الدولار مقابل العملة الوطنية على الحياة اليومية للمواطن الإيراني.

أبرز الافتتاحيات - رصانة

«آرمان أمروز»: من التهديد إلى السكوت

تناولت افتتاحية صحيفة «آرمان أمروز» التطورات الاقتصادية وتردي الأوضاع المعيشية وارتفاع معدلات التضخم والبطالة، وكيفية تعامل النظام الإيراني مع الحالة الاقتصادية الحالية.

تذكر الافتتاحية: منذ بضعة أشهُر وضعت الحكومة على جدول أعمالها إرسال ردود طويلة إلى أخبار الصحف، بحيث أصبحت هذه الردود تحتلّ جزءًا كبيرًا من الجوّ الإعلامي للحكومة. حدث هذا الأمر بعد أن بادر المسؤولون الحكوميون إلى إظهار صورة محسنة عن الوضع الاقتصادي لإيران من خلال الاعتماد على إحصائيات غير تلك الموجودة في مركز الإحصاء الإيراني.

كان المسؤولون الحكوميون يتحدثون بشكل مكثف في مؤتمراتهم الصحفية عن انخفاض بنسبة 20% في معدل التضخم، وارتفاع معدلات الاستثمار والنمو الاقتصادي، في ظروف يشير فيها ارتفاع سعر الدولار اليومي، وارتفاع معدل التضخم، إلى جانب الانخفاض الشديد في القدرة الشرائية في ظل انهيار قيمة العملة الوطنية، إلى أن الاقتصاد الإيراني يمرّ بأزمة عميقة.

المسافة بين ما تصوره الحكومة والحقيقة في المجتمع تسببت في أن تلجأ الحكومة إلى استخدام مصطلحات من قبيل «موجدي الأوضاع الحالية»، وأن تسعى إلى التشكيك بقوة في كل ما أنجز في الماضي. والآن يبدو أن أداء الحكومة تغيَّر أيضًا في مجال الردود، عندما وجَّه مراسل وكالة «إيرنا» سؤالًا إلى رئيس منظمة الشؤون الضريبية داوود منظور بخصوص الديون الضريبية على مقرّ «خاتم الأنبياء»، هدد رئيس المنظمة المراسل بأنه في حال لم يقدم الوثائق التي تخص هذا السؤال فإنه سيحيله إلى مدّعي عام الشؤون الضريبية. وفي رد فعلهم على رئيس منظمة الشؤون الضريبية، ذكّر كثير من الخبراء رئيس المنظمة بدور مدّعي عام الشؤون الضريبية. ولم تُجِب الحكومة بالطبع عن سلوك داوود منظور الذي لم يتلقَّ من الرأي العام أي تنبيه بخصوص تهديده على سؤالٍ سَمِعَه.

من جهة أخرى، وفي حين أوجد مشروع بيع ممتلكات الحكومة المثير للجدل مخاوف كبيرة لدى الرأي العام وخبراء الاقتصاد، حتى الشخصيات الأصولية والإصلاحية على حد سواء، نجد أن رئيس منظمة الخصخصة حسين قربان زاده فضَّل ترك المناظرة الجارية بينه وبين أحد النواب المنتقدين على شاشات التلفاز، بدلًا من مواجهته.

«تجارت»: ما وراء كواليس ارتفاع سعر الدولار

استعرض الخبير الاقتصادي حسين راغفر، في افتتاحية صحيفة «تجارت»، كواليس ارتفاع سعر الدولار الأمريكي مقابل العملة الوطنية، ونتائج ذلك الارتفاع على الاقتصاد الإيراني وزيادة ارتفاع معدلات التضخم والبطالة، بالإضافة إلى الارتفاع غير المسبوق للأسعار والاحتياجات اليومية والمعيشية.

وردَ في الافتتاحية: وفق المعلومات التي قدمتها المنظومات الجديدة لتبادل العملة الصعبة في البلد، وكذلك وفق الاستفادة من نماذج العملة الصعبة في روسيا من أجل تحسين ظروف العملة الصعبة في إيران، المفترض أن تعيد الشركات المصدرة العملة الصعبة إلى إيران، وتضخها في منظومة تبادل العملة الصعبة، وبعبارة أخرى أن توضع العملة الصعبة تحت تصرف البنك المركزي. لكن القضية هي أن المصدّرين ليسوا على استعداد لإعادة العملة الصعبة إلى إيران ليحصلوا مقابلها على ريال، فهم عادة ما يدخرون العملة الصعبة خاصتهم في الخارج.

للأسف، طيلة هذه السنوات ارتفع معدل هروب رؤوس الأموال، ولكن النقطة الأساسية هي أن هذا الهروب لا يجري من خلال الناس العاديين، بل إن البعض يقومون بإخراج العملة الصعبة من إيران بذريعة الالتفاف على العقوبات. والبنك المركزي عمليًّا لا يستطيع السيطرة على هذه العملة. القضية هي أن موارد الدولة من العملة الصعبة أصبحت محدودة، وفي نفس الوقت ارتفعت مصارف ونفقات النظام، ولهذا نواجه عجزًا في ميزانية العملة الصعبة، وإنشاء المنظومات وحده لا يحل المشكلة.

اليوم نجد أن الفاكهة المستوردة تدخل البلد بكثرة، وهذا الاستيراد يحدث بإرادة من الأوليغارشيين. العام الماضي استُوردت بضعة ملايين من أجهزة الهواتف النقالة، وكان ذلك بإرادة من أوليغارشية الاقتصاد الإيراني التي تقرر ما الذي يجب استيراده إلى البلد، وبما أنّ أرباح أجهزة الهواتف النقالة المستوردة كبيرة، لذلك فهم يستوردونها. إنّ انتهاج هذه البرامج الخاطئة من قبيل تخصيص العملة الصعبة للاستيراد ستجعلنا نواجه قريبًا مشكلات تضخمية أكثر جدية، وهذا كله نتيجة السياسات الاقتصادية للحكومة.

الاقتصاد الروسي مثل الاقتصاد الإيراني يعتمد على بيع النفط واستيراد المواد الخام، وليس له القدرة على تقديم صناعات متطورة، لكن روسيا تمكنت من اقتناص فرص بيع النفط من إيران، وأبرمت عقودًا نفطية ضخمة مع الصين وغيرها من الدول. إنّ السبب الأساسي من وراء اغتيال واختفاء سبعة من كبار الأوليغارشيين الروس مع عوائلهم هو أن طبيعة الأوليغارشية تقتضي أنه عندما يشعر الأوليغارشيون بأن النظام أصبح ضعيفًا فإنهم يتوجهون نحو القوى العالمية، ويُخرِجون جزءًا من أموالهم من البلد، ولهذا حل بهم وبأُسَرهم ما حل.

النشاط الأساسي للأوليغارشية الإيرانية يجري بذريعة الالتفاف على العقوبات، وإرادتهم هي التي ترسم السياسات الاقتصادية، ومصالحهم هي التي تحدد هل تعود العملة الصعبة إلى إيران أم لا. للأسف، كان معدل انخفاض العملة الوطنية في إيران أكبر بكثير من الدول التي تعاني من الحرب، وبدلًا من أن تقوم الحكومة خلال هذه السنوات -كالدول الأخرى- باللجوء إلى الحيلولة دون التهرب الضريبي، أخذت بتوفير الموارد المالية من خلال بيع المواد الخام، ونظرًا إلى زيادة القيود فقد تزايد الضغط، وواجهوا مشكلات في بيع النفط، وهذا العام أيضًا لجأت الحكومة مجددًا إلى بيع النفط من خلال بعض الأفراد والمؤسسات، وحسب التجارب السابقة فإنّ فرص الفساد ترتفع في هذا الأسلوب.

صحيح أن التيار التخريبي له يد في ارتفاع سعر الدولار، لكنّ أداءنا هو نقطة بداية هذه الأزمة، والتيار التخريبي هو الحلقة الأخيرة في هذه العملية، لأن الحكومة هي من بدأت رفع سعر الدولار، ومن الطبيعي أن الناس سيحتجّون على ذلك، وبين المحتجين دائمًا ما يوجد بعض المخربين.

أبرز الأخبار - رصانة

المولوي عبد الحميد للنظام الإيراني: بدلًا من سجن الناس تنحّوا عن السلطة

في حين تشير التقارير إلى اعتقالات جديدة في زاهدان، انتقد خطيب جمعة زاهدان في إيران المولوي عبد الحميد (الجمعة 24 فبراير) النظام الإيراني مرة أخرى، وطالب بتنحي مسؤولي النظام الإيراني عن السلطة. وخاطب عبد الحميد مسؤولي النظام الإيراني في خطبته الأسبوعية خلال صلاة الجمعة في زاهدان، الجمعة 24 فبراير، قائلًا: «بدلًا من سجن الناس، وبدلًا من إلقاء القبض عليهم، أطلقوا سراحهم، واستمعوا إليهم، وإذا لم تستطيعوا فدعوا الآخرين يحلّوا مشكلات الناس». وبالتزامن مع خطبة المولوي عبد الحميد كانت هناك تقارير عن خلق جوّ أمني في زاهدان وقطع الإنترنت لمنع البث المباشر لهذه الخطبة. وشدد على أنه «لن يكون هناك تغيير حتى يعترف مسؤولو النظام الإيراني بأخطائهم الماضية»، وأشار إلى كلمة الخميني وكرر طلبه بتنحي المسؤولين عن السلطة.

وقال المولوي عبد الحميد: «في كل مكان في العالم، عندما لا يستطيعون فعل شيء ما، فإنهم يتنحون عن المسؤولية. وفي كل مكان في العالم يستقيل الرئيس ورئيس الوزراء ويتنحى كبار المسؤولين حتى يأتي شخص آخر ويصلح الوضع». وأضاف: «للأسف مسؤولونا لا يعرفون كيف يتنحون عن السلطة». وفي جزء آخر من كلمته انتقد عبد الحميد الإسلام السياسي وقال: «إنّ الإسلام ليس سياسيًّا، والدين ليس سياسيًّا، بل يجب أن تكون السياسة إسلامية». وأضاف في شرحه لتصريحاته أن «الحاكم في مثل هذه السياسة يختاره الشعب، والحاكم لا يحدده الله».

وشدد على تقارب السياسة الإسلامية مع الديمقراطية وحقوق الإنسان، وأضاف أنه «في مثل هذه السياسة لا يوجد اعتراف قسري للمتهم، والنظام القضائي له استقلاله، ويمكن للقاضي استدعاء الحاكم وعزله». كما انتقد المولوي عبد الحميد ارتفاع أسعار اللحوم والدولار في إيران، وحذر سلطات النظام الإيراني قائلًا: «لا تجعلوا الشعب الإيراني يموت جوعًا».

وشدد على أن المصالح الوطنية أهم من أي شيء آخر، وقال: «أطعموا الشعب الإيراني حتى لا يتورط في الفساد والسرقة قبل أن تطعموا أجزاء أخرى من العالم والدول». وفي ختام خطبته طلب المولوي عبد الحميد من الناس أن يلتزموا الهدوء، فيما نُشرت تقارير عن الجو الأمني المشدد حول المسجد المكي. وقال: «إنّ أمن المدينة وأمن المنطقة حيويان بالنسبة إلينا. وعلى الضباط الذين حضروا اليوم أن يحافظوا على هدوئهم وضبط النفس».

موقع «راديو فردا»

احتجاجات في عدد من المدن الإيرانية على الأوضاع المعيشية والرواتب المتدنية

تزامنًا مع مواصلة احتجاجات شعار «المرأة، الحياة، الحرية» في إيران، تتواصل احتجاجات مختلف الجماعات في إيران على الأوضاع المعيشية السيئة مع انخفاض قيمة العملة الوطنية. وشهد عدد من المدن الإيرانية من طهران إلى الأحواز وأراك (الأربعاء 22 فبراير) احتجاجات وتجمعات بهذا الصدد. وأعلنت اللجنة التنسيقية لدعم إيجاد تنظيمات عمالية، الأربعاء، أن «مجموعة من المتقاعدين والمشمولين بالتأمين الاجتماعي في الأحواز أقامت وقفة احتجاجية أمام مبنى التأمين الاجتماعي احتجاجًا على الأوضاع المعيشية وتدني الرواتب وعدم تحقيق بقية مطالبهم».

وتزامنًا مع ذلك نشر مركز المدافعين عن حقوق العمال فيديو عبر «تويتر» لاحتجاجات المعلمين المتقاعدين في طهران وهم يطالبون بالمطالب ذاتها. وأعلنت نقابة معلمي فارس أيضًا أن «مديرية التربية والتعليم منعت المعلمين من دخول المديرية في أعقاب تجمع المعلمين في محافظة فارس، الأربعاء».

وورد يوم الأربعاء بعض الأخبار من مدينة أراك تفيد بتنفيذ إضراب من قبل التجار، لكن ليس بمقدور «راديو فردا» تأكيد هذه الأخبار بشكل مستقل، لكن الفيديوهات التي جرى نشرها في مواقع التواصل الاجتماعي تؤكد أن عددًا كبيرًا من المتاجر قد أغلقت أبوابها.

«راديو فردا»

عالم اقتصاد يحذر: إيران لن تبقى إذا لم يحدّث النظام هياكله

انتقد أستاذ الاقتصاد بجامعة العلامة طبطبائي في طهران فرشاد مؤمني السياسات الاقتصادية والاجتماعية الأكثر تخريبًا للنظام الإيراني في العقود الثلاثة الماضية، كما حذر من أنه إذا «لم يوافق النظام على تحديث جوهري للهيكل المؤسسي فلن تبقى إيران». وأوضح أن «ثلث مائدة الناس قد دُمِّر»، وأعلن عن زيادة عدد السكان تحت خط الفقر في إيران، وقال إنّ «ما لا يقل عن 25 مليونًا و500 ألف شخص في إيران دُفعوا إلى ما تحت خط الفقر في عام 2021م بسبب سياسات النظام». واعتبر أن نظام الضمان الاجتماعي يُعتبر أحد مراكز الأزمات في إيران، وقال: «إننا نتجه نحو إفلاس مؤسسات التأمين بسرعة غير تقليدية». كما اعتبر أستاذ الاقتصاد الإيراني الشهير أن «تراجع جودة التعليم في مجال التعليم الأساسي له أبعاد كارثية»، وقال: «إنّ نحو 30% من سكان البلاد الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا يفتقرون أساسًا إلى التعليم الثانوي، ونحو 56% من السكان يفتقرون إلى التعليم المتوسط كاملًا».

وقال مخاطبًا المسؤولين الحكوميين: «يمكنكم إخفاء هذه المعلومات بأعمال درامية، ولكن آثارها ستؤثر في البلاد». وفي الأشهر الأخيرة وفي نفس الوقت الذي ساءت فيه أوضاع البلاد في جميع المجالات، حذر مزيد من المتخصصين والخبراء من الوضع القائم.

موقع «صوت أمريكا»

المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
إدارة التحرير