يُدرك الإصلاحيون الإيرانيون بألم تضاؤل أهمّيتهم بصورة متزايدة في البلاد، إذ لم يتعافَ المعسكر الإصلاحي بعد من الانتخابات الرئاسية لعام 2013م، حين انسحب لضمان فوز المرشَّح المعتدل حسن روحاني بالرئاسة، لكن الآن يُريد الإصلاحيون الانفصال عن روحاني؛ للفوز بالسباق الرئاسي المقبل في يونيو 2021م.
ويبدو أنَّ الإصلاحيين منشغلون بالطريقة الأمثل لفصل أنفُسهم عن سجلّ روحاني «الفاشل» في الرئاسة، ويناقشون ما إذا كانوا سيحمِّلون جزءًا من المسؤولية لبعض إخفاقات روحاني، أم لا؛ ومع ذلك، فإنَّه لا شكَّ لديهم في أنَّ روحاني فشل في الدفاع عن الحرِّية وتعزيز الشفافية، ولم ينجح في إلغاء الإقامة الجبرية المفروضة على العديد من قادة الحركة الخضراء، مثل مهدي كروبي ومير حسين موسوي.
وقال قائد الحزب الإصلاحي «نداي إيرانيان» (صوت الإيرانيين)، صادق خرازي إنَّ على معسكره أن يطلب العفو لدعمهم رئيس إيران «المؤجَّر»، إذ كان المقصود من تصريحاته اللاذعة تذكير معسكر الإصلاحيين بقرارهم المؤلم لدعم روحاني، وحثّهم ألّا يدعموا أيّ مرشَّح معتدل في الانتخابات الرئاسية المقبلة. في المقابل، وصَف مستشارو روحاني خرازي بالمخادع، الذي يسعى فقط لبناء قاعدته الشعبية بدلوهِ بتصريحاتٍ مثيرةٍ للجدل، حتّى أنَّه اتّهم حكومة روحاني المعروفة بـــــ «الحكمة والأمل» بخذلان الشعب، عندما أحاطوا روحاني بحاشية من المسؤولين لحمايته من الانتقادات الخارجية.
وحتّى أنَّ خرازي والإصلاحيين الذين يشاطرونه الرأي، أنشأوا هيئة جديدة لترويج المرشَّحين الإصلاحيين في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لكن في بداية الأمر لم يطلقوا اسمًا للهيئة؛ نظرًا للمعارك الداخلية التي ستواجهُ الإصلاحيين في حال إعادة هيكلتهم.
وفي النهاية، سُمِّيت الهيئة باسم «هيئة الإجماع»، إلّا أنَّ جيل الشباب من الإصلاحيين قالوا إنَّهم استُثنُوا منها؛ لذلك أُعيدت تسميتها بـــــــ «الواجهة الإصلاحية الإيرانية»، وتتكوَّن الهيئة من 46 عضوًا إصلاحيًا رسميًا، ومُناطة بمساعدة الإصلاحيين المرشَّحين لخوض انتخابات الرئاسة.
ويعي الإصلاحيون أنَّهم بحاجة إلى سياساتٍ توفِّر لهم الزخم في الانتخابات بقوَّة، لا سيما أنَّ أجندتهم للسياسة الخارجية غير واضحة، لا سيما تلك المتعلِّقة بمعالجة الملفّات الحسّاسة، مثل العلاقات الإيرانية – الأمريكية؛ فهم يتّبعون المواقف السياسية الخارجية الموجودة حاليًا على الساحة، بما فيها الآراء القائلة إنَّ إدارة بايدن تقدِّم فرصةً لإيران إذا فتحت قنواتها الدبلوماسية، لكنَّها تشكِّل تهديدًا إذا أصرَّت على احتواء إيران.
ويُعَدُّ محمد رضى عارف الإصلاحي الذي يترأس تكتُّل «أميد» (الأمل) في البرلمان الأخير، هو الإصلاحي الوحيد الذي حاول أن يصوغ أجندته السياسة الخارجية، ومع ذلك ليس هناك جديد فيما قاله؛ فهو يدعو لأن تنخرط البلاد مع العالم. وعلى نفس المنوال، يرى التجمُّع النسائي للحملة الإصلاحية، أنَّ وضع البلاد سيكون أفضل، إذا ما التزم رئيسها المقبل بدعم السلام، والدخول في حوارات مع العالم.
وهناك مشكلة أُخرى تواجه الإصلاحيين، وهي أنَّ قاعدة دعمهم تقلَّصت إلى 10% من الناخبين الإيرانيين، إذ أنَّ عددًا من الشخصيات المعتدلة قد ينتهي بهم المطاف بالانضمام لمعسكر الإصلاحيين، لكن على شكل تحالفٍ غير رسمي لغرض الانتخابات الرئاسية المقبلة. وهؤلاء المعتدلون كُلّهم مرتبطون بمعسكر الرئيس روحاني «المعتدل»، بمن فيهم محسن هاشمي (نجل الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني)، وإسحاق جهانجيري (نائب الرئيس روحاني)، ومحمد جواد ظريف (وزير الخارجية الإيراني الحالي). ويصرّ المعتدلون بأنَّهم لن يسحبوا مرشَّحيهم، وبالتالي سيجبرون الإصلاحيين على دعمهم. وللفوز على مصوِّتي الإصلاحيين، عقد المعتدلون لقاءات مع قائد الحركة الخضراء مهدي كروبي، لإيضاح أنَّ تجربتهم في الحكومة كانت مهمَّة جدًّا لضمان مستقبلِ ديمقراطيةِ إيران.
ويحثّ عارف الإصلاحيين على توحيد صفوفهم لكسب الأصوات، وللوصول للمصوِّتين على الإصلاحيين اتّباعُ خمسة أساليب للتفوُّق على المعتدلين، وهذه الأساليب تضمن التالي: انتقاد الرئيس روحاني لفشل حكومته، ووصفه بالمحافظ والرجل الماكر الذي يقترب من الإصلاحيين للفوز بالانتخابات الرئاسية، ونعت روحاني بالرجل المغرور الذي يرفض الإصلاحات ويستحقّ ازدراء الإصلاحيين له.
وإذا أراد الإصلاحيون الحصول على فرصة للفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة، فإنّهم بحاجة إلى مرشَّح قوي، وإستراتيجية واضحة، إلّا أنَّهم حتّى الآن ليس لديهم أيًّا منهما. علاوةً على ذلك، فإنَّ فُرصهم ضئيلة، لا سيما أنَّ تمثيلهم وحضورهم في المؤسَّسات والهيئات الإيرانية الأساسية بالكاد يُرى.. هذه الحقائق، تجعل فوز الإصلاحيين في سباق الانتخابات الرئاسية المقبلة، أملًا واهنًا للغاية.