الانتخابات العراقية 2025م.. تأثير العوامل الخارجية فـي هندسة الحكومة الجديدة

https://rasanah-iiis.org/?p=38389

تكتسب الانتخابات البرلمانية العراقية السادسة (انتخابات 2025م) أهمِّية استثنائية خاصَّة، ليس فقط على الصعيد العراقي، بل ضمن سياق إقليمي شديد الاضطراب والاحتدام يشهد تفاقمًا في الصراعات الجيوسياسية، التي قد لا يكون العراق بالطبع بمنأى عنها، لا سيّما في ظل تشابُك مصالح الأطراف الخارجية في الداخل العراقي؛ الأمر الذي يجعل الانتخابات السادسة مقارنةً بالانتخابات السابقة أكثر من مجرَّد استحقاق دستوري دوري يتِم تجاوُز نتائجه لصالح آلية توافقية على شخصية رئيس الحكومة الجديد، بل استحقاق مفصلي واستثنائي حاسم لفرز مواقف سياسية، قد تحدِّد شكل تموضُع العراق في ملفات إقليمية حسّاسة على ضوء التحوُّلات الإقليمية، خصوصًا فيما يتعلَّق بالميليشيات، التي ترتبط بمحاور خارجية في لبنان واليمن وفلسطين، وذلك وسط مخاوف إيرانية من تحوُّلٍ استراتيجي يغيِّر هويَّة العراق وتوجُّهاته، لا سيّما أنَّ العراق يُعتبَر ثالثة الأثافي في الحفاظ على ما تبقَّى من المشروع الجيوسياسي الإقليمي.

تنظُر كافَّة الأطراف الداخلية والخارجية للانتخابات العراقية السادسة، على أنَّها انتخابات استثنائية وحاسمة ومصيرية، باعتبارها اختبار حقيقي على من يستطيع السيطرة على حُكم العراق خلال مرحلة ما بعد 2025م، خصوصًا في ظل توافُر فرصة تاريخية -ورُبَّما يصعب تكرارها- لرسم معادلة عراقية جديدة خلال المرحلة المقبلة، وفي ظل التحوُّلات الكبيرة في السياسة والتوجُّهات الأمريكية تجاه العراق في عهد الرئيس دونالد ترامب، حيث تكثِّف إدارته الضغوط على العراق لتحريره من إيران وسطوة ميليشياتها كهدفٍ تالي في الاستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية، بعد الإجهاز على خط النار الإيراني في لبنان وسوريا، وتسعى بطُرُقٍ متعدِّدة لعرقلة تدخُّل إيران في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، ورُبَّما المساهمة في صياغة هويَّة عراقية جديدة تؤدِّي إلى انضمامه لمحورٍ إقليمي جديد بعيدًا عن إيران، أو تبنِّى نهْج التوازن الحقيقي على أقلّ تقدير.

انطلاقًا من أهمِّية الانتخابات وتأثير نتائجها على التوازنات، سواءً في الداخل العراقي أو في توازنات القُوى الشرق أوسطية من واقع توجُّهات الكُتلة الأكبر المرتقبة في البرلمان العراقي الجديد، التي ستقوم بتسمية أعلى منصب تنفيذي، حيث يُقاس كل تحوُّل في العراق بمدى انعكاسه على ميزان الصراع الأمريكي-الإيراني في المنطقة، وإمكانية إدارة التوازن ضمن ذلك الصراع القابل للانفجار في أية لحظة، تتعدَّد التساؤلات: ما الفرص التي يمكن أن توفِّرها الانتخابات للتغيير في العراق من حيث الهويَّة والتوجُّهات؟ وكيف أثَّرت البيئة الانتخابية على المشهد الانتخابي؟ وما الملامح الرئيسية للخريطة الانتخابية للعام 2025م؟ وما دلالات نتائج الانتخابات على ضوء حِصَص التحالفات؟ وما تداعيات ذلك على مستقبل الدور الإيراني في العراق؟ وما أبرز الخيارات الإيرانية تجاه العملية السياسية المقبلة في العراق لمواجهة الضغوط الأمريكية؟

أولًا: إيران وملامح البيئة الانتخابية السادسة

لكُلِّ دوره برلمانية بيئة انتخابية تلقي بظلالها على تحدِّيد اتّجاهات بوصلة الاصطفافات الانتخابية، وعلى مُخرَجات العملية الانتخابية برُمّتها. وحال النظر للبيئة الانتخابية السادسة، تجِد أنَّها أُجرِيَت في توقيت وبيئة مغايرة -إلى حدٍّ كبير- عن البيئات الانتخابات السابقة: حيث الأولى؛ أُجرِيَت 2005م، في ظل مرحلة يعاني فيها العراق من تداعيات الغزو الأمريكي، وبداية التدخُّل الإيراني لرسم ملامح الهويَّة العراقية وتكريس الطائفية وتوطيد أركان النظام الشيعي، والثانية؛ انعقدت 2010م، بينما تعاظَمَ الدور الإيراني بتأسيس الأذرُع العسكرية، والثالثة؛ تمَّت عام 2014م، بينما استثمرت إيران في الانسحاب الأمريكي من العراق، واندلاع ما يُسمَّى بالاحتجاجات الشعبية العربية لتعزيز نفوذها بالعراق.

انعقدت الرابعة 2018م؛ بعد عامين من وصول دورة التمدُّد الإيراني إلى مرحلة دمْج التشيُّع بإقرار البرلمان قانون هيئة الحشد الشعبي([1])،  والخامسة؛ أُنجِزت 2021م، بينما تواجه إيران تحدِّيات في العراق على خلفية اندلاع ما يُسمَّى بالاحتجاجات التشرينية 2019م ضدّ التدخُّلات الإيرانية ([2])، وتوجيه واشنطن أول وأكبر ضربة للمشروع الإيراني باغتيال مهندس المشروع وعقله المدبِّر قاسم سليماني عام 2020م. ولكن ظلَّ عدم الاستقرار والتوسُّع الجيوسياسي الإيراني على المستويين العراقي والإقليمي يشكِّل ملامح رئيسية تجمع البيئات الانتخابية السابقة للعراق، خلال مرحلة ما بعد الغزو الأمريكي.

تجرى الانتخابات الراهنة، في ظل ظروف إقليمية تعرَّضت خلالها إيران وميليشياتها لضربات قوية، وظروف دولية أبرزها عودة الولايات المتحدة لممارسة دورٍ فاعِل في العراق وسوريا ولبنان، ويُتوقَّع أن تلقي بظلالها على حِصَص التحالفات الشيعية، وعلى تشكيل الحكومة الجديدة، من أبرزها:

1. التحوُّلات في البيئة الخارجية

مقارنةً ببيئات الانتخابات السابقة، يُعَدُّ العامل الخارجي الأكبر والأكثر تأثيرًا على بيئة الانتخابات السادسة؛ لأنَّه أدخل الراعي الإيراني للهويَّة السائدة للعراق في مأزقٍ تاريخي، وعزَّز من الضغط الأمريكي لتغييرها، ووفَّر فرصةً للتحالفات للعِب دور أكبر في ترسيم المرحلة المقبلة، كالتالي:

أ. مأزق النظام في إيران وتأثيراته

لأول مرَّة منذ العام 2005م، تجرى انتخابات برلمانية عراقية بينما يتراجع تأثير العامل الإيراني بشكلٍ واضح، حيث يقِف النظام الإيراني، الذي هندَسَ مرحلة ما بعد صدّام حسين، أمام لحظة فارقة من عُمره يمُرّ خلالها بأخطر مأزق في تاريخه، بتلقِّيه ضربات استهدفت مراكز ثقله (*)، وتفكُّك ما أسماه بـ«محور المقاومة»، الذي يمثِّل رافعة المشروع الجيوسياسي الإيراني. ورسمت هذه التطوُّرات ملامح مرحلة إقليمية جديدة رضخت خلالها إيران لمعادلة ردع جديدة أبقتها في حاله دفاعية؛ الأمر الذي يحِدّ من قُدرة إيران على الاستمرارية في تأمين الحُكم الشيعي في العراق، ويضع التحالفات الشيعية أمام أصعب اختبار في مرحلة ما بعد صدّام، ويخلق مساحة -مع بقية المتغيُّرات -أمام التحالفات العابرة للطائفية لتعزيز حظوظها الانتخابية.

لكن من ناحية ثانية، لا يمكن تجاهُل ما كشفته وسائل التواصل الاجتماعي، من تعاطفٍ كبير من الشرائح الشيعية في المحافظات الجنوبية مع إيران؛ نتيجة تلقِّيها ضربات إسرائيلية أمريكية عقابًا لها على دورها ودور ميليشياتها في إسناد جبهة غزة، ومدى تأثير ذلك على مزاج الناخب العراقي تجاه التحالفات الشيعية عامَّة والتحالفات ذات الخلفية العسكرية خاصَّة.

ب. تداعيات مرحلة ما بعد «7 أكتوبر»

العراق من بين الدول، التي شاركت منها بعض الميليشيات المسلَّحة ضمن الحرب المتفجِّرة في غزة ضمن ما يُسمَّى بوحدة الساحات بذريعة الدفاع عن الفلسطينيين في غزة، وتوقَّفت استهدافات الميليشيات منذ تولِّي ترامب مقاليد الحُكم مطلع العام 2025م، ورُبَّما كان للعمليات الإسرائيلية الغاشمة بحقِّ الفلسطينيين تأثيرًا على المزاج العام للناخبين في تصويتهم.

ج. صعود الدور التركي في العراق

تنعقد الانتخابات بينما يصعد الدور التركي في العراق، حيث كان المشروع الإيراني يشكِّل أبرز تحدِّي أمام تركيا في العراق وخارجه. ويُعَدُّ توقيع الطرفين التركي والعراقي مطلع نوفمبر 2025م، على «وثيقة آلية تمويل المشاريع بخصوص اتفاقية التعاون الإطارية في مجال المياه»، بمثابة اختراق تركي جديد في ملف تقاسُم المياه العالِق مع العراق، حيث يُتيح الاتفاق لأنقرة تنظيم وإدارة الموارد المائية في العراق، بل وتنفيذ مشاريع مائية في العراق يرتكز تمويلها على مبيعات النفط العراقي مقابل تدفُّق المياه للعراق، وسط مخاوف شعبية عراقية من تعميق الارتهان الاقتصادي والمائي لأنقرة وفق مبدأ «النفط مقابل المياه»، وتقويض حقوق العراق المائية التاريخية، وبالتالي تعزيز النفوذ التركي بالعراق، الذي رُبَّما قدَّرت حكومته ضرورة تحقيق التوازن عبر موازِن إقليمي قوي بحجم تركيا يحِدّ من سطوة النفوذ الإيراني الضاغط على توجُّهات الحكومة، ويسهم في هندسة المرحلة المقبلة لغير صالح إيران.

وزيادة دائرة الساخطين من الدور التركي -كما اتّضح من مواقع التواصل الاجتماعي- في ملف المياه، من شأنه النيل من حظوظ التحالفات المدعومة من تركيا، مثل تحالف السيادة.

د. الضغوط الأمريكية على العراق

يوازي محدودية التأثير الإيراني على الانتخابات، كثافة الضغوط الأمريكية لحل «الحشد الشعبي»، واستلام الدولة العراقية للسلاح المنفلِت، وقد تبلورت الضغوط الأمريكية فيما يلي:

تعيين مبعوث خاص للعراق (مارك سافايا): أشار المحلِّلون إلى أنَّ سافيا بمثابة حاكم أمريكي جديد للعراق، ووُصِف التصريح الأول له «أريد أن أجعل العراق عظيمًا من جديد» بالوصائي؛ ما أثار غضب العراقيين. ورُبَّما فضَّل ترامب التعامل مباشرةً مع بغداد بعيدًا عن القنوات التقليدية الدبلوماسية التقليدية، أمّا المبعوث سيكون له صلاحية التحرُّك على كافَّة المستويات. كذلك سبَقَ أن تمكَّنت وساطته في عقْد صفقة ناجحة مع الميليشيات في العراق؛ للإفراج عن صديقته الباحثة الروسية-الإسرائيلية إليزابيث تسوركوف، لكونه عراقي الأصل وعلى اطّلاع كافٍ بالحالة العراقية، ويمتلك شبكة علاقات واسعة مع الرموز العراقية. أمّا كونه تاجر «ماريجوانا»، رُبَّما يتماشى وعقلية ترامب في الخروج عن المألوف، وإيمانه بالقنوات البراغماتية السريعة وبالعقول التجارية في هندسة الصفقات، وبالتالي يمكن أن يلعب سفايا دورًا بارزًا في هندسة المعادلة العراقية المقبلة. ويكلِّف الرئيس ترامب مبعوثه سفايا، الذي كان أحد أبرز أقطاب مموِّلي حملته الانتخابية في ولاية ميتشجان، التي لعِبَت دورًا مؤثِّرا في حْسم الولاية المتأرجِحة لصالحه، بمهام: إنهاء ملف الميليشيات من العراق كأولوية أولى، هندسة الحكومة العراقية الجديدة، لا سيّما الوزارات السيادية: المالية والنفط والداخلية والدفاع ومحافظ البنك المركزي ([3])، وهندسة تعزيز العلاقات الاقتصادية الأمريكية-العراقية.

التمسُّك الأمريكي بإنهاء ملف الميليشيات: إنهاء ملف السلاح المنفلِت وإعادة رسْم حدود العلاقة بين العراق وإيران، يُعَدُّ توجُّهًا أمريكيًا استراتيجيًا في عهْد ترامب، فبعد سنوات من الاكتفاء بالعقوبات الفردية ضدّ قادة الميليشيات، أدرجت وزارة الخارجية الأمريكية في سبتمبر 2025م، أربع فصائل على قوائم الإرهاب (*). كذلك فرضت عقوبات على البنية التحتية الاقتصادية، التي تموِّل أنشطة الميليشيات، مثل شركة المهندس الذراع الاقتصادي لـ«الحشد»، وبعض المصرفيين البارزين، بينهم رجل الأعمال علي غلام؛ المتَّهَم بتهريب نفط وغسيل أموال عبر مصارف عراقية لصالح إيران.

مشروع قانون تحرير العراق من إيران: أعدَّ نوّاب أمريكيون مشروع قانون(*)، يطالبون فيه بإعداد استراتيجية تنفيذية لتحرير العراق من إيران بعد سوريا ولبنان عبر حلّ «الحشد الشعبي» والميليشيات المنفلِتة، وفرْض عقوبات ضدّ الشخصيات السياسية والعسكرية والقضائية الموالية لإيران، والكشف عن الجرائم التي ترتكبها الميليشيات بحقِّ العراقيين المناهضين لإيران، والتزام العراق بعدم استيراد الغاز من إيران([4]). ويُبرِز مشروع القانون، إدراك إدارة ترامب للمنطق الميليشياوي السائد بالعراق.

وعلى الرغم من أنَّها ضغوط تُسهِم في خلْق المساحة أمام تحالفات غير شيعية لحصد المقاعد البرلمانية، غير أنَّها من ناحية ثانية خلقت تعاطفًا مع التحالفات الشيعية المناهِضة للأهداف الأمريكية والإسرائيلية، وتجُدر الإشارة إلى أنَّ من بين أحد الميليشيات، التي فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات قبل الانتخابات، «جُند الإمام»، إذ أقدمت على المشاركة في الانتخابات بـ«تحالف خدمات».

2. التغيُّرات في البيئة الداخلية

أحدثت التحوُّلات في البيئة الخارجية تغييرات في البيئة الداخلية، ستلقي بظلالها على مستقبل التحالفات في الانتخابات، من بينها:

أ. تفكُّك «الإطار التنسيقي» إلى أجنحة متصارِعة

الإطار التنسيقي(*)، الذي يشكِّل الذراع الأقوى لإيران في العراق، يشهد صراعًا محمومًا بين أطرافه حول الولاية الثانية للسوداني، والزعامة وإدارة المرحلة المقبلة، ومستقبل «الحشد الشعبي»، وقيادة فالح الفيّاض لـ«الحشد»، والعلاقة مع الإدارة الأمريكية، وذلك بعد أنَّ تفكَّك إلى أجنحة متصارِعة. وتؤكِّد ذلك الانقسام ثلاثة أمور رئيسية: الأول؛ مرور إيران بمرحلة ضعْفٍ شديدة للغاية لدرجة عدم القُدرة على ضبْط إيقاع الإطاريين والحفاظ على وحدتهم، الثاني؛ يرتبط بالأول، حيث تعدَّدت الرؤوس الشيعية الراغبة في تبوُّء موقع الزعامة واستغلال الفراغ الناجم عن الغياب الإيراني، الثالث؛ ضغوط أمريكية شديدة عزَّزت الخلافات بين قُوى «الإطار»، وأوجدت مساحةً أمام التحالفات الراغبة في ممارسة دور متوازِن. وقد تفكَّك الإطار إلى عدَّة أجنحة: جناح السوداني-الفياض، جناح المالكي، جناح الخزعلي، جناح العامري، جناح العسكري. لكن تدور المعركة الشرسة بين جناحي: السوداني والمالكي، وبينهما تتأرجح بقية الأجنحة تأييدًا ومعارضة، حسب نفوذها وتوجُّهاتها، وذلك كالتالي:

  • الأول.. جناح السوداني-الفياض: جناح سياسي يرى أولوية تبنِّي نهْجٍ مرِن ومتوازِن يتعاطى مع المستجدّات والتطوُّرات الإقليمية، والأكثر صراعًا مع جناح رئيس الحكومة الأسبق زعيم تحالف دولة القانون نوري المالكي، ويضُمّ رئيس الحكومة محمد شيّاع السوداني، ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفيّاض، ووزير العمل أحمد الأسدي. ويدعمه زعيم تيّار الحكمة الوطني عمّار الحكيم، وزعيم منظَّمة بدر هادي العامري، ويتمسَّك هذا الجناح بترشيح السوداني لولاية ثانية، واستمرارية الفيّاض لرئاسة «الحشد».
  • الثاني.. جناح المالكي: جناح سياسي تقليدي يتمسَّك بدولة الميليشيات، ويرفض التعاطي مع القضايا العراقية على ضوء التطوُّرات الإقليمية، ويقوده تحالف دولة القانون بزعامة المالكي، ويرفض استمرارية الفيّاض لرئاسة «الحشد»، ويؤيِّد دولة الميليشيات، ويقِف ضدّ التجديد للسوداني لولاية ثانية، نتيجة قفْز السوداني من المركب الإيراني بحثًا عن المصالح العراقية أولًا.

وعلى الرغم من تفكُّك «الإطار»؛ تظَلّ هناك فرصة لإعادة تكتُّل أطرافه بعد نتائج الانتخابات، لا سيّما أنَّ التجارب التاريخية تُشير إلى أنَّ القُوى الشيعية عادةً ما تعتمد تكتيك التفكُّك قبل الانتخابات بهدف جمع أكبر عدد من المقاعد، لتعود من جديد لتكوين التكتُّل الأكبر.

ب. مقاطعة قُوى شيعية وازِنة للانتخابات

لأول مرَّة في مرحلة ما بعد صدّام، تجرى الانتخابات دون التيّار الصدري، حيث أعلن زعيمه مقتدى الصدر مقاطعته للانتخابات؛ بسبب مشاركة ما وصفهم بـ«الفاسدين»، ولحِقَه في المقاطعة ائتلاف النصر بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي. وقد اشترط الصدر لانخراطه في الانتخابات القبول بقاعدة «المُجرَّب لا يُجرَّب»، من خلال الإطاحة بالطبقة السياسية الحالية وتسليم السلاح المنفلِت للدولة، وتقوية الجيش والشرطة، وضمان استقلال العراق وعدم تبعيته، والسعي الجاد نحو الإصلاح ومحاسبة الفاسدين ([5])

انقسم المحلِّلون حول مدى تأثير مقاطعة الصدر على نسبة المشاركة لاتّجاهين، يفتحا باب التكهُّنات حول مستقبل العملية السياسية القادمة على مصراعيه: الأول؛ يرى أنَّ مقاطعة الصدر توفِّر فرصةً تاريخية للخصوم للحصول على مقاعد أكثر أُسوةً بسيناريو ما بعد الدورة الخامسة. الثاني؛ يرى أنَّ الصدر يتحيَّن الفرصة الملائمة للعودة للمشهد. وتُفيد تصريحاته أنَّ الفرصة ستأتي حال ضعْف المنظومة المليشياوية، سواءً من خلال اتّساع شريحة الناقمين في الداخل والطامحين في الخارج للإطاحة بالمنطق الميليشياوي السائد بالعراق، أو عبر حشْد وتعبئة الشارع من جديد تحت شعارات الإصلاح.

في المقابل، حسَمَ المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني الجدل حول شرعية المشاركة في الانتخابات، بقوله: «حسب قناعة المواطن، فإن وجَدَ أنَّ المشاركة أوفق بمصلحة العراق، فليشارك بانتخاب المرشَّح الصالح والأمين»([6]). وذلك على خلفية ترويج بعض رجال دين شيعة مقرَّبين من المالكي لفكرة أنَّ المشاركة واجب ديني، والامتناع عنها يدخل في مجال الذنوب الشرعية، وبذلك تكون المرجعية قد منحت الضوء الأخضر للمقاطعين، لكنَّها أقرب أيضًا إلى موقف الصدر بربطها المشاركة بالتصويت للصالح الأمين.

لكن على كل حال، مسألة المقاطعة عادةً ما تصُبّ في صالح التحالفات الموالية لإيران، كما حدَثَ بعدما انسحب نوّاب الصدر من البرلمان 2021م، إذ تحوَّلت التحالفات الموالية لإيران إلى صاحبة التكتُّل الأكبر، واستفادت في تمرير المشاريع المُؤدلَجة في البرلمان، فالمقاطعة خطأ استراتيجي صدري إضافي.

ج. ممارسة العنف والاغتيالات ضدّ السُنَّة

مع قُرب انعقاد الانتخابات، تعرَّض اثنين من المرشَّحين السُنَّة لعمليات اغتيال في أكتوبر 2025م: الأولى؛ ناجحة بحقِّ عضو مجلس محافظة بغداد صفاء المشهداني، الذي تمَّت تصفيته. الثانية؛ فاشلة بحقِّ عضو مجلس محافظة بغداد أيضًا مثنَّى العزّاوي بقضاء اليوسفية، بعد ثلاثة أيام فقط من اغتيال المشهداني. تنتشر الميليشيات في القضائين الواقعين ضمن حزام بغداد ذو الأغلبية السُنِّية، ويخشى صقور الشيعة من صعود فئة جديدة من الشباب السُنِّي صوتها عالٍ ضدّ الفساد والسلاح المنفلِت. ولا يمكن تجاهُل أنَّ المشهداني لعِبَ دورًا بارزًا في استصدار قرار من مجلس محافظة بغداد، لاسترداد كافَّة الأراضي المُستولَى عليها بشكٍل مخالف للقانون ([7])، وهذا الملف من المحرَّمات بالنسبة للميليشيات، التي تسيطر على أراضٍ في حزام بغداد. كما أنَّ العزّاوي الصديق المقرَّب للمشهداني، معني بملف: الحوكمة الإلكترونية لتحويل إدارات محافظة بغداد إلى إدارات ذكية؛ ما من شأنه محاربة الفساد والفاسدين، وهو يتعارض مع دولة الميليشيات.

ثانيًا: خارطة التحالفات السياسية والانتخابية

على ضوء المتغيُّرات السابقة تدافعت وتنافست التحالفات -31 تحالفًا كبيرًا و38 حزبًت و75 قائمة منفردة- بشكلٍ غير مسبوق مقارنة بالانتخابات الخمسة السابقة، على حصْد عدد المقاعد الأكبر من بين 329 مقعدًا. لذلك، ارتفع عدد المرشَّحين إلى 7743 مرشَّحًا (5496 من الذكور و2247 من النساء) (انظر جدول رقم 1)، بينهم عدد كبير من وزراء السوداني ووزراء سابقين، ورؤساء برلمان سابقين مثل محمود المشهداني، ونحو 250 نائبًا من نوّاب من البرلمان الخامس، بالإضافة إلى عشرات النوّاب السابقين. وتُشير التقارير الإعلامية العراقية، إلى أنَّه من بين رهانات التحالفات في انتخابات 2025م: تغيير الوجوه القديمة باختيار مرشَّحين جُدُد مقبولين شعبيًا؛ ما لعِبَ دورًا رئيسيًا في تعزيز حظوظهم الانتخابية مقابل تراجُع حظوظ الوجوه القديمة.

جدول رقم(1): انتخابات 2025: مقارنة بالأرقام مع انتخابات 2021م

المصدر: إعداد مركز البحوث والدراسات، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، نوفمبر 2025م

* ملحوظة البطاقة البايومترية، هي البطاقة المُميكَنة بالبصمة غير العادية الورقية لمنع التزوير.

يتوزَّع الشيعة في المحافظات الجنوبية: النجف وكربلاء وذي قار والبصرة وبابل وواسط والقادسية وميسان والمثنَّى، بينما يتمركز السُنَّة بما فيهم الأكراد شمال وغرب بغداد في الأنبار والسليمانية ونينوى وديالي وأربيل وصلاح الدين وكركوك ودهوك، وتجمَعَ بغداد خليطًا من المكوِّنين الشيعي والسُنِّي.

وفيما يلي أبرز التحالفات المتنافسة على الكُتلة الأكبر في برلمان 2025-2029م:

1. التحالفات الشيعية

مقارنةً بالدورات السابقة، تشهد الدروة السادسة تعدُّدًا في الرؤوس الشيعية، وتنافسًا بين التحالفات ذات الخلفية السياسية والعسكرية لأول مرَّة منذ 2005م. ففي الدورات السابقة، كانت الرؤوس التقليدية هي البارزة فقط، كما كانت التحالفات ذات الخلفية العسكرية تنضمّ تحت لواء التحالفات ذات الخلفية السياسية؛ ما من شأنه تعقيد مهمَّة اختيار رئيس الوزراء المقبل.. وفيما يلي أبرز التحالفات الشيعية (انظر الجدول رقم 2):

جدول رقم (٢): قائمة بأبرز التحالفات الشيعية

المصدر: إعداد مركز البحوث والدراسات، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، نوفمبر 2025م

أ. تحالفات ذات خلفية سياسية

(1) ائتلاف الإعمار والتنمية: تحالف جديد أسَّسه السوداني في مايو 2025م، من مجموعة من القُوى السياسية البارزة (انظر الجدول رقم 3)، للمشاركة في الانتخابات والحصول عدد مقاعد برلمانية تمكِّنه من تسميته لولاية ثانية، ولجأ السوداني إلى تشكيله؛ نتيجة خلافاته مع قادة «الإطار التنسيقي» على عدَّة قضايا، منها الولاية الثانية للسوداني والتجديد للفيّاض ومستقبل «الحشد الشعبي» والسلاح المنفلِت. ويربط المحلِّلون قرار السوداني المنفرد برغبته في التحلُّل من القيود، التي فرضها عليه «الإطاريون» خلال فترة حكمه، وإدراكه فرصة تاريخية مُتاحة خلَّفتها تداعيات التحوُّلات الإقليمية، تمكِّنه من الاستمرارية في رئاسة الحكومة (*)، علاوةً على رغبة السوداني في امتلاك كُتلة نيابية، تمنحه ظهيرًا برلمانيًا يمكِّنه من تنفيذ منهاجه -حال تسميته لولاية ثانية- أو تجعله قادرًا على تعطيل مشاريع لا تخدم منهاجه، حيث كان السوداني طوال فترة حُكمه تحت رحمة «الإطاريين».

الجدول رقم (3): قُوى ائتلاف الإعمار والتنمية

المصدر: إعداد مركز البحوث والدراسات، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، اكتوبر 2025م

(2) ائتلاف دولة القانون: الخصم لتحالف الإعمار والتنمية، ويرأسه رئيس الوزراء الأسبق الحليف التقليدي لإيران نوري المالكي، ويتكوَّن من 14 قوَّةً سياسية ذات قاعدة عشائرية وشعبية ونيابية (انظر الجدول رقم 4). ويتّسِم خطابه بالطابع الطائفي، ويسعى لاستمرارية المنطق الميليشياوي السائد بالعراق (دولة الميليشيات)، وإقصاء السوداني والحيلولة دون حصوله على ولاية جديدة مقابل طرح المالكي كمرشَّح لولاية ثالثة.

الجدول رقم (4): قُوى ائتلاف دولة القانون

المصدر: إعداد مركز البحوث والدراسات، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، نوفمبر 2025م

 (3) قُوى الدولة الوطنية: يصفه المراقبون على أنَّه تحالف إصلاحي في بنيته معتدل في توجُّهاته وخطاباته، ويقوده رئيس تيّار الحكمة الوطني عمار الحكيم. وعلى خلاف بقية التحالفات، لا يطمح الحكيم في رئاسة الوزراء؛ ما يجعله أقلّ تنافسًا وصراعًا مع بقية التحالفات الشيعية. وبشكلٍ عام، يُعَدُّ الحكيم شخصيةً مقرَّبة من السوداني، بل وداعم له بشكلٍ قوي، ويضُمّ 7 قُوى سياسية (انظر الجدول رقم 5)، تحتوي على قيادات وزارية وسياسية لها وزنها وتأثيرها في البيت الشيعي.

الجدول رقم (5): قُوى الدولة الوطنية

المصدر: إعداد مركز البحوث والدراسات، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، نوفمبر 2025م

 (4) ائتلاف الأساس العراقي:تحالف تكتيكي تأسَّس في أغسطس 2023م، تحت رئاسة النائب الأول لرئيس مجلس النوّاب محسن المندلاوي المقرَّب من المالكي، حيث يسعى المندلاوي إلى التموضُع ضمن قائمة الرموز؛ ليصبح رقمًا في المعادلة الشيعية، عبر استقطاب التيّارات والأحزاب المستقلَّة والمعتدلة والشبابية، وأبرزها حزب الأُسُس الوطني بقيادة مصطفى جبّار سند وحزب «واقفون» بقيادة على الشريفي، مع عددٍ كبير من الشخصيات المدنية والقيادات المجتمعية والشعبية ([8]). ويواجه الائتلاف مشكلة ضآلة الخبرات السياسية، وهشاشة البُنى التنظيمية والمؤسسية، ونظرية أطروحاته تجاه القضايا الداخلية والخارجية؛ لذلك فإنَّ حظوظه الانتخابية تتوقَّف على مدى قُدرته على إقناع الناخبين بأطروحاته العابرة للطائفية، وأنَّه تحالف معتدل وعابر للطائفية، حيث لم يحصد سوى مقعدين فقط من 10 محافظات في انتخابات مجالس المحافظات.

(5) تحالف «أبشر يا عراق»: بقيادة رئيس المجلس الأعلى الإسلامي همّام الحمودي، الذي يعرِّف تحالفه على أنَّه مشروع تصحيحي للمسار العراقي لتحقيق الأفضل للعراقيين([9]). ويضُمّ التحالف العديد من القُوى ذات الشخصيات الشيعية المؤثِّرة في المشهد الشيعي، أبرزهم حزب اقتدار وطن بقيادة عبدالحسين عبطان، وحزب تنظيم الداخل بقيادة عبدالكريم العنزي. ويحمل التحالف خطابًا سياسيًا تقليديًا؛ لكونه يشكِّل امتدادًا للخط الشيعي التقليدي القريب من خط ولاية الفقيه. ويعتمد التحالف في خوضه الانتخابات على ثِقَل الحمودي كرئيس للمجلس، الذي يتمتَّع برمزية كبيرة في الأوساط الشيعية بحُكم تاريخه الطويل في معارضة نظام صدّام حسين، ومناداته نظريًا بإلغاء المحاصصة الطائفية([10])، غير أنَّه يفتقر لقاعدة شعبية عريضة تمكِّنه من تحقيق اختراق كبير في الانتخابات مقارنةً بالتحالفات المنافسة، مثل الإعمار والتنمية أو دولة القانون، ويطرح التحالف مرشَّح تسوية لتشكيل الحكومة الجديدة: الوزير الأسبق للرياضة محافظ النجف الأسبق عبد الحسين عبطان.

(6) تحالف تصميم: تأسَّس عام 2021م، بقيادة كلٌّ من محافظ البصرة أسعد العيداني والنائب «الإطاري» زعيم كُتلة التحالف بالبرلمان عامر العامري، في توقيتٍ يتراجع فيه نفوذ الأحزاب التقليدية، مثل تحالف دولة القانون وتيّار الحكمة وتحالف الفتح، وفي توقيت أيضًا أخفقت فيه الحكومات الشيعية المتعاقِبة في معالجة الأزمات العراقية عامَّةً وأزمات البصرة خاصَّةً. ويكتسب التحالف شعبيةً كبيرة في البصرة؛ نتيجة تبنِّيه خطاب محلِّي موجَّه نحو معالجة القضايا المحلِّية في البصرة، على نحوٍ جعله يتفوَّق على التحالفات التقليدية في البصرة.

ب. تحالفات ذات خلفية عسكرية

(1) قائمة «الصادقون»: الذراع السياسي لعصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي، والمنافس الأكبر لحركة حقوق، ومن أبرز مرشَّحيها وزير التعليم نعيم العبودي. وتخوض القائمة الانتخابات بشكلٍ منفرد بعيدًا عن «الإطار التنسيقي» أو التحالفات الشيعية التقليدية، وتُوصَف بأنَّها طائفية الجوهر تكتيكية المظهر، حيث تسعى إلى إعادة التموضُع بين كُبريات التحالفات الشيعية، عبر استقطابها شخصيات سُنِّية مثل الدكتورة أوان كاظم التكريتي، وعقْد التحالفات مع وجهاء العشائر في تكريت، وعلاقاتها جيِّدة بالسوداني.

(2) قائمة بدر: قائمة طائفية بديلة لتحالف الفتح سابقًا، ويرأسها الأمين العام لمنظَّمة بدر -المقرَّب من إيران- أحد أبرز قيادات «الإطار التنسيقي»؛ هادي العامري. وتخوض القائمة الانتخابات بشكلٍ منفرد بعيدًا عن «الإطار التنسيقي» أو التحالفات الشيعية التقليدية، وتشكِّل امتدادًا سياسيًا لميليشيا منظَّمة بدر، التي تُعَدُّ أحد أقدم الميلشيات المسلَّحة الموالية لإيران، وتحتفظ بقاعدة جماهيرية في البصرة وواسط.

(3) حركة حقوق: الذراع السياسي لحزب الله العراقي، المُدرَج على قوائم الإرهاب الأمريكية، ويقوده القيادي بالكتائب حسين مؤنس (أبو علي العسكري)؛ المقرَّب من إيران وصاحب التصريحات المتطرِّفة. ففي ديسمبر 2022م، هدَّد مؤنس بقطع آذان رئيس الوزراء الأسبق مصطفى الكاظمي([11])، وكانت الحركة تعمل تحت مظلَّة «الإطار التنسيقي»، لكنَّها قرَّرت خوْض الانتخابات بشكلٍ منفرد؛ لتعزيز تأثيرها السياسي عبر حصْد مقاعد انتخابية تمكِّنها من لعِب دور بارز في الحفاظ على دولة الميليشيات، وقد حصدت الحركة مقعدًا واحدًا في انتخابات 2022م، لكن بانسحاب «الصدريين» حصدت 5 مقاعد ليصبح إجمالي مقاعدها 6 مقاعد.

بيْد أنَّ الميلشيات الثلاثة، التي تتبعها تلك التحالفات، كانت داعمة بشدَّة لإسناد جبهة غزة والفلسطينيين في القطاع، وأيَّدت الإسناد الإيراني لـ«حماس». في المقابل، كانت تعارض الضربات الإسرائيلية والأمريكية على غزة وإيران ولبنان واليمن، وهو رُبَّما ساهم في خلْق ظهيرٍ شيعي مؤيِّد وداعم لمساندتها للفلسطينيين.

2. التحالفات السُنِّية

لأول مرَّة منذ عام 2005م، تدخل التحالفات السُنِّية الانتخابات، بينما يتّسِم الدور الإيراني بالمحدودية، مع وجود رغبة إقليمية ودوليه لتجاوز إيران في العراق. وفيما يلي أبرز التحالفات السُنِّية (انظر الجدول رقم 6):

جدول رقم (6): قائمة بأبرز التحالفات السُنِّية

المصدر: إعداد مركز البحوث والدراسات، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، نوفمبر 2025م

أ. تحالف تـقـدُّم: التحالف الأكبر والأكثر قوَّةً وتنظيمًا وشعبية بين التحالفات السُنِّية، تأسَّس في سبتمبر 2019م، تحت قيادة رئيس حزب تقدُّم رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي (*). وكشَفَ المؤتمر الانتخابي الجماهيري المهيب، الذي عقده الحلبوسي في بغداد قبل الانتخابات بثلاثة أيام، عن وزنه وتأثيره في المعادلة العراقية ([12]). ويضُمّ التحالف نُخبة من أبرز التحالفات السُنِّية المؤثِّرة في المشهدين السُنِّي والعراقي (انظر الجدول رقم 6):

الجدول رقم (6): قُوى تحالف تقدم

المصدر: إعداد مركز البحوث والدراسات، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، اكتوبر 2025م

ب. تحالف عزم: يُصنَّف على أنَّه تكتيكي النشأة وظيفي الدور، تأسَّس في أبريل 2021م، تحت قيادة رئيس حزب المسار المدني مثنَّى السامرائي. يسعى التحالف لحصد مقاعٍد برلمانية تسمح له بلعب دورٍ تفاوضي في المعادلة العراقية، وهناك من يراه أداة توازُن داخل المشهد السُنِّي، سواءً من قِبَل أطراف سُنِّية أو كجزءٍ من استراتيجية أوسع لقُوى شيعية لتفتيت القوَّة السُنِّية التقليدية، حيث تتّسِم علاقته بإيران وقُوى «الإطار التنسيقي» بالجيِّدة ([13]*). ويحمل التحالف طابعًا مناطقيًت، بتركيزه على مناطق في نينوى وصلاح الدين مثل سامراء والشرقاط وبيجي وتكريت، ويضُمّ عددًا من التحالفات والرموز المؤثِّرة في المشهد السُنِّي تحقِّق له بيئة عشائرية ومناطقية، مثل حزب «متحدون» برئاسة أسامة النجيفي وكُتلة عراق النصر والسلام، وعدد من القيادات البارزة مثل محافظ الأنبار الأسبق وزير الكهرباء الأسبق قاسم الفهداوي، ورئيس حزب المجد العراقي طلال الزوبعي، والقيادي بالتحالف حيدر الملا. ويطالب التحالف بإنهاء المهمَّة العسكرية للتحالف الدولي في العراق وتلبية المطالب السُنِّية ([14]*). بيْد أنَّ فرص تصدُّره للمشهد السُنِّي محدودة؛ نتيجة التنافس الشديد بين قياداته على تدوير المناصب العُليا، مثل منصب رئاسة البرلمان، وإصابته بموجة من الانشقاقات، منها انشقاق 5 أعضاء في مارس 2024م، وتأسيس تحالف باسم تحالف الصدارة، بينهم 4 نوّاب بالبرلمان (*)، والبرلماني السابق فارس الفارس، وبذلك تراجع عدد مقاعده في البرلمان الخامس من 14 إلى 10 مقاعد.

ج. تحالف الحسم الوطني: تأسَّس في يوليو 2023م، لخوض انتخابات مجالس المحافظات، تحت رئاسة وزير الدفاع ثابت العبّاسي، الذي يحظى بعلاقات جيِّدة مع تركيا والإمارات والاردن، وأمانة الرئيس الأسبق للبرلمان (الأمين العام) أسامة النجيفي، ويضمُّ نُخبة من التحالفات والقيادات السُنِّية العشائرية(*). ويطالب التحالف باحتكار الدولة للسلاح، ومكافحة الفساد، وإلغاء سياسة الاقصاء والتهميش بحقِّ السُنَّة، وإعمار المناطق المُحرَّرة من تنظيم داعش، وعودة النازحين والمهجَّرين([15]). بيْد أنَّ حظوظ التحالف الانتخابية محدودة؛ لكونه يعبِّر عن التمثيل الوظيفي والمناطقي أكثر من كونه مشروع سياسي وطني، ولا يمتلك ِبنية حزبية راسخة، ولا قاعدة جماهيرية كبيرة، ولا طابع أيديولوجي واضح، وغالبية رموزه من جيل الصقور السُنَّة، الذين شاركوا في رسْم مرحلة ما بعد صدّام؛ الأمر الذي يفسِّر علاقات التحالف الجيِّدة بالتحالفات الشيعية. ورُبَّما تشكَّل التحالف -حسب مراقبين- لمنافسة القيادات السُنِّية الشابّة، التي تحظى بجماهيرية واسعه وتتصدَّر المشهد السُنِّي، مثل الحلبوسي والخنجر والسامرائي والجنابي، لذلك صنَّفوه على أنَّه ضمن التحالفات الوظيفية، التي تقبل بعقد الصفقات على حساب المصالح السُنِّية. بيْد أنَّ بعض أعضاء التحالف يواجهون قضايا فساد، لدرجة تشبيهه بجمعية للمسؤولين الفاسدين([16]). وعلى الرغم من أنَّ الدستور يمنع انخراط وزراء الدفاع والداخلية والقادة العسكريين في أيّ نشاط سياسي، غير أنَّ التحالف يترأّسه وزير دفاع على نحوٍ أثار جدلاً سياسيًا واسعًا في العراق.

د. تحالف السيادة: تحالف استثنائي يجمع بين البُعد المكوِّناتي والبراغماتي، تشكَّل بعد نتائج انتخابات 2021م، باندماج تحالفي تقدُّم وعزم في يناير 2022م، تحت رئاسة خميس الخنجر؛ لتعزيز حظوظ السُنَّة داخل التكتُّل الأكبر لتشكيل الحكومة، وقد برَزَ كأكبر التحالفات بعد الانتخابات لسيطرته على 51 مقعدًا ( 37 لـ«تقدُّم«، و14 لـ«عزم») في البرلمان، لكن تعرَّض لعدَّة انشقاقات أفقدته تصنيفه في البرلمان، حيث بلَغَ عدد الأعضاء المنشقِّين 15 عضوًا (11 من تقدُّم و4 من عزم، بالإضافة إلى انشقاق رعد الدهكلي عن تحالف السيادة)؛ ليتراجع عدد مقاعده إلى 35 مقعدًا؛ ما أثَّر على حظوظه الانتخابية. ويمتلك التحالف نفوذًا عشائريًا وسياسيًا متوسِّطًا في الأنبار وصلاح الدين، إلى جانب علاقاته الإقليمية مع تركيا وقطر.

3. التحالفات الكردية

تلعب التحالفات الكردية (انظر الجدول رقم 7) في كردستان العراق (أربيل ودهوك والسليمانية)، دورًا رئيسيًا، في حسْم مسألة التكتُّل الأكبر لتسمية رئيس الحكومة الجديد، ومن أبرز التحالفات:

جدول رقم (7): قائمة بأبرز التحالفات الكردية

المصدر: إعداد مركز البحوث والدراسات، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، نوفمبر 2025م

أ. الحزب الديمقراطي الكردستاني: يُعَدُّ القوَّة الكردية الأكبر والأكثر تنظيمًا بالعراق، ويقوده الرئيس السابق لإقليم كردستان مسعود بارزاني، ويحظى بنفوذٍ اقتصادي وأمني وسياسي كبير في محافظتي أربيل ودهوك؛ نتيجة سيطرته الإدارية على رئاسة الإقليم والحكومة، وامتلاكه أذرع اقتصادية وأمنية مؤثِّرة، وثِقَل عشائري وإرث تاريخي نضالي طويل، ودعْم من قُوى تركمانية متعدِّدة (*). وعلاقات الحزب جيِّدة بالتحالفات السُنِّية مقارنةً بالاتحاد الكردستاني، وله علاقات مع تركيا وبعض الأطراف العربية.

ب. الاتحاد الوطني الكردستاني: القوَّة الكردية الثانية تاريخيًا، ويقوده بافل جلال طالباني، ويحظى بنفوذ أمني وبراغماتي وشعبي واسع في السليمانية وحلبجة وكركوك، وله علاقات وازِنة مع القادة والتحالفات الشيعية النافِذة والمقرَبة من إيران، وحظوظه الانتخابية محدودة؛ نتيجة تعقيد التحدِّيات  البنيوية والتنظيمية للحزب منذ وفاة المؤسِّس الأب، مع بزوغ جناح إصلاحي مناهِض داخله بقيادة لاهور شيخ جنكي، والضغوط من حركة الجيل الجديد في السليمانية. لذلك، يُتوقَّع خسارة جزء من قاعدته الانتخابية لصالح الجيل الجديدة من الفئات الشابة والمستقلّين.

ج. حركة الجيل الجديد: حركة إصلاحية شعبوية هدفها إصلاح النظام الحاكم في الإقليم الكردي، برئاسة رجل الأعمال والناشط الإعلامي صاحب قناة NRT ساشوار عبد الواحد، وتأسَّست نتيجة ما اعتبره أنصارها استشراء الفساد واحتكار الحزبين الكبيرين للسُلطة في الإقليم. وتحظى الحركة بشعبيةٍ واسعة في السليمانية وأقلّ في دهوك وأربيل، وتستقطب شريحة واسعة من الشباب والمثَّقفين والمستقلّين والناقمين على سياسات الحزبين الكبيرين. وعلى الرغم من كونها محدودة التأثير في المناطق العشائرية، غير أنَّ حظوظها الانتخابية مرتفعة لاتّساع دائرة الاحتقان الشعبي من سياسات الحزبين.

4. التحالفات المدنية

أ. تحالف البديل: تأسَّس في 25 مايو 2025م، تحت قيادة رئيس حركة الوفاء عدنان الزرفي (*)، ويمتلك خطابًا مدنيًا-تكنوقراطيًا مناهِضًا لدولة الميليشيات بكُلِّ ملامحها. والتحالف داعم بشدَّة لدولة المؤسسات بكُلِّ أبعادها (*)، وهُنا يمكن الإشارة إلى اتّهامه لحكومة السوداني بالتقاعس في حصْر السلاح المنفلِت، بل تقوم بدول للتغطية على عمله ([17]). يضُمّ التحالف مجموعة من الشخصيات والقُوى الوطنية والمدنية الساعية إلى التغيير، مثل حزب الاستقلال بقيادة النائب البارز في البرلمان الخامس سجّاد سالم، والحزب الشيوعي بقيادة رائد فهمي، وحزب المثقَّف العراقي بقيادة ضرغام علّاوي. ويراهن التحالف على أيّ لحظة تسوية مُحتمَلة في تعزيز فرص الزرفي لتولِّي منصب رئيس الوزراء؛ نتيجة قبوله من قِبَل كافَّة القُوى السياسية الشيعية والسُنِّية والكردية.

ب. التحالف المدني الديمقراطي: ترأّسته شخصية أكاديمية تحظى بقبول تشريني واسع؛ علي كاظم عزيز الرفيعي، ويطالب بمدنية الدولة، ويضُمّ عدَّة حركات مدنية، مثل «الأُفُق المتجدِّد» والتيّار الاجتماعي الديمقراطي والمبادرة الوطنية «موطني». ويستند التحالف على شريحة من المثَّقفين والناشطين وأساتذة الجامعات، لكن فرصته في الفوز ضئيلة؛ لافتقاده لهيكل تنظيمي تقليدي كبقية التحالفات، وقوَّته تظَلّ محصورة في دوائر حضرية في واسط والنجف وبغداد وبعض دوائر الجنوب، ولا يمتلك دعمًا عشائريًا ولا خارجيًا.

5. المنتسبون العسكريون

شارَكَ أكثر من 1.3 مليون منتسب من قوّات الجيش والشرطة والاستخبارات و«الحشد الشعبي»، إلى جانب نُزلاء السجون، في الانتخابات تحت مُسمَّى «الاقتراع الخاص» قبل 48 ساعة من الاقتراع العام الشعبي([18])، على الرغم من الدعوات المستمرَّة لتحييد المؤسسات العسكرية وإبعادها عن الصراعات الانتخابية، لما للتحالفات من تأثير على إرادة المنتسبين في العراق مقارنةً بتصويت المنتسبين العسكريين الأمريكيين، التي ينتفي فيها تأثير الأحزاب على إرادتهم، لا سيّما أنَّ أصوات المنتسبين العراقيين تشكِّل واحدة من الكُتَل المؤثِّرة في موازين القُوى الانتخابية العراقية. بيْد أنَّ تصويت العسكريين عادةً ما يكون عامل حسْم في الدوائر، التي تشهد تقاربًا في الأصوات بين المرشَّحين، خاصَّةً في المحافظات الشمالية والغربية، التي تضُمّ تشكيلات كثيرة من الجيش والشرطة و«الحشد الشعبي»، التي يعمل أفرادها خارج الإطار الرقابي، وتتصرَّف بتوجيهاتٍ مباشرة من قادة ألويتهم؛ ما من شأنه زيادة نسبة التصويت للتحالفات ذات الخلفية العسكرية.

6. ملاحظات عامَّة

تكشف القراءة لخارطة التحالفات الانتخابية، عن ملمح استراتيجي عنوانه «الانقسام» بين التحالفات، على الصعيدين الطائفي والعِرْقي، كما كان الحال في انتخابات 2018م و2021م. ويمتَدّ الانقسام إلى داخل المكوِّنات العِرْقية والطائفية، حيث انقسمت التحالفات الشيعية إلى أكثر من 9 تحالفات كُبرى ينضوي تحت مظلَّتها عشرات التحالفات الصغيرة مقارنةً بـ5 تحالفات كُبرى خلال انتخابات 2021م، والسُنِّية إلى 4 تحالفات كُبرى ينضوي تحتها العديد من التحالفات الصغيرة، بنفس عدد التحالفات السُنِّية لانتخابات 2021م، والكردية إلى 3 تحالفات، كما شاركت التحالفات التركمانية بتحالفين. وفيما يلي أبرز الملامح الفرعية لخريطة التحالفات:

1. تعدُّد الرؤوس داخل الكُتلة الموالية لإيران: مقارنةً بانتخابات 2018م، والانتخابات المبكِّرة 2021م، التي كانت تشهد انقسامًا بين التحالفات الشيعية إلى معسكرين فقط: معسكر طائفي مؤيِّد لإيران ودولة الميليشيات بقيادة المالكي، ومعسكر عابر للطائفية مؤيِّد لدولة المؤسسات والتوازن في العلاقات الخارجية بقيادة الصدر. الجديد في انتخابات 2025م، أنَّها أول دورة انتخابية تشهد معركة سياسية طاحنة داخل المعسكر الطائفي المؤيِّد لإيران؛ ما أفسح المجال لبروز رؤوس شيعية جديدة تشارك في الانتخابات بتحالف منفرد، رافضة الانضمام أو قبول الانضواء تحت الرؤوس التقليدية نتيجة غياب الهندسة الإيرانية -غياب دور مماثل لدور لقاسم سليماني في تحقيق التناغم- والمقاطعات الداخلية من رموز وازِنة في المشهد الشيعي (انظر الجدول رقم 8). ويمكن الإشارة إلى أبرز المعسكرات المتصارِعة على رئاسة الحكومة الجديدة؛ ما يجعل من مهمَّة اختيار رئيس الوزراء المقبل شديدة التعقيد:

-معسكر الولاية الثانية للسوداني بقيادة السوداني.

-معــسكر الولاية الثانــية للمالكي بقيادة المالكي.

-معسكر الولاية الأولى للقُوى الناشئة بقيادة الزرفي وسجّاد سالم (الأقل حظًا).

الجدول رقم (8): أبرز الرؤوس الجديدة والقديمة والمقاطعة والغائبة

المصدر: إعداد مركز البحوث والدراسات، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، نوفمبر 2025م

2. صراع شيعي لترسيخ المكانة في عراق ما بعد 2025م: على ضوء توافُر فرص نتيجة غياب الصدر وتوافُر مؤشِّرات على إمكانية التصويت للتحالفات الشيعية من الداعمين لإسناد غزة والناقمين على ضْرب إيران عقابًا لها لما يعتبروه دعم لغزة والمقاومة ضدّ إسرائيل والولايات المتحدة، تتصارع التحالفات الشيعية ليس على حصْد مقاعد فقط كما كان خلال الدورتين الرابعة والخامسة فحسب، وإنَّما على التموضُع ضمن الرؤوس الشيعية المتحكِّمة في المشهد، وعلى وترسيخ المكانة كمصدر القرار، خلال مرحلة ما بعد 2025م.

3. مشاركة الأجنحة العسكرية بشكلٍ منفرد: لأول مرَّة منذ عقدين من الزمان، تشارك التحالفات التابعة للميليشيات المسلَّحة الثلاثة: العصائب ومنظَّمة بدر والكتائب والإمام على، بتحالفات منفردة، بعدما كانت تشارك تحت مظلَّة التحالفات الشيعية؛ ما يعكس انقسامًا كبيرًا داخل الميلشيات والتحالفات معًا، ورغبة من قادة الميليشيات في التموضُع كرؤوس مستقلَّة؛ بما يمكِّنها من ممارسة دور بارز خلال المرحلة المقبلة، لا سيّما على ضوء تراجُع دول الراعي الإيراني وحرْص الميليشيات على الحفاظ على مصالحها الخاصَّة.

ثالثًا: القضايا الانتخابية وتأثيرها على الناخبين

موقف كل تحالف من تلك القضايا يكون لها تأثير مباشر وكبير على حظوظه الانتخابية، حيث أنَّ الناخب يعطي صوته الانتخابي للتحالفات، التي تنسجم مواقفها من تلك القضايا مع قضاياه وهمومه. وفيما يلي مصفوفة أولويات أبرز القضايا الانتخابية للانتخابات السادسة:

1. «الحشد الشعبي»

لأول مرَّة منذ مرور أكثر من عقدين من الزمان، تشتمل قائمة القضايا الانتخابية على قضية مستقبل «الحشد الشعبي»، حيث أصبح تفكيك «الحشد» وضبْط السلاح المنفلِت هدفًا أمريكيًا-إسرائيليًا استراتيجيًا، وبالتالي أصبحت قضية مستقبل «الحشد» قضية القضايا في العراق. وتنقسم التحالفات الشيعية إلى قسمين تجاهها: تحالفات موالية لإيران معارِضة لحلّ «الحشد»، مثل تحالف دولة القانون ومنظَّمة بدر وقائمة «صادقون» وحركة حقوق، في المقابل تؤيِّد التحالفات الشيعية العابرة للطائفية -ضمنها «الإعمار والتنمية»؛ السوداني- والمرجعية النجفية([19]) والتحالفات السُنِّية والمدنية والليبرالية حل «الحشد» واحتكار الدولة للسلاح. وُهنا تكفي الإشارة إلى تصريحات السوداني ضدّ السلاح المنفلِت التي قال فيها: «لا يمكن الجمع بين العمل السياسي وحمْل السلاح، وتصريحه بوجود إجماع سياسي على إنهاء أيّ سلاح خارج مؤسسات الدولة»([20]). كذلك ينقسم الناخبون تجاه تلك القضية إلى فريقين: الأول؛ المتضرِّرون من سلوكيات «الحشد» والسلاح المنفلِت في المحافظات السُنِّية وغيرها، والثاني؛ المستفيدون من السلاح المنفلِت في المحافظات ذات الأغلبية الشيعية، الذين يرون مواقف الميليشيات تجاه غزة وإيران صحيحة. وبالتالي، سيكون لتلك القضية تأثير على ميول الناخبين لأيٍّ من التحالفات، حسب مواقفهم ومواقف التحالفات.

2. النظام السياسي

يقِف النظام العراقي عاجزًا عن أداء مهامه المنوط بها، من حيث الخدمات والأمن والاستقرار والاستقلالية والتوازن في العلاقات الخارجية، على الرغم من مُضِي أكثر من عقدين من الزمان على تبنِّيه في العراق، إذ لا يزال العراق تحت منطق اللا دولة، ولم ينتقل بعد إلى منطق الدولة، وذلك بسبب أنَّ النظام الشيعي لا يحتكم إلى فلسفة برامج وأجندة وطنية على مستوى الدولة والهويَّة الجماعية، بل يحتكم إلى فلسفة أجندة طائفية لخدمة الهويَّة الفرعية الشيعية لا الجمعية الوطنية، واختزال الدولة في أُفُق مذهبي ضيِّق لصالح الهويَّة الشيعية ومن ورائها المخطَّطات الإيرانية. لذا، يطمح العديد من العراقيين في تغيير يُفضي إلى نظام سياسي يزيل المحاصصة الطائفية والتوافقية، التي أفرغت النظام من محتواه الديمقراطي، وإن تطلَّب ذلك تعديلات دستورية على دستور 2005م، بموجب المادَّة 142. لذلك، تميل شريحة عريضة من العراقيين إلى التصويت للتحالفات العابرة للطائفية، مثل تحالف السوداني؛ «الإعمار والتنمية».

3. انتشار الفساد

يُصنَّف العراق ضمن الدول ذات المستويات المرتفعة في مؤشِّر مُدرَكات الفساد للعام 2025م، بتبوُّئه المرتبة 140 عالميًا من أصل 180 دولة شملها التقرير للعام 2025م، والثامن عربيًا في قائمة الدول العربية الأكثر فسادًا للعام 2025م([21]). ويُقدَّر حجم المبالغ الإجمالية المهرَّبة للخارج -بحسب تصريحات عضو لجنة مكافحة الفساد السابق سعيد ياسين في سبتمبر 2021م- بنحو 360 مليار دولار ([22])، وبحسب حديث الباحث القانوني العراقي علي التميمي في أغسطس 2025م، تُقدَّر بنحو500 مليار دولار([23]). وتفسِّر الأرقام المليارية المنهوبة، ما آلت إليه أوضاع مختلف المجالات، في بلدِ يعجّ بالثورات النفطية الهائلة. وتلعب مواقف وجهود قادة التحالفات تجاه الفساد، دورًا في التأثير على المزاج الشعبي للعراقيين للتصويت من عدمه.

4.الهويَّة العراقية

يشهد العراق جدلًا حول مواقف الأطراف الداخلية والخارجية من الهويَّة العراقية، فهناك تحالفات شيعية مدعومة من إيران تتمسَّك بالهويَّة الطائفية للعراق (*)، وتحالفات مدعومة من أطراف خارجية تسعى نحو ترسيخ الهويَّة الوطنية الجامعة. وبين الفريقين يدرك الناخب العراقي عروبة بلاده وحضارتها الممتَدَّة عبر التاريخ؛ ما يشكِّل ميول شريحة شعبية عريضة للتصويت لصالح التحالفات العابرة للطائفية، والساعية نحو تعزيز الدولة الوطنية، وتعزيز مبدأ التوازن في العلاقات الخارجية. وكانت الدولة العراقية الحديثة بعد انحسار المدّ التركي والفارسي، من صُنع العرب السُنَّة العراقيين؛ «فالعراق كيان تاريخي عريق منحته العروبة أكثر من 1400 سنة عبقرية من الأصالة والمكانة والدور»([24]).

رابعًا: نتائج الانتخابات وحِصَص التحالفات

يتكوَّن مجلس النوّاب العراقي من 329 مقعدًا، حسب قانون مجلس النوّاب العراقي رقم (4) لسنة 2023م، موزَّعين على عددٍ المحافظات العراقية الـ18، استنادًا إلى عدد سُكّان كل محافظة (الشكل رقم 1). وتنقسم مقاعد البرلمان إلى مقاعد اعتيادية (320 مقعدًا)، من بينها نسبة المقاعد المخصَّصة للنساء (الكوتا) وهي تمثِّل 25% من المقاعد (83 مقعدًا)، ومقاعد خاصَّة بـ«كوتا المكوِّنات» (الأقلِّيات) 9 مقاعد: 5 للمكوِّن المسيحي، ومقعد للكرد الفيليين (*) في واسط، ومقعد للشبك في نينوى، ومقعد للإيزيديين في نينوى، ومقعد للصابئة المندائيين في بغداد) ([25]).

شكل رقم (1): توزيع مقاعد البرلمان العراقي لمختلف المحافظات

المصدر: إعداد مركز البحوث والدراسات، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، نوفمبر 2025م

وحسب النتائج الأولية للمفوَّضية الانتخابية، جاء توزيع مراكز حِصَص التحالفات الانتخابية في برلمان 2025م-2029م، كالتالي (جدول رقم 10 و الرسم رقم 2) :

شكل رقم (10): مراكز ومقاعد التحالفات حسب كل محافظة

المصدر: https://urli.info/1eAl9

رسم رقم (2): أكبر المركز في البرلمان العراقي الجديد

المصدر: إعداد مركز البحوث والدراسات، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، نوفمبر 2025م

(المـركز الأول) الإعمار والتنمية (السوداني)

تبوَّأ المركز الأول بحصوله على 46 مقعد من إجمالي 329 مقعدًا، وبذلك كسِبَ السوداني 44 مقعدًا في 2025م، لأنَّه حصَدَ مقعدين فقط في انتخابات 2021م (انظر الجدول رقم 9)، واحتلَّ المركز الأول في محافظات بغداد والقادسية والنجف وكربلاء والمثني وميسان وذي قار وبابل، وفي المرتبة الثانية والثالثة في البصرة وصلاح الدين ونينوى وواسط؛ ما يمنحه ثِقَل في البرلمان الجديد، ويمنحه أريحية في مفاوضات الولاية الثانية، وتعود صدارته إلى:

المصدر: إعداد مركز البحوث والدراسات، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، نوفمبر 2025م

  1. الإنجازات الخدمية: راهَنَ السوداني على كسْب ثقة الكُتلة الصامتة خلال حُكمه، عبر اهتمامه بهموم الناس، وبذْل جهود جبارة للحدِّ من وطأة الأزمات الخدمية على المواطن؛ الأمر الذي مكَّنه من كسْب رصيد شعبي وإعادة الثقة للناس في العملية السياسية، على نحوٍ كرَّس حضوره في المشهد كرقمٍ صعب، استطاع من خلاله أن يقارع بل ويتفوَّق على منافسين تقليديين بارزين من جيل الصقور مثل المالكي.
  2. العقلانية السياسية: يمتلك السوداني خطابًا عقلانيًا واقعيًا، يدرك تداعيات التحوُّلات وعواقب الجمودية الفكرية تجاهها على المصالح الوطنية؛ لذلك تمكَّن من هندسة تداعيات التحوُّلات الإقليمية لصالح الدولة ومصالحها الإقليمية والدولية، كما سعى للتحلُّل من الضغوط الطائفية مولِّيًا الأولوية للمصالح العراقية لا المذهبية، على نحوٍ جعله يمضي بالعراق إلى مرحلة إيجابية وسط العديد من الصراعات المتفجِّرة.
  3. التوازن والقبول: يحظى السوداني بقبولٍ ودعْمٍ داخلي متنوِّع؛ من رموز عسكرية مؤثِّرة مثل الفيّاض والعامري، ومن رموز محسوبة على الليبراليين مثل علّاوي، ومن شخصيات وزارية وبرلمانية ذات قاعدة شعبية مثل وزير العمل أحمد الأسدي ووزيرة الاتصالات هيام الياسري، ودعْم خارجي من بعض الدول العربية، ورُبَّما هندسة العلاقة مع الولايات المتحدة. لدرجة الحديث عن صفقة أمريكية تضمن له ولاية ثانية مقابل الاستجابة للمطالب الأمريكية المتعلِّقة بتحرير العراق من إيران، وتسمية واشنطن لخمسة مناصب بالحكومة الجديدة: الدفاع والداخلية والمالية والنفط ومحافظ البنك المركزي ([26]).
  4. الموقف من القضايا: يسعى لتحقيق مطلب احتكار الدولة للسلاح، ومعالجة النظام السياسي بتوجيهه نحو المصالح الوطنية الجماعية، وتعزيز الهويَّة العربية للعراق، ومحاربة الفساد.

لكن لا يمكن تجاهل إمكانية تعقيد مسألة التوافق على الولاية الثانية، حال عقدت التحالفات الموالية لإيران عملية هندسة تشكيل الحكومة الجديدة برئاسته، سواءً بورقة الثُلث المعطَّل، أو ورقة تفجير الساحة بالسلاح المنفلِت، أو ورقة نفوذ المالكي وتحوُّل معركته الصامتة إلى معركة علنية مع السوداني، لا سيّما أنَّه لم يصِل إلى عدد مقاعد التيّار الصدري، الذي احتلَّ المرتبة الأولى في انتخابات 2021م، بحصوله على 73 مقعدًا، وتمكَّنت التحالفات الموالية لإيران من تعقيد المشهد أمامه.

(المركز الثاني) تحالف تقدُّم (الحلبوسي)

حافَظَ على المركز الثاني، الذي احتلَّه في انتخابات 2021م بعدد مقاعد 37 مقعدًا في 2021م، لكنَّه خسر 4 مقاعد خلال 2025م، بحصوله على 33 مقعدًا، وصوتت له محافظات الأنبار وبغداد بشكلً أكبر ونينوى وديالى بشكل متوسِّط وكركوك وبابل بشكل أقلّ، وقد حافَظَ على ترتيبه الثاني لعدَّة أسباب:

  1. عامل القيادة: يُصنَّف الحلبوسي على أنَّه شخصية سُنِّية توافقية، تتبنَّى خطابًا مؤسساتيًا معتدلًا ونهجًا متوازنًا أبرزه كزعيم سياسي مدني نسبيًا مقبول من الجميع، ويمتلك مقاربة أكثر انفتاحًا على مختلف أطياف ومكوِّنات الشعب؛ لذلك يحظى بشعبية سُنِّية في المحافظات السُنِّية وغير السُنِّية.
  2. العقيدة السياسية: يؤمن بالاعتدال الوطني، ونبْذ الطائفية، وكافَّة أنواع الظلم والتهميش والعُنف والصراع الطائفي والمناطقي والإثني، ويطالب بمدنية الدولة ووحدتها الترابية والتعايش السِلْمي بين المذاهب والعِرْقيات على أُسُس المواطنة، ويرى في النهج السِلْمي الوسيلة المُثلى للتغيير ([27]).
  3. القُوى الداعمة: انتقى التحالف شخصيات تنفيذية وبرلمانية ومستقلَّة تحظى بثقل سياسي وعشائري واقتصادي كبير، ومدعومة من نُخَب تكنوقراطية وإدارية من المحافظات، التي تنتشر فيها.

(المركز الثالث) دولة القانون (المالكي)

حافَظَ على المركز الثالث، الذي احتلَّه في انتخابات 2021م، بعدد مقاعد33 مقعدًا في 2021م، لكنَّه خسر 5 مقاعد خلال انتخابات 2025م بحصوله على 28 مقعدًا، وقد صوَّتت له محافظات الجنوب والوسط، مثل بغداد وكربلاء وذي قار والمثنَّى والقادسية والنجف وميسان وبابل. وعلى الرغم من تراجُع عدد مقاعده، غير أنَّه يتمتَّع بنفوذ وشعبية في المحافظات الجنوبية، اكتسبها ممّا يلي:

  1. الرمزية الشخصية: ينتمي إلى جيل الصقور في الوسط الشيعي، خاصَّةً في المحافظات الجنوبية، فهو أحد رجالات ترسيم ملامح مرحلة ما بعد صدام حسين، كذلك ترأّس الحكومة لولايتين متتاليتين.
  2. شبكة النفوذ: لا يزال يمتلك شبكة نفوذ وعلاقات واسعة داخل أجهزة الدولة البرلمانية والتنفيذية والقضائية، ولديه موارد ماليه ضخمة، ويهيمن على السلاح المنفلِت القادر على خلْط الأوراق وتفجير الساحة.
  3. استراتيجية تفكيكية: يتبنَّى المالكي استراتيجية تفكيكية تجاه الخصوم والمنافسين، بتشكيل تحالفات جانبية تحِدّ من فرصهم، وتعزَّز من فرصه الانتخابية.
  4. الحشد والاستقطاب: خاضَ الانتخابات 4 وزراء حاليين ضمن قائمته: وزير النفط حيّان عبد الغني، ووزير الكهرباء زياد علي فاضل، ووزير الشباب والرياضة أحمد المبرقع، ووزير الزراعة عباس العلياوي، فضلًا عن عشرات النوّاب الحاليين والسابقين.

بيْد أنَّ هناك نقاط ضعْف تحِدّ من تأثير المالكي في المعادلة المقبلة، منها: أنَّه بات رمزًا لدولة الميليشيات، التي تواجه ضغوطًا أمريكية قوية في عهد الرئيس ترامب، مع ضعْف الراعي الإيراني و«محور المقاومة»، والصورة الذهنية السلبية عن المالكي لدى شريحة جماهيرية عراقية عريضة؛ لذلك لم يأتِ في المرتبة الأولى في المحافظات التي صوَّتت له، وإنَّما جاء في المراتب الثانية والثالثة والرابعة.

(المركز الرابع) الصادقون (الخزعلي)

تقدَّمت كُتلة «صادقون» إلى المرتبة الرابعة، بعدما كانت في المراتب الأقلّ خلال الدورات السابقة، وكانت المفاجأة بحصولها على 27 مقعدًا في 2025م، وبذلك كسبت 12 مقعدًا مقارنةً بانتخابات 2021م، حيث كان عدد مقاعدها 15 مقعدًا، كما كسِبَت 17 مقعدًا مقارنةً بانتخابات 2018م، التي حصلت فيها على 10 مقاعد، وكسبت 26 مقعدًا مقارنة بانتخابات 2014م (انظر الرسم رقم 3). وهذا يعكس منحنىً تصاعدًي في كسْب «صادقون» مزيد من المقاعد، في كل دورة انتخابية جديدة، وبقفزات مرتفعة. وقد انقسمت تفسيرات العراقيين إلى عدَّة تفسيرات:

الرسم رقم (3): مقاعد الخزعلى خلال الدورات الانتخابية من 2014-2025م

المصدر: إعداد مركز البحوث والدراسات، المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، نوفمبر 2025م

  1. تفسير تصويت المنتسبين العسكريين: حيث تمتلك العصائب مواقع متميِّزة في« الحشد الشعبي»، تتصارع عليها مع كتائب حزب الله العراقي، وتسمح لها بالتأثير على إرادة المصوِّتين بل وذويهم، كما تمتلك العصائب ألوية متعدِّدة غير منضوية تحت لواء «الحشد»، لعِبَت دورًا كبيرًا في نسبة التصويت.
  2. تفسير مُضِّيها في خط السوداني: خلال فترة حُكم السوداني، كان الخزعلي يلتزم بخط الحكومة بل ويدعمها رؤيتها تجاه القضايا الداخلية والخارجية، فكان يوافق الحكومة على سبيل المثال لا الحصر على عدم الاعتداء على الأهداف الأمريكية، وذلك رُبَّما لأنَّ الخزعلي لديه ميول سياسية ويؤمن بالعملية السياسية للوصول للسُلطة، مقارنةً ببقية قادة الميليشيات، الذين يُعلُون من العسكرة.
  3. قدْر من الاستقلالية والتوازن مع إيران: بخلاف كافَّة الميليشيات الموالية لإيران، العصائب تحافظ على قدْر من الاستقلالية عن إيران في قراراتها، وتحظى بعلاقات جيِّدة مع الحكومة، من خلال تشكيلها أفرُع سياسية واجتماعية واقتصادية، بعضها مموَّل من الدولة العراقية.
  4. طبيعة نشأة العصائب: العصائب نشأة محلِّية بشكلٍ مختلف عن بقية الميليشيات، التي لعِبَ المالكي دورًا بارزًا في تأسيسها لصالح إيران؛ لكونها جماعة مُنشقَّة عن جيش المهدي (سرايا السلام الحالي) التابع لمقتدى الصدر، كما أنَّها تسعى للسُلطة، بخلاف بقية الميليشيات التي تنفِّذ أجندة إيرانية فقط.
  5. تفسير المشاركة في إسناد غزة: هناك من يرى أنَّ مشاركتها في إسناد جبهة غزة عزَّز من فرصها لدى الجماهير، التي كانت تتوق لأيّ دور ولو بسيط ضدّ العمليات الإجرامية الإسرائيلية، ويرون أنَّها عندما طالبت الحكومة بإيقاف تلك العمليات حفاظًا على مصالح العراق التزمت بخلاف بقية الميليشيات.

(المركز الخامس) الحزب الديمقراطي الكردستاني (بارزاني):

تراجَعَ إلى المركز الخامس في 2025م، بحصوله على 26 مقعدًا، نفس المركز الذي حصده في انتخابات 2018م، التي حصل فيها أيضًا على 25 مقعدًا، مقارنةً بـ 32 مقعدًا حصدها خلال 2021م. ما يؤشِّر على تأثير حالة الاحتقان الشعبي الكردي المتنامية في محافظتي أربيل ودهوك؛ بسبب ضعْف الأداء الاقتصادي والخَدَمي لحكومة مسرور برزاني التابعة للحزب، لكن –مثلًا- زاد عدد مقاعده في 2021م، لدعمه مسار الانتقال نحو الدولة ومطالب المحتجِّين في حركة «تشرين» (أكتوبر) 2019م.

(المركز السادس) تحالف قُوى الدولة الوطنية (الحكيم):

مقارنةً بعدد مقاعده في انتخابات 2021م، (مقعدان فقط)، تقدَّم التحالف في انتخابات 2025م بعدد 18 مقعدًا، بمعنى استعادته 16 مقعدًا في انتخابات 2025م، من 18 مقعدًا خسرها في انتخابات 2021م، مقارنةً بـ 20 مقعدًا حصدها خلال انتخابات 2018م. وبذلك، انتقل من المراتب المتأخِّرة إلى المرتبة الرابعة، التي احتلَّها الحزب الديمقراطي الكردستاني في انتخابات 2021م، بعدد مقاعد أكبر؛ أي 32 مقعدًا. وقد تمكَّن التحالف من استعادة شعبيته وثقة الناخب العراقي، من خلال:

  1. انتقاء المرشَّحين: قدَّم الحكيم مرشَّحين لديهم جماهيرية واسعة في النجف وبغداد والمثنَّى وذي قار والبصرة، مع تبنِّيه خطاب إصلاحي غير تقليدي تجاه الداخل والخارج.
  2. خط السوداني: يدعم منهاج السوداني في «الإعمار والتنمية»، والمُضي في برنامج سياسي متوازِن يحقِّق مصالح الدولة العراقية أولًا.
  3. الرمزية الشخصية: يمتلك الحكيم رمزية مُستمَدَّة من عائلته -عائلة الحكيم- ذات الإرث التاريخي والشعبي الكبير في العراق.

(المركز السابع) منظَّمة بدر (العامري):

تقدَّم العامري-ميليشيا منظَّمة بدر، بحصوله على 18 مقعدًا، لينضمّ إلى قائمة الميليشيات، التي حصدت مقاعد في انتخابات 2025م (انظر الرسم رقم 4)، مثل العصائب التي حصدت 27 مقعدًا، وخدمات-كتائب الإمام علي، التي حصدت 9 مقاعد، وحقوق-كتائب حزب الله العراقي، التي حصدت 6 مقاعد، ليصبح إجمالي عدد المقاعد المليشياوية تقريبًا: 60 مقعدًا. وهذا الرقم يزيد عن عدد مقاعد المركز الأول بـ 14 مقعدًا. وحال انضمامها للمالكي (28 مقعدًا)، ستتحوَّل كُتلته إلى: 88 مقعدًا بأريحية شديدة، ويزيد عدد مقاعده حال انضمام بقية تحالفات «الإطار التنسيقي»، مثل قُوى الدولة المدنية (18 مقعدًا)، وانضمام تحالفات أخرى مثل «إشراقة كانون» (8 مقاعد) و«أبشر يا عراق» (4 مقاعد)؛ ليصبح العدد الإجمالي: 118 مقعدًا، وهو عدد أكبر من الثُلث المعطَّل: 110 مقعد، وبالتالي عمليًا يمكن للمالكي عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة، ما لم تمارس إدارة ترامب ضغوطها على المالكي.

الرسم رقم (4): مقاعد الميليشيات الأربعة في برلمان 2025م

لكن لا بُدّ مع معرفة أنَّ التركيبة السابقة يصعب تحقيقها، على ضوء الخلافات داخل «الإطار التنسيقي» وإعادة توزُّع التيّارات على جناحي المالكي والسوداني، وبالتالي مسألة انضمام الخزعلى للمالكي فرصها قليلة، حيث يميل الخزعلي للسوداني أكثر، وبالتالي في هذه الحالة ستقِلّ مقاعد كُتلة المالكي إلى 91 مقعدًا؛ لتفقد مسألة الثُلث المعطَّل، وحينها يمكن للسوداني أن يتقدَّم بسهولة.

ورُبَّما حصدت الميليشيات مقاعد انتخابية غير متوَّقعة، نتيجة تصويت المنتسبين من «الحشد» والجيش ودورها المناهِض للتواجد الأجنبي في العراق، وانخراطها ضدّ العدوان الإسرائيلي الغاشم ضدّ الأراضي العربية والفلسطينية، وانتقاء الميليشيات شخصيات مؤثِّرة كمرشَّحين، مثل وزير النقل رزّاق محيبس، ووزير الداخلية الأسبق محمد الغبّان، والنائب البارز بالبرلمان حامد الموسوي، ورئيس لجنة «الحشد الشعبي» بكربلاء أبو مرتضى الكربلائي. كذلك رشَّحت «صادقون» وزير التعليم نعيم العبودي، واستقطبت شخصيات سُنِّية، مثل الدكتورة أوان كاظم التكريتي، وعقْد التحالفات مع وجهاء العشائر في تكريت.

لكن لا يمكن تجاهُل أنَّ الضغوط الأمريكية ضدّ المنطق الميليشياوي السائد بالعراق، سيُضعِف من حظوظها في الحصول على مواقع تنفيذية في الحكومة المقبلة.

(المراكز المتأخِّرة):

غالبيتها من المكوِّنين السُنِّي والكردي ومن التيّارات المدنية والتشرينية والليبرالية، فقد جاء حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في المركز الثامن، بحصوله على 18 مقعدًا مقارنةً بـ 15 مقعدًا في انتخابات 2021م، بينما تراجع تحالف عزم إلى المركز التاسع بـ 15 مقعدًا مقارنةً بـ 14 مقعدًا خلال 2021م، ثمَّ تحالف السيادة 9 مقاعد، والحسم 6 مقاعد، والموقف الوطني 5 مقاعد، والجيل الجديد 3 مقاعد.

(المراكز الخاسرة):

يتقدَّمها تحالف البديل-عدنان الزرفي، بحصوله على مقعد واحد بحسب بعض المصادر أو 4 مقاعد وفقًا لما حدَّدته مصادر أخرى، على الرغم من تمتُّعه بثِقَل في المعادلة العراقية نتيجة الحس الوطني للزرفي. لكن على ما يبدو أنَّ هناك ضعْف لانتشاره في المناطق العشائرية والريفية، إلى جانب عدم حضوره الوازِن في المناطق الحضرية، مقارنةً بحضور التحالفات التقليدية الوازِن.

ومن بين القيادات والنوّاب الخاسرين في الانتخابات:

-رئيس البرلمان عن تحالف عزم؛ محمود المشهداني المنتهية ولايته.

-النوّاب والقياديين البارزين في تحالف تقدُّم: ظافر العاني ويحي المحمدي الشجلاوي وفهد راشد الدليمي.

-النائب السُنِّي المستقلّ الشيخ شعلان الكريم.

-النائب عن دولة القانون عقيل الفتلاوي.

-الأبرز خسارة هو النائب المدني الصاعد إلى جانب الزرفي؛ النائب سجّاد سالم.

بيْد أنَّ خسارة المشهداني والعاني (من كبار السن)، يفسح المجال لرئاسة المالكي للجلسة الأولى في البرلمان لانتخاب رئيس البرلمان الجديد، باعتباره أكبر الأعضاء سنًّا.

خامسًا: دلالات النتائج الانتخابية لبرلمان 2025م

تكشف نتائج الانتخابات وحِصَص التحالفات الشيعية والسُنِّية والكردية، التي خاضت انتخابات برلمان 2025م، عن الاستنتاجات التالية:

1. عـودة الـثقـة فـي الـعـمليـة السـياسـية

شكَّلت نسبة المشاركة 56.11% ([28]) مقارنةً بـ 43% خلال انتخابات 2021م، مفاجأة من العيار الثقيل، بارتفاع عدد المصوِّتين بفارق يقترب من 3 ملايين صوت جديد انضمُّوا للتصويت. والأكثر غرابة أنَّها ارتفعت في ظل مشهدٍ داعم لانخفاضها، بالنظر إلى: الأوزان الشعبية الضخمة للمقاطعين من أوزان التيّار الصدري، ومنْع المفوضية حاملي البطاقة الإلكترونية من الاقتراع وحصره لحاملي البطاقة البايومترية لمجابهة التزوير؛ ما يعني -حسب الإعلام العراقي- أنَّ أكثر من 7 ملايين شخص من حاملي البطاقة الإلكترونية لم يتمكَّنوا من التصويت([29])، أضِف إلى ذلك أنَّ منحنى التصويت يتّجِه للهبوط منذ عقْد من الزمان؛ نتيجة فُقدان الأغلبية الثقة في العلمية السياسية بسبب الإحباط من الفساد والأحوال المعيشية والخَدَمية في بلدٍ يمتلك مقدرات وثروات استراتيجية هائلة.

لكن التساؤل: لماذا غيَّر منحنى التصويت اتّجاهه الهابط منذ انتخابات 2014م، 2018م، 2021م، ليصعد بشكلٍ غير متوقَّع في انتخابات 2025م؟ تتمحور الإجابة في التالي:

  • الأول.. الأغلبية الصامتة: يقدِّر الإعلام العراقي ([30]) أنَّ السبب في ارتفاع النسبة، تتمثَّل في انضمام نحو 4 ملايين للتصويت في 2025م؛ ما يدُلّ على تمكُّن حكومة السوداني من تحقيق إنجازات مُرضِية، دفعت «الأغلبية الصامتة»، التي كان يراهن عليها السوداني، للتصويت، كما يدُلّ أيضًا على تمكُّن السوداني من إعادة ثقة «الأغلبية الصامتة» في العملية السياسية، بل والحصول على شرعية شعبية جديدة، ورغبة شعبية في منحه ولاية ثانية، مقارنةً بعزوف الناخبين خلال الدورات الانتخابية السابقة.
  • الثاني.. الوجوه الجديدة: راهنت غالبية التحالفات على تغيير الوجوه بوجوه جديدة مقبولة شعبيًا؛ ما لعِبَ دورٍ في عملية الحشد والتعبئة.
  • الثالث.. المال السياسي: غيَّرت التحالفات أولويات آليات التحشيد، من أولوية التحشيد بالانتماء الطائفي إلى أولوية التحشيد بالمال السياسي (شراء الأصوات)، والاستعانة بمؤثِّري «السوشيال ميديا» خلال انتخابات 2025م؛ لذلك انقسم المرشَّحين إلى ماسِّي وذهبي وفضِّي، حسب السعر المدفوع في شراء الصوت، وقد وصل سعر شراء الصوت لمبالغ خيالية تصِل لـ 700 ألف دينار (تعادل 500 دولار) ([31]) حسب نوع المرشَّح.

2. تعقيد تشكيل الحكومة دافع للتوافق

معضلة عدم حصول أيٍّ من التحالفات على أغلبية 165 مقعدًا من إجمالي 329 للحصول على استحقاق التكتل الأكبر، ليست بجديدة، إنَّما الجديد التوازنات الدقيقة داخل البيت الشيعي؛ بسبب التقارب في المقاعد بين الأجنحة (لا غالب ولا مغلوب)؛ ما يعقِّد عملية التشكيل ويدفع نحو التوافق. فكما يمكن لجناح السوداني تشكيل الحكومة، يمكنه أيضًا أن يشكِّل الثُلث المعطَّل، ونفس السيناريو مُتاح لجناح المالكي؛ لذلك فوز السوداني بالمركز الأول ليس ضمانة ولا صمّام أمان لتشكيل الحكومة الجديدة، وقد يتحوَّل إلى خسارة مع مواجهة صراعٍ سياسي معقَّد لتجديد ولايته، وسط تحرُّكات داخل «الإطار التنسيقي» لتشكيل الكُتلة الأكبر، بعيدًا عن السوداني وتبايُن المواقف حول شكل الحكومة الجديدة وهويَّة رئيسها. ويُتوقَّع إعلان «الإطار التنسيقي» تشكيل التكتُّل الأكبر في أقرب وقت؛ لتعطيل تشكيل السوداني للحكومة، وهو نفس السيناريو الذي اتّبعه تجاه الصدر. فالصدر خلال انتخابات 2021م، حصَدَ 73 مقعدًا وليس 46 مقعدًا كما حصَدَ السوداني، لكن لم يستطِع تشكيل الحكومة، عندما استخدم «الإطار التنسيقي» الثُلث المعطَّل، ويمكن تكراره ضدّ السوداني. فالتقارب بين القُوى الفائزة لا يسمح لأي طرف بتشكيل الحكومة دون التوافق، الذي جرت عليه العادة منذ 2003م، لا سيّما في ظل توقيت عزَّزت فيه الميليشيات حضورها داخل البرلمان الجديد؛ ما من شأنه تعقيد مهمَّة تشكيل الحكومة، وإطالة أمدها بما يُعيد سيناريو الانتخابات السابقة بعد تأخُّر تشكيل الحكومة لنحو عام كامل، بسبب الخلافات السياسية. أمّا في حالة مارست الإدارة الأمريكية ضغوطًا متنوِّعة على دولة الميليشيات بأذرعها المختلفة، يمكن سرعة تشكيلها.

3. تعـزيز نفوذ دولة الميليشيات على مدنية الدولة

حصول الميليشيات الأربعة، التي شاركت في الانتخابات على 55 مقعدًا مقابل خروج غالبية التحالفات المدنية دون مقعد باستثناء البديل الذي حصل على 4 مقاعد فقط، يعني تعزيز الميليشيات حضورها داخل البرلمان الجديد خاصَّة، وفي المعادلة العراقية عامَّة، ما من شأنه:

-إمكانية تمرير المزيد من القوانين المذهبية في البرلمان؛ لإرساء الهويَّة الشيعية للعراق.

-إمكانية تمرير مشــروع تـعـديـل قانـون «الحـشد الشـعـبي» المعـطَّل؛ لتكريس نفوذه العسكري.

-إمكانية تمرير مشاريع القوانين الاقتصادية والأمنية والسياسية الخادمة للمخطَّطات الإيرانية.

-تعقيد مهمَّة المطلب الأمريكي المتمثِّل في ملف حصْر السلاح بيد الدولة أمام أي حــكـومة جديدة.

في المقابل، أقصت الانتخابات التحالفات المدنية والتشرينية والليبرالية، مثل تحالف البديل-الزرفي والتحالف المدني الديمقراطي، دون أن تحصد أيَّة مقاعد انتخابية، على الرغم من حضورها في الشارع؛ الأمر الذي شكَّل صدمة شديدة لمعظم الاتّجاهات المعارضة لهيمنة قُوى الإسلام السياسي، ما من شأنه تعطيل العديد من المشاريع المدنية وغير المدنية المناهِضة لدولة الميليشيات. ويرجع ذلك إلى انتقال العديد من الوجوه المدنية إلى التحالفات التقليدية والحكومية والانقسامات، التي ضربت التيّار المدني حول المشاركة في الانتخابات، وهيمنة المال الانتخابي، وسطوة الإعلام السياسي، والسلاح المنفلِت التابع للتحالفات الشيعية، على العملية الانتخابية؛ ما يجعل من قُدرة التحالفات على المنافسة أمرٌ مستحيل. ووصَفَ عدنان الزرفي خسارته بأنَّها كانت ضمن معركة غير متكافئة بين استغلال السُلطة والمال السياسي، في مواجهة مشروع مدني رافعته الانتخابية الوحيدة قناعة المواطنين بالدولة المدنية والإيمان بالتغيير.

4. العامل الخارجي وهندسة تشكيل الحكومة الجديدة

إعادة تكرار سيناريو انتخابات 2021م (المالكي-الصدر) بين الجناحين المتصارعين: المالكي والسوداني، بسبب عدم فوز أحدهما بأغلبية مريحة لتكوين التكتُّل الأكبر، الذي على ما يبدو سيكون حاضرًا قبل العودة للتوافق، وذلك على ضوء التطوُّرات الإقليمية، التي لم تكُن بالطبع في صالح المالكي، بل والضغوط الأمريكية المكثَّفة لهندسة المرحلة المقبلة في العراق. فرُبَّما ستشهد المرحلة المقبلة المرة الأولى، التي سيلعب فيها العامل الخارجي-الأمريكي الدور الأكبر من الداخلي في تشكيل الحكومة الجديدة، لاعتبارات تتعلَّق بالرغبة الإقليمية (حُلفاء الولايات المتحدة) والدولية في تعديل موازين القُوى الداخلية في العراق، على ضوء التطوُّرات الإقليمية في مرحلة ما بعد 7 أكتوبر، التي تعرَّضت فيها إيران لضربات تاريخية أنهكتها ورُبَّما جعلتها أميْل للانكفاء، تحيُّنًا لفرصة جديدة تسمح لها بالتحرُّك من جديد. فالولايات المتحدة ستسعى لضبط المرحلة المقبلة في العراق عبر الخيار السياسي لا العسكري؛ لتجنُّب عودة العراق إلى سيناريو الفوضى في ظل عدم وجود بديل قادر على إدارة دفَّة الأمور في العراق في المرحلة الراهنة، وبالتالي على ما يبدو أنَّ إدارة ترامب تعوِّل على الحكومة الجديدة، التي ستحدِّد الطريق الذي سيمضي فيه العراق خلال المرحلة المقبلة، لا سيّما أنَّ غالبية الساحات تمَّ إضعافها لصالح معادلة إقليمية جديدة باستثناء العراق، الذي سيشهد خلال المرحلة المقبلة صراع بين الأطراف الداخلية والخارجية الفاعلة فيه، حيث يسعى كل طرف لتشكيل المشهد المقبل حسب تصوُّراته ومُدرَكاته، ولن يستمرّ بقاء العراق في المنطقة الرمادية الراهنة. ومن بين أبرز المرشَّحين للحكومة الجديدة:

  1. رؤساء ومرشَّحون قُدامى: مثل مصطفى الكاظمي، وحيدر العبادي، وفالح الفيّاض، وعدنان الزرفي، وأسعد العيداني.
  2. مرشَّحون جُدُد: مثل رئيس جهاز المخابرات حميد الشطري، ووزير الداخلية عبد الأمير الشمري، ووزير التعليم العالي نعيم العبودي، والنائب عن دولة القانون عثمان الشيباني، والدكتور على شكري، وعبد الحسين عبطان، وقاسم الأعرجي، وأحمد الأسدي، ونعيم السهيل، وباسم البدري.
  3. المرشَّحون المتنافسون: المالكي الأقلّ حظًّا، لكن وعلى الرغم من أنَّه لن يكون صاحب القول الفصل أو الكلمة الأخيرة في تحييد من سيكون رئيس الحكومة الجديد، غير أن صوته سيكون له تأثير، والسوداني الأكثر حظًّا، لكن لم يدخل حيِّز الأمان وإمكانية استبعاده ورادة، حيث أنَّ هناك تحدِّيات عديدة أمامه في ظل قاعدة «لا غالب ولا مغلوب»: في مقدِّمتها أنَّ عدد كبير من مقاعد تحالفه تخضع لسيطرة الفيّاض وأحمد الأسدي وحيدر الغريفي، ويسهل استقطابهم من قِبَل المالكي؛ ما يؤدِّي إلى تفكُّك تحالف السوداني، مثلما حدَثَ مع حيدر العبادي عندما انسحب الفيّاض.
  4. المرشَّح التوافقي: قد يكون من الأسماء السابق ذكرها، أو مرشَّحًا غير مطروح في الوقت الراهن.

الخلاصة والهندسة الإيرانية لتشكيل الحكومة الجديدة

العراق مركزي في الاستراتيجية الإيرانية، لاعتبارات سياسية واقتصادية وجغرافية وأمنية لا تخفى على أحد، ولا تمتلك إيران رفاهية ترْك الساحة العراقية، خاصَّةً بعد خسارتها لسوريا بالكامل، وضعْف أذرعها في لبنان واليمن وفلسطين، حيث يختلف العراق بالنسبة لإيران عن بقية الساحات بحُكم الجوار الجغرافي، الذي يسهِّل لها استمرارية تأثيرها بتكلفة أقلّ. كذلك تُدرك إيران أنَّ تشكيل حكومة عراقية جديدة غير موالية، ستمضي قُدُمًا في مسار الانتقال نحو الدولة مقابل مزيد من التراجع لدولة الميليشيات؛ ما يعني تراكُم العقبات أمام المشروع الإيراني، إذا ما أصرَّت الحكومة الجديدة بالمُضي نحو حصْر السلاح بيد الدولة. ويُفهَم ذلك من اتّهام المتحدِّث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي للولايات المتحدة بالتدخُّل في الانتخابات العراقية ([32])، قبل أن يعود السفير الإيراني في العراق محمد كاظم آل صادق ليعالج الموقف، بتأكيده أنَّ طهران ستؤيِّد وتحترم أيّ نتيجة تفرزها الانتخابات العراقية.

لكن على الرغم من ذلك، اتّسم الدور الإيراني في هندسة المشهد الانتخابي قبيل الانتخابات السادسة بالمحدودية، لحدِّ الانتفاء؛ نتيجة حالة الضعف الشديدة، التي تمُرّ بها إيران، على خلفية الضربات التي تلقَّتها ومحورها الإقليمي في سوريا ولبنان واليمن وفلسطين. غير أنَّ نتائج الانتخابات السادسة تنسجم مع المواقف والأهداف الإيرانية، لعدَّة اعتبارات: يتقدَّمها تقارُب مقاعد التحالفات؛ ما يعزَّز من فرص التحالفات الموالية، وسيطرة الميليشيات على نحو 55 مقعدًا في البرلمان، ما من شأنه التأثير على تشكيل الحكومة، لا سيّما في حال تكتُّلها مع المالكي وبقية تحالفات «الإطار التنسيقي»، والخسارة المدوية للتحالفات المدنية الداعية لمدنية الدولة.

في المقابل، تواجه إيران تحدِّيات معقَّدة تحِدّ من دورها المُحتمَل لهندسة المرحلة المقبلة في العراق، أبرزها: مأزق النظام ذاته، وتفكُّك «محور المقاومة»، وانشغالها بما يتردَّد عن إمكانية توجيه ضربة إسرائيلية-أمريكية جديدة لإسقاط النظام، واستمرارية الحكومة الإسرائيلية المتطرِّفة، والدعم الأمريكي المُطلَق لإسرائيل في عهد الرئيس ترامب، والأقوى إيمان الإدارة الأمريكية في عهد ترامب بضرورة استكمال حلقات إضعاف إيران بتحرير العراق من إيران؛ لذلك عيَّن الرئيس الأمريكي مبعوث خاص قبيل الانتخابات بأيام، لممارسة دور أمريكي مباشر في هندسة المرحلة المقبلة في العراق. لكن في حال تراخي الدور الأمريكي، قد تلجأ إيران إلى سيناريو 2021م، بأن تدعم المالكي لتحريك ورقة الثُلث المعطَّل، حال عدم القُدرة على التحكُّم في التكتُّل الأكبر بهدف تعقيد عملية تشكيل الحكومة الجديدة، حيث أنَّ امتلاك أكثر من ثُلث المقاعد؛ يمنح أذرعها السياسية القُدرة على تعطيل جلسات أو قرارات تتطلَّب أغلبية الثُلثين، مثل انتخاب رئيس الجمهورية، وبالتالي عمليًا تعطيل تسمية وتكليف رئيس الحكومة، مثلما حدَثَ عندما استخدمته قُوى «الإطار التنسيقي» بعد انتخابات 2021م، عندما حاول مقتدى الصدر الانفراد بتشكيل حكومة أغلبية سياسية، وتمكَّنت من إفشاله. لكن على أيّ حال، ستكون الأيام المقبلة في العراق الاختبار الهام للولايات المتحدة وقوَّتها في هندسة المشهد.


[1]– مجلس النوّاب العراقي، مجلس النوّاب يصوِّت على قانون هيئة الحشد الشعبي ويباشر بقراءة قانون تنظيم الوكالة التجارية، (26 نوفمبر 2016م)، تاريخ الاطلاع: 5 نوفمبر 2025م، https://bit.ly/3n74K7q

[2]–  رفع المحتجِّين-من كل فئات وأطياف وانتماءات ومناطق العراق-شعارات وهتافات معادية لإيران وأذرعها في العراقمثل «إيران بره برة والبصرة حرة حرة» «إيران برة برة عراق تبقى حرة»،  وأضرم المحتجُّون النيران في القنصلية الإيرانية بالنجف ثلاثة مرات خلال الاحتجاجات والقنصلية الإيرانية في مدينة كربلاء، وحرقوا العلم الإيراني في العديد من المحافظات الشيعية، وضرب صور المرشد وقاسم سليماني في العديد من المحافظات الشيعية بالأحذية، واستهدفوا مقرات الميليشيات، وتغيير المحتجِّين اسم شارع الخميني الى شارع شهداء ثورة العشرين: انظر المصادر التالية: فيديو على اليوتيوب، مظاهرات العراق: بغداد حرة حرة .. إيران تطلع برا، (4 أكتوبر 2019م.

* عبر تصفيتها العديد من كبار العقول النووية الرائدة والبارزة في البرنامج النووي، وعدد كبير من كبار قيادات الصف الأول من العسكريين المقرَّبين من خامنئي، والقائمين على حماية مبادئ وتوجُّهات وسياسات النظام الداخلية والخارجية، فضلا عن تدمير نسبة كبيرة من مستودعات الصواريخ الباليستية والمسيَّرات الهجومية -نقطتى القوَّة الإيرانيتين- والأُصول النووية: فوردو ونطنز وأصفهان.

[3]– قناة الرشيد العراقية، واشنطن تبلِّغ بغداد: وزارات في الحكومة المقبلة ومن سيشغلها ستكون من اختيارنا حصرًا، تاريخ الاطلاع: 12 نوفمبر 2025م، https://urli.info/1ev-7

* حركة النجباء، وكتائب سيِّد الشهداء، وحركة أنصار الله الأوفياء، وكتائب الإمام علي.

* مشروع قانون أعدّه جمهوريون وديمقراطيون معروفون بتشدُّدهم تجاه إيران بقيادة النائب بالكونجرس عن ولاية ساوث كارولاينا جو ويلسون، ونشره ويلسون على موقعه بتاريخ 5 أبريل 2025م، ويأتي القانون ضمن حزمة من القوانين المناهضة لإيران، قدَّمتها لجنة الدراسات الجمهورية- التي تُعَدُّ أكبر تجمُّع للجمهوريين في الكونجرس-بينها: قانون «لا لحزب الله في نصف كرتنا الأرضية»، قانون «الضغط الأقصى» ضدّ لإيران، قانون «إلغاء الإعفاءات من العقوبات»، قانون «منْع الطاقة الإيرانية»، قانون «مكافحة الإرهاب الإيراني» لفرض عقوبات إضافية على الحوثيين والفصائل الموالية لطهران.

[4] – USA congress، H.R.2658 -Free Iraq from Iran Act, Text: H.R.2658, Accessed: Nov 12, 2025, https://2h.ae/DTmv

* يضُمّ عدد من الرموز السياسية والعسكرية الشيعية مثل: تحالف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وتحالف الفتح برئاسة هادي العامري، وحركة حقوق برئاسة الناطق باسم كتائب حزب الله العراقي حسين مؤنس (أبو علي العسكري)، وتيّار الحكمة الوطني بزعامة رجل الدين عمّار الحكيم، وتحالف النصر والإصلاح برئاسة رئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي، وكتائب حزب الله العراقي برئاسة أبو حسين المحمداوي وميليشيا حركة النجباء بقيادة أكرم الكعبي وميليشيا عصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي، كما تتبنَّى غالبية تحالفاته وميليشياته مبدأ الدولة المذهبية، الذي يدور حول مفاهيم الطائفية والتوافق والتبعية والوجهة الإيرانية.

[5]– رووداو، الصدر يُجدد مقاطعته للانتخابات ويطالب بتسليم السلاح «المنفلِت» وحلّ «الميليشيات»، (4 يوليو 2025م)، تاريخ الاطلاع: 5 نوفمبر 2025م، https://urli.info/1jjOv

[6]– الوثيقة، المرجعية تحصّن المقاطعين: المشاركة في الانتخابات حسب القناعة، (20 أكتوبر 2025م)، تاريخ الاطلاع: 7 نوفمبر 2025م، https://urli.info/1j4I2

[7]ABC العربية، مجلس محافظة بغداد يصدر قرارات مهمَّة بشأن الأراضي الزراعية والاستثمار، (14 أكتوبر 2025م)، تاريخ الاطلاع 7 نوفمبر 2025م، https://urli.info/1j44J

*  تفكك ما يسمى بمحور المقاومة ومأزق النظام في إيران والضغوط الأمريكية المكثفة على دولة الميليشيات لحل الحشد الشعبي وتجريد الميليشيات المسلحة المنفلتة من سلاحها.

[8]– العالم العراقية، الإعلان عن انطلاق أكبر ائتلاف سياسي مدني في العراق باسم «ائتلاف الأساس العراقي»، (22 أغسطس 2025م)، تاريخ الاطلاع: 8 نوفمبر 2025م، https://urli.info/1jk4a

[9]– السومرية، رئيس المجلس الأعلى: «أبشر يا عراق» مشروع تصحيح، (20 يناير 2025م)، تاريخ الاطلاع: 5 نوفمبر 2025م، https://urli.info/1jk6s

[10]– المرجع السابق.

[11]– مايكل نايتس، حمدي مالك، أمير الكعبي، لمحة عامَّة: حركة حقوق، معهد واشنطن، (15 مارس 2024م)، تاريخ الاطلاع: 5 نوفمبر 2025م، https://urli.info/1jk9m

* أول مشاركة بارزة له كانت في برلمان 2018م، عندما تمَّ اختياره رئيسًا للبرلمان بدعمٍ من «تحالف البناء»، الذي كان يناور لبقاء العراق ضمن دائرة النفوذ الإيراني والحفاظ على المكتسبات الإيرانية في العراق بقيادة نوري المالكي وهادي العامري، ثمَّ اختياره رئيسًا للبرلمان للمرة الثانية عام 2021م، أيضًا بدعم من «الإطار التنسيقي»، نتيجة اضطراره في المرَّتين للانضمام للتكتُّلات الشيعية؛ بسبب تذبذُب وتقلُّب وانسحاب مقتدى الصدر من المشهد في المرَّتين المتتاليتين من التكتُّل، الذي يضُمّ عادةً التيار الصدري، التحالفات السُنِّية: عزم وتقدُّم، التحالفات الكردية: الحزب الديمقراطي الكردستاني) تحت مسمَّى «تحالف الإصلاح والبناء» عقِبَ انتخابات 2018م، أو «تحالف إنقاذ وطن» عقِبَ انتخابات 2021م، ويطالب بعودة العراق إلى محيطه العربي لضمان الحفاظ على هوّيته العربية ونبْذ الطائفية، ولذلك ما كان هناك سبيل للحلبوسي سوى العودة للانضمام للتكتُّل، الذي يضُمّ التحالفات الشيعية بقيادة المالكي والعامري.

[12]– فيديو يوتيوب، المؤتمر الانتخابي لتنظيمات حزب تقدُّم بغداد المركز لدعم الرئيس الحلبوسي، (8 نوفمبر 2025م)، تاريخ الاطلاع: 9 نوفمبر 2025م، https://urli.info/1jbtP

* يمكن الإشارة إلى ادانته التفجيرين، اللذين وقعا في إيران خلال 2024م، في كرمان قُرب مقبرة قاسم سليماني، وإدانته أيضًا تصفية إسرائيل للأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، ونعته بالقائد الشجاع والمجاهد والعظيم. انظر المرجع: السومرية، بعد تفجير اليوم.. «العزم» يؤكِّد تضامنه مع الشعب الإيراني، (3 يناير 2024م)، تاريخ الاطلاع: 9 نوفمبر 2025م، https://2u.pw/Dfql1

*  عودة النازحين من المحافظات السُنِّية إلى منازلهم، وحل ملف المغيَّبين منذ محاربة «داعش»، ومعاقبة مرتكبي الجرائم بحقِّ أبناء السُنَّة، وإعادة إعمار المحافظات السُنِّية من أموال الدولة، وليس الانتظار لحين الحصول على أموال المانحين وضبْط السلاح المنفلِت، المصدر: لمزيد من التفاصيل، انظر الحوار التليفزيوني مع القيادي بتحالف عزم حيدر الملا على قناة الرابعة العراقية، https://2u.pw/fxrUQ

* محمود المشهداني، طلال الزوبعي، خالد العبيدي، محمد نوري الجبوري.

* مثل النائب السابق قتيبة الجبوري، والقائد السُنِّي البارز وزير الخارجية والمالية الأسبق رافع العيساوي، ومؤسِّس ورئيس حزب الحل جمال الكربولي، ووزير التجارة الأسبق سلمان الجميلي.

[15]. وكالة أنباء الأناضول، العراق.. الإعلان عن تشكيل «تحالف الحسم الوطن»”، (19 يوليو 2023م)، تاريخ الاطلاع: 9 نوفمبر 2025م، https://2u.pw/Ud3oN3Z

[16]. العربي الجديد،«”الحسم»… تحالف عراقي جديد بوجوه قديمة، (31 يوليو 2023م)، تاريخ الاطلاع: 8 نوفمبر 2025م، https://2u.pw/r821Pz

* حزب التنمية التركماني، الحزب الديمقراطي التركماني، الحركة الديمقراطية التركمانية، حزب الإنقاذ الوطني التركماني، جمعية المثقفين التركمان، الجمعية الليبرالية التركمانية، حزب الشباب التركماني في كركوك.

* عدنان عبد خضير عباس مطر الزرفي سياسي عراقي، وعضو في مجلس النوّاب العراقي منذ 2018م، كُلِّف بتشكيل الحكومة العراقية فاعتذر في 9 أبريل 2020م، لعجزه عن تشكيل الحكومة، وكان محافظًا سابقاً للنجف لعدَّة مراتٍ وعضوًا في حزب الدعوة الإسلامية.

* دولة القانون القائمة على المؤسّساتية لا الفردانية، والوطنية لا الطائفية والمذهبية والمكوِّناتية، والعدالة لا الظلم، والاستقلالية لا التبعية، والنزاهة والكفاءة لا الفساد، والجيوش الوطنية لا الجيوش المليشياوية بصناعة خارجية، واحتكار الدولة للسلاح لا انتشاره، التوازن وتعدُّد البدائل في العلاقات الخارجية لا البديل الواحد الطائفي، وأولوية المصالح العراقية على الأجندات الخارجية.. إلخ.

[17]– كوردستان 24م، الزرفي: العراق خسِرَ 20 مليار دولار بسبب إيقاف نفط الإقليم والحكومة تغطِّي نشاط الفصائل، (6 نوفمبر 2025م)، تاريخ الاطلاع: 10 نوفمبر 2025م، https://urli.info/1eoSK

[18]– قانون انتخاب مجلس النواب العراقي رقم (9) لسنة 2020م، (5 نوفمبر 2020م)، تاريخ الاطلاع: 8 نوفمبر 2025م، https://urli.info/1jdnf

[19]– السيستاني يدعو لدمج المشاركين في حرب داعش بالمنظومة الأمنية، http://cutt.us/4B0K3 ، وللمزيد، العبادي والتحديات الداخلية بعد داعش، http://cutt.us/lkl0S

[20]– وكالة الانباء العراقية، رئيس الوزراء: هناك إجماع من كل القوى السياسية على إنهاء وجود أي سلاح خارج مؤسسات الدولة، (5 نوفمبر 2025م)، تاريخ الاطلاع: 9 نوفمبر 2025م، https://urli.info/1ekC6

[21]– بغداد اليوم، العراق في المرتبة 140 عالميا في مكافحة الفساد، (3 فبراير 2025م)، تاريخ الاطلاع: 9 نوفمبر 2025م، https://urli.info/1j8dT

[22]– وكالة الأنباء العراقية،360  مليار دولار حجم الأموال المهربة من العراق وجهتان تعملان لاستردادها، (9 سبتمبر 2021م)، تاريخ الاطلاع: 8 نوفمبر 2025م، https://urli.info/1ekVw

[23]-الوكالة الوطنية العراقية للأنباء، تقدر بـ 500 مليار دولار .. باحث قانوني: استرداد الأموال العراقية المهربة ممكن عبر الاتفاقيات الدولية، (8 أغسطس 2025م)، تاريخ الاطلاع: 9 نوفمبر 2025م، https://urli.info/1j8lJ

* منذ سقوط نظام صدام حسين سارعت إيران لتنفيذ مخطَّط تغيير هويّاتي، بقيامها بحملة دعائية ضد العروبة وربطها بالأوضاع التي آل إليها العراق، وجرى تغييب كافَّة الرموز والحقائق العروبية بهدف الانتقال إلى مرحلة العراق الجديد الفاقد لهويّته العربية لصالح الهويّة الفارسية، وبالتالي اجتزاء العراق عن محيطة العربي السُنِّي. المصدر: د-لقاء مكي، عروبة العراق واقع حي لا يمكن تجاهله، (5 أكتوبر 2005م)، تاريخ الاطلاع: 9 نوفمبر 2025م،  https://urli.info/1eAjt

[24]– غسان الامام، هل عروبة العراق في خطر؟، (13 يوليو 2025م)، تاريخ الاطلاع: 9 نوفمبر 2025م، https://urli.info/1joeH

*  الأكراد الفيليين هُم من الشيعة ويتحدَّثون بلهجة كردية تختلف عن مثيلاتها في كردستان العراق.

[25] – المفوضية العُليا المستقلَّة للانتخابات، توزيع المقاعد لانتخابات مجلس النوّاب العراقي 2021م، تاريخ الاطلاع: 11 أكتوبر 2021م، https://bit.ly/3anJsg9

[26]– الرشيد العراقية، واشنطن تبلِّغ بغداد: وزارات في الحكومة المقبلة ومن يشغلها ستكون من اختيارنا حصرًا، (27 أكتوبر 2025م)، تاريخ الاطلاع: 12 نوفمبر 2025م، https://urli.info/1jrcp

[27]– الموقع الرسمي لحزب تقدُّم، نشاطات وبيانات وأهداف والبرنامج السياسي للحزب، تاريخ الاطلاع: 11 أغسطس 2025م، https://takadum.org/

[28]– بغداد اليوم، المفوَّضية تكشف عن موعد إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية-عاجل، (12 نوفمبر 2025م)، تاريخ الاطلاع: 12 نوفمبر 2025م، https://urli.info/1jfIu

[29]– السومرية، السوداني يحصد «إعادة ثقة المواطن بالسياسة»: المشاركة الأعلى منذ عقْد.. وثُلث المشاركين جاءوا من «الأغلبية الصامت»”، (12 نوفمبر 2025م)، تاريخ الاطلاع: 12 نوفمبر 2025م، https://urli.info/1erRx

[30] – السومرية، السوداني يحصد «إعادة ثقة المواطن بالسياسة»: المشاركة الأعلى منذ عقْد.. وثُلث المشاركين جاءوا من «الأغلبية الصامت»”، (12 نوفمبر 2025م)، https://urli.info/1eskW

[31] – السومرية، تقرير، شراء الأصوات الانتخابية بمبالغ خيالية يواجه وعي الناخبين وإجراءات رادعة، (13 أغسطس 2025م)، تاريخ الاطلاع: 10 نوفمبر 2025م، https://urli.info/1errB

[32] – وزارت خارجه عراق: اظهارات بقائی در خصوص انتخابات، دخالت آشکار در امور داخلی ماست، (۱۹ آبان ۱۴۰۴)، تاريخ الاطلاع: 12 نوفمبر 2025م، https://urli.info/1jrN8

د. عبدالرؤوف مصطفى الغنيمي
د. عبدالرؤوف مصطفى الغنيمي
باحث سياسي بالمعهد الدولي للدراسات الإيرانية