الحجاب في إيران بين ثنائية الأيديولوجيا والسياسة

https://rasanah-iiis.org/?p=22544

محمد السيد الصياد

باحث متخصص في الدراسات الفكرية والأيدولوجية بـ «رصانة»

ربى البلوي

باحثة في الفكر السياسي والعلاقات الدولية

مقدمة

رُبّما لم تشهد الجمهورية الإيرانية منذ ثورة 1979م، مسألة ذات جدل فقهيﱟ وفلسفيﱟ وسياسي، كمسألة الحجاب، ولباس المرأة؛ ذلك أنّ عوامل عديدة حوَّلتها إلى مسألةٍ هُويّاتية، ومحلّ تجاذُبٍ دينيﱟ وسياسيﱟ.        

ولا تكمُن أهمِّية هذه الدراسة في بُعدها الفقهي، ومقولات فُقهاء الشيعة، فذلك ممّا بُحِث قديمًا وحديثًا، بيد أنّ أهمِّيتها تتجلَّى في إدراك مساحات الحرِّية التي تكفُلها السُلطة الإيرانية للآخر المختلف معها في القراءة الدينية والسوسيولوجية، وهذا يؤدِّي إلى معرفة رأي السُلطة والنُّخبة الدينية الممارساتي في مسألة التعدُّدية الثقافية والفكرية، وهذا يحدِّد على وجه الدقَّة مديّات النفوذ السُلطوي والحكومتي في أبواب الأحكام، باعتبارها وفقًا لقراءة الولائيين جزء من مهام الولي الفقيه وسُلطته الدينية-السياسية، وبالتالي كيفية التطبيق العملي لمقتضيات القول بولاية الفقيه المُطلَقة. ولا شكّ أنّ هذا يفكِّك لدى المعنيين الفوارق الدقيقة بين التنظيري والممارساتي وإكراهاته.   

أيضًا ثمَّة بُعدٌ آخر يضيف جديدًا لتلك الدراسة، متعلِّق بالتجاذُب الهويّاتي حول مسألة الحجاب، وخروجها من الأسوار الحوزوية والفقه المدرسي، إلى فضاءات المجتمع وصراعات المشهد الثقافي، وحفاظ السُلطة الدائم على ذلك الزخم، كجزء من معركة سياسية ودينية واجتماعية، تحرص النَّخبة الولائية على إبقائه في سُلَّم الأولويات، رُبّما لقناعات يقينية في العقل الجمعي لرجال الدين، ورُبّما لأمور توظيفية تخدُم الواقع السياسي والاجتماعي الراهن في إيران، أو لكليهما.

وفي هذا السياق تحاول الدراسة الكشف عن الخيوط الإدراكية لذلك العقل الجمعي، وتحاول الإجابة عن تساؤلات متعلِّقة بمديات تسييس الحجاب بُغية تعزيز تمظهُراتٍ تُعزِّزُ أيديولوجية النُّخبة الدينية، ومحاولات جادَّة لخلق هويّة إيرانية جديدة متقاطعة مع عصر الشاه، يدخل زيّ النساء في الصُلب منها.    

أوّلًا: الثورة الإيرانية ومرحلة فرْض الحجاب

كانت معظم الإيرانيات الرافضات لحُكم الشاه إبان الثورة تتنافسن على ارتداء الشادور، بوصفهِ أداة ثورية في مواجهة الشاه، ومقاومة لسياسته التغريبية([1])، لكن لم يكُن هذا دليلًا في ذاته، على أيّة قناعات دينية، حيث كانت النساء المشاركات من كافَّة التيّارات السياسية، هذه لمحة لا ينبغي تجاوُزها لفهم خارطة الصراع السياسي، وما يحيط به من شعارات تعبِّر عنه، فاليساريون (اليسار الاستاليني) حينئذ كانوا يعتقدون أنّ ما قام به الشاه في مسألة المرأة، هو نوع من «الانحلال»، وشنَّعوا على التروتسكيين (الذين أطلق عليهم البعض بعد الثورة اسم: العائدون من الدول الأجنبية، كناية عن التأثُّر بالثقافة الغربية)، شنَّعوا عليهم بسبب الاختلاط، و ما سمُّوه بـ «عرض أجساد النساء»([2]). ومثل تلك الوقائع تعطينا مؤشِّرات على مركزية الشادور في معركة الثورة حينئذ، بوصفه شعارًا ثوريًّا.       

بعد الثورة مباشرة وفي غضون أسبوعين فقط من نجاحها، تمّ إلغاء الإصلاحات المحدودة التي كافحت النساء الإيرانيات من أجلها في الماضي منذ الثورة الدستورية وما قبلها. فقرَّر قادة إيران أن ترمُز النساء إلى الطابع الإسلامي للدولة، وفي 07 مارس 1979م فُرِض الحجاب الإلزامي على النساء([3])، وفي صباح اليوم التالي 08 مارس – وهو اليوم العالمي للمرأة – خرجت آلاف النساء في جميع أنحاء البلاد إلى شوارع المدن للاحتجاج على الحجاب الإلزامي.       

وقد فاجأت هذه المعارضة الواسعة رجال الدين؛ فتراجعوا مؤقَّتًا عن القرار، ثمّ استخدم النظام على مدار العامين التاليين خطَّة تدريجية لإعادة فرض الحجاب، ففُرِض أوّلًا في عام 1981م على موظَّفي الحكومة، وفُرِض على أيّ امرأة تدخُل إلى المكاتب والمباني الحكومية، ووُضِعت إعلانات في مختلف الإدارات الحكومية والمرافق والمتاجر تمنع دخول المرأة: «يُمنَع الدخول دون ارتداء الحجاب»/ «ورود بدون حجاب اسلامى اكيدا ممنوع است»([4])، ثم فُرِض على الطالبات. وفي نهاية المطاف وتحديدًا سنة 1983م فُرِض الحجاب على جميع النساء -سواء أكُنّ مسلمات أم غير مسلمات- فوق سن التاسعة، فأصدرت السُلطات قانونًا يُوجِب ارتداء الحجاب على جميع النساء، ومن ثمَّ بات الحجاب مقنَّنًا، تُعاقَب من لم تلبسه بحُكم القانون([5]).   

وحسب المادة 638 من قانون العقوبات الإسلامية؛ فإنّ عقوبة خلع الحجاب تتراوح بين التعزير وغرامة مالية نحو عشرين دولارًا، وأحيانًا بالحبس من عشرة أيّام إلى شهرين([6]). 

لكن يتمّ التحايُل على هذه العقوبة غالبًا من قِبل السُلطات، وتتحوَّل إلى عقوبة نشر الفاحشة العلنية، لتصل إلى نحو عشر سنوات سجن لمن تثبُت عليه تلك التُّهمة. فعلى سبيل المثال، أصدرت مجموعة من خُبراء حقوق الإنسان التابعين لمنظَّمة الأمم المتحدة في 16 أغسطس 2019م، بيانًا احتجُّوا فيه على الأحكام الصادرة ضدّ المعترضين على الحجاب الإجباري في إيران وقمعهم، وجاء في البيان: «إنّنا نشعر بالقلق العميق بالنسبة لعمليات الاعتقال وإصدار الأحكام الصارمة بالحبس ضدّ هؤلاء النساء اللائي على اتصالٍ مباشرٍ بالأنشطة السلمية، تمشِّيًّا مع حقوقهنّ في الحرِّية. إنّ هؤلاء النساء اتُهِمنّ بسبب إعطاء الزهور للنساء بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، بالعمل ضدّ الأمن القومي والدعاية ضدّ النظام والترويج للفساد والبغاء». وبناءً على حُكم الفرع (28) لمحكمة الثورة، تمّ الحُكم على عدد من هؤلاء النساء بالسجن لمدَّة خمسة أعوام بتُهمة: «الاجتماع والتآمُر بنيّة العمل ضدّ الأمن القومي»، والسجن لمدَّة عامٍ بتُهمة «الدعاية ضدّ النظام» وحُكِم عليهن بالسجن لمدَّة 10 سنوات بتُهمة «تشجيع وتهيئة المجال للفساد والبِغاء»([7]). 

وتأتي تلك العقوبات في القانون الجنائي رغم عدم وجود عقوبة في النصوص الدينية لمن لم تلبس الحجاب، وانتفاء التصريح بعقوبة في النصوص الشرعية القطعية، أحرج النُّخبة الدينية الولائية، وبرَّروا ذلك التقنين ببعض الأدلَّة، من قبيل: الإجماع، وسيرة المعصوم، وقاعدة اللُطف، والعقوبة لكُلّ ذنب، والسيرة العملية، علاوةً على أدلّة أُخرى، مثل الحُكم الحكومتي، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك([8]).     

وبرَّر آية الله موسى أردبيلي (1926- 2016م)([9])، تقنين إلزامية الحجاب رغم أنّه من الأمور الأخلاقية والآداب العامّة، التي من المفترض أن تنبُع من داخل الإنسان، ولا يمكن أن يلزم الناس بها عبر السُلطة والقانون، فقال: «يجب أن نفرق بين المبدأ والأسلوب. وأنا أوافق على التفرقة بين الأحكام الشرعية والآداب الإسلامية، لكنِّي أُضيف أنّ المسائل التي لم يُنَصّ فيها على حُكم شرعي، لا ينبغي أن تُترَك بغير تدخُّل من جانب الدولة»([10]).                     

لكن يُستدرَك على هذه القراءة الولائية أنّ ذلك المنطق في التعاطي مع الأحكام الدينية سيفتح الباب لوضع عقوبات على كُلِّ ما لم يُنَصّ عليه في الشريعة، كالغيبة، والنميمة، والحسد، وسائر الآداب والأخلاق العامَّة، والأعمال القلبية التي يصِل بعضها في رُتبتها إلى درجة تفُوق كثيرًا غيرها، وهذا ما لم يقُل به أحد من الفُقهاء ولا المشرِّعين. بالإضافة إلى أنّ هذا التعاطي سيضخِّم النفاق المجتمعي، بحيث لا يبقى شيءٌ راجع لضمير الناس وجهادهم لأنفسهم، ويصير كُلّ شيء بيد القانون، والقانون غير مُستوعِب؛ لأنّه يُعنَى بالظواهر لا الضمائر، في حين أنَّ الآداب والأخلاق ترجع عادةً إلى الضمائر.   

وزيادة في التبرير، قسَّم الأردبيلي الجرائم إلى جرائمَ منهِيٌ عنها منصوص على حُكمها، وأخرى غير منصوص على حُكمها، وأُخرى مُستجدَّة، لذا فإنّ للحاكم -وَفقًا لأردبيلي- أن يباشر مسؤوليته من باب التعزير، فيعاقب المخالفين حمايةً للمجتمع المسلم([11]). وعلى هذا طبقت مقولات المرجعيات الولائية، وحسب آية الله مكارم الشيرازي (1927-..) فإنّ: «الحكومة الإسلامية والمسلمين ليسوا ملزمين بمواجهة الخطايا الخفية للأفراد، لكن مما لا شك فيه أنّ عليهم واجب إنكار الخطايا التي اُرتكبت علنًا على مستوى المجتمع، ومن ثمَّ فإنّ الحكومة الإسلامية ملزمة بمنع الخطايا العامَّة»([12]). وحسب المرجع صافي كلبايكاني (1919م-..) فإنّ «جميع النساء مطالبات بالحجاب حتّى غير المسلمات، وللحاكم أن يعاقب المخالفات»([13]).     

ولذا فقد تدخَّل رجال الدين في المسألة الأمنية والسياسية الخاصّة بالحجاب، وجعلوا تعقُّب غير المحجَّبات أمراً دينيًا مقدَّسًا يستوجب لعناصر الأمن الثواب والمغفرة. فقد وجَّه المرجع الديني محمد علوي جرجاني خطابًا للقوّات الأمنيّة قائلًا: «لا تدعوا نعمة الحجاب تزول، والتعامُل مع عدم ارتداء الحجاب هو مطلب مراجع التقليد. لقد قُدِّم بضعة آلاف من الشهداء وكُلّ هذه التضحيات كي يُحفَظ الإسلام، الشرف والحجاب»([14])

وحاصل القول: إنّه ووَفقًا لمقتضيات ولاية الفقيه، فإنّه يمكن للولي الفقيه إصدار أو إلغاء أي تشريع يرى فيه مصلحة للدولة، ويصل الأمر إلى إمكانية إلغاء أيّ فريضة من الفرائض. والحُكم الحكومتي مُقرَّر عند الفُقهاء، إلّا أنّ فُقهاء الشيعة قبل الخميني – تحديدًا قبل الثورة الإسلامية – كانوا يحصرون هذا الحُكم في حكومة الإمام الغائب، بوصفهِ معصومًا، ومُلهَمًا من عند الله، ولم يسحبوه إلى الفقيه، في حين أنّ الخميني فعَّله وأفاد منه في الواقع السياسي، والشأن العام، وجعله مُوازيًا للحُكم الأوّلي – فضلًا عن الحُكم الثانوي، بل مُقدَّما عليه في أحايين كثيرة([15]).       

ثانيًا: ملاحقة النساء.. القهر المتديِّن 

ما عادت مسألة الحجاب محض مسألة اجتماعية، أو حتّى شعارًا وهويّة للثورة والنُّخبة الدينية ما بعد الثورة الإيرانية، بل أصبح الحجاب رمزًا سياسيًا وشعارًا للدولة، وبالتالي صار مُتجاذَبًا في المعارك الانتخابية، وبرامج القُوى والتيّارات السياسية والدينية.      

وبين الحين والآخر تخرُج حملات رسمية تحت عنوان: «التصدُّر للحجاب السيء»، ويتوازى ذلك مع اشتباك بين “المحافظين” و”الإصلاحيين” حول قانون فرض الحجاب أوّلًا، وحول حقيقته وشكله ثانيًا، مع بُعد توظيفي ملحوظ. 

وقد نزلت بعد الثورة كتائب ولجان الحرس الثوري إلى الشارع لتعميم الحجاب، ويقول فهمي هويدي عن الصورة التي ارتآها بنفسه في هذه الفترة: «اعتبرت السُلطة ضمنًا أنّ الحجاب زيٌّ إسلامي، ملزم للجميع. وتولَّت لجان الثورة تطبيق هذا التوجيه ومتابعة الالتزام به في الشوارع. واندفع الشباب في هذا الاتّجاه حتّى أساء بعضهم التصرُّف. وتجاوز حدود النصح والإرشاد إلى الإهانة والتقريع. وقيل لي إنّهم كانوا يستوقفون بعض النساء في الشوارع، ويطالبونهنّ بإحكام غطاء الرأس، أو إزالة الأصباغ من الوجه»([16]).  

وقد أُلغِي في أوائل التسعينات نظام «أخوات زينب»، التي كانت مهمتهنّ أن: «يقفن في نواحي الشوارع يراقبن التحجُّب ويسببن الرُّعب لبقيّة النساء»([17]). وتقول ناشطة إيرانيّة عن المرحلة الأولى من الثورة بعدما رفضت الحجاب الإلزامي: «بينما كنت أستعدُّ لمغادرة إيران، وبينما كنت أحزم أمتعتي داهم أفراد من الحرس الثوري شقّتي، واعتقلوني وزجُّوا بي في سجن إيفين بتُهمة الاشتغال بالنِّسوية والانخراط في المسائل الأمنية، وهي جريمة لا وجود لها في الواقع»([18]). 

ولا تزال سياسات النظام متشدِّدة تجاه غير المحجَّبات، ولم تنتهِ مراحل العنف التي بدأت منذ الأيّام الأولى للثورة تجاه النساء، وإن كانت قد خفَّت في عهدي الرئيسين الأسبقين هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي، ثمّ عادت بقوّة في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، فقد بدأت الشرطة في عهده تنفيذ ما سُمِّي «حملة التصدِّي للحجاب السيء»([19]). وأبدت النساء مقاومة إزاء الشرطة النِّسوية وهي تسحبهُنّ من الشارع واحدة تلو الأخرى، بتعبير الصمادي. وكانت العناصر الشرطية يحتسبون ذلك العمل العنيف في سبيل الله: «إنّنا ننفِّذ صلاحياتنا التي منحنا إيّاها قانون المجازاة الإسلامي، فالمادَّة 238 تنُصّ صراحةً على مسؤوليتنا في مواجهة هذه المخالفات»([20]).

وكانت حصيلة النساء المعتقلات بين عامي 2003م و2013م ما يقرُب من 30 ألف امرأة، وتعرَّضت أكثر من 460 ألف امرأة أخرى للتوبيخ؛ بسبب سوء ارتداء الحجاب، وتغريم أُخريات مبالغ مالية تصِل إلى 800 دولار بسبب اللباس غير المحتشم([21]).    

واستمرَّت تلك السياسات حتّى اليوم في عهد الرئيس حسن روحاني، ذلك أنّ مسألة الحجاب ليست في يد رئيس الجمهورية، بل في يد المرشد الأعلى والنًّخبة الدينية، وبالتالي فليس بمقدور “الإصلاحيين” أو “المعتدلين” إنفاذ وعودهم التي يجزمون بها إبان حملاتهم الانتخابية، في هذه المسـألة، ولذا فإنّنا نجد تدخُّلات من الحرس الثوري نفسه لضبط الشارع في كثير من المراحل، ولهذا دلالات ثقافية وأيديولوجية عميقة.

وبسبب هذا يحذِّر الإصلاحيون وبعض المحسوبين على النظام من ردود الفعل العكسية، ومن تضخُّم دوائر التمرُّد والمعارضة بسبب تعاطي الأجهزة الأمنية مع مسألة الحجاب، وطالبوا بالاكتفاء بأحكام القضاء فقط، دون تعامُل العناصر الأمنية مع النساء في الشوارع، والأقسام الشرطية، التي غالبًا ما تشمل الضرب والإهانة([22]).       

ويبدو أنّ تلك الاندفاعة في فرض الحجاب مماثلة للاندفاعة في نزعه إبان عهد الشاه رضا بهلوي (1878- 1944م)([23])، فكلا العهدين جعل من المرأة مادّته للقهر والإلزام، وكلاهما زعم أنّه ممثِّل للهُويّة الإيرانية. والمفارقة أنّ الخميني (1902- 1989م) انتقد محاولات رضا شاه لفرض نموذجه، قائلًا: «إنّ الحكومة التي يقوم أعوانها المهووسون والجلّادون من رجال الشرطة بالاعتداء على النساء العفيفات، وإجبار المسلمات في المدن والقُرى على رفع الحجاب عنهنّ بقوّة السلاح، ما هي إلا حكومة ظالمة، والتعاوُن معها ليس إلّا تعاوُنًا مع الكُفر»([24]). لكن الشرطة والعناصر الأمنية في عهد الخميني وما بعد الخميني تهدِّد النساء أيضًا بقوّة السلاح على ارتداء الحجاب، وكلا الأمرين ليس أخلاقيًا، وغير مُجدٍ على صعيد القناعات النفسية، والاعتقاد الديني، بل يساهم في تنمية النفاق المجتمعي.     

وبعض التصريحات التي يطلقها قادة الأجهزة الأمنية تدُلّ على مدى أهمِّية تلك المسألة -أيديولوجيًا وسياسيًا- في العقل الأمني، فعلى سبيل المثال صرَّح قائد القوات الأمنية ([25])، في قُم، قائلًا: «إنّ العفَّة والحجاب إحدى هواجس المرشد ومراجع التقليد، والأئمة، والشعب المتديِّن، وهناك 26 جهازًا يلعبون دورًا في موضوع الحجاب والعفاف، الجانب الأكبر منها له دور ثقافي، والجزء الأصغر منه تنفيذي، وهو الذي تتولّاه القوّات الأمنية الإيرانية»([26])

فمسألة الحجاب إذن بالنسبة للقوّات الأمنية مسألة محورية، وتدخُل في صلب دوائر عملهم، بل إنّها وفقًا لتعبير أحد هؤلاء القادة الأمنيين: «خطّ أحمر للقوّات الأمنية»([27]).    

الوقوف على مثل تلك التصريحات مهمّ جدًّا لفهم فلسفة تعامُلهم مع المرأة في التظاهُرات ضدّ الحجاب أو حتّى في المعتقلات، إذ ترى العناصر الأمنية أنّ ذلك الفعل ضدّ المحجبات عملًا دينيًا وأخلاقيًا، يُتعبَّد به إلى الله، فثمَّة غطاء فقهي وديني يحمي تلك الأفعال من المساءلة أو من الشعور بالذنب أخلاقيًا.    

وعلى سبيل المثال، فآية الله جعفر سبحاني (1929-..)، يحثّ شرطة الأخلاق على الضرب بيد من حديد على كافَّة النساء اللاتي لا يلتزمن بالحجاب، أو يلبسنَ الحجاب السيء غير المتوافق مع شروط الحكومة الإيرانية، ويرى سبحاني أنّ القانون في كثير من الأحايين لا يكفي لمواجهة ظاهرة خلع الحجاب بل لا بد من تجاوُز القانون حينئذ: «إنّه لسوء الحظ في قُم وبعض المدن الأخرى، فإنّ وضع الحجاب غير مناسب. فيبدو كما لو أنّ الخاطفين يعتزمون إمالة النظام والإسلام، يجب على الشرطة التعامُل مع الحجاب بطرق مختلفة وليس بطريقة مسؤولة»([28]).

ودافع آية الله أحمد علم الهدى (1944- ..) عن ضرب عناصر الشرطة لامرأةٍ بصورة مهينة؛ بسبب خلعها الحجاب: «لا ينبغي استجواب قوّات الشرطة التي لبَّت نداء الشعب في الكوارث المختلفة بسبب خطأ ضابطة، فهم يعملون للتصدِّي لأحد المُنكَرات الشرعية – خلع الحجاب -». وانتقد المتعاطفون مع السيِّدة المضروبة: «ماذا يعني أن تفسح كُلّ أجهزة الدولة الطريق ولا تتعامل مع السيِّدات اللاتي لا يرتدين الحجاب؟ هل أصبحت الدعوات المناهضة للقرآن وفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصبحت موجودة أيضًا في البرلمان»([29]). 

فوفقًا لتصوُّره لفريضة الأمر بالمعروف، فإنّ ما قامت به الضابطة يتّفق تمامًا مع تلك الفريضة، ومن ثمَّ نجد تلك الثقافة شائعة بين النُّخب الدينية، فرجل دين آخر يطالب بالحزم مع النساء اللاتي لا يلبسنَ الحجاب، لأنّهُن إمّا مغرَّر بهِنّ، أو ينفِّذن مخطَّطات العدو([30]).    

وتعدَّى عنف السُلطة ليشمل بعض رجال الدين الذين اعترضوا على الحجاب بالإكراه، وطالبوا بحرِّية المرأة في قرارها دون تدخُّل، كما حدث مع الشيخ يوسف أشكفاري، فاعتقلته السُلطات بسبب ما عدَّتهُ: «أحد مصادر تهديد وتهديم مبادئ الثورة الإسلامية»([31])، فنُظِر إليه على أنّه يريد تجريد الدولة من حقِّها في إلزام الناس بالحجاب، والدولة ترى أنّ هذا حقّ أصيل لها لا يُمكن التنازُل عنه. 

وهذا يدُلّ على أنّ الاشتباك حول مسألة الحجاب اتّخذ أبعادًا أُخرى تختلف عن الاختلاف الفقهي المُتعارَف عليه بين الفُقهاء على مسألة فقهية ظنِّية أو قطعية. إذ إنّ هذا الصراع وتلك النقاشات والاستدراكات حول مسألة الحجاب تعبِّر بجلاء عن منزع ولاية الفقيه، بُغية تعزيزها وتَبيِئتها داخل الجماعة العلمائية نفسها، وبالتالي فإنّ التعامُل مع معارضي الحجاب لا يُنظَر إليهم بوصفهم معارضين لمسألة فقهية، بقدر ما يُنظَر إليهم بوصفهم متمرِّدين على سُلطة الولي الفقيه، وحدود ولايته، ودوائر مهامه ووظائفه.      

من زاوية أخرى، نجد أحد مراجع النجف الكبار يرفض العنف ضد غير المحجَّبات، فيقول المرجع إسحاق الفيّاض (1930-..): «إنّ استخدام القوّة والإكراه في الترويج للحجاب ليس فعّالًا»([32]).

ومَرَدُّ الخلاف بين النجف وقُم (أو بعبارة أدقّ بين النجف والولائيين) يرجع إلى اختلافهم في ولاية الفقيه، وما يترتَّب عليها من أحكام حكومتية، فالنجف وإن اعتقدت بفرضية الحجاب، إلّا أنّها لا ترى للفقيه حقّ في إلزام النساء به، إذ إنّها تتناول الأمر من باب المهمَّات والأحكام الفتوَوية، لا الأحكام القضائية، أو الإمامية.

ثالثًا: تداعيات العنف.. التمرُّدات النسائية

الجدير بالذكر أنّه مهما بلغ عنف الأجهزة الأمنية، فإنّ ثمَّة تمرُّدات ضدّ فرض نمطٍ بعينه على عامَّة النساء، ويبدو ذلك جليًا في تمرُّدات النساء في مدينة الموصل على نموذج ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، خاصّةً الطبيبات والممرِّضات([33])، وكذلك فالمشهد الإيراني لا يخلو من تمردُّات نسائية مستمرَّة، أدَّت إلى بُدُوّ بعض الأصوات تطالب بعقلانية التعاطي مع مسألة الحجاب، فالسيِّدة بروانه سلحشوري([34])، طالبت الجهاز الأمني الالتزام بالقانون: «مثلما تحوَّل الحجاب إلى قانون في الدولة، فيجب أن تصبح طريقة الاعتراض عليه قانونية وفي إطار القانون، لكن الموضوع أصبح شخصيًا بالكامل، ومن غير الإنصاف أن نحكُم بشكل متعجِّل على الفتيات المعترضات، ويُتهمَنَّ بالفساد»([35]).    

ورأت أنّ المعترضات على الحجاب: «لسن معاديات للنظام، ولا فاسدات، ولا جاسوسات، إنّهُنّ اعترضن فقط على مسألة»([36]). ونصحت المسؤولين أن يتعاملوا مع النساء كموجودات اجتماعية، بدلًا من أن يُعرَّفن كأداة سياسية([37]).

وهي تشير إلى ما تقوم به منافذ إعلامية رسمية محسوبة على النظام بوصف غير المحجَّبات بــأوصاف تسقيطية تشويهية من قبيل: « فاجرة» و«منحرفة» و«متسيِّبة»([38]).  

وفي نفس السياق، قال المدّعي العام الإيراني([39])، إنّ التعامُل القضائي في الموضوعات الثقافية والحجاب لا يفيد، وأنّه ينبغي انتهاج طُرُق سلمية. وبرَّر قوله إنّ لدى المُسيئات للحجاب ثقافات عائلية تُظهِر الحجاب السيء ولكنّهن لا يعتبرونه سيِّئًا، بالإضافة إلى أنّ بعض المُسيئات للحجاب لا تؤمنَّ بالإسلام، بل هُنَّ علمانيات أو يتّبِعنَ ديانات أُخرى، لكن عددًا قليلًا منهن يفعلن ذلك بقصد الإساءة لقِيم الدين وأحكام الإسلام. وأوضح أنّه إذا أرادت القوّات الأمنية اعتقال كافَّة المُسيئات للحجاب؛ فإنّها ستخلق أجواء واسعة ضدّ النظام والإسلام([40]). وهذا يبرهن على كثافة التمرُّد الاجتماعي على الحجاب، أو بصورة أدقّ على الحجاب بهيئته التي يريدها الروحانيون، رغم العنف الذي تمارسه السُلطة. ويدُلّ أيضًا على وجود مخاوف لدى بعض المحسوبين على السُلطة، من مآلات سياسات العنف والقهر([41]).   

والمفارقة أنّ النُّخبة الدينية حرصت كُلّ الحرص، وسخَّرت كُلّ جهود الدولة، لحمل النساء على الحجاب، في حين أنّها لم تبذُل جهدًا مثيلًا لرفع أمِّية أكثر من مليوني امرأة في البلاد، وفقًا للإحصائيات الرسمية([42])، لكن يبدو أنّ إبقاء هذا العدد من النساء في طور الأمِّية خيار للنُّخب الدينية.

رابعًا: “الإصلاحيون” وعقلانية التعاطي مع مسألة الحجاب

رفض بعض رجال الدين من “الإصلاحيين” والتنويريين، القراءة الولائية لمسألة الحجاب، وعملوا على تقديم بديلٍ عقلاني يراعي الطروءات على مفهوم الدولة، والتغيُّرات التي اعترت المجتمعات الحديثة، والتحوُّلات الكبرى في أنماط التديُّن والعلاقة بين الدين والدولة، وبين الدولة والأفراد. والخلاف لم يكُن حول الحُكم الفقهي ذاته، بقدر ما كان حول سؤال الحرِّيات، ومديات سُلطة الولي الفقيه، واستعماله للأحكام الحكومتية.   

1- قراءة فتوَوية جديدة: “الإصلاحيون” والاجتهاد من الداخل

يذهب آية الله كمال الحيدري(1956م-..) إلى أنّ الحجاب وإنْ كان فريضة في المُجمَل، إلّا أنّه وبصورته الراهنة المُتعارَفة عند رجال الدين الشيعة لم يكُن موجودًا في الصدر الأول، وأنّ ثمَّة عوامل أخرى مثل: ثقافة الفقيه، وسدّ الذرائع، والاحتياطات والأعراف، وغير ذلك، أدَّت إلى ما آل إليه في مباحث الفقهاء أخيرًا، وحقيقة الحجاب حسب قوله: «أن يكون بالقدر الذي لا يثير الآخر»([43]). 

وهو طرح قريب ممّا طرحه آية الله حسين منتظري (ت: 2009م)، الذي ذهب إلى أنّه لا يُوجَد شكل واحد، أو نمط معيَّن، للحجاب، وحاول أن يرسم مقاربات أقلّ تشدُّدًا بخصوص سُلطة الدولة في مسألة الحجاب والتعامُل مع غير المحجَّبات، فهو وإن اعتمد القول القائل بوجوب الحجاب، إلّا أنّه قال بعدم قطعية تفاصيله، أي إنّ الحجاب فُرِض من حيث الأصل، لكن تفاصيله وهيئته وأنماطه ليست محلّ اتفاق، ومن ثمَّ فهي خلافية، وتسوغ فيها الأقوال([44])، وهذا النهج في الحقيقة يفتح الباب واسعًا للنسبية في التعاطي مع الحجاب، حول حجمه ومواضعه، وتعريفه في الأساس([45]).

هذا الاجتهاد المنتظري وُوجِه بردود ومناقشات من الولائيين، إذ رأوا فيه خطرًا فقهيًا؛ لأنّه أوّلًا ينطلق من الوعاء الحوزوي والدرس الفقهي الشيعي المُعتمَد، وهذا ما حاولوا التشكيك فيه، واتّهموه بأنّه اعتمد آليات الاجتهاد عند العامَّة «أهل السُّنة»، وأنّه خالف الإجماع الشيعي، وثانيًا لأنّه ينسف الحُكم الحكومتي، ومن ثمَّ يقلِّص مساحات المرشد الأعلى، وصلاحيات الولي الفقيه على المستوى الديني الذي سينسحب لا شكّ على السياسة والمجتمع، وثالثًا لأنّه صادر من رأس كبير وليس من فقيهٍ ثانويّ.

لكن فتاوى منتظري الجريئة لم تقِف عند هذا الحدّ، بل أفتى أيضًا بجواز مصافحة المرأة الأجنبية: «مع عدم قصد الشهوة وعدم حصولها»([46]). وكان ذلك تحريكًا للمياه الراكدة وسط بيئة حوزوية محافظة.

واتّخذ بعض تلامذة منتظري مثل حجة الإسلام أحمد قابل (ت: 2012م) منحىً أكثر جُرأة، إذ طالبوا بصناعة فقهية جديدة، وإعادة النظر في المنظومة الفقهية القائمة، ومن ثمَّ نزعم أنّ خطّ منتظري  – مُمثَّلًا في بعض تلامذته – التقى بخطّ سروش وملكيان وعامَّة التيّار العلماني في نهاية الأمر([47]).   

وحاصل القول: إنّ المراجع “الإصلاحيين” بنوا اجتهاداتهم من داخل التراث نفسه، ولم ينبذوه، أو يتجاوزوه بالكلِّية.

2- الحجاب والتجاذُب الهُويَّاتي: التنويريون ونقد النظام

اتّخذت مسألة الحجاب بُعدًا في الصراع الهُويَّاتي الدائر بين الجانبين “المحافظ” و “الإصلاحي-التنويري”، إذ رأت النُّخبة الولائية أنّ الحجاب مُستهدَف علمانيًا، وضخَّمت من المقولات العلمانية، بنقاشات عديدة لا تنتهي من المشهد الثقافي الإيراني المعاصر. ففي حين يرى الولائيون أنّ الحجاب من الضروريات، يرى “الإصلاحيون” والعلمانيون أنّه ليس مركزيًا، على خلافٍ بينهم أيضًا في درجته ورتبته في سُلَّم الأولويات الدينية والاجتماعية([48]).

فالعلمانيون إمّا أنّهم ينكرون الفهم التقليدي الفقهي الصادر من المرجعيات الدينية بخصوص مسألة الحجاب، بوصفه من المسائل التاريخية مرتبطة الصلة بعصرها، وإمّا أنّهم يناهضون سُلطة الدولة في فرضه، ويطالبون بحرِّية النساء في الاختيار، دون عواقب قانونية، مع اقتصار سُلطة المفكِّرين على التوجيه والإرشاد.

وكان علي شريعتي (1933- 1977م) على هذا الخطّ، فدافع عن حقوق غير المحجَّبات، لذا اشتبك معه التقليديون المحافظون، ووُصِف شريعتي بأنّه متأثِّر بالغرب وأنّه «جاهل ولا ديني»([49]).             

ويرى عبد الكريم سروش (1945م- …) أنّ حجاب المرأة اختلط مفاهيميًا، وتداخل فيه الديني مع العُرفي، بالإضافة إلى قَبْليات معرفية ومجتمعية لرجال الدين! ويناقش سروش قول مطهري (1919- 1979م) بضرورة الحجاب لصيانة عفَّة المرأة، وصيانة العفاف المجتمعي بشكل عام، فيقول: «وهنا يأتي السؤال: ألا يُوجِب ظهور نساء أهل الذمَّة والإماء الذين كانوا يشكِّلون عددًا كبيرًا في المجتمع آنذاك نوعًا من الإخلال بهذا العفاف الاجتماعي؟ نعم؛ فالعفَّة من المفاهيم الأخلاقية التي تعني أن تكون المرأة امرأة والرجل رجلًا، ولا تختصّ بالمرأة، أمّا أنّه كيف نتمكَّن من حفظ العفَّة عبر القانون فهذا يرجع إلى الطُرُق المُعتمَدة في كُلّ زمان والمتناسبة معه ومع العرف السائد فيه، وقد اتّبع الإسلام هذا العُرف، فلابُد عند ملاحظة حُكم الشارع بالنسبة للنساء الأحرار أو الإماء أو نساء أهل الكتاب من الرجوع إلى روح مُراد الشارع ومعرفة لُبّه»([50]). وفي عبارة أكثر جرأة يقول: «والذي أظنّه هو أنّ مسألة حجاب المرأة لم يكُن ذا محتوى صرف اجتماعي–حقوقي أو أخلاقي، بل كان ذا بُعد أسطوري أيضًا»([51]).            

ويبدو أنّ ممارسة السلطة وتعاطيها مع مسألة الحجاب، أدَّت إلى نوعين من التمرُّدات: تمرُّدات نسائية، وتمرُّدات تنظيرية، وبالتالي فيمكن القول: إنّ مقولات سروش وبعض التنويريين جاءت كردّ فعل على طرائق السُلطة وتماديها في العنف ضدّ النساء غير المحجَّبات.

وهناك تمرُّد آخر لكنّه أقلّ حدَّة، نشأ داخل التيّار الديني نفسه، رُبّما على هامش اليمين المتشدِّد، بفعل الضغط التنويري “الإصلاحي”، وبفعل تعاقُب الأجيال ونشوء أجيال جديدة لم تشهد الزخم الثوري، وبالتالي أدَّت تلك العوامل إلى حلحلةٍ ملحوظة داخل التيّار الديني الحاكم، فبعد أن كان الحجاب عند الجناح العريض منهم يتمثَّل في «العباءة/ الشادور» فقط، برزت بعض النساء داخل هذا التيّار، تتحدَّث عن الحجاب فقط، وفي رأيهنّ فإنّ: «شكله قابل للتغيير بما يتناسب مع الزمان والمكان؛ لأنّ قضية العباءة هي قضية إيرانية، وليست قضية إسلامية»([52]). 

خامسًا: الحجاب بوصفه رمزًا للثقافة الدينية وتأسيسِ هُويّة العامَّة  

هناك بعدٌ مهمّ آخر تستحضره النُّخبة الولائية في تعاطيها مع مسألة الحجاب، وهو حفظ الثقافة الإسلامية للدولة، فحفظ الثقافة الإسلامية في السياسة الإيرانية مقصد من مقاصد الثورة ونُخبتها الدينية، ويعِدُّونها من لوازم حفظ الدين، الذي هو أعلى رُتبة في درجات السُلَّم المقاصدي. وإذا كان الشاه قد جعل من «القُبّعة البهلوية» شعار إيران الوطني([53])، واقترن ذلك بمنع النساء من ارتداء العباءة/ الشادور، فإنّ النُّخب الدينية جعلت أيضًا الحجاب شعارًا وطنيًا، ويُصرِّح آية الله خامنئي (1939م-..) بذلك: «أنا لا أرى أنّ الحجاب منحصر في العباءة، لكنّني أقول إنّها أفضل أنواع الحجاب، وهي شعارنا الوطني»([54]).

ونجد مراجع الدين يحذِّرون من تآكُل الثقافة الإسلامية في الدولة بسبب زيادة النساء غير المحجَّبات، فآية الله جعفر السبحاني (1929م-…) يقول([55]): «إنّ الحجاب آخذ في الانخفاض، وينبغي أن تُؤخَذ قواعد الحجاب والمعايير الدينية في الجامعات على محمل الجدّ»([56]).  

وانسحبت هذه العقيدة إلى عناصر الأجهزة الأمنية، فحسب أحد قادة الشرطة، فإنّ: «أجهزة إنفاذ القانون عزَّزت الأجواء الإسلامية، وحافظت على قِيَم وحماية الثورة الإسلامية؛ من أجل معالجة مخاوف الشعب الإيراني في الأمن والأخلاق والشذوذ والشؤون الاجتماعية»([57]).    

وتتملَّك النُّخب الدينية والأجهزة الأمنية هواجس الإمبريالية الغربية وسعيها للنيل من الحجاب والثقافة الإسلامية، ولا يُمكِن الجزم بمدى قناعات المسؤولين بمثل تلك المقولات، هل يسوِّقونها من باب الاستهلاك المحلِّي، والاشتباك الهوياتي الداخلي، وتضخيم العدو الخارجيّ وتجلِّياته الداخلية، أم أنّهم يعتقدونها بالفعل، ويظنُّون أنّ ثمَّة إرادة خارجية لتغيير النمط الثقافي للإيرانيين؟! 

وفي الحقيقة فإنَّ الذي يملك الإعلام والمؤسَّسات التنفيذية والتشريعية هي الدولة وليست الفواعل الخارجية، ثمّ إنّ النظام هُنا لا يعارض تغيير الأنماط الثقافية للشعب مبدئيًا؛ لأنّه يفرض قراءته ويعمِّم نموذجه، لكنه يجادل في مساحته وخصائصه ووظائفه التي يستلبها لنفسه، ولا يريد لقوّة خارجية أو داخلية أن تنازعه فيها. 

لذا عارض بعض الفلاسفة الإيرانيين ما تعتبره السُلطة الإيرانية مسؤوليتها في تشكيل ثقافة الناس؟! فالفيلسوف الإيراني مصطفى ملكيان (1956م-…) يرى أنّه لا ثمرة مرجوَّة من العنف في تبليغ الدين، أو تعميم النموذج: «إنّ العنف كأسلوب من أساليب تبليغ الدين والدفاع عنه، لا ينتج أيّ ثمرة ويُعَدّ ظاهرة سيِّئة، وأقول بصراحة: الأشخاص الذين يتعاملون بآليات العنف هم فقط لا يقبلون الاستدلال والبرهان القوي والمقبول، ويستغلُّون إحساسات الناس وعواطفهم الفطرية، فلو لم أكُن معاندًا لأيّ أمر غريزي أو فطري لك وجئتك لإثبات مُدَّعياتي بأدلَّة قوية ومقنعة، فما الداعي لاستخدام أسلوب العنف معك؟»([58]).     

ويرفض الشبستري (1936م-…) تسييس الثقافة، وتدخُّل الدولة في تشكُّلاتها وأنماطها: «إنّ نظرية تولِّي الحكومة للثقافة يعتبر خطأً فاحشًا، وينتهي بالتنظير لأعمال العنف وتجويز استعمال آليات القهر»([59])، ويرى أنّ: «جعل مسؤولية تثقيف الناس بيد الحكومة يعني شنق الثقافة والقضاء عليها»([60]).     

لكن السُلطة تملك قوّة فرض الأمر الواقع، وقد أعلن أحد قادة الجهاز الأمني([61]) أنّ الشرطة توسِّع عملها ضدّ النساء غير الملتزمات بالحجاب، وقال إنّ النظر للحجاب بازدراء ليس أمرًا شخصيًا بل سياسي، وهذا الأمر يستخدمه أعداء الثورة لتقويض القِيَم الأخلاقية للمجتمع الإيراني. وفي أحد التصريحات اللافتة لشرطة منطقة جيلان (شمال إيران)، أعلنت أنّ ألفي عنصر من قوّات الباسيج التابعة للحرس الثوري أُرسِلوا للمنطقة للمساعدة في فرض الزيّ الإسلامي([62]).  

فالسُلطة تتبع سياسة الأمر الواقع، إذ هي التي تملك القوّة الصلبة التي تمكنها من فرض قراءتها على العامَّة، بخلاف المناهضين لها.

ولم تكتفِ السُلطة بقوانينها وأجهزتها الأمنية، بل شجَّعت عامَّة الناس على نبذ غير المحجَّبات مجتمعيًا، تحت عنوان: «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»([63])، دون تقدير لمآلات مثل تلك السياسات، وما قد ينتُج عنها من شروخ في العلاقات الاجتماعية، وتكتُّلات فئوية، وتفتُّت النسيج المجتمعي. وعلى سبيل المثال، فقد دعمت الأجهزة الرسمية سائق تاكسي رفض نقل امرأة غير محجَّبة في طهران، وأثارت هذه الحادثة في يونيو 2019م جدلًا جماهيريًا واسعًا بين المحافظين، الذي أيَّدوا السائق واتّهموا المرأة بامتهان القِيَم الإسلامية، وبين “الإصلاحيين” والليبراليين الذين وقفوا إلى جانب المرأة، وقد ساند رئيس السُلطة القضائية إبراهيم رئيسي سائق التاكسي، عندما ذهب إلى أنّ الأمر الإسلامي بشأن «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» يُلزِم جميع المواطنين وكذلك الشرطة والسُلطة القضائية بدعم المواطنين المؤيِّدين لتحقيق هذا الأمر وتنفيذه([64]).     

وبدت أصوات خافتة من داخل المحافظين تطالب بمساحات من الحرِّية للسائحات الأجنبيات، وقد صار جدلٌ فقهي وسياسي بشأن حجابهنّ، هل تتمّ معاملتهن حسب القانون الإيراني، أم يتمّ السماح لهُنّ بالحفاظ على عاداتهن وثقافتهنّ الأصلية([65])؟

ومثل تلك النقاشات والضغوطات مهمَّة في إمكانية حدوث تحوُّلات على المدى البعيد في موقف المحافظين المتشدِّد، مثل تلك التحوُّلات التي طرأت عليهم بخصوص دخول المرأة ملاعب كرة القدم، إذ عدُّوا التحريم أمرًا قطعيًا لا يقبل الخلاف، ثمّ تراجعوا فيما بعد، نزولًا على ضغوط المجتمع الدولي، وتهديدات الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» بمنع إيران من المشاركات الدولية، ومن ثمّ فرُبّما تحدث تحوُّلات وتراجعات بخصوص مسألة فرض الحجاب، فربما تُترَك مستقبلًا مساحات خاصّة للنساء، وإن بدا ذلك صعبًا في المديات القريبة، مقارنةً بمسألة دخول الملاعب.  

  خاتمة 

اتّخذت مسألة الحجاب في إيران مسارات متشابكة ومتداخلة بعيدًا عن إطارها الفقهي-الفرعي، وباتت مسألة متجاذبة في المشهد الثقافي والسياسي الإيراني، وتمّ نقل تراتُبية الحجاب من دائرة الشعائر الدينية إلى دائرة الشعائر السياسية، ومن دائرة الظنِّيات والفروع إلى دائرة القطعيات والجزميات العقدية.    

لكن في المجمل، فإنَّ تعامُل السُلطات مع مسألة الحجاب يُسلِّط الأضواء على مساحات الحرِّية الخاصّة المُتاحة للنساء الإيرانيات، وكذلك على قناعات النُّخب الدينية الحاكمة إزاء التعدُّدية الثقافية والفقهية، إذ أنّ إلزامية الحجاب في الحياة العامَّة تحول دون تعدُّدية ثقافية حقيقية، وتحيل المشهد برمّته إلى سياق تأميمي من دوائر عمل الدولة، ووظائفها السوسيولوجية.          

وبدت النقودات الفلسفية على تأميم الدولة للمشهد الثقافي منفكَّة الصلة عن الواقع السياسي والمذهبي، فأبرز النقودات الفلسفية من المعارضين، تركِّز على مآلات تأميم المشهد الثقافي ولوازمه مثل: تعزيز الاستبداد، وكبح النمو الديمقراطي للمجتمع، وتضخُّم الدولة المركزية.     

وهذا في ذاته ما تبغيه السُلطة بوصفها منابِذَةً – فلسفياً وفقاهيًا – لأيّة طرح ديمقراطي، ولا تمارس البراجماتية السياسية أو التقية المذهبية في إخفاء هذا النبذ، بل تجهر به، وترى نموذجها الولائي بديلًا حتميًا لتلك الثقافة الديمقراطية المستوردة، بالإضافة إلى عقيدة النُّخبة الحاكمة بالحكومة العالمية، والفردانية الثقافية، والقراءة الموحَّدة.

أيضا فإنّ الجماعة العلمائية التي تمسك بزمام الأمور تعتقد أنّ للولي الفقيه الحقّ في إلغاء أو إبرام أيّ حُكم شرعي، مهما كان قطعيًا، ورُبّما يوضِّح هذا الملمح ما قيل عن تنازُل رجال الدين بخصوص دخول المرأة الملاعب، إذ رُبّما رأى الولي الفقيه المصلحة في ذلك الجانب. لكن ما هي حدود ودوائر الأحكام المصلحية، وما حقيقتها الأُصولية-الفقهية، وانعكاساتها على السياسة والمجتمع، وما معاييرها التي تُدرك من خلالها؟ لا نكاد نجزم بأجوبة حاسمة عن مثل تلك الاستفهامات؛ لأنّ تلك القرارات أو الفتاوى لا تخرج بصيغها ومقرَّراتها البرهانية من دليل ومدلول ومُستدَلّ عليه، بل تخرج كمراسيم حكومتية وقرارات واجبة النفاذ؛ ما يعزِّز أيضًا مساحات عمل الولي الفقيه، ولو بترجيح أو تقديم المصالح المُتوهَّمة على المصالح الحقيقية، ما دام المشهد خاليًا من كوابح داخلية وخارجية، ورقابة حقيقية على عمل الولي الفقيه، وإشراف مؤسَّساتي فاعل.    

في كُلّ الأحوال فليس من المُتصوَّر أن تتنازل السُلطة في إيران عن مسألة فرضية الحجاب تنازُلات لافتة؛ لأنّها جعلتها من أوّل يوم من أُسُس التشكُّلات الهويّاتية للدولة بعد الثورة، وبمثل تلك الشعائر الظاهرية تعزِّز السُلطة شرعيتها الدينية والمذهبية، وبالتالي فإنّ التخلِّي عن مثل تلك التمظهُرات سيكون مقرونًا بمراجعات تطال نظريات الحُكم وجهاز الدولة، أو بتغيُّر كبير في الجغرافيا الفكرية للنُّخبة الحاكمة.


([1])  فهمي هويدي، إيران من الداخل، (القاهرة: مكتبة الشروق، 2014م) ص246. 

([2])  بهروز قمري، قافلة الإعدام مذكرات سجين سياسي في طهران، ترجمة ريم الطويل، (بيروت: دا رالساقي، 2020م)، ص186- 187.  ولمزيد من التفصيل حول خلاف الخطين الشيوعيين التروتسكي، والستاليني، راجع: الثورة الشيوعية (1917) وتحرير المرأة: تاريخ مظلم ومستقبل مهلك، الغد، 16 يناير 2020م، (تاريخ الاطلاع: 27 سبتمبر 2020م). https://bit.ly/2Ggyehn

([3])  تاريخ القرار له دلالة فقد جاء بعد 15 يومًا من الاستفتاء على الجمهورية الإسلامية، أي قبل سنّ القوانين الإسلامية.

([4])  هويدي، ص246. مرجع سابق.

([5])Misha Ketchell, “Iranian Women Risk Arrest: Daughters of the Revolution,” The Conversation, March 7, 2018, accessed October 19, 2020, https://bit.ly/3m7cynT.

([6])  الجزيرة نت، قصة الحجاب في إيران.. من إرث الشاه إلى شرطة العمائم، 13 يناير 2019م. (تاريخ الاطلاع: 28 يوليو 2020م). https://bit.ly/3fuGEOO

وراجع: فاطمة الصمادي، المرأة الإيرانية والرئاسة.. فاكهة السياسة المحرَّمة، مركز الجزيرة للدراسات، 26 مايو 2013م، (تاريخ الاطلاع: 09 أغسطس 2020م). https://bit.ly/2DKPla0

([7])  المعهد الدولي للدراسات الإيرانيّة، الحرس الثوري يعتقل ناشطات يطالبن بدخول المرأة للملاعب، 18 أغسطس 2019م، (تاريخ الاطلاع: 25 يونيو 2020م). https://bit.ly/3duq2oN 

([8])  حيدر حب الله «تحرير»، فقه الحجاب في الشريعة الإسلامية، (بيروت: الانتشار العربي، 2012م)، ص147- 168، وص184. 

([9]) كان رئيسًا للسُلطة القضائية في ذلك الوقت، إذ تولّاها بعد وفاة بهشتي، 1981م، حتّى 1989م، ثم اشتغل بعد ذلك بالتدريس والتحقيق، وأسَّس: «دار المفيد للعلم». ومن مشايخه: الخوانساري، والكلبايكاني، والخميني، والطباطبائي، وتتلمذ في النجف على محسن الحكيم، والخوئي، وعبد الهادي الشيرازي. انظر: قناة العالم، المرجع الديني آية الله موسوي أردبيلي يلبِّي نداء ربه، 23 نوفمبر 2016م، (تاريخ الاطلاع: 04 أكتوبر 2020م). https://bit.ly/34qIJr5

([10])  هويدي، ص247. مرجع سابق.

([11])  المرجع السابق، ص247.

([12]) انتخاب، نظر مراجع درباره حجاب اجباری، 08 فبراير 2014م، (تاريخ الاطلاع: 14 يوليو 2020م).  https://bit.ly/38TM8QZ

([13]) المرجع السابق.  وينبغي عدم الخلط هنا بين آية الله صافي كلبايكاني، وآية الله محمد رضا كلبايكاني (ت: 1993م).

([14]) وكالة تسنيم، آیت‌الله علوی گرگانی خطاب به ناجا: نگذارید نعمت حجاب از دست برود، 19 يونيو 2019م، (تاريخ الاطلاع: 14 يوليو 2020م).  https://bit.ly/2WSnEA6

([15])  راجع: حيدر حب الله، شمول الشريعة.. بحوث في مديات المرجعية القانونية بين العقل والوحي، (بيروت: دار روافد، 2018م)، ص333، و344- 345. والشيخ علي حب الله، دراسات في فلسفة أصول الفقه والشريعة ونظرية المقاصد، (بيروت: دار الهادي، 2005م)، ص544.  وعلى مستوى آخر نجد فقهاء السنة كالقرافي المالكي (ت: 684) وغيره، ففرَّقوا بين تصرُّفات المعصوم – وهو النبي وحده – التبليغية، والإفتائية وغير ذلك من تصرُّفات. وهو – أي النبي – وإن كان مُنشِئًا في تصرُّفاته بالحُكم، إلّا أنّه بتعبير القرافي: «متّبعٌ لأمر الله تعالى بأن يُنشِئ الأحكام على وَفْق الحِجَاجِ والأسبابِ». ونجد الجويني الشافعي (ت: 478) قال: وإن جعل للإمام النظر في الفروع، إلّا أنّه لم يعطِه الحقّ المُطلَق في حمل الناس على مراده أو اختياراته الفقهية الفروعية، حتّى في العبادات التي هي شعار ظاهر للإسلام، وأوجب عليه احترام اختلاف الناس في الفروع، ومسالك التحرِّي والاجتهاد. راجع: القرافي، الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرُّفات القاضي والإمام، ص101- 102. وسعد الدين العثماني، التصرُّفات النبوية السياسية، ص49 وما بعدها. وأبو المعالي الجويني، الغياثي، ص332، و338. ويقول في الموضع الأوّل ص332: «فأمّا اختلاف العلماء في فروع الشريعة ومسالك التحرِّي والاجتهاد والتآخي من طريق الظنون فعليه درج السلف الصالحون». وبعد أنْ مهَّد لمبدأ الاختلاف بوصفه أمرًا طبيعيًا ولازمًا من لوازم الاجتهاد، قال: «فلا ينبغي أن يتعرَّض الإمام لفُقهاء الإسلام فيما يتنازعون فيه من تفاصيل الأحكام، بل يُقِرّ كُلَّ إمام ومتّبِعيه على مذهبهم ولا يصدّهم عن مسلكهم ومطلبهم». انتهى.

([16])  هويدي، ص246. مرجع سابق.

([17])  المرجع السابق.

([18])  Ketchell, “Iranian Women Risk Arrest.”

([19])  فاطمة الصمادي، التيّارات السياسية في إيران، (بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2019م)، ص364. 

([20])  المرجع السابق.

([21])  ميثاق برسا، الديمقراطية في إيران، ترجمة محمد ساري، (الرياض: المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، 2019م)، ص226.

([22])  شهروند، پارلمان، سوال نمایندگان از وزیر کشور درباره برخورد ماموران گشت ارشاد با زنان، 23 أبريل 2018م، (تاريخ الاطلاع: 29 يونيو 2020م). https://bit.ly/2VuWy41

([23])  راجع: هويدي، ص246. مرجع سابق.

([24])  كشف الأسرار، نقلًا عن هويدي، ص246- 247. 

([25]) عبد الرضى آقاخاني.

([26]) وكالة تسنيم، آیت‌الله علوی گرگانی خطاب به ناجا: نگذارید نعمت حجاب از دست برود، 19 يونيو 2019م. (تاريخ الاطلاع: 26 أغسطس 2020م). https://bit.ly/2WSnEA6

وبحسب نائب رئيس شؤون المرأة فقد عيَّنت الحكومة ستًا وعشرين منظَّمة في الأفرع الثلاثة للدولة للترويج للزي الإسلامي، وخصَّص وزير الداخلية مصطفى نجار مليار ونصف المليار دولار لتعزيز القوانين الأخلاقية. ميثاق برسا، ص226.

([27]) المرجع السابق.

([28]) مهر نيوز: آیت الله سبحانی: برخورد نیروی انتظامی با بدحجابی قاطع باشد، 13 يونيو 2015م، تاريخ الاطلاع: (26 أغسطس 2020م). https://bit.ly/3b43qvN

([29]) – انتخاب، واکنش علم الهدی به برخورد نامناسب اخیر گشت ارشاد: ناجا نباید با خطای یک مأمور زیر سؤال برود؛ آن هم بابت مقابله با یک منکر شرعی / ندا بر ضد قرآن و فریضه «امر به معروف و نهی از منکر»، آن هم در مجلس؟ / وزیر و وکیل برای حمایت از یک خانم بی‌حجاب راه افتادند، 20 أبريل 2018م، (تاريخ الاطلاع: 29 يونيو 2020م). https://bit.ly/2Jddp2H

([30])  المعهد الدولي للدراسات الإيرانيّة، أئمة الجمعة متورِّطون في التظاهُرات.. ومحكمة الثورة تكافح خلع الحجاب، 04 فبراير 2018م، (تاريخ الاطلاع: 09 أغسطس 2020م). https://bit.ly/2XJ8650

([31]) إريك رولو، الجمهورية في مواجهة حكم رجال الدين، موقع مفهوم، يونيو2001م، (تاريخ الاطلاع: 23 أغسطس 2020م).   https://bit.ly/32hhHBl

([32]) راديو فردا، ناصر مکارم‌شیرازی: حجاب، اجباری نیست الزامی است، 22 مارس 2018، (تاريخ الاطلاع: 26 أغسطس 2020م). (وجاء ذلك التصريح خلال لقائه مع رئيس القضاء الإيراني في عام 2009م). https://bit.ly/2EAmsh8

([33])  راجع: فالح عبد الجبار، دولة الخلافة، (بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2017م)، ص186، 188.

 رئيس لجنة المرأة البرلمانية حينئذ.

([35])  جماران، سلحشوری: فاسد خواندن زنان معترض به حجاب منصفانه نیست/ زنان به خط قرمز تبدیل شده‌اند، 2 أبريل 2018م، (تاريخ الاطلاع: 29 يونيو 2020م). https://bit.ly/2GpUAMQ

([36])  المرجع السابق. 

([37])  المرجع نفسه. 

([38])  مردم سالاري، با «هرزه» خطاب کردن کسی حجابش را سفت نمی‌کند، 14 يوليو 2019م، (تاريخ الاطلاع: 25 يونيو 2020م). https://bit.ly/3eAea63

 محمد جعفر منتظري، وذلك خلال الدورة المشتركة للأساتذة والنُّخبة التعبويين في الحوزات العلمية لمحافظات خراسان وقُم وطهران وأصفهان والمنعقدة في مشهد.

(5) موقع اعتماد أون لاين: محمدجعفر منتظری، دادستان کل کشور: بابک زنجانی قطعا اعدام می‌شود/ برخورد خشن با بدحجابی جواب نمی‌‌دهد، 18 يوليو 2018م، (تاريخ الاطلاع : 26 أغسطس 2020م).  https://bit.ly/2NrDc9n

( 1) وبالفعل تقوم السلطات بين الفينة والأخرى باعتقال نساء بسبب عدم ارتداء الحجاب أو ارتدائه بطريقة سيئة، وتصفهُن السلطات بـِ “النساء المخدوعات“. راجع: هيومان رايتس ووتش: على إيران الكفّ عن ملاحقة النساء بسبب ملابسهنّ، 24 فبراير 2018م. https://bit.ly/3gy1nBc

([42])Mostafa, “Iran: Millions of Women Suffer Illiteracy,” Iran News Update, April 1, 2018, accessed October 19, 2020, https://bit.ly/3kaPHHq.

([43])  كمال الحيدري: مسألة الحجاب في الفقه الاسلامي، حلقة منشورة على يوتيوب بتاريخ: 02 سبتمبر 2018م، (تاريخ الاطلاع: 2 أغسطس 2020م). https://bit.ly/2AVkaHV

([44])  فقه الحجاب في الشريعة الإسلامية، ص251. مرجع سابق.

([45])  على الجانب السُّنّي هناك طرح للدكتورة صفية الجفري، قريب من طرح آية الله منتظري، أي القول بالفرضية الإجمالية دون الهيئة والتفصيل، لكنّه مدعوم (برهنت على طرحها) بمقولات تراثية ومذهبية، بخلاف ما يزعمه الروحانيون في إيران أنّ مقولة منتظري غير مسبوقة بمقولات تراثية، وأنّها شاذَّة عن الخطّ الشائع في المذهب. راجع: صفية الجفري، الثبات والتغيُّر في الحُكم الفقهي، (بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2014م)، ص194، 217، 226، 243، 244.

([46])  فقه الحجاب في الشريعة الإسلامية، ص259. مرجع سابق.

([47])  راجع: أسلمة العلوم ص239، وأيضًا: فقه الحجاب في الشريعة الإسلامية ص231 وما بعدها. مرجع سابق.

([48])  يطرح الجويني – إمام الحرمين – نظرية مهمَّة عن مركزيات الدين، فيُقرِّر أنّ الفرائض ليست في مستوىً واحد من الفرضية فبعضها أوجب من بعض، وكذا الأمر في المباح والمندوب. ويُحدِّد ذلك بقوله: «الوجوب راجع إلى وعد اللوم على الترك والثناء على الامتثال فكلّ ما كان اللوم الموعود على تركه أكثر كان أوجب». انظر: الجويني: التلخيص في أصول الفقه، (بيروت: دار البشائر، 1996م)، 1/ 468. 

([49])  علي رَهْنِما: علي شريعتي: سيرة سياسية، ترجمة أحمد المعيني، (بيروت: مؤسسة الانتشار العربي، 2016م)، ص472. 

([50]) عبد الكريم سروش: مسألة المرأة بين القوانين الفقهية ونظام القيم الأخلاقية، ترجمة علي عباس الموسوي، (ضمن كتاب: المرأة في الفكر الإسلامي المعاصر، ط/ مؤسَّسة الانتشار العربي)، ص24.

([51])  المرأة في الفكر الإسلامي المعاصر، ص24. مرجع سابق.

([52])  دلال عباس وآخرون، المرأة والأسرة في الدستور والقوانين الإيرانية، ص137.

([53])  المرجع السابق، ص128.

([54])  دلال عباس وآخرون، ص128، ص135. مرجع سابق.

([55]) أثناء لقائه مع وزير العلوم والتكنولوجيا.

([56]) وكالة تسنيم، آیت‌الله سبحانی: آیین‌نامه حجاب و موازین شرعی در دانشگاه‌ها جدی‌تر گرفته شو، 18 يونيو 2019م، (تاريخ الاطلاع: 26 أغسطس 2020م). https://bit.ly/34xWeXy

([57])  مهر نيوز: سردار اشتری خبر داد: تلاش نیروی انتظامی برای رفع دغدغه مردم در مسائل امنیتی و اخلاقی، 13 يونيو 2015م، (تاريخ الاطلاع: 26 أغسطس 2020م). https://bit.ly/3hw6QK2 

([58])  مصطفى ملكيان، مقالات ومقولات في الفلسفة والدين والحياة، ترجمة أحمد القبانجي، (بيروت: مؤسسة الانتشار العربي، 2013م)، ص155.

 ([59])  محمد مجتهد الشبستري، نقد القراءة الرسمية للدين، ترجمة أحمد القبانجي، (بيروت: مؤسسة الانتشار العربي، 2013م)، ص46.   

 ([60])  المرجع السابق.

([61])  قائد قوّات الأمن الداخلي، سليمان ملك زاده. 

([62]) INSS, איראן: לחצים גוברים מחוץ, אכיפה גוברת מבית , June 30, 2019. https://bit.ly/3adQTWd 

([63]) لمراجعة وافية عن فلسفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الفقه الشيعي، راجع: مايكل كوك، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الفكر الإسلامي، ترجمة وتقديم: رضوان السيد، وعبد الرحمن السالمي، وعمار الجلاصي، (بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2013م)، ص739: ص760. وأيضًا: حيدر حب الله، فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، (بيروت: مؤسسة الانتشار العربي، 2014م).

([64]) INSS, איראן: לחצים גוברים מחוץ, אכיפה גוברת מבית , June 30, 2019. https://bit.ly/3adQTWd 

([65])  موقع آفتاب: حجت الاسلام غرویان: تصمیم‌گیری درباره حجاب توریست‌ها را بر عهده خودشان بگذاریم/ نمی‌توانیم احکام فقهی خود را به توریست‌ها الزام کنیم، 09 يوليو 2018م. (تاريخ الاطلاع: 4 أغسطس 2020م). https://bit.ly/3lmtXZS

وجاءت تصريحات غرويان ردًا على تزمت أحد أعضاء اللجنة الثقافية للبرلمان الإيرانى، النائب أحمد مازنى الذي وصف القول إنّ الحرِّية في ارتداء الملابس – بالنسبة للسيّاح – ستؤدِّى إلى جذبهم للبلاد بأنّها رؤية منحرفة، بينما أكَّد غرويان، على أنّه لا ينبغي أن «نلزم السيّاح بأحكامنا الفقهية». اليوم السابع: متشدِّد في إيران يدعو لتخفيف القيود عن السيّاح وإلغاء الحجاب الإجباري للزائرين، 10 يوليو 2018م، (تاريخ الاطلاع: 09 يونيو 2020م). https://bit.ly/32k7ELG

المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
إدارة التحرير