مقدِّمة
مرت العَلاقات الإيرانيَّة-الرُّوسية بتاريخ طويل من التوتر، كما أن التغييرات في الأولويات الاستراتيجية والتقلبات السياسيَّة قرَّبَت البلدين في بعض الفترات، كما تخللت هذه العَلاقة فترات من التوقف الطويل، تبادلت خلالها موسكو وطهران الاتّهامات بالفشل في الوفاء بالوعود وعدم تنفيذ الاتِّفاقيات والالتزامات المشتركة.
لكن هذه العَلاقة شهدت تناميًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، لا سيَّما بعد توقيع الاتِّفاق النوويّ، الذي لعبت روسيا دورًا كبيرًا وفعَّاًلا في إبرامه، وخلال العام الماضي خَطَت الدولتان خطوات جادَّة في طريق تعزيز أوجه التعاون في شَتَّى المجالات السياسة والاقتصاديَّة والعسكريَّة، فضلًا عن التعاون على مستوى الأزمة السُّوريَّة.
رغم بعض التكهُّنات باحتمالية أن تشهد فترة ما بعد توقيع الاتِّفاق النوويّ تَحسُّنًا في عَلاقة طهران بواشنطن وتراجع علاقتها مع موسكو، فإن هذه التكهنات سريعًا ما ناقضتها حالة التنسيق الرُّوسي-الإيرانيّ وتعزيز أوجه التعاون في شَتَّى المجالات العسكريَّة والاقتصاديَّة والسياسيَّة، فضلًا عن التعاون في المِلَفَّات الخارجيَّة كالتعاون في القوقاز وآسيا الوسطى، وفي الحرب التي تشهدها سوريا.
منذ توقيع الاتِّفاق النوويّ بين إيران ومجموعة الدول الست الكبرى أثير عديد من التساؤلات حول مستقبل التعاون بين البلدين وأبعاده والأهمِّيَّة التي يمثلها للبلدين والنتائج التي سيُفضِي إليها هذا التعاون في شَتَّى المجالات السياسيَّة العسكريَّة والنِّفْط والطاقة والتجارة.
من هذا المنطلق نحاول من خلال هذه الدِّراسة معرفة أهداف وطبيعة التعاون بين البلدين خلال الفترة التي أعقبت الاتِّفاق النوويّ المبرم بين إيران ومجموعة الدول الكبرى الست في يوليو 2015، وانعكاس هذا الاتِّفاق على رغبة البلدين في زيادة حجم التبادل والتعاون في شَتَّى المجالات، فضلًا عن تحليل الآفاق المستقبلية لهذا التعاون في ضوء المتغيرات الإقليمية والدوليَّة.
وتكتسب هذه الدِّراسة أهميتها من واقع حاجة البلدين كليهما إلى الآخَر، في ظلّ علاقتهما المتأزمة مع محيطهما الإقليمي والدولي، فروسيا التي دخلت في ركود اقتصاديّ كبير نتيجة للحظر الأوروبيّ والأمريكيّ المفروض عليها بسبب احتلالها شبة جزيرة القرم، تبحث عن أسواق وتحالفات جديدة لتسويق منتجاتها وإثبات قدرتها على بناء شراكات اقتصاديَّة وسياسيَّة مع دول تشاطرها الرؤى أو تمرّ بنفس ظروفها، فكان التركيز على إيران التي كانت تطمح إلى استغلال الاتِّفاق النوويّ للخروج من العزلة الدوليَّة ورفع العقوبات الأمريكيَّة المفروضة عليها، وتحديث ترسانتها العسكريَّة المتهالكة بسبب الحظر والعقوبات الدوليَّة.
» الدوافع الإيرانيَّة
رغم أن طهران تدرك بطبيعة الحال، النيَّات الرُّوسية من تنمية التعاون معها، فإن لديها أسبابها وأهدافها الخاصَّة لتنمية تعاونها مع موسكو، ويمكن إجمال هذه الأهداف في ما يلي:
1- أتاح الاتِّفاق النوويّ فرصة مناسبة لإيران لتحديث إمكانياتها العسكريَّة التقليدية، وكانت موسكو -ولا تزال- تطمح إلى أن تشكِّل الأسلحة الرُّوسية الجزء الأكبر من مشتريات الأسلحة الإيرانيَّة، عبر توظيف مئات المليارات التي ستحصل عليها من عائدات النِّفْط أو أموالها التي كانت مجمَّدة وأُفرِجَ عن جزء كبير منها، أو من الأموال التي ستجنيها من فتح اقتصادها على الاستثمارات الخارجيَّة والتجارة مع بقيَّة الدول.
2- تسعى إيران لإطلاق الإنتاج المحلِّيّ للتصدير، خصوصًا في مجال الموادّ الغذائية، وفي مايو 2016 قرَّرت روسيا السماح باستيراد اللحوم ومنتجات الألبان من إيران[1].
3- تهدف إيران من زيادة تعاونها مع روسيا إلى الاستفادة قدر الإمكان من الجانب الرُّوسي لتحقيق أطماعها الإقليمية.
4- لا تزال العَلاقات الإيرانيَّة الأمريكيَّة متوترة، لا سيما بعد تصريحات الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب ضدّ سياسات طهران وبرنامجها النوويّ، الذي هدّد خلال حملته الانتخابية بإلغائه أو إعادة التفاوض حوله، لذا تريد طهران أن تستغلّ طابع العَلاقة المتميز بين بوتن وترامب لتخفيف الضغط عليها أو حمايتها في حال أصرّ ترامب على مواقفه المتشدِّدة ضدّ طهران.
5- روسيا غير مهتمة بتغيير النِّظام الإيرانيّ، وتحرص على المحافظة على عَلاقة متوازنة مع إيران.
6- عقب الانتهاء من محطة بوشهر وافتتاحها رسميًّا في سبتمبر 2011، زادت ثقة إيران بروسيا وأضحت ترى فيها شريكا يمكن الاعتماد عليه.
7- تُعتبر روسيا في الوقت الحاضر، مصدرًا للأسلحة والمُعَدَّات العسكريَّة والتكنولوجيا المتقدمة، وهي كذلك حليف دبلوماسيّ مؤثّر قد تكون إيران في أمَسّ الحاجة إليه، بخاصَّة بعد التصديق على تجديد العقوبات الأمريكيَّة المفروضة عليها لمدة عشر سنوات أخرى، إضافة إلى فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكيَّة.
» الدوافع الرُّوسية
1- تَعتبر روسيا إيرانَ بوَّابة مهمَّة لتعزيز دورها في الشرق الأوسط، وأي تقارب بين إيران والدول الغربية لن يصب في صالحها، كما أن إيران تدرك جيدًا القلق الرُّوسي تجاه هذه المسألة، لذا سعت لموازنة انفتاحها عبر زيادة التعاون مع موسكو في عدد من المجالات، لا سيَّما الأمنيَّة والعسكريَّة[2].
2- إلغاء بعض العقوبات المفروضة على إيران فتح أمام الشركات الرُّوسية عددًا من الفرص الاقتصاديَّة، مثل الصناعات الكيماوية والنِّفْط وتكنولوجيا المعلومات وبناء خطوط السكك الحديدية، إضافة إلى التعاون في مجال الطيران والنقل البحري التجاري وتبادل السلع الزراعية.
3- تدرك روسيا أن إيران لو خُيّرت بينها وبين الغرب فسوف تختار الغرب بالتأكيد بسبب عدم الثقة التاريخي بينهما وعدم مقدرة روسيا على توفير التكنولوجيا المتقدمة ولا رأس المال الاستثماري اللذين تحتاج إليهما إيران بشِدَّة من أجل برامج التحديث. مِن ثَمَّ سعت روسيا للحفاظ على التوتُّر بين واشنطن وطهران بما يكفي لمنع تطبيع العَلاقات.
4- لعبت روسيا دورًا كبيرًا في التوصُّل إلى اتِّفاق نوويّ بين إيران ومجموعة 5+1، وعملت بفاعلية كبيرة لتسهيل الوصول إلى هذا الهدف، الأمر الذي انعكس إيجابًا على التعاون الرُّوسي-الإيرانيّ في النواحي الاقتصاديَّة والسياسيَّة والعسكريَّة.
» مجالات التعاون بين البلدين
شهدت فترة ما بعد توقيع الاتِّفاق النوويّ زيادة ملحوظة في حجم التعاون الإيرانيّ-الرُّوسي، تَجلَّت في توقيع عدد كبير من الاتِّفاقيات، شملت التعاون في المجال العسكريّ، والطاقة النوويَّة، والنِّفْط، وإلغاء التأشيرات، إضافة إلى تعاون في المجال المصرفي.
أولًا: التعاون العسكريّ
رغبت روسيا في استعادة مكانتها في سوق السلاح، نظرًا إلى ما تمثِّله عائدات تجارة السلاح من مصادر دخل لا غنى عنها لروسيا، لا سيما في ظلّ تراجع أسعار النِّفْط وتراجع حجم التبادل التجاري مع الدول الغربية بعد احتلالها شبه جزيرة القرم، كما أن استمرار الحظر الأمريكيّ المفروض على إيران وعدم تمكُّنها من الانفتاح على الغرب على الرغم من رفع الحظر الأممي بعد الاتِّفاق النوويّ، شجَّع طهران الطامحة إلى تعزيز قدراتها العسكريَّة إلى الإسراع لخلق نمط تقاربي مع روسيا باعتبارها المصدر الرئيس المتاح حاليًّا للحصول على الأسلحة والتكنولوجيا العسكريَّة.
هذا التقارب نتجت عنه عدة اتِّفاقيات بعد الاتِّفاق النوويّ، فوقّع الجانبان صفقات لمدّ طهران بأسلحة متطورة وطائرات مقاتلة، قُدرت بمليارات الدولارات، فضلًا عن إكمال تسليم صفقات كان البلدان اتفقا عليها منذ سنوات، مثل منظومة صواريخ “إس-300” الدفاعية، وتسلم طهران دفعة من صفقة أسلحة الكلاشنيكوف، والإعلان عن شراء طائرات جديدة والاتِّفاق على إقامة سلسلة من المناورات المشتركة بين البلدين.
1- اكتمال تسليم منظومة صواريخ “إس-300” الدفاعية
يُعَدّ نظام الصواريخ المضادة للطائرات “إس-300” منظومة دفاع جوي صاروخية بعيدة المدى رُوسِيَّة الصُّنع مخصَّصة لحماية المواقع والمؤسَّسات الصناعية والإدارية والقواعد العسكريَّة، تنتجها شركة “ألماز للصناعات العلمية الرُّوسية” (Almaz Scientific Industrial Corporation). وللمنظومة إصدارات مختلفة، طُورت جميعها من ““S-300”P”، وقد صُمّم النِّظام لقوات الدفاع الجوِّي السوفييتية لردع الطائرات وصواريخ “كروز”، وطُوّرت بعده إصدارات أخرى لردع الصواريخ البالستية[3].
في ديسمبر 2007 أبرمت الحكومة الإيرانيَّة عقدًا مع روسيا لشراء منظومة “إس-300”، لكن بعد الحظر الذي فُرض على الأخيرة بسبب برنامجها النوويّ أصدر الرئيس الرُّوسي في ذلك الوقت ديميتري ميدفيديف، قرارًا في 2010 بحظر تسليم إيران أي دبابات أو مركبات مدرَّعة قتالية أو مدافع من عيار كبير أو طائرات هليكوبتر قتالية أو سفن حربية أو صواريخ.
وقبل توقيع الاتِّفاق النوويّ بنحو أقلَّ من ثلاثة أشهر، رفعت روسيا الحظر عن توريد هذه المنظومة إلى إيران، ووقّع رئيسها فلاديمير بوتين مرسومًا بهذا الشأن، قضى برفع الحظر على تصدير صواريخ “S-300”، إلى إيران، وبعد توقيع الاتِّفاق النوويّ في العاصمة النمساوية فيينا في يوليو 2015، بدأت روسيا في تسليم هذه الصواريخ لطهران.
استمرّ تضارب الأنباء حول هذه المنظومة وما إذا كان تسليمها للجانب الإيرانيّ اكتمل أم أن دفعات أخرى لم تُسَلَّم، إلى أن أعلنت قوات الدفاع الجوي -وهي الفرع الأضعف في أفرع القوات المسلَّحة الإيرانيَّة منذ الحرب العراقية-الإيرانيَّة- أنها تَسلَّمت دفعة من منظومة الصواريخ الرُّوسية “إس-300”، التي تعوِّل عليها إيران إلى حدّ كبير في سدّ العجز وتدعيم بنية الدفاع الجوي لها، تم توالت روسيا في تسليم الدفعات الأخرى حتى اكتمال تسليمها، وفي شهر أغسطس الماضي أعلن وزير الدفاع الإيرانيّ حسين دهقان عن تَسَلُّم بلاده منظومة الدفاع الصاروخي “إس-300” الرُّوسية، حسبما نقلت وكالة “تسنيم” عن مصدر في البرلمان الإيرانيّ.
ووَفْقًا لأقوال المصدر، فإن الوزير أكَّد خلال اجتماع اللجنة البرلمانية المسؤولة عن الدفاع القومي والسياسة الخارجيَّة على تَسَلُّم منظومة الدفاع الجوي الرُّوسية، وأشار إلى نقل بعضها إلى مواقع تمركزها[4].
وكان التليفزيون الإيرانيّ أعلن أن المنظومة نُشرت في منطقة فوردو القريبة من مدينة قم، على بعد 130 كم جنوب العاصمة طهران، بعد إجراء الاختبارات اللازمة بشأنها، قبل نصبها قرب المنشأة المخصصة لتخصيب اليورانيوم، إلا أن مجلة “جينز ديفينس” البريطانية المتخصصة بالأمور العسكريَّة، زعمت أن إيران نشرت منظومة “إس-300” في أطراف مدينة طهران، وأضافت أنه بناءً على الصور الواردة من الأقمار الصناعية فإن إيران لم تنشر -كما زعمت- هذه المنظومة حول المنشأة النوويَّة في فردو، بل في قاعدة الدفاع الجوي بالقرب من منطقة أفسرية شرقيّ العاصمة طهران[5].
2- إيران تتسلم دفعة من صفقة أسلحة “كلاشنيكوف-103”
في إطار الاتِّفاقيات الدفاعية المُبرَمة بين طهران وموسكو، تسلمت إيران الدفعة الأولى من صفقة أسلحة “كلاشنيكوف-103″، ووَفْقًا لتقرير وكالة أنباء “تسنيم” وُضعت الأسلحة الجديدة بعد دخولها إيران تحت تصرف وحدة خاصَّة بالجيش الإيرانيّ.
نوع “AK103” من الكلاشنيكوف يُعَدّ أحد أشهر وأفضل أسلحة عائلة “كلاشنيكوف” الرُّوسية، ويبلغ الوزن الخالص لهذا السلاح 3.4 كجم، إذ يستخدم طلقات من عيار 62.7mm، وأربع دول فقط تمتلك هذا السلاح بصفة رسميَّة: روسيا، والهند، وفنزويلا، وليبيا، وناميبيا@. وأوضح بعض الأفلام الوثائقية المنتشرة مؤخَّرًا في المجال الافتراضي أن بعض العسكريّين السعوديّين يمتلك هذا النوع من السلاح أيضًا [6].
وتُعَدّ هذه البندقية “AK-103” التي تتميز بسهولة استخدامها وفاعليتها الهجومية من أكثر النماذج الرُّوسية الناجحة وأشهر أنواع الأسلحة التي تنتمي إلى أسرة الكلاشنيكوف والأكثر تصديرًا خلال السنوات الأخيرة.
المراقبون للشأن الإيرانيّ يربطون بين صفقة الكلاشنيكوف “AK-103” والتقلبات السياسيَّة والأمنيَّة الكبيرة التي تواجه النِّظام الإيرانيّ في أقاليم كردستان وبلوشستان والأحواز، فضلًا عن التحديات التي قد تنجم عن الوضع الاقتصاديّ المتردِّي والاستعداد للانتخابات الرئاسية المقرَّرة في مايو 2017، إذ يستعد النِّظام للحيلولة دون تكرار الأحداث والتظاهرات التي أعقبت انتخابات 2009 والتي كادت تزلزل أركان النِّظام لولا الآلة العسكريَّة الضخمة التي استخدمها النِّظام لقمعها.
3- صفقات جديدة لشراء مقاتلات وأسلحة
في إطار خطة التسلُّح التي تتبعها إيران، اتفق الجانبان الرُّوسي والإيرانيّ على تسليم طهران 48 طائرة من طراز “SU-30”، على أن يبدأ تسليم الدفعة الأولى في 2018، كما اقترح المسؤولون الإيرانيّون طلب ترخيص من روسيا يسمح لهم بتصميم هذا النوع من الطائرات محلِّيًّا باستخدام خامات إيرانيَّة أرخص ثمنًا[7].
وكشف مؤخَّرًا وزير الدفاع الإيرانيّ حسين دهقان عن جدية بلاده شراء مقاتلات “سو-30” الرُّوسية، مشيرًا إلى أن مسألة الحصول عليها مُدرَجة على جدول أعمال وزارته، وقال دهقان إن بلاده ستتفاوض مع أي جهة تلبِّي متطلباتها، باستثناء “الولايات المتَّحدة وإسرائيل”.
يشار إلى أن مقاتلة “سو-30” الرُّوسية متعدِّدة المهامّ ومزوَّدة برادار شبكي، وبأسلحة ذكية حديثة تتيح لها رصد وتدمير 10 أهداف جوية وأرضية في آن واحد على مسافة كبيرة وبدقة عالية، ويجري تصميمها في مكتب “سوخوي”، ويجري تصنيعها في مصنع “إركوتسك” التابع لشركة “إركوت” الرُّوسية للصناعات الحربية، حيث حصل سلاح الجو الرُّوسي سنة 2012 على أولى هذه الطائرات بحُلَّتها الجديدة[8].
كما أعلن نائب القائد العامّ للجيش الإيرانيّ أحمد رضا بوردستان، أن بلاده بصدد شراء مقاتلات رُوسِيَّة جديدة لتطوير قدرات القوات الجوية[9].
وفي شهر نوفمبر 2016 أجري وفد برلماني إيرانيّ مفاوضات في روسيا بشأن صفقة سلاح بقيمة 10 مليارات دولار، تشمل دبابات “تي-90” وأنظمة مدفعية وطائرات هليكوبتر[10].
وفي هذا الصدد أعلن مدير الدائرة الآسيوية بوزارة الخارجيَّة الرُّوسية، أن إيران أعدت قائمة من المنتجات العسكريَّة التي تريد شراءها من روسيا، وأكّد أن هذه القائمة تتضمَّن دبابات وطائرات مقاتلة، إلا أنها اشتملت على عدد من الأسلحة التي تندرج تحت عقوبات مجلس الأمن، وإذا ما وافقت روسيا على إتمام هذه الصفقة فعليها التوجُّه إلى مجلس الأمن لنيل الموافقة[11].
4- المناورات العسكريَّة ومشروعات التدريب والتعاون
على صعيد المناورات العسكريَّة والتعاون التدريبي، أجْرَت القوات الجوية الرُّوسية أول مناورة جوية لها في الأجواء الإيرانيَّة، ضمن فاعليات المعرض الدولي الثامن الذي عُقد في جزيرة كيش الإيرانيَّة، وقد عرضت روسيا في هذا المعرض عددًا من طائراتها، لا سيما طائرات “سوخوي” الحديثة.
وفي أثناء مشاركة إيران في دورة المسابقات العسكريَّة الدوليَّة التي أُقِيمَت في روسيا في شهر أغسطس 2016، اتفق الجانبان الرُّوسي والإيرانيّ، على إجراء مناورات عسكريَّة وتبادل المستشارين[12].
وفي إطار خُطَّة توثيق التعاون العسكريّ بين البلدين، أرسلت وزارة الدفاع الرُّوسية، أسطولا حربيًّا مكوَّنًا من السفينة الحربية “تترستان”، والفرقاطة “غراد سويز أسك” وبعض سفن الدعم الحربية. وأعلنت وزارة الدفاع الرُّوسية أن الهدف من إرسال هذا الأسطول إلى ميناء أنزلي الإيرانيّ هو تقوية التعاون الدولي بين الدول المطلة على بحر قزوين[13].
وفي منتصف نوفمبر 2016 زارت وحدات من البحرية الرُّوسية ميناء بندر عباس الإيرانيّ، ومُنح الضباط والجنود الرُّوس حقّ النزول إلى اليابسة والقيام بجولات لعدد من المواقع العسكريَّة والسياحية في تلك المنطقة[14].
ثانيًا: التعاون في مجال الطاقة النوويَّة والكهربية
عقب الانتهاء من محطة بوشهر وافتتاحها رسميًّا في سبتمبر2011، زادت ثقة إيران بروسيا وأضحت ترى فيها شريكًا يمكن الاعتماد عليه، الأمر الذي انعكس إيجابًا على روسيا وضمِنَ لها الاستمرارية في بناء مزيد من المحطات النوويَّة مستقبَلًا، وهذا ما حدث بالفعل خلال الأشهر الماضية، عندما أعلن البلدان عن إبرام مجموعة من الاتِّفاقيات لبناء مفاعلات جديدة، ففي سبتمبر 2016 أعلن رئيس المنظَّمة الإيرانيَّة للطاقة الذرية علي أكبر صالحي، أن بلاده اتفقت مع الجانب الرُّوسي لبناء المرحلة الثانية من مفاعل بوشهر النوويّ في جنوب إيران، وتشتمل هذه المرحلة على بناء محطتين نوويّتين لإنتاج نحو 1400 ميغاوات، بتكلفة 10 مليارات دولار، ويأتي هذا الاتِّفاق في إطار خطة للتعاون النوويّ بين البلدين، اتُّفق عليها في أعقاب الاتِّفاق النوويّ بين طهران والقوى الدوليَّة العام الماضي[15].
واتفق الجانبان على بدء العمل في المحطة الأولى نهاية العام المنصرم، أما المحطة الثانية فسيبدأ العمل فيها خلال الجاري[16].
وأعلن صالحي أن هذين المفاعلين سيوفران لإيران استهلاك 22 مليون برميل نفط سنويًّا من حجم الوقود المستهلك لإنتاج الكهرباء في المحطات الحرارية[17].
وخلال زيارة الرئيس الإيرانيّ الأخيرة إلى موسكو وقّعت شركة “روس آتوم” الرُّوسية للطاقة، مذكّرة تفاهم مع منظَّمة الطاقة الذرية الإيرانيَّة في مجال نقل الموادّ الذرية[18].
ثالثا: التعاون في مجال النِّفْط
في الثالث عشر من ديسمبر 2016 زار وزير الطاقة الرُّوسي ألكسندر نوفاك العاصمة الإيرانيَّة طهران على رأس وفد ضم 500 شخص، وتم توقيع مذكّرة تفاهم مع شركة غاز بروم الرُّوسية لتطوير حقلين كبيرين من حقول النِّفْط الإيرانيَّة. وبموجب الاتِّفاق سوف تُجرِي شركة “غازبروم” الرُّوسية دراسات على حقلي “جنكوله” و”جشمه خوش” الواقعين قرب الحدود مع العراق[19].
وأعلن نوفاك على هامش التوقيع على هذا الاتِّفاق أن أولوية بلاده هي تطوير المشروعات النِّفْطية الكبرى والتي سيكون لها تأثير كبير على العَلاقات بين البلدين[20].
إضافة إلى هذين الحقلين خُصِّصت 5 حقول لشركات رُوسِيَّة أخرى، منها حقلا “منصوري” و”آب تيموري”، لشركة “لوك أويل”، وحقلا “آبلان” و”بايدار غرب” لشركة “زارا بجنفت”، فضلًا عن تسليم حقل “دهلران” لشركة “تات نفت”، بُغيَة إجراء دراسات حولها[21].
وبعد يوم واحد من هذا الاتِّفاق، أعلن وزير النِّفْط الإيرانيّ بيجن زنغنه أن شركة “روس نفط” الرُّوسية أبدت رغبتها في المشاركة مع إحدى الشركات الإيرانيَّة لتطوير حقل آزادكان، وأشار إلى أن شركة “روس نفط” أجرت محادثات مع إحدى الشركات الإيرانيَّة لتطوير هذا الحقل، ونوه بأن هذه الشركة فضلًا عن تطوير حقل نفط ازادكان قدّمت طلبًا للاستثمار في ثلاثة حقول نفطية أخرى هي “ياران” و”كوبال” و”مارون بنغستان”[22].
كذلك كان عدد من الشركات الرُّوسية أبدى مؤخَّرًا رغبته في استيراد كميات من النِّفْط الإيرانيّ، وأكَّدت أنها أجرت مفاوضات مع الجانب الإيرانيّ بهذا الخصوص، وهو ما أكَّده وزير النِّفْط الإيرانيّ بيجن زنغنه بأنه جرى الاتِّفاق على بيع 100 ألف برميل من النِّفْط الخام لروسيا، وأشار زنغنه إلى أن نصف قيمة كمية النِّفْط ستُسلَّم نقدا للجانب الإيرانيّ، أما النصف الآخر فسيكون في شكل خدمات فنية وهندسية[23].
آخر ما تم التوصل إليه من اتِّفاقيات بين البلدين في هذا الجانب كان خلال زيارة روحاني الأخيرة لروسيا، إذ تم توقيع مذكّرة تفاهم بين شركة “غازبروم” الرُّوسية للطاقة وشركة النِّفْط الوطنية الإيرانيَّة لنقل الغاز الطبيعي، إضافة إلى مذكّرة تفاهم بين شركة “روس جيولوجيا” وشركة النِّفْط الوطنية الإيرانيَّة للتعاون في مجال التنقيب عن النِّفْط[24].
رابعا: إلغاء التأشيرات بين البلدين
في خطوة أخرى لتعزيز التعاون بين البلدين، شهدت اجتماعات اللجنة المشتركة الخامسة الإيرانيَّة الرُّوسية في المجال القنصلي، توقيع مذكّرة تفاهم لتسهيل نظام إصدار التأشيرات للرحلات السياحية بين البلدين ابتداءً من العام الجاري[25].
وتضمنت مذكّرة التفاهم “الإلغاء الكامل للتأشيرات على ثلاث مراحل متتابعة”، في المرحلة الأولى إلغاء التأشيرات للسفر بغرض التجارة أو الأمور العلمية، وفي المرحلة الثانية إلغاؤها للمجموعات السياحية، أما في المرحلة الثالثة فإلغاء كل التأشيرات بين البلدين”[26]، كما اشتملت الاتِّفاقيات ومذكّرات التفاهم التي توصل إليها بوتين وروحاني في أثناء زيارة الأخير لموسكو في مارس 2017، على اتِّفاقية إلغاء التأشيرات السياحية بين البلدين.
خامسًا: التعاون في المجال المصرفي
لسنوات طويلة ظل موضوع التعاون المصرفي يمثِّل أكبر المعوقات التي تقف في طريق تنمية العَلاقات التجارية بين إيران وبقية الدول، لكن بعد الاتِّفاق النوويّ تهيأت الظروف لعدد من الدول، لا سيَّما روسيا، لإنشاء حسابات مصرفية تسهل عملية التبادل التجاري مع إيران، إذ وقّع الطرفان مذكّرات تفاهم تتعلق بالتعاون بين البنك التجاري الرُّوسي وبنك تنمية الصادرات الإيرانيَّة تسمح باستخدام العملة الوطنية للبلدين في حسابات توريد البضائع وتمويل الاستثمارات المتبادلة، إضافة إلى تأسيس بنك مشترك، تكون مهمته تسهيل عمليات التبادل التجاري بين البلدين [27].
» حجم التبادل التجاري بين البلدين
تشير آخر الإحصاءات إلى ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال العامين الماضيين مقارنة بالسنوات السابقة، إذ وصل حجم التبادل التجاري في 2016 إلى 70.1% ليبلغ 2.18 مليار دولار مقارنة بعام 2015، وارتفعت حصة روسيا من حجم التجارة الخارجيَّة الإيرانيَّة إلى 4.2%، في حين وصلت حصة إيران من التجارة الخارجيَّة الرُّوسية إلى 0.4%[28].
وفي بيان لوزارة التنمية الاقتصاديَّة الرُّوسية، نشرته وكالة “نوفوستي” المحلِّيَّة، أن شهر يناير 2017 شهد ارتفاعًا في حجم التبادل التجاري بين روسيا وإيران، مقارنة بنفس الشهر في العام الماضي ليبلغ 155.1 مليون دولار، كذلك نما حجم الصادرات الرُّوسية 2.7 مرة ليصل إلى 117.7 مليون دولار، في حين صعِدَ حجم الصادرات الإيرانيَّة إلى روسيا بنسبة 6.3%، ليصل إلى 37.3 مليون دولار[29].
هذه الإحصاءات أكَّدها الرئيس الرُّوسي فلاديمير بوتين في بداية مباحثاته مع الرئيس الإيرانيّ حسن روحاني في موسكو في الثامن والعشرين من مارس 2017، إذ أعلن أن بلاده وإيران زادتا حجم التبادل التجاري بينهما خلال الأشهر الأخيرة لتصل الزيادة إلى 70% مقارنة بالعام الماضي[30].
» التنسيق في الأزمة السُّوريَّة ودوره في تعزيز أوجه التعاون الإيرانيّ-الرُّوسي
شكّلت الأزمة السُّوريَّة إحدى ساحات التعاون الإيرانيّ-الرُّوسي رغم التبايُن في الأهداف والدوافع التي قادت البلدين إلى التدخُّل في هذه الأزمة، فتبادلت قيادتا إدارة العمليات العسكريَّة في سوريا، المعلومات الاستخباراتية في عدد من جبهات القتال فضلًا عن التخطيط الميداني المشترك.
وبعيدًا عن أهداف الكرملين غير المعلنة لتبرير التدخُّل العسكريّ الرُّوسي في سوريا، وخلافًا لتصريحات مسؤوليه بأن التدخُّل الرُّوسي في سوريا جاء بطلب من بشار الأسد وبموافقة مجلس الاتِّحاد الرُّوسي على تفويض الرئيس فلاديمير بوتين لاستخدام القوات المسلَّحة الرُّوسية خارج البلاد، إلا أن حسين شريعتمداري، مستشار المرشد الأعلى الإيرانيّ علي خامنئي، أعلن أن الحضور العسكريّ الرُّوسي في سوريا كان بطلب تَقدَّمَت به إيران رسميًّا لإنقاذ نظام بشار.
رئيس “معهد دراسات الفكر” التابع للحرس الثوري الإيرانيّ سعد الله زارعي، أكَّد كذلك أن روسيا أرسلت قواتها إلى سوريا بعد يومين من زيارة وفد عسكريّ إيرانيّ لموسكو، إذ طلب الوفد إرسال قوة جوية وصاروخية إلى سوريا[31]، كما كشفت الصحف الإيرانيَّة نقلًا صحيفة “غازيتا” الرُّوسية، عن دور قائد ميليشيات القدس قاسم سليماني في إقناع الرئيس الرُّوسي فلاديمير بوتين بدخول الحرب في سوريا، وتأكيده له أن الفرصة لا تزال متاحة لإجهاض الثَّورة السُّوريَّة، رغم أن بوتين كان قلقًا على مستقبل نظام الأسد وكان يستشعر أن الوضع في سوريا أصبح وخيمًا ومعقَّدًا[32].
وفي الأشهر الأخيرة وصل حدّ التعاون والتنسيق الإيرانيّ-الرُّوسي السُّوريّ إلى استحداث طهران مَنصِبًا أطلقت عليه “المنسق السياسيّ والعسكريّ والأمني مع روسيا وسوريا”، واختارت له الأدميرال علي شمخاني أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيرانيّ[33].
» قاذفات رُوسِيَّة تستخدم مطار نوغه الإيرانيّ لضرب مواقع في سوريا
نتيجة لتطوُّر ونموّ التعاون بين البلدين، شهد التنسيق العسكريّ والسياسيّ بين الطرفين في الأزمة السُّوريَّة، تطوُّرًا ملحوظًا، وتَمخَّض عن هذا التنسيق سماح إيران لروسيا باستخدام إحدى قواعدها الحربية لتوجيه ضربات ضدّ مواقع للمسلَّحين في سوريا.
كان انطلاق مقاتلات رُوسِيَّة قاذفة من طراز “تو22 إم3″ تابعة لسلاح الجو الرُّوسي من قاعدة نوغه بمحافظة همدان الإيرانيَّة، للمشاركة في توجيه ضربات ضدّ مواقع تنظيم داعش والنصرة و”قوات المعارضة” في سوريا، مقدِّمةً لتنسيق استراتيجي واسع النطاق بين البلدين، وشكَّل مفاجئة للمراقبين للشأن الإيرانيّ لأنها المرة الأولى التي تسمح فيها طهران، منذ انتصار الثَّورة، لقوة أجنبية بشنّ عمليات عسكريَّة انطلاقًا من أراضيها.
وكانت قاعدة نوغه التي استخدمها النِّظام الإيرانيّ في إحباط أول محاولة انقلابية ضدّه عقب الثَّورة، تُسَمَّى “قاعدة حر”، لكن بعد مقتل أحد الطيارين الموالين للثورة، ويُدعَى “محمد نوغه”، في الحرب ضدّ الأكراد، غُيِّر اسمها إلى قاعدة “نوغه”[34].
» تضارب التصريحات حول الوجود العسكريّ الرُّوسي في إيران
عقب انتشار صور القاذفات الرُّوسية، أكَّدت وزارة الدفاع الرُّوسية في بيان لها خبر استقرار قاذفات القنابل ومقاتلاتها في قاعدة نوغه الجوية بهمدان الواقعة في غربيّ إيران، وقال البيان إن هذه المقاتلات استطاعت تدمير خمسة مستودعات أسلحة ضخمة بالقرب من مدينة حلب في سوريا كان المسلَّحون يستخدمونها لتخزين أسلحتهم. وأضاف بيان وزارة الدفاع الرُّوسية أن قاذفات القنابل بعيدة المدى “TU-23M3” والمقاتلات “SU-34” أقلعت من قاعدة همدان الجوية في إيران وهاجمت أهدافًا تابعة لداعش وجبهة النصرة في أطراف مدن حلب ودير الزور وإدلب[35].
أربك تسريب صور القاذفات الرُّوسية في قاعدة نوغه بهمدان وبيان وزارة الدفاع الرُّوسية، المسؤولين الإيرانيّين، وأدخلهم في دوامة من التصريحات المتناقضة والمتباينة بشكل لافت، فبعد ساعات من إعلان الخبر، قال رئيس البرلمان علي لاريجاني، إن بلاده لم تمنح الرُّوس هذه القاعدة، واعتبر استخدام هذه القاعدة مؤقَّتًا، ليردّ وزير الدفاع ويقول إن البرلمان لا شأن له باستخدام قاعدة نوغه وإنه جاء في إطار تعاون ثلاثي إيرانيّ-روسي-سوري لضرب مواقع الجماعات المسلَّحة في سوريا، كما وجَّه انتقادات إلى الجانب الرُّوسي بسبب كشفه التعاون بين البلدين وعدم الحفاظ على سرِّيَّة هذا التعاون[36].
أما أمين عامّ المجلس الأعلى للأمن الإيرانيّ الأدميرال علي شمخاني فأكَّد صحة الخبر، وقال إن استقرار الطائرات الرُّوسية في همدان جاء بطلب المستشارين العسكريّين الإيرانيّين لتوفير غطاء جوّيّ ودعم لوجستي في معركة حلب، معتبرًا أن هذا الوجود دليل على قوة إيران لا تبيعتها، مؤكّدًا أن هدف روسيا من هذا الإعلان هو رغبتها في إظهار نفسها عنصرًا مؤثّرًا على ساحة العمليات في سوريا [37].
أمَّا رئيس لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيرانيّ علاء الدين بروجردي، فأكَّد أن استفادة روسيا من قاعدة نوغه العسكريَّة بمدينة همدان لعبور الطائرات والتزود بالوقود، وأن هذا لا يخالف المادة 146 من الدستور الإيراني، مضيفًا أن الهدف من وجود الطائرات الرُّوسية في همدان هو مكافحة تنظيم داعش.
ثم عاد بروجردي ليؤكّد أن المادة 146 تمنع وجود أي قاعدة عسكريَّة في الدولة حتى للاستخدام السلميّ، مؤكّدًا أن روسيا تستخدم هذه القاعدة منذ فترة، لكن لم يُعلَن عن ذلك[38].
وعزا البعض هذا التناقض اللافت للمسؤولين الإيرانيّين، إلى الخلافات بين جناحَي السُّلْطة حول خطوة السماح للروس بالاستفادة من القاعدة، ومنافاة ذلك لاحد أهمّ مبادئ وشعارات ومرتكزات الثَّورة، وهي الرفض القاطع لكل أشكال التدخُّل الأجنبي في البلاد، “على الأقل في الخطاب الرسميّ”. كما أن السماح لأي دولة بنشر قواتها في إيران يمثِّل مخالفة صريحة وواضحة للدستور الإيرانيّ[39].
ونتيجة للجدل الذي أثاره الإعلان عن استخدام سلاح الجو الرُّوسي قاعدة همدان غربيّ إيران لشَنّ ضربات ضدّ مواقع في سوريا، أعلنت وزارة الخارجيَّة الإيرانيَّة على لسان المتحدث بها بهرام قاسمي، تعليق استخدام روسيا للقاعدة الإيرانيَّة وانتهاء مهمتها، وذلك في محاولة من النِّظام الإيرانيّ لرفع الحرج الذي أثاره الموضوع، لا سيما في الداخل الإيرانيّ.
ورغم إعلان المتحدث باسم الخارجيَّة الإيرانيَّة بهرام قاسمي انتهاء مهمَّة المقاتلات الرُّوسية وتعليق عملها في إيران، فإن رئيس البرلمان الإيرانيّ علي لاريجاني نفى صحة تصريحات قاسمي عن تَوَقُّف استخدام روسيا قاعدة همدان الجوية، حسبما نقلت وكالة “فارس نيوز”، مؤكّدًا أن الأخيرة لم توقف رحلاتها العسكريَّة من قاعدة همدان الجوية لضرب مواقع في سوريا[40].
وفي فبراير الماضي كشف أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيرانيّ علي شمخاني، أن المقاتلات الرُّوسية لا تزال تستخدم المجال الجوي لبلاده لشَنّ غارات في سوريا، وبرر ذلك بوجود تعاون استراتيجي تامّ بين البلدين[41].
أما وزير الخارجيَّة الإيرانيّ محمد جواد ظريف الذي رافق الرئيس حسن روحاني في زيارته لموسكو في مارس الماضي، رغم تأكيده أن روسيا لن تستخدم قاعدة همدان بشكل دائم بل لحالات محدَّدة، فإنه أعلن صراحةً استعداد بلاده السماح لروسيا باستخدام هذه القاعدة إذا اقتضى الأمر[42].
» الدلالات الرُّوسية من استخدام قاعدة همدان
تتمثل أبرز الدوافع الرُّوسية وراء استخدام قاعدة نوغه الإيرانيَّة في ما يلي:
1- إبراز جانب من القوة الرُّوسية ومقدرتها في تشكيل أحلاف جديدة في الشرق الأوسط.
2- إظهار ندّيّة القاذفات الرُّوسية لمثيلاتها الأمريكيَّة، بخاصَّة بعد أن استخدمت الأخيرة قاذفاتها في قصف أهداف في سوريا، حيث استخدمت واشطن القاذفة الاستراتيجية “B-1B” ضدّ تنظيم داعش في عين العرب كوباني بريف حلب الشرقي عام 2014، كما استخدمتها مرة ثانية في منبج مؤخَّرًا.
3- فرض الأمر الواقع على دول العالَم لتأكيد أن روسيا أحد أقطاب حلّ المشكلات والأزمات التي تشهدها المنطقة[43].
4- علاوة على الجوانب التكتيكية والعملانية، فإن استخدام قاعدة جوية إيرانيَّة نقطةَ تَمركُز وانطلاق للطائرات الحربية الرُّوسية، يعكس تطورًا استراتيجيًّا، سواء بالنسبة إلى روسيا أو بالنسبة إلى إيران. ومعروف أن تلك هي المرة الأولى التي تستخدم فيها روسيا قاعدة أجنبية في الشرق الأوسط، بعد قاعدة حميميم، لتنفيذ عملياتها العسكريَّة في سوريا[44].
5- استخدام قاعدة نوغه بهمدان لتنفيذ ضربات في سوريا يكمن في أن استخدام البنية التحتية العسكريَّة الإيرانيَّة، يتيح الفرصة لتقليص زمن تحليق الطائرات الحربية الرُّوسية بنسبة قد تصل إلى 60%.
6- كان سلاح الجو الرُّوسي يستخدم قاذفات “تو22 إم3” انطلاقًا من مطارات تقع في جمهورية أوسيتيا الشمالية الواقعة في جنوب روسيا، وقاعدة حميميم السُّوريَّة ليست مناسبة لاستقبال هذا النوع من القاذفات التي تُعَدّ الأضخم في العالَم، كما أن استخدام قاعدة همدان يضمن مزيدًا من الأمن للطائرات الرُّوسية في أثناء إقلاعها وهبوطها، مقارنة بقاعدة حميميم القريبة من مسرح العمليات القتالية[45].
» الدوافع الإيرانيَّة من السماح لروسيا باستخدام قاعدة همدان
1- مأزق النِّظام الإيرانيّ في سوريا واستشعاره خطورة مواصلة قواته في مقاتلة قوات المعارضة والحركات المسلَّحة وحدها.
2- استخدام روسيا قاعدة نوغه لضرب مواقع في سوريا يُعَدّ مؤشِّرًا على فشل ذريع للقوات والميليشيات الطائفية التابعة لها في تحقيق تَقَدُّم ملموس على الأرض، لا سيَّما في حلب[46].
3- مقتل أعداد كبيرة من الإيرانيّين والمليشيات الشيعية الموالية لطهران في المعارك التي تشهدها سوريا.
4- حماية نظام الأسد من السقوط في يد المعارضة السُّوريَّة المسلَّحة.
» تبايُن المواقف الرُّوسية والإيرانيَّة حول تطورات الأوضاع في سوريا
أفرز تضارب المصالح بين روسيا وإيران في سوريا عددًا من الخلافات، يمكن الإشارة إليها في ما يلي:
1- أظهر الاتِّفاق الرُّوسي-التُّركِيّ على إجلاء المدنيين والمسلَّحين المحاصَرين في حلب والمناطق التابعة لها، خلافات كانت تحت الطاولة. وكان عدد كبير من المراقبين للشأن الإيرانيّ يرون أن التعاون الرُّوسي-الإيرانيّ في سوريا هو تحالف هَشّ فرضته الظروف الإقليمية ومصالح الدولتين في هذا البلد، وشكّل موضوع حلب نقطته الأبرز، ولا يمكن مقارنته بالتعاون القائم بين البلدين في المجالات الأخرى.
بعد الاتِّفاق الرُّوسي التركي حول وقف إطلاق النار واجلاء المسلَّحين والمواطنين، رأت طهران بأن موسكو بدأت بعقد اتِّفاقيات من وراء ظهرها تُخالف استراتيجيتها في سورية، وان روسيا أخذت الملف السُّوريّ بيدها، وأوكلت لنفسها مهمَّة ضمان الأسد مقابل ضمان تركيا للمجموعات المسلَّحة المعارضة[47].
ورغم أن الإيرانيّين نَفَوْا وجود مثل هذه الخلافات، فإن تهديد روسيا بالرَّدِّ على أي إطلاق للنار خلال عملية الإجلاء من حلب، وإن كان مطلق النار من قوات النِّظام السُّوريّ أو المليشيات الموالية له، أظهر حقيقة هذه الخلافات وأخرجها إلى العلن.
موافقة روسيا على خروج المدنيين والمسلَّحين، وتأييد الأمم المتَّحدة هذا الاتِّفاق، ثم قرار مجلس الأمن نشر مراقبين في حلب، زاد من مخاوف الإيرانيّين من خطورة هذه القرارات على مستقبل وجودهم في سوريا، فأبدى الحرس الثوري رفضه دخول مراقبين دوليين بحجة مخاوفه من دخول جواسيس، وسعى هو والقوات الموالية له لتعطيل الاتِّفاق التركي-الرُّوسي عبر وضع مجموعة من العراقيل، والشروط الإضافية مثل إجلاء سكان قريتَي الفوعة وكفريا ذواتَي الأغلبية الشيعية اللتين كانت تحاصرهما قوات المعارضة، إضافة إلى قصفها عددًا من الأحياء ووقف قوافل المدنيين المغادرة من حلب واحتجاز المواطنين رهائن.
2- الاتِّفاق الرُّوسي التركي تَضمَّن ضرورة الاحتفاظ بالنِّظام الرُّوسي لا ببشار الأسد، وهذا ما ترفضه إيران، فشكَّل موضوع بقاء الأسد الجزء الأكثر حساسية وتأثيرًا في العَلاقات بينهما، فإيران ترى في بقاء الأسد خطًّا أحمر لا يمكن تجاوزه، في حين لا تتمسك روسيا بالأسد ولا تمانع في رحيله، الأمر الذي أوصل إيران إلى قناعة بأن موسكو تستخدم ورقة الأسد للحصول على مزيد من المكاسب، وهي تعمل على أن تستبدل به حاكمًا آخر يضمن لها مصالحها في سوريا والمنطقة، أما إيران فترى أن رحيل بشار الأسد خلال الفترة المقبلة ينذر بهدم التصوُّرات الإيرانيَّة حيال مصالحها، وظهر ذلك بيِّنًا في تصريحات عدد من المسؤولين الإيرانيّين.
3- الموقف الرُّوسي من مستقبل الميليشيات الإيرانيَّة في سوريا، فإيران تسعى لتوطيد نفوذها من خلال تأسيس أذرع عسكريَّة وإيجاد عشرات الميليشيات الطائفية على شاكلة “حزب الله”، على غرار ما فعلته في العراق، لمساعدتها في سياسة التمدُّد الإقليمي، لذلك اقترحت موسكو على طهران ضمّ تلك الميليشيات إلى القوات المسلَّحة السُّوريَّة النِّظامية، ولأن روسيا تتمتع بنفوذ قوي في المؤسَّسة العسكريَّة السُّوريَّة، امتعضت إيران من هذه الدعوة واستشعرت أن روسيا تستهدف حرمانها من ظهيرها العسكريّ، الذي شكَّلَته على غرار الحرس الثوري، ومِن ثَمَّ تنفرد روسيا بالقوى العسكريَّة المتخندقة في معسكر بشار الأسد[48].
4- ترى طهران أن بحث روسيا عن حلول لإنهاء الأزمة السُّوريَّة وخروجها المبكِّر من سوريا، قد يؤثِّر على قدراتها العسكريَّة ومستقبل وجودها في هذا البلد.
» مستقبل التعاون الإيرانيّ-الرُّوسي
التعاون بين إيران وروسيا لا يمكن وصفه بالاستراتيجيّ، بل هي عَلاقة اقتضتها الضرورة بفعل العوامل الداخليَّة والإقليميَّة والعالَمِيَّة، أجبرت البلدين على تقارُب وتعاون يبدو ظاهره متماسكًا لكن باطنه مليء بالاختلافات الجِدِّيَّة والعميقة.
كلا الجانبين يبحث عن تحقيق مصالحه، فإيران تريد تحصين نفسها عسكريًّا وتحسين ترسانتها العسكريَّة المتهالكة، فضلًا عن كسب حليف قوي كروسيا بديلًا من أوروبا وأمريكا، على الأقلّ في الوقت الحالي، في حين تعمل روسيا على كسب أسواق بديلة وجديدة لبيع أسلحتها ومنتجاتها العسكريَّة في ظلّ الأزمات الاقتصاديَّة التي تمرّ بها بسبب انخفاض أسعار النِّفْط والحظر الاقتصاديّ المفروض عليها من الدول الغربية بسبب احتلالها شبه جزيرة القرم.
ورغم تباين مواقف البلدين حول مستقبل الأزمة السُّوريَّة التي قد تقلِّل الثقة بين الطرفين، فضلًا عن احتمالية أن تؤثِّر العقوبات الأمريكيَّة المفروضة على إيران في إطلاق يد روسيا للتعاون مع إيران في شَتَّى المجالات، فإن التعاون بين البلدين في شَتَّى المجالات الاقتصاديَّة والعسكريَّة والصناعيَّة قد يستمرّ، لحاجة كل منهما إلى الآخر، وفي حال حدوث أي توتُّر في العَلاقة بينهما نتيجة اختلاف الرؤى وتضارب المصالح، فقد يتجاوز البلدان الخلافات في سبيل تحقيق مصالحهما، على الأقلِّ في الوقت الراهن.
لكن بين البلدين بشكل عامٍّ مخاوف وعدم ثقة، تتمثَّل في احتمالية عدم استمرار هذه العَلاقة المتميزة بينهما مستقبَلًا، إذ ترى موسكو أن إيران من الممكن أن تضحِّي بعَلاقاتها معها في حال حدوث انفتاح وتقارب بين طهران وواشنطن، كما أن إيران تتخوَّف من أن تضحِّي روسيا بعَلاقاتها معها إذا اقتضت مصالحُها، وتستشهد في ذلك بصفقة منظومة صواريخ “s-300″[49] التي جمَّدَتها روسيا في 2010، ولم تُسَلَّم للطرف الإيرانيّ إلا بعد توقيع الاتِّفاق النوويّ في يوليو 2015.
وحول مستقبَل التعاون والتنسيق بين البلدين في الأزمة السُّوريَّة، يمكن القول إن إيران عملت على فرض خُطَطها وتدعيم موقفها منذ بداية الأزمة في 2011، لكنها اليوم ليست اللاعب الوحيد، فروسيا لا يمكن أن تغيب عن المشهد السُّوريّ بتلك السهولة التي كانت تتوقعها إيران، لا سيما بعد المكاسب الكبيرة التي حقّقَتها في حلب وحسمها معركتها بفضل تدخُّلها الجوي، فضلًا عن الثقل الكبير الذي باتت تمثله في الأزمة السُّوريَّة بعد اتِّفاقها مع تركيا حول إجلاء المواطنين والمسلَّحين وإقناعها كل الأطراف المتقاتلة في سوريا بضرورة الجلوس على طاولة المفاوضات في أستانة للتوصل إلى اتِّفاق يُفضِي إلى حلّ نهائي لهذه الأزمة.
روسيا، التي بدأت في تسريع وتيرة إمساكها بكثير من المِلَفَّات في سوريا، أشعرت إيران بأن دور الأخيرة في سوريا بات هامشيًّا وثانويًّا، وهذا ما سمعناه من قائد الحرس الثوري عندما لام روسيا على طريقة تعاطيها مع إيران في الملف السُّوريّ، وتحدث عن أن إيران قدَّمَت تضحيات كبيرة في سوريا.
الرؤيتان الرُّوسية والإيرانيَّة تتباعدان عند الحديث عن مستقبل سوريا، يتضح ذلك من خلال أهداف كل طرف، فموسكو تهدف من وراء تدخلها في سوريا إلى تحقيق بعض الأهداف الاستراتيجية، إلا أنها تسعى لإيجاد مخرج من الأزمة يحفظ لها ما حقّقته حتى الآن من إنجازات في هذا البلد، أما إيران فلا تسعى إلا لتحقيق أهدافها التوسُّعية والطائفية وجعل سوريا امتدادًا آخَر لنظامها، وما يثبت هذا الادِّعاء هو ما صرَّح به قائد الحرس الثوري اللواء محمد علي جعفري الذي اعتبر أن حلب هي الخَطّ الأول للثورة الإسلامية، وأن مجال الثَّورة تجاوز حدود إيران، في إشارة إلى التدخُّل الإيرانيّ في سوريا والعراق واليمن ولبنان، كما أن الإيرانيّين بدؤوا يشعرون بأنهم الأحَقّ بسوريا لأنهم أنفقوا مليارات الدولارات ودفعوا بالمقاتلين من داخل وخارج إيران وتَكبَّدُوا خسائر فادحة في الأرواح، إضافةً إلى تغلغلهم في مفاصل النِّظام السُّوريّ وفي أجهزة الحكم ومراكز صناعة القرار السُّوريّ وغرف العمليات، وتلك أرضية قد تشجع الإيرانيّين على الانقلاب حتى على الحليف الرُّوسي إذا اقتضى الأمر.
كما أن الاستراتيجية الرُّوسية تقوم على إثبات أنها لا تزال قُوَّة مؤثّرة في العالَم، ولتحقيق هذا الهدف دخلت في حرب باردة مع عدد من دول العالَم، وتعتبر أن سوريا هي ركيزتها الأساسية في هذه الحرب، لذا لا يمكن أن تسمح لإيران بأن تلعب بالورقة السُّوريَّة من أجل مصالحها الخاصَّة، وهنا يكمن الخلاف المستقبليّ بين موسكو وطهران، لا سيما إذا ما أصرَّت الأخيرة على تنفيذ أجندتها كاملة في سوريا دون أخذ المصالح الرُّوسية في هذا البلد في الاعتبار، كما ستحدد نتائج مباحثات السلام التي تشهدها آستانة في كازاخستان مستوى التنسيق أو التضارب في مصالح البلدين، لأن عددًا كبيرًا من المراقبين يرون أن روسيا ليس باستطاعتها التغوُّل على إيران وتحجيم دورها بشكل نهائيّ، ما لم تنجح اجتماعات أستانة وتتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار.
» الخلاصة
شكّل موضوع الاتِّفاق النوويّ حافزًا وفرصة كبيرة لروسيا في الاستفادة من نفوذها السياسيّ والاقتصاديّ في بناء مزيد من الشراكة والتعاون مع إيران الطامحة إلى تحديث ترسانتها العسكريَّة المتقادمة، وتنمية مواردها الاقتصاديَّة، وظهرت ملامح هذا التعاون بعد تَسَلُّم طهران منظومة الصواريخ الدفاعية “إس-300”، وتبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين وتوقيع عدد كبير من الاتِّفاقيات العسكريَّة والاقتصاديَّة.
وعلى مستوى الأزمة السُّوريَّة، شهد التنسيق العسكريّ والسياسيّ بين البلدين تطوُّرًا كبيرًا، وتَمخَّض عن هذا التنسيق سماح إيران لروسيا باستخدام إحدى قواعدها الحربية لتوجيه ضربات ضدّ مواقع للمسلَّحين في سوريا، فضلًا عن التنسيق والتعاون العسكريّ الميداني الكبير الذي أفضى إلى سقوط عدد من المناطق التي كانت تحت سيطرة قوات المعارضة السُّوريَّة. لكن تضارب المصالح بين الجانبين الرُّوسي والإيرانيّ في سوريا كشف عن الاختلاف الكبير في الرؤى والأهداف، وبدأت مواقف البلدين تتباعد بعض الشيء، لا سيما بعد سقوط حلب، فإيران التي تتمتع بعَلاقات قوية مع سوريا منذ انتصار ثورتها في 1979، وأنفقت مليارات الدولارات وفقدت مئاتٍ وربما آلافًا من عناصر جيشها وحرسها الثوري في الحرب التي يشهدها هذا البلد، ترى أنها الأحق بتحديد وتقرير مصير سوريا، وترفض أي حلول لا تضمن لها مصالحها وخططها المستقبلية في هذا البلد، كما ترى طهران أنها الأقرب إلى الرئيس السُّوريّ من روسيا التي لا يهمها بقاء الأسد، بقدر حرصها على حفظ وضمان مصالحها، والاستفادة من الورقة السُّوريَّة في عَلاقاتها مع الغرب.