د.معتصم صديق عبدالله
مقدِّمــة
كان لوقوف بعض قادة الجيش الإيرانيّ في بداية الثَّورة مع الشاه ومناصرتهم له ومحاولة منع سقوط نظامه، دور كبير في حالة التهميش والإهمال التي ظلّت تلازم هذه المؤسَّسة العسكريَّة إلى يومنا هذا، رغم مرور السنين وتعاقب الأجيال.
ولأن قادة النِّظام الجديد فقدوا الثقة بالجيش بسبب حياده في أثناء الثَّورة وولاء بعض قادته لحكم الشاه، فقد رأَوْا ضرورة إيجاد قُوَّة كبيرة تكون ملتزمة بمبادئ وقيم الثَّورة وتتعهَّد بالذَّوْد عنها وحمايتها، وتعمل على إقامة توازن مع الجيش التقليديّ الذي لم يكُن الخُميني يثق به، فكان بزوغ فكرة الحرس الثوريّ الذي وظّف الإمكانيَّات الهائلة التي وضعها النِّظام تحت تصرُّفه لبسط سيطرته وهيمنته على معظم المؤسَّسات السياسيَّة والأمنيَّة والاقتصاديَّة بالبلاد، هذا الدور الذي ظلّ الحرس الثوريّ يلعبه منذ انتصار الثَّورة، أسهم إلى حدّ كبير في ابتلاع الجيش وتهميشه وإبعاده عن مسرح الأحداث السياسيَّة والاقتصاديَّة.
تحاول هذه الدراسة عرض أهداف تشكيل الحرس الثوريّ وتكويناته وميزانيته وإمكانيَّاته الاقتصاديَّة، فضلًا عن تدخُّلاته الخارجيَّة ودوره في قمع الحركات المناهضة للنِّظام داخليًا، كما يتناول دلالات وأهداف هذا النُّفُوذ القويّ للحرس مع مقارنة ذلك بتراجُع مكانة الجيش الذي يمثِّل المؤسَّسة العسكريَّة الأكثر عددًا والأقدم تاريخًا.
وتركِّز الدراسة على سؤال أساسيّ في ما يتعلق بعلاقة الحرس الثوريّ بالجيش،
هو: هل اهتمام القيادة الإيرانيَّة الزائد بالحرس الثوريّ وتغلغُله في مفاصل الدَّولة ناجمٌ عن تهميش متعمَّد ومقصود، أم أن العلاقة بينهما تكامليَّة؟
أكمل القراءة