تلقت إيران ضربة دبلوماسية جديدة بعد قطع دولة المالديف العلاقات الدبلوماسية معها، فعلى الرغم من النشاط الدبلوماسي الموسع الذي قامت به إيران بعد توقيع الاتفاق النووي، إلا أن عدد الدول المقاطعة لها إقليمياً في ازدياد، خاصة بعد حادثة اقتحام السفارة والقنصلية السعوديتين في إيران.
وجاءت انضمام دولة المالديف إلى الدول المقاطعة لها بعد أقل من شهر من تقديم محمد أميراني سفير إيران في سريلانكا أوراق اعتماده كأول سفير إيراني غير مقيم في المالديف.
وأعلنت المالديف قطع علاقاتها مع إيران، يوم الثلاثاء الموافق 17 مايو 2016م، وقد ورد في بيان وزارة الخارجية المالديفية أن قطع العلاقات من قبل المالديف جاء اعتراضاً على السياسات الإيرانية تجاه السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار.
وأثار التحرك الذي اتخذته إيران نهاية الشهر الماضي لتدعيم مكانتها الدبلوماسية في تلك الجزر الفقيرة الموجودة في المحيط الهندي جنوب سريلانكا، والتي لا يزيد عدد سكانها عن 430 ألف نسمة، الكثير من التساؤلات حينها، خاصة وأن إيران لم تقدم أي تفسير لذلك سوى التنسيق بين الطرفين في المنظمات الدولية.
ومعلوم أن المالديف وإيران عضوتان في منظمة سارك (منظمة تعاون جنوب آسيا) والتي أنهت مؤتمراً لوزراء الطاقة والماء أول من أمس في كابل، وكانت إيران مشاركة في المؤتمر بصفة مراقب.
يذكر أن العلاقات الإيرانية – المالديفية أخذت في التصاعد منذ عام 2010م عندما بدأت وكالات السياحة الإيرانية بالترويج للسياحة في جزر المالديف، وأخذت أعداد الرحلات السياحية تزداد منذ ذلك الحين بشكل ملحوظ، وهناك من تحدث عن خطة إيرانية لنشر توجهاتها الأيديولوجية والعقدية في المالديف، الأمر الذي آثار الكثير من التوجسات الأمنية في تلك الدولة الصغيرة.
وفي عام 2012م، زادت أهمية المالديف لإيران بعد أن اختطفت سفينة محملة بالسكر قادمة من الصين ومتجهة إلى إيران، وعلى إثر ذلك اتجهت القطع البحرية الإيرانية لتحرير السفينة من المختطفين الصوماليين، ومنذ تلك الحادثة تكثف القوات البحرية الإيرانية تحركاتها في هذه المنطقة، وتبين الخريطة المرفقة موقع الاختطاف بالقرب من المالديف وموقع التحرير على بعد 452 ميلاً بحرياً في اتجاه الصومال.
وعلى إثر ذلك قام رئيس هيئة الهلال الأحمر المالديفي بزيارة لشركة الغزل والنسيج التابعة للهلال الأحمر الإيراني ومنظمة شباب الهلال الأحمر، بتاريخ 27 ديسمبر 2015.
وصرح رئيس جمهورية المالديف أثناء مقابلة محمد أميراني بأن بلاده مهتمة بالاستفادة من قدرات إيران لتحقيق التنمية لبلاده، وطلب أن تنفذ إيران استثمارات في مجالات النفط والغاز والسياحة، والتقى أميراني وزير الدفاع المالديفي.
ومما لا شك فيه أن إيران بتحركها الدبلوماسي هذا كانت راغبة في تدعيم مكانتها في منطقة جنوب المحيط الهندي، وإقامة قاعدة بحرية لأسطولها الحربي والتجاري في جزر المالديف، خاصة وأن إيران تنتهج استراتيجية خاصة في نشر قطع أسطولها الحربي، وهي ألا تركز القطع الكبيرة في مياه الخليج العربي، وإنما تنشرها في المنطقة المحصورة بين جنوب المحيط الهندي، وشرق البحر الأبيض المتوسط، في حين يقتصر وجود الأسطول الإيراني في الخليج على الزوارق الصاروخية، مع زيارات للقطع الكبيرة.
أما بالنسبة للأسطول التجاري وبخاصة ناقلات النفط، فقد كانت إيران تنتهج في فترة العقوبات الدولية سياسة التخزين في ناقلات البترول التي ترسو بالقرب من مناطق الاستهلاك، ثم تحولت لسياسة التخزين في أرض الغير، وبالتالي كانت المالديف بالغة الأهمية لإيران سواء من الناحية العسكرية والاقتصادية، إضافة لذلك المالديف هي من أكثر الدول التي ينخرط مواطنوها في صفوف داعش، وربما كانت تمثل مكان التلاقي بين الطرفين، وهو أمر غير مستبعد، بعد تأكد اتصال إيران بكل من تنظيم القاعدة وداعش.
الأكيد أن القرار الذي اتخذته المالديف يشكل ضربة قوية للدبلوماسية الإيرانية، ويقيم الدليل على أن تمدد النفوذ الإيراني خارج حدودها لم يعد مقبولاً من دول الجوار الإقليمي لإيران، وأن سياسة نشر القطع البحرية وملء أية مساحة فراغ استراتيجي لن تجدي نفعاً بعد الآن.