كانت الحرب السورية فرصة لإعادة البناء الآيديولوجي للمدَّاحين بوصفهم جزءًا من الدعاية الرسمية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبالتزامن مع بدء التحرُّكات الإرهابية وحضور الجماعات الإرهابية مثل “داعش” في سوريا، اهتمّت وسائل الإعلام الخارجية والمناهضة للثورة، بمكوِّنات وعناصر مثل “الحضور العسكري الإيراني” في سوريا، و”الشهداء المدافعين عن الحرم”، وهذه المرة كان “المدَّاحون الإيرانيون” الذين يحضرون بين صفوف المدافعين عن الحرم، موضوع وسائل الإعلام البريطانية.
واهتمَّت مقالة في موقع “بي بي سي” عرضها موقع “أفكا”، بمكانة “النوّاحين” و”المدّاحين” في إيران، وكتبت في إشارة إلى لقاء قادة الحرس الثوري مع قائد الجمهورية علي خامنئي، أنه ربما من الصعب تصوُّر أن يكون في جلسة القادة العسكريين مع أعلى مسؤول في الدولة، إنشاد ضابط (صادق آهنجران) ما يُعرَف في إيران بـ”المدح”، وأن يبكي عدد من القادة جراء ذلك، ولكن هذا التصوُّر ليس في إيران بالأمر النادر.
واعتبر مقال “بي بي سي” أن ما جرى في جلسة أعلى القادة العسكريين مع خامنئي مؤشِّر لأهمية النواح والمدح كنهج ثقافي في الجمهورية الإسلامية، وأشا “بي بي سي” إلى توصية القائد في لقائه مع المداحين وتأكيده أهمية تقوية معتقدات الشباب إلى جانب المدائح للمدافعين عن الحرم، وكتب: “بنفس الشاكلة التي طلب بها خامنئي من المداحين، فإنهم يؤدُّون دورًا أكثر من التلاوة والإنشاد، لأن لهم دورًا خاصًّا في تشكيل آيديولوجيا جمهورية إيران الإسلامية”.
ويستكمل كاتب المقال بأنه كتب هذا واضعًا في الاعتبار أقوال رئيس منظمة “تعبئة المداحين”، المبني على طلب زيادة المداحين للذهاب إلى سوريا، والتنسيق مع فيلق القدس لإرسالهم إلى هذا البلد، وأن الحرب في سوريا ساعدت في إحياء موضوعات نواح فترة الحرب المفروضة (الحرب الإيرانية-العراقية)، والحرب في سوريا فرصة لإعادة صياغة آيديولوجيا المديح كجزء من الدعاية الرسمية لإيران، والمداحون الذين يتوجهون إلى دمشق يُقَوُّون خنادقهم في طهران، ليس أمام “داعش” فحسب، بل أمام الثقافة المغايرة للثقافة الرسمية.