في قلب الاشتباك الدبلوماسي بين إدارة أوباما وإيران، أصبح من المفهوم أن النظام الإيراني ينقسم إلى جهتين، إحداهما تضم المتشددين الذين يثيرون الإرهاب والعدوان الإقليمي، والأخرى تضم المعتدلين الذين يعملون على أساس الانفتاح على التعاون مع الغرب. ويقال إن من يجسّد المعتدلين هو وزير الخارجية محمد جواد ظريف الشخصية الناطقة باللغة الإنجليزية، والمفضلة لدى أغلب الصحفيين الغربيين، فضلاً عن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري. على كل، فإن كانت هناك فجوة حقاً بين السيد ظريف والمتشددين تستوجب سداً، فإن ظريف يمثل الشخص المناسب الذى يقوم في بعض الأحيان بعمل جيد لسد هذه الفجوة.
وعلى سبيل المثال، وخلال الـ 18 شهراً الماضية التي قضاها صحفي جريدة الواشنطن بوست جيسون رضائيان في السجن، قدم ظريف ادعاءاته الكاذبة والسخيفة بأن السيد رضائيان ارتكب جرم التجسس، حيث أشار إلى أن السيد رضائيان كان يعمل كعميل أو ناشط بمستوى منخفض لدى الحكومة الأميركية.
وفي الآونة الأخيرة، طلب من ظريف شرح رعاية إيران لمهرجان الكاريكاتير الذي سيقام حول موضوع المحرقة، وهذه هي المرة الثانية التي يقيم فيها النظام مثل هذا الحدث، وكانت المرة الأولى من خلال احتضانها مهرجاناً ممثالاً حول معاداة السامية في عهد الرئيس محمود أحمد ينجاد (2006)، والذي يصنف كواحد من المتشددين حسب نظرية إدارة أوباما.
وكان في رد ظريف على روبن رايت الكاتبة في مجلة نيويوركر نوع من الإنكار، حيث ادعى أن إدارة روحاني لم يكن لها شأن بالمعرض، وأن رعاية الحفل لم تكن من قبل منظمة حكومية “لا تسيطر عليها الحكومة الإيرانية”، وعلاوة على ذلك قال إن المنظمة لم تكن بحاجة إلى الحصول على إذن من الحكومة لتنظيم الحدث.
وقال إنه يمكن مقارنته بنشاط كو كلوكس كلان المتبع في الولايات المتحدة الأمريكية. وتساءل: “هل تكون حكومة الولايات المتحدة مسؤولة عن حقيقة وجود منظمات عنصرية في الولايات المتحدة؟”.
وبطبيعة الحال، فإن هذا الادعاء لم يبرح طويلاً حتى تعرض للطعن، وما كان مثيراً للاهتمام هو أن بعض الاعتراضات جاءت من قبل حكومة السيد ظريف. وأكد متحدث باسم وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي أن الوزارة تدعم المعرض جنباً إلى جنب مع البرامج الأخرى التي تقوم “بتنوير الناس عن المحرقة.” وأفاد مسؤول في المهرجان أيضاً بأنه كان يتعاون مع الوزارة.
وأفادت تقارير متحف الولايات المتحدة التذكاري للمحرقة بأن المعهد الثقافي والإعلامي “أوج” كان من المنظمات التي قامت برعاية المهرجان، ويتم تمويله من قبل الحرس الثوري الإيراني. بالإضافة إلى المجمع الثقافي لما يسمى بـ شهداء الثورة الإسلامية المدعوم من قبل منظمة التنمية الإسلامية، الذي صادق البرلمان الإيراني على ميزانيته، أما بالنسبة لمعرض عام يقام في طهران دون موافقة رسمية، فسوف نصدق ذلك بمجرد عقد المهرجان الأول للديمقراطية الليبرالية.
ادعى السيد ظريف أن “الناس الذين يدعون الكراهية والعنصرية والعنف” لن تصدر لهم تأشيرات دخول لحضور مهرجان الكاريكاتير. سنرى قريباً إذا ما كان هو الحال. في غضون ذلك، فإنه من المفيد الأخذ بعين الاعتبار الإجابة التي حصلت عليها السيدة رايت عندما طرحت سؤالاً على وزير الخارجية حول إشارة الرئيس أوباما الأخيرة إلى “المزيد من القوى المتعقلة في إيران”.
نقلا عن الواشنطن بوست