أصدر المعهد الدولي للدراسات الإيرانية تقرير الحالة الإيرانية لشهر يوليو 2018، بعد أن رصد أبرز التطورات على الساحة الإيرانية وتفاعلاتها الإقليمية والدولية، مقدمًا بذلك إلى القارئ العربي عمومًا والمهتمّ بالشأن الإيراني خصوصًا رصدًا دقيقًا وتفكيكًا زمنيًّا متتابعًا، بعد أن تضمن ثلاثة أقسام رئيسة، إذ يهتم القسم الأول بالشأن الداخلي الإيراني، في حين يختص الثاني بتفاعلات إيران مع الشأن العربي، ويسرد الثالث منه الحراك الإيراني على الصعيد الدولي في إطار علاقات إيران بالدول الكبرى.
التهديد بإغلاق «هرمز».. وتحالف مؤقت:
وفقًا للشأن الداخلي في التقرير فقد أحدث تهديد روحاني بإغلاق هرمز تحولًا في الاصطفافات السياسية في الداخل الإيراني، وشكّل صيغة تحالفية جديدة بين التيار الأصولي والإصلاحي، بعد تاريخ طويل من المشادات الكلاميّة بين التيارين وصلت إلى درجة التخوين. وعن ماهية ووقتية هذا التحالف، يعتقد التقرير أنها جاءت بهدف «إرسال رسائل إلى الداخل والخارج مفادها أن كل القوى السياسية في النظام الإيراني سوف تتحد في حال تعرض البلاد لتهديدات خارجية»، إلا أن محللين عدوا التفاف الأصوليين حول روحاني في الفترة الأخيرة عاملا مؤثرا في توجيه قراراته الإصلاحية التي أعلن عنها في مناسباتٍ كثيرة.
الاحتجاجات العراقية وقطع الكهرباء كورقة ضغط:
حلل التقرير في شأنه العربي علاقة إيران باندلاع الاحتجاجات العراقية في المحافظات الجنوبية، التي انطلقت من محافظة البصرة الغنية بالنفط ثم تدحرجت جغرافيًّا نحو الجنوب لتطال محافظات النجف وميسان وذي قار والمثنى وبابل وكربلاء والقادسية وبغداد، وذلك من خلال تحديد ملامح الحراك الاحتجاجي واتجاهاته وانعكاساته ومستقبله، وتحليل نقطة انطلاق الاحتجاجات العراقية، وخريطة انتشارها الجغرافي، وأساليب وأدوات ضغط المحتجين لتلبية مطالبهم، ثم الهتافات والشعارات، مع تحليل دوافعها أيضًا من واقع مطالب المحتجين وقضاياهم التي دفعتهم إلى الاحتجاج، ثم توقيت وظروف اندلاعها على الصعيدين الداخلي والخارجي، والأطراف المسببة للأزمة أو المتورطة أو المؤججة للاحتجاجات، وبعد ذلك كيفية تعاطي الحكومة مع مطالب المحتجين، وأخيرًا تقييم زخم الاحتجاجات وتحديد اتجاهاتها وآفاق الدور الإيراني.
هذا، وتطرق الشأن العربي أيضًا إلى آفاق التوغل الإيراني داخل سوريا في سياقات المواقف الإقليمية والدولية عبر استعراض الإصرار الإيراني على استمرار الحضور العسكري في سوريا من خلال تقديم الدعم، سواء بالتسليح أو التمويل أو التدريب أو الحشد والتعبئة أو المشاركة في العمليات العسكرية بجانب صفوف قوات الأسد في معارك الجنوب السوري قرب الحدود الإسرائيلية والأردنية، والزيارات المكثفة للمسؤولين الإيرانيين قُبيل انعقاد قمة الرئيسين، الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، في 16/7/2018 ؛ وذلك للحفاظ على المكتسبات الإيرانية في سوريا وضمان استكمال باقي المخططات. و استعرض هذا المحور أيضًا العوامل المؤثرة على الدور الإيراني في سوريا كلقاء ترامب-بوتين، والتمسك الإسرائيلي بخروج الميليشيات الإيرانية من سوريا، وزيارة نتنياهو لموسكو، ورفض المقترح الروسي بإبعاد الميليشيات الإيرانية عن الحدود الإسرائيلية 80 كيلومترًا، ثم توالي تسديد الضربات العسكرية ضد تمركزات الميليشيات الإيرانية في ضوء إصرارها على خروج الميليشيات الإيرانية من سوريا. وانتقل التقرير بعد ذلك إلى الساحة اليمنية وأبرز مستجدّاتها انطلاقًا من قسمين رئيسين: الأول هو تقدم قوات الشرعية من خلال الانتشار الجغرافي في مقابل تقلص مساحة الميليشيات الحوثية. والقسم الثاني هو متابعة انتهاكات ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، وإرسال الصواريخ الباليستية إلى المملكة دون حدوث أية إصابات، إضافةً إلى استهداف ناقلتي نفط سعوديتين في الممرات المائية الدولية في لبحر الأحمر.
مرحلة ما بعد الانسحاب من الاتفاق النووي.. ووساطة عُمانية محتملة:
في الشأن الدولي اشتمل التقرير على محورين، الأول ناقش تطورات العلاقات الأمريكية-الإيرانية في مرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، مع بدء الحزمة الأولى من العقوبات في السادس من أغسطس 2018، إذ تزايدت حدة التوتر في العلاقة بين الطرفين، وبرز ذلك في تصاعد التصريحات والتهديدات المتبادلة التي وصلت إلى حدّ التلويح بالحرب واستهداف القوات والمصالح لكل طرف. أما في القسم الثاني من هذا المحور فقد تم التطرق فيه إلى الضغوطات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران، من خلال العمل على عدة محاور، أهمّها استمرار فرض مزيد من العقوبات، وتعزيز التعاون مع الحلفاء للتضييق على إيران، فضلًا عن الضغوطات على شركاء إيران والدول التي تسعى إلى العمل بمعزل عن العقوبات الأمريكية، وذلك من أجل عزل النظام الإيراني وإضعاف وضعها الاقتصادي وموقفها المالي، بما يؤدي إلى رضوخه للمطالب الأمريكية. وأخيرًا يتناول هذا المحور التحركات الإيرانية لمواجهة الضغوطات الأمريكية، بالإضافة إلى ما أُثير على الساحة من احتمال فتح حوار أو وجود وساطة يمكن تسوية الأزمة عبرها، ولا سيّما الحديث حول وساطة عُمانية. كما ناقش التقرير آخر التطورات في العلاقات الروسية-الإيرانية من خلال تسليط الضوء على زيارة ولايتي لروسيا بالتزامن مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، وأثر اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنظيره الروسي في هلسنكي على العلاقات الروسية-الإيرانية، إذ تأتي هذه الزيارة في ظل الضغوطات التي تواجهها إيران، ولا سيّما بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.
تقرأ أيضًا في التقرير:
• تطوير دبابات عسكرية محلية الصنع ومراقبون يشككون.
• أصوات سياسية في الداخل الإيراني تطالب بتطبيق الاقتصاد المقاوم لتجاوز العقوبات الأمريكية.
• تحذير ديني من بداية انحسار أطروحة «ولاية الفقيه» بين الشباب.
للاطلاع على التقرير بصيغة PDF يرجى الضغط هنا