الميليشيات الإيرانية تواجه إدانةً دولية

https://rasanah-iiis.org/?p=26877

قرَّرت بريطانيا وأستراليا مؤخرًا، تصنيف حركة «حماس» الفلسطينية و«حزب الله» اللبناني منظماتٍ إرهابية. وعلى ضوء التدخلات الإيرانية في المنطقة، صعَّدت عديدٌ من الحكومات الغربية جهودها؛ بهدف حشد الرأي العام الدولي ضد انتهاكات حقوق الإنسان وعنف ميليشيات إيران في المنطقة.

وتشكِّل التدخلات الإيرانية في المنطقة مصدر قلق كبير في الوقت الحالي، لا سيّما أنها تحولُ دون التغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي في المنطقة، إذ ترى لندن أنَّ حركة حماس «تمارس الإرهاب وتشارك فيه وتجهز وتروّج له وتشجّع عليه»؛ ما صعَّبَ عليها التمييز بين الجناحين السياسي والعسكري للحركة، وحذَّرت وزارة الداخلية البريطانية من أن يواجه عناصر حركة حماس أو مؤيدوهم عقوبةً بالسجن تصل إلى 14 عامًا.

كما رفض الاتحاد الأوروبي أكثر من مرة طلبَ «حماس» شطبها من قائمة المنظمات الإرهابية، وأكَّدت محاكم الاتحاد الأوروبي أنَّ الحركةَ لم تقدم أدلةً كافية، على أنَّ جناحيها السياسي والعسكري كيانان منفصلان.

أما «حزب الله» فقد صنَّفته أستراليا كمنظمة إرهابية، بموجب الفرع 102 من القانون الجنائي الأسترالي لعام 1995م، وشمل التصنيف جناحي «حزب الله» العسكري والسياسي دون تمييز. وذكرت وزيرة الداخلية الأسترالية كارين أندروز، أنَّ قرار كانبرا يعكس موقف الحكومة الأسترالية الحازم ضدَّ تحقيق الأهداف السياسية أو الأيديولوجية أو الدينية باستخدام الإرهاب، فيما انتقدت إيران القرارين البريطاني والأسترالي بشأن تصنيف «حماس» و«حزب الله» كمنظمات إرهابية، واتهمت الحكومة البريطانية بـ «تشويه الحقائق».

كما يستهدف قرار لندن وكانبيرا شبكات «حزب الله» و«حماس» المالية العالمية، إذ ذكر بعض مسؤولي مكافحة الإرهاب الأمريكيين السابقين، أنَّ المشاريع المالية غير المشروعة لـ «حزب الله»، شملت مواطنين أستراليين متورطين فيها، كما نفَّذ «حزب الله» بعض هذه المشاريع على الأراضي الأسترالية.

وقد اتُهِمت «حماس» سابقًا باستخدام واجهات خيرية لجمع الأموال في المملكة المتحدة، إذ جمَّدت مفوضية الجمعيات الخيرية البريطانية في عام 2003م أصولَ الصندوق الفلسطيني للإغاثة والتنمية (إنتربال)، بعد أن اتهمتهُ الولايات المتحدة بتمويل الأنشطة الإرهابية لحركة حماس، ومن المرجح أن تؤثر هذه الخطوات الأخيرة ضد «حزب الله» و«حماس» على تمويلهما وعملياتهما، لا سيما أن لبنان وغزة تواجهان ضغوطًا اقتصاديةً شديدة؛ ما سيُقيد المرونة المالية لكلا الجماعتين، كما أن إيران خفَّضت دعمها المالي لميليشياتها في المنطقة، بسبب ما تواجهه من مشاكل اقتصادية؛ ما سيُفاقم المعضلة المالية أمام «حزب الله» و«حماس» وميليشيات إيران في المنطقة.

وفي ردِّه على قرار كانبيرا، قال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله: إن قرار أستراليا لن يؤثر على عمليات حزب الله، والجماعة ستواصل محاربة المصالح الغربية في المنطقة. كما انتقد «حزب الله» قرار بريطانيا تصنيفَ حماس بأنها منظمة إرهابية، وانتقد القرار أيضًا وزيرُ الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في تغريدة على «تويتر»، قال فيها: «نُدين قرار المملكة المتحدة إعلان الحركة الشعبية لحماس منظمةً إرهابية»، كما انتقدت وسائل إعلام رسمية إيرانية القرارين البريطاني والأسترالي، وأعلنت أنها ستواصل دعمَ المظلومين ومحاربة قوات الاحتلال.

وأدى قرار بريطانيا وأستراليا بتصنيف «حماس» و«حزب الله» منظماتٍ إرهابية إلى توجيه الانتقاد الشديد من جديد إلى دور إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة، إذ تزود إيران ميليشياتها بصواريخ بالستية قصيرة ومتوسطة المدى، في محاولة لتصعيد الأزمة الأمنية في المنطقة، أكد ذلك رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، إذ قال: إنَّ طهران تدعم «حماس»  عسكريًا.

كما أنَّ الدعم العسكري الذي تقدمه إيران لميليشياتها أدى إلى انتشار الأسلحة؛ ما يرفع من احتمالية حدوث سباق تسلح في المنطقة، إذ اُستخدِمت الأسلحة الإيرانية (الطائرات المسيّرة والذخيرة والصواريخ)؛ لاستهداف مصالح الولايات المتحدة، ومصالح حلفائها مثل المملكة العربية السعودية، التي استهدفتها عدَّة هجمات صاروخية قادمة من اليمن على يد ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، وتسبب استهداف الميليشيا لمناطق مدنية داخل اليمن وخارجه بإدانة دولية، وتواجه ميليشيات إيران رفضًا واسعًا في مناطق نفوذها الحيوية مثل العراق ولبنان؛ ما يتطلب من إيران جهدًا أكبر للحفاظ على نفوذها، غير أنها تواجه صعوبةً في ذلك، بسبب عجزها عن تقديم الأسلحة بنفس مقدرتها في السابق؛ ما أدى إلى انقسامات بين ميليشياتها عبر المنطقة، وتراجع في العمليات الإرهابية.

ومن المرجح أنَّ الخطوةَ البريطانية والأسترالية الأخيرة، جاءت تماشيًا مع المخاوف الأمريكية المتزايدة تجاه أجندة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الهادفة إلى تعزيز «محور المقاومة» الإيراني في المنطقة، وخطط الولايات المتحدة للانسحاب من المنطقة، وتهدئة الصراعات المحتدمة بين دول المنطقة، كما تهدف إلى كبح جماح إيران قدرَ الإمكان، وتعتزمُ إضعافَ الميليشيات التابعة لإيران وتقييدها، إذ تُعَدّ هذه الميليشيات الدافع الرئيس لمخططات طهران التوسعية في المنطقة.

المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
إدارة التحرير