استهدف الحوثيون في الأشهر الأخيرة عدَّة مواقع مدنية في المملكة العربية السعودية، وشنُّوا مؤخَّرًا هجومًا يستهدف مناطق سكنية تابعة لشركة أرامكو بالمنطقة الشرقية.
وأحبَط نظامُ الدفاع الجوِّي في المملكة صاروخًا بالستيًا استهدَف الرياض بتاريخ 11 فبراير 2021م، كما اعترَض طائراتٍ مسيَّرة مفخَّخة استهدَفت جازان وخميس مشيط بتاريخ 6 مارس 2021م.
وأثارت هجمات الحوثيين هذه إدانةً عالمية لاستهداف ميليشيا الحوثي تكرارًا ومرارًا المدنيينَ في المملكة.
ووسطَ الضغوط لاستئناف المحادثات النووية، حاولَت إيران كسبَ أوراقِ مساومة، من خلال تهديد السلام والاستقرار الإقليمين بتنفيذ سلسلةِ هجماتٍ تستهدف المملكة، بالإضافة إلى محاولة إيران لتصعيد الهجمات ردًّا على الضربات الجوِّية الأمريكية، التي تستهدف مواقعها ووكلاءها في سوريا.
وذكرت بعض الصُحُف المقرَّبة من القيادة الإيرانية، أنَّ الساحة اليمنية شهدت تصعيدًا في أعقاب الضربات الجوِّية الأمريكية في سوريا؛ وأمّا عن مدى الدعم العسكري الإيراني للحوثيين؛ فهو معروفٌ وموثَّقٌ جيِّدًا، وذلك بتزويد طهران الأسلحة لميليشيا الحوثي، التي تهدِّد بها ليس فقط أمن اليمن فحسب، بل أيضًا أمن الدول المجاورة، وبمواجهة السعودية مؤخَّرًا تأتي أخطرُ التهديدات الأمنية على يد الحوثيين.
وبالإضافة إلى نقل إيران لترسانةٍ متنوِّعة للحوثيين، فقد ساعدتهم أيضًا في تطوير الصواريخ. وتنامت الشكوك حول مساعدة إيران الحوثيين، بعدما استخدام الميليشيا صواريخ «بركان 1» و«بركان 2»، في عام 2018م، اللذان يشبهان إلى حدٍّ كبير شكل ومدى ونوع صاروخ طهران البالستي «قيام 1» قصير المدى (SRBM). وفي وقتٍ سابق، احتجزت البحرية الأمريكية أجزاءً ومكوِّناتٍ مختلفة من صواريخ اتّضح أنَّها من أصلٍ إيراني كانت متّجهةً لليمن، من بينها صواريخ «كروز» المُضادَّة للسفن وصواريخ «كروز أرض-أرض» (SSCM)، وصواريخ الدفاع الجوِّي، وصواريخ مُضادَّة للدبّابات.
واستخدم الحوثيون صواريخ وطائرات مسيَّرة إيرانية لاستهداف المملكة؛ فوِفقًا لبحثٍ أجرته «منظمة بحوث التسلَّح» (مقرّها الولايات المتحدة)، فإنَّ الطائرة المسيَّرة «قاصف 1» (نوع مطابق لطراز «قاصف 2K» الذي استهدف مطار أبها مؤخَّرًا)، هي نسخةٌ أُخرى من الطائرة المسيَّرة «أبابيل-2» الإيرانية، ويتشاركان في «خصائص تصميم وبناء متطابقة تقريبًا وتتميز ببادئات أرقام تسلسُلية متطابقة»، وتصاعدت هجمات الحوثيين على المملكة، بعد تعيين ضابط الحرس الثوري الإيراني حسن إيرلو سفيرًا «غير شرعي» للحكومة الحوثية غير المُعترَف بها في صنعاء.
ووفقًا لتقرير أعدَّهُ «فريق خُبراء الأمم المتحدة المعني باليمن»، فقد حصل الحوثيون على محرِّكات طائرة مسيَّرة وأجزاء جاهزة لصواريخ وطائرات مسيَّرة من إيران، من خلال شبكات وسيطة مختلفة. وزوَّدت إيران أيضًا الحوثيين بصواريخ مُضادَّة للسفن، وصواعق (كبسولات تفجير)، وقذائف القنابل الصاروخية (الآر بي جي)، وأجهزة رؤية بصرية حرارية للقذائف الصاروخية، ومجموعة لتحويل قذائف تفجيرية ارتجالية على الماء WBIED)). وكشف التقرير أيضًا عن استخدام الحوثيين الطُرُق البحرية على نطاقٍ واسع؛ للحصول على الأسلحة وعناصر أُخرى، منتهكين قرار مجلس الأمن رقم 2216. وانتهكت إيران هذا القرار باستمرار، وذلك بتزويدها الحوثيين بالأسلحة، وأجزاء معدَّات متطوِّرة لأسلحتهم المحلِّية. ووفقا لتقريرٍ آخر، فقد درَّب صفوة ضباط من «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني الحوثيين، وتنتهك تصرُّفات إيران بشكلٍ واضح اتفاقية الأُمم المتحدة لقانون البحار، بشحنها أسلحةً مرارًا للحوثيين في اليمن مهدِّدةً الأمن البحري.
ووفقًا لعدَّة تقارير، فإنَّ إيران مستمرَّةٌ باستغلال الفقر في اليمن، بتجنيد الصيّادين الفُقراء كمهرِّبي أسلحة، وإرسالهم لإيران للتدريب العسكري. بعد استجواب بعض أعضاء شبكة إمداد السلاح الأسرى، تبيَّن أنَّ مواقع قبالة سواحل الصومال والمدن الإيرانية الساحلية مثل بندر عباس، استُخدِمت لتدريبهم وتهريب الأسلحة؛ ومؤخَّرًا، صادرت البحرية الأمريكية أسلحة مهرَّبة، بما فيها «إيه كيه-47»، وبنادق هجومية، وبنادق قنص، وقاذفات صواريخ، وعدَّة أجزاء لأسلحة أُخرى، على متن مركبين شراعيين، خلال عملية بحرية في المياه الدولية قُبالة الساحل الصومالي.
واستولى التحالُف العربي العام الماضي على مركب شراعي قُبالة مدينة المخا الساحلية في اليمن، حيث كان متّجِهًا إلى الحوثيين، ومحمَّلًا بمئات الأسلحة من إيران، واتّهمت الحكومةُ اليمنية إيرانَ بتصدير الأسلحة للحوثيين، منذ مدَّة طويلة. وخلال مقابلة له، قال السفير السابق للولايات المتحدة في اليمن جيرالد فيرستين: «بدأ الاشتباك الإيراني قبل وقت طويل من اندلاع الحرب الأهلية أو تدخُّل التحالُف العربي، ومن الواضح أنَّ الإيرانيين رأوا حركة الحوثيين فُرصةً للضغط على السعودية؛ لتهديد حدودها الجنوبية»، وقد أعاق التصعيد الحوثي تدفُّق المساعدات الإنسانية للشعب اليمني، وأدَّى القتال الجاري في موانئ يمنية مهمَّة مثل الحديدة، إلى تعطيل الإمدادات الغذائية والدوائية.
وعلَّقت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض جين بساكي على الهجوم الحوثي الأخير على المملكة، قائلةً: «إنَّ الولايات المتحدة تعمل بتعاون وثيق مع السعودية لردع التهديدات المنبثقة من اليمن». كما صرَّحت السفارة الأمريكية في السعودية: «إنَّ اعتداءات الحوثيين الشنيعة على المدنيين والبُنية التحتية الحيوية تُظهِر عدم احترام الحياة (الإنسانية)، وتجاهُل جهود السلام».