حول مستجدات حراك الاحتجاجات، انتشرت موجة جديدة من الاعتقالات العشوائية للمحتجين، وموجة أخرى من الاعترافات القسرية في وسائل الإعلام ووكالات الأنباء الحكومية، التي تحاول تقديم صورة أحادية للاحتجاجات.
وفي شأن محلي مرتبط بـ«فساد السلطة»، أكد عضو هيئة التدريس بجامعة طبطبائي، الخبير الاقتصادي فرشاد مؤمني، خلال لقاء بأكاديمية العلوم أمس الأحد، أن «هيكل السلطة في إيران لا يراعي حتى متطلَّبات البقاء، وأنه يعاني من اضطرابات خاصة»، وأضاف: «نواجه ظاهرة سيطرة المافيا وأشباه المافيا على هيكل السلطة».
وعلى صعيد الاحتجاجات الشاملة، أشارت مقاطع فيديو لتركيب كاميرات أمنية جديدة في جامعة شريف الصناعية مع استمرار الاحتجاجات الطلابية كما تم ترديد هتافات مثل «المرأة، الحياة، الحرية» و«الموت للدكتاتور» في مدينة طهران ومدن أخرى مثل مريوان وكرمنشاه، بو شهر، كرمان.
وعلى صعيد الافتتاحيات، خصَّصت صحيفة «همدلي» افتتاحيتها للوقوف على حقيقة تأثير فرض العقوبات على إيران منذ عام 2009م، لدرجة أن حكومة رئيسي باتت تفهم أن العقوبات ليست مجرد «قصاصات ورق». وطالبت افتتاحية صحيفة «اعتماد» بضرورة اجتناب الازدواجية في أحداث الاحتجاجات، من خلال استعجال تشكيل محاكم للمحتجين وعدم استعجال تشكيل محاكم لتجاوزات رجال الأمن.
«همدلي»: عقوبات لافتة
تخصِّص صحيفة «همدلي» افتتاحيتها، التي كتبها الصحفي رضا صادقيان، للوقوف على حقيقة تأثير فرض العقوبات على إيران منذ عام 2009م، لدرجة أن حكومة رئيسي باتت تفهم أن العقوبات ليست مجرد «قصاصات ورق».
تذكر الافتتاحية: «تسبَّبت الاحتجاجات واستمرارها في أن تفقد عملية إحياء الاتفاق النووي أهميتها عند الأمريكيين والأوروبيين، وأن يتوجهوا نحو فرض مزيد من العقوبات بدلًا من التركيز على نصّ الاتفاق. ويمكن مشاهدة انعكاسات ذلك في البيان الأخير الصادر عن مجموعة الدول الصناعية السبع.
صرح مستشار فريق المفاوضات النووية، مرندي، في آخر لقاء له لوكالة روسية بخصوص الوضع الجديد للعقوبات، قائلًا: «لقد مارست أمريكا حتى الآن سياسة الحد الأقصى من الضغوط على إيران، وعليه فإن فرض أي عقوبات جديدة لن يكون له معنى». من المحتمل أن مرندي يتذكَّر أنه في السنوات التي تلت عام 2009م، عندما كانت مبيعات النفط في ذروتها، على الرغم من التطمينات التي قدَّمها رئيس البلاد آنذاك بخصوص أن «العقوبات ليس لها تأثير»، فإنه بعد ستة أشهُر وبعد أن قفز سعر الدولار وارتفع التضخم، أدركوا بوضوح أن العقوبات لن تكون مؤثرة فحسب، بل ستجعل الحكومة تعاني من أجل تنفيذ التزاماتها الحالية، وستؤدي إلى تقلُّص موائد الناس أكثر من السابق. هذه الحكومة من أعلى شخص فيها إلى أدنى شخص أدركت لاحقًا أن العقوبات ليست مجرد قصاصات من الورق، بل هي أوراق في غاية الأهمية.
على عكس ما يظنّه مرندي وجليلي وبعض نواب البرلمان، وغيرهم ممن كانوا يروِّجون خلال هذه السنوات لفكرة أن العقوبات لا تأثير لها، فإن العقوبات كانت وما زالت لها تأثير مباشر في جميع المجالات بإيران. من أجل فهم هذه القضية يكفي أن ننظر إلى المؤشرات الاقتصادية في مختلف القطاعات. على سبيل المثال، انظروا إلى مؤشر مبيعات النفط الإيراني بعد عام 2013م، خصوصًا في زمن توقيع الاتفاق النووي، لقد قفزت صادرات النفط خلال فترة زمنية قصيرة لتصل إلى مليوني برميل يوميا، بعد أن كانت لا تتجاوز 600 ألف برميل. كما أن عائدات البلد من العملة الصعبة كانت تصل إلى البنك المركزي دون أدنى مشكلة، ومؤشر سعر صرف العملة الصعبة بين عامَي 2013م و2018م أفضل دليل على ذلك. لم نشهد ارتفاعًا في سعر الدولار وانخفاضًا في سعر العملة الوطني خلال السنوات التي كنا نبيع فيها النفط ونلبِّي فيها حاجة السوق من العملة الصعبة. لقد فقدنا ذلك كله بعد خروج أمريكا من الاتفاق النووي وفرض العقوبات الجديدة.
فقط، خلال الأيام القليلة الماضية وبعد بدء الاحتجاجات، وصل سعر الدولار إلى أكثر من 36 ألف تومان، وهذا يعني مزيدًا من الفقر بالنسبة إلى الأُسر الإيرانية، الأُسر التي مرت خلال العام الماضي بتضخم يقصم الظهر، وهناك تخوُّف من أن تواجه موجة جديدة من الغلاء الجامح أيضًا. المشكلة الأساسية لحكومة إبراهيم رئيسي وفريق المفاوضات النووية هي ما يعتقدونه بخصوص الظروف والمرحلة الزمنية، هم يعتقدون أن الزمان ملكٌ لهم، وأنه توقَّف حتى يصل الجانب الأوروبي والأمريكي إلى النتيجة التي تريدها إيران، وأن الزمن يسير ببطء، إذ يمكنهم الحصول على مزيد من الامتيازات من الجانب الغربي بكل سهولة، والعودة بأيدٍ ممتلئة إلى البلد. وكما أن شتاء أوروبا البارد لم يصل، فإن مثل هذه الأمور لن تحدث في عالم الواقع.
عندما يجلس روبرت مالي طَوال الجلسة غير الرسمية لمجلس الأمن الدولي خلف رئيس الجلسة، ويضطر إلى موافقة فارضي العقوبات والمدافعين الدائمين عن فرض القيود على إيران، فهذا الأمر يشير إلى أن الظروف تغيرت».
«اعتماد»: اجتناب ازدواجية المعايير في أحكام الأحداث الأخيرة
يطالب رئيس جمعية المحامين المركزية جليل ملكي، من خلال افتتاحية صحيفة «اعتماد»، بضرورة اجتناب الازدواجية في أحداث الاحتجاجات، من خلال استعجال تشكيل محاكم للمحتجين وعدم استعجال تشكيل محاكم لتجاوزات رجال الأمن.
وردَ في الافتتاحية: «بعيدًا عن أسباب الأحداث الأخيرة، التي سببها برأيي سوء الإدارة والتمييز في تعامل مسؤولي البلد مع أفراد المجتمع خلال الأعوام السابقة، خصوصًا خلال العامين الأخيرين، وهو أمر قِصّته مطوَّلة، ولا يتسع هذا المجال لسردها. إنّ أحد الأسباب التي أدت إلى الإضرار بالثقة وتصعيد الأزمة، عدم تعويض ما فات، والاستمرار في أسلوب الإدارة هذا، فضلًا عن الازدواجية في التُّهم المنسوبة إلى المحتجين وإلى الطرف المقابل لهم، أي قوّات الأمن، سواء قوّات الأمن الرسمية أو غير الرسمية أو أصحاب الملابس المدنية، وغيرهم. فنحن من جهة، نشاهد الاستعجال في متابعة وتشكيل المحاكم للمحتجين، وحتى إصدار الأحكام بحقّهم في ضوء المادة 48 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن جهة أخرى لا نرى أي استعجال في تشكيل محاكم لبعض أفراد القوى الأمنية وغير الأمنية، الذين شاهدنا اعتداءهم الجسدي وغير الجسدي على المحتجين في الفضاءات الحقيقية والمجازية. وهنا يُطرح سؤال أساسي في أذهان الرأي العام، وهو: لماذا لم يُنظَر حتى الآن في التُّهم الموجَّهة إلى القوّات التي تركب الدراجات النارية، أو بعض القوّات التي انتهكت القانون واعتدت خلال هذه الفترة على أرواح وأموال الناس، وكثير من هذه الحالات بمثابة أدلة ملموسة أو غير ملموسة من وجهة نظر الجهات القضائية على الجريمة، ولم تُشكَّل لهم محاكمات علنية بنفس السرعة التي شُكِّلت فيها المحاكم العلنية للمحتجين، ولم يطّلِع عليها الناس من خلال التليفزيون وغيره من وسائل الإعلام، كي يكونوا عِبرةً للآخرين؟
إن كانت ملاحقة ومحاكمة من استغلُّوا الاحتجاجات، التي هي حق من حقوق الناس حسب المادة 27 من الدستور، وبادروا إلى إثارة الشغب، أمرًا ضروريًّا، فإن الأَوْلى تسريع ملاحقة ومُجازاة من أمروا من نفَّذوا الاعتداء على أرواح الناس وأموالهم من قوّات الأمن وغيرها. لا شك أن مراعاة المساواة في القضاء بخصوص الحالات المذكورة هو أقل ما يتوقَّعه الناس من السلطة القضائية في إيران، هذا الجهاز الذي يبحث رئيسه في هذه الأيام عن أسباب انخفاض ثقة الناس. لكن هل يوجد سبب أوضح من أن الناس يشاهدون العجلة والإسراع في النظر في التُّهم الموجَّهة إلى المجموعة الأولى، لكنهم لا يرون أي استعجال في النظر في التُّهم الموجَّهة إلى المجموعة الثانية؟!».
تكثيف الاعتقالات العشوائية والاعترافات القسرية مع استمرار الاحتجاجات
انتشرت موجة جديدة من الاعتقالات العشوائية للمحتجين، وموجة أخرى من الاعترافات القسرية في وسائل الإعلام ووكالات الأنباء الحكومية، التي تحاول تقديم صورة أحادية للاحتجاجات.
وتركّز الاعترافات القسرية في الأيام الأخيرة على قتلى النظام، فيما لم يُنشر أيّ خبر في وسائل الإعلام هذه عن المتظاهرين الذين قُتِلوا واختفوا واعتُقِلوا.
وجلبت وكالة أنباء الإذاعة والتليفزيون في تقرير لها عدة أشخاص أمام الكاميرا، باعتبارهم متهمين في قتل فرد من البسيج على طريق كرج-قزوين. ومن بين ما يقرب من سبعة أشخاص جرى تقديمهم في التليفزيون الحكومي على أنهم متهمون بارتكاب الجريمة، قال ستة منهم إنهم مجرد شهود على ضرب عضو البسيج روح الله عجميان، الذي قُتِل في كرج.
وفي مسار الاحتجاجات اندلعت تجمُّعات ليلية في طهران وبوشهر، إذ نُشِر مقطع فيديو أمس يظهر فيه عدد من الشباب في بوشهر بالشارع الساحلي وهم يهتفون وسط السيارات، كما استمرت احتجاجات طهران، مساء أمس، في هفت حوض وستارخان وصادقية ويوسف آباد وبونك.
وخارجيًّا، حصل موقع «بي بي سي» على مقاطع فيديو من مظاهرات في بروكسل، أمس، أُقيمت دعمًا للاحتجاجات الشعبية في إيران.
من جانبها، أكدت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إيرنا» احتجاجات الأحد في مريوان. وحسبها، نزل المتظاهرون إلى بعض شوارع وأحياء المدينة، مثل كوره موسوي وموسك ونوروز ونوبهار وكاني دينار، وذكرت «إيرنا» أن «الأجواء كانت ملتهبة في مريوان لفترة وجيزة، واضطرت الشرطة إلى استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين»، فيما تُظهِر مقاطع فيديو منشورة أصوات إطلاق نار وترديد الشعارات وانفجار قنبلة صوتية.
موقع «بي بي سي»
خبير اقتصادي: هيكل السلطة في إيران يعاني من «اضطرابات خاصة»
أكد عضو هيئة التدريس بجامعة طبطبائي، الخبير الاقتصادي فرشاد مؤمني، خلال لقاء في أكاديمية العلوم أمس الأحد (06 نوفمبر)، أن «هيكل السلطة في إيران لا يراعي حتى متطلَّبات البقاء، وأنه يعاني من اضطرابات خاصة»، وأضاف: «نواجه ظاهرة سيطرة المافيا وأشباه المافيا على هيكل السلطة».
وأشار الخبير الاقتصادي إلى قضية الفساد في شركة «مباركة» للصلب، وقال: «هناك قائمة من سبع صفحات لمواقع وصحف وقنوات تليفزيونية أرادت نشر الوعي الفاسد والزائف، فيما يتعرض من أراد الحديث عن العدالة للتشويه فلا يجرؤ على الحديث». وذكر أن تحقيق البرلمان الإيراني بشأن شركة «مباركة»، في أغسطس الفائت، أفاد بوجود نحو 92 ألف مليار تومان من المخالفات في هذه الشركة.
وتابع مؤمني قائلًا: «انظر إلى مدى سخافة الأمر، إنهم (حكومة إبراهيم رئيسي) يقولون إن الحكومة السابقة جلبت كل هذا الفساد وعدم الكفاءة، لكن للمرة الأولى في تاريخ التخطيط الإيراني يمدِّدون برنامج الحكومة السابقة للسنة الثانية على التوالي».
ووفقًا لمؤمني فإنه «في هذه السنوات العشر اختبرنا سنوات من التربُّح الناجم عن سياسات العلاج بالصدمات أكثر بكثير من التربُّح الناجم عن النفط»، وأضاف: «في العقد الماضي، تغيرت طبيعة النظام في إيران خمس مرات من منظور الاقتصاد السياسي، لكنكم لا تسمعون كلمة واحدة عن هذا الأمر».
موقع «راديو فردا»
الاحتجاجات الشاملة في إيران
أشارت مقاطع فيديو لتركيب كاميرات أمنية جديدة في جامعة شريف الصناعية مع استمرار الاحتجاجات الطلابية في الجامعات المختلفة وفي هذه الجامعة. وبحسب ما ذكره النشطاء الطلابيون، وصل عدد الكاميرات التي تم تركيبها على مستوى هذه الجامعة إلى ما لا يقل عن 60 كاميرا، منها 20 كاميرا بزاوية 360 درجة. واستمرت الاحتجاجات المناهضة للنظام في طهران ومدن إيران المختلفة مساء الأحد 6 نوفمبر.
فقد انتشرت عدة مقاطع فيديو من مدينة مريوان على مواقع التواصل الاجتماعي بما في ذلك تويتر، والتي تُظهر قيام المحتجين بإضرام النيران على جانبي الشوارع في مناطق مختلفة من المدينة، وترديدهم هتافات مثل «المرأة، الحياة، الحرية» و«الموت للدكتاتور».
وتأتي الاحتجاجات الليلية في مريوان استمرارًا للتوترات والصراعات التي كانت قائمة طوال اليوم في المدينة والتي يُقال إنها مرتبطة بجنازة نسرين قادري إحدى ضحايا الاحتجاجات.
كما تُظهر مقاطع الفيديو المتداولة من كرمان استمرار احتجاجات المواطنين وخروجهم إلى الشوارع مساء الأحد. كما يظهر بأحد مقاطع الفيديو فتيات صغيرات وهنّ يحرقنَ حجابهنّ احتجاجًا على الحجاب الإجباري.
هذا وقد أغلق المتظاهرون في بوشهر، أحد الشوارع الساحلية مساء الأمس، وتظاهروا عبر إطلاق أبواق السيارات والتصفيق والصفير وترديد هتاف «حرية، حرية، حرية».
وفي كرمانشاه، استمرت الاحتجاجات الليلة الماضية، وتظهر مقاطع الفيديو المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي أن محتجين أضرموا النار في حاويات قمامة كبيرة بالمدينة.
كما استمرت الاحتجاجات الليلية في مناطق مختلفة من طهران. وردد المتظاهرون هتاف «هذا العام هو عام الدماء، ستتم الإطاحة بالسيد علي (خامنئي)». وقد شهد حي ستارخان احتجاجات الشباب وخاصة الفتيات اللواتي خلعن الحجاب ورددن هتاف «الموت للديكتاتور».
كما تم تداول مقطع فيديو من حي سعادت آباد في طهران يظهر محتجين يهتفون بـِ«الموت للديكتاتور» من خلف النوافذ أو على الأسطح.
موقع «راديو فردا»