عام على مرور خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني وحصولها على أفضل صفقة في تاريخها الدولي. بعد إعلان الاتفاق على الملأ في يوليو 2015 في فيينا مرفقاً بسياسة القرارات المتعلقة بتنفيذها، تبين أن هناك نمطا واضحا من المطالب الإيرانية كانت تقابلها تنازلات امريكية. وبالتالي، فإن البرنامج النووي الإيراني والنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط يستمران في النمو، في الوقت الذي تتضاءل فيه قدرة الولايات المتحدة على الردع والتأثير كما أن مخاطر الصراع في تزايد.
ما يجب على الرئيس القادم فعله هو استعادة مصداقية الولايات المتحدة الأميركية لعكس هذه التوجهات السلبية واستخدام كل الوسائل الضرورية لتحجيم إيران النووية وهذا يتطلب تماسكا واستراتيجية شاملة تجاه إيران والتصدي للتحديات العديدة التي تواجهها خطة العمل المشتركة الشاملة وعملية تنفيذها.
والفهم الصحيح لفعل ذلك هو من خلال سياق المنطق الخاطئ الذي استخدمته إدارة أوباما لبيع الاتفاق لكونها تمنع إيران من الحصول على سلاح نووي وباعتباره اتفاقاً شاملاً سيقوم بإتاحة فرصة الاطلاع على ما تقوم به إيران بالإضافة إلى استمرار الضغط عليها بدون أي اتفاقيات جانبية وبدورها ستقوم بتحسين العلاقات مع إيران.
لم تحقق خطة العمل المشتركة الشاملة أياً من هذه الأشياء بل سمحت لإيران بتكثيف برنامجها النووي وتسارعه. فهي بعيدة عن الشمولية، مع عدم وجود قيود حقيقية على تسليم الأنشطة التسليحية. هناك معلومات جديدة تظهر بالتتابع حول اتفاقيات جانبية والتزامات إضافية أخرى ومن الأهمية ذكر القصور الكبير في عملية التحقق الذي ترك جزءاً كبيراً من البرنامج النووي الإيراني مبهماً. ومن غير المرجح التراجع عن العقوبات، لسببين أحدهما أنه بإمكان إيران إلغاء خطة العمل المشتركة الشاملة والسبب الثاني هو أن الإدارة تستطيع تفكيك هيكل العقوبات الخارجية التي من المفترض أن تلغى بموجب الاتفاق.
والجدير بالذكر أن خطة العمل المشتركة الشاملة لا تعتبر بديلا آمناً للحرب، والواقع أنها تتيح لإيران الموارد والضوء الأخضر لتصعيد العدوان ولا يمكن لأي قدر من الاشتباك أن يجعل النظام الإيراني أكثر تعاوناً أضف إلى ذلك أن المتشددين يستغلون الاتفاقية لصالحهم بشكل فعلي.
في الأشهر والسنوات المقبلة ستبدأ أوجه القصور في خطة العمل المشتركة في ما يتعلق بالقيود المفروضة على إيران بالانحسار بشكل تدريجي خصوصاً مع انحسار نفوذ الولايات المتحدة.
سيكون على الرئيس القادم للولايات المتحدة مواجهة تحديات عدة بداية من قدرة إيران المتنامية على إنتاج المواد الانشطارية نظراً للرقابة الضعيفة على قيود التخصيب، بالإضافة إلى تزايد القدرات الصاروخية الإيرانية بسبب صمت الاتفاق حول هذه القضية وتوسع الإعفاء من العقوبات وتراجع مصداقية الولايات المتحدة بهذا الشأن.
كما أن عدم وجود الشفافية بشأن البرنامج النووي يعود لعدم القدرة على التحقق بشكل كامل من أنشطة التسليح والتخصيب تحت بنود خطة العمل المشتركة الشاملة.
ويعود انحسار نفوذ الولايات المتحدة الامريكية إلى تقديم تنازلات من قبل إدارتها نحو انتهاكات إيران دون أي عقاب، أضف إلى ذلك زيادة تعرض الشرق الأوسط لعصف هذا الصراع حيث تطلق خطة العمل المشتركة زناد سباقات التسلح الهجومي وتحط من الالتزامات الأمنية الامريكية.
وضمن نطاق مواجهة هذه التحديات، فإن الولايات المتحدة بحاجة ماسة لنهج جديد من أجل استعادة المصداقية، وتعزيز الاستقرار الإقليمي وضمان أن إيران لا يمكن أن تتقدم في برنامجها النووي لذلك يجب عليها اتخاذ خطوات جادة لمنع مزيد من التقدم في برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية المتنامي.
يجب على الولايات المتحدة التخلي عن وهم التوازن الإقليمي السعودي-الإيراني، وبدلا من ذلك عليها تعزيز شراكات جديدة ضد إيران في المنطقة عن طريق منظومة صاروخية دفاعية متقدمة وعبر وسائل أخرى، ويبغي أيضا على الإدارة القادمة وقف أي تنازلات جديدة أو تنازلات سابقة غير مدرجة في خطة العمل المشتركة.
على الولايات المتحدة أن تستفيد من الصلاحيات الممنوحة من قبل مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك استخدام القوة، لمنع إيران من الحصول على المواد اللازمة لتطوير برنامجها النووي وجعل القيود المفروضة على قدرة التخصيب في برنامجها قيوداً دائمة.
قد يكون ما سبق بعيد المنال ولكنها ستكون استراتيجية فعالة ويجب تنفيذها على الفور كما يتوجب على الولايات المتحدة استعادة قوتها ومصداقياتها والقيام بتصريحات علنية أكثر حزماً والسعي لتغييرٍ جوهري نحو الاتجاه الذي يفرض عقوبات حقيقية على العدوان الإيراني.
مع الأخذ بعين الاعتبار أن احتمال التنافس الناجح للهيمنة الإيرانية على المنطقة سيضعف والتكاليف سترتفع قبل انتهاء صلاحية خطة العمل المشتركة الشاملة.
المصدر: دراسة بعنوان ( عام على اتفاق ايران النووي ), تقييم وخيارات الرئيس الأمريكي القادم