يرصد هذا التقرير أبرز التطوُّرات خلال شهر أكتوبر لعام 2016 ليقدِّم للقارئ والمهتمّ وصفًا دقيقًا للحالة الإيرانية خلال الفترة محلّ الرصد والتحليل. يشتمل التقرير على ثلاثة أقسام رئيسية: يهتمّ الأول بالشأن المحلِّي الإيراني، في حين يتطرق الثاني إلى الشأن العربي، ويتناول الثالث الشأن الدوليّ من المنظور الإيراني.
تناول التقرير في قسم الشأن الداخلي خمسة محاور، يركز الأول على مؤسَّسة الرئاسة، وكان أبرز ما جاء فيه عودة الحراك السياسي الداخلي للطبيعة التنافسية بين تيَّاري المحافظين والمعتدلين بعد فترة هدوء نسبي لم تتجاوز شهرًا واحدًا، مع وجود مؤشِّرات على وجود تفاهم بين روحاني وخامنئي في إطار صفقة سياسية، تَجلَّت مظاهرها في التعديل الوزاريّ الذي أجراه روحاني قبل فترة وجيزة من الانتخابات الرئاسية القادمة. ثانية القضايا التي ناقشها محور مؤسَّسة الرئاسة دارت حول انتقادات المحافظين لحكومة روحاني بشأن ارتفاع مؤشِّرات البطالة. القضية الثالثة هي رفض الداخل الإيراني محاولة ألمانيا التدخُّل في ملفّ حقوق الإنسان في إيران، ومزايدات التيَّارات السياسية في إظهار هذا الرفض.
المحور الثاني من القسم الداخلي خُصّص للمؤسَّسة العسكرية، وفيه تناولنا تأثير قانون الانتخابات الجديد على الممارسات السياسية للعسكريين الإيرانيين، وتطوُّرات التعاون العسكري الإيراني مع باكستان، ثم المناورات ومشروعات التدريب التي أجرتها القوات المسلَّحة الإيرانية، وهما مناورة “فدائيي الإسلام” الجوِّية التي أُجرِيَت في أصفهان غربيّ إيران، ومناورة لقوات البسيج بهدف التدريب على عمل الأكمنة في المناطق الحدودية. ثم الإنتاج الحربي واستراتيجيات التسلُّح، بخاصَّة مشروعات الطائرات دون طيَّار التي تركّز إيران عليها حاليًّا، وفي النهاية المؤسَّسة العسكرية والحرب في سوريا من حيث حالة الهروب من الترحيل إلى سوريا، وعمليات تعذيب الجنود رافضي القتال.
المحور الثالث هو المحور الأمني، وتناول مستجَدَّات عَلاقة إيران بتنظيم “داعش”، وعمليات قمع المعارضة الكردية، والعمليات المسلَّحة التي نفّذتها المعارضة الكردية داخل الأراضي الإيرانية، ثم الأوضاع الأمنية في سيستان وبلوتشستان، والأوضاع الأمنية في الأحواز، وتطوُّرات سلاسل الحرائق التي يُضرِمها معارضو الأحواز في المنشآت النِّفْطية الإيرانية، وضحايا زيارة كربلاء، ومواصلة إعدام الانفصاليين تحت دعوى الاتِّجار في المخدِّرات، واتهامات مزدوجي الجنسية[لم يرد هذا إلا في الملخص التنفيذي وفي النتائج] بالتجسُّس لصالح الولايات المتَّحدة.
المحور الرابع هو الشأن الاقتصادي، ويتناول الجانب الاقتصادي بتطوُّراته كافَّةً على مختلف القطاعات، التي تضمنت خمسة قطاعات رئيسية: قطاع الطاقة، وقطاع الاستثمار والتجارة الخارجية، وقطاع البنوك، وأخيرًا قطاع السياحة، وفي النهاية مناقشة الأوضاع المعيشية التي تشغل الداخل الإيراني.
المحور الخامس هو الشأن الاجتماعي، ويتناول المشكلات الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع الإيراني، مع ما يستجدّ من تقارير وإحصاءات تناقش هذه المشكلات، وهي البطالة والإدمان والعنف السري والطلاق والحالة الصحية.
في قسم الشأن العربي تناول التقرير عودة الخلافات من جديد إلى الظهور بين المملكة العربية السعودية وإيران خلال أكتوبر 2016 تجاه الأوضاع الإقليمية باتهام كلتيهما الأخرى بدعم أحد أطراف الصراع الدائر في العراق واليمن ضدّ الطرف الآخر، بالإضافة إلى الاتهامات المتبادلة بامتلاك كل منهما أدلّة دامغة على دعم الأخرى “داعش” وزعزعة أمن واستقرار المنطقة وتدخُّل كلتيهما في شؤون الأخرى.
كما شهد الشهر نفسه تصعيدًا عسكريًّا إيرانيًّا-روسيًّا بتكثيف الضربات الجوِّية والبرِّية على مدينة حلب عقب فشل الهدنة التي دامت ستة أيام فقط في سبتمبر الماضي وانهيار الاتفاق الأمريكي-الروسي حيال تمديد الهدنة، كما انعقدت عدة اجتماعات وطُرحت عدة مبادرات لتهدئة الأوضاع لفكّ الحصار الإيراني-الروسي على حلب دون نتائج تُذكَر، إذ تسعى طهران-موسكو لفرض سياسة الأمر الواقع في المدينة وغيرها من المناطق السورية باستخدام القوة المسلَّحة.
على الصعيد العراقي شهد سبتمبر 2016 دورًا إيرانيًّا متناميًا ومشاركة فعَّالة في معركة تحرير الموصل التي بدأت بتاريخ 17/10/2016 لاستعادة مدينة الموصل، آخر أكبر معاقل الإرهابيين بالعراق وثاني أكبر مدنه، من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وذلك بعد تحرير مدن أخرى في العراق من قبضته، أيضًا بمشاركة الحشد الشعبي، منها الفلوجة والرمادي بمحافظة الأنبار، وتكريت وبيجي بمحافظة صلاح الدين، وسنجار والموصل بمحافظة نينوى.
هذا ولا تزال الأبواب مُوصَدة أمام المبادرات الأممية لحلّ الأزمة اليمنية، ففي بادرة جديدة قبِلَها تحالف الحوثي-صالح المدعوم من إيران ورفضها الرئيس اليمني هادي عبد ربه منصور، طرح المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ يوم 25/10/2016 مبادرة جديدة لتسوية الأزمة وإنهاء حالة الصراع الدائرة باليمن، يرى هادي أنها تجريد له من سلطاته وشرعنة للحوثي-صالح ومكاسب جديدة لإيران باليمن.
وفي خطوة لا يمكن النظر إليها بمعزل عن التحوُّلات التي تشهدها المنطقة وتغيّر خريطة التحالفات، نجحت طهران التي انقطعت عَلاقاتها الدبلوماسية مع الرباط عام 2009، في أن تطوي صفحة الخلافات بين الجانبين، إذ تُوّجَت جهود التقارب بقرار المغرب تعيين سفير في طهران، في خطوة اعتبرها مراقبون تمثِّل حسمًا كبيرًا من رصيد التحالف مع دول الخليج، في حين قلّل منها آخرون واعتبروها مجرَّد إجراء دبلوماسي روتيني.
وبعد عامين ونصف شهد خلالها لبنان حالة فراغ رئاسي، رجحت كفة تحالف 8 آذار وحصل حزب الله على نقطة قوة جديدة في الداخل اللبناني بتنازل تيَّار 14 آذار وعلى رأسه تيَّار المستقبل برئاسة سعد الحريري وحلفاؤه من الدول الخليجية بشكل مفاجئ، بانتخاب الجنرال ميشال عون رئيسًا للبنان، رغم تأييد عون الدور الإيراني في المنطقة، علاوة على كونه أحد مكوّنات تحالف 8 آذار الذي يُعتبر حزب الله عموده الفقري، وهو ما اعتبرته إيران انتصارًا جديدًا لها.
وفي قسم الشأن الدولي تناول التقرير في مستجَدَّات العَلاقات الأمريكية-الإيرانية، موقف إيران من كل من هيلاري كلينتون ودونالد ترامب، وتزايد المخاوف الإيرانية من توجُّهات ترامب نحو الاتفاق النووي وإيران بشكل عامّ، في ظلّ تصريحاته الانتخابية المتوالية المعادية لإيران.
على صعيد العَلاقات الإيرانية-الروسية ناقش التقرير تنامي العَلاقات بينهما على مختلف الأصعدة، إذ بدأت الدولتان تخطوان خطوات جادّة في مسار الشراكة الاستراتيجية، عبر تنسيق السياسات الخارجية بينهما وإنشاء آليات خاصَّة بتقريب وجهات النظر حيال قضايا الشرق الأوسط، والتعامل مع الولايات المتَّحدة كذلك، فضلًا عن تعزيز أوجه التعاون العسكري والاقتصادي، والدعم المتبادَل لموقف كل منهما داخل المنظَّمات الدولية. وكان أبرز ما ناقشه التقرير تمركز القطع الحربية الروسية في ميناء أنزلي الإيراني المطلّ على بحر قزوين بغرض توجيه ضربات صاروخية للمعارضة السورية، ووجود خُطَّة ثلاثية المراحل لإلغاء تأشيرات السفر بين البلدين بقصد تنمية الحركة السياحية بين البلدين.
لاستكمال القراءة إضغط هنا