منذ أن سيطرت طالبان على أفغانستان، حاول آلاف الأفغان عبور الحدود للوصول إلى إيران. ولكن مشاكل إيران الداخلية والعقوبات المفروضة عليها تعرقل قدرتها على استيعاب آلاف الأفغان الفارين كُل أسبوع. وفي الوقت الحالي، يركز النهج الإيراني تجاه اللاجئين الأفغان بشكل أساسي على تقليل تدفقهم وترحيل أولئك الذين عبروا بصورة غير قانونية إلى الأراضي الإيرانية. وإعادتهم إلى أفغانستان.
ووفقًا لبيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإنه بحلول منتصف عام 2021م، ارتفع عددُ اللاجئين الأفغان إلى أكثر من 2.5 مليون، وأكدت المنظمة الدولية للهجرة مؤخرًا في تقريرٍ لها أنّ هناك حاليًا أكثر من 5 ملايين أفغاني نازحين داخل بلادهم . ولقد اشتكى عديدٌ من اللاجئين الأفغان مِمّن عبروا الحدود إلى إيران من سوء المعاملة والمضايقات من حرس الحدود الإيراني. ووفقًا لبعض التقارير، قامت السلطات الإيرانية بترحيل آلاف الأفغان بحجة عدم كفاية الوثائق والتصاريح في الأشهر الأخيرة. وصرّح نقيب الله راسيخ، وهو ناشط حقوقي أفغاني في إيران، لشبكة «تولو نيوز» الأفغانية، قائلًا: إنّ هناك ما بين 1000 إلى 2000 لاجئ أفغاني لا يمتلكون الوثائق اللازمة ويُرحّلون يوميًا من إيران. وفي الأشهر الأولى من سيطرة طالبان على أفغانستان، أشارت عدةُ تقارير إلى ازدهار السوق السوداء الأفغانية للتأشيرات وسط حالةٍ من الذعر والتوتر. وقد رفع وكلاء التأشيرات من رسومهم وتوقفت عديدٌ من الطلبات بعد إغلاق السفارة الإيرانية في أفغانستان. وتُشيرُ التَقاريرُ إلى أنه مع الارتفاع الكبير لرسوم التأشيرات في أعقاب استيلاء طالبان على السلطة، زاد وكلاء التأشيرات والسفر أيضًا من حصتهم من الرشاوى. وواجهَ الأفغان في إيران أيضًا إجراءات بيروقراطية قاسية بالإضافة إلى سوء إدارة تأشيرات وطلبات الإقامة. وبعد استيلاء طالبان على السلطة، طُلب من الأفغان في إيران العودة إلى أفغانستان لتجديد تأشيراتهم، مِمّا شكل خطرًا كبيرًا على العائلات الأفغانية التي فرّت من البلاد.
ويؤثّرُ التدفق المستمر للاجئين الأفغان أيضًا على سوق العمل الإيراني، ولاسيّما على معدل أجور العمالة غير الماهرة ذات الغالبية الأفغانية في عديد من المحافظات. وغالبًا ما يتقاضى العمال الأفغان المهاجرون في إيران أجورًا أدنى بكثير مقارنةً بالعمال الإيرانيين غير المهرة، بالإضافة إلى عدم وجود تأمين صحي أو عقودٍ رسميةٍ. وتُشيرُ التقارير إلى أنّ التدفق الأخير للاجئين الأفغان أثار المخاوف في قطاع البناء الإيراني المعتمد على العمالة الأفغانية. ولا يملك عددٌ من هؤلاء اللاجئين الأفغان في إيران الوثائق اللازمة للعمل في إيران؛ مِمّا يجعلهم عرضةً لعقوبات شديدة أو الترحيل. علاوةً على ذلك، كشفت بعضُ التقارير الأخيرة أيضًا أنّ أطفالًا أفغان شوهدوا يعملون كعمال في طهران على الرغم من أنّ عمل الأطفال غير قانوني في البلاد.
وسط التدفق المتزايد للاجئين الأفغان، تواجِهُ إيران الآن ثلاثة تحديات رئيسة: أوّلًا، ركزت إيران على تقييد التدفق الجماعي للاجئين الأفغان منذ سقوط حكومة أشرف غني، إذ أكد مسؤولون إيرانيون مرارًا أنّ إيران ليست في وضع يسمحُ لها باستيعاب اللاجئين الأفغان بسبب الأزمات الاقتصادية التي تمرُ بها البلاد والعقوبات المدمرة. ومِمّا يجدر ذكره، أنّ أفغانستان تشترك في حدود طولها 921 كيلومترًا مع إيران سهلة الاختراق؛ مِمّا يُشكل مصدر قلق أمني لطهران. ثانيًا، لقد انتشر التهريب والاتجار على طول الحدود الإيرانية-الأفغانية لبعض الوقت ومع موجاتٍ جديدة من اللاجئين الأفغان، أصبح المزيدُ من الناس عرضةً للاستغلال من العصابات الإجرامية والشبكات العاملة في أفغانستان. كثّفت قوات الأمن الإيرانية في السنوات الأخيرة جهودها لاحتواء شبكات المخدرات في المناطق الحدودية، إلّا أنّ التدفق المتزايد للاجئين الأفغان أعاق هذه الجهود وزاد من عدد التهديدات الأمنية غير التقليدية التي تواجه إيران. ثالثًا، انتقدت إيران مرارًا نهج الولايات المتحدة تُجاه أفغانستان حيث تحمّلها مسؤولية الأزمات المستمرة في الأراضي الأفغانية والتي تؤثّرُ بشكل مباشر على طهران. وفي الآونة الأخيرة، حثّ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الولايات المتحدة على الإفراج عن الأصول الإيرانية المجمدة لأغراض إنسانية، قائلًا: «إنّ الأصول الأفغانية المحظورة من أمريكا … يجب أن تُستخدَم لأغراض إنسانية ولتحسين الظروف المعيشية في أفغانستان». وتشيرُ هذه التصريحات وغيرها من المسؤولين الإيرانيين إلى نيّة طهران استغلال الأزمة الأفغانية والاستفادة من الموقف لإحراج الولايات المتحدة وإجبارها على تخفيف العقوبات وغيرها من التنازلات. وتجدر الإشارة أيضًا إلى أنّ ادّعاء إيران باستضافة أكثر من 3 ملايين لاجئ أفغاني في أعقاب الأزمة في أفغانستان أمرٌ مشكوكٌ فيها ولاسيّما بعدما صرحت المنظمة الدولية للهجرة أنّ إيران أعادت أكثر من مليون لاجئ إلى أفغانستان. وفي حين يستميتُ الكثير من الأفغان لمغادرة بلادهم، يشتكي الناس من ممارسة السفارة الإيرانية أنشطةً غير قانونية، بما في ذلك الرشوة والفساد. وتشير المعاملة السيئة للأفغان الفارّين إلى إيران، إلى ضرورة دعم المجتمع الدولي المساعدات الإنسانية العاجلة في ظل أزمة اللاجئين الأفغان إذ تستدعي الظروف الحالية مزيدًا من الاهتمام والشفافية من السلطات الإيرانية.