إنّ عرض بقايا الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون سابقًا نحو الرياض من قِبل سفيرة أمريكا في الأمم المتحدة، نيكي هالي، حمل رسالة واضحة وصريحة، أهمّ ما جاء فيها أن «المسؤولية وبشكل كامل تقع على عاتق إيران». لقد أشارت نيكي هالي في مؤتمرها إلى وجود تشابه بين الصواريخ الإيرانية والصاروخ المطلق من اليمن، إذ قالت: «لقد وُجد على صاروخ الحوثيين شعار مجموعة (شهيد باقري) الصناعية»، متّهِمةً إيران في سياق خطابها بـ«الانتهاك الصريح لقرارات مجلس الأمن»، لتكون النتيجة وفق وصفها كالتالي: «إنّ دول العالم التي كانت تعتقد أن الاتفاق النووي قد غيّر من سلوك إيران لم تكُن مصيبة، إذ تستمر طهران في سلوكياتها المزعزعة للاستقرار في اليمن والعراق وسوريا ولبنان دون توقف».
إنكار دبلوماسيّ غير مقنع
لقد دافعت سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة بعد ذلك عن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يقضي بعدم توقيع الاتفاق النووي، إذ قالت: «لقد امتنع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن توقيع الاتفاق النووي بسبب هذا النوع من سلوكيات إيران»، ليتخذ المسؤولون الإيرانيون مباشرةً بعد قولها مواقف إزاء تصريحاتها وخطابها الذي ألقته، عادّين كل ما قالته مجرد «كذب وإشاعة لا أساس لها من الصحة»، فها هو مندوب إيران الدائم في منظمة الأمم المتحدة، غلام علي خوشرو، يعلن استنكاره الشديد لتُهَم السفيرة الأمريكية، قائلًا إنّ «إدارتها تسعى دائمًا لتحريف الرأي العام»، وليأتي بعد ذلك تصريح لوزير الخارجية، محمد جواد ظريف، مُنكِرًا فيه جملةً وتفصيلًا إمداد إيران للحوثيين بالصواريخ، إلا أنّ ما يُعَدّ مدعاة للاستغراب وبشدة ما يلي: «رغم أن مسؤولي طهران ينكرون تورطهم في الهجوم الصاروخي للحوثيين على المملكة العربية السعودية، فإنهم لا ينكرون أبدًا دور إيران في دعم هذه الجماعة العسكرية»! إذ أيّد القائد العام لقوّات الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري هذا الدعم في يوم 23 نوفمبر، في تصريحه المتضمن: «إنّ الجمهورية الإيرانية لن تتوانى في تقديم هذه المساعدات لجماعة أنصار الله استشاريًّا وعسكريًّا، بل ومستمرة في ذلك»، فمثل هذه التصريحات تقوّي فرضية تقديم مساعدة عسكرية مباشرة من إيران للحوثيين في اليمن، وتضع الادعاءات حول اقتصار دعم إيران على المساعدة الاستشارية موضع شك وتساؤل منطقيّ ومُقنِع.
أهداف توسعية.. والشعب من يتحمّل الضريبة
إنّ النظام الإيراني من أجل تحقيق أهدافه الصاروخية والتوسعية يحتاج إلى إنفاق ميزانيات ضخمة، خصوصًا في ظل وجود الاستياء الشعبي والاجتماعي من ميزانية العام القادم، وبسبب هذه الأهداف فإن النظام سيتحمّل أعباءً مالية واجتماعية ثقيلة، كما أن احتمال عودة العقوبات الأمريكية أحادية الجانب يُعَدّ خطرًا آخر، ومن الممكن أن يكون له أثر سلبيّ على حياة الاقتصاد الإيراني. وفي ظل هذه الظروف لو نجحت الولايات المتحدة في إيجاد نوع من الإجماع الدولي ضد برامج إيران الصاروخية فستفرض عقوبات ضد أفراد ومؤسسات إيرانية ذات عَلاقة، وفي حالة حدوث مثل هذا الأمر فسوف يؤثر ذلك على إنجازات الاتفاق النووي، ولسوف يؤدي ذلك أيضًا إلى عدم استقرار الاقتصاد الإيراني بشكل مخيف، فضلًا عن رفع معدل المخاطرة في مجال الاستثمار الأجنبي على الأراضي الإيرانية.
مادة مترجمة عن موقع زيتون.
الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعكس بالضرورة رأي المركز