أصدَر المعهد الدولي للدراسات الإيرانية «رصانة» تقريرَ الحالةِ الإيرانية لشهر يناير 2021م مقدِمًا للقارئ عمومًا، والباحث خصوصًا، وصفًا دقيقًا خلال الفترةِ الزمنيَّة محلّ الرصد والتحليل؛ بهدفِ تشخيصِ الحالة الإيرانيَّة وقياسِ أوضاعها وتفاعلاتها المختلفة.
ويشتمل التقرير على ثلاثة أقسامٍ رئيسية، يهتم القسمُ الأول بالشأن الداخلي الإيراني؛ فعلى الصعيد الأيديولوجي، يتناول استمرار الحوزة الدينية الإيرانية بالتدخّل في الشؤون الداخلية العراقية، وسعي النُخبة الدينية الإيرانية إلى توظيف التفجير الانتحاري الذي نفذتهُ «داعش» في بغداد. أما على الصعيد السياسي فيسلِّط الضوء على استمرار الصراعات بين التيارات السياسية المختلفة داخلَ البرلمان الإيراني، وهجوم التيار المحافظ على وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف. وعلى الصعيد الاقتصادي، يتناول التقرير مستقبلَ معالجةِ إيران لأزمتها الاقتصادية في ظلّ توقُّع عدمِ رفعِ العقوبات الاقتصادية الأمريكية قريبًا. ومحاولتها وضع بدائل أخرى، تحمِّل الشعب الإيراني تكلفةَ المواقف السياسية لنظامه، مما قد يؤدي إلى ردَّة فعلٍ غيرَ مأمونة العواقب. وعلى الصعيد العسكري، أعلنت إيران عن إجرائها مناورتين بحريتين، وعن عودة تواجُدها في مياه البحر الأحمر واستئناف تسيير دورياتٍ بحرية.
يتناولُ القسمُ الثاني من التقرير تفاعُلات إيران مع العالم العربي، إذ يوضح على صعيد التفاعُلات الإيرانية – الخليجية، انعقادَ القمة الخليجية بمدينة العُلا السعودية، وبيانها الذي أسهم إلى حدٍّ كبير في زيادة تماسُك الدول الخليجية في مواجهة التهديدات والتحدّيات من خلال إعلان «المصالحةِ الخليجية».
وعلى مسرح التفاعُلات الإيرانية-اليمنية، يناقش التقرير التغيرات ومن أبرزها عودةُ الحكومة الشرعية إلى عدن في إطار «اتفاقِ الرياض»، والتراجع عن تصنيف الميليشيات الحوثية منظمةً إرهابية ضمن سياسة بايدن التي تهدف لتعديل السياسات الخارجية إبّان إدارة ترامب. كما يوضح أنَّ هجوم الحوثيين على محافظة مأرب هو انعكاسٌ لتراجُع الدعم المالي من إيران لدفعهم نحوَ مزيدٍ من المعارك.
وعلى صعيد التفاعُلات الإيرانية-العراقية يربط التقرير بين دفع إيران الميليشيات العراقية المسلّحة المواليةِ لها بالهجوم على القوّات الأمريكية المتواجدة في العراق، وتعديل الإستراتيجية الإيرانية بالعراق من خلال تعديلاتٍ على بُنية الميليشيات الموالية لها.
وعلى صعيد التواجُد الإيراني في سوريا، يكشف التقرير عن سعي إيران إلى تعزيز تواجُدها العسكري هناك بإعادة انتشار الميليشيات التابعة لها في منطقة دير الزور، ونقل الأسلحة الثقيلة والذخائر إلى منطقتي البوكمال والميادين، واستحداث ميليشيا جديدة أطلقت عليها مسمى «هاشميون».
أمَّا القسمُ الثالث من التقرير فيرصُد الحِراك الإيراني على الصعيد الدولي، إذ يحلَّل ميل الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن إلى الدبلوماسية، مما يمكنها من تقييم العلاقة مع إيران، وبناء إستراتيجيةٍ للتّعاطي معها، ووضع شروطٍ بالتشاور والتنسيق مع الكونجرس والأصدقاء الأوروبيين والحلفاء الإقليميين للعودة للاتفاق النووي. كما ينبَّه التقرير إلى عدم ثقة إيران في موقِف إدارة بايدن، ومخاوفها من تغيّر الموقفِ الأوروبي بعدَ رحيلِ ترامب، باحتمالِ تنسيقٍ أكبر مع الولايات المتحدة وممارسةِ مزيدٍ من الضغوط عليها.
وفي الختام، يفيد التقرير بأبرز وقائعِ شهر يناير بين الطرفين الأوروبي والإيراني حولَ انعاكاسات قرارِ إيران زيادةَ نِسبةِ تخصيبِها لليورانيوم، وكذلك التجاذُبات السياسية التي دارت حولَ مُسبّبات فَشلِ الآليةِ المالية «إنستيكس»، وحلولِ ذِكرى حادِثة إسقاطِ الطائرةِ الأوكرانية في طهران.