أصدَر المعهد الدولي للدراسات الإيرانية «رصانة» تقريرَ الحالةِ الإيرانية لشهرِ سبتمبر 2020م مقدِمًا للقارئ عمومًا، والباحث خصوصًا، وصفًا دقيقًا خلال الفترةِ الزمنيَّة محلّ الرصد والتحليل؛ بهدفِ تشخيصِ الحالة الإيرانيَّة وقياسِ أوضاعها وتفاعلاتها المختلفة.
ويشتمل التقرير على ثلاثة أقسامٍ رئيسية، يهتم القسمُ الأول بالشأن الداخلي الإيراني، فيما يتناولُ القسمُ الثاني تفاعُلات إيران مع العالم العربي، أمَّا القسمُ الثالث فيرصُد الحِراك الإيراني على الصعيد الدولي، في إطار العلاقات الإيرانية مع الدول الكُبرى.
وعلى الصعيد الأيديولوجي، تطرق التقرير إلى هجوم رئيس تحرير «كيهان» حسين شريعتمداري المقرب من المرشد علي خامنئي شخصيًّا على المرجع الديني العراقي آية الله السيستاني مُتخطيًّا حدود اللياقة والأدب المُتَّبع في التحدث مع أو عن المراجع الدينيّين.
ورصد التقرير على الصعيد السياسي الداخلي تناقض الرئيس حسن روحاني الذي أعلن سابقًا أنَّ إيران قد انتصرت على إستراتيجية الضغوط القصوى الأمريكية، قبل أن يصرح مؤخرًا أنَّ الولايات المتحدة هي المسؤول الأول والأخير عن حالة الانهيار الاقتصادي الذي تعيشهُ بلاده حاليًّا. وعلى الصعيد الاقتصادي، ناقش التقرير الآثار المُترتِّبة على تفعيل آلية «سناب باك» من الناحية الاقتصادية من خلال استعراض مؤشِّرات حركة التجارة الإيرانية مع شركائها الاقتصاديين قبل الخروج الأمريكي من الاتفاق النووي وبعده. وتناول الصعيد العسكري تحديات الصراع الأذربيجاني الأرميني بالنسبة لإيران، وتأثُّر الأنشطة العسكرية الإيرانية بمخاطر تفعيل «سناب باك» واحتمالية إحجام أصدقاء إيران عن تزويدها بالسلاح خشية العقوبات الأمريكية.
وفي الشأن العربي، استعرض التقرير محاولات إيران مقاومة حالة التقلُّص التي يتعرض لها تواجدها في عددٍ من ميادين النفوذ الإيراني، ففي سوريا، حيث تتواصل الضربات التي تتعرض لها قوات الميليشيات الإيرانية من قِبل إسرائيل قامت إيران بإعادة انتشارٍ لهذه القوات على حدّ تعبير المصادر الإيرانية وإبعادها عن مرمى الضربات الإسرائيلية، وفي نفس الوقت تتراجع إيران عن مناطق الصراع مع النفوذ الروسي الذي بات واضحًا أنه يريد تهميش الدور الإيراني في سوريا وجر ميليشياتها إلى مناطقَ أقلّ أهمية وأقلّ حِدّة في الصراع مع إسرائيل. وفي اليمن، رأت إيران أنْ تستخدمَ دعمها للميليشيات الحوثية المتمردة ورقة لعبٍ في مواجهة التصعيد الأمريكي بتفعيل آلية «سناب باك»، فأخذت تُصرِّح علانيةً بما كانت تقوم به سرًّا على أنه رد فعلٍ جديدٍ لها، والمقصود هنا إعلان إيران أنها ستضع تقنية صناعة الصواريخ والطائرات المسيرة بين يد الميليشيات الحوثية.
وفي الشأن الدولي، يناقش التقرير مِلف العلاقات الإيرانية-الأمريكية في هذه المرحلة الحاسمة قُبيل إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وقد كثَّفت إيران من تهديداتها ولوَّحت بتخليها عن كامل بنود الاتفاق النووي إذا ما أقدمت الولايات المتحدة على تفعيل العقوبات الأُمَميَّة وضغطت على دول العالم لتنفيذها. وعلى صعيد العلاقات الأوروبية-الإيرانية التي بدت أكثر دفئًا مع القرار التصويتي الذي اتخذته الدول الأوروبية في مجلس الأمن حيال مشروع قرار تمديد حظر توريد السلاح لإيران، تسبَّب مِلف حقوق الإنسان في إرجاع العلاقات بين الطرفين إلى مرحلة التوتر الشديد بعد قيام إيران بإعدام المصارع الإيراني العالمي نويد أفكار، حيث طالبت الدول الأوروبية بوقف حكم الإعدام وإعادة المحاكمة مع إتاحة القيام بمرافعاتٍ جديدة.