أصدر المعهد الدولي للدراسات الإيرانية «رصانة» تقرير الحالة الإيرانية لشهر يوليو 2019، مقدِّمًا إلى القارئ عمومًا، والباحث خصوصًا، وصفًا دقيقًا خلال الفترة الزمنية محلّ الرصد والتحليل، بهدف تشخيص الحالة الإيرانية وقياس أوضاعها وتفاعلاتها المختلفة. فعلى المستوى الداخلي، تناول التقرير البيان المُطالِب باستقالة المرشد علي خامنئي من منصبه، والموقَّع من 14 شخصية مدنية مقيمة بالداخل، تعبيرًا عن رفض قطاعات المجتمع الإيراني لأطروحات الولي الفقيه التي ترى أن المرشد الولي الفقيه معيَّن مِن قِبل الله ولا يجوز إقالته دستوريًّا إلا من خلال مجلس الخبراء، المكوّن من فقهاء مجتهدين، ووفق شروطٍ شبه مستحيلة. وفي الجانب السياسي، استعرض التقرير مواصلة خامنئي سياساته الداخلية التي يمكن عنونتها تحت اسم «سياسة اللاتغيير»، فمع حلول موعد التجديد النصفي لمجلس صيانة الدستور، قام المرشد بتثبيت أعضاء المجلس المحتفظين بمقاعدهم منذ ما يقرب من أربعين عامًا، كمؤشر على مواصلة المجلس سياساته في الرقابة على العمليات الانتخابية البرلمانية والرئاسية المسماة اصطلاحًا في إيران بـ«الرقابة الاستصوابية»، التي تمنح المجلس صلاحية تحديد مَن له حق الترشح في الانتخابات ومَن ليس له الحق في ذلك حتى لو كان له تاريخ طويل في خدمة النظام. وعلى الصعيد الاقتصادي، لفت التقرير إلى توجُّه الحكومة لتعديل بنود الميزانية الإيرانية بسبب الفشل في تحقيق القَدْر المستهدف من صادرات النفط خلال الشهور الثلاثة الأولى من الميزانية، التي أُقِرَّت في 21 مارس الماضي، وهو ما يُعَدّ دليلًا قويًّا على عدم قدرتها على إدارة الدولة في ظلِّ الحظر المفروض على الصادرات النفطية.
وفي الجانب العسكري، تطرَّق التقرير إلى إجراء إيران اختبارًا على صاروخ «شهاب3» الباليستي بعيد المدى، وهو ما شكّل رسالة تحدٍّ جديدة للمجتمع الدولي نظرًا لانتهاك الاختبار قرار مجلس الأمن رقم 2231 الذي يحظر عليها إجراء تجارِب صاروخية من الممكن أن تحمل رؤوسًا غير تقليدية.
وفي الشأن العربي، ناقش التقرير المرسوم الديواني العراقي بشأن ضمّ قوّات الحشد الشعبي إلى الجيش النظامي العراقي، الذي أثار جدلًا واسعًا حول دوافع اتخاذ رئيس الحكومة عادل عبد المهدي لمثل هذا القرار، وحدود تطبيقه، وانعكاساته على النفوذ الإيراني في العراق، في توقيت تموج فيه المنطقة بأجواء ما قبل الدخول في حرب بين الولايات المتحدة وحلفائها وإيران ووكلائها، على خلفية العقوبات والضغوط الأمريكية ضد إيران، وقيام الأخيرة باستهداف ناقلات النفط في الخليج العربي لتعطيل حركة الملاحة الدولية، واستهداف المقارّ الحكومية والدبلوماسية لحلفاء الولايات المتحدة في العراق وخارجه.
وفي الشأن الدولي، تناول التقرير استئناف الولايات المتحدة فرض العقوبات على إيران والميليشيات التابعة لها، وسعيها إلى تشكيل تحالف دوليّ من أجل حماية الملاحة في الخليج العربي من الخطر الإيراني، وسعيها أيضًا إلى إصدار قرارات إدانة دولية لإيران بسبب انتهاكها لبنود الاتفاق النووي بما أعلنته عن تخطي السقف المسموح به من اليورانيوم منخفض التخصيب، وتجاوز نسبة التخصيب المصرح بها لإيران.
وعلى الصعيد الأوروبي، لفت التقرير إلى توتر العلاقات البريطانية-الإيرانية على خلفية احتجاز ناقلات النفط المتبادل بين البلدين، والمطالبة بتفعيل أكبر لآلية «إنستكس» المالية إلى جانب الإصرار على سياسة التخفيض التدريجي للالتزامات النووية الإيرانية، مع رفض الوساطة الفرنسية ما لم توقف العقوبات أولًا. وفي الملف الروسي، يستعرض التقرير الدعم الروسي لإيران بشأن عمليات احتجاز الناقلات النفطية، كما صدرت عنها تحذيرات للولايات المتحدة من خطورة تصعيد الأمر إلى حدّ المواجهة العسكرية، وعبّرت عن رغبتها في منح العضوية الكاملة لإيران في منظمة تعاون شنغهاي، لتسهيل عمليات التبادل التجاري بين إيران والدول الأعضاء، مع إبداء النصيحة لإيران بألا تعوّل كثيرًا على الدور الأوروبي في مواجهة الولايات المتحدة.
لقراءة وتحميل تقرير يوليو ٢٠١٩ أظغط هنا