نظَّم المعهد الدولي للدراسات الإيرانية «رصانة»، في مقره في الرياض صباح اليوم الأربعاء (18 سبتمبر 2019)، ورشة عمل عن «القوّة الناعمة الإيرانية.. الأهداف والمرتكزات والتحدِّيات»، وقد اشتملت على ثلاث جلسات.
تناولت الجلسة الأولى، التي أدارها عضو مجلس الشورى الدكتور صالح الخثلان، «الوسائل الدبلوماسية والآيديولوجية والثقافية في القوة الناعمة الإيرانية»، إذ ذكر الخثلان أنّ السعودية تعاني من مخاطبة عالَمَيْن متناقضَيْن، هما العالم الإسلامي بحكم دورها القيادي، والعالم الغربي الذي يحتاج إلى تصحيح الصور المغلوطة.
من جانبه، أشار وكيل وزارة الخارجية لشؤون الدبلوماسية العامّة، الدكتور سعود كاتب، من خلال محور «الدبلوماسية العامّة الإيرانية»، إلى أنّ «القوة الناعمة في إيران لا تعكس اسمها»، مشيرًا إلى أنّها أصبحت «قوة ناعمة شرّيرة وأداة للدمار، لا يقلّ أثرها عن دمار القوة الصلبة»، بينما أوضح مؤسِّس ورئيس معهد «رصانة» الدكتور محمد السلمي، عبر محور «البُعد الآيديولوجي والثقافي»، أنّ إيران من خلال تبنِّيها خطاب «المظلومية والاستضعاف» آيديولوجيًّا استثمرت الفراغ الذي شكَّلته الآثار السيئة لأحداث 11 سبتمبر على السعودية ودول المحور السنِّي، وشكَّلت قوّتها الناعمة وطيَّفت الكِيانات الشيعية العربية لتصبح كِيانات طائفية تقودها.
وفي الجلسة الثانية «الوسائل الإعلامية والاقتصادية في القوة الناعمة الإيرانية»، رأت مديرتها الأستاذ المساعد بكلية الآداب جامعة الملك سعود، الدكتورة وداد القرني، أنّ القوة الناعمة الإيرانية «مزيَّفة وخادعة»، وأكَّد المستشار بمركز الاتصال والإعلام الجديد في وزارة الخارجية، عماد المديفر، ضمن محور «البُعد الإعلامي»، فشل القوة الناعمة الإيرانية في الوصول إلى أهدافها، موضِّحًا أنها تصدِّر للغرب خدعة الصراع الداخلي بين المتشدِّدين والمعتدلين، من أجل احتواء أزمات وقعت فيها، مثل أزمة الرهائن الأمريكيين. وفي محور «البعد الاقتصادي» أوضح الباحث في معهد «رصانة» أحمد شمس أنَّ الأدوات الاقتصادية «صلبة»، إلاّ أنّ إيران تمكَّنت من تحقيق نجاح نسبيّ في استخدامها لتعزيز القوة الناعمة، خصوصًا على الصعيد الإقليمي.
واستهدفت الجلسة الثالثة الوصول إلى «صياغة استراتيجية وطنية للقوة الناعمة والشخصيات الوطنية للمملكة العربية السعودية»، واهتمّ مديرها عضو مجلس الشورى، الدكتور فايز الشهري، بإيضاح مفاهيم للقوة الناعمة وفوارقها عن الصورة الذهنية، وأهمية العمل الإعلامي في الحالتين. وأكَّد وكيل وزارة الإعلام، الدكتور عبد العزيز الملحم، عبر محور «واقع القوة الناعمة والصورة الذهنية السعودية في ظل تحدِّيات العولمة والتشويه المُمنهَج»، أنّ إيران تعمل على شيطنة المملكة، وبالتالي من حقّ المملكة العمل على شيطنتها، مشيرًا إلى استثمارها لمفهوم «الثورية» كترويج لأهدافها، إذ نجحت في تشويه الإسلام السنِّي في الغرب من خلال مصطلح «إسلاموفوبيا»، بينما استعرض أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود، الدكتور سعيد الغامدي، عبر محور «مرتكزات وروافع القوّة الناعمة السعودية وطرق توظيفها»، مجموعة من المقوِّمات التي تؤسِّس لتلك القوة الناعمة.
وقدَّمت ورشة العمل مجموعة توصيات، أهمُّها: ضرورة التفكير في إنشاء هيئة عليا لإدارة «القوة الناعمة السعودية»، وإعادة النظر في المعايير الإقليمية -وليست الدولية- في التعاطي مع إيران عبر المقارنات المنهجية، وتفعيل الدور الأهلي والتطوُّعي، وتأهيل المواطن عبر المنظومة القِيَميّة لتصدير القوّة الناعمة السعودية.