أصدَر المعهد الدولي للدراسات الإيرانية «رصانة» تقريرَ الحالةِ الإيرانية لشهر فبراير 2021م، مقدِمًا للقارئ عمومًا، والباحث خصوصًا، وصفًا دقيقًا خلالَ الفترةِ الزمنيَّة محلَّ الرصد والتحليل؛ بهدفِ تشخيصِ الحالةِ الإيرانيَّة وقياسِ أوضاعِها وتفاعلاتِها المختلفة. ويشتمل التقريرُ على ثلاثةِ أقسامٍ رئيسية، يهتمّ القسمُ الأول بالشّأن الداخلي الإيراني؛ فعلى الصعيد الأيديولوجي، شكَّلَ حراكُ مرجعية النجف وسعيها لتدعيم تحرُّكات الحكومة العراقية الحالية تحدِّيًّا لإيران الداعِمة للميليشيات الولائية المسلَّحة. كما حمَلت زيارةُ البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية للعراق وحرصُه على زيارة آية الله المرجع علي السيستاني، رسالةَ دعمِ المجتمعِ الدولي لمرجعيةِ النجف في تدعيمها لسياساتِ الحكومةِ العراقية. وعلى الصعيد السياسي، فمع تزايُد تحدِّيات الداخل الإيراني وتعمُّق الانسداد السياسي، بدأ المرشد الإيراني علي خامنئي التأكيدَ على ضرورة ارتفاع نسبة المشاركة في الانتخاباتِ الرئاسيةِ القادمة. وعلى الصعيد الاقتصادي، تَواصلَ الخلافُ بين الحكومة والبرلمان بشأن مشروع الموازنة العامَّة، ولم يُحسَم الجدلُ إلّا بتدخُّلٍ مباشرٍ من المرشد، خصوصًا مع عدم وضوح مصادر تمويل الموازنة وعدم واقعيتها.
وعلى الصعيد العسكري، نفَّذت البحرية الإيرانية، في أواسط شهر فبراير مناورةً بحرية مع روسيا وعددٍ من الدول في شمال المحيط الهندي، أُطلِق عليها «حزام الأمن البحري الإيراني – الروسي 2021م». أما القسمُ الثاني من التقرير فيتناولُ تفاعُلات إيران مع العالَم العربي، ففِي الملفّ الخليجي شهِدت تفاعُلات العلاقات الإيرانية – الخليجية وضعَ ترقُّبٍ لتوجُّهات السياسة الأمريكية الجديدة في بداية عهد الرئيس جو بايدن، وهناك أيضًا التحرُّكات القطرية لمحاولةِ أخذِ دورِ الوسيط بينَ إيران ودولِ الخليج، وبينَ إيران والولاياتِ المتحدة. كما شهِد الشهرُ تصعيدَ الهجمات الصاروخية تجاه المملكة من الميليشيات المدعومة من إيران، والتصعيد الإعلامي ضدَّها. وفي ملفّ اليمن، استأنَفت الميليشياتُ الحوثية عمليات التصعيد العسكري داخليًّا وخارجيًّا بعد إعلانِ الولاياتِ المتحدة رفعَ اسم الميليشيات الإرهابية من قائمةِ الإرهاب. وعلى صعيد التفاعُلات الإيرانية – العراقية، كثَّفت الميليشياتُ الموالية لإيران في العراق من هجماتِها بصواريخ الكاتيوشا على أهدافٍ أمريكية، وردَّت أمريكا بضربِ مقرَّاتِ الميليشياتِ الإيرانية في شرقي سوريا. وعلى صعيد التواجُد الإيراني في سوريا، نفَّذت الولاياتُ المتحدة هجومًا جوِّيًا في 25 فبراير، استهدفَ نقطةَ مراقبةٍ حدودية تستخدمُها عددٌ من الميليشياتِ المدعومةِ من إيران في سوريا. ويرصدُ القسمُ الثالث من التقرير الحِراكَ الإيراني على الصعيدِ الدولي، متناولًا ملامحَ سياسةِ بايدن تجاه إيران، إذ يرى فريقٌ في الخارجيةِ الأمريكية أهمِّيةَ ربطِ مساراتِ التفاهُم مع إيران ببعضِها للوصولِ إلى تسويةٍ شاملة لقضايا الخِلاف. كما رصَد استئنافَ الولاياتِ المتحدة الحوارَ الإستراتيجي مع إسرائيل حولَ الملفّ الإيراني.
وعلى مسار العلاقات الإيرانية – الأوروبية، تبذُل دولُ الترويكا الأوروبية مساعٍ دؤوبة للقيامِ بوساطةٍ ناجِحة بينَ الولايات المتحدة وإيران، على الرَّغم من تعاطِيها بحزمٍ أكبر مع ضرورةِ تعديل بنود الاتفاق النووي، كما اتّخذت خطواتٍ جادَّة في مواجهة الإرهاب الإيراني على الأراضي الأوروبية. وفي الختام، يُفيد التقريرُ بأنَّ الموقفَ الإيراني لا يزالُ يتمسَّكُ برفضِ تعديلِ الاتفاقِ النووي، أو التفاوُض حولَ قضايا أُخرى، لكن هناك جدلٌ على مستوى النُّخبة السياسية الإيرانية حولَ أسلوبِ التفاوُض مع الولاياتِ المتحدة، بخاصةٍ مع قُرب استحقاقِ الانتخاباتِ الرئاسية الإيرانية.