أندرو سكوت كوبر
كاتب وأستاذ في جامعة كولومبيا ويحمل شهادة الدكتوراه في العلاقات الإيرانية الامريكية
يتناول الكتاب إحدى الشخصيات الأكثر جدلًا في القرن العشرين، إذ يتتبَّع أندرو سكوت كوبر حياة الشاه الإيراني محمد رضا بهلوي، من مرحلة الطفولة مرورًا بفترة جلوسه على العرش عام 1941، ويصور الكاتب أيضًا حالة الاضطراب في حقبة ما بعد الحرب ومحاولات اغتيال الشاه، وأيضًا محاولات الانقلاب على بناء دولة عصرية موالية للغرب ومضادَّة لإطلاق إيران إلى الساحة العالَمية لتكون واحدة من القوى الخمس في العالَم.
يتيح الكتاب للقُرَّاء الاطّلاع على قصة حياة الشاه السياسية جنبًا إلى جنب مع قصة حياته الشخصية، مرورًا بمرحلة الخطوبة والزواج بـ”فرح ديبا”، كما يعرض الكتاب نظرة حصرية على الحياة داخل القصر في أثناء الثورة الإيرانية.
يحقِّق كوبر في أسباب سقوط السلالة البهلوية من خلال أنظار أشخاص كانوا مطّلعين مباشرة على الأحداث في ذلك الوقت، كقيادات الثورة الإيرانية ومسؤولي الرئيس الأمريكي جيمي كارتر والبيت الأبيض وموظفي السفارة الأمريكية في طهران آنذاك والملكة فرح وبقية أفراد الأسرة المليكة.
بداية، راهن الشاه الإيراني السابق محمد رضا بهلوي على مشروع عَلْمَنَة الحياة في إيران، ودعا إلى تَحرُّر المرأة الدينية التقليدية وحَثّ على الخروج من تحت الحجاب والذهاب إلى الجامعات وتوسيع نشاط المواطنين في المجالات العامَّة، نفّذ الشاه الإيراني السابق القوانين العلمانية الشاملة التي تُعطِي المرأة حقوقًا أكبر ضمن أسرتها، وسمح بتعيين النساء في المناصب العُلْيَا، وشجَّع على الانفتاح على الغرب.
يشير الكاتب إلى أن الثورة الإيرانية 1979 عطّلَت كل طموحات الشاه في الدولة الإيرانية، وأنتجت ما يُعرَف باسم “الجمهورية الإسلامية” التي فرضت شروطًا قاسية على الحياة في إيران، مع ذلك كانت مشاركة المرأة في الحياة العامة طبيعية ولم يمنعها ذلك من دخول الجامعات وممارسة النشاطات الاجتماعية.
لقد قدم الكاتب أحداثًا درامية لحياة السلالة البهلوية، وصوّر الشاه الأخير محمد رضا بهلوي (1919-1980) على أنه الحاكم الذي سعى إلى رفاه الإمبراطورية الفارسية قبل كل شيء، وبعد الاطّلاع على حياة الشاه الأولوية بداية من تنازل أبيه الشاه الأسبق رضا بهلوي 1941 والحياة داخل القصر وعلاقته مع الداخل الإيراني، ركّز كوبر على السنوات المشحونة التي بدأت 1970، وغاص في علاقة الشاه التي كانت مشبوهة بالنسبة إلى الإيرانيين، وتخصّ الاستيلاء على الثروة النِّفْطية وعلاقته بوكالة المخابرات الأمريكية وتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدولة ومساعدته في قمع المعارضين له، كما يتناول كوبر المفاهيم الخاطئة التي وضعها النظام، كالأرقام المُبالَغ فيها لاعتقالات الشرطة السرية في زمن الشاه، وموافقة الشاه على استخدام القوة ضدّ المتظاهرين…
يتجلى إبداع الكاتب في تصوير حياة الملكة فرح ديبا، زوجة الشاه الثالثة الطَّمُوح والسيدة الأولى، وحسب وصف كوبر “أبرع الإناث في القرن العشرين”، التي أنقذت مَرْضَى الجذام في إيران وبنت المتاحف وحوَّلَت طهران إلى مركز عالَميّ للنشاط الفني والثقافي ووجهة للفنانين والأدباء، وكانت عَطُوفًا وذكية، وكانت النجمة الحقيقية في السلالة البهلوية.
يدعو كوبر إلى زيارة الذاكرة الموروثة عن الشاه الإيراني وإعادة قياس الأحداث، والاطّلاع على أمنية للشاه لم يُصِرّ عليها، لأنه لو فعل لفتح الباب على مصراعيه أمام مذبحة كانت ستستمرّ إلى يومنا هذا، لكن هذه الرغبة في الأساس على عكس شخصية الشاه الذي رفض العنف عندما أُتِيحَت الفرصة للقمع وأبقى على مُعارِضِيه.
يذكر كوبر أنه حين كان الشاه في المنفى قُبَيل وفاته سأله أحد أصدقائه: “لماذا لم تَقْضِ على الخميني؟”، فأجاب بأنه ليس بالرجل الذي يفعل ذلك”، وأضاف: “إذا كنت تريد أن تجد شخصًا يقتل الناس فابحث عن رجل آخر”.
عمومًا فإن الكتاب -كما يوحي أندرو سكوت كوبر في عنوانه “سقوط الجنة”- يتضمَّن كمًّا هائلًا من التفاصيل والأحداث التي أدَّت إلى سقوط الشاه، وحتى بعد إرساله إلى المنفى في عام 1979، وذلك على شكل بحث شامل ووثيقة سردية بأسلوب درامي.