أشار بعض الشواهد إلى اعتقال كاووس سيد إمامي وعدد من نشطاء البيئة، مع تسريب الأضرار الكارثية البيئية الناجمة عن أنشطة نووية في إيران، والآثار المخربة للأنشطة العمرانية للحرس، بخاصَّة في مشروعات تشييد السدود ونقل المياه، ثم توقفها المرتبط بضغوط الحكومة.
وكان من بين المشروعات البيئة التي ينفذها سيد إمامي وزملاؤه، إرسال العيِّنات النادرة من الحيوانات والنباتات إلى مراكز الأبحاث الخارجية، طبقًا لنهج قانوني ومتعارَف عليه.
وخلال هذه المشروعات أُخذت عينات من أنواع النباتات، ومنها بعض الزواحف، مثل السحلية والحرباء والضب، وإرسالها إلى مراكز الأبحاث الأمريكيَّة. هذه المراكز اكتشفت آثارًا مُشِعَّة على أجساد تلك الحيوانات والنباتات، وانتبهوا في الدراسات التالية إلى أن كثيرًا من تلك العينات حتى المياه والعيون الطبيعية في بعض مناطق إيران، القريبة من المواقع النووية، ملوثة بالموادّ المُشِعَّة.
واتضح مع التحقيقات أن هذه الموادّ لوَّثَت أيضًا أجساد سكان المناطق القريبة من المواقع النووية، ووصل جزء من المياه الملوثة إلى مصارف الأراضي الزراعية، والمحاصيل التي سُقيت من هذه المصارف لوّثتها أيضًا الموادّ المُشِعَّة.
في الحقيقة، تسببت مشروعات البيئة في إيران أكثر من ذي قبل في فضح أنشطة إيران الذرية، والأهمّ من ذلك حدوث تلوُّث ذري واسع النطاق. ومع كل هذا لا توجد معلومات كافية في المتناول، بحيث يُعرَف منذ متى لُوّثَت هذه النباتات والحيوانات بالموادّ المُشِعَّة. ومن المحتمل أن يكون لدى مراكز الأبحاث الأجنبية التي أجرت التجارب ذات الصلة، تفاصيل ومعلومات أكثر عن هذا التلوُّث.
كذلك ليس من المحدد إن كان سيد إمامي والنشطاء الآخرون في شؤون البيئة مطّلعين على إمكانية حدوث هذا التلوُّث، وكانوا يسعون وراء الأدلَّة، أم أنهم دون تعمُّد خلال تعقُّب الأنشطة المرتبطة بالبيئة اطّلعوا على موضوع التلوُّث النووي.
بعد الإعلان عن وفاة سيد إمامي المشكوك فيها في سجن إيفين، ادَّعَت المؤسَّسات الأمنية أن مجموعة من نشطاء حقوق البيئة تحت غطاء الحفاظ على الفهود المرقعة ومواجهة صيد الحيوانات أقدموا على النفوذ في المجتمع العلمي الإيرانيّ وجمع معلومات عن أماكن حساسة ومنشآت صاروخية بتوجيه من ضباط استخبارات الموساد و”سي آي إيه”. وتسبب هذا الادِّعاء في أن تتركز الأنظار على البرنامج الصاروخي والتلوُّث النووي.
كذلك ادَّعى المستشار العسكري للمرشد حسن فيروز آبادي، أن أمريكا استخدمت الحرباء والسحلية لجذب أمواج نووية والتجسُّس على إيران. ما أعلنه فيروز آبادي يُكمِل ما قاله بعد ذلك رئيس هيئة الدفاع المدني غلام رضا جلالي، في خطاب آخر بشأن اختراق جينات النباتات وتلويث المياه في الحروب البيو-كيميائية، وقال إن العدوّ مع التلاعب الجيني في الفيروسات والبكتيريا يسعى لهجمات بيو-إرهابية.
من الممكن استنتاج أن القبض على ناشطين وباحثين في شؤون البيئة وحتى سقوط طائرة شركة آسمان، التي وقعت بعد فترة قصيرة من كشف الاعتقالات، والتي قُتل فيها عدد من الأساتذة والباحثين ونشطاء حقوق البيئة، مرتبط بشكل كبير بالبرامج النووية للنظام، لكن الأجهزة الأمنية لإيران لم تتمكن من إخفاء القبض على نشطاء حقوق البيئة، ونشر خبر اعتقالهم، ورد بعدها القضاء على هذا الخبر.
إحدى المناطق التي يقال إنها تعرضت بشدة خلال السنوات الأخيرة للتلوُّث الإشعاعي، هي ساحل بوشهر، المكان الذي تُصَبّ فيه نفايات وصرف المحطات الذرية في مياه الخليج العربي. وقد حذَّرَت دول الخليج العربي ونشطاء حقوق البيئة مرارًا وتكرارًا من مخاطر الأنشطة النووية الإيرانيَّة في هذه المناطق.
من المشروعات الجدية لسيد إمامي ورفاقه، الدراسات حول آثار التلوُّث الذري على أنواع من الكائنات في الخليج العربي، التي سربوا من خلالها المعلومات إلى الخارج.
الموت الجماعي للدلافين والثروة السمكية في الخليج العربي من آثار تصريف مخلفات محطة بوشهر الذرية، التي أُرسِلَت في تقارير سيد إمامي إلى المختبرات الأمريكيَّة، وانتبهوا إلى أن الجهاز العصبي لتلك الدلافين قد أصابه ضرر. والموت المشكوك فيه لـ47 من الثدييات البحرية في الخليج العربي خلال السنوات السابقة، ووفاة هذه الدلافين، من الكوارث البيئية المحلية في جنوب إيران.
كان سيد إمامي قبل الثورة أستاذًا بجامعة “جندي شابور” بالأحواز، وتوجه إلى عبدان مع بداية الحرب الإيرانيَّة-العراقية، وأرسل خلال تلك الفترة ابنه وزوجته إلى بوشهر، وولد ابنه الآخَر (رامين) في بوشهر. تَشكَّلَت صلات سيد إمامي مع بعض نشطاء حقوق البيئة بمحافظة بوشهر الذين كانوا يبحثون فيها عن تلويث محطة بوشهر للبيئة، وَفْقًا لهذه الصلات.
وطِبقًا للتقارير المدرجة على موقع مؤسَّسة “الحياة البرية لميراث الفارسيّين”، كان جزء من أنشطة هذه المؤسَّسة في محافظة بوشهر ومياه الخليج العربي.
وعلى أساس مصادر غير رسميَّة، أسند سيد إمامي جزءًا من الأضرار الناجمة عن تلاعب الحرس في الطبيعة، في ما يتعلق بمشروعات بناء السدود ونقل المياه، وأعطى تقارير عنها لمنظَّمة الحفاظ على البيئة في حكومة حسن روحاني، والحكومة اتخذت موقفًا تجاه هذه المشروعات، ونتج عن ذلك كساد في نشاط الحرس في هذا المجال، وواجهت خللًا. وسد “جتوند”، أحد المشروعات غير الناجحة للحرس، الذي كان من المفترض أن تنفذه قاعدة خاتم الأنبياء.
المصدر: صحيفة “كيهان لندن”