أكَّد عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، أنّه «على الرغم من كل ما حدث من مماطلة ومراوغة، تتمتَّع إيران بسيرة عمل واضحة مع الوكالة الدولية.. وبناءً على ذلك فإنّ الخروج من NPT ليس في مخطَّطات إيران».
وفي نفس السياق، طالب المحلِّل السياسي وعضو هيئة التدريس بجامعة طهران، محمد صادق كوشكي، بـ«ضرورة تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% وزيادة أجهزة الطرد المركزي بشكل ملحوظ».
وعلى صعيد الافتتاحيات، تعتقد افتتاحية صحيفة «آرمان ملي» أنّ الهدف من استمرار العقوبات الأمريكية على إيران إشعال الحرب على جبهتين: حرب الاستنزاف العسكري في المنطقة، والحرب الاقتصادية بتكبيد طهران خسائر يومية بملايين الدولارات. وتناولت افتتاحية صحيفة «إيران» الأوضاع الاحتجاجية الشعبية الراهنة في كلٍّ من العراق ولبنان، وحقائق تأثيرها على مكانة إيران في منطقة الشرق الأوسط، مع ما يُشاهَد من طريق مسدود للبناء السياسي والتنفيذي في البلدين.
«آرمان ملي»: حرب الاستنزاف.. الهدف من استمرار العقوبات
يعتقد محلِّل القضايا الدولية فريدون مجلسي، من خلال افتتاحية صحيفة «آرمان ملي»، أن الهدف من استمرار العقوبات الأمريكية على إيران إشعال الحرب على جبهتين: حرب الاستنزاف العسكري في المنطقة، والحرب الاقتصادية بتكبيد طهران خسائر يومية بملايين الدولارات.
ورد في الافتتاحية: «صرَّح المبعوث الأمريكي الخاص للشؤون الإيرانية، برايان هوك، مؤخَّرًا أنّ واشنطن مستمرّة في فرض العقوبات على إيران، حتّى الوصول إلى اتفاق جديد. ويمكن القول بكل صراحة بهذا الخصوص إنّ هدف أمريكا المحتمل من هذه العقوبات هو إشعال الحرب، فقد بدأ الأمريكيون الحرب على إيران في جبهتين: الأولى حرب الاستنزاف العسكري في المنطقة، والثانية الحرب الاقتصادية، بحيث إنّها تكبِّد إيران يوميًّا خسائر بملايين الدولارات، والآثار المترتِّبة على استمرار هذه الأوضاع هي تصعيد الضغط الاقتصادي على الإيرانيين.
بخصوص الأخبار الأخيرة التي أوردتها بعض المصادر الإعلامية حول المشاورات ضد إيران التي أجراها وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين مع المسؤولين الهنود، يمكن القول إنّ الهنود مجبرون على التعاون مع أمريكا، بسبب الاحتياجات إلى أسواق أمريكا المالية والتصديرية، لكن من حيث إنّهم قاموا باستثمارات في بندر تشابهار، فمن المحتمل أنّهم سيلجؤون إلى أساليبهم الخاصة للاستمرار في نقل كميات من النفط والطاقة من خلال هذا الميناء، وفي نفس الوقت سيوفِّرون جزءًا من احتياجات إيران، لكن على إيران الثرية وشعبها الواعي أن يتمكَّنوا من التعامل مع العالم بشكل حرّ، فإيران بحاجة إلى استعادة استقلالها ضمن وجودها على الساحة الدولية، بحيث يمكنها ضمان حرية تبادل السلع والخدمات والوصول إلى أنظمة المصارف الدولية.
يسعى الأمريكيون لإنهاك إيران من خلال أداة العقوبات، ومن هنا فهُم لا يرون أنّ هناك حاجة لإشعال حرب، لذا يبدو أنّهم سيستمرون في فرض العقوبات، ومثل هذا الأمر يذكِّر بالعراق في وقت العقوبات. كما من الممكن أن تشدِّد أمريكا من عقوباتها الجوِّية والبحْرية، وفي مثل هذه الظروف تعلم دول الخليج أنّ أيّ حرب محتملة ستجعل من هذه الدول أهدافًا لصواريخ ومدفعية إيران، وسوف تتضرَّر كثيرًا، ومن هنا تسعى بعض هذه الدول ومن بينها قطر لحل هذه القضايا من خلال الحوار، دون الحاجة إلى حدوث أي مواجهة.
يبدو أن هناك جماعات داخل أمريكا تسعى للحرب، وبالتالي تدقّ وسائل الإعلام الأمريكية طبول التخويف من إيران على مستوى المنطقة والعالم، بالنظر إلى التوجُّه السائد في الولايات المتّحدة حتى لو كان هناك شخص آخر سوى ترامب في السلطة لكان هدفه عزل إيران. هدف حرب الاستنزاف التي يقوم بها الأمريكيون هو الضغط على الدولة المستهدفة حتى تنهار في النهاية، ومع أنّ الأمريكيين لن يدخلوا في حرب مع إيران، على الأقل بالمعنى الكلاسيكي للحرب، إلّا أنّ هذا لا يمنعهم من توجيه ضربة للبنى الاقتصادية التحتية والمصالح الحيوية الإيرانية إن شعروا بأيّ تهديد، وعلى أي حال يجب أن ننتظر ونرى كيف سيكون الردّ على التطوّرات الإقليمية».
«إيران»: وضع العراق ولبنان.. ومكانة إيران في المنطقة
تتناول افتتاحية صحيفة «إيران»، عبر كاتبها الخبير في المسائل السياسية الإقليمية محمد علي دستمالي، الأوضاع الاحتجاجية الشعبية الراهنة في كلٍّ من العراق ولبنان، وحقائق تأثيرها على مكانة إيران في منطقة الشرق الأوسط، مع ما يُشاهَد من طريق مسدود للبناء السياسي والتنفيذي في البلدين.
تذكر الافتتاحية: «في ظروف أصبحت فيها كفّة المنافسة بين أمريكا وروسيا في سوريا تميل لصالح موسكو وأنقرة وطهران، إلّا أنّنا نشهد في العراق ولبنان وصول البناء السياسي والتنفيذي إلى طريق مسدود. استقالة رئيس الوزراء السنِّي سعد الحريري في لبنان أطلقت عملية مساومة سياسية استنزافية في هذه الدولة، أمّا في العراق فقد رسمت المظاهرات الشعبية مقتل المواطنين المحتجِّين والضغط على رئيس الوزراء الشيعي صورةً لحكومة مريضة وعاجزة، لا أمل في الوقت الراهن لحلّ مشكلاتها.
إن أردنا النظر إلى هذه اللوحة من زاوية مصالح إيران، فسنجد أنّ حلفاء طهران في كلا البلدين، أو من يعرفون بمحور المقاومة، يمرُّون بظروف غير واضحة، وقد أدَّى الخلاف الداخلي بينهم على تقسيم السلطة وموارد الريع بالبلدين إلى التقهقر إلى الوراء، في هذه الأثناء لا يمكننا بمعايير ثنائية حصر مشكلات الحكومة فقط في عجز وعدم كفاءة الحكومة، فالعراقيون على الأقلّ لا يربطون مصائب بلدهم بـ«نفوذ التشيّع البريطاني» و«إثارة الفتنة من جانب السفارة الأمريكية»، بالتأكيد هناك جهات أجنبية تنتفع من مخرجات الاحتجاجات في العراق، لكن ليس بإمكان هذه الجهات أن تكون السبب الأساسي وراء انعدام الأمن وتسيير المظاهرات الشعبية. هذا الشعب الذي قدَّم خلال بضعة أشهر 300 قتيل و11 ألف جريح، ويتقدَّم بغضب صوب المنطقة الخضراء مُحرِقًا المباني الحكومية، لديه إرادة وغضب مدمّران.
أحد أخطر أبعاد المظاهرات في العراق هو ارتفاع مستوى مطالب المحتجِّين، التي وصلت من استقالة الحكومة إلى تغيير النظام بالكامل، ووصلت الأمور إلى مستوى سيلحق فيه الضرر بالجميع. في هذه الأثناء، أثبت الرئيس العراقي الكردي برهم صالح من خلال الإعلان عن استعداد رئيس الوزراء لتقديم استقالته، أنّه وفريقه لا يملكون أيّ فكرة أو برنامج للعبور من هذه الأزمة، ويبدو وكأنّه من المقرَّر التضحية بشخص لم يخرج من داخل حزب من الأساس، ويعتبر رمزًا لاتفاق ضمني وصعب بين الأحزاب للوصول إلى منصب رئيس الوزراء.
هنا تُطرَح بعض الأسئلة: لماذا الأحزاب الشيعية كونها صاحبة الأكثرية والسلطة الأساسية في هيكل العراق الحديث، والحليفة الأساسية لإيران، تعاني من التنافس والتوتُّر والخلافات، ولا يمكنها العبور بالعراق من هذا المأزق؟ ألا يمكن لإيران أن توحِّد هذه الجماعات؟
الجواب هو: أوّلًا، السلطة وأموال النفط الكثيرة أوجدت شبكة ضخمة من الفساد المالي، يجري فيها تقديم مصلحة الفرد على الجماعة، ومن هنا لا توجد قيَم ومبادئ قومية مشتركة تجمع هذه الجماعات تحت مظلَّة واحدة. وثانيًا، جميع الجماعات الشيعية ليست بالضرورة صديقة وحليفة لإيران، على سبيل المثال تحالف «سائرون» القوي لا عَلاقة له بإيران في اتّخاذ القرارات، والجماعات الأخرى مثل «الفتح» الخارجة من رحم الحشد الشعبي، والمالكي والعبادي والحكيم، كونهم أقرب الحلفاء إلى إيران، كلٌّ يغنّي على ليلاه، وتشير الدلائل إلى أنّ نفوذ إيران الفكري والسياسي في هذه الجماعات ليس بمستوى أن تتمكَّن من إقناعها وتوعيتها بأخطار الوضع الموجود، فهذه الجماعات ليست حتى على استعداد للاستماع إلى إيران واتّخاذ إجراء خاص للردّ على مطالب المحتجِّين، كما أنّ بعض المحتجِّين يعتبرون أنّ إيران هي سبب المشكلات، ويطلقون الشعارات ضد طهران.
قد تجب إعادة النظر في توجُّه طهران إزاء الجماعات المذكورة، وأن تكون هناك تحذيرات حقيقية عِوضًا عن المواجهة الخالية من الانتقاد، وألّا يتمّ ربط عدم الكفاءة والعجز وتورُّط المسؤولين العراقيين في الفساد المالي بمكر ومؤامرات العدو الأجنبي ظلمًا. خلال السنوات الماضية صعدت على الساحة السياسية في العراق جماعات وأفراد كانوا من قبل يطلقون الشعارات الدينية والثورية، لكن الآن لم يعُد البعض منهم قادرًا على مقاومة طمعه المالي فحسب، بل هم عاجزون عن إدارة القضايا البسيطة من قبيل الخدمات المدنية والصحية وجمع الزبالة وتعبيد الشوارع.
المأزق السياسي والتنفيذي الحالي في العراق ولبنان يطرح مرة أخرى ثلاثة مواضيع مصيرية، الأول: الخطر الأساسي والمصيري للفساد المالي الذي يقبع كقنبلة موقوتة. الثاني: عدم اكتمال عملية بناء الشعب، والضرر الكبير لتقسيم المناصب على أساس المحاصصة العرقية والمذهبية، والابتعاد عن أصل الجدارة. الثالث: أهمِّية فاعلية الحكومات ومنح المعنى لمفهوم العدالة والاهتمام بمطالب الناس، وفهم حقيقة أنّ الحكومات لا يمكنها البقاء على أساس الشعارات القائمة على العقائد الدينية والمذهبية».
برلماني في لجنة الأمن القومي: الخروج من NPT ليس في مخطَّطات إيران
أكَّد عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، أنّه «على الرغم من كل ما حدث من مماطلة ومراوغة، تتمتَّع إيران بسيرة عمل واضحة مع الوكالة الدولية، ولم يستطع الأمريكيون العثور على الحجّة القانونية اللازمة وإدراج ملف إيران مرة أخرى تحت الفصل السابع من منشور الأمم المتحدة ونقله من مجلس الحكام إلى مجلس الأمن. وبناءً على ذلك، فإنّ الخروج من NPT ليس في مخطَّطات إيران»، موضِّحا أنّ إيران سوف تعمل على تطوير إمكانياتها النووية، في حضور المفتشين ورقباء الوكالة.
وأجاب فلاحت بيشه على سؤال: هل يمكننا الخروج من معاهدة NPT في إطار برنامج تخفيض الالتزام بتعهدات الاتفاق النووي؟ قائلًا: «لا تقوم السياسة الكلية لإيران على نزع سلاحها وتخليها عن إنجازاتها التي حققتها حتى الآن في مجال التكنولوجيا، لكن على كل حال تتمتَّع إيران بهذه الإمكانيات التي تلبِّي احتياجاتها النووية، في ظل رفع نسبة التخصيب، كما كانت تفعل في السابق، ولديها تقنياتها الآن، ويمكنها القيام بهذا الأمر في مجالات مختلفة أيضًا».
وأشار بيشه إلى تصريحات المتحدث باسم هيئة الطاقة الذرية التي كان قال فيها من قبل إنّ إجراءات إيران الفنية انتهت في موضوع تخفيض الالتزام بتعهدات الاتفاق النووي، قائلًا: «أعتقد أنّ إيران كشفت عن أولى أوراقها من الناحية التقنية، ويمكنها كشف أوراق عديدة أخرى تعزِّز موقفها. وبالطبع أيٌّ من هذه الإجراءات لا يعني الخروج من NPT، ومن المؤكَّد أنّ إيران سوف تعمل على تطوير إمكانياتها النووية، في حضور المفتشين ورقباء الوكالة».
موقع «انتخاب»
محلِّل إيراني: من الضروري تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% في الخطوة الرابعة
طالب المحلِّل السياسي وعضو هيئة التدريس بجامعة طهران، محمد صادق كوشكي، بـ«ضرورة تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% وزيادة أجهزة الطرد المركزي بشكل ملحوظ»، وقال عن الخطوات الإيرانية في تخفيض الالتزام بتعهُّدات الاتفاق النووي: «بصفة عامة، ما قامت به إيران يُعتبر أقلّ ما يمكن فعله، ولا يجبر الطرف الأوروبي على تنفيذ تعهُّداته».
وأوضح كوشكي: «مثلما كان منتقدو خطوات تخفيض الالتزام بالاتفاق النووي يرَوْن مِن قبل، ما قامت به إيران لم يؤدِّ إلى تغيير سلوك الأوروبيين»، مؤكِّدًا الخطوة الرابعة وموضوع إزاحة الستار عن أجهز الطرد المركزي الجيل الجديد، وقال: «حتى لو كان بمقدورها تخصيب اليورانيوم بنسب عالية للغاية، فلن تجدي نفعًا ما دامت لم تنتشر بشكل واسع ولا تقوم بالتخصيب».
وذكر المحلِّل الإيراني أنّ «الإجراءات التي تقوم بها إيران في الوقت الحالي تأتي في إطار الحفاظ على الاتفاق النووي، ولا تتمتَّع عمليًّا بالقدرة على تحريك الأوروبيين». وأضاف: «ما دام الحفاظ على الاتفاق النووي قائمًا، فسيبقى الأوروبيون والأمريكيون راضين بالكامل ولن يروا سببًا في تلبية مطالب إيران. كما أنّ مثل هذه الخطوات لا تفرض ضغوطًا على أوروبا ولا حتى أمريكا، ولن يكون لديهم مشكلة حتى لو استمرت هذه الخطوات إلى الخطوة 100».
وأفاد كوشكي حول الإجراءات اللازمة التي يمكن أن تجبر الأوروبيين على تنفيذ تعهداتهم، قائلًا: «ينبغي علينا تعليق البروتوكول الإضافي الذي ننفِّذه الآن بشكل تطوعي، وعلينا أن نبدأ في تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، وزيادة أجهزة الطرد المركزي بشكل ملحوظ».
وأشار كوشكي إلى قرار 2231 بمجلس الأمن: «آلية الزناد في القرار تسبَّبت في أنّ إيران لو خرجت من الاتفاق النووي، فسوف تعود جميع العقوبات التي فُرضِت من قبل وكُنّا نعتبرها غير قانونية، وتسبَّب هذا الموضوع في أنّ يتّخذ المسؤولون خطوات في إطار الاتفاق النووي». وأكَّد أنّ إيران شاهدت أسوأ معدَّل نموّ اقتصادي بعد الاتفاق النووي، قائلًا: «ينبغي على الحكومة أن تتحلَّى بالشجاعة والإرادة الكافية لاتخاذ خطوة هامة وأساسية، حتّى تجبر أوروبا على تنفيذ تعهُّداتها».
وكالة «مهر»