من تبادل المعلومات الاستخباراتية إلى التعاون العملياتي، تُعَدّ الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية شريكَين في الحرب ضدّ الإرهاب العالَمي، ولكنهما تختلفان حول مَن العدو. وأمام الرئيس المنتخَب ترامب فرصة لتصحيح هذه المشكلة، وينبغي له أن يفعل ذلك على وجه السرعة لتحسين فرص العالَم في هزيمة الإرهاب في نهاية المطاف.
تتفق الولايات المتحدة الأمريكية والتحالف الإسلامي المكوَّن من 40 دولة إسلامية بقيادة السعودية، على أن تنظيمَي القاعدة والدولة الإسلامية هما منظمتان إرهابيتان، ولكنهم يختلفون إزاء الحالة الإرهابية لجماعات شِيعيَّة مثل كتائب المقاومة اللبنانية، وكتائب سيد الشهداء، وفيلق القدس، وكتائب أبو الفضل العباس، فضلًا عن عديد من الميليشيات الشيعية الأخرى في العراق وسوريا بقيادة الحرس الثوري الإيراني.
يصنِّف العالَم العربي والإسلامي هؤلاء على أنهم إرهابيون ولسبب ما لا تراهم الحكومات الغربية بذات التصنيف، لذا يتوجب عليهم تغيير آرائهم من أجل تحقيق نجاحات حقيقية ضدّ التهديدات الإرهابية.
فلا فرق بين الهجمات الإرهابية التي يرتكبها تنظيم القاعدة أو التي ترتكبها الجماعات الشيعية، لأن المخرجات العنيفة الصادرة من المتطرفين الآيديولوجيين -أيًّا كان مصدرهم-متطابقة، وإن الميل الغربي إلى التعامل مع السلوك ذاته بشكل مختلف قائم على الطائفة المرتكِبة لهذا السلوك هو من النفاق والخطورة بمكان، لأنه إنما يعزِّز الاعتقاد في العالَم الإسلامي بوجود مؤامرة غربية ضدّ الأغلبية السُّنِّية غير العنيفة في المنطقة.
وكثير من الناس في الشرق الأوسط يرون بالفعل أن إدارة أوباما قد تساهلت مع الإرهاب الذي ترعاه الدول والأنشطة الإرهابية المدعومة من النِّظامِ الإيراني ووكلائه الشِّيعَة.
وفي الجانب الآخر، يُمكِن لإدارة ترامب أن تُغيّر اللعبة تمامًا من خلال إعلان الإرهابيين على حقيقتهم، فعلى الإدارة القادمة أن تُصنِّف كل المتطرفين الشِّيعَة العنيفين منَّظماتٍ إرهابيةً.
ولدى واشنطن كل الأدلة التي تحتاج إليها للقيام بذلك، فقد تفاخرت إيران بتشكيل ميليشيات شيعية في العراق وسوريا، فضلًا عن نشر أعداد كبيرة من المرتزقة من أفغانستان وباكستان، وقد اعترفت طهران أيضًا بدعم المتمردين الحوثيين في اليمن والجماعات الإرهابية في البحرين والكويت ونيجيريا وشرقيّ السعودية.
علاوةً على ذلك، لعب النظام الإيراني دورًا أساسيًّا في تشكيل ما يُسَمَّى “جيش التحرير الشيعي في العراق”، الذي فعل ما بوسعه لخطف الحياة السياسية وخلق خليط من الصراعات الأيدلوجية والعرقية والطائفية. وفي سوريا دمَّر المقاتلون الشِّيعَة البلاد وخلقوا أزمة إنسانية تكاد تفوق الخيال.
ومثال آخر في العراق هو الحشد الشعبي، وهو ميليشيا ترعاها الدولة، وتدعمها إيران، أُنشِئت ظاهريًا لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية. لكن هذا الحشد وميليشياته الشيعية المرتبطة به اشتهر عنهم جدًّا أعمالهم الوحشية الطائفية، التي لا تختلف عن أعمال تنظيم الدولة الإسلامية. ووجود الحشد الشعبي هو دليلُ مؤكَّد على النية الإيرانية المُفصَح عنها علنًا، بُغيَة إنشاء قواعد لها في مناطق أخرى في الشرق الأوسط.
وتُعد هذه الجماعة أحد الأمثلة على الفشل الذريع للسياسية الأمريكية تجاه إيران وفشلها في احتواء العدائية الإيرانية في المنطقة، فلقد شجّع الغرب الإرهاب المدعوم من إيران من خلال تجاهله المتعمَّد للحقائق الموجودة على الأرض.
إن القضاء على المنظَّمات الإرهابية يتطلّب إيجاد تعريف متَّفَق عليه للإرهاب، على أن يكون هذا التعريف شاملًا جميع أنواع الإرهاب دون أي تمييز أو انتقائية. على الولايات المتحدة الأمريكية أن تحذو حَذْو دول الخليج العربي والدول العربية عمومًا في تعاملها مع الإرهاب، فهذه الدول متفانية في مكافحتها للإرهاب وإيجاد الحلول الساعية لمعالجة التطرف والطائفية في المنطقة أيًّا كان مصدرها.
ولطالما كانت هذه الدول بمثابة الشركاء الموثوق بهم في واشنطن في ما يخصّ الحرب ضدّ الإرهاب، ولكن من أجل تحقيق مزيد من التقدُّم، يحتاج الغرب إلى تَبَنِّي سياسات غير طائفية، وغير انتقائية، وأكثر ثباتًا تجاه مكافحة التهديدات الإرهابية. وبالإضافة إلى ذلك سيكون حلّ الأزمة السورية خطوة مُهِمَّة للقضاء على التطرُّف، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال إجراءات حاسمة تهدف إلى دفع جميع الأطراف غير الحكومية خارج البلاد.
وسيكون تعاون الإدارة الرئاسية الأمريكية القادمة مع الدول العربية عاملًا رئيسيًّا في حلّ أزمات الشرق الأوسط واستعادة الاستقرار في المنطقة. يجب على الرئيس المنتخَب ترامب توسيع التصنيف الأمريكي للإرهاب ليشمل جميع الفئات التي ترتكب أعمال العنف، بغَضّ النظر عن طائفتهم.
مادة مترجمة عن موقع “ذا هيل”
الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعكس بالضرورة رأي المركز