في خضم الاحتجاجات المناهضة للحكومة منذ شهور، صرحت إيران بأنها سوف تستهدف المسؤولين المدنيين والعسكريين الأمريكيين للانتقام لمقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني، الذي أستُهدف في غارة بطائرة أمريكية مسيرة بالقرب من مطار بغداد في 3 يناير من عام 2020م.
أكدت وزارةُ الخارجية الإيرانية عزمها على محاسبة أي دولةٍ أو فردٍ متورطٍ في مقتل سليماني، بما في ذلك المملكة المتحدة وألمانيا وإسرائيل، بينما دعا البعض في إيران إلى تدمير إسرائيل انتقامًا لمقتل سليماني.
نشرت إيران مؤخرًا صورًا لـ 51 أمريكيًا زعمت تورطهم في غارة الطائرات المسيرة التي استهدفت سُليماني، واشتملت الصور على عديد من المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين وكذلك جنودًا امريكيين. وصفت طهران بعض المطلوبين في القائمة بأنهم «قتلة مطلوبون»، وأشارت إلى تورط سفيرة للولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، ومؤسس بلاك ووتر إريك برنس، ومستشارة البيت الأبيض السابقة فيكتوريا كوتس، وغيرهم ممن تزعم إيران بتورطهم في مقتل سليماني.
خططت قوات الحشد الشعبي الموالية لإيران لتنظيم تظاهرات حاشدة في ذكرى مقتل سليماني في بغداد والبصرة وحتى في محافظة صلاح الدين ذات الغالبية السنية. وحسب ما أفادت به التقارير، أصدر «مجلس القضاء الأعلى في العراق» مذكرة توقيف بحق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لأنه أمر بقتل سليماني في الأراضي العراقية.
وتصر واشنطن على أن سليماني كان وراء مقتل العديد من الأمريكيين في العراق، أما إيران فتزعم بأن سليماني دحر تنظيم داعش الإرهابي في العراق. وفي الذكرى الثالثة لمقتل سليماني قال الرئيس الإيراني «المتشدد» إبراهيم رئيسي أن سليماني لم يَهزم «الهيمنة الأمريكية» في الشرق الأوسط فحسب، بل قضى أيضًا على داعش. وهدد خليفة سليماني إسماعيل قاآني الولايات المتحدة بشكل غير مباشر، بقوله إن الثأر لسليماني قد يكون على الأراضي الأمريكية.
هذا وصرح رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري أن الشباب المسلم لن يتخلوا عن الثأر لسليماني. وأضاف باقري أن ملف سليماني سوف يظل مفتوحًا إلى أن يعاقب من قتلوه، وأنه يحق لإيران ومليشيات الحشد الشعبي التابعة لها اتخاذ الإجراءات اللازمة بهذا الصدد. وقالت ابنة سليماني زينب سليماني أن الانتقام لوالدها لا يتمثل في الجانب العسكري فقط، بل يجب مواصلة درب والدها أيضًا.
ما زال من غير المعروف متى ستنتقم إيران لمقتل سليماني. تعهد قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي بأن إيران لن تستسلم أبدًا. وتصر إيران على أن الانتقام سيحدث عاجلاً أم آجلاً، ويبدو أيضًا أنها أكثر تصميمًا على تثبيط أمل الولايات المتحدة في دعم المتظاهرين الإيرانيين كي لا تسرع في عملية تغيير النظام في إيران.
سوف تعتمد الكثير من الأحداث أيضًا على مدى سرعة تدهور علاقات إيران مع الولايات المتحدة ومع القوى الغربية الأخرى. يدين الغرب حملات القمع الدامية التي تقوم بها إيران ضد الاحتجاجات، وتعبر تلك الدول أيضًا عن رغبتها في احتواء برنامج إيران النووي. وردًا على ذلك، تجمّع متظاهرون موالون للحكومة الإيرانية هذا العام أمام السفارات الغربية في طهران، بما في ذلك السفارات البريطانية والألمانية، وعلقوا لافتات كبيرة تتعهد بالانتقام لمقتل سليماني.
ويرى سلامي أن على الولايات المتحدة أن تعلم أن فكرة الانتقام متجذرة في الجيل الإيراني الجديد المستعدون لنيل الشهادة. وصرح قائد سلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني أمير علي حاجي زاده أن قوات الحشد الشعبي أصبحت أكثر قوة بكثير خلال السنوات الثلاث الماضية منذ مقتل سليماني، وسوف ترفع راية الانتقام عاليًا إلى أن تغادر جميع القوات الأمريكية من كامل الشرق الأوسط.
يثير هذا التحدي الإيراني القلق ويشير إلى استعداد إيران لرفع سقف تهديداتها ضد مصالح الولايات المتحدة وأمن المنطقة بإطلاق العنان لوكلائها في المنطقة ساعيةً بهذا لتحويل الانتباه عن الانتفاضة الوطنية الجارية داخل البلاد.