بعد عام كامل من التجاذبات بين الفُرقاء على منصبَي رئيسَي الدولة والحكومة، منح البرلمان العراقي في 27 أكتوبر 2022م الكابينة الوزارية الثقة بالأغلبية المطلقة، لمرشح تحالفات الإطار التنسيقي المدعومة من إيران لرئاسة الحكومة الجديدة، محمد شياع السوداني، وسط استمرارية الصراع الشيعي-الشيعي بين أكبر تحالفين شيعيّيْن: التيار الصدري والإطار التنسيقي، ووجود تركة ضخمة من التحديات تشكّل القدرة على المساهمة في معالجتها اختبارًا للحكومة الجديدة، لكونها تسببت في حرمان حيدر العبادي من الحصول على ولاية ثانية وحرمان عادل عبد المهدي من استكمال ولايته الأولى.
يطرح توقيت وبيئة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة بعض الأسئلة الهامة، حول حصص المكونات ومحسوبيات الوزراء الجدد، والمسار المرجح للحكومة الجديدة في ما يتعلق بمدى قدرتها على بسط سيادة الدولة والتحكم في الميليشيات، وملامح وطبيعة السياسة الخارجية، ودور حصص المكونات السياسية في الحقائب الوزارية في ملامح الممارسة السياسية للحكومة العراقية الجديدة.
أولًا: ولادة حكومة من رحم أزمة سياسية معقدة
يكشف المشهد الراهن أن الحكومة الجديدة لم تولد في ظروف طبيعية تمكّنها من إنجاز المهمّات ومجابهة التحديات خلال فترة حكمها المحدّدة بعام لحين إجراء انتخابات مبكرة نهاية عام 2023م، وذلك يشير إلى ما يلي:
- فقدان قاعدة الإجماع: مقارنةً بحكومة الكاظمي، تفتقد الحكومة الجديدة قاعدة الإجماع السياسي الضرورية لدوران سير عملها بامتناع الصدر صاحب القاعدة الجماهيرية العريضة والرقم الهامّ والمؤثر في المعادلة، وامتناع الحركات التشرينية عن المشاركة فيها، ما يجعلها تحت ضغط وتهديد مستمرَّين بإمكانية إسقاطها.
- تآكل القاعدة الشعبية: يدرك الإطار الداعم للحكومة الجديدة أنه يمرّ بمأزق شعبي وسياسي على خلاف من حكومة الكاظمي، إذ تعرضت تحالفاته الموالية لإيران لضربات شعبية مدوية بعدم التصويت لهم في الانتخابات، لا سيّما من المحافظات الجنوبية ذات الغالبية الشيعية، مع وجود قوة جماهيرية عريضة باتت رافضة لإيران وتحالفاتها.
- جمود الصراع الشيعي: يُعَدّ الإطار أحد أطراف الصراع الشيعي-الشيعي على القيادة الشيعية وسيادة الدولة وطبيعة نظامها السياسي وطبيعة حكومتها، ولم يحسم الصراع بعد، وبالتبعية بات الإطار أحد طرفي تجاذب العراق، ويتمسك بمسار اللادولة باستمرارية السلاح المنفلت وتحكمه في القرار العراقي مع تبعية العراق ضمن الدائرة الإيرانية، مقابل تمسك التيار بمسار الدولة وبسط السيادة وتحقيق التوازن في العلاقات الخارجية.
وقد أظهرت التعيينات الجديدة للوزراء حصول الإطار التنسيقي على الكتلة النيابية الأكثر عددًا المحدّدة دستوريًّا بـ165 من 329 إجمالي عدد مقاعد البرلمان، بموجب تبدل المواقع بعد انسحاب نواب الصدر من البرلمان، وعددهم 73 نائبًا، في يونيو 2022م، ولم يكن فوز السوداني بموجب تصويت في الانتخابات أو بالقدرة على تكوين الكتلة النيابية الأكثر عددًا ضمن إطار تنافسي مع التيار الصدري، ما يجعل حكومة السوداني واقفة على أرض رخوة خلال مدة حكمها القادمة المحدّدة بعام واحد.
ثانيًا: حصص التحالفات والمكونات في الحكومة الجديدة
حسب المصادر حول التعيينات الجديدة للوزراء، يمكن تحديد حصص التحالفات الشيعية والسنّية والكردية ومحسوبيات الوزراء الجدد في الحكومة الجديدة وفق المدرج في الجدول التالي رقم (1):
جدول (1): حصص التحالفات والمكونات في الحكومة العراقية الجديدة
ثالثًا: قراءة في تشكيلة الحكومة الجديدة
1. غلبة النهج التوافقي في تشكيل الحكومة:
على خلاف حكومة الأغلبية الوطنية التي نادى بها الصدر، إذ برحيله عن المشهد تمكَّن الإطار من دعم استمرارية الصيغة التوافقية المتبعة في تشكيل الحكومات المتعاقبة، وتوزعت الحقائب (11 حقيبة وزارية للشيعة مع منصب رئاسة الحكومة، و6 حقائب للسنّة، و5 حقائب للكرد، بينها 2 قيد التفاوض، وواحدة للمسيحيين)، ما ينذر بديمومة الأزمات العراقية على خلفية إخفاق الحكومات التوافقية السابقة في معالجتها لكونها تغلب الأجندة الطائفية على الوطنية، بالإضافة إلى أن:
- المعيار الرئيسي في اختيار الوزراء يعتمد على الشخصيات المقربة من زعامات التحالفات، التي يكون هدفها تنفيذ أجندات الزعامات ونيل رضاها طمعًا في السلطة.
- الإطار التنسيقي أصبح صاحب الكتلة النيابية الأكثر عددًا، ما يشير إلى استمرار سياسة الإقصاء والتهميش لضمان سيطرتها على القرارات الجوهرية.
- باحتدام الصراع الشيعي تتفاقم الأزمات السياسية والأوضاع الاقتصادية المزرية، وهو ما نراه اليوم، ومن المتوقع استمرار تصاعد أزمات الكهرباء والمياه والبطالة إلى أسوأ معدلاتها رغم الموارد النفطية الهائلة بالعراق.
- تفشي الفساد أصبح سمة رئيسية من سمات الحكم، لأن الاعتماد في اختيار الوزراء لا يكون على أساس وطني، بل مذهبي، وبالتالي الأولوية للطائفة أو المذهب، لا الدولة الأم.
2. سيطرة المالكي-العامري في الحكومة:
يكشف الجدول عن تغوُّل أقرب التحالفات الموالية لإيران، دولة القانون والفتح، في الحكومة الجديدة بسيطرتهم على غالبية الحقائب الـ12 المخصصة للمكون الشيعي، بل وسيطرتهم على حقائب مهمة ومؤثرة في الداخل العراقي مثل النفط (موارد مالية، لا سيّما في ظل زيادة العراق الإنتاج النفطي وزيادة الطلب العالمي في ظل الحرب الروسية-الأوكرانية)، ووزارة التعليم العالي (مهمة في تشكيل الفكر الشبابي)، والزراعة (الأمن الغذائي)، والعمل (التوظيف)، والداخلية (السيطرة على الحدود بما يسهل مهامّ الميليشيات على الحدود)، ولذلك هناك من يصفها بحكومة المالكي الثالثة، وبداية مرحلة جديدة من الإقصاء.
سيطرة دولة القانون والفتح على التشكيلة الجديدة تهدد مشروع السوداني لمكافحة الفساد، وبالتالي ديمومة أسباب اندلاع الاحتجاجات الحاشدة، لا سيّما بعد الحديث عن تورط مسؤولين بارزين بما وُصف بـ«سرقة القرن» لمبلغ يقدَّر بـ2.5 مليار دولار، ما جعل بعض المتابعين يتحدثون عن مرحلة فساد وقمع وإقصاء جديدة، خصوصًا بعد ما تخللته جلسة التصويت على الحكومة من اشتباكات بالأيدي بين النواب حول المحاصصة التي ثبت فشلها في معالجة الأزمات العراقية خلال التجارب السابقة.
3. غياب حلفاء المالكي عن الحكومة الجديدة:
بخلاف مشاركة الجميع في حكومة الكاظمي، بما فيهم تيار الحكمة وقوى الدولة الوطنية المنتمين إلى الإطار مع مستقلّين غير محسوبين على التحالفات الموالية لإيران كما هي الحال في حكومة الكاظمي (انظر الجدول رقم 1)، تغيَّب عن حكومة السوادني، ليس فقط التيار الصدري والحركات الناشئة مثل إشراقة وامتداد والجيل، وإنما أقرب حلفاء المالكي في الإطار مثل تيار الحكمة وقوى الدولة الوطنية، ولم يحصلوا على حقائب وزارية، وبالتالي يتساءل البعض: هل يعني ذلك إدراكهم لخطورة المرحلة المقبلة وعدم رغبتهم في تحمّل المسؤولية عن أي إخفاقات محتملة؟ أم لإدراكهم صعوبة استكمال الحكومة مدتها القصيرة المحدّدة بعام فقط؟ أم لطبيعة التباين بين قوى الإطار تجاه القضايا المطروحة؟
4. خطوة جديدة ضمن مخطط إدماج الميليشيات في الحكم:
في خطوة تُعَدّ الثانية من نوعها ضمن مخطط إدماج التشيع في مؤسسات الحكم بعد الخطوة الأولى المتعلقة بإدماج ميليشيات الحشد الشعبي في الجيش العراقي، والأولى من نوعها بالنسبة إلى الحكومة، تمكّنت الميليشيات المسلحة الموالية لإيران، في مؤشر مهمّ للغاية على توجهات حكومة السوداني، من الحصول على حقيبتين وزاريتين في الحكومة: التعليم العالي (ميليشيا عصائب أهل الحق) والعمل (كتائب جند الإمام)، وهما من أكبر وأقوى الميليشيات المسلحة، ومرحلة إدماج التشيع تلي مرحلة عسكرة التشيع في دورة التمدّد الشيعي، لتتحول الميليشيات إلى شريك مباشر في الحكم على غرار مشاركة حزب الله في الحكم اللبناني، ما يضفي مظلة قانونية وغطاءً رسميًّا على مغامرات الميليشيات ويرفع تكلفة مواجهة الخطر الإيراني في هذه المرحلة.
جدول (2): أوجه المقارنة بين حكومتي السوداني والكاظمي
حكومة السوداني | حكومة الكاظمي | |
رئيس الحكومة | تيار الفراتين-ضمن قوى الإطار التنسيقي | مستقل |
حصص المكون الشيعي | هيمن تحالفا دولة القانون والفتح المقربان من إيران في الإطار التنسيقي على حصص المكون الشيعي الـ12، وبالتالي لم يحصد كل من تيار الحكمة وقوى الدولة الوطنية الحلفاء للمالكي ضمن الإطار على حقائب وزارية، مع غياب التيار عن الحكومة الجديدة. | توزعت حصص المكون الشيعي على كل تحالفات المكون الشيعي، بما فيها التحالفات التي تغيبت عن المشاركة في حكومة السوداني، مثل تيار الحكمة وقوى الدولة الوطنية التابعين للإطار مع تمثيل التيار الصدري، الأقوى بين التحالفات الشيعية، الذي كان ممثلًا في تحالف سائرون. |
حقائب التحالفات | سيطرة دولة القانون على حقيبة النفط الهامة في ظل الظروف الاقتصادية المزرية داخليًّا وخارجيًّا، مع سيطرته على حقائب الصحة والشباب والزراعة- كانت لمستقلين في حكومة الكاظمي. | وزارة النفط كانت من نصيب تيار الحكمة مع وزارة العمل التي سيطر عليها تحالف الفتح في حكومة السوداني. |
حصص الميليشيات | في سابقة هي الأولى من نوعها، احتوت حكومة السوداني على وزراء ميليشياويين: العمل والتعليم العالي. | خلت من الوزراء الميليشياويين. |
رابعًا: أولويات واتجاهات الحكومة الجديدة
توجد عوامل رئيسية لتحديد خريطة أولويات واتجاهات الحكومات الجديدة لدى الدول التي تأخذ بالنهج التوافقي، من بينها: المنظومة الفكرية للتيار الداعم لرئيس الحكومة، وآلية التشكيل الوزاري، ومضامين المنهاج الوزاري، وحصص التحالفات في التشكيل الوزاري، وتوجهات رئيس الحكومة، وتصريحات وقرارات ولقاءات رئيس الحكومة الجديدة.
بالنسبة إلى المنظومة الفكرية للتيار الداعم للإطار التنسيقي، تتبنى تحالفات الإطار الموالية لإيران، دولة القانون والفتح بالتحديد، خطابًا سياسيًّا داعمًا للمنظومة الفكرية للولي الفقيه في إيران، بل وللمشروع الإيراني التمدّدي في ساحات النفوذ، ومن ثمّ فهو خطاب تختفي من مضامينه مفاهيم السيادة والاستقلال والتوازن الخارجي للعراق، كما اعتمد الإطار على النهج التوافقي في تشكيل الحكومة بما يخدم إعادة تعزيز مكانته وثقله في المعادلة العراقية، لا سيّما بعد تراكم التحديات ضد النفوذ الإيراني في الساحة العراقية.
وبالنسبة إلى التوجهات الداخلية، تضمّنت مسائل تتعارض ومصالح الميليشيات، بنصها على بندين هامين: محاربة الفساد، وإتاحة جميع الموارد الممكنة لتطوير وتمكين الجيش والشرطة باعتبارهما ضمانتَي السلْم الأهلي والأمن القومي وإنفاذ القانون. ويحرم هذان البندان الميليشيات نظريًّا من الحصول على العوائد المالية التي تجنيها بطرق غير قانونية، كما تسلبها الأدوار المسندة مقابل تقوية الجيش والشرطة، لكن عدم النص على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة أو حل الميليشيات يجعل هذين البندين مجرد نصوص نظرية غير واقعية.
وعلى الصعيد الخارجي، شدد الإعلان السياسي على تعزيز العلاقات مع الدول على أُسُس الاحترام المتبادَل والمصالح المشتركة وعدم الدخول في سياسة المحاور وتعزيز العلاقات مع دول الجوار ودول الخليج والدول العربية، مع عدم السماح بأن يكون العراق ممرًّا أو مقرًّا للاعتداء على الدول، وذلك في رسائل طمأنة للدول التي تخشى من توجهات الحكومة الجديدة، ولذلك كان اللقاء الأول للسوداني مع السفير السعودي في العراق.
أما بالنسبة إلى السوداني فهو مرشح تحالفات الإطار الموالية لإيران، وينتمي إلى الطبقة السياسية الشيعية التقليدية بانتمائه إلى حزب الدعوة في السابق ثم بقربه من المالكي بعمله وزيرًا لحقوق الإنسان ومحافظًا لميسان خلال حكمه، وبانتخابه نائبًا عن دولة القانون في دورات برلمانية سابقة، ولذلك يرجح عديد من المحللين العراقيين أن الاختيار وقع على السوداني بحكم قربه من المالكي حتى يتمكن الإطار من إدارة المشهد العراقي كما يريد، لكن الواقع العراقي والولادة المتعسرة لحكومة السوداني والأزمات المستعصية على الحل وقوة الشارع لن تخدم الإطار في هذا السياق.
أما بالنسبة إلى قراراته التي اتخذها بعد تولّيه مهامّ الحكم، فوصفها بعض المحللين بمثابة انقلاب سياسي وإداري بامتياز على مسار الدولة ضمن تصفية الحسابات مع الخصوم ممن يناصرون أو ينتمون أو يدعمون هذا المسار المضادّ لمسار اللادولة، وإن كانت القرارات قانونية، بذريعة أنها صدرت عن حكومة تصريف الأعمال، لكونها تضمنت إلغاء جميع القرارات الصادرة عن حكومة الكاظمي خلال الفترة الممتدة منذ انتخابات أكتوبر 2022م، وإعفاء نحو 169 مسؤولًا أمنيًّا وعسكريًّا وسياسيًّا كانوا ضمن حكومة الكاظمي، وجزء كبير منهم محسوب على التيار الصدري، وسبق هذه القرارات تشكيل الكتلة النيابية الأكثر عددًا التابعة للإطار لجنة بالبرلمان بهدف مراجعة جميع القرارات التي اتخذتها حكومة الكاظمي خلال الفترة ذاتها، ويتوقع بعض المتابعين أن تتوسع مسألة تصفية الحسابات إلى محطة ثانية، بحيث تشمل إحالة بعض من رموز المرحلة السابقة الداعمة لمسار الدولة إلى القضاء بتهم مختلفة.
خامسًا: النهج المحتمل للحكومة الجديدة داخليًّا وخارجيًّا
على ضوء العوامل السابقة يمكن القول إنّ حكومة السوداني، نظريًّا، أقرب لاستمرارية مسار اللادولة، لكن عمليًّا يرجَّح اعتمادها على نهج التوازن قدر الإمكان خلال مدتها المحدّدة بعام، ليس إيمانًا منها بذلك، بل خشية سقوطها بالنظر إلى العوامل والتحديات التالية:
- تحدي عدم حسم الصراع بين قوى اليمين الشيعي وقوى الوسط الشيعي، ومخاوف السوداني على مستقبل حكومته حال نزول التيار الصدري إلى الشارع، لا سيّما في ظل امتلاكه قوة جماهيرية عريضة تشكل سيفًا مسلطًا على حكومته، وبالتالي باتت كيفية إقناع الصدر بعدم السعي مستقبلًا لإسقاطها من خلال قدرته على تحريك الشارع أهمّ تحدٍّ أمام السوداني، ومن ثمّ فإنّ سياسات وتوجهات حكومة السوداني ستحدّد كيفية تعامل التيار معها مستقبلًا.
- التباينات داخل تحالفات الإطار تجاه السلطة والنفوذ والمسافة من الصدر، كما يُعَدّ الإطار تكتلًا متعدّد الرؤوس والزعامات، ولذلك يكون من بين التحديات الصعبة كيفية مواجهتهم بضرورة تغيير طرائق تفكيرهم القائمة على أن مهمة رئيس الحكومة في الحكومة التوافقية تمرير صفقاتهم.
- مدة الحكومة القصيرة وغير الكافية لإنجاز الوعود بمعالجة التحديات المستعصية مثل الكهرباء والمياه والبطالة والفساد والاعتداءات الإيرانية والتركية المتكررة على الشمال العراقي، وبالتالي لم يكن لدى حكومة السوداني التوافقية رفاهية للمناورة والقدرة على تمرير المخططات المذهبية بشكل كبير.
- اللقاء الأول مع السوداني كان من نصيب السفير السعودي بالعراق، في رسالة طمأنة بأن الحكومة لن تمضي بعيدًا عن المحيط العربي والخليجي، ولذلك هنأت الدول الخليجية السوداني، وأعربت عن آمالها أن تتبنى حكومته مبدأ التوازن في العلاقات الخارجية.
خاتمة:
على ضوء المعطيات السابقة يمكن القول إنّ المسافة أو الفجوة بين الوعود المقطوعة من السوداني لمعالجة الأزمات من ناحية، والقدرة على تحقيقها من ناحية ثانية، كبيرة للغاية، ولا يكفي عام أو عامان أو ثلاثة لإنهائها، لا سيّما في ظل الحقائق السلبية الراسخة في عراق ما بعد 2003م، دولة ظلت تهيمن على قرارها تحالفات وأذرع سياسية وعسكرية حولتها إلى إقطاعيات حزبية ومصلحية، تسودها شبكة علاقات انتقائية ومصلحية بشكل معقّد لتعزيز قوة وثقل هذه الأذرع وداعميها على حساب مصالح الدولة والمجتمع العراقي ذاته، وبالتالي لن يتمكن السوداني، خلال فترته القصيرة، من تغيير الحقائق السلبية الراسخة أو تحقيق اختراق يفضي إلى تخفيف حالة السخط الشعبي، لسبب بسيط للغاية، هو أن الكتلة النيابية الأكثر عددًا الداعمة له هي الصانع الرئيسي لهذه الحقائق منذ عام 2003م، بل والمستفيد الأول والدائم منها ضمن مخطط إيراني واضح لضمان السيطرة على الساحة العراقية.
1 هُم كرد شيعة يقطنون مناطق شرق العراق خارج نطاق حدود إقليم كردستان، وهُم أقلية مقارنة بغالبية الكرد الذين ينتمون إلى الطائفة السنّية.
2 هي قوى شيعية أكثر انفتاحًا ومرونة تجاه قضايا الهوية والدولة والمجتمع، ولا تُعلي هوية مجموعة -أيًّا كان حجمها- على غيرها، ولا تقوم على اشتراطات عقائدية مسبقة كما هي الحال بالنسبة إلى قوى اليمين الشيعي الموالية لولاية الفقيه. ومن بين قوى الوسط الشيعي التيارات الصدرية والتشرينية وعديد من الحركات السياسية المدنية المستقلة.