لم يغض البنتاغون النظر عن الخيار العسكري في التعامل مع إيران، ويرى المحللون الأمريكيون أن أمريكا تركز بشكل رئيسي على طائرة “إف ٢٢” التي تنتمي إلى مقاتلات الجيل الخامس الأمريكية في حال الهجوم العسكري على إيران بهدف كسب التفوق في المجال الجوي الإيراني منذ الدقائق الأولى للحرب. كما أن الأمريكيين يستخدمون أسلحة ومعدات عسكرية أخرى بهدف تحقيق التفوق في المواجهة العسكرية مع إيران، وكتبت مجلة Warrior أن أمريكا ستستخدم أحدث أنواع الأسلحة في حال مواجهة عسكرية مع إيران، مما يحقق لها تفوقا في المجال الجوي الإيراني منذ الدقائق الأولى للحرب.
وتنظر أمريكا للنظام في إيران على أنه عدو، وكانت ترى بأن إيران تشكل مصدر تهديد للصادرات النفطية إلى العالم إبّان الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي حين نشبت “حرب ناقلات النفط” بين الدولتين فضلاً عن التهديدات الكلامية، وتعرضت ٧١ سفينة تجارية خلال ١٩٨٤ فقط إلى هجوم، وهو عدد كبير مقارنة مع السفن التي تعرضت للهجوم خلال السنوات الثلاثة الأولى في الحرب، وعددها ٤٨ سفينة، وهذا الأمر أدى إلى استياء الغرب وحلفاء أمريكا في الشرق الأوسط.
وبدأت البحرية الأمريكية بمرافقة ناقلات النفط والسفن التجارية لدى مرورها من الخليج العربي مما أدى في أحيان كثيرة إلى وقوع مواجهات مسلحة بين البحرية الأمريكية والسفن الحربية التابعة للقوات البحرية الإيرانية.
كانت إيران منذ “حرب ناقلات النفط” تسعى إلى تطوير قدراتها العسكرية غير المتكافئة، لكي تقلص من حجم التفوق العسكري الأمريكي الذي لا يمكن مجاراته في مجال أنواع الأسلحة التقليدية والمعدات العسكرية، ومع ذلك فإن الصناعة الدفاعية الإيرانية لم تتمكن في كثير من الأحيان من الردّ بشكل مؤثّر على القدرات العسكرية الأمريكية، ويرى المحللون العسكريون الأمريكيون الذين تستند إليهم Warrior بأنه يمكن الإشارة إلى ٥ أنواع رئيسية من المعدات العسكرية التي يمكنها تدمير إيران بسهولة.
مقاتلات “إف-٢٢ رابتور”
منذ أن أطلقت المقاتلات الإيرانية النيران صوب الطائرات بدون طيار الأمريكية وهي تقوم بعملية استطلاع فوق سماء إيران في عام 2013، قررت واشنطن أن تسند إلى مقاتلات “إف ٢٢ رابتور” مهمة دعم وإسناد الطائرات بدون طيار، وكان وراء هذا القرار أسباب حقيقية.
لا تجاري مقاتلات “إف ٤ فانتوم” الإيرانية مطلقا الجيل الخامس من المقاتلات الأمريكية من حيث الميزات التكتيكية والفنية، وفي الحقيقة طيارو مقاتلات “إف ٢٢” بلعبة القط والفأر مع نظرائهم الإيرانيين، فكثيراً ما كان يقترب طيارو “أف 22” إلى مسافة قريبة جداً من طائرات “أف4” دون أن ينتبه الطيارون الإيرانيون، ومن ثمّ كانوا يخاطبون الإيرانيين من خلال أمواج الراديو ويطلبون منهم “العودة إلى المنزل”.
حسب ما يراه المحللون الأمريكيون، لا تمتلك القوات المسلحة الإيرانية أي سلاح مؤثّر من شأنه مواجهة مقاتلات “إف 22 رابتور”، ففضلاً عن تفوق هذا النوع من الطائرات في الأجواء، يمكن استخدامها كذلك في الحرب الالكترونية والعمليات الاستطلاعية، وكذلك الدعم الجوي المباشر للقوات البرية، وتؤكد مجلة Warrior على أنه لا عجب في أن تعزز أمريكا من عدد طائرات “إف 22 رابتور” في منطقة الخليج العربي بالنظر إلى سوء العلاقات المتزايد بينها وبين إيران.
طائرات “ب ٢ سبيريت”
ما من تهديد يدعو أمريكا للقلق مثل البرنامج النووي الإيراني، ولذلك لا يستبعد الرؤساء الأمريكيين لدى مناقشة الملف النووي الإيراني اللجوء إلى كافة الخيارات، ومنها الخيار العسكري في التعامل مع الملف النووي، وإذا أرادت الولايات المتحدة تدمير إيران من خلال ضربة عسكرية، فستلعب “قاذفات ب ٢ سبيريت” الاستراتيجية التي تستخدم تقنية “التخفي” دورا هاما في هذه الحرب.
يلعب العامل الجغرافي دورا هاما في الدفاع عن إيران أمام التدخّل العسكري من الخارج، فمساحة إيران تعادل ثلاثة أضعاف مساحة العراق، وتساوي مساحتها إجمالي مساحة أوروبا الغربية، وقد بُنيَت أغلب المنشآت النووية الرئيسية وعدد من المنشآت العسكرية الحيوية في عمق الأراضي الإيرانية، كما يقع أكثرها بالقرب من المدن الكبرى، مثل موقع تخصيب اليورانيوم الذي يقع بالقرب من مدينة قم، وهي مركز إداري وسياسي وديني مهم في البلاد.
وتمثل قاذفات “ب ٢ سبيريت” المفتاح الرئيسي لتدمير البرنامج النووي الإيراني في حال توجيه ضربة عسكرية، وتقول شركة Northrop Grumman، وهي الشركة المنتجة لهذه الطائرة، إن قاذفات “ب ٢ سبيريت” تمثل القطاع الرئيسي للترسانة الوطنية الأمريكية في تنفيذ الهجمات ذات النطاق الواسع، وأنّها إحدى أقوى الطائرات في العالم وأكثرها دواماً.”
وتحتوي هذه الطائرة على نظام يتعرف على الرادار ويكشف وجود الرادار ويخترقه، وهي قادرة على قطع مسافات طويلة دون الحاجة للتزوّد بالوقود في السماء، كما أنها قادرة على حمل كميات كبيرة من القنابل ومنها القنابل عالية الدقّة، كما أنها قادرة على تدمير المنشآت النووية الإيرانية بأقل عدد من الطلعات الجوية، وتؤكد شركة Northrop Grumman أن بإمكان الطائرة الواحدة من مقاتلات “ب ٢ سبيريت” حمل أكثر من ٢٠ طنا من القنابل النووية والتقليدية وتصويبها للأهداف في الظروف المناخية المختلفة.
قنبلة العتاد الخارق GBU-57 Massive Ordnance Penetrator :(MOP)
هذه القنبلة القوية من إنتاج شركة بوينغ الأمريكية لصناعة الطائرات، وهي قادرة على تدمير الأهداف المحصنة ومقار القيادات ومراكز الاتصالات والمؤسسات الصناعية المحصنة والإسمنتية المبنية تحت الأرض، وهي قادرة على خرق ٦١ مترا من التحصينات تحت الأرض وتفجير جدار إسمنتي يبلغ سمكه ١٩ مترا.
وقد أُعلن في نوفمبر ٢٠١١ أن القوات الجوية الأمريكية تسلّمت أول شحنة من هذه القنابل من إجمالي ٢٠ شحنة أُصدرت الأوامر لصناعتها، وجرى في يناير ٢٠١٣ تطوير نظام القنبلة بنجاح وذلك بكلفة بنحو ٤٠٠ مليون دولار.
تزن هذه القنبلة نحو ١٣٦٠٠ كغ، فيما يكبر حجمها حجم كبرى التجهيزات العسكرية الخاصة بتدمير الأهداف المحصنة في الترسانة الأمريكية أو الإسرائيلية بستّ مرات، وتحمل هذه القنبلة ٥٣٠٠ رطلا من المتفجرات وتتجاوز قدرتها التدميرية ضعفي القوة التدميرية لسابقتها وهي القنبلة بلو-١٩٠، مما يعطي القنبلة الجديدة ميزة تتمثّل في قدرتها على تدمير الأهداف المحصنة في أعماق الأرض والتي يصعب الوصول إليها.
قاذفات “ب ٢ سبيريت” الاستراتيجية هي الطائرة الوحيدة في القوات الجوية الأمريكية القادرة على إيصال (MOP) إلى أهدافها، ويعتبر الأمريكيون هذه القنبلة أهم سلاح يمكنه تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ومن بينها منشأة فردو لتخصيب اليورانيوم، الذي يقع على عمق ٨٠-٩٠ مترا تحت الأرض بالمقربة من مدينة قم الواقعة على بعد ١٥٠ كيلومتر جنوب طهران.
ناقلة الجنود المدرعة البرمائية الجديدة ACV 1.1
تشكل إيران مصدر تهديد لأمريكا ليس فقط بسبب السلاح النووي بل بسبب قدرتها الرادعة ومنع العدو من الاستقرار والتنقل من خلال أسلحتها التقليدية، وتعتمد إيران بهذا الشأن على الصواريخ المضادة للسفن، وكما هي حال الصين، فإن هذا النوع من السّلاح يلعب دورا هاما للغاية في استراتيجية الردع الإيرانية، ولكن إيران تمتلك ترسانة أصغر بكثير من تلك التي تمتلكها الصين، على غرار الصواريخ الموجهة متوسطة المدى ذات الدقة العالية، وهي لا تستطيع إصابة الأهداف بعيدة المدى.
لذا يجب على إيران الاعتماد على موقعها الجغرافي لردع أمريكا في الخليج العربي، ولكن إيران لديها أطول شريط ساحلي في الخليج العربي بطول يصل إلى نحو ٢٤٠٠ كم (فضلاً عن ٤٨٠ كيلومتر على ساحل بحر عمان)، كما أن الخبراء الأمريكيين يقولون بأن الخلجان الصغيرة والمضائق والجزر في المنطقة توفر بيئة ملائمة للبحرية الأمريكية للقيام بإنزال قواتها.
إذا قامت إيران بإغلاق مضيق هرمز فستضطر أمريكا للسيطرة على جزء من المناطق الساحلية الإيرانية مثل جزر أبو موسى وطنب الصغرى وطنب الكبرى في الخليج العربي، ويرى الأمريكيون بأن ناقلات الجنود المدرعة البرمائية الجديدة ACV 1.1 — Amphibious Combat Vehicle الأكثر ملائمة لتنفيذ هذه المهمة، فهذه الناقلات المدولبة يمكن إلقاءها من السّفن إلى البحر لإنزال القوات، وبإمكانها أن تعود إلى السّفن بعد إكمال مهمتها.
تقوم ناقلات الجنود المدرعة البرمائية الجديدة من طراز ACV 1.1 بمهامها بنجاح وبشكل أقوى سواء في الماء أو على الأرض، مقارنة بغيرها من الناقلات البرمائية، وتحتوي أرضيتها على ١٣ كرسي مضاد للألغام من أجل جنود البحرية الأمريكيين، كما بإمكانها أن تتسع ل٣ جنود آخرين وتحميهم من الانفجار، وهي مضادة للعيارات النارية المباشرة وغير المباشرة، والألغام البحرية والقنابل يدوية الصّنع، وتبلغ قوة محركها ٧٠٠ حصان، مما يفوق قوة كل ناقلات الجنود التي تستخدم حاليا في القوات البحرية الأمريكية، ويرى الخبراء الأمريكيون أن ناقلة الجنود المدرعة الجديدة ستساعد في تدمير إيران.
أنظمة الليزر
في الوقت الرّاهن تدخل أنظمة الليزر بسرعة إلى الترسانة العسكرية، وقد “فاقت اختبارات أسلحة الليزر التي تستخدمها قوات البحرية الأمريكية التوقعات ونجحت هذه الأسلحة في الكشف وإصابة الأهداف المحصنة بسرعة ونجاح.”
ويرى المحللون الأمريكيون أن هذه الأسلحة لا تمثل خبرا سارا لإيران واستراتيجيتها الرادعة، وفي المقابل تستطيع إيران في حال حصول مواجهة مع القوات البحرية الأمريكية في الخليج العربي أن تستخدم عددا كبيرا من الزوارق والسفن الحربية الصغيرة والسريعة لتدمير السفن الأمريكية، كما أن إيران أنفقت مبالغ هائلة في تطوير طائراتها بدون طيار، والتي تريد طهران من خلالها مهاجمة الطرادات والبوارج الحربية الأمريكية على نطاق واسع.
وتسعى إيران إلى استخدام كميات كبيرة للغاية من الزوارق والطائرات بدون طيار الرخيصة نسبيا لمواجهة التجهيزات العسكرية باهظة الثمن والمتطورة الأمريكية، وبالتالي التغلب على الجيش الأمريكي.
ويرى الخبراء الأمريكيون أن الولايات المتحدة بحاجة إلى معدات عسكرية مختلفة للغاية لمواجهة هذا الكم الكبير من الطائرات بدون طيار والزوارق السريعة الإيرانية، حيث أن الصواريخ الموجهة وبقية الأسلحة المتطورة وباهظة الثمن لن تتمكن من فعل أي شيء، كما أن استخدام هذه التجهيزات العسكرية تكلف الكثير، ولذلك يعتمد الأمريكيون على أجهزة الليزر العسكرية وهي أسلحة فاعلة وغير مكلفة، ولا يتجاوز ثمن الإطلاقة الواحدة من أجهزة الليزر دولارا واحدا، وبإمكان هذه الأسلحة إطلاق النيران مهما لزم الأمر، ويرى الأمريكيون أن الإمكانات الإيرانية ستصل مستوى الصفر في حال استخدمت الولايات المتحدة أسلحة الليزر، وقد صرّح الأميرال ماثيو كلندر بأنّ استخدام تقنية الليزر الرخيصة سيؤدي إلى تغييرات أساسية في أساليب العمليات الحربية في مواجهة عدو مثل إيران.
وبالتالي ليس من المستغرب قيام القوات البحرية الأمريكية مؤخرا باختبار نظام الليزر العسكري على متن مدمرة “بونس” في الخليج العربي، حيث قامت هذه المدمرة بإجراء تجربة ناجحة لتدمير أهداف العدو الافتراضي باستخدام أجهزة الليزر، وعلى الرغم من وجود بعض القيود على استخدام أجهزة الليزر لأغراض عسكرية ومنها عدم إمكانية استخدامها في الظروف المناخية السيئة، إلا أن البحرية الأمريكية ستجد حلا لهذه المشكلة في المستقبل القريب.
مادة مترجمة عن موقع وكالة “سبوتنيك”
الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعكس بالضرورة رأي المركز