تصدر محمود سيف المدير التنفيذي السابق لشركة “تجارة الماس موبين” يوم الاثنين الماضي بيان وزارة الخزانة الأمريكيَّة المتضمن فرض عقوباتٍ جديدة على أفراد وشركات إيرانيَّة، وتهمة هذا المدير التنفيذي السابق تتمثل في توفير كامل المعدات اللازمة لتزوير العملات من أوربا وعبر شركة “پردازش تصویر رایان”.
وما يجب معرفته هو أن شركة “تجارة الماس موبين” أقامت شراكة هامة مع شركة “پردازش تصویر رایان” لتكوين شبكة تابعة لفيلق القدس المتهَم بدعم الحوثيين، وتهدف هذه الشبكة إلى تزوير عملات يمنية. ما يجب معرفته أيضًا أن شركة “پردازش تصویر رایان” عملت خلال السنوات الأخيرة في القطاعات المختلفة، فأطلقت عام 2013 خطّ إنتاج لبطاقات الاتصال والكروت الذكية، وانتشر هذا الخبر في وسائل الإعلام تحت عنوان “افتتاح أول خطّ إنتاج خطوط اتصال في الدولة”، وتَضمَّن الخبر في وسائل الإعلان أيضًا أن هذه الشركة لديها القدرة على طباعة فواتير الهاتف والأوراق البنكية، واستخدام تقنية الهولوغرام.
الشخص الآخر الذي أُضيفَ اسمه في قائمة العقوبات هو رضا حيدري، الذي قُدّم بوصفه مديرًا تنفيذيًّا لشركة “پردازش تصویر رایان”، وقبل ذلك كان محمود سيف مديرًا لهذه الشركة، وحيدري -لمن لا يعرفه- كان قبل ذلك المدير التنفيذي لشركة “رسام نگار جاوید”، التي استوردت من ألمانيا عام 2011 مُعَدَّات لإنتاج الكروت الذكية، لكن بعيدًا عن التفاصيل الأخرى يجب أن نعرف أن هذه ليست المرة الأولى الذي يرتبط فيها اسم محمود سيف بمثل هذه الملفات، فقد أُلقِيَ القبض عليه في 2004 في النمسا، إذ كان سيف وزوجته السابقة شهرزاد ميرقلي خان، يسعيان وراء شراء 3500 كاميرا للرؤية العسكرية في الليل، وهي من السلع التي تشملها العقوبات الأمريكيَّة ضدّ إيران، ليعتقلهم الضباط الأمريكيّون في فندق في فيينا، وبعد 28 يومًا في سجون النمسا أُفرِجَ عنهما بكفالة، دون أن نعرف من تَدخَّل للإفراج عنهما.
بعض وسائل الإعلام المعارضة في إيران أعلن في 2011 إلقاء القبض على شبكة تزوير عملات في أوروبا الشرقية كان محمود سيف وأخوه حميد من أفرادها، هذه الشبكة مُتَّهَمة أيضًا بتهريب المخدرات لتوفير السيولة الماليَّة لفيلق القدس التابع للحرس الثوري، لكن ما يثير الانتباه بشأن ملف محمود سيف أن له اسمًا آخر، إذ أعلن الناشط الأمني والإعلامي رضا غلبور المعتقل حاليًّا بتهمة التجسُّس لصالح إسرائيل، في يوليو 2016 في تقريرٍ نشرهُ في موقع “عماريون”، عن الصلة المنطقية لمحسن سجادي نيا مع محمود سيف، مشيرًا في التقرير إلى شركات مثل “رسا تجارت مبين” وشركات أخرى لا يمكن حصرها، وجميعها تحت سيطرة “مؤسَّسة تعاون الحرس”.
ما يسترعي الانتباه هنا هو وجود مباشر أو غير مباشر لاسم محسن سجادي نيا، دون ملاحظة اسم محمود سيف، والواقع أن محمود سيف هو الاسم المستعار لمحسن سجادي نيا. إن محسن سجادي برفقة مسعود مهردادي كانا ينفّذان أعمالهما خلال السنوات الأخيرة في إطار مجموعة ياس القابضة، وحتى عام 2011 كان محسن سجادي نيا يعمل في إطار شركة المجموعة الدولية لتوسعة التجارة، وفي 2012 سُجّلَت أسهم شركة “تجارت الماس موبين” برقم 396942، وكان يديرها بالتزامن مع شركة «نوین تجارت مبین آرکا»، معلنًا في حوار إعلامي له أن مجموعة “تجارت الماس موبين” البالغ استثمارها 150 مليار تومان، تابعة في الأصل لهيئة تعاون الحرس، ومجموعة “ياس” القابضة والاقتصادية تابعة أيضًا لهيئة تعاون الحرس.
لقد تَحوّل موضوع أنشطة هذه الشركة بشكل جِدّي منذ مايو 2017، إذ أعلن موقع “آمد نيوز” إلقاء القبض على مسعود مهردادي ومحسن سجادي نيا بسبب مخالفات اقتصادية، وفي سبتمبر 2017 أكَّد البرلماني علي مطهري لمجلة “لوموند” أن في الحرس الثوري عمليات قبض بتهمٍ تتعلق بالفساد الاقتصادي والمالي، وفي نفس هذه الأيام أعلنت صحيفة “فاينانشيال تايمز” إلقاء القبض على 12 عضوًا من الحرس والناشطين الاقتصاديين المرتبطين به، وكتبت أنه قُبض على شخصيَّة بارزة للحرس تُعتبر العقل الاقتصادي له، ولكن بعد فترة أُفرِجَ عنه بكفالة. لتأييد هذه الأخبار مؤشّر مهمّ أيضًا، هو الوثيقة الرسميَّة لهيئة تسجيل الشركات، فعلى أساس الخطاب الذي أرسلته شركة “تجارت الماس مبين” إلى مؤسَّسة التسجيل في 12 يوليو 2017، فقد استُبعِدَ محسن سجادي نيا وشركته، لتحلّ محلّها شركة الهندسة والتنمية الاقتصادية “فام”. هذا التغيُّر والتحوُّل حدث متزامنًا مع إلقاء القبض على سجادي نياد.
ووقع تغيُّر آخر في مجموعة “ياس” القابضة والاقتصادية، برقم تسجيل 473022، هو الوقت الذي اختير فيه مسعود مهردادي لعامين عضوًا في هيئة الإدارة، فوَفْقًا للبيان الرسميّ المؤرَّخ في 29 يونيو 2016، فقد استُبعدَ من هيئة الإدارة في تاريخ 24 يونيو 2017، بالتزامن مع الأيام التي انتشرت فيها أخبار القبض عليه.
إن إلحاق اسم محمود سيف بقائمة عقوبات الولايات المتَّحدة ليس له قيمة خاصَّة في الوقت الحالي، فقد اعتُقِل بوصفه شخصيَّة محروقة، ولا يتولَّى حاليًّا أيّ مسؤولية في شركة “تجارت الماس مبين”، ولكن إضافة اسم شركتي “تجارت الماس مبين” و”رايان بردازش تصوير” من الممكن أن تمثِّل صداعًا لهيئة تعاون الحرس، وطريق علاج هذا الصداع بسيطة، هي تأسيس شركات جديدة، وتقديم أشخاص جدد، فهي مافيا عجيبة وماهرة ومعقَّدة.
الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعكس بالضرورة رأي المركز