مقدمة
بعد توصل إيران لاتفاق مع القوى الغربية وُصف بـ»التاريخي» في بداية العام الحالي، والذي تم بمقتضاه رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية والغربية عنها، تحاول إيران مجدداً إنعاش اقتصادها، وإخراجه من عزلته الدولية منذ أن تم فرض الحظر التجاري الأميركي عليها في نهاية التسعينات، بعد خلافات سياسية عميقة، بجانب العقوبات الدولية والغربية عليها منذ عام 2006، والتي جرى تغليظها في العام 2012 على خلفية تطوير برنامجها النووي.
وأدت العقوبات الاقتصادية الدولية إلى إنهاك الاقتصاد الإيراني، وقطعت مصدراً أساسياً من مصادر تمويل الموازنة الإيرانية، وهي صادرات النفط والغاز للخارج، ومنع الشركات الدولية من العمل والاستثمار داخل إيران، وما ترتب على ذلك من تقادم التكنولوجيا المحلية، وحاجتها للصيانة منذ سنوات، إضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة والتضخم داخل البلاد.
ومع رفع تلك العقوبات مطلع العام الحالي، تأمل إيران بأن يكون ذلك الحل السحري لعودة الاستثمارات والشركات الأجنبية للعمل، ولكن الأمر ليس بهذه البساطة، فالاقتصاد الإيراني يعاني من مشاكل هيكلية وجوهرية، ستؤثر على مستقبل نموه في الأجلين القريب والمتوسط حال استمرارها.
وعلى رغم تأثير العقوبات الدولية الأكيد على تردي حالة الاقتصاد الإيراني، إلا أن رفع الحظر الغربي ليس العامل الوحيد المتحكم في مصير ومستقبل الاقتصاد الإيراني، فهناك عوامل أخرى نستطيع من خلالها استشراف مستقبل اقتصاد إيران، وهذا هو موضوع نلك الدراسة.
اقتصاد إيران قبل رفع الحظر الدولي
تشير المؤشرات الاقتصادية المتغيرة إلى معاناة اقتصاد إيران من مشاكل متعددة، تراكمت على مدار السنوات الماضية، على رأسها البطالة التي تجاوزت نسبتها 14 في المائة، بينما بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي 2.8 في المائة في عام 2015، مرتفعاً من نحو 1.9 في المائة في 2014.
وبعد أن سجل معدل التضخم معدلات مرتفعة للغاية في 2013، وصل خلال عام 2015 إلى 17 في المائة، وذلك بعد أن كان بلغ معدلات قياسية في 2013 وصلت إلى 40 في المائة وفقاً للبنك المركزي الإيراني، ، وصُنفت إيران من أعلى دول العالم في معدلات ارتفاع الأسعار آنذاك.
وكان اقتصاد إيران انكمش بنسبة 6.8 في المائة خلال عام 2012، و1.2 في المائة في عام 2013، تزامناً مع فرض عقوبات غربية كبدتها خسائر في عائدات التصدير، بلغت حوالي 17 مليار دولار في الفترة من 2012 إلى 2014، وذلك وفقاً لتقديرات البنك الدولي.
المصدر: بيانات البنك الدولي
تم تنفيذه بواسطة الباحث
ماذا يعني رفع الحظر الإقتصادي عن إيران؟
يعني رفع الحظر الاقتصادي عن إيراننظرياً استفادة اقتصادها بعدة مزايا، على رأسها زيادة الصادرات النفطية وغير النفطية، وتقليل تكلفة التجارة والمعاملات المالية الدولية، وعودة العمل بنظام التحويلات المالية الدولية (سويفت)، وكذلك عودة الاستثمارات الأجنبية، وتحديث التكنولوجيا المتقادمة لسنوات طويلة.
هذا فضلاً عنتطوير الاقتصاد الإيراني الذي يشغل الترتيب الثاني كأكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط بعد المملكة العربية السعودية، والثامن عشر على مستوى العالم، وذلك وفقاً لتصنيف البنك الدولي.
وكانت إيران اتفقت مع القوى الغربية على رفع العقوبات المفروضة على قطاعات اقتصادية منذ سنوات جراء أنشطتها النووية. وشمل رفع الحظر عنقطاعات اقتصادية حيوية، بينها البنوك والتأمين، والنفط والغاز والبتروكيميائيات، والنقل البحري والموانئ، وتجارة الذهب والسيارات.
إضافة إلى تحديث أساطيل الطيران المدني وبيع الطائرات التجارية وقطع الغيار للأسطول الإيراني المتقادم منذ سنوات، وفتح المجال أمام الشركات الأميركية الرائدة في هذه الصناعات لعقد صفقات تجارية مع إيران، وكذلك إلغاء عقوبات تمس أجانب ممنوعين من التعامل مع الإيرانيين.
وحتى الآن لم تجنِ إيران ثمار رفع الحظر التجاري والاقتصادي الغربي عليها بالشكل المنتظر، إذ لا تزال تواجه مشكلات حقيقية في التعامل النقدي والتحويلات المالية مع البنوك الدولية، بسبب خوفها من المؤسسات الأميركية والغربية.
ووصل الحال إلى أن وصف المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي رفع الحظر الغربي بعد ثلاثة أشهر من تطبيقه بعديم القيمة، وقال: «رفع الحظر على الورق لا قيمة له»، موجّهاً الانتقاد إلى الولايات المتحدة للصعوبات التي يواجها الاقتصاد الإيراني في التعامل مع النظام المالي الدولي، خاصة وأن إيران لديهاشبكة بنوك إسلامية تعتبر من أكبر المؤسسات المالية الإسلامية في العالم.
وإلى الآن توجد قطاعات حيوية في إيران لم ترفع الولايات المتحدة الحظر المفروض عليها للتعامل مع بعض الشركات الغربية بشكل عملي، ومنها قطاعات تأمين ناقلات البترول، كما توجد عدة شركات دولية في انتظار موافقة الحكومة ووزارة الخزانة الأميركية على بدء التعامل معها مثل شركة بوينج العالمية، أيضاًلا يوجد إطار زمني واضح لتنفيذ الوعود المترتبة على رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران في مختلف القطاعات.
وعلى رغم تأثير العقوبات التي كانتمفروضة منذ سنوات على زيادة عزلة الاقتصاد الإيراني، إلا أن تلك العقوبات تعد مسؤولة عن حوالي 20 في المائة فقط من المشاكل الجذرية التي يعاني منها الاقتصاد المحلي.
ولذلك فإن رفع تلك العقوبات لن يكون بمثابة الحل السحري الذي سيحل المشاكل الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد الإيراني، إضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم والبطالة وتقادم الانتاج.
ولكن رفع الحظر سيسهم بدرجة ما في زيادة معدلات النمو على المدى الطويل،إذ سيحتاج الاقتصاد الإيراني إلى ضخ المزيد من الاستثمارالمتوازي لكافة القطاعات الاقتصاديةلتعويض سنوات من العزلة والتقادم.
معدلات نمو الاقتصاد الإيراني
في حين بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي 2.8 في المائة في عام 2015، مرتفعاً من نحو 1.9 في المائة في 2014،يتوقع البنك الدولي تحقيق إيران لمعدلات نمو في حدود 5 في المائة خلال عام 2016 تزامناً مع رفع العقوبات الدولية، إلا أن الاقتصاد الإيراني لم يتمكن من تحقيق ذلك حتى الآن مع رفع العقوبات في بداية العام الحالي.
بينما توقّع صندوق الدولي تباطؤ نموالاقتصاد الإيراني –رغم رفع العقوبات الدولية- ليتراوح معدل النمو ما بين 0.5 و– 0.5 في المائة فقط خلال السنة المالية 2015/2016، متراجعاً من حوالي 3 في المائة خلال العام المالي 2014/2015.
ويعزى ذلك إلى انخفاض أسعار النفط، وتأجيل قرارات الاستثمار التي يحتاجها الاقتصاد الإيراني قبل رفع عقوباتوفقاً لأحدث تقاريرالصندوق لعام 2016.
وعلى رغم إعلان إيران عن انخفاض اعتماد الموازنة الإيرانية على عائدات النفط إلى نسبة 33 في المائة خلال عام 2015 مقارنة بـ 43 في المائة في العام السابق له، إلا أن تحقيق ذلك ليس بالسهولة عملياً في ظل انخفاض أسعار النفط بنسب فاقت 70 في المائة خلال العامين الماضيين، وحاجة الاقتصاد المحلى لتطوير وسائل الإنتاج.
ووفقاً لتوقعات الصندوق،فإن رفع العقوباتسيساعد في زيادة إنتاج النفط والصادرات، وتقليل تكلفة التجارة والمعاملات المالية الدولية، وكذلك عودة الاستثمارات الأجنبية، والتي في حال تحقيقها بالفعل، ستساهم ذلك في تسريع معدلات النمو الحقيقي بنسب تتراوح ما بين 4 و5.5 في المائة خلال 2016/2017، و4 في المائة على المدى المتوسط.
مستقبل الاقتصاد الإيراني
نستطيع استشراف مستقبل الاقتصاد الإيراني من خلال الواقع الحالي للمؤشرات الاقتصادية الإيرانية والتي سبق ذكرها، وإضافة لتلك المؤشرات المتغيرة توجد مؤشرات أكثر ثباتاً نستطيع من خلال تحليلها التنبؤ بمستوى الأداء الاقتصادي لإيران في المستقبل، ونستعرضها فيما يلي:
1-مشاكل هيكلية
مناخ الاستثمار
يتصف الاقتصاد الإيراني بوجود العديد من المشاكل الهيكلية التي أثرت وستؤثر على معدلات نموه وتطوره في المستقبل في حال لم تتغير، وفي مقدمتها مناخ الأعمال والاستثمار، ففي عام 2015 صنف البنك الدولي الاقتصاد الإيراني في المرتبة الـ 130 من بين 189 دولة في سهولة أداء الأعمال، وإضافة إلى مناخ الأعمال السيئ، فالحكومة الإيرانية منذ الثورة الإيرانية في 1979 وهي تنتهج سياسة الهيمنة على الأعمال والأنشطة الاقتصادية، مما أضعف قطاع الأعمال الخاص على مر السنيين، وجعله ينافس بصعوبة شديدة للبقاء.
هذا فضلاً عننقص الشفافية والفساد،وهي مشكلة هيكلية أخرى تزيد من التحديات التي يواجها الاقتصاد منذ عقود، وخاصة القطاع المالي، مع نقص شديد في معلومات البيانات العامة.
هيمنة الحرس الثوري الإيراني على النشاط الاقتصادي
لعل أحد الأمثلة الصارخة الدالة على هيمنة الحرس الثوري الإيراني على كبرى القطاعات الاقتصادية في إيران، عندما قامت مجموعة شركات تابعة للحرس الثوري في عام 2009 بشراء 50 في المائة من شركة الاتصالات الوطنية للبلاد بقيمة 8 مليارات دولار مع العمل على تنحية الشركات المنافسة لعملية الشراء قسراً، وكانت بمثابة أكبر عملية شراء في تاريخ سوق الأوراق المالية الإيرانية.
ويتحكم الحرس الثوري الإيراني ومرشد الثورة الإيرانية بصورة مباشرة في ما بين 20 و40 في المائة من الاقتصاد الإيراني، وفقاً لتقارير أميركية نشرتها صحيفة «الواشنطن بوست» الأميركية، وحوالي 30 في المائة من الأعمال في إيران مملوكة لمنظمة الأمان الاجتماعي «SSO».
وتعد شركة «خاتم الأنبياء للهندسة والإنشاءات» إحدى أهم وأكبر الشركات التابعة للحرس الثوري، والتي تمتلك شركات تابعة لها يصل عددها إلى أكثر من 812 شركة، وقامت بتنفيذ حوالي 1500 مشروع منذ الأعوام من 1990 وحتى عام 2007.
وساهم فرض العقوبات الدولية على إيران في زيادة مساهمة شركات الحرس الثوري في النشاط الاقتصادي، وخاصة في مجال النفط والغاز والبتروكيماويات، لإحجام الشركات الدولية عن العمل بسبب العقوبات المفروضة.
وبالرغم من أن 19 من أصل 27 بنكاً تعمل في إيران هي ملكية خاصة، إلا أن أغلبها مملوك جزئياً أو مدارة من قبل النخب السياسية في إيران، أو من قبل منظمات سياسية كالحرس الثوري.وفي ظل هيمنة مثل تلك المؤسسات على النشاط الاقتصادي، مع وجود الفساد وغياب الشفافية، ستجد الشركات الأجنبية أن المنافسة صعبة، وستفكر كثيراً فبل الدخول لمثل تلك الأسواق.
مصير الأموال المفرج عنها
بالرغم من استعداد الولايات المتحدة للإفراج عن عشرات المليارات من الدولارات التي كانت مجمدة منذ سنوات، إلا أن الأموال لن تضخ في الاقتصاد المحلي بشكل مباشر، وذلك لوجود اقتصاد مواز، أو ما يعرف باقتصادالحرس الثوري الإيراني الذي يتحكم في مجريات الأمور الاقتصادية في إيران، وهو في حاجة إليها لتحقيق أهداف سياسية لن يجني منها الشعب الإيراني شيئاً على المدى القصير، كتمويل تكاليف الحرب في سوريا، وزيادة مديونياتها، خاصة بعد انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية.
وجزء كبير من الأموال التي سيتم الإفراج عنها ستذهب إلى خزينة الحرس الثوري،الذي سيديرها بشكل مستقل عن الحكومة.
وتُقدر هذه الأموال بـ 50 مليار دولار على الأقل،وتم استخدام الأموال التي كانت محتجزة في شراء الطائرات الكبرى، ولم يتم ضخها إلى الأسواق بشكل مؤثر، في حين توجد قطاعات استراتيجية أخرى تحتاج للتحديث، وضخ استثمارات مباشرة فيها.
وفي حال رجوعها كاملة إلى الحكومة الإيرانية، فقد يتم استخدام جزء كبير من الأموال المفرج عنها في تسديد الديون الحكومية لصالح هيئات خاصة وحكومية داخلية، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فالحكومة الإيرانية ملزمة بسداد ديون متراكمة بحوالي مليارين دولار لشركات طاقة خاصة، لأن شركات الطاقة الحكومية تنتج ما يغطي حوالي نصف الاستهلاك المحلي فقط، وديون متراكمة للحكومة لصالح البنوك الحكومية وصناديق المعاشات بقيمة حوالي 64 مليار دولار، وحوالي 50 مليار دولار لشركة النفط الوطنية.
2- دور الاستثمارات الأجنبية في إنعاش الاقتصاد
من ضمن أهم توجهات إيران المستقبلية لتحسين الاقتصاد المحلي، تشجيع الاستثمارات الأجنبية على العودة للعمل في إيران، فالحكومة الإيرانية ترغب في استثمار رؤوس الأموال الأجنبية في الداخل، وخاصة في قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات والبنية التحتية كمرحلة أولى للاستثمار، أي الاعتماد على السوق الحر، والمنافسة بين القطاع الخاص والشركات الأجنبية وبين شركات القطاع العام والحرس الثوري.
ومن الناحية النظرية، فمن المتوقع أن يؤدي رفع العقوبات الدولية عن الاقتصاد الإيراني إلى تدفق الأموال الأجنبية للسوق الداخلية المتعطشة للسلع والخدمات الحديثة، وهو بالفعل ما يحتاجه الاقتصاد الإيراني بعد سنوات من العزلة، لكن انفتاح الشركات الدولية على إيران لن يكون بالسرعة الكافية لسد تعطش السوق المحلي، وخاصة الشركات الأميركية التي تخشى من توتر العلاقات بين البلدين مستقبلاً، وردة الفعل الإيرانية حال حدوث ذلك.
ولا يزال هناك هلع من تكرار سيناريو احتجاز رهائن السفارة الأميركية عقب توتر العلاقات بين البلدين، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى تخشى الشركات الأجنبية من هيمنة بعض المؤسسات الاقتصادية والسياسية على الأعمال في إيران، مثل الحرس الثوري الإيراني.
ولهذا فليس من الممكن لرفع العقوبات الدولية عن إيران، أن تُجنى ثماره سريعاً في الوقت الراهن، فعملية ضخ الأموال في الأسواق عن طريق الاستثمارات الأجنبية لم تبدأ عملياً، والوقت الحالي يشهد مجرد التوقيع على اتفاقيات تعاون واستثمار مع بعض الشركات الأجنبية على الورق، والمواطن العادي لم يلحظ تحسناً في أوضاعه المعيشية
وعلى مستوى المواطنين، هناك معاناة من ارتفاع الأسعار المحلية، وارتفاع معدلات البطالة والتهميش، ولم يشعر المواطنون بآثار رفع الحظر الغربي على المستوى المحلي. وعن ذلك قال الإعلامي الإيراني، بويا عزيزي(1): «لا یوجد إحساس يذكر بالتغيير بعد رفع العقوبات عن إيران، ولا توجد استثمارات تذكر في إيران حتى الآن، والأموال المفرج عنها تنفق في شراء طائرات وأشياء أخرى، وليس لتطوير عجلة الإنتاج الذي يمس المواطنين بشكل مباشر، في الوقت الذي لا تتوافر فيه فرص العمل، والعوائد المترتبة على إلغاء العقوبات ستشعر بها الطبقات الغنية القريبة من السلطة، لكن الطبقة المتوسطة والفقيرة لن تشعر بأي شيء».
ولتحقيق معدلات النمو الاقتصادي التي تطمح إيران إلى تحقيقها في المستقبل القريب، وهي تصل إلى 8 في المائة، يحتاج ذلك إلى ضخ استثمارات أجنبية تتراوح قيمتها ما بين 30 و 50 مليار دولار خلال العام الحالي.
3-الرهان على عودة الانتاج والصادرات النفطية
تسعى إيران إلى زيادة إنتاجها النفطي، وعودة الإنتاج إلى معدلات ما قبل الحظر الغربي على صادراتها، لكونه يشكل مصدراً أساسياً من موارد الموازنة الإيرانية، إلا أن رفع العقوبات الدولية تزامن مع تدهور أسعار النفط العالمية، ووصولها إلى مستويات غير مسبوقة، حيث وصل سعر برميل النفط إلى 29 دولاراً للبرميل في منتصف يناير 2016، بعد أن كان يقدر بحوالي 112 دولاراً للبرميل منذ عامين تقريباً.
واقترب إنتاج إيران من النفط حالياً من مستوى 3 ملايين برميل يومياً حتى فبراير الماضي، بعد أن انخفض إنتاجها إلى نحو 2.8 مليون برميل يومياً في السنوات الأخيرة قبل رفع الحظر والعقوبات مطلع العام الجاري.وكانت تنتج ما يقرب من 3.6 مليون برميليومياً قبل فرض العقوبات عليها.
ولكن مع استمرار هبوط أسعار النفط، فلن تكون هناك حوافز كافية للشركات الأجنبية للاستثمار في هذا المجال الحيوي والذي تحتاج فيه إيران إلى مساعدات الشركات الغربية الفنية والاستثمارية. إضافة إلى مواجهة صعوبات في استعادة الحصة السوقية في الدول المستوردة للغاز والنفط، إلى جانب خشية الشركات الدولية من زيادة الاستثمارات في النفط والغاز في الوقت الحالي، حتى لا تتم زيادة الإنتاج العالمي، وتنخفض الأسعار أكثر من معدلاتها الحالية.
خاتمة
بعد عزلة اقتصادية وسياسية دولية استمرت لسنوات، حققت إيران خطوة هامة برفع الحظر الاقتصادي الدولي عنها كخطوة لتنشيط اقتصادها المتقادم، وتنويع مصادر دخله، والتي تتركز بشكل كبير حالياً على صادرات النفط مع ارتفاع لمعدلات البطالة والتضخم، ولكن الاقتصاد الإيراني حتى يتعافى فإنه يحتاج إلى أكثر من مجرد إزالة العقوبات الدولية، فهو يحتاج إلى إصلاحات مالية ونقدية وهيكلية حقيقية.
وعلى رغم رفع العقوبات الدولية عن إيران، إلا أن اقتصادها لا يزال يعاني من معوقات عديدة للنمو، أبرزها عدم ملاءمة مناخ الاستثمار المحلي لجذب الاستثمارات الأجنبية، ووجود الفساد، وهيمنة مؤسسات معينة على مجريات الحياة الاقتصادية بشكل يعوق المنافسة الشريفة.
ويتعظم هذا الدور مع غياب الشفافية ونقص المعلومات،إضافة إلى تراجع أسعار النفط العالمية بشكل كبير، وهو ما سيؤثر على إيرادات الموازنة العامة الإيرانية، بجانب احتمالية إحجام الشركات عن الاستثمار وزيادة الإنتاج لتجنب مزيد من الضغط على الأسعار.
ولذلك فإن رفع العقوبات الدولية عن إيران لن يكون وحده بمثابة الحل السحري الذي سيجلب معدلات النمو الطموحة لمستقبل الاقتصاد الإيراني في حال التعويل عليه فقط، بل قد يؤدي إلى استمرار معاناة الاقتصاد من الشلل في مختلف القطاعات.
ولكي تتم الاستفادة من رفع العقوبات الاقتصادية بشكل عملي، ينبغي على إيران عمل إصلاحات شاملة لترسيخ استقرار اقتصادها المحلي، وتسريع النمو الاقتصادي الشامل، إضافة إلى إيجاد حلول جذرية لمشكلة البطالة المرتفعة، وزيادة الإنتاجية عن طريق جذب التكنولوجيا الحديثة.والوصول إلى تلك الأهداف ليس بالسهولة الممكنة في ظل وجود صراع داخلي قوي بين جناحين سياسيين يتنافسان داخل إيران، إحداهما بقيادة رئيس الدولة، والآخر بزعامة مرشدها.
المراجـــع
المراجع الإنجليزية
Paolo Magri, Annalisa Perteghella, «Iran After the Deal: the Road Ahead», 2015.
online:http://www.ispionline.it/it/EBook/Iran_after_the_Deal.pdfedition.pdf
World Bank, Doing Business, 2015, online:http://www.doingbusiness.org/rankings
The financial power of the Revolutionary Guards, The Guardian, 2010
online:http://www.theguardian.com/world/2010/feb/15/financial-power-revolutionary-guard.
IMF, Multiple annual reports, online: http://www.imf.org/external/index.htm
World bank, Multiple annual reports, online: http://www.worldbank.org
المراجع العربية
اقتصاد إيران ينفتح على انهيار النفط وتفاقم الديون»، العربية، 2016، متاح على الرابط
http://goo.gl/236nSu
جريدة الشرق الأوسط«هل تحسن اقتصاد إيران بعد رفع العقوبات الغربية؟ 2016. متاح على الرابط
http://goo.gl/2lsysz
صندوق النقد الدولي،التقرير السنوي إيران 2015.