“مينو خالقي” محاضرة في مجالات القانون العام، قانون الاتصالات والإعلام، قانون الملكية الفكرية، القانون المقارن والدولي، عضو لجنة البيئة والموارد الطبيعية والتغيرات المناخية لغرفة التجارة والصناعة والمناجم والزراعة، عضو مجلس تنسيق المنظمات غير الحكومية لمحافظة أصفهان، عضو الهيئة العلمية لندوات متعددة في القانون والثقافة والاجتماع، هي ابنة أخ “ناصر خالقي” وزير العمل والشؤون الاجتماعية في الحكومة الثانية لـ “سيد محمد خاتمي” وعضو جبهة المشاركة الإيرانية الإسلامية ونائب أصفهان في البرلمان السادس.
مع إعلان النتائج النهائية لانتخابات البرلمان الإيراني العاشر، ما زالت هناك ورقة متبقية حتى يمكن القول بأن ملف هذه الانتخابات تم إغلاقه، لأن من وجهة نظر مجلس صيانة الدستور، قائمة الـ 290 فرداً، نواب البرلمان العاشر، ما زال بها مقعد خال. حتى الآن ليس معلوماً لمن وكيف سيؤول هذا المقعد في نهاية المطاف؟ كان من المقرر أن يكون لـ “مينو خالقي” مقعد في هذا البرلمان، ولكن مع قرار مجلس صيانة الدستور المبني على رفض أهليتها بعد انتهاء الانتخابات، أصبح الآن دخولها البرلمان موضع جدل سياسي كبير في إيران.
صرح “نجات الله ابراهيميان” المتحدث الرسمي باسم مجلس صيانة الدستور، حول إبطال آراء هذا المجلس للمنتخبة الثالثة مينو خالقي، بأنه رفض أهليتها وفقًا لأسس الرقابة الإلزامية. القرار الذي يعتقد العديد من المحامين والنشطاء السياسيين أن ليس له أساس قانوني، وأنه محور التباحث بين مجلس صيانة الدستور ووزارة الداخلية.
“مينو خالقي” من مواليد عام 1985م. حاصلة على درجة الماجستير في قانون العلاقات وطالبة دكتوراه في القانون العام، حاصلة على شهادة دورات تدريبية من كلية العلاقات الدولية في وزارة الخارجية الإيرانية، مراسلة وكاتبة صحفية وباحثة ومفكرة في مجال القانون العام والإعلام وحقوق البيئة والملكية الفكرية. ودعونا لا ننسى، إنها النائبة المنتخبة عن دائرة أصفهان، المرفوض أهليتها من قبل مجلس صيانة الدستور لمصافحتها رجلاً أجنبياً!
أعلنت هيئة الانتخابات بعد انتخابات الدورة العاشرة للبرلمان، في بيانها المائة، النتائج النهائية لانتخابات مجلس الشورى الإسلامي عن دائرة أصفهان والتي وفقاً لها كانت “مينو خالقي” الفرد الثالث. كانت “مينو خالقي” إحدى مرشحات قائمة “الأمل” في أصفهان، التي استطاعت خلال المرحلة الأولى من انتخابات البرلمان أن تكسب أغلبية الأصوات وربع أصوات هذه الدائرة الانتخابية وتسجل اسمها باعتبارها المنتخبة الثالثة لأصفهان. فازت “مينو خالقي” بـ 193399 صوتاً من مجموع 671471 صوتاً، بعد “حميد رضا فولادجر” و”ناهيد تاج الدين”.
لم يقدم مجلس صيانة الدستور توضيحاً رسمياً حول قراره، إلا أن تقارير محلية أشارت إلى أن منافسي خالقي في أصفهان قد يكونون قدموا صوراً تظهر النائبة وهي تقوم بمصافحة رجل خلال رحلتها إلى الصين وعدم تغطية رأسها بالحجاب الذي يعتبر إلزامياً في إيران، في حين ما زال هناك الكثير من الجدل حول صحة الصور من الأساس.
قالت خالقي رداً على ذلك إنه لم يكن هناك أساس قانوني للقرار من قبل المجلس المسؤول عن التحقق من الأهلية الأيديولوجية للمرشحين للانتخابات، طبقاً للدستور الإيراني، وأشارت إلى أن هناك شائعات مخزية تدور حول شخصها بهدف الإضرار بسمعة امرأة مسلمة دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.
المبادئ لا تتجزأ
من المثير للسخرية أنه منذ فترة تقرب من ثلاثة أعوام نُشر فيديو للسفير الإيراني في برلين آنذاك، “علي رضا شيخ عطار”، وهو يصافح النائبة في البرلمان الألماني “كلوديا روث”، ويمازحها على هامش مؤتمر أمني في ميونيخ، كما يضرب يده بيدها للتحية، وهي التحية التي يسميها الأوروبيون (high-fiving)، وتعني ضرب الكف بالكف على سبيل التحية غير الرسمية، حيث تبدو العلاقة حميمية بين الطرفين.
وذكرت جريدة “ديلي تلغراف” البريطانية أن لقطة المصافحة القصيرة، أو لقطة (high-fiving) التي ظهرت في الفيديو أثارت اهتماماً واسعاً في الصحافة الألمانية حينها، وأثارت ضجة إعلامية تتركز حول عدم جواز مصافحة النساء باليد، بحسب تعاليم الدين الإسلامي، وبحسب العادات والتقاليد الإيرانية، وأن المتحدث باسم السفارة الإيرانية في برلين قد صرح لإحدى الصحف الألمانية قائلًا: “إن سفير الجمهورية الإسلامية لم يسبق أن صافح أية امرأة، كما أنه لم يصافح كلوديا روث أيضاً”. وشرح أن “السفير حاول بشكل مهذب إلقاء التحية أو التلويح فقط لها، لكن السياسية الألمانية ردت بلمسة سريعة ليد السفير”.
وكشف أن السفير تفاجأ بهذا التصرف غير المتوقع من النائبة. لكن الناطق باسم البرلمانية “روث” أكد أنها تعرف السفير الإيراني منذ سنوات عديدة. ومن جانبها ذكرت “ديلي تلغراف” التي نشرت تقريراً عن الحادثة أن حزب الخضر الذي تنتمي له النائبة روث فشل في تهدئة الانتقادات التي شهدتها الصحافة الألمانية للمصافحة الحميمية بين البرلمانية والسفير الإيراني. ومع ذلك لم نر أي ردود فعل من مجلس صيانة الدستور أو أي مؤسسة سلطوية في إيران على ذلك الحدث!
الدعم الإصلاحي لمينو خالقي
كتب “علي مطهري” نائب طهران في البرلمان الإيراني، رسالة إلى آية الله “جنتي”، رئيس مجلس صيانة الدستور، في الأسبوع الثاني من شهر أبريل 2016م، طالب فيها بعزل وزير الداخلية من منصبه إذا استمر منع خالقي من دخول البرلمان، وقال إن هذا شأن يخص البرلمان، وليس مجلس صيانة الدستور، خاصة أنه قد تم انتخابها وأصبحت عضوة بالبرلمان بالفعل.
وذكر مطهري في رسالته: “يجب أن يقوم المجلس بعزل وزير الداخلية لعدم دفاعه عن حقوق الأمة وتنفيذه قراراً غير قانوني يهدد الجمهورية الإسلامية”. ونقلت وكالة أنباء اسنا الإيرانية عن مطهري حديثه للحملة الدولية لحقوق الإنسان في إيران التي قال فيها: “إن كانت قد صافحت رجلاً في الخارج فهذا أمر من الصعب إثباته، كما أنه من غير الممنوع أن تقوم بمصافحة رجل غريب إن كانت ترتدي قفازاً”.
وقال “علي مطهري” أيضاً في وقت آخر حول ذات الموضوع: “عندما تصدق هيئة رقابة محافظة أصفهان على الانتخابات، هذا يعني تأكيداً نهائياً، وعدم توقيع خطاب اعتماد أحد المنتخبين هو في حكم انتهاك واضح للقانون”.
“محمد حسين مقيمي” رئيس هيئة الانتخابات ومساعد وزير الداخلية كان قد طالب في محادثات منفصلة مجلس صيانة الدستور بأن يرسل خطاب اعتماد “مينو خالقي” إلى البرلمان حتى يتخذ النواب بأنفسهم قرار صلاحيتها في الجلوس على مقعد النواب.
هذا وقد دعا “محمد رضا عارف” النائب البرلماني والمرشح الإصلاحي لرئاسة مجلس الشورى الإسلامي الإيراني، في رسالة لمينو خالقي إلى الحضور في مؤتمر الناخبين من قائمة “الأمل” في طهران، لتبادل وجهات النظر حول أعمال اللجنة في البرلمان الإيراني العاشر. وتضمنت الرسالة دعوة إلى مأدبة عشاء في ضيافة رئيس الجمهورية “حسن روحاني”، ووفقاً لتقرير وكالة أنباء ايرنا، بالفعل حضرت مينو خالقي يوم السبت 7 مايو في جلسة لجنة الأمل، واستضافها رئيس الجمهورية بصحبة المنتخبين من قائمته في مساء هذا اليوم، وأعلن مطهري بعدها أن هذه القضية دخلت مرحلة جديدة، وتقرر على طاولة الهيئة العليا لحل الخلافات بين القوى أن هذه القضية ستصل إلى المرشد الأعلى، وسيكون هو الفاصل فيها.
ومن ناحية أخرى، كان رئيس الجمهورية الإيرانية “حسن روحاني” أعلن أثناء مراسم الاحتفال بيوم العمال العالمي عن امتنانه من دخول 18 نائبة امرأة إلى مجلس الشورى الإسلامي، في حين أن عدد النساء اللاتي تم التصديق عليهن كنائبات للبرلمان الإيراني العاشر اقتصر على 17 نائبة، مما يعني أن روحاني احتسب مينو خالقي نائبة منتخبة.
وكان “روحاني” أكد قبل ذلك يوم الخميس 29 أبريل 2016م، أن اعتماد النائب ينبغي دراسته في البرلمان، ولا يمكن لأي مؤسسة أخرى أن تتدخل في ذلك، قائلاً: “وفقاً للدستور، أي نائب يتم انتخابه في أي دائرة انتخابية بعد التصويت له يجب دراسة اعتماده في مجلس الشورى الإسلامي، ولا يحق لأي مؤسسة أخرى التدخل في ذلك”.
وتبع هذا التصريح من الرئيس الإصلاحي، رد فعل مباشر من مجلس صيانة الدستور، حيث طبقاً لتقرير وكالة أنباء فارس يوم السبت 30 أبريل، صرح “سيامك ره بيك” عضو مجلس صيانة الدستور، قائلاً: “لا يوجد أي حكم في دستور البلاد حول شكل تنظيم إصدار خطاب اعتماد للنواب، والرأي المقدم في هذا الشأن غير صحيح”.
يقول “ره بيك”: “بعد أن يتم التصديق من مجلس صيانة الدستور، سواء من جهة الأهليات أو من جهة الدوائر الانتخابية، سيتم إعلان ذلك للجهاز التنفيذي، وبعد ذلك على هيئة الرقابة والهيئة التنفيذية أن توقع وتصدق على خطاب اعتماد النواب”.
ويستنتج من تصريح هذا العضو في مجلس صيانة دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أن هذا المجلس يستطيع حتى بعد الانتخابات أن يتخذ قراراً بشأن أهلية أو عدم أهلية نائب، وأن النائب أو النواب يمكنهم الاشتراك في الانتخابات فقط وقبل أي شيء، من خلال تأييد الأهلية من جهة مجلس صيانة الدستور.
وأفاد أيضاً عضو مجلس صيانة الدستور، مؤكداً على حق مجلس صيانة الدستور في الرقابة على الانتخابات بصورة مطلقة وعامة وطبقاً للدستور، قائلاً: “وفقاً للدستور، هيئة التحقيق في أهلية النواب في البرلمان سترتبط بذلك الجزء الذي لم يُبد مجلس صيانة الدستور رأياً بشأنه”.
الخلاصة
تضاربت التصريحات والأقاويل حول ملف مينو خالقي، ولكن الأقاويل المتضاربة لم تكن على أهلية هذه المنتخبة لدخول البرلمان، وإنما على مدى صلاحية مجلس صيانة الدستور لصنع القرارات المتعلقة بنواب البرلمان. فمن المتعارف أن هذه المؤسسة تقتصر مهمتها على تحديد أهلية المرشحين قبل دخولهم الانتخابات، وهي التي تقرر دخولهم، ولكن بعد الانتخابات يتحول القرار من يدها إلى يد البرلمان فيما يتعلق بالتصديق على عضوية النواب، ومن هنا يأتي السؤال المحير الذي يطرح نفسه، وهو هل عدم توضيح مجلس صيانة الدستور لأسباب رفضه لأهلية المنتخبة الثالثة عن دائرة أصفهان يرجع إلى الهزيمة التي أصابت المحافظين في الانتخابات البرلمانية؟ ألا يرى المحافظون أن هذه الطرق ملتوية لدرجة أنها ستقضي على ما تبقى من سمعتهم؟