مقابلة صحفية مع السيدة سحر بيت مشعل الناشطة في مجال حقوق المرأة الأحوازية والخبيرة القانونية المقيمة في لندن، نقلا عن إذاعة همبستكي “التضامن”.
أرحب بضيفة البرنامج، السيدة سحر بيت مشعل الناشطة في مجال حقوق المرأة الأحوازية والخبيرة القانونية المقيمة في لندن.
– أهلا و مرحبًا بك و بالمستمعين الكرام
اهلا بك في يرنامجنا. بصفتك خبيرة قانونية وناشطة في مجال حقوق المرأة الأهوازية، هل يمكنك تزودينا بمعلومات أكثر عن مشاكل المرأة العربية في إيران أو ما يمكن قوله في هذا المجال؟
إن المرأة العربية في الأحواز تتعرض لجميع أشكال التمييز والاضطهاد، فهي تعاني من التمييز الجنسي على غرار سائر النساء في العالم، فالسلطات الإيرانية تشن حملة قمع واسعة ضد المرأة الأحوازية لكونها من أصول عربية، كما أنها تتعرض لتمييز مركب أو مضاعف بسبب التقاليد و الأعراف القبلية السائدة في منطقة الأحواز، ما يجعل هذه الضغوطات تؤدي إلى تقييد حركة الازدهار، والنمو لدى المرأة الأحوازية المحرومة من أبسط حقوقها.
برأيك هل تتحمل السلطات وحدها مسؤولية اضطهاد المرأة العربية أو الأحوازية؟ وما هو تقييمك لدور التقاليد و الثقافة السائدة في ممارسة التمييز ضد المرأة الأحوازية؟
لاتتمتع المرأة في المنطقة بحماية السلطات، والقوانين، والحكومة، ومع أن أهمية إقليم الأحواز لاتخفى عن أحد بسبب موقعه الاستراتيجي، وموارده الطبيعية، حيث يعتبر الشريان الاقتصادي لإيران، إلا أنه يفتقر إلى أبسط الإمكانيات في قطاع التعليم، الذي يعد البنية التحتية للمجتمعات والذي يمهد لإحداث تغيير في أي مجتمع، مما يؤكد على ضرورة حصول النساء على الإمكانيات في مجال التعليم، وإكمال الدراسة بهدف تولي مسؤوليات في المجتمع مستقبلًا. وأشير هنا إلى ما ذكرته وزارة التربية والتعليم في إيران من أن البرنامج الخامس للتنمية في عام 2014 كان یهدف إلى القضاء على الأمية في الفئة العمرية دون الـ 50 عاما، كما نشر مكتب شؤون المرأة والأسرة في رئاسة الجمهورية الإيرانية كتيبًا عن أوضاع المرأة في البلاد، والذي أكد على أن تفشي الأمية بين الفتيات في إيران يدق ناقوس الخطر، وأن إقليم الأحواز سجل أعلى نسبة للأمية في البلاد. وأشير كذلك إلى ما أعلنه نائب رئيس الإدارة العامة للتربية والتعليم في هذا الإقليم من أنه كان هناك نقص يقدر بـ 7 آلاف معلم في هذه المؤسسة في 2014. وفي حين أن الميزانية المخصصة لوزارة التربية والتعليم بلغت نحو 240 مليار ريال (إيراني) إلا أن إقليم الأحواز لم يحصل إلا على 7 %من هذه الميزانية، مما يدل على انعدام التوازن في توزيع الإمكانيات. أما سياسيًا، فيمكن القول إن السلطات تضع قيودا على إمكانيات الرفاهية، وتقمع العملية التوعوية للسكان لكونهم من العرب، وبسبب المكانة الاستراتيجية التي تتمتع بها هذه المنطقة، لم تمنح السلطات ترخيصًا لتدشين المؤسسات الثقافية الخاصة بالمرأة العربية في الأحواز، إلى أن قمنا نحن النساء المقيمات في خارج البلاد بتدشين مؤسسة صوت المرأة العربية في الأحواز بهدف طرح مطالب النساء في البلاد، والآن تشكل هذه المؤسسة منصة لإيصال صوت المرأة الأحوازية إلى العالم.
ولاشك بأن الأحواز فيها ناشطات في مجالات مختلفة، ولكن السلطات لاتمنحهن الرخصة للقيام بنشاطاتهن، هذا في حين يتم الحكم بالسجن على الناشطات السياسيات، لا بد من الإشارة إلى أنه في فترة رئاسة السيد خاتمي أعطت السلطات رخصة لمؤسسة الحوار الثقافية التي دشنها مثقفون أحوازيون، لكنها أصدرت حكما بالسجن بحق خمسة منه، تمّ إعدام اثنين منهم، ومايزال الثلاثة الآخرون يقبعون خلف القضبان.
تواجه المرأة في مناطق القوميات غيرالفارسية ومنها المرأة العربية، سيطرة الرجال على صنع القرار في المجتمعات ذات النزعة العشائرية، كيف تواجه النساء هذه المشكلة؟ وما هي الحلول التي لجأت إليها المرأة للتغلب عليها؟
يمكن مناقشة الأمر على جزئين؛ الأول: أنّ ظاهرة النزعة الرجولية والطابع القبلي تستشري في إقليم الأحواز بشكل كبير، وتدعم القوانين بشكل أو بآخر الاعتداءات التي يقوم بها الرجال ضد المرأة العربية، كما تنتشر “جرائم الشرف” في إقليم كردستان وبين عرب الأهواز، حيث تشهد هاتان المحافظتان أعلى معدلات جرائم الشرف في كل عام.
أما الثاني فهو مرتبط بالمادة 630 من قانون العقوبات الإسلامي، التي تنص على حماية القتل بدافع الشرف، وتجيز ارتكاب” جريمة الشرف” من قبل الزوج أو ولي أمر المرأة في ظروف خاصة، لذا لاتشعر المرأة في هذه الظروف بالحرية خوفا من التورط بالمشاكل، خاصة وأنها المذنبة الوحيدة من قبل كل الأطراف، في الوقت الذي تتقدم فيه مناطق المركز عن مناطق القوميات غير الفارسية بأشواط.
والمطالب المطروحة في مناطق المركز لاتعبر عن المطالب التي ترفعها مناطق القوميات غير الفارسية، كما أن الفرصة لم تسنح والحكومة لم تسمح بعقد لقاء يضم كافة الناشطات من المناطق المركزية من جهة ومناطق الأقليات القومية والدينية من جهة أخرى، وذلك بهدف طرح المشاكل التي تواجهها المرأة في جميع المناطق، ما أود قوله بهو أنه ينبغي على الناشطات في المناطق المركزية دعم المطالب المطروحة في مناطق القوميات غيرالفارسية.
ما هو تقييمك لإعطاء المناصب المهمة والحساسة للسكان غيرالمحليين في مناطق القوميات غيرالفارسية والتي تعد مشكلة أخرى تواجهها هذه المناطق، بالنظر إلى أن معرفة الثقافة، والتقاليد وإتقان اللغة التي يتكلم بها السكان المحليين في تلك المناطق تعدّ من الشروط الضرورية للتواصل مع تلك القوميات؟
تتشابك العوامل الاقتصادية والسياسية في هذه المنطقة، وكما نعلم ففي زمن الرئيس محمد خاتمي تسربت رسالة من نائبه، السيد محمد علي أبطحي، إلى العلن مفادها البدء بمشروع لتهجير السكان الأصليين وتغيير التركيبة السكانية في إقليم الأحواز خلال السنوات العشر القادمة، وذلك بتوطين السكان غير المحليين، وتهجير السكان العرب من الإقليم، يمكننا تسمية هذه الظاهرة بالهوية الممسوخة أو المزج الثقافي، وأكدت الرسالة على تقديم فرص عمل أفضل إلى عرب الأهواز في خارج الإقليم، أضف إلى ذلك أن السلطات سلبت فرص التوظيف من الأحوازيين سواء نساء كانوا أم رجالا.
أما المرأة العربية الأمية فهي لا تحظى بفرصة الحصول على عمل، لعدم إتقانها اللغة الفارسية، كما أنه يجب على المرأة العربية في الأحواز الحصول على إذن من زوجها أو أفراد أسرتها في حال حصولها على فرصة للعمل في خارج الإقليم، هذا يعني دخولها في مشاكل جمة تجعلها تلازم البيت.
برأيك كيف تنظرين إلى دور حركة النساء العربيات في التواصل مع حركة النساء في إيران والعالم؟ وهل يوجد رابط بين الحركتين؟ وكيف تساهم هذه العلاقة في دفع مطالبات النساء العربيات في الأحواز إلى الأمام؟
لم تمنح أجواء الاحتقان في إقليم الأحواز أي فرصة للمرأة العربية للانخراط في النشاطات الثقافية وتقديم مطالباتها القانونية، فمصير الأنشطة الثقافية الفشل بسبب تسييسها، الأمر الذي حدا بنا نحن النساء العربيات المقيمات في خارج البلاد أن نتحد وننقل صوت المرأة العربية الأحوازية في داخل البلاد إلى العالم، ومع أن المطالبات المدنية التي يتم رفعها في مناطق المركز تسيطر على المشهد العام، إلا أنه ينبغي الاهتمام أيضا بالمطالب التي تطرحها مناطق القوميات غير الفارسية، فالمطالبات تختلف من منطقة إلى أخرى، فبينما يغلب على المطالب المطروحة في إقليم بلوشستان الطابع المذهبي و القومي، نجد أن هناك مطالب مختلفة في إقليم الأهواز بسبب المكانة الاستراتيجية التي يتمتع بها الإقليم، وعروبة الشعب الأحوازي، وقد يكون الوقوف على المشاكل التي تواجهها سائر المناطق بناءة ومفيدة، ولايجب أن تقتصر الأخبار المنتشرة على منطقة دون أخرى، بل ينبغي الاهتمام بمشاكل كل نساء الوطن من أجل رفع مستوى أداء الحركة النسائية.
أشكرك السيدة سحر بيت مشعل الناشطة في مجال حقوق المرأة الأحوازية والخبيرة القانونية المقيمة في لندن، وشكرا لتلبية الدعوة للمشاركة في هذا الحوار.
أود أن أشكركم لإعطائي فرصة لتقديم لمحة عن الظروف السائدة في إقليم الأحواز، وأوضاع النساء اللواتي يتعرضن للتمييز في تلك المنطقة.