أجرت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات مقابلة مسجّلة مع الخبير في شؤون أمريكا اللاتينية، إيمانويل أوتولينغي، إذ دار الحوار حول نشاطات “حزب الله” واستخدامها لشبكة إرهاب عالمية تصل بين عصابات المخدرات في أمريكا اللاتينية والأسوق العالمية للشرق الأقصى والشرق الأوسط وأوروبا.
أوتولينغي في هذا الحوار يكشف عن التكتيكات غير المشروعة التي تستخدمها المجموعات الإرهابية، وما يجب على الولايات المتحدة القيام به لمكافحة تقارب الاتجار بالمخدرات بين هذه المجموعات، فوفقًا له فإن “حزب الله” بدايةً يقوم بإنشاء شبكة للتهريب والتداول مكونة من عائلة واحدة متوزعة في مناطق جسر التهريب من المكسيك، وعلى سبيل المثال إلى شرق إفريقيا فوسطها وغربها، مرورًا بالشرق الأوسط إلى الشرق الأقصى وأستراليا، أو يستخدم المبادئ الآيديولوجية في بناء هذا الجسر مع أن العصابات اللاتينية لا تتعامل بالآيديولوجيا، إذ إن هدف تلك العصابات تجاريّ وترويجيّ بحت.
» قدرة مطلقة لإيصال المخدرات إلى أماكن بعيدة
لقد أشار أوتولينغي أن ما يجعل “حزب الله” هو الوكيل الموثوق به، سرعته وخفته وأيضًا “نزاهته” في التعامل المالي، فالطرف اللاتيني ينال نصيبه من الأموال، أما الباقي فيذهب إلى الحزب لدعم تجنيد الأطفال وحشد الناس والسيطرة على السياسة والاقتصاد اللبناني وحيازة الأمن الداخلي ليكون عمودًا أساسيًّا في الدولة لا ينفصل عنها. ذاكرًا خلال المقابلة أن الحزب الشيعي وولاءه المطلق لولاية الفقيه في إيران يجعله نسخة مطابقة من الحرس الثوري الإيراني الذي يستنزف الاقتصاد الإيراني ويهيمن على الأمن الداخلي ويسيطر على حرية الناس. وردًّا على سؤال: “لماذا حزب الله؟”، قال أوتولينغي إنّ بإمكان عصابات المخدرات في أمريكا اللاتينية أن تستخدم جماعات مختلفة وتعقد شراكات أخرى، لكن الحزب أثبت “جدارته” في إيصال المخدرات إلى أماكن بعيدة وقدرته الهائلة على التهريب بشتى الوسائل والطرق، كما ويضطلع “حزب الله” أيضًا بتهريب وترويج مادة “الكبتاغون” بشكل ملحوظ، إذ أشارت عدة تقارير إلى استخدامها داخل الأراضي السورية بشكل واسع لزيادة حدّة وقسوة المقاتلين وجعلهم قادرين على تحمّل الإصابات.
» استخدام شركات وهمية.. وعضو يتحدث خمس لغات!
ويضيف أوتولينغي خلال الحوار أن إيران ووكلاءها في المنطقة أصبحوا تحدّيًا عالميًّا بالنظر إلى هذه النشاطات الواسعة، علمًا بأن “حزب الله” يتخذ من البرازيل والأرجنتين والبارغواي مناطق أساسية للاتجار بالمواد المخدرة كونها المناطق الأكثر مناسبة لمثل هذه النشاطات، ويقوم “حزب الله” بتغطية هذه الأفعال بالتجارات الوهمية مثل تجارة الملابس وغيرها، وحتى الملابس أصبحت تحمل ماركات مزوّرة أو مصنّعة من نخب أقل من مستوى الماركة، إذ يذكر أوتولينغي أنه في عام 2016 تم إلقاء القبض على علي شماسي، لبناني أوروغوياني يعيش في المنطقة الحدودية، قُبض عليه في المطار وهو متوجّه إلى تركيا ومعه شحنة 39 كيلوغرامًا من المخدرات، وخلال التحقيقات تبيّن أنه على علاقة وطيدة بـ”حزب الله” اللبناني، بل هو عضو منتمٍ إليه، وكان على اتفاق مع أحد الشركاء في الولايات المتحدة بنقل 100 كيلوغرام من المواد المخدرة كل شهر إلى الداخل الأمريكي، ومع أن الكمية ليست كبيرة لجعل القضية ذات أهمية كبرى، إلا أن الأهمّ هو أن تتبع المكالمات مع الشريك الأمريكي كانت تقول إن شماسي في إحدى المكالمات أكد انتظاره لـــ “الزعيم” في كولومبيا، وهذا يبين أن محورية العمليات وأهميتها في أكثر دولة تشكو من وجود “حزب الله” ونشاطاته في تهريب وترويج المواد المخدرة، ناهيك بقدرة هذا الشخص على التنقل بين الدول وأيضًا امتلاكه خمس لغات للتحدث بها.
» مطارا ميامي وتورينتو.. الشحنات تدخل من الباب الأمامي!
أوتولينغي أشار أيضًا إلى أن ما يثير القلق أن شحنات المواد المخدرة حتى لو كانت قليلة إلا أنها تدخل للولايات المتحدة عبر مطارَي ميامي وتورينتو عن طريق الشحن الجوي بكل سلاسة، وهذا إن دل فإنه يدل على شيئين أساسيين: إما انتماء الموظفين وتشيعهم لجماعة “حزب الله”، وإما الفساد المتفشي بين أفراد طاقم الشحن والجمارك، إذ إنه من الغريب إيصال الشحنات بهذه الطريقة ومن الباب الأمامي. موصيًّا بزيادة الرقابة على المطارات والرحلات القادمة من أمريكا اللاتينية بسبب إمكانية وجود نماذج أخرى مثل علي شماسي، والتحقيق المبدئي مع طواقم الشحن الجوي والجمارك. ومع أن الحكومات اللاتينية تحاول جاهدة ردع الفساد ونشاطات تهريب المخدرات، إلا أن شبكة “حزب الله” قوية ومعقدة ومنظمة، وما يؤكد ذلك ما ذكرته مجلة البوليتيكو الأمريكية خلال تقرير أعدته قبل أيام قليلة أفادت فيه بأن إدارة أوباما متّهمة بتعطيل عملية “كاسندرا” التي كانت تهدف إلى متابعة نشاطات “حزب الله” المشبوهة وملاحقتها وسط نفي من وسط البيت الديمقراطي في الولايات المتحدة.
أوتولينغي أنهى حواره بالإشارة إلى أن التغلغل الإيراني عن طريق “حزب الله” في أمريكا ليس مستبعَدًا على الإطلاق، “إذ رأينا ذات عام الحرس الثوري يحاول اغتيال السفير السعودي السابق عادل الجبير وسط بلادنا”، مضيفًا أن “حزب الله” يقوم بهذه الأفعال بشكل ممنهج، ليس فقط لكسب المال وتمويل جماعته أو دعم الميليشيات الإيرانية الأخرى، بل لأسباب يَعُدّها البعض آيديولوجية لتوسيع رقعة الحزب الذي يحمل بين كتفيه رأس ولاية الفقيه الإيرانية.