حذّر حسن روحاني الدول الغربية من تبعات العقوبات وتأثيرها على قدرة إيران في مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات، وقال: «لا نتوقع من الغربيين أن يدفعوا حصتهم من تكاليف الأمن والاستقرار الذي نوفّره لهم، لكن ليعلموا أن فرض العقوبات على إيران سيُضعِف قدرتنا على مكافحة المخدرات والإرهاب».
روحاني الذي كان يخطب في مؤتمر رؤساء برلمانات إيران وأفغانستان وباكستان وتركيا والصين وروسيا، الذي أقيم في طهران، انتقل بتهديداته إلى مستوى أعلى، ووعد الغرب بأكوام من المخدرات واللاجئين والقنابل، وأكّد أنه «إذا ضعفت قدرتنا على مكافحة المخدرات والإرهاب في مهده، فإنكم لن تتمكنوا من النهوض سالمين من تحت أكوام المخدرات واللاجئين والقنابل والإرهابيين».
يبدو أن روحاني يسعى بأساليب مختلفة، من تهديد الأصدقاء إلى تطميع الأعداء، للحفاظ على التوازن الذي أصبح يرى أن بلاده بدأت تفقده بعد بدء تطبيق العقوبات الأمريكيَّة، وفي سياق هذه المساعي دعا روحاني قبل بضعة أيام السعوديَّة، بـ«الأخ».
يقول روحاني إن إيران «تنفق سنويًّا 800 مليون دولار لمكافحة المخدرات»، و«نتيجة ذلك هي ضمان مزيد من السلامة للشعوب من شرق أوروبا حتى غرب أمريكا، ومن شمال إفريقيا حتى غرب آسيا»، وأكّد في نفس الوقت أنهم «يؤمنون بمكافحة الإرهاب بنفس ما يبذلونه من جهد في مكافحة المخدرات».
يبدو أن قضية المخدرات وإمكانية تحول إيران إلى بوابة واسعة لدخول هذه المادة إلى العالَم، جادَّة للغاية، فقد اتفقت إيران مع أوروبا عقب توقيع الاتفاق النووي على أن تصدِّر أوروبا التجهيزات الأمنية اللازمة إلى إيران، ويهدف هذا الاتفاق إلى مواجهة تهريب وتجارة المخدرات، وفي الوقت الحاضر على الأقلّ لا توجد علامة واضحة على أن أوروبا لا ترغب في مثل هذا التعاون، فهم يؤكّدون أنهم ملتزمون الاتفاق النووي وتعهُّداتهم فيه، لكن السؤال هو: إلى أي مدى يمكنهم عمليًّا الاستمرار في هذه العملية؟ مع العلم بأن إيران اشتكت من قبل أن الغرب لا يدفعون حصّتهم من تكاليف مكافحة عبور المخدرات من إيران.
حسب ما أعلنته منظَّمة الأمم المتَّحدة، في الوقت الحالي ينتقل ما نسبته 30% من إنتاج أفغانستان من المخدرات إلى دول العالَم من خلال الأراضي الإيرانيَّة، إذ تنتج أفغانستان سنويًّا 9 آلاف طن من الأفيون، ولم تتمكن حتى الآن أي حرب داخلية أو خارجية من وقف خطّ الإنتاج هذا، ومن جهة أخرى فإن لإيران حدودًا مشتركة مع أفغانستان بطول 900 كلم، وهي بوابة لارتباط هذه الدولة بالغرب والأسواق العالَمية، ويؤكّد مساعد قائد قوات مكافحة المخدرات في إيران مجيد كريمي، هذه الحقيقة بقوله إن «إيران أقرب الطرق لنقل المخدرات من أفغانستان إلى الدول الغربية، وأقلّها تكلفة».
من جهة أخرى، أبدى المسؤول عن إدارة مكافحة المخدرات في جمارك إيران، نعمت الله موم وندي، تذمُّره من أن الدول الأوروبيَّة أكبر مُصدّر للماريغوانا إلى إيران، زاعمًا أنهم لم يفعلوا شيئًا إزاء ذلك على الرغم من احتجاج إيران على هذا الأمر.
يتحدث حسن روحاني عن 800 مليون دولار تكاليف تتحملها إيران لقاء مكافحة عبور المخدرات من أراضيها، في حين أن المسؤولين الإيرانيّين يزعمون أن قيمة ما تسهم به المنظَّمات الدولية في هذا المجال لا تزيد على 15 مليون دولار، كما تدّعي إيران أنها تكبدت خسائر بشرية بلغت 3 آلاف قتيل لقاء مكافحتها عبور المخدرات من أراضيها، في حين يُبدِي الاتِّحاد الأوروبيّ لا مبالاته بهذه الخدمة الكبيرة التي تقدّمها لهم إيران.
وتتخذ القضية منحنًى أكثر خطورة عندما نرى أن التهريب قد أخذ يتحول في دول المنطقة إلى أحد المصادر المالية الأساسية للإرهاب، ففي أفغانستان علاقة طردية بين الإرهاب وعائدات مبيعات المخدرات، وحسب تقرير مكتب الأمم المتَّحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة (UNODC) فإن نصف دخل طالبان السنوي يأتي من إنتاج المخدرات وتهريبها، و85% من الأفيون يُزرَع في المناطق التي تسيطر عليها طالبان.
ومن قبل نوّه نائب الأمين العامّ للأمم المتَّحدة خلال لقائه المسؤولين الإيرانيّين، بأن الإرهابيين في العراق وسوريا فقدوا مصدر دخلهم من النِّفْط، مشيرًا إلى أنهم استبدلوا به زراعة المخدرات في أفغانستان وتهريبها. الآن بعد النظر في هذه الأرقام والإحصائيات، تصبح تهديدات روحاني لأوروبا ذات مغزًى، لأنه يبدو أن فتح حدود إيران في وجه المخدرات وعبورها إلى أوروبا بمثابة تهديد ثنائيّ، بين تراكُم المخدرات في السوق الأوروبيَّة وما ينتج عن ذلك من أضرار اجتماعية، وزيادة القدرة المالية لمنتجي المخدرات وبائعيها، أي الإرهابيين.
مادة مترجمة عن موقع زيتون
الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعكس بالضرورة رأي المعهد