بعد عام من الجهود المضنية في العراق، اعترف المستشارون والمدربون العسكريون الأمريكيون الذين أرسلوا لإعادة تدريب وتأهيل الجيش العراقي بأن محاولة إيرانية مماثلة أصابت خطة الولايات المتحدة لتوسيع هذا الجيش وتحسين نوعية ضباطه وجنوده بالشلل.تتمثل المشكلة الأساسية في أن معظم الرجال الذين يريد الجيش تجنيدهم تابعون لواحدة من الميليشيات الشيعية التي قامت إيران بتنظيمها وتدريبها، وكل ما في الأمر أنها أصبحت مسألة ثقة.
ففي بلد يضم أغلبية شيعية بنسبة 60 في المئة من عدد السكان، لا يعتقد الجنود الشيعة أن الجيش العراقي يمكن إصلاحه وإعادة بنائه، وأن الميليشيات الشيعية شبه العسكرية ستكون الأفضل والأكثر فعالية في القيادة، على الرغم من أن الجيش العراقي يمتلك أسلحة أكثر تطوراً، ويمكنه الحصول على الدعم الجوي الأمريكي.
وعلى إثر ذلك أصيب القادة العسكريون الأميركيون بخيبة أمل كبيرة، وللأسف أن العديد من الميليشيات الشيعية تحت قيادات عُرفت بانتمائها لإيران، والتي هاجمت الإسلاميين السنة في عام 2008. وتم حل الميليشيات عام 2010 ولكن بعد عام 2014 تم السماح بإعادة تشكيلها مرة أخرى.
يعتبر هجوم داعش الذي تم في منتصف عام 2014 والذي سيطر على معظم الغرب العراقي (محافظة الأنبار)، وشمال غرب مدينة الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق هو أكثر ما حث الجهود الأمريكية الحالية على إعادة تدريب الجيش العراقي.
ومع نهاية عام 2014، كان العراق طلب من الولايات المتحدة المساعدة في إعادة بناء قواته المسلحة، ودعا الى إحياء الميليشيات الشيعية في إيران، ثم جاء السقوط السريع وغير المتوقع لمدينة الرمادي (عاصمة محافظة الأنبار) في مايو 2015 من قبل قوة أصغر بكثير (القوات الحكومية كانت تفوق مسلحي داعش بعشرة جنود مقابل كل مسلح واحد)، مما أدى إلى توجيه اتهامات من قبل الولايات المتحدة وحكومات غربية أخرى بأن العراقيين لم تكن لديهم الرغبة في القتال، ولم يكن ذلك صحيحاً، وإنما المشكلة الحقيقية كما كانت دائماً في القيادة، وكما يقول المثل القديم: “لا توجد قوات سيئة، بل قادة سيئون”.
وفي أواخر عام 2014، صرحت الولايات المتحدة بأن معظم القوات التي تم تدريبها قبل مغادرة القوات الامريكية عام 2011، تم تدريبها على نحو سيئ، حتى إن قياداتهم كانت سيئة، إذ كانت تتمثل في الضباط العراقيين الفاسدين الذين عيّنتهم حكومة المالكي مؤخرا (أبريل 2014).
وتعتقد الولايات المتحدة أن العراق يحتاج إلى ما لا يقل عن 80،000 جندي مدرب وإلى قيادات ذات كفاءة للتعامل مع داعش. لذا تم إرسال فرق عسكرية أمريكية إلى العراق في شهر أغسطس عام 2014 لتقييم مدى إمكانية إنقاذ الجيش العراقي. وتم اكتشاف أن 52 في المئة فقط من 50 لواءً مقاتلاً عراقياً تمتلك الجاهزية للتدريب والدعم على المدى القصير. بالإضافة الى 24 لواءً غير فعالة نتيجة سياسات الشيعة والضباط الذين تم تدريبهم وتأهيلهم بشكل سيئ جداً للقيام بمثل هذه المعارك العنيفة. كانت المشكلة الأساسية هي الضباط الذين كانوا يولون اهتمامهم للسياسة وطرق الوصول إلى الثراء (عن طريق الممارسات الفاسدة) أكثر من الخروج بجيش ذي كفاءة عالية. وهذه ليست مشكلة جديدة أو فريدة من نوعها في الجيش العراقي، فمنذ عام 2011 تولى السياسيون الشيعة إدارة الحكومة واختيار الضباط الشيعة الموثوق فيهم سياسياً وفضلوهم على أولئك الذين كانوا مختصين في وظائفهم، مما أدى ذلك إلى انهيار الجيش العراقي في مواجهة هجوم داعش منتصف العام 2014.
لا ينبغي أن يحدث ذلك، لكنه حدث وسيحدث مرة أخرى إذا لم يركز العراقيون على الكفاءة أكثر من الولاء السياسي عند اختيار ضباط الجيش. كان هناك نمط مماثل في الشرطة، فعلى الرغم من أن بعض وحدات (التدخل السريع) ووحدات الشرطة شبه العسكرية (خصوصاً وحدات مكافحة الإرهاب) حافظت على قدرتها، إلا أنها دمرت من قبل القيادات الفاسدة، في حين كان معظم العراقيين غاضبين من الاتهامات الأجنبية بأنهم يفتقرون إلى وجود إرادة للقتال، لكن كان عليهم التسليم بأن الكثير منهم يفتقرون إلى القدرة على القيادة.
مادة مترجمة : strategypage