الانتخابات الإيرانية البرلمانية 2020..النظام ينافس ظلّه

https://rasanah-iiis.org/?p=20009

وسط ظروفٍ استثنائية أُجريت انتخابات الدورة الحادية عشرة للبرلمان الإيراني في عهد الجمهورية يوم الجمعة الموافق 21 فبراير 2020 وتنافس في هذه الانتخابات نحو 7148 مرشحًا للحصول على مقاعد البرلمان البالغ عددها 290 مقعدًا، حيث تم تقسيم إيران إلى 55 ألف مركز اقتراع تتوزع على 208 دوائر انتخابية، وبالتزامن مع الانتخابات البرلمانية فقد أُجريت الانتخابات التكميلية لمجلس الخبراء في دورته الخامسة، وهو الجهة التي منحها الدستور الايراني في المادتين 107 و110 حق تعيين وعزل المرشد الأعلى للنظام الإيراني، ويضم في عضويته 88 شخصًا جميعهم من رجال الدين ويتم انتخابهم لدورة واحدة مدتها ثمانيَ سنوات.

أولًا: بيئة الانتخابات

جرت الانتخابات البرلمانية هذه المرة وسط بيئةٍ مشحونةٍ بالتوترات والإحباط التي تعيشها إيران على مختلف الأصعدة، إذ تتعرض إيران منذ نوفمبر 2018م لإستراتيجية الضغوط القصوى الأمريكية والتي فُرِض بمقتضاها حظرٌ على الصادرات النِّفطية الإيرانية ومنعٌ لتصدير سلعٍ إستراتيجية أخرى كالبتروكيماويات والمعادن، ومُنِعت إيران من الوصول للنظام البنكي العالمي والتعامل بالدولار الأمريكي؛ مما قلص معدل النمو للاقتصاد الإيراني وخلق حالةً مِن الركود الاقتصادي تبِعتها زيادة معدليْ البطالة والتضخم مع انهيارٍ في قيمة العملة الإيرانية، فضلًا عن إسقاط الحرس الثوري للطائرة الأوكرانية ومقتل العشرات من الإيرانيين والأجانب. ولم تفلح خطط الحكومة الإيرانية في تصدير النِّفط وكسر دائرة العقوبات الأمريكية وكذلك سياستها بالضغط على أوروبا لمواصلة التجارة معها حتى مع استخدامها سياسة خفض الالتزامات النووية، كل ذلك أدى إلى تعمق حالة السخط والغضب لدى المواطنين الإيرانيين ويأسهم من تحسن الأوضاع، وبالتالي اندلعت التظاهرات والاحتجاجات أكثر مِن مرة خلال السنوات الأربع الماضية وقوبلت بموجاتٍ مِن العنف والقمع لم تشهد لها إيران مثيلًا إلّا في السنوات الأولى من عمر الجمهورية منذ حوالي 40 عامًا، ولم يستطِع البرلمان الإيراني المنتخب في دورته السابقة أنْ يحدّ من عنف الدولة والنظام في التعامل مع المواطنين ومطالبهم المشروعة، ولم يُسهم في تقديم حلولٍ للمشاكل التي يعاني منها الشعب الإيراني، وبالتالي كان الرد المتوقع من الشعب على خذلان البرلمان له، هو العزوف عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية.

ثانيًا: مجلس صيانة الدستور ودوره في هندسة الانتخابات

يقوم مجلس صيانة الدستور المكون مِن 12 عضوًا من رجال الدين والقانونيين بفرز الأشخاص المتقدمين للترشح للانتخابات، ولديه سلطة إصدار قرارات بمنع الترشح دون إبداء الأسباب وقراراته قطعية لا استئناف فيها، وعلى الرغم  مِن أنَّ الدستور الإيراني يمنحه هذه السلطة لمنع الأفراد الذين يخالفون دستور الدولة ولا يؤمنون بمبادئ الثورة مِن الترشح، فإنه في الدورات الانتخابية الأخيرة استخدم هذه السلطة القانونية  في هندسة الانتخابات وَفق أوامر المرشد، ومنع الكثير من رجال النظام، سواءً أكانوا برلمانيين سابقين أو وزراء أو حتى رؤساء جمهورية من الترشح في الانتخابات، حتى باتت الانتخابات في إيران مسرحيةً سياسيةً يُخرجها مجلس صيانة الدستور بأوامر من المرشد.

1-إحصائيات الترشح للانتخابات:

وتقدم للترشح في انتخابات الدورة الحادية عشرة 16 ألف و145 مرشحًا، ولم يُجِز مجلس صيانة الدستور سوى 7 آلاف و148 فردًا للمنافسة على 290 مقعدًا برلمانيًّا، وعلى هذا النحو وصلت نسبة المستبعدين إلى 56% من إجمالي المتقدمين للترشح. والتي بلغت في الدورة السابقة 51%. وفي تساؤل من قبل أحد نواب البرلمان قال: إنَّ أعضاء مجلس صيانة الدستور يقومون بفحص ملفات المتقدمين خلال 20 يومًا بمعنى أنَّ كل مِلف يتم فحصه خلال 4 دقائق إذا احتسبنا 18 ساعة عمل لهؤلاء الشيوخ. وهو ما يعكس وبقوة نية مجلس الدستور في تكوين برلمان أكثر اتساقًا مع النظام وبحجم انتقادات أقل ليتماشى مع مرحلةٍ مِن المتوقع أنْ تزيد فيها الاحتجاجات والمطالبات المجتمعية؛ نظرا لتردي الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها إيران.

2- انتقاد روحاني لقرارات مجلس صيانة الدستور:

من قبل بدء عملية الترشح وجّه روحاني انتقاداتٍ لمجلس صيانة الدستور قائلًا إن “أفضل برلمان في تاريخ الثورة الايرانية كان البرلمان الأول الذي لم يخضع لرقابة مجلس صيانة الدستور الذي لم يكن موجودًا من الأساس حتى أن عناصر مجاهدي خلق قد سمح لهم بالترشح فيه”، في إشارةٍ إلى المردود السيء على الحياة السياسية الإيرانية من إنشاء مجلس صيانة الدستور.

وبعد عملية التصفية التي أجراها مجلس صيانة الدستور صرح الرئيس حسن روحاني كذلك منتقدًا إيّاه، قائلًا: إنَّ التيارات السياسية لم يتم تمثيلها بشكلٍ كامل فيمن تم لهم السماح بخوض الانتخابات البرلمانية 2020، في إشارةٍ إلى استبعاد المرشحين الإصلاحيّين.

هذا في الوقت الذي صرح فيه أحمد جنتي رئيس مجلس صيانة الدستور أنَّ الانتخابات سوف تكون تنافسية تمامًا وأنَّ جميع التيارات السياسية سوف تكون ممثلة في المنافسات الانتخابية.

3نواب برلمانیون لم یُسمح لهم بالترشح:

من مجموع 248 نائبًا في الدورة البرلمانية الحالية تقدموا بالترشح، قام مجلس صيانة الدستور باستبعاد 90 منهم، وهو ما أثار في الشارع الإيراني عددًا من التساؤلات، أهمها:

ماهي الجرائم التي ارتكبها هؤلاء النواب خلال السنوات الأربع الماضية التي كانوا فيها ممثّلين للشعب ليتم منعهم من الترشح بعد ذلك؟

هل خلال الفترة التي أُعلِن فيها أنهم غير جديرين بالترشح للانتخابات القادمة لحين انتهاء الدورة البرلمانية، ما زال لهم الحق في التشريع للدولة ومراقبة أداء الحكومة، وكيف يكون لهم ذلك وهم في نظر النظام غير جديرين بالترشح مرةً أخرى وَفق معايير اشتراط إيمانهم بالدستور والتزامهم بمبادئ الثورة؟

استبعاد النواب البرلمانيين أدى إلى اندلاع حربٍ كلاميّةٍ بين مجلس صيانة الدستور والبرلمان خاصة بعدما صرح علي عباس كدخدائي المتحدث الرسمي باسم صيانة الدستور قائلًا: إنَّ استبعاد النواب البرلمانيين التسعين جاء نتيجة وجود مِلفات فسادٍ ماليٍ بحقهم وهو ما أثار حفيظة البرلمانيين ونعتوه بالكذب.

4-أمريكا تصدر عقوبات بحق صيانة الدستور:

ونتيجةً لعمليات الإقصاء الواسعة للمرشحين، دخلت الولايات المتحدة على خط الانتخابات البرلمانية في إيران، إذ وصف المبعوث الأمريكي الخاص إلى إيران براين هوك هذه الانتخابات بـ ِ«المسرحيَّة السياسيَّة». وفي موقف أمريكي موازٍ أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية عن حزمة عقوباتٍ أمريكية جديدة تستهدف خمسةً من أعضاء مجلس صيانة الدستور هم أمين المجلس أحمد جنتي والمتحدث باسم المجلس عباس كدخدائي العضو بمجلس صيانة الدستور، إضافةً إلى محمد حسن صادق مقدم ومحمد يزدي وسيامك ره بيك؛ وذلك لدورهم المباشر في حرمان الآلاف من الايرانيين للترشح في الانتخابات، فضلًا عن دورهم في عدم إجراء انتخاباتٍ حرة ونزيهة.

5-أبرز الغائبين عن الانتخابات:

النواب البارزون في الدورة السابقة والأكثر كشفًا للفضائح وانتقادًا للنظام مبعدون من الترشح، ومنهم: علي مطهري صهر علي لاريجاني ونجل مرتضى مطهري الذي كان منظّرًا للثورة الإيرانية، وكذلك محمد رضا تابش، وحسين نقوي حسيني، وبهروز نعمتي، وإلياس حضرتي ومحمود صادقي الذي أثار موضوع الحسابات البنكية للسلطة القضائية.

كما غاب علي لاريجاني الذي ظل رئيسًا للبرلمان الإيراني منذ 2008م أيْ لثلاث دوراتٍ متتالية وعقِب فتح باب الترشح أعلن عن عدم نيته خوض الانتخابات، ولحق به رئيس كتلة الأمل الإصلاحية في البرلمان محمد علي رضا عارف. ورغم عدم اتضاح ملامح الانتخابات الرئاسيّة القادمة، لكنَّ انسحاب كلٍ من لاريجاني وعارف قد يكون لرغبتهما في خوض تلك الانتخابات الرئاسية المقررة في 2021م.

ثالثًا: التيارات السياسية المشاركة

1.قوائم التيار المحافظ:

خاض التيار المحافظ الانتخابات البرلمانية 2020م بسبعة قوائم انتخابية رئيسيّة وهي:

أ- قائمة الوحدة (المجلس الائتلافي لقوى الثورة):

بعد دمج قائمتيْ القوى الثورية وجبهة الصمود، اللتين تُعَدّان مِن أهم أجنحة التيار المحافظ في إيران، وبعد جولاتٍ ماراثونية من المفاوضات بين قيادتي القائمتين، توصل الطرفان إلى اختيار عمدة طهران السابق محمد باقر قاليباف والذي يطمح للوصول إلى رئاسة البرلمان خلال الفترة القادمة بعد إخفاقه في الوصول إلى رئاسة الجمهورية، لرئاسة هذه القائمة.

 ب- إيران مرفوعة الهامة (إيران سربلند):

قائمةٌ انتخابيةٌ أصولية يتزعمها عمدة طهران السابق محمد باقر قاليباف. وقد أعلنت القائمة بأنَّ مِن أبرز أهدافها إنقاذ الاقتصاد الإيراني.

ج –  جبهة الصمود:

تأسَّست في العام 2012م أُنشئَت بوصفها القائمة الانتخابية الخاصة بالانتخابات الإيرانية وهي عبارة عن تيارٍ أصوليٍّ متشدد. وقد حصدت على 30 مقعدًا من مقاعد البرلمان الإيراني في دورته الحادية عشرة الأخيرة برئاسة مرتضى آقاتهراني.

‌د-  قائمة الشباب الثوري:

أو ما تُعرف ببناة المستقبل وهي قائمةٌ برلمانية مكونة مِن ثلاثين شخصًا رشحت خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة، يتزعم هذه القائمة بيمان نوشادي. يذكر أنَّ رئيس مجلس تحالف الشباب الثوري قد تحدَّث في تصريحٍ سابقٍ لها بأنَّ أعضاء هذه القائمة شباب ثوريون لا يتبعون لأيّ تيارٍ سياسي وأنه تم اختيارهم من بين 410 متقدمًا.

هـ – قائمة الاقتصاد ومعيشة الشعب:

تُعرف أيضًا بالقائمة الكبرى أو قائمة تحالف الاقتصاد والعيش، تتكوَّن القائمة مِن 30 عضوًا، منهم 12 اقتصادي، و9 أعضاء متخصصين في الإنتاج والتسويق و9 آخرين ما بين شخصياتٍ ثقافيّة واجتماعيّة، يرأسها غلام رضا مصباحي مقدم.

و-تحالف الشعب:

عبارة عن قائمةٍ برلمانيةٍ تضم كبار المسؤولين في حكومة أحمدي نجاد السابقة، يترأس القائمة صادق خلیلیان.

ز- لمنشدون أو المدّاحون ( قائمة منصور أرضي):

قائمةٌ برلمانيةٌ أصوليةٌ يترأسها المداح محمود نبویان.

2.قوائم التيار الإصلاحي

خلافًا للمحافظين الذين خاضوا الانتخابات البرلمانية بعددٍ وافرٍ مِن القوائم (سبع قوائم رئيسية)، فإنَّ الأحزاب الإصلاحية خاضت هذه الانتخابات بقائمتين رئيسيتين فقط رغم قرار اللجنة العليا للسياسات التابعة للتيار الإصلاحي بعدم تقديم قوائمَ انتخابية للسماح للأحزاب المنضوية تحت عباءة التيار الإصلاحي بالمشاركة بأسمائها.

أ-قائمة حزب كوادر البناء:

 وحملت هذه القائمة اسم أنصار هاشمي رفسنجاني وضمت 30 شخصًا.

ب-الاتحاد مِن أجل إيران:

وضمت كذلك 30 شخصًا يمثلون 8 من أبرز الأحزاب الإصلاحية، وهي: حزب العمل الإسلامي، الحزب الديمقراطي الذي يتزعمه الإصلاحي مصطفى كواكبيان، حزب دار العمال، الجمعية الثقافية الإسلامية، حزب الحرية، إضافةً إلى أحزاب التضامن، الوحدة والتعاون.

3-قوائم المستقلين:

كوَّن بعض المستقلين عدة قوائم أبرزها قائمة الجبهة المتحدة المستقلة والتي ضمت 30 مرشحًا ورفعت شعار «ممنوع الكذب»، إضافةً لاتحاد المرشحين المستقلين والتي ضمت عددًا مِن المسؤولين السابقين منهم إلهام أمين زاده نائبة الرئيس روحاني السابقة للشؤون القانونية، ورامين مهمان برست الدبلوماسي الإيراني الذي شغل عدَّة مناصب في وزارة الخارجية كالمتحدث السابق باسم وزارة الخارجية الإيرانية وسفير إيران لدى بولندا وليتوانيا.

رابعًا: البرامج الانتخابية والشعارات المستخدمة

يطلب المجتمع الإيراني من هذه الدورة الجديدة من الانتخابات أنْ تقوم بمعالجة القضايا التي تمسّه بشكلٍ رئيس خصوصًا المعيشية منها وتوفير فرص العمل ومعالجة الاقتصاد؛ لذا احتل موضوع تحسن الوضع المعيشي والاقتصادي الأولوية للنواب والنقطة الأبرز التي ركزت عليها غالبية البرامج الانتخابية لمرشحي البرلمان الإيراني في دورته الحادية عشرة.

 وقد ركزت البرامج الانتخابية للمشرحين على مشكلات البطالة والفقر والأوضاع الاقتصادية والبيئية. وكذلك أتت الشعارات الانتخابية سواءً مِن المحافظين أو الإصلاحيين مركزةً مجملها على العديد من المواضيع الاجتماعية والمواضيع المتعلقة بالشباب وتوفير فرص العمل لهم ومكافحة الفساد.

بينما ركزت شعارات مرشحي الأقاليم على المشكلات التي تعاني منها أقاليمهم على نحوٍ خاص، فقد ركزت شعارات مرشحين في إقليم محافظة أصفهان مثلًا على المواضيع المتعلقة بمعالجة المياه والمشكلات الطبيعية ومعالجة الجانب الزراعي وما يواجهها من تحدياتٍ ومشكلات في الوقت الحالي، إضافة إلى المشكلات المتعلقة بالصناعات والنقل والثقافة وقضية التلوث الجوي.

وقد صاحبت تلك الانتخابات انتقاداتُ الناخبين حولها إذ بيّنت امتعاض بعض الناخبين من البرامج الانتخابية التي يقدمها المرشحين لكراسي البرلمان وذكروا بأنَّ الشعارات التي تُرفع مِن قبلهم أيْ المرشحين ليست سوى دعايةٍ انتخابيةٍ وليس هناك تنفيذٌ فعليٌ لها على أرض الواقع. مبينين أنَّ البرامج الانتخابية التي يقدمها المرشحون منعدمة التنوع وعديمة الفعالية، ولا يُلحظ اختلافٌ يذكر بين شعارات المرشحين في انتخابات برلمان 2020م عن مثيلتها في الانتخابات السابقة فقد سبق أنْ تمحورت شعارات الأعضاء الحالييّن للدورة العاشرة للانتخابات البرلمانية الإيرانية على الموضوع الاقتصادي والأمن. فقد رفع الأصوليون الذين يسيطرون على غالبية كراسي البرلمان الحالي شعارات الرفاهية والأمن والتقدم، في حين رفع الإصلاحيون شعارات الأمل والاستقرار الاقتصادي.

خامسًا: نسبة المشاركة

كان من المتوقع حتى قبل إجراء الانتخابات أن تنخفض نسبة المشاركة نتيجةً للأسباب التي بيناها في الحديث عن بيئة الانتخابات، وأُضيف إلى تلك الأسباب تزايد عدد الإصابات بفيروس كورونا، وقد حاول النظام الإيراني إرجاع انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات إلى فيروس كورونا فقط دون الأسباب الجوهرية التي أدت لعزوف الناس عن المشاركة.

قدر مسؤولون بوزارة الداخلية الإيرانية حجم الإقبال في بدايات فترة الاقتراع بحوالي 11 مليون من أصل نحو 58 مليون نسمة هم عدد الذين يحقّ لهم المشاركة في التصويت، ونسبةً لفراغ عددٍ كبيرٍ مِن مراكز الاقتراع من الناخبين اضطرت لجنة الانتخابات الإيرانية إلى تمديد فترة الاقتراع والتي كان مقررًا لها أن تنتهي في الساعة السادسة مساءً، حتى الساعة الحادية عشرة ليلًا؛ وذلك لإتاحة الفرصة لمشاركة أكبر عددٍ ممكنٍ مِن الناخبين، أمّا وكالة «فارس» للأنباء فقد تحدثت عن مشاركة نحو 42% من مجموع المسموح لهم بالمشاركة في عملية الاقتراع، وهي أقل نسبة مشاركة منذ انتصار الثورة الإيرانية في 1979م.

تدَّخل المرشد الإيراني علي خامنئي لتشجيع الناس على التوجّه لصناديق الاقتراع بأنْ ألبس الانتخابات البرلمانية عباءةً دينيةً عندما وصفها بـِ «الواجب الديني» وهو إجراءٌ ظل يستخدمه خامنئي قبيل كل الانتخابات لدغدغة مشاعر الناخبين وحشدهم للمشاركة بكثافة في الانتخابات. وإضافةً لرغبته الأكيدة في فوز أنصاره بالتيار المحافظ وضمان برلمانٍ جديدٍ منسجم ويؤيده في كل قراراته وتوجهاته في المرحلة المقبلة، فإنَّ خامنئي يسعى من وراء هذه الانتخابات إلى تأكيد شعبيته وشرعيته خاصة وأنَّ الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها معظم المدن الإيرانية أُطلقت فيها شعارات مباشرة ضده وطالبه المحتجون فيها بالتنحي من منصبه.   ومع هذا جاءت نسبة المشاركة منخفضةً ولم تتجاوز 42% وَفق تصريحات الحكومة الإيرانية وإنْ كان كثيرٌ مِن المراقبين يرجّحون أنها أقل من ذلك بكثير ولا سيَّما إذا ما قورنت بانتخابات 2016م التي بلغت المشاركة فيها 62% وانتخابات 2012م والتي شارك فيها نحو 66% من الإيرانيين المسموح لهم بالتصويت.

وَوَفقًا لإحصائيات وزارة الداخلية الإيرانية كانت محافظة طهران هي أقل المحافظات في نسبة المشاركة في الانتخابات إذ بلغت 26.2% فقط.

سادسًا: نتائج الانتخابات

منذ بداية ظهور المؤشرات الأولية، اتّضح تقدم المحافظين وحصولهم على أغلبية مقاعد البرلمان في دورته الحادية عشرة كنتيجةٍ طبيعيةٍ لاستبعاد مجلس صيانة الدستور مئات الإصلاحيين والشخصيات المعتدلة البارزة. ثم جاءت النتائج النهائية لتؤكد فوز المحافظين وحصد التيار الأصولي الإيراني 75%  مِن مقاعد البرلمان على مستوى المدن الإيرانية. وكان وزير الداخلية الإيراني عبدالرضا رحماني قد أعلن أعقاب إعلان الأسماء الفائزة في دورة البرلمان الإيراني بأنَّ نسبة المشاركة الشعبيَّة في الانتخابات البرلمانية تجاوزت 42%. وَوَفقًا للإحصائيات الصادرة عن وزارة الداخلية؛ بلغت أعداد الناخبين الذين شاركوا في الانتخابات نحو 24 مليون و500 ألف مواطن. وأظهرت النتائج فوز عددٍ مِن الوزراء والمسؤولين ومحافظي المحافظات الإيرانية في فترة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، منهم رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية السابق فريدون عباسي ووزير الاقتصاد في الدورة الثانية لرئاسة أحمدي نجاد شمس الدين حسيني ووزير التربية والتعليم السابق حميد رضا بابايي ووزير العمل والرفاه السابق عبد الرضا مصري. كما كشفت النتائج عن تصدر المتشددین معظم مقاعد العاصمة طهران والبالغة 30 مقعدًا، أبرزهم عمدة طهران السابق محمد باقر قاليباف الذي يُعَد أحد الوجوه السياسيَّة المحافظة، وهو أحد أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام والمحافظ السابق لبلدية طهران والذي يطمح لخلافة علي لاريجاني في رئاسة البرلمان، إضافةً إلى مصطفى مير سليم وزير الثقافة في حكومة هاشمي رفسنجاني وأحد أبرز القيادات المحافظة في حزب المؤتلفة الإسلامي.

وقد حُسِمت نتيجة 241 مقعدًا حصل منها المحافظون على 191 مقعدًا، والإصلاحيون على 16 مقعدًا، والمستقلون على 34 مقعدًا، في حين تبقي 49 مقعدًا لم تُحسَم بعد، وسيجري الاقتراع حولها في المرحلة الثانية مِن الانتخابات.

المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
إدارة التحرير