شكَّلت الصفقة النووية منعطفًا مهمًّا في مجرى العلاقة الأوروبية – الإيرانية، وكان لحكومات دولِ الترويكا الأوروبية (فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا) ونظيرتها الإيرانية إسهاماتٌ بارزة في تحديد معالم الاتفاق، والأخذ بالمفاوضات إلى برّ الوئام؛ حتّى يتسنّى للطرفين قطف ثمارها السياسية والاقتصادية، وتحقيق المكاسب المأمولة من جرّاء رفع العقوبات الأُممية عن إيران جنبًا إلى جنب مع احتواء برنامجها النووي. وحين اتّخذت الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب قرارها بالانسحاب من الاتفاق، أبقت الأطرافُ الأوروبية على إستراتيجيتها الملتزمة به، وتبنَّت مقاربة الحياد حول تنابذ الطرفين الإيراني والأمريكي؛ للحيلولة دون انهيار الاتفاق بالكامل.
روسيا والصين كقوى ذات سياساتٍ متصادمة مع السياسات الأمريكية تستهجن الانسحاب الأمريكي من الاتفاق، وتندِّد بالعقوبات المفروضة على إيران، وباقترانها بالمساعي الدبلوماسية الإيرانية تسعى الأطراف الثلاثة لاستمالة الدول الأوروبية نحو مواقف أكثر معارضة لقرارات الرئيس ترامب الأُحادية. وعلى طرف المعادلة الآخر، يبذل الحليف الأمريكي واسع جهده لتحييد السياسات الأوروبية عن دعم الإبقاء على الاتفاق النووي، منوِّهًا إلى الخروقات والابتزازات التي ما كفَّت إيران عن اقترافها بحقّ القيود النووية المفروضة بالاتفاق، أو أمن الملاحة البحرية والاستقرار الإقليميين، ومحذِّرًا من تنامي الخطر الإيراني الصاروخي؛ وعطفًا على مآلات الصِدام السياسي والدبلوماسي بين إيران وروسيا والصين من جهة وبين الولايات المتحدة من جهةٍ أخرى، غدا موقف الأطراف الأوروبية من الاتفاق كمحورٍ للتوازن تعمد إليه كلّ الأطراف؛ لتجد في طيّاته ما يحدِّد معالم مستقبل الاتفاق وإمكانية استمراره والالتزام به.
لكن دول الترويكا الأوروبية في الرابع عشر من شهر يناير 2020م، اتّجهت إلى تفعيل آلية فضّ النزاع المنصوص عليها بالاتفاق. وجاء هذا التطوُّر بعدما كشفت إيران عن الخطوة الخامسة في سلسلة خروقاتها للالتزامات النووية، التي سبق أن ابتدأتها منذ 08 من مايو 2019م، معلنةً بذلك تنصُّل الحكومة الإيرانية من قيود تخصيب اليورانيوم، في تصعيدٍ يُعَدّ الأخطر على مستقبل الاتفاق النووي، ويسير عكس المساعي الرامية للإبقاء عليه من جانب الطرفين. ورغم إجراء أوّل عملية تبادُل لأغراض إنسانية عبر آلية «إنستيكس» من جانب ألمانيا في أبريل 2020م، إلّا أنّ النقاش استجدّ مرّةً أخرى لاحتمال لجوء الأوروبيين إلى تفعيل هذه الآلية تحت تأثير ضغوطٍ أمريكية كبيرة، وهذه المرّة من أجل تمديد حظر صادرات السلاح إلى إيران، والمقرَّر أن ينتهي في أكتوبر 2020م، بموجب الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1 في 2015م، لا سيما بعدما وجَّهت الأطراف الأوروبية انتقاداتٍ واسعة لإيران، فيما يتعلَّق بإطلاق قمر صناعي إلى الفضاء، إذ اعتُبِر تمويهًا لتطوير برنامج الصواريخ البالستية الإيرانية، وهو ملفٌّ في غاية الحساسية بالنسبة للأطراف الأوروبية.
لا شكّ أنّ جملةً من المصالح الإستراتيجية والحيوية تحكُم العلاقة بين أوروبا وإيران، من بينها مصالح سياسية مرتبطة بموقع كلّ طرف في النظامين الإقليمي والدولي ومدى تأثيره، والعلاقات السياسية المتعلِّقة بمناطق تقاطُع النفوذ والتأثيرات المتبادلة، على وجه الخصوص في منطقة الخليج العربي، فضلًا عن المكاسب الاقتصادية التي برز حجمها من الاستثمارات الأوروبية في إيران عقب توقيع الاتفاق النووي، وكذلك المصالح الاقتصادية الكامنة في المنطقة ككلّ، ودور إيران المؤثِّر على تدفُّق السِلع الإستراتيجية إلى أوروبا والعالم، ناهيك عن المصالح الإستراتيجية والأمنية، بوصف إيران قوّة إقليمية مؤثِّرة على الأمن والاستقرار الإقليميين، وصولًا إلى أوروبا.
وقد اكتسب الملفّ النووي بالنسبة للطرفين الأوروبي والإيراني أهمِّيةً كبيرة منذ توقيعه، حتى غدا المؤثِّر الأهمّ على مُجمل العلاقات؛ لأنّه عُدَّ بمثابة مصلحة أمنية وإستراتيجية حيوية، بل ربّما مصيرية للجانبين. وقد كان ذلك سببًا في تمسُّك كلّ طرف بالحفاظ على الاتفاق، على الرغم من الانسحاب الأمريكي منه منذ 07 من مايو 2018م، واستمرارية الضغوط الكبيرة التي مارستها إدارة الرئيس ترامب على الجانبين لدفعهما للانسحاب منه.
تناقش هذه الورقة فرضيةً أساسية، وهي وجود جملةٍ من المصالح الحيوية دفعت بالأطراف الأوروبية تجاه التوقيع على الاتفاق النووي، ومن ثم التمسُّك به، وأنّ انتفاء هذه المصالح قد يدفع أوروبا إلى تغيير موقفها الراهن من الاتفاق، وقد تتّجهُ نحو المضي قُدُمًا في استكمال إجراءات تفعيل آلية فضّ النزاع. ولاختبار هذه الفرضية، يمكن تقسيم هذه الدراسة في سياق تاريخي متتابع إلى الأقسام الآتية:
أوّلًا: المصلحة الحيوية لكلٍّ من أوروبا وإيران من التوقيع على الاتفاق النووي
ثانيًّا: الانسحاب الأمريكي والتعهُّدات الأوروبية بالحفاظ عليه
ثالثًا: دوافع تغيُّر السلوك الأوروبي إزاء إيران
رابعًا: تراجع أهميِّة الصفقة النووية
خامسًا: الموقف الأوروبي.. وأيّ مستقبل للاتفاق النووي؟
أوّلًا: المصلحة الحيوية لأوروبا وإيران من التوقيع على الاتفاق النووي
اكتسب الاتفاق النووي أهمِّيته لكلٍّ من أوروبا وإيران، من خلال مصالح متبادلة يبتغيها كلا الطرفين، ويمكن توضيح ذلك من خلال ما يأتي:
1.أهمِّية الاتفاق النووي لأوروبا
بحسب وجهة النظر الأوروبية، الاتفاق النووي ذو أهمية فائقة باعتباره يرمي إلى حلحلة إحدى أخطر وأطول أزمات الانتشار النووي في الشرق الأوسط، والحيلولة دون تسابُق دولٍ إقليمية على التسلُّح النووي(1). ففي حال تطبيق القيود الفيزيائية وأحكام التطبيق المنصوص عليها في الاتفاق، تهدف الدول الأوروبية إلى ترحيل احتمالية تطوير قنبلة نووية إيرانية لفترةٍ من الزمن، من خلال إعاقة إنتاجها لمواد قابلة للانشطار في مرافقها النووية المعلن عنها(2).
وللاتحاد الأوروبي مصالح بيِّنة يمكن سردها في أربعة سياقات أساسية تشمل: أوّلًا، ضمان الاستقرار في منطقة الخليج العربي، التي تُعَدّ ذات أهمِّية قصوى لإمدادات الطاقة العالمية وتأرجُح أسعارها. ثانيًّا، حلحلة الصراعات الإقليمية بُغية تأمين الحماية لأوروبا ضدّ معضلات الهجرة إلى البلدان الأوروبية، على غِرار ما حدث نتيجة الأزمة السورية، فضلًا عن موجات الإرهاب التي طالت عددًا من مدن القارة. ثالثًا، تنويع مصادر الطاقة لدول الاتحاد الأوروبي، وتخفيض اعتمادها الكبير على روسيا. رابعًا، تعزيز صادراتها خصوصًا البضائع الصناعية بتوسيع نطاق الشراكة الاقتصادية مع إيران، كونها تمثِّل فرصة ذهبية أمام الشركات الأوروبية، في ظلّ اقتناص الشركات الأمريكية لمعظم الفرص الاستثمارية في منطقة الشرق الأوسط)3(.
وما يسترعي الانتباه أنّ البرنامج الصاروخي الإيراني، والذي يشكِّل خطرًا نوعيًّا على الأراضي الأوروبية لم يُضمَّن في الاتفاق النووي، والعلّة تكمُن في اعتبارات أوروبية وأخرى متعلِّقة بسياسة إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، والتي ارتأت في عملية التكامل ما بين الاقتصاد الإيراني ونظيره الغربي والعالمي عاملًا مؤثِّرًا لخلق سياسيات وسلوك أكثر اعتدالًا للحكومة الإيرانية؛ ما يفضي إلى تداخُل المصالح الغربية والإيرانية وتوافقها(4).
وبدلالة مغايرة، أشار الدبلوماسي الفرنسي جيرارد آراود، والذي مثَّل دولته في مفاوضات الملفّ النووي الإيراني من 2006م إلى 2009م (5)، إلى أنّ سبب عدم تضمين البرنامج الصاروخي لإيران في الاتفاق، هو ضرورة معالجة أزمة الملفّ النووي بمعزل عن الملفّات الأخرى؛ كونه الملفّ الوحيد الذي يلقى توافقًا في الآراء وانسجامًا في الرؤى من قِبل كافّة أعضاء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا 5+1.
وباستقصاءٍ تاريخي للرغبة الأوروبية في الانفتاح تجاه إيران سياسيًّا واقتصاديًّا، نجد أنّ واحدًا من أبرز دوافع الاتحاد الأوروبي يتجلَّى في جُنوحه للعب دورٍ محوري على مسرح العلاقات الدولية، ومزاحمة الهيمنة الأمريكية المتصاعدة من بعد الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي؛ ما يؤكِّد إصرار الاتحاد على عدم ترك الولايات المتحدة تنفرد في معالجة مشكلات المنطقة والاستئثار بمعظم فرصها الاستثمارية (6).
على النطاق الاقتصادي، شركات خدمات مالية أوروبية عديدة رحَّبت بالاتفاق النووي، معتبرةً إيّاه أهمّ ثروة اقتصادية مربحة للقارة الأوروبية منذ انهيار الاتحاد السوفيتي. الوزير الألماني للشؤون الاقتصادية والطاقة آنذاك، زيغمار غابرييل، حطّ الرحال في 14 يوليو 2015م بعد الإعلان عن الاتفاق مباشرة، في إيران مصطحبًا معه وفدا ًكبيرًا من رجال الأعمال ومنسوبي القطاعات التجارية، بُغية عقد الصفقات والتوقيع على عقود الاستثمار مع الطرف الإيراني. ووزير الخارجية الفرنسي لورنت فابيوس، بعد أسبوعين من توقيع الاتفاق، زار طهران للغرض ذاته، كما أرسلت إيطاليا وفدًا مكوَّنًا من 300 رجل أعمال إلى طهران في بداية شهر أغسطس 2015م (7). ففي ظاهر الأمر استئنافُ الصلات السياسية والاقتصادية مع إيران، تمّ تسويغه ضمن سياق السياسات العامّة في ألمانيا خاصّةً، وبالقارة الأوروبية على وجه العموم، كجزءٍ من سياسة التغيير عبر التبادل التجاري والعلاقات الودِّية (CTTR)، وهو ما منح هذا الاستئناف مناعةً ضدّ أيّ تقييم موضوعي. (8)
2. أهمِّية الاتفاق النووي لإيران
أمّا من جانب إيران، فقد كان الاتفاق طوق نجاة من العقوبات والحصار والعزلة، التي عانت منها خلال فترة رئاسة محمود أحمدي نجاد بين عامي 2005م و2013م، حيث اتّخذت القضية النووية بُعدًا صداميًّا مع المجتمع الدولي، في ظلّ امتناع إيران عن التفاوُض مع فرض عقوبات أُممية على اقتصادها وهيئاتها المالية. العقوبات المتعدِّدة شملت تسعة قرارات أصدرها مجلس الأمن الدولي، وقرارًا عاشر صدر في عام 2013م، وحادي عشر صدر في عام 2014م، إضافة إلى ثلاثة عشر عقوبةً أحادية الجانب فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي خلال نفس الفترة(9).
هذه العقوبات كان لها عميق الأثر على الاقتصاد في إيران وتبادُلها التجاري مع العالم، فقد قبعت إيران تحت حظرٍ شبه كامل للتبادُل التجاري، وعلاوةً على تجميد أصولها بالخارج ووقف تعامُلاتها المالية من خلال البنوك العالمية، تمّ تقييد صادراتها النفطية التي كانت تشكِّل ما نسبته 80% من إيرادات الحكومة في عام 2012م، فقد كانت إيران تصدِّر 2.5 مليون برميل يوميًّا في عام 2011م، وهبط هذا الرقم إلى 1.2 مليون برميل يوميًّا من جرَّاء تشديد العقوبات الأُممية (10). التدابير الآنفة ألحقت بالاقتصاد الإيراني خسائر فادحة، وهوت بقيمة العُملة الايرانية إلى أقلّ من ثُلثي قيمتها أمام الدولار منذ تشديد العقوبات في عام 2011، وارتفع التضخُّم بدرجاتٍ تصل إلى 40% مع ارتفاع أسعار الأغذية الأساسية والوقود على وجه الخصوص؛ ما أسهم في انخفاض الناتج المحلِّي بنسبة 20%، وارتفاع معدَّل البطالة إلى 10.3% (11).
ومما لا شكّ فيه أنّ الظروف الاقتصادية خلال هذه الفترة،كانت الباعث الرئيس على التغيُّر الطارئ في توجُّه إيران إزاء جلوسها على طاولة التفاوُض، والمسوِّغ الأهمّ لقبول ودعم المرشد الأعلى علي خامنئي سياسات رئيس الحكومة حسن روحاني العازمة على بحث سبل التفاوُض مع القوى العالمية، ممثَّلةً في مجموعة 5+1، الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا. وبحسب المعطيات، فإنّ إيران ابتدأت المفاوضات وهي بموقف ضعف، إلّا أنّ مُخرَجات الاتفاق أثبتت لاحقًا أنّها حوَّلت القضية النووية إلى ورقةِ مساومةٍ كبرى، نجمت عن تحقيقها لمكاسب سياسية واقتصادية وإقليمية.
وقد سعى الدبلوماسيون الإيرانيون من خلال المفاوضات النووية، إلى تحقيق مجموعة معقَّدة من الأهداف الإستراتيجية، شملت أوّلًا إقناع العالم أنّ بلادهم تعمل بموجب حقّها في تطوير تكنولوجيا نووية مدنية، وثانياً إظهار مهارات النظام الدبلوماسية ونضجه في التعاطي مع القضايا الحسّاسة، وثالثًا التركيز على إبداء الفوارق ما بين إيران ودولٍ سَبق وتصادمت مع المجتمع الدولي على مستوى القدرات النووية، مثل ليبيا وكوريا الشمالية، والترويج لفكرة أنّ إيران فاعلٌ إقليميٌ قوي، ودولة مؤسَّسات تتجنَّب انتهاك القوانين الدولية، وأخيرًا ضمان أنّ تقديم التنازلات في الملفّ النووي سوف يُثمر لا محالة عن تدفُّق الاستثمارات الغربية إلى إيران. أمّا داخليًّا فأهمِّية القضية النووية تتبدَّى في استخدامها كوسيلة لتخفيف أزمة الشرعية التي واجهها النظام بشكلٍ متزايد، بعد أحداث الثورة الخضراء 2009م. (12)
وعلى صعيد الملفّ النووي الإيراني ذاته، كان لصراعات المجتمع العلمي النووي داخل إيران الأثر الجلل في تحوير وجهة الرأي الحكومي باتجاه الانفتاح على العالم، من أجل التماس مكاسب أكثر واقعية، وامتلاك تقنيات حديثة فيما يتعلَّق بتطوير البرنامج النووي. هذه الصراعات لم تُعنَى فقط بحدود الخلاف السياسي ما بين الإصلاحيين والمحافظين، بل تعدَّته إلى الخلافات داخل مجتمع علماء الذرّة النووية، وداخل أروقة منظَّمة الطاقة الإيرانية، بوصفها الجهاز المعني بالبرنامج النووي.
نستقرئ هذا النزاع في الرؤيتين المتضادتين لكيفية إدارة البرنامج النووي وتطويره، واللتين تمثَّلتا في شخصي العالمين البارزين فريدون عباسي وعلي أكبر صالحي، وأوردها العالم الأمريكي الإيراني الأصل، راي تكيه، في تحليلٍ نشرته مجلة «ناشونال رفيوو»(13). عباسي الذي أدار منظَّمة الطاقة النووية الإيرانية في مراحل عدَّة، ابتغى الاستمرار الدائم في توسيع الطاقة الاستيعابية لبرنامج بلاده النووي، ولو اقتضى الأمر الاعتماد على تقنيات بدائية والآلاف من الأجهزة التي سيسهُل حينئذ تتبُّعها والكشف عنها. بالتأكيد أنّ عباسي وجد في الرئيس نجاد ضالّته، وباتحادهما شرع الاثنان بالسلطة المُخوَّلة إليهما في محاولة تخصيب اليورانيوم بمستويات مرتفعة، بُغية الوصول إلى عتبة تصنيع القنبلة النووية.
وعلى النقيض، رأى الفريق المضادّ هشاشةَ الخطّة المُتّبَعة من قِبَل عباسي، كون المرافق المنشأة لتحقيقها تلفت الانتباه العالمي، ولا تُضمَن حمايتُها من ضرباتٍ أمريكية أو إسرائيلية، خصوصًا مع تراكُم انتقادات الأمم المتحدة الحادّة. لذلك ومع قدوم إدارة روحاني، تسلَّم زمام أمور منظَّمة الطاقة النووية علي أكبر صالحي، الذي نافح بمنهجه عن اتفاقٍ نووي يحدّ من تخصيب اليورانيوم لفترةٍ من الزمن، لكن يُشرِّع لإيران برنامج الأبحاث والتطوير النووي، ويُمكِّنها من تحديث البنية التحتية النووية وتجديد أجهزة الطرد المركزي المستخدمة لتخصيب اليورانيوم بجيلٍ قادرٍ على التخصيب للمعدَّلات المطلوبة لتصنيع قنبلة نووية، بمجرَّد اندلاع وقت رفع القيود على النشاط النووي الإيراني المقرَّر في الاتفاق.
صالحي لعب دورًا أساسيًّا في إقناع خامنئي للقبول بالاتفاق النووي والتوقيع عليه، بحُكم مكانته لدى المرشد الأعلى ووثوق الأخير به، كونه الفيزيائي العبقري والخبير في مجال الطاقة الذرِّية. والحكومة الإيرانية ارتأت في الاتفاق فرصةً سانحة للاحتفاظ بالقدرات النووية الكافية، لسدّ احتياجات البلد من الطاقة السلمية، مع إرضاء المتطلَّبات المنشودة للأبحاث والتطوير؛ وكما قال الرئيس روحاني: «من خلال الاتفاقية، لقد مهَّدنا الطريق للتنمية السريعة للبلاد في مجال الأبحاث النووية، مع الاحتفاظ باستخدامات الطاقة السلمية»(14).
بالمجمل، يمكن القول إنّه قد تشكَّلت حول الاتفاق النووي مصالح حيوية مشتركة لكلٍّ من أوروبا وإيران، بعضها مصالح أمنية تتمثَّل في وقف سباق تسلُّحٍ نووي في المنطقة، وأخرى اقتصادية ناجمة عن فتح سوق إيران أمام الاستثمارات الأوروبية، في مقابل رفع القيود والعقوبات التي أثَّرت على الأوضاع الاقتصادية في إيران، والتي كانت تهدِّد استقرار النظام، فضلًا عن مصالح سياسة في فتح علاقة جديدة مع الغرب ودمج إيران في المجتمع الدولي، ومحاولة تغيير نمط سلوك نظامها السياسي وتهديداته، وكذلك أهداف إيرانية لتطوير برنامجها النووي بما يواكب التقدم الذي تحفل به التقنيات والآلات النووية الحديثة في العالم ويكفل له التخفي عن أجهزة الكشف والمراقبة الإقليمية والدولية، وبما يُضفي على البرنامج شرعيةً قانونية.
ثانيًّا: الانسحاب الأمريكي والتعهدات الأوروبية بالحفاظ عليه
بعد وصولها إلى البيت الأبيض، اتجهت إدارة الرئيس ترامب للانسحاب من الاتفاق النووي، حيث عدَّت الصفقة النووية أو ما يُعرَف بخطَّة العمل الشاملة المشتركة بين إيران ومجموعة 5+1، كارثيةً، لعدَّة أسباب، منها أنّ الصفقة أبقت على قدرات إيران النووية فيما يتعلَّق بتخصيب اليورانيوم واكتفت فقط بتحديد مستوى التخصيب عوضًا عن ضمان انتفاء خطره، وأنّ خطر إيران سيظلّ قائمًا باعتبار ما يُعرَف بأحكام الغروب التي تضمَّنها الاتفاق، حيث بانقضاء هذه الأحكام تُعفى إيران من الالتزامات المنصوص عليها بالاتفاق. على سبيل المثال: في أكتوبر 2020م سيتمّ رفع الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران بخصوص تصدير واستيراد الأسلحة (15)، وفي عام 2023م سينتهي حظر الأمم المتحدة على مساعدة إيران في برنامجها للصواريخ البالستية(16)، كما في عام 2028م سيكون بمقدور إيران إعادة تصنيع أجهزة الطرد المركزي المتقدِّمة، وفي عام 2026م ستنتهي معظم القيود المفروضة على البرنامج النووي، وبعد ذلك بخمس سنوات سيتم رفعها بالكامل (17) .
علاوةً على ما سبق فالشكوك تحوم حول مصداقية تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكذلك فإن برنامج الصواريخ البالستية الإيراني غير مدرجٍ في خطة العمل الشاملة المشتركة (18) رغم أنه يُنظر إلى حجم وكمية ترسانة الصواريخ الإيرانية على أنها تهديدٌ ليس فقط لأمن دول المنطقة ولكن أيضاً لأمن الدول الأوروبية.
وأخيرًا من خلال التوقيع على خطَّة العمل الشاملة المشتركة ورفع العقوبات، أصبح من الممكن توفير 130 مليار دولار أمريكي(19) من الأصول الإيرانية المجمَّدة بشكلٍ تدريجي للحكومة الإيرانية. القضية هُنا هي أنّ هذا المبلغ الضخم من المال، أفضى إلى تمويل الحرس الثوري الإيراني، وأسهم في دعم العمليات الإرهابية للحرس الثوري ووكلائه في العراق ولبنان وسوريا واليمن؛ ما يعني إنجاز الإستراتيجية التوسُّعية الإيرانية، واستمرار تدخُّلها غير الشرعي في شؤون وسياسات دول المنطقة.
رغم أنّ الأطراف الأوروبية كانت لديها تحفُّظاتٌ على سلوك إيران الإقليمي وعلى تطوير برنامج صواريخها البالستية، غير أنّها ظلَّت تقيِّم الاتفاق النووي على أنّه مهمّ ومصلحة مشتركة حيوية للجانبين وأفضل الطرق المتاحة لمعالجة المسألة النووية مع إيران، لهذا لم تتّجه الأطراف الأوروبية إلى الانسحاب من الاتفاق النووي، بل اتّجهت السياسة الأوروبية نحو محاولة الحفاظ عليه، وظهر ذلك فيما يأتي:
1.الإبقاء على قنوات التفاهُم والتنسيق مع إيران
راهنت الأطراف الأوروبية على بقاء الصفقة بحُكم شرعيتها الدولية، واستنادًا إلى شهادة الوكالة الدولية للطاقة الذرِّية من أنّ الاتفاق يوفي بغرضه في السيطرة على طموح إيران النووي، ويقلِّص فرص تحوُّله إلى برنامج ذو استخدامات عسكرية.
بناءً على هذه المنطلقات ووقوفًا عند المُخرجات لاجتماعٍ سابق في عام 2018م (20) على مستوى وزاري ضمّ ممثِّلي الاتحاد الأوروبي ودول الترويكا الأوروبية وإيران، تعهَّدت دول الترويكا الأوروبية والاتحاد الأوروبي بتقديم ضمانات كافية لإيران للاستمرار في الاتفاق، من أهمّ هذه الضمانات: حماية مبيعات النفط الإيرانية من العقوبات الأمريكية، ومواصلة شراء الخام الإيراني، والتزام البنوك الأوروبية بحماية التجارة مع إيران.
لم تدُم الحماسة الأوروبية المتمثِّلة في الضمانات والوعود، حتى تكشَّفت ملامح موقف أوروبي جديد مع بداية عام 2019م، وبالتحديد في البيان الذي صدر عن الاتحاد في 04 فبراير 2019م (21)، والذي يشير إلى المخاوف الأوروبية المتعلِّقة ببرنامج الصواريخ البالستية، وتدخُّلات إيران الاقليمية، والتزام إيران بتعهُّداتها في إطار الاتفاق النووي، وكفّ الأنشطة العدائية لطهران في بعض العواصم الأوروبية.
وفي تطبيقٍ لسياسة العصا والجزرة، تمّ ربط إقرار تفعيل الآلية المالية «إنستيكس»، بتصديق النظام الإيراني على جميع لوائح مجموعة العمل المالي الدولية (FATF)(22).
وما بين تحوُّل الموقف الأوروبي وتهديد الجانب الإيراني بخرق التزامات الاتفاق النووي والعودة لتخصيب اليورانيوم، فإنّ دول الاتحاد الأوروبي، لا سيما دول الترويكا الأوروبية الموقِّعة على الاتفاق، حرصت على استمرار التعاون مع النظام الإيراني، بُغية إبقاء قنوات التفاهم مفتوحة؛ وبدت مظاهر هذا التعاون في اجتماعات اللجنة المشتركة للاتفاق النووي، والتي عقدت في فتراتٍ مختلفة خلال عام 2019م حتّى مارس 2020م.
2. تدشين آلية التعامل المالي «إنستيكس – INSTEX»:
في سبتمبر 2018م، أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي السابقة فيديريكا موغيريني عن أداة قانونية تُدعى (Special Purpose Vehicle SPV)(23) ، أو ما يمكن تسميته قناةً مالية لأغراضٍ محدَّدة، تهدف إلى إبقاء عمليات التجارة قائمةً مع إيران وفق القانون الأوروبي ودون التعرُّض للعقوبات الأمريكية. غير أنّ الاتحاد الأوروبي في اجتماع مجلسه 28 من يناير 2019م (24)، فشِل في الوصول إلى إجماعٍ بشأن الإعلان عن آلية التعامل المالي (SPV).
لذلك لم تجد دول الترويكا الأوروبية من بدٍّ سوى الإعلان عن آلية تبادلٍ مالي «آلية دعم التبادل التجاري» (إنستيكس – INSTEX)؛ إذ أعلنت كلٌّ من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا على هامش اجتماع وزراء خارجية الدول الأوروبية في بوخارست(25)، 31 يناير 2019م، عن تدشين الآلية المالية الأوروبية لمواصلة التجارة مع إيران، على أن تقتصر الآلية مبدئيًّا على التعاملات المالية في قطاعي الغذاء والدواء.
ولكي يرى هذا المُقترَح النور، سعت دول الترويكا إلى الحصول على المصادقة الرسمية من جميع دول الاتحاد الأوروبي الثماني والعشرين على هذه الآلية، ورغم عدم وجود استجابة داعمة منذ بيان التدشين، إلّا أنّ ست دولٍ أوروبية، هي الدنمارك وفنلندا والسويد والنرويج وهولندا وبلجيكا، أعلنت في بيانها المشترك في 29 نوفمبر 2019م (26) انضمامها أخيرًا إلى الآلية، وعزَّزت موقف الدول المُؤسِّسة.
انقضى عام 2019م وآلية التبادل التجاري «إنستيكس» لم تُفعَّل بعد، لأسبابٍ متفرِّقة عطَّلت الجانبين عن المُضي قُدُماً في إجراءاتها. فمن جهة إيران لا تقبل شروطَ مجموعة العمل المالي، ولا ترى في الآلية منقذًا يمنع اقتصادها من الانهيار التامّ، ومن جهةٍ مقابلة فالأوروبيون لا يستطيعون إرغام الشركات تحت مظلَّة الاتحاد الأوروبي على التعامل مع إيران من خلال الآلية، ومن ثمَّ تعريضهم للإقصاء الأمريكي، ولا يملكون القدرة لتقويض قرارات الإدارة الأمريكية بتضمين قطاع النفط الإيراني في الآلية التجارية.
3. دعم جهود الوساطة بين الولايات المتحدة وإيران:
على خلفية تصاعد التوتُّر في الخليج العربي، وإعلان إيران عن خطّتها لتخفيض الالتزامات النووية، أوفدت فرنسا إيمانويل بون المستشار السياسي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى طهران للمرَّة الثانية، ليقدِّم مُقترَح «الوقف مقابل الوقف»(27)، ويعني به وقف العقوبات مقابل وقف تخفيض الالتزامات النووية.
ومع الأخذ بالاعتبار موقف إيران الرافض للمُقترَح الفرنسي، إلّا أنّ الإيرانيين سعوا إلى إبقاء الباب مفتوحًا أمامه، باعتباره بوّابة الدخول إلى التفاوُض مع الولايات المتحدة، إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك. فعندما حاول الرئيس الفرنسي في نهاية شهر أغسطس(28) الجمع بين وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وممثِّلي قمّة مجموعة الدول السبع بمن فيهم الرئيس الأمريكي ترامب، ركب وزير الخارجية الإيراني طائرته على الفور من طهران إلى فرنسا لتحقيق هذا الهدف. لكن المحاولة لم تثمر عن لقاء الطرفين الأمريكي والإيراني، لرفض الجانب الأمريكي على ما يبدو لهذه المبادرة.
ولم يكتفِ الرئيس الفرنسي بالمحاولة السابقة، فأعاد الكرَّة، ولكن في سبيل الجمع بين رئيسي الحكومتين الأمريكية والإيرانية في اجتماعٍ غير رسمي بعيدًا عن رصد كاميرات الإعلاميين، خلال انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة في شهر سبتمبر بنيويورك(29) ، إلّا أنّ محاولته باءت بالفشل هي الأُخرى، لأسبابٍ اُختُلِف في ماهيتها بين الطرفين الإيراني والأمريكي.
4. التلويح بملفّي حقوق الإنسان والإرهاب:
ملفّا الإرهاب وحقوق الإنسان يمثِّلان أهمّ الأدوات التي تضغط بها أوروبا على إيران، وهو ما يشكِّل نقطة خلافٍ رئيسية بين الطرفين. البرلمان الأوروبي وجَّه انتقاداته إلى إيران بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، ودعا أعضاء البرلمان الأوروبي في 14 مارس 2019م السلطات الإيرانية للإفراج الفوري عن أولئك الذين يُسمَّون مدافعين عن حقوق الإنسان، والصحافيين الذين سُجِنوا وأُدينوا لممارستهم الحقّ في التعبير والتجمُّع، كما انتقد عددٌ مِن الدول الأوروبية، مِن ضمنها فرنسا والنرويج، الحُكم الذي صدر بحقّ المحامية والناشطة في حقوق الإنسان نسرين ستوده(30).
على صعيدٍ مماثل، مدَّد الاتحاد الأوروبي في 13 أبريل 2019م عقوباته الخاصّة بانتهاكات حقوق الإنسان في إيران لمدَّة عام(31)، وتقضي هذه العقوبات بمنع السفر وتجميد أصول وممتلكات 82 شخصيةً وكيانًا، ومنع دول الاتحاد الأوروبي مِن تصدير معدّات يمكن أنْ تُستخدَم في عمليات القمع الداخلي، ومعدّاتٍ لمراقبة الاتصالات، وكانت هذه العقوبات قد فُرِضت في 2011م وتُمدَّد سنويًّا، وهي تطال عسكريين رفيعي المستوى وقضاةً ومُدَّعين ومسؤولين في الشرطة أو في الاستخبارات وقادةَ قوّاتٍ مسلَّحة أو مديري سجون.
أمّا في إطار الضغوط المتعلِّقة بملفّ الإرهاب، فقد أقرّ الاتحاد الأوروبي في 09 يناير 2019م عقوباتٍ على إيران بدعوى تورُّط دبلوماسيين إيرانيين في التخطيط لعمليات إرهابية في هولندا والدنمارك وفرنسا؛ وشملت هذه العقوبات تجميد أموالٍ وأصولٍ مالية أخرى تابعة لوزارة الاستخبارات الإيرانية، وأفرادٍ تابعين لها(32).
وفي السياق ذاته، ألغت الحكومة الألمانية تصريح التشغيل الخاص بشركة «ماهان إير» الجوِّية الإيرانية في العاصمة برلين، في 22 يناير 2019م، لأسبابٍ تتعلَّق بالسلامة، وللاشتباه في أنّ الشركة تُستخدَم لأغراضٍ عسكرية(33). كما ألغت فرنسا في 20 مارس الرحلات الخاصّة بشركة «ماهان إير»، اعتبارًا من الأول من أبريل 2019م (34).
ثالثًا: دوافع تغيُّر السلوك الأوروبي إزاء إيران
رغم الحماسة التي أبدتها الأطراف الأوروبية تجاه الحفاظ على الاتفاق النووي بعد الانسحاب الأمريكي منه في 2018م، غير أنّ مواقف وسلوك الأوربيين خلال المرحلة الأخيرة قد تأثَّرت بعددٍ من العوامل، أهمّها:
1. رفض إيران الانضمام لمجموعة العمل المالي
ربط الأوروبيُّون بين تفعيل آلية «إنتستكس» وبين مصادقة إيران وانضمامها لمجموعة العمل المالي (FATF)، والتي من شأنها أن تُعدِّل القوانين الإيرانية المتعلِّقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، مع إلزام إيران بتحقيق تقدُّمٍ في ملفّاتٍ أخرى مرتبطة بالبرنامج الصاروخي وحقوق الإنسان والإرهاب والتدخُّلات الإقليمية؛ ونتيجةً لهذا التعقيد، عطَّل مجمع تشخيص مصلحة النظام عملية المصادقة على المجموعة المالية (FATF)، ولم يتّخذ أيّ خطوة تقدُّمية في هذا الاتجاه، حتّى انقضت المدّة الممنوحة من قِبل المجموعة لإيران في فبراير 2020م.
2. تجارب الصواريخ البالستية الإيرانية
أثارت تجارب الصواريخ البالستية الإيرانية مخاوف الأوروبيين، إذ تُمثِّل هذه الصواريخ تهديدًا عسكريًّا للأراضي الأوروبية. فمع بداية شهر فبراير 2019م، أظهرت الحكومة الإيرانية في مقطع مرئي قصير تجرِبة إطلاق صاروخٍ بالستي مسمى «هويزه»(35)، وادّعت أنّ هذا الاستعراض للقدرات الصاروخية كان لدواعٍ أمنية ودفاعية. وفي تصعيدٍ آخر، أجرَت إيران تجربةً على الصاروخ البالستي متوسط المدى «شهاب-3» في 24 يوليو 2019م(36).
3. تهديد أمن الملاحة في الخليج
انتقلت إيران من مرحلة الضغوط السياسية والدبلوماسية إلى مرحلة المواجهة ومناصبة العداء، من خلال الهجوم على ناقلات النِّفط واحتجازها، وتهديد أمن الملاحة في الخليج العربي ومضيق هرمز، اللذان يمرّ من خلالهما خُمس الاستهلاك العالمي يوميًّا، وقد آلت سلسلة الأحداث المُسمَّاة حرب الناقلات الثانية إلى احتجاز الحرس الثوري لناقلة النفط «استينا إمبيرو» التي ترفع علم بريطانيا (37).
4. تقليص إيران لالتزاماتها النووية
منذ بداية العام ومع سياسة الشدّ والجذب المُتّبعة من قِبل الجانب الأوروبي، صدرت تصريحات من مسؤولين إيرانيين تهدِّد بخرق الاتفاق النووي والعودة إلى تخصيب اليورانيوم، كنوعٍ من الضغط على الأوروبيين؛ لدفعهم إلى تسريع عملياتهم الدبلوماسية وتنفيذ وعودهم. ومع تزايد سياسات تشديد الخناق على إيران واقتصادها من قِبَل أمريكا أو أوروبا، اتّخذت إيران عددًا من الآليات والإجراءات على نحوٍ متصاعد، من أجل الضغط على الدول الأوروبية. فقد تمّ الإعلان عن خطّة تقليص الالتزامات النووية الإيرانية على مراحل عدّة، والتي تستهدف بالنهاية التخلِّي عمليًّا عن جميع القيود التي فرضها الاتفاق النووي على الأنشطة النووية الإيرانية.
جدول رقم (1): تفاصيل إجراءات الخطوات التابعة لخطّة تقليص الالتزامات
Source: Arm Control Association(38)
رابعًا: تراجع أهمِّية الصفقة النووية
استمرَّت إيران في نهج خفض الالتزامات النووية، باتّخاذها خطوةً خامسة في 05 يناير 2020م، معلنةً بذلك تخلِّيها التامّ عن جميع القيود المتعلِّقة بكمِّيات ونِسب تخصيب اليورانيوم، وأعداد أجهزة الطرد المركزي(39). وردّت دول الترويكا الأوروبية في 14 من يناير في بيانٍ مشترك بتفعيلها لآلية فضّ النزاع، كردعٍ صارم إزاء الانتهاكات الإيرانية(40).
الممثِّل السامي بالاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، جوزيب بوريل، أوضح في زيارةٍ له إلى طهران عقب القرار الأوروبي، أنّ الأطراف الأوروبية من تفعيلها للآلية لا ترمي إلى إحالة الملفّ إلى مجلس الأمن الدولي أو إلغاء الاتفاق النووي، بل على النقيض فإنّ هدفها يكمُن في الإبقاء على الاتفاق، وأكَّد حرص الدول الأوروبية على عدم تنشيط بند المدة الزمنية لآلية فضّ النزاع والمقدَّرة بخمسة عشر يومًا، أو المضي قُدُمًا في الإجراءات القانونية التابعة لها وفق الاتفاق، حتّى يتسنَّى للأطراف المعنية التفاوُض والعودة للالتزام بالاتفاق(41). جدير بالذكر أنّ اجتماع اللجنة المشتركة انعقد بعد ذلك في 26 فبراير 2020م، وأثمر عن تهدئةٍ للتوتُّر المتصاعد بين الدول الأوروبية وإيران في الوقت الراهن.
جدوى المكاسب المُستقاة من الاتفاق للجانب الأوروبي أصبحت مثارًا للشكّ والتساؤل، من بعد الانسحاب الأمريكي وتزايد التنصُّل الإيراني على وتيرةٍ متصاعدة خلال العامين الماضيين. المكاسب الاقتصادية انعدمت بفرض العقوبات الأمريكية، والمخاوف الأمنية ازدادت مع تجارب إيران للصواريخ البالستية، علاوةً على قيامها في 22 أبريل 2020م بإطلاق أوّل قمرٍ صناعيٍ عسكري إلى الفضاء والمسمَّى «نور» (42)، والذي يثير مزيدًا من القلق بشأن برنامجها البالستي، فضلًا عن انتفاء المكاسب السياسية والدبلوماسية، في ظلّ خرق إيران لالتزاماتها النووية، وامتناع الحكومة الأمريكية عن العودة للاتفاق أو حتّى إلى طاولة المفاوضات.
يلزم التنويه هُنا إلى أنّ احتمال انتخاب إدارة أمريكية ديمقراطية لتحلّ محلّ إدارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، لن يعني سهولة عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق، وذلك لوجود عراقيل سياسية واقتصادية أمام الإدارة الجديدة، أهمّها: انقضاء فقرات عديدة من الاتفاق النووي بما فيها الحدود والشروط المقيِّدة لبرنامج إيران النووي خلال أشهر وخلال سنوات قليلة مقبلة، وثانيًّا صعوبة إلغاء العقوبات كون الرئيس ترامب ذهب إلى مدى بعيد ليطال بعقوباته مواطنين وهيئات ومؤسَّسات إيرانية، والتي يستحيل إلغاؤها بسهولة من الناحيتين السياسية واللوجستية، وثالثًا قربُ الاستحقاق الانتخابي الرئاسي الإيراني، كونه بعد ستة أشهر من الانتخابات الأمريكية، واحتمالية فوز التيّار المتشدِّد الذي يستهجن مآلات الاتفاق الحالي ويعارض تمامًا مبدأ التفاوض مع دول الغرب(43).
الموقف الأوروبي إزاء إيران منذ نهاية العام 2019م اقترب من الموقف الأمريكي، وظهرت معالم هذا التقارُب في كثيرٍ من الضغوط التي تمارسها دول أوروبا على إيران في ملفّات الإرهاب وحقوق الإنسان، أو في استهجانها للتجارب الصاروخية الإيرانية، وتنديدها مؤخَّرًا لإطلاق إيران القمر الصناعي العسكري. تزامن هذا التحوُّل في الموقف الأوروبي مع استمرار الضغوط الأمريكية على الحلفاء الأوروبيين في ملفّ تمديد حظر بيع الأسلحة لإيران، على وجه الخصوص.
انتهاء حظر بيع الأسلحة لإيران وفق الاتفاق النووي، من أبرز البنود التي حفَّزت إيران على التمسُّك بالاتفاق؛ وبرأي مركز المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، فإنّ الجانب الأوروبي يعي عواقب قراره تجاه تمديد الحظر، والذي لا محالة سيؤثِّر على مستقبل الاتفاق (44). فمن جانب، الدعم الأوروبي للمسعى الأمريكي قد يفضي إلى انسحاب إيران من الاتفاق وانسحابها من معاهدة انتشار أسلحة الدمار الشامل، حسب تصريحات الإيرانيين. ومن جانبٍ آخر، فإنّ معارضة المسعى الأمريكي سيدفع بالولايات المتحدة إلى تفعيل إجراءٍ يتمّ من خلاله استرجاع العقوبات الأُممية على إيران بموجب بنود الاتفاق النووي، حسب تهديدات الإدارة الأمريكية.
في كلتا الحالتين، فالطرف الأوروبي يدرك تنامي الخطر الإيراني على أمن الإقليم وصولًا إلى أمن القارة الأوروبية، ويلحظ انتفاء المكاسب الاقتصادية والسياسية أو حتّى النووية من جرّاء الإبقاء على الاتفاق، في حين تستمرّ إيران في تخفيضها لتعهُّداتها المنصوص عليها، وسواءً دعم المسعى الأمريكي لتمديد الحظر أم عارضه، فإنّ مكاسب الاتفاق ومآلاته لم تُعَدّ بذات الجدوى المُبتغاة، حين تمّ التوقيع عليه في عام 2015.
خامسًا: الموقف الأوروبي.. وأيّ مستقبلٍ للاتفاق النووي؟
على ضوء ما سبق،يمكن الإشارة إلى أهمّ السيناريوهات المحتملة للموقف الأوروبي تجاه الاتفاق النووي:
1. الإبقاء على الاتفاق مع تفعيل آلية «إنستيكس»:
يجادل هذا السيناريو بأنّ التفاوُض سيكون الحلّ الدبلوماسي المتّخذ من قِبل أوروبا، والمُفضي إلى الإبقاء على الاتفاق النووي، ومن ثمَّ تطوُّر العلاقة ما بين أوروبا وإيران لتتعدَّى حالة الجمود وفقدان الثقة التي اكتنفت التجاذبات خلال عام 2019م، لتصل إلى تفعيل الآلية المالية «إنستيكس»، بما لا يُوقِع الشركات الأوروبية في مغبَّة العقوبات الأمريكية. ويعزِّز لهذا السيناريو ما يلي:
- إبداء إيران استعدادها للعودة إلى الالتزام بتعهُّداتها النووية، إذا ما فعَّلت الدول الأوروبية الآلية المالية «إنستيكس» على الوجه الذي تطمح له إيران، وبما يقتضي تسيير عمليات تبادُلٍ تجاري تُساعد في انتشال الاقتصاد الإيراني من انكماشه المستمرّ.
- الأهمِّية الإستراتيجية للاتفاق النووي ودوره في حفظ الأمن في الإقليم، الذي يُعَدّ واحدًا من مناطق تهديد أمن أوروبا.
ج. إتمام أوّل عملية تبادُلٍ مالي من خلال الآلية «إنستيكس» في 31 مارس 2020م، والتي كانت عبارةً عن تصدير معدّاتٍ طبِّية من صُنع شركة ألمانية لصالح الحكومة الإيرانية بقيمة 500 ألف يورو (45). من شأن هذه العملية الأولى أن تحفِّز الجانبين على تسيير عملياتٍ لاحقة، تشترك فيها شركات أوروبية صغيرة ومتوسطة.
د. احتمالية الحصول على إجماع الدول الأوروبية وانضوائها تحت عباءة مساعي دول الترويكا لتفعيل آلية «إنستيكس».
2. الإبقاء على الاتفاق دون أي ضماناتٍ أوروبية
يشير هذا السيناريو إلى تشبُّث الجانبين الأوروبي والإيراني بالمكاسب السياسية الحالية الناجمة عن الحفاظ على الاتفاق النووي في الوقت الراهن، مع استمرار سياسة العصا والجزرة من قِبل دول الترويكا الأوروبية، ومقابلتها بالابتزازات المتعمَّدة من قِبل الجانب الإيراني، كتهديد الملاحة البحرية أو القيام بتجارب صاروخية بالستية. ويعزِّز لهذا السيناريو:
أ. استمرار الاتفاق يعتبر مكسبًا سياسيًّا ودبلوماسيًّا لإيران؛ لأنّه يحول دون تنسيق المواقف الأوروبية – الأمريكية تجاه إيران، بما يكثِّف الضغوط عليها.
ب. عدم قبول النظام الإيراني التصديق على معاهدة مجموعة العمل المالي (FATF)، وبالتالي يعرقل هذا القرار مبدأ الشفافية المالية المنشود لتفعيل الآلية المالية «إنستيكس».
ج. تثمين الحكومة الإيرانية لبادرة المساعدات الإنسانية المقدَّمة من الاتحاد الأوروبي بقيمة 20 مليون يورو(46)، والهادفة إلى تمكينها من مكافحة تفشِّي فيروس كوفيد-19 (كورونا المستجد).
د. تعويل النظام الإيراني على نتيجة انتخابات الإدارة الأمريكية 2020م وتوجُّهات الإدارة الجديدة في حال خسارة إدارة الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب.
ه. استمرار التباين الأوروبي – الأوروبي تجاه تفعيل الضمانات الأوروبية ومنها آلية «إنستيكس»، وتجاه حزم السياسات المتّخذة حيال الملفّات الخلافية مع إيران.
و. الإبقاء على قنوات الحوار مفتوحةً أمام الطرفين يعزِّز من احتمالية الوصول إلى تطوُّرات مستقبلية مرغوبة، ويأخذ بالاعتبار عامل الوقت، وإمكانية تغيُّر الموقف الأمريكي.
3. الانسحاب الأوروبي من الاتفاق النووي
يجادلُ هذا السيناريو بوجود شرخٍ في مستوى العلاقة الأوروبية – الإيرانية وتعمُّقه، مع استمرار خطوات إيران في تقليص التزاماتها النووية وتفعيل دول الترويكا لآلية فضّ النزاع، فضلاً عن الضغوط الأمريكية على الحليف الأوروبي من أجل تمديد حظر السلاح على إيران، ومع تنامي التهديدات الإيرانية للملاحة البحرية في الخليج وتكثيفها لتجارب صاروخية تزيد من تطورُّ برنامجها البالستي، تتّخذ الدول الأوروبية موقفها بالانسحاب من الاتفاق. يعزِّز للسيناريو ما يلي:
أ. النهج الإيراني المتصاعد في الحدّة والتشدُّد في تقليص تعهُّداتها النووية ووصولها إلى المرحلة الخامسة في 05 يناير 2020م، والتي في ظلّها لا تلتزم إيران بأيّ قيودٍ على برنامجها النووي، ولا على أعداد أجهزة الطرد المركزي أو كمِّية المواد المخصَّبة.
ب. في أعقاب الضربة الأمريكية التي استهدفت قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سُليماني، فإنّ التيّار المتشدِّد قد يستغلّ الموقف لإخضاع النظام والحكومة لهيمنته؛ ما سيسهُم في تعميق الهوّة بين الطرف الأوروبي والآخر الإيراني.
ج. اختناق النظام الإيراني داخليًّا ممّا يفضي إلى تبنِّي ممارساتٍ عدائية ضدّ دول المنطقة وحلفاء الولايات المتحدة.
د. تفعيل الأوروبيين لآلية فضّ النزاع المنصوص عليها في الاتفاق النووي بعد التجاوزات الإيرانية، وإحالتها إلى اللجنة المشتركة؛ ما قد يصبّ في تقويض الاتفاق بالكامل وعودة العقوبات الأُممية التي سبق فرضُها على إيران قبل الوصول إلى الاتفاق النووي عام 2015م.
ه. تقارُب الموقف الأوروبي والأمريكي واحتمال دعم الأوروبيين لمسعى الولايات المتحدة الرامي إلى تمديد الحظر الأُممي لبيع الأسلحة لإيران.
4. التوصُّل إلى صفقة نووية جديدة بوساطة أوروبية
يجادل هذا السيناريو بوجود ميلٍ أوروبي للاعتقاد بانتفاء المكاسب المُبتغاة من الاتفاق النووي من قِبل الطرفين الأوروبي والإيراني؛ ما يدفع الجانبين باتّجاه المفاوضات بُغية الوصول إلى صفقةٍ نوويةٍ جديدة. ويحتمل هذا السيناريو قبول إيران لوساطة أوروبية ناجمة عن تنسيق أوروبي – أمريكي. يعزِّز لهذا السيناريو ما يلي:
أ. تدهور الاقتصاد الإيراني لدرجات متدنِّية غير مسبوقة، وانخفاض صادراتها النفطية التي تمثِّل نسبة كبيرة من عائدات الدولة السنوية إلى أقلّ من 300 ألف برميل يوميًّا، بالإضافة إلى امتناع الشركات والدول الأجنبية عن الاستثمار أو التعامل المالي مع إيران؛ ما يهوي بقيمة العُملة الإيرانية ويحرمها من الانتفاع بمواردها الطبيعية.
ب. تفاقُم المعضلات بالداخل الإيراني وتنامي الحنق الشعبي ضدّ أدوار الحكومة والنظام في مواجهة العقوبات أو في تطبيق السياسات النقدية، التي لم تزد الأمر إلا سوءًا فيما يتعلَّق بتضخُّم أسعار المواد الغذائية الأساسية وتضاعف أسعار الوقود وتفشِّي الفساد المالي؛ ما يفضي إلى ثورات شعبية مناهضة للحكومة على غرار الاحتجاجات المندلعة في نهاية عام 2017م ونوفمبر 2019م.
ج. كُلفة الخيارات الأخرى المتاحة على طاولة النظام الإيراني، فلا التصعيد النووي يضع البلاد بمأمن عن ضربات أمريكية أو إسرائيلية، ولا الدخول في مناورات عسكرية مباشرة يضمن للنظام المتهاوي داخليًّا والمتهالك عسكريًّا الإمساكَ بزمام الأمور أو التربُّع على سدّة الحُكم.
د. التقارُب الأوروبي – الأمريكي لا سيما والتصوُّر الأوروبي يرى في التخاذُل الإيراني بالالتزام ببنود الاتفاق النووي ذريعةً سياسية لنقض الاتفاق، حتّى يتسنّى لهم إعادة النظر في أُطُر التفاوض حول الملفّات الخلافية مع إيران.
خاتمة:
إنّ الاتفاقَ النووي يمثِّل لأوروبا مصلحةً حيوية، ولا يرقى إلى كونه مصلحةً مصيرية لا يُمكن الاستغناء عنه، وقد ظلَّت الأطرافُ الأوروبية مُصرَّةً على التمسُّك به رغم الانسحاب الأمريكي منه؛ لأنّه كان يحقِّقُ أهدافهُ الأساسية، على وجه الدقة ما يتعلَّقُ بمعالجةِ المسألة النووية لإيران تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرِّية، وتحت إشراف مجموعة 5+1. لكن مع انتفاء الكثير من منافع هذا الاتفاق لا سيما تحرُّر إيران من بعض التزاماتها، فضلًا عن انتفاء المصالح الاقتصادية بفعل العقوبات الأمريكية، بل شروعُ إيران في تهديد الأمن والاستقرار الإقليميين، ومواصلة تجاربها الصاروخية، فإنّ الأطراف الأوروبية لن تدخل في عداءٍ مع الولايات المتحدة لأجل إيران، بل إنّ موقفها قد يتّجهُ ليكون أكثر انسجامًا مع الولايات المتحدة مع مرور الوقت، وهو ما تتوقَّعهُ إيران، وبالتالي يمكن أن يتّجهَ الأوروبيُّون إلى الإبقاء على الاتفاق دون أي ضماناتٍ أوروبية على المدى القريب، حتّى موعد الانتخابات الأمريكية، إن كان لها أن تتمظهر بملامح مختلفة عن ما تُمثِّله حاليًّا. أما على المدى البعيد، فيُرجَّح تحقُّق سيناريو التوصُّل إلى صفقةٍ نوويةٍ جديدة بوساطةٍ أوروبية، إن توقَّفت إيران عن مناصبة العداء للمجتمع الدولي وتخلَّت عن طموحاتها التوسُّعية، أو سيناريو الانسحاب الأوروبي من الاتفاق، استجابةً للضغوط الأمريكية لتمديد حظر السلاح على إيران أو كأثرٍ تابعٍ لمثول قرار التمديد الذي قد يُلقي بظلاله على مستقبل الاتفاق النووي.
1 الدبلوماسية الفرنسية – وزارة أوروبا والشؤون الخارجية. فهم الاتفاق النووي مع إيران في عشر دقائق. https://bit.ly/3etxmTo تاريخ الاطلاع: 15 مارس 2020.
2– DW, What is the Iran Nuclear Deal? 06 Oct 2017. https://bit.ly/2VimTCy . Access date: 03 Mar 2020.
3– Fathollah-Nejad, Ali. Europe and the Future of Iran Policy: Dealing with a Dual Crisis. Oct 2018. Brookings Doha Center.
4– Samore, Gary. The Iran Nuclear Deal: A Definitive Guide. Harvard Kennedy School. Belfer Center for Science and International Affairs. August 2015.
5– Ambassador Gérard Araud, Kelsey Davenport and Elizabeth Philipp. A French View on the Iran Deal: An Interview With Ambassador Gérard Araud. Arms Control Today. Vol. 46, No. 6 (JULY/AUGUST 2016), pp. 15-20.
6 محمود، سهيلة عبد الأنيس. العلاقات الإيرانية – الأوروبية: الأبعاد وملفات الخلاف. أبو ظبي. مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية. 2007 – 126- ص 32-33.
7– United States Institute of Peace, Iran’s Economy in 2015. 17 Dec 2015. https://bit.ly/2xGvupG. Accessed: 02 Apr 2020.
8– Fathollah-Nejad, Ali. Europe and the Future of Iran Policy: Dealing with a Dual Crisis. Oct 2018. Brookings Doha Center. Previous source.
9 –آل سعد، عائشة. محدِّدات السياسة الخارجية الإيرانية. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. نوفمبر 2018م. 23 ص.
10– Global Economic Dynamics, Iran: Two Years After the Lifting of International Sanctions. 16 Jan 2016. https://bit.ly/3etyxCe. Accessed: 20 Apr 2020.
11– Time, 5 Ways the Nuclear Deal Will Revive Iran’s Economy. 16 July 2015. https://bit.ly/2VILRdy. Accessed: 10 Apr 2020.
12 -آل سعد، عائشة. محدِّدات السياسة الخارجية الإيرانية. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. نوفمبر 2018. 29-30 ص. مرجع سابق.
13– Takeyh, Ray. Why Iran Won’t Make Another Nuclear Deal. National Review. 19 March 2020. https://bit.ly/2VgJgZg. Access date: 08 Apr 2020.
14– Ibid.
15– Reuters, Iran sees lifting of U.N. arms embargo in 2020 as ‘huge political goal’. 11 Nov 2019. https://reut.rs/2wOPpCu Accessed: 01 Apr 2020.
16– Arms Control Association, UN Security Council Resolutions on Iran. August 2017. https://bit.ly/2xGGbZu. Accessed: 10 Apr 2020.
17– Fathollah-Nejad, Ali. Europe and the Future of Iran Policy: Dealing with a Dual Crisis. Oct 2018. Brookings Doha Center. Previous source. And see: Gass, Simon. Finding the Sweet Spot: Can Iran Nuclear Deal Be Saved? European Leadership Network. (2018). Accessed: 18 Mar 2020.
18– Landau, Emily B. and Ephraim Asculai. The JCPOA, Three Years On. Institute for National Security Studies. (2019). Accessed: 18 Mar 2020.
19 آل سعد، عائشة. محدِّدات السياسة الخارجية الإيرانية. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. نوفمبر 2018. 55 ص.
20– Peiman Seadat, In 2019, the nuclear deal is hanging by a thread, Euro News, 4 Jan 2019, accessed on: 2 Jan 2020. https://cutt.us/qxrig
21 موقع راديو فردا، الاتحاد الأوروبي يعرب عن «قلقه الشديد» من أنشطة الصواريخ البالستية الإيرانية، تاريخ الاطلاع: 07 يناير 2020. https://bit.ly/2Sf5oU8
22 -خبر مشرق نيوز، اجرای تمام برنامه اقدام FATF شرط اروپا برای اجرای INSTEX، تاريخ الاطلاع: 6 فبراير 2020. https://bit.ly/2UxCU4q
23 –بي بي سي، الاتحاد الأوروبي ينشئ كيانًا قانونيًّا لمواصلة التجارة مع إيران وتفادي العقوبات الأمريكية، 25 سبتمبر 2018، تاريخ الاطلاع: 10 يناير 2020. https://cutt.us/CKahc
24 –إرم نيوز، خلاف أوروبي يهدِّد الاتفاق على الآلية المالية مع إيران، تاريخ الاطلاع: 10 يناير 2020. http://cutt.us/xPDsV
25– DW, INSTEX: Europe sets up transactions channel with Iran, 31 Jan 2019, Date of access: 2 Jan 2020. https://cutt.us/RfrNm
26– EURACTIVE, Six European countries join EU-Iran financial trading mechanism INSTEX, 29 Nov 2019, accessed: 2 Jan 2020. https://cutt.us/5yN6y
27 مستشار الرئيس الفرنسي من طهران: لستُ وسيطًا ولا أحمل رسالة أمريكية، دوت الخليج، تاريخ الاطلاع: 07 أغسطس 2018م، https://cutt.us/cZezu
28– AP News, Macron tries to arrange a Trump meeting with Iranian leader, 26 Aug 2019, accessed on: 10 Jan 2020. https://cutt.us/Sd9pG
29– The Wall Street Journal, Macron Tried to Broker Meeting Between Trump, Iran’s President, 24 Sep 2019, accessed on 15 Jan 2020. https://cutt.us/WhREV
30– موقع «راديو فردا»، «فرانسه: برجام، چک سفید امضاء برای نقض حقوق بشر در ایران نیست»، تاريخ الاطلاع في: 3 أبريل 2020.https://bit.ly/2FjbJ7p
31– European Council, Iran: Council extends by one year sanctions responding to serious human rights violation, 8 April 2019, accessed 22 Jan 2020. https://cutt.us/0qQ4W
32– «فرانس 24»، عقوبات أوروبية على إيران بعد اتّهامها بالتخطيط لاغتيال معارضين في دول الاتحاد، تاريخ الاطلاع في 17 فبراير 2019. http://cutt.us/PStzD
33– Premium times, Bowing to U.S. pressure, Germany bans Iran airline from its airspace, January 21, 2019, accessed on: 6 Feb. 2019. http://cutt.us/Zjcro
34– «العربية»، بعد ألمانيا.. إلغاء رحلات «طيران الحرس الثوري» لفرنسا، (20 مارس 2019)، تاريخ الاطلاع 20 يناير 2020. https://cutt.us/RjKLm
35– DW, Iran tests new cruise missile, 1 Feb 2019, Accessed 15 Jan 2020. https://cutt.us/HypCq
36– The New York Times, In Escalation, Iran Tests Medium-Range Missile, U.S. Official Says, 25 July 2019, accessed: 17 Jan 2020. https://cutt.us/8UaRz
37 المعهد الدولي للدراسات الإيرانية «رصانة»، التقرير الإستراتيجي السنوي لعام 2019. تاريخ الاطلاع: 20 إبريل 2020.
38– Arm Control Association, Timeline of Nuclear Diplomacy with Iran, Jan 2020, accessed 23 Jan 2020. https://cutt.us/dekah
39– NPR, Iran Abandons Nuclear Deal Limitations In Wake Of Soleimani Killing, 05 Jan 2020. Accessed date: 03 Mar 2020. https://n.pr/2TmymAe
40– BBC, Iran nuclear deal: European powers trigger dispute mechanism, 14 Jan 2020. Accessed date: 02 Mar 2020. https://bbc.in/39qC6q2
41– European Union External Action, Iran: Remarks by High Representative/Vice-President Josep Borrell at the press conference during his visit to Tehran, 04 Feb 2020. Access date: 03 Mar 2020. http://bit.ly/39BfTp5
42– The New York Times, Iran Says It Launched a Military Satellite Into Orbit. 22 Apr 2020. Accessed: 27 Apr 2020. https://nyti.ms/357rH18
43 –«إندبندنت عربية»، عودة واشنطن إلى اتفاق إيران النووي شبه مستحيلة مع أيّ رئيس، (23 يوليو 2019)، تاريخ الاطلاع: 02 إبريل 2020، https://bit.ly/3cDrSUb .
44– European Council on Foreign Relations, How Europe can avert a clash over the Iran arms embargo, 29 Apr 2020. Accessed: 19 May 2020. https://bit.ly/3e4RpXs
45– EA World View, Iran Daily: UK, France, and Germany Send Medical Supplies to Tehran, Bypassing US Sanctions for 1st Time, 01 April 2010. Accessed 01 April 2020. https://bit.ly/2X2zzyY
46– France24, EU to give €20 million to aid sanctions-hit Iran in coronavirus fight. 23 Mar 2020. Accessed 31 Mar 2020. https://bit.ly/3aH3wZi