مكافحة الفساد والإصلاح المالي في حكومة الكاظمي.. تحدِّياتٌ متراكمة واستجابةٌ مقيَّدة

https://rasanah-iiis.org/?p=21392

يرتبط الإصلاح المالي في العراق بالقدرة الفعلية على مكافحة الفساد، باعتباره أحدَ أبرز الملفّات الحسّاسة في عمل الحكومات المتعاقبة على الحُكم بعد عام 2003م، خاصةً مع تزايُد مخاطر الإنفاق الحكومي واعتبار الترشيد المالي في الإنفاق ومكافحة الفساد أحدَ الملفّات التي تُعَدّ من أولويات العمل الحكومي لبرنامج مصطفى الكاظمي، الذي جاء إلى موقِعه كإفرازٍ لحراكٍ شعبيٍ عراقي بدأ منذ أكتوبر 2019م. في إطار المنهج الحكومي للكاظمي، الذي تمّ التصويت عليه من قِبل مجلس النوّاب وتمّ التأكيد في المحور الخامس منه على مكافحة الفساد، ورغم عدمِ وضوح الآليات التي سيعتمدُ عليها الكاظمي في مكافحة الفساد، سواء فيما يتعلَّق بإعادة الأموال المهرَّبة خارج العراق أو غيرها من مظاهر الفساد المالي، إلّا أنّ قضية مكافحة الفساد كغيرهِ من القضايا بحاجةٍ إلى تأمين مستوى من التوافق والدعم السياسي؛ لكي تكون الإجراءات في مستوى التنفيذ. ولعلّ هذا ما يبُرِّر حرصَ الكاظمي على ملفّ مكافحة الفساد، إذ يستمرّ في المشاورات لإقناع الرئاسات الثلاث والكُتل السياسية العراقية بالضرورات المُلحّة، من أجل تحقيق ترشيد الإنفاق والإصلاح المالي، وعلى الرغم من معارضة بعض الكُتل السياسية لهذه الإجراءات، إلّا أنّ الكاظمي يبدو مُصِرًّا على إعادة النظر بشأن النفقات الحكومية التي تُرهق ميزانية الدولة.

تزامنت أولوية مكافحة الفساد مع التحدِّيات الاقتصادية المتراكمة في العراق، واتّساع حجم النفقات الحكومية، فضلًا عن تحديِّات جائحة «كورونا» وانخفاض أسعار النفط؛ ما جعل الكاظمي مضطرًّا إلى التعامل مع مكافحة الفساد بأولويةٍ تتجاوز الملفّات الأخرى في البرنامج الحكومي.

أوّلًا: واقع الفساد.. ازدواجيةٌ مُركَّبة ونفقاتٌ مُشرَعة

يتّسع الفساد في العراق؛ بسبب جملةٍ من المعطيات، منها معطياتُ ذات طابعٍ قانوني تتعلَّق بنظام السياسات العامّة القائمة في العراق فيما بعد عام 2003م، وأخرى ترتبط بضعف نظام الرقابة.

لم تضع السياسات العامّة حدودًا للتكامل بين القطاعين العامّ والخاصّ، وأصبحت في بعض الأنشطة أولويةً لشركات القطاع الخاصّ وعلى حساب الشركات العامّة التابعة لمؤسَّسات الدولة، ما جعلَ الفساد يمتدّ إلى ساحاتٍ مؤثِّرة على القرارات السياسية يصعُب تفكيكُها بسهولة، دون أن تكون هناك ضماناتٌ للثقة تعمل على أساسها الحكومة، في إطار دعمٍ وتوافقٍ سياسي يجبُ أن تمنحهُ الكُتل السياسية للبدء فعليًّا بمكافحة الفساد. وعلى مستوى الأداء المؤسّساتي، فإنّ حجمَ الفساد الناشئ بفعل غياب السياسات العامّة، أضعفَ من دور مؤسَّسات الدولة مقابلَ قطاعاتٍ أُخرى ترتبطُ بامتيازاتٍ سياسيةٍ مُتجذِّرة.

من زاويةٍ أُخرى، تُعَدّ الموازنة السنوية للعراق موازنةً تشغيلية، وليست موازنةً استثمارية، فهي تعتمد على إيرادات النفط لتمويل النفقات الحكومية، وقد أفرزت جملةً من السياسات السابقة، لاسيما تِلك التي ترتبط بالعدالة الانتقالية، ضغوطًا كبيرةً على النفقات، إلى جانب سياسات الفساد التي يمكن أن تتأطَّر بغلافِ قوانين العدالة الانتقالية نفسها. ولعلّ ذلك يُعقِّد من مسألة التعامُل مع الفساد وأوجُهِه المتعدِّدة، التي تتطلَّب إصلاحاتٍ اقتصادية حقيقية، إذ تواجه معظم الدراسات والتقارير الخاصّة بالفساد صعوباتٍ كبيرة وتحدِّياتٍ مُتراكمة يصعُب تفكيكُها، كونها مرتبطةً بأجندةٍ سياسيةٍ محدَّدة بقواعد قانونية تقيِّد من قُدرة صانع القرار في التعامُل معها.

وأسهمت قوانين العدالة الانتقالية الخاصّة بـ «محتجزي رفحاء» و«الشهداء»، وغيرهم من الفئات المشمولة بتلك القوانين، في إيجاد نوعٍ من التمايُز الاجتماعي، باعتبار أنّها لم تكُن على شكل تعويضاتٍ حاسمة، بقدر ما هي رواتب شهرية، إذ أنّه وفقًا للقانون رقم (35) لسنة 2013م، مُنِح محتجزو رفحاء امتيازات المعتقل السياسي وفقًا لأحكام هذا القانون، إلى جانب سريان نفس القانون على القاصرين والأطفال المعتقلين مع ذويهم أو أقاربهم.

وأضعَفَت هذه القوانين قُدرة المؤسَّسات المالية على مراقبة النفقات والتمويلات المالية، التي تخُصّ الفئات المشمولة بقوانين العدالة الانتقالية، خاصّةً الفئات المشمولة بهذا القانون من العراقيين الذين يقيمون خارج العراق؛ إذ يُشكِّل المقيمون في الخارج من العراقيين نسبًا غير واضحة وغير دقيقة، فضلًا عن انقطاع صِلتهم بالعراق منذ تسعينات القرن الماضي بفعل حصولِهم على جنسيات الدول المقيمين بها.

إلى جانب ذلك، أسهمَت بعضُ هذه القوانين والتعليمات الخاصّة بتنفيذها، في ازدواج الرواتب الممنوحة للموظَّف في الداخل، ومنحه حقوقًا تتعلَّق بإمكانيته الحصولَ على أكثر من راتبٍ من الدولة. وأثَّرَ هذا الازدواج بشكلٍ كبير في مسألتين: الأولى تتعلَّق بتوافُر التخصيصات المالية التي يمكن عن طريقها تشغيلُ الأيدي العاملة والتقليلُ من نِسَبِ البطالة المتزايدة منذ عام 2003م، والثانية هي انتفاءُ العدالة في مسألة الحصول على الرواتب الحكومية، وصعوبة التعامُل معها؛ كونها بحاجةٍ إلى تشريعاتٍ قانونية وتعليماتٍ جديدة تناسبُ أيّ تغييرٍ في هذا الصدد.

إنّ الإطارَ القانوني الذي يحكُم صرفَ النفقات الخاصّة بالمشمولين بقوانين العدالة الانتقالية والازدواج في الوظائف، وما تبعهُ من فسادٍ متحقِّق بسبب ضعف نظام الرقابة والتدقيق المالي، ضاعف من صعوبةِ تفكيك هذا الملفّ، في إطار ترشيد الصرف ومكافحة الفساد، خاصّةً أن للملفّ ارتباطاتٌ متّصلة بأطرافٍ سياسيةٍ مؤثِّرة في المشهد السياسي العراقي.

ثانيًا: إعادة تقييم النفقات وحدود الإصلاح المالي

في ظلّ التعقيدات المتراكمة والمتداخلة، اعتمد مصطفى الكاظمي على تجميد الرواتب والمخصَّصات الممنوحة لمحتجزي رفحاء وبقية الفئات المشمولة بقوانين العدالة الانتقالية؛ ومن أجل المحافظة على الهدوء السياسي، أوضحَ الكاظمي أنّ هذا الإجراء لترشيد الصرف وليس للإلغاء، ومن أجل تحقيق التوازُن بين النفقات، وفقًا لما تفرضُه الظروف والتحدِّيات الاقتصادية التي تواجهُ الدولة مُنذ بداية العام الحالي، وفي الوقت ذاته، تُعَدّ خطوة تجميد تلك الرواتب والمخصَّصات مقدِّمةً أوّلية لمراجعة سياسات الإنفاق الحكومي، والتعامل مع ما يتّصل بها من ملفّاتٍ مشبوهة ترسَّخت في العمل الحكومي منذ عام 2003م. وواجهت إجراءات الكاظمي انتقاداتٍ شديدة، سواءً على مستوى الفئات المتضرِّرة منها، أو من الكُتل السياسية التي تمثِّل تلك الفئات، وصرَّح البرلماني السابق ورئيس لجنة الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين محمد الهنداوي أنّ الإجراءات التي تبنّاها رئيس مجلس الوزراء فيما يخصّ فئات رفحاء والسجناء السياسيين، ستكون لها تداعيات على استمرار الكاظمي بإدارة مجلس الوزراء، ويحمل هذا التصريح دلالاتٍ واضحة لحراكٍ سياسي يؤثِّر على استمرار الكاظمي في العمل الحكومي من جهة، أو التراجُع عن السياسات التي تشمل هذه الفئات. ويبدو لأوّل وهلةٍ أنّ طبيعة المواقف السياسية التي صدرت من معظم الكُتل السياسية، تعبِّر عن تعارُض موقفها مع الإجراء الذي تبنّاه الكاظمي، خاصّةً بعد تحرُّك ممثِّلين عن الفئات المتضرِّرة إلى قياداتٍ سياسيةٍ بارزة مِثل رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ورئيس تيار الحكمة الوطني عمّار الحكيم وقياداتٍ أُخرى، لتأتي النتيجة من خلال الوقوف إلى جانب هذه الفئات مقابل السياسات الإصلاحية التي اعتمدها الكاظمي. وهذه المواقف الحزبية والسياسية تسعى إلى عرقلة مشروع رئيس الوزراء القائم على اجتثاث الفساد، أو الحدّ مِنه على أقلّ تقدير.

وشكَّل اجتماعُ الكاظمي بفريق المستشارين الماليين خطوةً جادّة للكشف عن عدم وجود نيّةٍ في التراجُع، بل سوفَ تتّبعُ سياساتُ الترشيد والإصلاح المالي والاقتصادي خطواتٍ جديدة تتعلَّق بالمنافذ الحدودية، من خلال السيطرة عليها من قِبَل جهاز مكافحة الإرهاب، إلى جانب خطواتٍ جديدة أُخرى تتعلَّق بتجريد بعض الجهات السياسية من السيطرة على بعض المصارف الأهلية أو المواقع المالية الوزارية؛ وقد كان لهذه الخطوة تأثيرٌ كبير في الساحة الشعبية، حيث أيَّدت خطوةَ الكاظمي رغم ملامِح المعارضة السياسية لها، ومن المتوقَّع أن تُسهم الإيرادات التي تحصل عليها الحكومة من المنافذ الحدودية والسيطرة على العمليات المالية التي تقوم بها المصارف الأهلية، في سدّ نسبةٍ كبيرة من العجز المالي الذي تواجهُه الحكومة، بسبب الأزمة الاقتصادية وانخفاض أسعار النفط.  

وتُؤثِّر المصارفُ بشكلٍ كبير على الحركة النقدية في السوق وسعر الصرف للدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي، إلى جانب ما تقوم به من عمليات مالية تستهدف تشغيل الأموال ودعم سوق العمل. إلّا أنّ اتّساع ملفّات الفساد، غيَّر من وظائف بعض المصارف العراقية؛ لتكون قاصرةً على المضاربة في مزاد العُملة؛ وتستمدّ هذه المصارف نفوذها المالي عن طريق الدعم السياسي في بعض الأحيان، بحُكم عضوية أحد السياسيين فيها، أو انتماء المصرف لجهةٍ سياسيةٍ بشكلٍ غيرِ مُعلن أو أنّه مسجَّلٌ بشكلٍ رسمي عن طريق وسطاء أو رجال أعمال؛ الأمر الذي جعل عمل هذه المصارف، هو ما تجنيه من أرباحٍ عن طريق مزاد العُملة الذي يطرحُه البنك المركزي العراقي؛ فالحصّة التي يحصل عليها المصرف من شراء الدولار تُعَدّ أهمّ ورقةٍ في عمله، ومن ثمَّ فإنّ توجُّه الكاظمي إلى توسيع الرقابة على عمل هذه المصارف ومكافحة الفساد في مزاد العُملة، سيكون له أثرٌ كبير في دعم سوق الاستثمار.

وعلى الرغم من أنّ البعض يرى أنّ مثل هذه الإجراءات لن تُفلح في تجاوُز التحدِّيات الاقتصادية، إلّا أنّها تُعَدّ خطوةً ضرورية للإصلاح الاقتصادي والمالي، خاصّةً بعد أن أسهمت في تخفيف أعباء النفقات الحكومية، عن طريق تحديد تقييد ما يقارب من 40 ألف راتب مزدوج في ست وزارات كخطوةٍ أوّلية لعملية التدقيق المالي، إذ يُفترَض زيادة هذا العدد، خاصّةً أن العراق يتقدَّم خطواتٍ كبيرة في برامج الحوكمة المالية، التي تشرف على تنفيذها وزارة المالية والبنك الدولي.

ثالثًا: خيارات الكاظمي في السعودية مقارنةً مع إيران

تبحث حكومة الكاظمي عن خياراتٍ جديدة تدعم القطاع الاقتصادي والمالي، وعن تنويع مصادر الإيرادات، سواءً عن طريق دعم قطاعات الزراعة والصناعة أو الاقتراض الخارجي، الذي يمكِّن من تجاوُز التحدِّيات الآنية للأزمة الاقتصادية. ويبدو أنّ العراق يستهدف، على سبيل المثال، المملكة العربية السعودية بشكلٍ حقيقي لتأمين مجالاتٍ جديدة للتعاون، سواءً في مجال الطاقة أو المجالات المالية، فالكاظمي ينظر إلى السعودية كقوّةٍ مهمَّة، وأنّ الشراكة معها في الجوانب الاقتصادية يمكن أن تدعم تقدُّمًا سياسيًّا مهمًّا بين البلدين وتعاونًا مثمرًا، خاصّةً في مجالات النفط والغاز وتحلية المياه، إلى جانب الحاجة الماسّة للعراق إلى الربط الكهربائي مع السعودية.

وتركِّز بعض التقارير وبرامج العمل الخاصّة بالتعاون بين العراق والسعودية على أهمِّية تعزيز الشراكات في الجوانب الزراعية، واستثمار القرب الجغرافي في منطقة بادية أنبار السماوة للشراكة الزراعية، وكذلك في مجال إقامة ميناء جاف (على غرار الميناء الجافّ في الرياض) في إحدى المدن العراقية، وربطه بقناةٍ جافّة عبر الأراضي السعودية إلى أحد موانئ المملكة عبر البحر الأحمر، ويتبنّى الكثير من خبراء الاقتصاد العراقيين مثل هذه الخيارات، لدعم الانفتاح والتعاون بين المملكة العربية السعودية والعراق.

ويؤسِّس الكاظمي لانفتاحٍ متوازِن مع الجوار الإقليمي، فهو يدرك حدَّة التنافُس الإقليمي المحيط بالعراق، ويرى البعضُ أنّ ذلك الانفتاح المتوازِن؛ لأجل طمأنة مخاوف إيران عبر رئيس الوزراء العراقي، بشأن إمكانية الاستفادة من الخبرة الإيرانية في المجال المصرفي، وقد انعكس ذلك بشكلٍ واضح على بيانات الحكومة العراقية بعد زيارة رئيس البنك المركزي الإيراني ولقائه بالكاظمي. إلّا أنّ مؤشِّرات النظام المصرفي الإيراني لا تعكس أهمِّيته بشكلٍ كبير بالنسبة للعراق، فهو لا يختلف عن النظام المصرفي العراقي بشكلٍ كبير، علاوةً على أنّ النظام المصرفي في إيران يقع تحت طائلة عقوباتٍ دولية، يمكن أن تنعكسَ على العراق في حال التعاون معها.

ووفقًا لمقارنة الأولويات الحكومية، فإنّ المملكة العربية السعودية تبدو الأقربَ للعراق لجملة أمور، في مقدِّمتها العقوبات المفروضة على إيران، والتي قد تمسّ العراق في حال إخلاله بالأمن الإقليمي للولايات المتحدة الأمريكية، إذ إنّ دعمَ بغداد لتجارة بينية مع إيران سيُعطيها قُدرةً على المناورة بشكلٍ أكبر مع الولايات المتحدة الأمريكية، فضلًا عن أنّ مقتضيات الحوار العراقي – الأمريكي تتطلَّب إعادة تقييم العلاقة مع طهران بشكلٍ يدعم مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، أو يحافظ على التوازُن بخصوصها، إلى جانب أهمِّية الشراكة الاقتصادية مع المملكة العربية السعودية وحوافز الاستثمار الإيجابي بالنسبة للعراق، خاصّةً أنّ جميع المؤشِّرات المالية تحفِّز الكاظمي على فتح قنواتٍ للتعاون الاقتصادي المتعدِّد مع السعودية، بالنحو الذي يشمل قطاعاتٍ مختلفة.

خلاصة

 إنّ سياسات الإصلاح المالي في العراق، ستسهمُ بشكلٍ كبير في ترشيدِ النفقات الحكومية، وتجاوز تحدِّياتٍ كبيرة تتصلُ بالفساد الإداري والمالي، عن طريق تأمين خطواتٍ مناسبة للتوافُق والدعم السياسي لبرامج رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، والتي تبدو أنّها ما تزال تواجِهُ بعضَ التحدِّيات السياسية.

مع ذلك، يُمكن القول إنّ الكاظمي قد كسِبَ الجولةَ الأولى في هذه المواجهة، التي يُمكنها أنْ تؤسِّسَ الخطوات المتراكمة الجديدة لنظامٍ ماليٍ جديد، يُناسب التحدِّيات الطارئة التي تواجهُ الدولة، ويؤسِّس لمرحلةٍ تتوافر فيها الضمانات والدعم للتكامل السياسي والحكومي، في مجال مكافحة الفساد وترشيد الإنفاق المالي.

المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
إدارة التحرير