نشرت قناة العالم تقريراً يفيد بأن رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي” القائد العام للقوات المسلحة العراقية أعلن في قرار رسمي أن قوات الحشد الشعبي “ميليشيات الشيعة” أصبحت جزءاً من القوات المسلحة العراقية بشكل رسمي، وهذا يعني أنه من الآن فصاعداً ستتلقى قوات الحشد الشعبي أوامرها منه شخصياً، وستكون على اتصال بوزارتي الداخلية والدفاع.
هذا الخبر من الناحية العملية ليس جديدًا. فوفقًا لقول قادة الحشد الشعبي، قبل عام، وتحديداً بعد عمليات تكريت، وافق المجلس الوزاري العراقي على أن ترتبط هذه الميليشيات برئيس الوزراء، وأن يتم اعتبارها جزءاً من هيكل القوات المسلحة، وخلال عمليات تكريت، كانت قوات الحشد الشعبي أعلنت أنه ليست هناك حاجة لمشاركة الأمريكان، ولكن رئيس الوزراء كان معارضًا لهذه الفكرة. وسعت الحكومة العراقية بعد ظهور مثل هذه الاختلافات لزيادة فرض سيطرتها على هذه الميليشيات من خلال القرار المذكور آنفًا.
وفي الشهور الأخيرة، ازداد الضغط على الحكومة العراقية حتى تقوم بحل قوات الحشد الشعبي، فيما سعى رئيس الوزراء العراقي الآن لصد الضغوط الخارجية والداخلية ضد جماعة الميليشيات الشيعية تلك من خلال تنفيذ هذا القرار.
واعتادت وسائل الإعلام الإيرانية على أن تذكر قوات الحشد الشعبي باسم “قوات التعبئة الشعبية العراقية”. فمسيرة تشكيل وتوجيه جماعة الميليشيات تلك من قبل إيران شبيهة بـ “حزب الله اللبناني”، وهذا الأمر تسبب في أن تشتهر هذه الجماعة في العراق باسم “الحشد الإيراني”.
ويعود تاريخ تأسيس هذه الميليشيات إلى أمر “علي سيستاني” المرجع التقليدي الشيعي العراقي في يوليو 2014م. وبالرغم من ذلك، فإن قاسم سليماني كان أقدم من له تأثير في توجيه وإرشاد هذه الميليشيات.
ونشر الموقع الإخباري “مشرق نيوز” المقرب من المؤسسات العسكرية الإيرانية، في 7 يونيو 2015م، تقريرًا له نقلًا عن صحيفة “الأخبار” اللبنانية، كتب فيه: “مما لا شك فيه أن إيران كانت تدير هذه الميليشيات، وكانت تهدف إلى أن تسيطر على تلك الجماعات من حيث التنظيم والتدريب والتسليح، وما زالت تفعل ذلك”.
وكان “أبو المهدي المهندس” نائب قائد قوات الحشد الشعبي الذي يذكره “قاسم سليماني” بمسمى القائد صرح في يوليو العام الماضي لهذه الصحيفة قائلًا: “أمر آية الله العظمى خامنئي، الإخوة في الحرس الثوري بأن يدعموا قوات الحشد الشعبي، والحرس الثوري كذلك يدعمنا في نطاق التسليح والذخائر، ويقدم لنا أيضًا المساعدات الاستشارية وخطط العمليات”.
الجدير بالذكر أن إيران كانت قد قامت قبل تشكيل قوات الحشد الشعبي على يد قادة مثل “حميد تقوي” بتشكيل جماعات أصغر مثل “كتائب الخراساني”، ولكن تأسيس تلك الميليشيات زاد كثيرًا من قدرات المناورة السياسية لدى إيران من أجل نمو تسلطها السياسي والعسكري على العراق وتوحيد هذه الميليشيات.
وكانت قوات الحشد الشعبي لها أثرها الفعال باعتبارها أداة تساعد إيران في الدفاع عن حدودها، حيث أعلن “أحمد رضا بوردستان” قائد القوات البرية للجيش الإيراني، في شهر مايو هذا العام، أن إيران بفضل مساعدة هذه الميليشيات نجحت في تدمير بعض الجماعات المقربة لداعش على الحدود الإيرانية.
كما كان لهذه الميليشيات أيضًا دور فعال على الساحة السياسية العراقية، وطلبت من المحافل السياسية العراقية، احترام صناديق الاقتراع وقدمت أيضًا مقترحات حول جوهر الحكومة السياسية. وبالطبع سيكون الدور السياسي الفعال لقوات الحشد الشعبي في خدمة المصالح الإيرانية.
وانتشرت في الأسابيع الأخيرة أخبارًا حول احتمال إرسال هذه الميليشيات من العراق إلى سوريا. وكتبت صحيفة لبنانية في تقرير لها، أنه بالنظر إلى الحروب الكبيرة التي حدثت في شرق حلب، فإنه من الممكن أن تدخل هذه الميليشيات سوريا من أجل تعزيز قدرات إيران وروسيا وحزب الله اللبناني.
واتهمت منظمة هيومن رايتس وواتش هذه الميليشيات العام الماضي بارتكاب جرائم حرب في العراق، وواجه نشاط تلك الميليشيات أيضًا رد فعل سلبي من قبل الدول العربية. ووصف “خالد بن أحمد آل خليفة” وزير الخارجية البحريني هذه الجماعات بأنها “قوات طائفية ملعونة”، وطالب “عادل الجبير” وزير الخارجية السعودي أيضًا بحل هذه القوات ضمن اتهامه لقوات الحشد الشعبي بإثارة الفتنة الطائفية. وعقب هذا الطلب رد فعل سلبي في العراق وإيران. فإيران لن تفقد بسهولة مثل هذه الأداة.
وانعقد في مايو العام الجاري في جامعة طهران، مؤتمر باسم “إنجازات الحشد الشعبي”. وتطرق هذا المؤتمر إلى انتصارات هذه الميليشيات أمام جماعة داعش. والحقيقة هي أن إيران نجحت في تشكيل حزب الله آخر في العراق. والخلاصة هي أن المسؤولين الإيرانيين إذا لم يستطيعوا الادعاء بأنهم يصدرون الثورة الإيرانية، فيمكنهم الادعاء بأنهم صدروا الحرس الثوري إلى لبنان واليمن والعراق وسوريا.
المصدر: إيران واير