النفوذ التركي في الأزمة الليبية.. التداعيات السياسية والأمنية

https://rasanah-iiis.org/?p=23393

مقدمة

  تشكِّل عودة النفوذ التركي إلى ليبيا، هدفًا لحكومة الرئيس رجب طيب أردوغان لما تحويه من فرصٍ استثماريةٍ واعدة ومواردَ نفطية وعواملَ جيوسياسية كبيرة، كنقطةِ انطلاقٍ للنُّفوذ التركي في عُمق البحرِ المتوسط، وعلى تماسٍ مع أوروبا وأفريقيا والعالم العربي. تستغلُّ تركيا مرحلةَ الصراعِ والانقسام التي تشهدُها ليبيا حاليًّا كفُرصةٍ مناسبةٍ لبدء تنفيذِ مُخططٍ قديم تمَّ إحياؤه عقِب ما سُمّي بأحداث «الربيع العربي» والمتمثِّل في توسيعِ النفوذِ التركي في العالم العربي من خلالِ بوابةِ المغرب العربي، ويقتضي نجاحُ المُخطط التركي الذي تمَّ استدعاؤه بغرضِ تحقيقِ زعامةِ إسطنبول على العالم العربي والإسلامي على المدى المتوسط، البدءَ في تطبيقِ وصايةٍ ناعمة على بعضِ البُلدان باستغلالِ حالةِ التفكُّكِ الراهنة.

  جاءَ دخولُ تركيا إلى ليبيا هذه المرَّة بغطاءٍ من المجلس الرئاسي لـ«حكومة الوفاق الوطني»، وتحتَ عباءةِ قوى وتياراتٍ إسلاميةٍ متشدِّدة. وافقَ البرلمان التركي في 02 يناير 2020م، على مذكِّرةِ الرئيسِ رجب طيب أردوغان التي تُتيحُ إرسالَ قواتٍ عسكرية إلى ليبيا دعمًا لـ«حكومة الوفاق الوطني» في طرابلس التي تُعاني قواتها من صعوباتٍ في مواجهةِ قواتِ الجيش الليبي بقيادةِ المشير خليفة حفتر؛ وفي 27 نوفمبر 2020م وُقِّعت مذكرتا تفاهُمٍ بين رئيسِ حكومةِ الوفاق فايز السراج والرئيس رجب طيب أردوغان، الأولى تتعلَّق بالتعاون الأمني والعسكري، والثانية بتحديدِ مناطقِ الصلاحيةِ البحرية في البحرِ المتوسط، وهذا يعني أنَّ أردوغان حصلَ على تفويضٍ لنشرِ قواتٍ في ليبيا، ووفقًا لنصِّ التشريع فإنَّ ذلك يأتي بحجّةِ أنَّ التطورات في طرابلس تُهدِّد مصالح تركيا.

  تأتي هذه الدراسةُ في محاولةٍ للبحثِ في النفوذِ التركي سياسيًّا واقتصاديًّا في دولِ المغربِ العربي بوجهٍ عام، ودوافع أنقرة من وراءِ دعمِ «حكومة الوفاق»، وأشكالِ وطبيعةِ الدعم العسكري التركي إلى ليبيا، وماهيةِ تداعيات ومخاطر هذا التدخُّل التركي على ليبيا ذاتها وعربيًّا ودوليًّا، والأُفق المستقبلي الذي ينتظرُ الحشدَ السياسي والعسكري التركي في ليبيا.

  لقد أحدَث تشكيلُ حكومتين متوازيتين في ليبيا؛ حكومة فايز السراج المدعومةِ جزئيَّا من قِبل المجتمعِ الدولي، والأُخرى التي يقودُها المشير خليفة حفتر شرقَ ليبيا المدعومةِ من قِبل مجلسِ النوابِ المنتخب، نشوءَ جملةٍ من التحولاتِ الجديدةِ والمتسارعة على صعيدِ الساحةِ الليبية. أفضى هذا الانقسامُ الوطني إلى تدخُّل العديدِ من اللاعبين الإقليمين والدوليين في ليبيا، وهو ما يُرشِّح الحربَ الأهلية الليبية إلى التفاقُم والتمدُّدِ في الزمان والمكان لتُصبحَ واحدةً من بؤرِ الصراعِ المركَّبة التي يختلطُ فيها البُعدُ الديني بالسياسي، والجغرافي بالاقتصادي، والدولي بالإقليمي.   

أولًا: أهداف التمدُّد التركي في المتوسط والمغرب العربي

 تشكِّل خبرة تركيا وتاريخها الطويل في استعمار الدول وإدارة المستعمرات، حافزًا لتنامي وجودها في المنطقة المغاربية الذي تجسَّد في عهد أردوغان على المستويات الثقافية والاقتصادية والعسكرية ضمن حرب السباق والسيطرة على ضفاف المتوسط الجنوبية، وبالإضافة إلى توجيه أردوغان قيادات الجيش لتطوير قواته البحرية لتحقيق مزيدٍ من الحضور العسكري في المتوسط؛ تم تطوير عقيدةٍ بحريةٍ تركية «الوطن الأزرق» بواسطة ضباط الجيش القوميين بهدف الهيمنة على بحر إيجه وعلى معظم البحر الأبيض المتوسط([1]).

1. المصالح السياسية والأيديولوجية

 طوَّر حزب العدالة والتنمية، منذ وصوله إلى السلطة عقيدةَ «العثمانية الجديدة» كمقاربةٍ سياسية تحاول التوفيق بين قيم الجمهورية الأتاتوركية والمجد الإمبراطوري العثماني، خدمةً لمصالح الحزب الداخلية والخارجية. فسخَّر الحزب كل أدوات البروباغندا للتَّعريف بها وإقناع الأتراك باحتضانها كمشروعٍ إستراتيجي يصلُ حاضرهم بماضي إمبراطوريتهم. 

 وبعدَ أن تحقَّق القبول الداخلي للمشروع الجديد، خصوصًا بعد تحقيق النمو الاقتصادي منذ وصول الحزب إلى سُدَّة الرئاسة؛ عمل القادة الأتراك على توسيع مجالهم الحيوي عربيًّا وفي شمال أفريقيا، مستثمرين موجات «الربيع العربي» وما نتج عنها من فراغٍ سياسي.  فبعدَ سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي في تونس، في عام 2011م، وفوز حركة النهضة في الانتخابات؛ تعزَّزت العلاقات بين البلدين بشكلٍ غير مسبوق، وأصبح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نموذجًا في أوساط الإسلاميين بتونس.

وبالإضافة إلى التقارُب بين موقفي حكومتي البلدين المؤيّد لـ«حكومة الوفاق» الوطني في طرابلس، فإنَّ أردوغان قام في نهاية عام 2019م بزيارة تونس رفقة وزيري الدفاع والخارجية ومدير المخابرات، في وقتٍ كان يجري فيه التحضير في أنقرة لإرسال جنودٍ أتراك وعتادٍ عسكري إلى ليبيا لدعم «حكومة الوفاق». ثم قام رئيس حركة النّهضة الإسلامية وئيس البرلمان التونسي راشد الغنّوشي بزيارة إلى تركيا في 12 يناير 2020م، جُوبهت بانتقاداتٍ ومطالب شعبية بسحب الثقة منه لتواطئه مع أردوغان في تحويل التراب التونسي لقاعدة لوجيستية لتركيا، وذلك في ظلِّ وجود تقارير عن هبوط طائرات تركية في الجنوب التونسي محمَّلة بمواد في طريقها إلى ليبيا([2]).

 أما الجزائر فقد توهَّجت العلاقات بينها وبين تركيا مع وصول حزب «العدالة والتنمية» إلى سدة الحكم في تركيا عام 2002م، ومنذ ذلك الوقت زار أردوغان الجزائر ثلاث مرات، الأولى في عام 2006م عندما كان يشغل منصب رئيس الوزراء، والثانية في فبراير 2018م، ثم الزيارة الأخيرة في يناير 2020م؛ وفي سياق محاولاتِ إيجاد منفذٍ سلمي للأزمة الليبية على الحدود، فتحت الجزائر بابَ التشاور مع أنقرة بعد تدخُّلها في ليبيا؛ وعلى الرغم من توافق الجزائر مع تركيا  حول حكومة السرَّاج على أنَّها الحكومة المعترف بها دوليًّا؛ فإنَّ  لديها تحفظاتٍ حول الدور العسكري التركي في ليبيا، خصوصًا في ما يخُصُّ استعانة أردوغان بالمرتزقة من سوريا، وهو يغذّي مخاوف جدية لدى الجزائر حول انعكاسات وجودهم على البلاد أمنيًّا.

2. المصالح الاقتصادية

  بذلت تركيا جهودًا واسعة من أجل التغلغُل الاقتصادي في دول المغرب العربي التي يبلغ عددُ سكانها نحو 110 ملايين نسمة تقريبًا (الجزائر 42.3 مليون نسمة، والمغرب 42.1 مليون نسمة، وتونس 12 مليون نسمة، وليبيا 7 ملايين نسمة، وموريتانيا 4 ملايين نسمة حسب إحصائيات 2018م)، وقد قفزت قيمة صادرات تركيا إلى دول المغرب العربي بعد أحداث «الربيع العربي» إلى نحو 6.570 مليارات دولار في 2018م مقارنةً بنحو 4.857 مليارات دولار في 2010م، بفضل التقارب مع الأنظمة الجديدة التي تشاركُ أحزابٌ إسلامية في حُكمها. وفي المقابل لم تحقِّق الدول المغاربية شيئًا يُذكر من التقارب مع إسطنبول، إذ تراجعت قيمة صادرات هذه الدول إلى تركيا بنحو 2.4 مليار دولار،مسجلةً عجزًا تجاريًّا ضخمًا ([3]). فقد ارتفع العجز التجاري للمغرب من 4.4 مليارات درهم مغربي عام 2006م، إلى 16 مليار درهم عام 2018م ([4])؛ وأصبحت تونس تخسر كلَّ عامٍ نحو 374 مؤسسةً متخصِّصة في صناعة النسيج نتيجةً لمنافسة المؤسسات العالمية لها في الأسواق التونسية، خصوصًا التركية والصينية؛ وفاق العجز التجاري التونسي 750 مليون دولار([5]).  أما الجزائر التي تُعدُّ أكبر شريكٍ تجاريٍ لتركيا في أفريقيا فقد تخطَّى حجم الاستثمارات التركية فيها عتبةَ 3 مليارات دولار، ويسعى الجانبان إلى رفعها إلى 5 مليارات دولار ([6]). كما تحتلُّ المرتبة الرابعة في ترتيب الدول المموّنةِ لتركيا بالغاز الطبيعي، إذ تم الاتفاق في عام 2014م على تزويد أنقرة منه لمدّة عشر سنوات، وبلغ حجم الواردات من الغاز الطبيعي إلى تركيا عام 2018م حوالي 4.4 مليار متر مكعب ([7]).

3.الاقتراب من القارة الأفريقية

  أحاطت تركيا أفريقيا بأهميةٍ بالغة منذ تولّي الرئيس أردوغان الحكمَ في عام 2003م، إذ بادرت بتعزيز علاقاتها بدول القارّة وأعلنت سنة 2005م «عام القارّة الأفريقية»؛ وأول من وضع التوجُّه الإستراتيجي التركي تجاه أفريقيا هو وزير الخارجية التركي الأسبق أحمد داود أوغلو، الذي لخَّص السياسة الخارجية التي انتهجها حزبُ «العدالة والتنمية» والمتمحورة حول استعادة الحضور التركي إلى المناطق التي كانت تحت حكم الإمبراطورية العثمانية، واستخدم الحزبُ هذا التحشيد التاريخي لتحقيق فائدةٍ اقتصاديةٍ وسياسيةٍ قوية، حيثُ تتمتعُ القارة الأفريقية بالأراضي الخِصبة، والثروات المعدنية والنفطية، وتعدُّ سوقًا واسعةً للمنتجات التركية وللاستثمارات الناجحة، وقال أوغلو: «إنَّ القرن 21 هو قرنٌ آسيويٌ في أوَّله وأفريقي في نهايته» ([8]).

 بدأ توسُّع تركيا في أفريقيا بوصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، وأجرى الرئيس أردوغان منذ العام 2005م أربعين زيارةً لستٍ وعشرين دولةً، تم فتح عددٍ من السفارات والوكالات فيها، وباتت أفريقيا منطقةً إستراتيجية بالنسبة إلى تركيا، فاستأجرت تركيا ميناء سواكن في عهد الرئيس السوداني السابق عمر البشير على البحر الأحمر أمام ميناء جدة مقابل 4 مليارات دولار دفعتها قطر([9])؛ وكانت جزيرة سواكن تُحظى بمكانةٍ مهمة في عهد الدولة العثمانية، إذ كانت مركزًا لبحريتها في البحر الأحمر، وبعد قيام الثورة السودانية في ديسمبر 2018م دخلت العلاقات بين السودان وتركيا منعطفًا ارتفعت فيه الأصوات مطالبةً بإعادة النظر في اتفاقية ميناء وجزيرة سواكن، إذ ترى الحكومة الانتقالية أنَّ الوجود التركي هو تمثيلٌ لجناح «الإخوان المسلمين» ودعمًا للحكومة السابقة.

  استخدمت تركيا قوتها الناعمة في أفريقيا وقدَّمت نفسها على أنَّها أكثر انصافًا مع هذه الدول من الوجود الغربي، واستطاعت أن تفرض شراكتها في هذه القارة التي يزيد عددُ سكانها على 1.2 مليار نسمة، بناتجٍ محليٍ إجمالي يبلغ حوالي 2.5 تريليون دولار. وبلغ حجم التبادل بين أنقرة والعواصم الأفريقية نهاية عام 2019م أكثر من 20 مليار دولار، بعد أن كان في مستوى 3 مليارات في عام 2003م و 100 مليون دولار عام 2000م؛ وقَّعت تركيا، اتفاقيات تعاون تجاري واقتصادي مع 46 بلدًا أفريقيًّا، إضافةً إلى اتفاقية تحفيز وحماية الاستثمارات بشكلٍ متبادل مع 28 دولةً، واتفاقية تجنُّب الازدواج الضريبي مع 12 دولةً في القارة السمراء([10]).

4.ورقة ضغط ضدَّ أوروبا

بعد فشل تركيا في الحصول على العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي في 03 أكتوبر 2005م، وتوقف المفاوضات في عام 2016م؛ اندفعت تركيا لابتزاز الاتحاد الأوروبي بورقة اللاجئين السوريين الذين فتحت لهم حدودها ومكَّنتهم من التدفُق نحو أوروبا ما أدَّى إلى عبور قرابة 900 ألف لاجئ إلى هناك في يناير وفبراير من عام 2016م.  على إثرها، وقَّع الاتحاد الأوروبي مع تركيا إتفاقيةً تقضي بوقف تدفق المهاجرين إلى دولهِ مقابل منح تركيا 5.6 مليار يورو([11])؛  ويبدو أنَّ أردوغان يخطِّط مرةً أخرى لمقايضة أوروبا بعد تغلغُله في ليبيا بورقة المهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء من الدول  الأفريقية، إن سقطت «حكومة الوفاق»([12]).

خريطة رقم (1): دول حوض المتوسط

المصدر:  https://bit.ly/38uUfDr

ثانيًّا: دوافع الحضور التركي في ليبيا

  كانت تركيا تحتلُّ ليبيا قرابةَ 360 سنة تحت راية الغزو العثماني التي اتَّسمت بالقمع، ما نتج عنه اندلاع عدة ثورات أسفرت عن تنازل الدولة العثمانية عن ليبيا لإيطاليا في عام 1912م مقابل بعض الجزر بموجب اتفاقیة (أوشي لوزان)؛ وبناءً على هذه الخلفية صرَّح أردوغان بأنَّ هناك مليون تركي يعيشون في ليبيا، وعليهِ أنْ يقاتل هناك مثل كمال أتاتورك الذي كان مقاتلًا في الجيش العثماني في ليبيا([13]).  

 تطوَّرت الأزمة الليبية بصورةٍ متسارعة لصالح الجيش الوطني الليبي، ما دعا حكومة فايز السراج إلى طلب الدعم والتدخُّل من تركيا لتعزيز عمليات ميليشياتها في مواجهة تقدم قوات الجيش الوطني، وخلال أشهرٍ قليلة من وصول الدعم العسكري التركي تغيَّرت موازين القوى على الأرض لصالح حكومة السراج التي باتت في موقعٍ أقوى وأفضل في أيِّ مفاوضاتٍ مستقبلية للوصول إلى تسويةٍ تقرِّر مصيرَ ليبيا، ومن بين ثنايا هذا التدخُّل تبرُز عدةُ دوافع حفَّزت تركيا للتَّدخل وهي:

1. الدوافع الاقتصادية والتجارية

أ- قطاع الطاقة

 يُشكِّل النفط في ليبيا الذي اكتُشف منذ عام 1958م وبدأ إنتاجه رسميًّا في عام 1961م، نحو 94% من موارد البلاد وتُوجَّه عائداته للإنفاق على قطاعاتٍ كثيرة، ومنذ اندلاع أحداث الثورة الليبية، تأثَّرت أعمال الإنتاج والتصدير وخرجت معظم الشركات النفطية العاملة في مجالات الاستكشاف والتنقيب والإنتاج والصيانة، وتوقَّف إنتاجُه في يناير 2020م بواسطة رجال القبائل بعد إغلاقهم غالبيةَ الموانئ والحقول النفطية في شرق وجنوب البلاد، وتردَّت وفقًا لذلك الحالةُ المعيشية للمواطنين.

   تسعى تركيا جاهدةً عبر مساراتٍ مختلفة، وبالاستفادة من أجواء الحرب الليبية، للخروج بحُزمةِ مكاسب تُمكّنها من تأمين مصدرٍ دائمٍ للطاقة، إذ ظلَّت على مدى العشرين عامًا الماضية تستورد 95% من احتياجاتها النفطية من ليبيا، بل ستسعى لأن تلعب دورَ موزّعِ النفط الليبي إلى أوروبا بدلًا عن المؤسسة الوطنية الليبية للنفط؛ وحسب نشرة «أوبك» لعام 2017م، تحتلُّ ليبيا المركز الخامس عربيًا في احتياطي النفط الخام المؤكَّد، الذي يصل إلى 48.5 مليار برميل، وهو ما يعادل 3.76% من الاحتياطي العالمي. بينما تتصدَّر السعودية الدولَ العربية بأكبر احتياطيٍ مؤكَّد يصلُ إلى 263.9 مليار برميل، يمثل 20.7% من الاحتياطي العالمي؛ وبالنسبة للاحتياطي المؤكَّد من الغاز الطبيعي، جاءت ليبيا في المركز الثامن عربيًا باحتياطيٍ يُقدر بـ 1.5 ترليون متر مكعب([14]).

 كما تتصدَّر ليبيا الدولَ العربية في احتياطات النفط الصخري، وتحتلُّ المركز الخامس عالميًّا بعد أن ارتفعت احتياطاتها من 48 مليار برميل إلى 74 مليار برميل، ويقع هذا المخزون الضخم من النفط الصخري شمال غرب البلاد وجنوبها الغربي، وترفع هذه الكمية الجديدة من المخزون العمرَ الافتراضي لإنتاج النفط الليبي من 70 إلى 112 عامًا. كما ارتفعت احتياطات الغاز الليبي إلى ثلاثة أضعاف من 55 ترليون قدمٍ مكعب إلى 177 ترليون قدمٍ مكعب، ويُقدَّر احتياطيها الإجمالي بـ613 مليار برميل([15]).

خريطة رقم (2): توزيع حقول النفط والغاز وأنابيب وموانئ التصدير في ليبيا

المصدر: بوابة الوسط، ليبيا الخامسة عربيًا في احتياطي النفط الخام والثامنة في الغاز الطبيعي (09 سبتمبر 2018م)، تاريخ الاطلاع: 10 ديسمبر 2020م، https://bit.ly/2Z2hMs1

  عمليًّا، بدأت شركة البترول التركية TPAO التي تزيد استثماراتها على 180 مليون دولار في ليبيا، بالتنقيب عن النفط في ليبيا في أوائل عام 2000م، لكنها أوقفت عملياتها عام 2014م. ثم عاودت العمل مرةً أخرى بعد توقيع الاتفاقية الجديدة التي سيتركَّز التنقيب عن النفط وفقًا لها في المنطقة الاقتصادية الخاصة الموقعة بين تركيا وليبيا، من خلال تطوير مشاريع مشتركة للطاقة في المنطقة التي تسمى بالهلال النفطي([16]). وهناك حضورٌ قوي لعددٍ من شركات النفط العالمية في ليبيا مثل «توتال» الفرنسية و«إيني» الإيطالية و«كونوكو فيليبس» و«هيس» الأمريكيتين و«فينترسهال» الألمانية.

ب- قطاع البناء وإعادة الإعمار

 تُعدُّ ليبيا شريكًا تجاريًا كبيرًا لتركيا في مجال تقديم خدمات المقاولات منذ عام 1974م، وبعد أحداث «الربيع العربي» تراجعت صادرات تركيا إلى ليبيا، وتعثَّرت مشاريعها الاقتصادية التي بلغت قيمتها نحو 19 مليار دولار، وتأثَّرت بذلك العمالة التركية، كما تأثَّر قطاع السياحة بتقلُّص أعداد السياح الليبيين في تركيا ([17])،  وفي محاولتها إعادةَ أصولها ونشاطها الاقتصادي، والحصول على مزيدٍ من الفُرص الاستثمارية خاصةً في قطاع البناء والإعمار؛ تحاولُ تركيا الاستحواذ على جزءٍ كبير من الاستثمارات المتوقَّعة في ليبيا بمجال إعادة الإعمار والبُنية التحتية، بقيمةٍ تصل إلى 120 مليار دولار([18]).

جـ- الدوافع السياسية والأيديولوجية

ترى تركيا أنَّ حضورها في ليبيا هو مفتاح اللعبة الذي سيُعطيها مزيدًا من القوة والتأثير. تريد أن تثبِّت مكانتها وتعمِّق نفوذها هناك لتحقيق عدة أهدافٍ منها، السعيُ لإحداث نظامٍ إقليميٍ جديد في المنطقة يجعلها تصعد من لاعبٍ إقليمي إلى لاعبٍ متميز حتى تتمكَّن من تثبيت ركائز «الإخوان المسلمين» بمنطقة المغرب العربي ومصر. على المستوى الداخلي التركي ينظرُ أردوغان إلى كسب نقاطٍ إضافية من جرَّاء العوائد التي سيحصل عليها من تدخُّله في ليبيا بما سيدعمُه في الانتخابات القادمة، إذ يسعى لجلب أصوات القوميين والإسلاميين بإشعال حربٍ تؤجّج المشاعر القومية والدينية، وخلق أزمةٍ على المستوى الدولي من شأنها أن تُثير دويًّا في الرأي العالمي. كما يسعى إلى تصدير أيديولوجيته إلى الدول العربية التي لا يزالُ ينظرُ إليها بعين الريبة والمنافسة إستراتيجيًّا وعقديًّا، ويتهمُها بأنها ساهمت في القضاء على الدولة العثمانية؛ ويطمح مخططو السياسات الأتراك إلى إنشاء وتعزيز هويةٍ تركيةٍ وهمية لدى بعض السكان الليبيين في أجزاءٍ من غرب ليبيا على أساس روايةٍ زائفةٍ للتاريخ مرتبطة بالعصر العثماني؛ ومن أجل تحقيق هذا الهدف يتمُّ الحشد القومي عن طريق أذرُعٍ تتفرَّع من الوكالة التركية (MIT) تقوم بترويج تراث العصر العثماني واللغة التركية([19]).

ثالثًا: طبيعة الدعم العسكري التركي لــ«حكومة الوفاق»

 بحلول عام 2014م برزَ الجنرال خليفة حفتر كقوةٍ في ليبيا، وطردَ «الإسلاميين» المتشدّدين من بنغازي ليفرض سيطرته بواسطة قواته «الجيش الوطني الليبي» على الشرق الليبي، وشرعَ في توحيد البلاد بالسير غربًا لمهاجمة العاصمة طرابلس، بهدف الإطاحة بحكومة «الوفاق الوطني» بقيادة فايز السراج. تقهقرت قوات حفتر من أطراف العاصمة الليبية طرابلس إلى مدينة سرت الواقعة على بعد 450 كيلو مترًا شرق العاصمة، ليخسر ما كسبهُ خلال أشهرٍ عديدة من المعارك. تعود الانكسارات لقوات حفتر إلى تغيير موازين القوى على الأرض بعد التدخُّل العسكري التركي إلى جانب حكومة السراج، وهو التدخُّل الذي بدأ قبل سنواتٍ مع انطلاق الحرب على الإرهاب في مدينة بنغازي ضمن عملية «الكرامة».

خريطة رقم (3): مناطق السيطرة في ليبيا (08 يناير 2020م) قبل وصول الدعم التركي

 المصدر: الحرة، بعد الصراع على سرت.. كيف تبدو خارطة الصراع في ليبيا؟ (08 يناير 2020م)، تاريخ الاطلاع: 10 ديسمبر 2020م، https://arbne.ws/2O2Xd8w  

 وحمل شهرا أبريل ومايو 2020م تطوَّرات عسكرية كبيرة ومؤثرة على الساحة الليبية، صبّت في غالبيّتها لصالح «حكومة الوفاق الوطني» على حساب قوات المشير خليفة حفتر، فقد تمكَّنت «حكومة الوفاق» من زيادة رقعة سيطرتها الجغرافية بما يزيد عن 7 آلاف كيلومترٍ مربع.

خريطة رقم (4): مناطق السيطرة في ليبيا (08 يناير 2020) بعد وصول الدعم التركي

المصدر: جسور، خريطة نفوذ السيطرة في ليبيا (04 يونيو2020م)، تاريخ الاطلاع: 10 ديسمبر 2020م، https://bit.ly/2Z4Dn3f

في نهاية 25 يونيو 2020م شنَّت قواتٌ تركية هجومًا بريًا واسعَ النطاق بهدف الاستيلاء على الهلال النفطي في منطقة شرق ليبيا، تحت غطاء مقاتلات F-16 والفرقاطات التركية. تمكَّن الجيش التركي من الدفع بقواته شرقاً إلى محطة توليد الطاقة في سرت قبل أن تتراجع؛ ويهدف أردوغان من وراء ذلك إلى استعادة السيطرة على النفط لتمكين «حكومة الوفاق» من دفع ثمن خسائر تركيا القديمة والجديدة في ليبيا ([20]).

1.إرسال قوات عسكرية تركية

 قبل توقيع الاتفاقية بين تركيا و«حكومة الوفاق» كانت تعملُ في ليبيا هيئةٌ استشاريةٌ تركية برفقة بعض القوات العسكرية، وتوسَّع الحضور العسكري التركي بعد أن طلبت «حكومة الوفاق» تدخلًا تركيًّا واسعَ النطاق استطاعَ تغيير مسار الحرب لصالح حكومة السراج. فمذكرةُ التعاون الأمني والعسكري المُبرمة بين ليبيا وتركيا ومذكرةُ التفويض التي صادق عليها البرلمان التركي تُتيحان لأنقرة إمكانيةَ تقديم كلِّ أنواع الدعم العسكري والأمني لـ«حكومة الوفاق» بما فيه بناءُ قواعدَ عسكرية فوقَ الأراضي الليبية. الجديرُ بالذكر أنَّ مذكرةَ التعاون العسكري بين السراج وأردوغان تشمل إنشاء قوة الاستجابة السريعة ضمن مسؤوليات الأمن والجيش في حكومة السراج، ونقل الخبرات والتدريب والاستشارات والتخطيط العسكري المشترك والتعليم العسكري والدعم المادي والمعدات من قِبل تركيا، وتبادُل المعلومات الاستخباراتية والتعاون العملياتي، وأنظمة الأسلحة واستخدام المعدات التي تغطي مجالات نشاط القوات البرية والبحرية والجوية، وإنشاء مكتبٍ مشترك للتعاون الأمني والدفاعي في تركيا وليبيا مع عددٍ كافٍ من الخبراء والموظفين؛ وفي خطوةٍ متقدمة بحثت أنقرة و«حكومة الوفاق» إمكانيةَ استخدام تركيا قاعدةَ مصراتة البحرية وقاعدة الوطية الجوية في ليبيا ([21]).

2.إمدادات السلاح والدعم العملياتي

  تستخدم تركيا الطريقين البحري والجوي لإيصال إمدادات التسليح إلى ليبيا، وقد خصّصت ميزانيةً ضخمة لتطوير الإنتاج العسكري المحلي في مجال بناءِ السفن المتطورة السريعة والغواصات، وبناءِ القوة العسكرية الجوية، وزيادة أسطول الطائرات بدون طيار؛ وقد وصلت سفينة «أمازون» التركية إلى ميناء طرابلس في مايو 2019م، تحمل على متنها 40 مدرَّعةً لصالح الميليشيات المسلحة المدعومة من «حكومة الوفاق» في طرابلس. وأعلنت قوات «الجيش الوطني الليبي» في أغسطس 2019م عن استهداف وتدمير طائرة إمداد عسكرية تركية ضخمة تحملُ ذخائرَ وطائراتٍ مُسيّرة وصواريخَ متعدِّدة الأغراض([22]).

 يتم الدعم العسكري التركي بالسلاح، عبر ثلاثة محاور؛ الأول: يتضمن ما تُنتجه تركيا من طائراتٍ مسيّرة وحاملاتِ جنودٍ مدرَّعة مع تسليحها، ومضاداتٍ للدُّروع والأسلحة الخفيفة والمتوسطة، والثاني: يشمل الأسلحةَ القديمة في مخازن الجيش التركي من طائراتٍ ومدرعاتٍ ودباباتٍ ومدفعية، أما المحور الثالث: يتم عبر شراء أسلحةٍ أوروبيةٍ شرقيةٍ أو أمريكية، لصالح الجيش التركي، ومن ثم إرسالها إلى الميليشيات في ليبيا، مع الحصول على مكاسبَ مادية من إعادة البيع.

 على مستوى العمليات العسكرية يسعى الجانبُ التركي للسّيطرة على أحد الخطوط خارجَ طرابلس واعتبارها حدودًا لولاية طرابلس مع التعزيز على الخطوط المكتسبة والدفاع عنها ومهاجمة ما وراء تلك الخطوط، لحين الوصول لخطوط تقسيمٍ مناسبة، يتمُّ بعدها إعلان دولة طرابلس ومواصلة النزاع على باقي الأقاليم الليبية. وكشفَ الجيش الليبي قيامَ القوات التركية بالتَّحشيد شرقَ مصراتة، لافتًا إلى تركيب تقنياتٍ عسكرية من راداراتٍ ومحطَّاتِ صواريخ للدفاع الجوي، ومدفعية ميدان موجّه ومدرعات مختلفة الأنواع([23]).

لا يخلو الدعم التركي بالسلاح لـ«حكومة الوفاق» من عقباتٍ إستراتيجية تتعلَّق بالإمداد القتالي واللوجستي والقدرة القتالية والاستدامة العملياتية والحشد العسكري. كما أنَّها لا تتقاسمُ حدودًا بريةً مع ليبيا الواقعة على مسافة 1500 كلم، ما يطرحُ عدةَ إشكالاتٍ لوجستية لأنقرة التي لم تتعود على إرسال قواتها والانتشار العسكري في مناطق بعيدة عن حدودها. كذلك تحتاج القوات الجوية التركية إلى التزوّد بالوقود جوًّا وتحقيق السيطرة والسيادة الجوية والإسناد الجوي القريب لوحداتها ووحدات الوفاق البرية، وهي قدراتٌ لا تملكُها تركيا بشكلٍ كافٍ.   

3.إعادة تشغيل المرتزقة السوريين في ليبيا

 يتمتَّع أردوغان وحكومته بعلاقاتٍ قوية مع ميليشياتٍ مسلحةٍ ليبية، على رأسها المجموعات التابعة لجماعة «الإخوان المسلمين»، وكتائب مصراتة، فضلًا عن العلاقات الوثيقة مع قادة الجماعة الليبية المقاتلة، وغيرها من الميليشيات التي تُقاتل ضدَّ قوات «الجيش الوطني الليبي»([24])، وتستهدف تركيا في علاقتها مع هذه الكتائب والميليشيات توظيفها في حربٍ بالوكالة، لكون الرأي العام التركي قد يعترضُ على تعرُّض الوحدات التركية النظامية لخسائر بشرية مباشرة.

  نشَطت تركيا، عبر الفصائل العسكرية السورية الموالية لها في تجنيد آلاف المقاتلين السوريين للقتال في ليبيا.  وتشير معظم التقديرات إلى أنَّ عددَ المقاتلين السوريين الذين أرسلتهم أنقرة إلى ليبيا تجاوز عشرة آلاف مقاتل. وصلت طلائع هؤلاء المقاتلين أواخر عام 2019م إلى تركيا، ثم نُقلوا إلى ليبيا مقابل وعودٍ بمرتباتٍ شهرية وخدماتِ الإعاشة والسَكن التي ستُقدّمها لهم «حكومة الوفاق» في طرابلس([25])،  وتحرص تركيا على استخدام المرتزقة على الرغم من أنَّ القانون الدولي يمنع تجنيدهم واستخدامهم في القيام بأعمالٍ مسلحة أو إرهابية لتحقيق هدفين؛ الأول: يتمثل في حلِّ مشكلة تدفق هذه العناصر المسلحة لتركيا، إذا ما نجحَ الجيش السوري في إكمال سيطرته على أراضي الشمال، مما يخلق عبئًا على الداخل التركي؛ والثاني: هو دعم حكومة السراج وتحقيق نفوذٍ تركيٍ أكبر في ليبيا.

رابعًا: تداعيات التدخل التركي على ليبيا

  مع توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط والاتفاقية الأمنية بين الحكومة التركية، وحكومة «الوفاق الوطني» الليبية برئاسة فائز السراج في 27 نوفمبر 2019م، دخلت ليبيا في خِضمّ تجاذباتٍ وتوترات، ما دفعَ أطرافًا كثيرةً محليةً ودولية للعمل على تقويض الإجراءات التركية في ليبيا. لقت المذكرتان رفضًا إقليميًّا ودوليًّا لكونهما تتجاوزان صلاحيات السراج وفق اتفاقِ الصخيرات، كما أنَّ الاتفاقَ البحري ينتهكُ قانونَ البحار، وذلك بسبب عدم وجود حدودٍ بحرية بين الدولتين.

1.انتهاك السيادة الليبية  

 تطمحُ تركيا في أن تكون هي المؤثر الأكبر على صناعة القرار السياسي في ليبيا، وتسعى لإصدار تراخيص للتنقيب في المناطق البحرية المشمولة في الاتفاق مع ليبيا، وبموجب الاتفاق التركي – الليبي، لم يعُد ممكنًا القيام بأعمال تنقيب أو تمرير أنابيب في المناطق البحرية المشمولة في الاتفاق دونَ موافقة الدولتين؛ ورفض «الجيش الوطني» والبرلمان والحكومة الليبية المؤقتة الاتفاقين، لأنَّهما يفتقدان الشرعية ([26]).

2. تحويل ليبيا إلى بؤرة إرهابية

 تكمُن خطورة نقل مسلحين سوريين إلى ليبيا في إقامة منطقةِ تجمُّعٍ لهم على الأراضي الليبية، وفي هذه الحالة فإنَّ هذه البؤرة ستُهدِّد دولَ شمال أفريقيا وعلى رأسها مصر. يمكن أن يحمل نقلُ الإرهابيين من سوريا إلى ليبيا معه نقلَ تنظيماتٍ وأفكار متطرِّفة استغلالًا لحالة السيولة الأمنية ولحالة العسكرة، والأخطر أن ينضمَّ لها شبابٌ جُدد من جنسياتٍ عربية وأفريقية من الدول المجاورة التي تعيش فيها بعض الشرائح الاجتماعية تحت خطِّ الفقر وتكثُر فيها البطالة؛ ومع العوامل الجاذبة لانتقال المسلحين إلى ليبيا، فإنَّ كل ذلك قد يدفعُ مقاتلين من جنسياتٍ مختلفة إلى الانتقال للقتال في ليبيا، لتُصبح الأخيرةُ مركزًا للمرتزقة والإرهابيين. 

3.سيطرة الميليشيات الإخوانية

   تسعى تركيا إلى المحافظة على تواجُد المشروع الإخواني في شمال أفريقيا خصوصًا بعد تراجُعه في تونس والجزائر ومصر، وفي حال نجحت في ذلك فيُمكن أن تصبحَ ليبيا مرتكزًا لتنظيم «الإخوان المسلمين» في الإقليم ونقطةً لإعادة الانطلاق بعد خسارة نفوذهم السياسي؛ وتُعدُّ ليبيا هي الموقع المثالي الآن لهذا التواجد، لعدَّة عوامل بعضها يتعلق بإمكاناتِ ليبيا وموقعِها الجغرافي بين مصر وباقي دول المغرب، ومواردها وثرواتها الغنية، وسيكولوجية الشعب الليبي القبلي الذي جرَّبَ النضال والكفاح.

خامسًا: ردود الأفعال الإقليمية والدولية 

1.ردود الأفعال العربية

أ- ردَّة فعل الجامعة العربية

 طلبت الحكومة الليبية المؤقتة من جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد الأفريقي القيامَ بخطواتٍ سريعة لسحب اعترافها بـحكومة السراج، وإدانةِ الحشد التركي الموجود في طرابلس، ولكنَّ الجامعة العربية عِوضًا عن ذلك اعتبرت أنَّ هذا التصعيد العسكري سيُفاقم الوضع المتأزم هناك، كما يُهدّد أمن واستقرار دول الجوار الليبي والمنطقة ككلّ بما فيها المتوسط([27]).

ب- الموقف المصري

 تتخوَّف مصر التي ترتبط بحدودٍ مشتركة مع ليبيا لأكثر من ألف كيلومتر، من تأثيرات التواجُد التركي في ليبيا على أمنها القومي؛ وهذا ما دفعَ بمصر إلى التنديد باتفاق «أردوغان – السراج»، منذ اللحظة الأولى لإعلانه، والعمل على حشد الجهود الدولية لإحباط التواجد العسكري التركي في ليبيا، وتأكيداتها على دعم الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

 ويُعدُّ عبور ميليشيات الوفاق المدعومة من تركيا الخطَّ الدفاعي (سرت – الجفرة) مدعاةً للجيش المصري  بعبورِ الحدودِ الليبية الشرقية لحماية حدوده والدفاع عنها، وتعتبرُ فُرص نجاحه عسكريًّا عاليةً لوجوده بجانب خطوط التموين عكسَ الجيش التركي الذي لا توجدُ لديه قواعد لوجستية قريبة([28])؛ وبالتالي ستكون القوات المصرية في مكانٍ يسمح لها بالقيام بعمليات دعمٍ قتالي وإسنادٍ لوجستي لقوات المشير حفتر، بما يرفع من معنوياتها القتالية، ويحمي خطوطها الخلفية، وسيُسهِّل لها التقدم لإكمال السيطرة على شرق ليبيا والوصول ربما للعاصمة طرابلس.

ج- موقف الدول المغاربية

 لا يمكن للبلدان المغاربية تجاهل زيادة التوتر في ليبيا التي تهدِّدها أمنيًّا، وتهيؤها لدفع ضريبةٍ باهظة لموجاتٍ من اللاجئين. بيدَ أنَّ اتحاد المغرب العربي لم يستطع حتى الآن الوصولَ إلى موقفٍ موحَّدٍ وواضح بخصوص الأزمة، كما أنَّ سياسات دولِه الخارجية تتأثرُ بعوامل إقليمية ودولية متعدِّدة، ما يجعلها تتباين في ردود أفعالها حيالَ ليبيا. فالمغرب والجزائر وتونس لا تدعم حفتر وتميلُ سياسيًّا إلى حكومة السراج، وترحِّب بدورٍ سياسيٍ تركي، إلَّا أنَّ موقفها الرسمي معارضٌ للتدخل العسكري التركي في ليبيا خشيةَ أن يحوِّل ليبيا إلى «سوريا جديدة» ويخلق لها مشاكلَ أمنية خطيرة.

 فقدت تونس مكانتها التجارية في السوق الليبية وخرجت من قائمة الدول الـ10الأهم لهذه السوق في الوقت الذي صعدت فيه تركيا إلى المركز الثالث على صعيد الصادرات، ولم يعُد هناك أكثرُ من عشرين ألف تونسي يعملون في ليبيا؛ وفي الوقت الذي يتراجع فيه حضور السلع التونسية في ليبيا يزدادُ حضورُ السلع التركية هناك حتى في مناطق لا تسيطرُ عليها حكومة السراج([29]).

 من جانبها، تُعتَبر الجزائر الدولةَ الأكثر اهتمامًا بالشأن الليبي، وهي أكثر الدول المغاربية وضوحًا في رفضها للمشير حفتر، الذي وصفت عملياته بالعدوان العسكري؛ ومع ذلك فقد صرَّحت بأنَّها لا تقبل بوجود أيِّ قوةٍ أجنبية في ليبيا مهما كانت. 

 أما المغرب فهو أكثر البلدان المغاربية تحفُّظًا في الشأن الليبي رغم أنَّه احتضن مباحثات الصخيرات التي أفضت إلى ولادة المجلس الرئاسي لـ«حكومة الوفاق» برعايةٍ أُممية. لكن وإن كانت التصريحات المغربية قليلةً جداً في الشأن الليبي، فهي تعكسُ استمرارَ تشبُّث الرباط بـ«حكومة الوفاق» إذ يرى أنَّ اتفاق الصخيرات كان ولا يزال اتفاقًا جيدًا، وأن تكاثُر المبادرات حول الأزمة يؤدي إلى تنافُرٍ بينها([30]).  لكن الرباط ستزيدُ من حذرها، أولًا لأنَّ أيّ انخراطٍ مغربيٍ غير محسوب قد يسببّ ردَّ فعلٍ من الجزائر التي ترى في ليبيا إحدى حدائقها الخلفية، وبالتالي فأيّ وجودٍ عسكريٍ مغربي في ليبيا لدعم الخُطط التركية، ستراهُ الجزائر موجهًا ضدَّها. وثانيًّا لأنَّ الرباط تُدرك أنَّ الملف الليبي معقدٌ وأنَّ الأزمةَ مرشّحةٌ للاستمرار لسنواتٍ أخرى، وبالتالي فالوضع لا يحتمل أيّ مخاطرة.

2.ردود الأفعال الدولية

أ-الأمم المتحدة

 خرقت تركيا قرار الحظر على ليبيا بناءً على ما أكَّده تقرير الخبراء الخاص للجنة الأمم المتحدة الذي يُصدِرُ كل 3 أشهر ترتيبًا على القرار الخاص بحظر تسليح الجيش الليبي أو تدريبه، والذي ينُص في فقرته 13 (ب) من القرار 2009 (2011) على أنَّه «يتعين إخطار اللجنة بتوريد الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة والأعتدة ذات الصلة وبيعها ونقلها إلى ليبيا، التي تُجلب إليها مؤقتًا ويكون استخدامها مقصورًا على موظفي الأمم المتحدة وممثلي وسائط الإعلام والعاملين في المجالين الإنساني والإنمائي» ([31]).

 وحذَّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش تركيا من دون أن يُسمّيها، من مغبةِ إرسالِ قواتٍ عسكرية إلى ليبيا، معتبرًا أنَّ أيَّ دعمٍ أجنبيٍ للأطراف المتحاربة في ليبيا لن يؤدي إلَّا إلى تعميق الصراع في هذا البلد؛ وقال غوتيريش، في بيان: إنَّ أيَّ دعمٍ أجنبي للأطراف المتحاربة سيزيدُ من تعقيد الجهود المبذولة للتوصُّل إلى حلٍّ سياسيٍ سلميٍ وشامل؛ وأضاف البيان أنَّ الأمين العام يكرّر التأكيد على أنَّ الانتهاكات المستمرّة لحظر الأسلحة المفروض بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1970 وتعديلاته في القرارات اللاحقة،  تزيد الأمور سوءًا([32])

ب- أوروبا وحلف الناتو

 زادَ الاتفاق البحري الذي وقَّعته تركيا مع «حكومة الوفاق» من تعميق التصدُّع في العلاقة بين بروكسل وأنقرة، إذ عبَّر الزعماء الأوروبيون في بيانٍ أصدروه عن إدانتهم لهذا الاتفاق البحري بأنَّه ينتهكُ القوانين الدولية والحقوق السيادية، ولا يمتثلُ لقانون البحار ولا يمكنُ أن تنتُج عنه أيّ تبعات قانونية؛ وأعلن البيان صراحةً عن تضامن الزعماء الأوروبيين مع اليونان وقبرص، اللتين لديهما مخاوف من أنَّ تركيا تحاول إثبات ادعاءٍ باحتياطات غازٍ طبيعيٍ قيّمة يشتبهُ في أنها تقعُ تحتَ قاع البحر([33]).

 أبدَت كلٌّ من فرنسا وإيطاليا موقفهما الرافض لتدخُّل أردوغان في ليبيا، وأدانتا إرسالَ قواتٍ تركية إلى طرابلس لدعم الميليشيات المسلحة وحكومة فايز السراج، وندَّدوا بتخطيط تركيا لإقامة قاعدتين عسكريتين في ليبيا. كما ذكَّر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «ناتو» يانس ستولتنبرغ، في 14 مايو 2020م، بقراراتٍ اتَّخذها رؤساءُ دولِ وحكوماتِ «الناتو»، خلالَ قمَّة بروكسل لعام 2018م حولَ ليبيا؛ وشدَّد على أنَّ الحلف مستعدٌ لمساعدة ليبيا في المجالات الدفاعية والأمنية، إذا تلقى طلبًا من السراج([34]).

ج-  الموقف الأمريكي

  كان تدخُّل واشنطن في الأزمة الليبية مقتصرًا على مراقبة النشاط الإرهابي ومكافحته، لكن بعد فشلِ دولِ الاتحاد الأوروبي في إيجاد حلٍّ بسبب انحراف بعضها وتأييدها للميليشيات المسلحة، إضافةً إلى التدخُّل والوجود الروسي، سرَّع ذلك من خُطى واشنطن نحوَ حسمِ الأمر؛ وتخشى أمريكا من أن تُؤسِّس روسيا لحضورٍ إستراتيجيٍ في ليبيا يتخطى فكرةَ دعم الجيش الوطني عسكريًّا ، كما يمكن أن يُعزَّز لاحقًا بنشر منظومات دفاعية في ليبيا، قد يُترجم إلى قاعدة جوية روسية، وهو ما يشكل خطرًا على الناتو.

 وأعرب متحدثٌ باسم مقر القيادة الأفريقية – الأمريكية US Africa Command (AFRICOM) عن قلق أمريكا  المتزايد من الطلعات الجوية المستمرة للطائرات الروسية في السماء الليبية من  طراز (MIG 14) و (SU-29).  ودقَّت القيادة ناقوسَ الخطر باتِّهامِها موسكو بمزيدٍ من زعزعةِ الاستقرار في ليبيا، وقالت إنَّ روسيا تحاول صناعةَ نقاطِ ارتكازٍ إستراتيجية في الجناح الجنوبي لحلفِ «الناتو»، على حسابِ أرواح الليبيين الأبرياء([35]).

سادسًا: صدام روسي – تركي أم اتفاق وتقاسم نفوذ؟

1. ليبيا في السياسة الروسية

  انحسرَ الدورُ الروسي في ليبيا بعد الإطاحةِ بالقذافي عام2011م، ويسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتحقيق عدَّة أهدافٍ إستراتيجية طويلة المدى، منها أن يكون لروسيا نفوذٌ بحريٌ واسع في المتوسط، والحصول على حصةٍ كبيرة من الاستثمارات في قطاع النفط والغاز الليبي، بما يمنحُ روسيا مكانةً متقدمةً في التحكُّم بسياسات الطاقة في العالم، واستثمار موقع ليبيا كبوابةٍ للتَّبادُل التجاري مع أفريقيا شمالًا وجنوبًا، وكموطئ قدمٍ على بُعدِ دقائق فقط من قواعد الناتو في جنوب أوروبا؛ وإذا تمكنت موسكو من تعزيز مكانتها في ليبيا فسيكون ميناء طبرق ودرنة العميقان في ليبيا مفيدَين للقوة البحرية الروسية من الناحيتين اللوجستية والجيوإستراتيجية، لا سيّما بالاقتران مع طرطوس في سوريا، وسوف تكسبُ نفوذًا ملحوظًا على أوروبا.​

2.الدعم الروسي المزدوج

  قام المشير حفتر منذ عام 2015م برحلاتٍ واتصالاتٍ مع موسكو لطلب الدعم مقابل وعودٍ بمنح روسيا اتفاقاتِ الطاقة وإمكانيةَ دخول الموانئ التي طمحت إليها، فقَبِلَ بوتين العرض، وبدأت أشكالٌ من التعاون كان أولها نقل العشرات من جنود حفتر الجرحى إلى روسيا لتلقّي العلاج، تلاها دعم حفتر الدبلوماسي في الأمم المتحدة، وتقديم المشورة العسكرية، وتزايُد المدرِّبين الروس في ليبيا.

 ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في أوائل نوفمبر 2020م أنَّ روسيا أرسلت ما يصلُ إلى 14 طائرةً من طراز (ميج-29) و(سوخوي-24) إلى ليبيا ونسَّقت ضرباتٍ صاروخية وأدخلت المدفعية الموجهَّة بدقة، وأرسلت قناصةً ومئاتٍ من المرتزقة الروس إلى ليبيا.  وعلى صعيد الطاقة، بدأ مشروعٌ ليبي – روسي مشترك للنفط والغاز بالعمليات في بنغازي في أبريل 2020م([36])؛ وفي حين تميلُ موسكو بشدّة نحوَ حفتر، إلَّا أنَّها أقامت روابطَ أيضًا مع حكومة السرّاج، ويتماشى هذا النهج المزدوج مع إستراتيجية بوتين الإقليمية، التي تستلزم إقامةَ اتصالاتٍ مع جميع الجهات الفاعلة الرئيسية من أجل وضعِ نفسهِ كصانعِ قرار.

3.مآلات العلاقات الروسية – التركية في ليبيا

  يظلُّ البابُ مفتوحًا على جميع الاحتمالات سواءً المتعلقة بالصِّدام العسكري المباشر أو غير المباشر أو التوصُّل إلى تفاهماتٍ بين روسيا وتركيا لتقاسُم النفوذ في ليبيا. الاحتمال الأول هو أنَّه ربما تفترقُ المصالح ويتعقَّدُ الوضع ويحدُث الصِّدام في ظلِّ ضبابيةِ المشهد وتعقيدِه، وفي ظلِّ التطورات العسكرية والسياسية المتلاحقة في الملف الليبي المعقَّد أصلًا، فقد تتدحرجُ الأمور إلى حصول مواجهاتٍ عسكرية بين جنودٍ موالين لموسكو وآخرين موالين لتركيا، بما يُعيد التوتُّر بين تركيا وروسيا اللتين تجاوزتا في 2015م أزمةً دبلوماسيةً خطيرة للتَّقارُب والتعاون في سوريا.

 أما الاحتمال الثاني فهو أن يكون هناك تفاهمٌ وتخادُمٌ إستراتيجي بين تركيا وروسيا على تقاسُم النفوذ والمصالح في ليبيا؛ فالأتراك والروس أظهروا أنّه على الرغم من التوتُّر والأزمات التي يُمكن أن تشوبَ العلاقاتِ بينهما، فإنّهما يعرفان كيفيةَ تجنُّب المواجهةٍ المباشرة، وتُشير التجربة السورية في السنوات الأخيرة إلى إمكانية تعايُش أردوغان مع نظيره الروسي رغمَ تناقُض مواقفهما العسكرية كما حدَث في سوريا.

خلاصة

 يندرجُ التدخُّل التركي في ليبيا ضمن حلم حزب العدالة والتنمية في تركيا بإحياء أمجاد الإمبراطورية العثمانية، وبدء تنفيذ مخططٍ تركي تم إحياؤه عقِب أحداثِ «الربيع العربي»، وجاءت دوافعُ أنقرة في هذا الاتجاه متجسِّدةً في دعم «حكومة الوفاق» سياسيًّا وعسكريًّا، وما لحقَ بهذا التدخُّل من تداعياتٍ ومخاطر على ليبيا نفسها وعربيًّا ودوليًّا. يصبُّ ذلك في خلخلةِ التوازناتِ الإقليميةِ الراهنة وفقًا للعناصر الآتية:

من شأن هذا الانخراط العسكري المباشر أنْ يصعِّد من الحرب بين الفُرقاء الليبيين، ويُبدِّد فُرص الحلِّ السياسي في ليبيا، ويجعلَ البوابةَ الليبية منفذًا لتوسيع نفوذ تركيا في المغرب العربي والعُمق الأفريقي والبحر المتوسط.

فشلُ البعثة الأُممية في تفعيلِ بنودِ اتفاقِ الصخيرات خصوصًا ملحق الترتيبات الأمنية الوارد في الاتفاق السياسي، والذي يقضي بحلِّ الميليشيات وتسليم أسلحتها.

إذا استطاعت تركيا الحصول على موطئ قدمٍ لها في ليبيا سيضمنُ لها ذلك مصدرًا مستقرًا ومضمونًا من النفط والغاز اللذين تفتقرُ إليهما بشدَّة، كما سيُمكّنُها ذلك من محاولة إحداث نظامٍ إقليمي يُصعّدُها إلى لاعبٍ متميز حتى تتمكنَ من دعمِ الإسلاميين وثبيتِ ركائز «الإخوان المسلمين» في منطقة المغرب العربي ومصر.

سعيُ تركيا وفقًا للاتفاق البحري بينها وبين «حكومة الوفاق»، والتحكُّم بقسمٍ من البحر المتوسط من مضيق البسفور إلى خليج سرت في ليبيا، سيضعُها كرقمٍ صعب في معادلةِ القوى في المتوسط.

سيُصعِّب الخيارُ العسكري التركي والروسي الحلَّ السياسي في ليبيا، وربما تحاولان تقسيمَ مناطقِ النفوذِ في ليبيا، وتشكيلَ آليةِ تعاونٍ تُمكِّنُ كلَّ طرفٍ من تحقيقِ مصالِحه. 


([1]) HENRI J BARKEY, ekathimerini, Turkey’s ‘Blue Homeland’ Doctrine on the Mediterranean Takes Shape in Libya, June 23, 2020, Accessed on July 15, 2020 Via link https://bit.ly/3fynmZ7

([2]) الشرق الأوسط، تقارب الرئيسين التونسي والتركي يُغضب الشرق الليبي،  12 مايو 2020م،  تاريخ الاطلاع  14 يونيو 2020م، على الرابط https://bit.ly/2Yx6bjn

([3]) بوابة الحركات الإسلامية، لماذا تتغلغل تركيا في دول المغرب الغربي؟، 08 فبراير 2020م، تاريخ الاطلاع 10 يونيو2020م، على الرابط  https://bit.ly/2MMx2CM

([4]) العمق المغربي، هل تشكل «العثمانية الجديدة» تهديدًا حقيقيًّا لمصالح المغرب؟، 06 مارس 2020م، تاريخ الاطلاع 11 يونيو 2020م، على الرابط https://bit.ly/2zmyzfw

([5]) اندبندنت عربية،  العجز التجاري يلقي بظلاله على العلاقات بين تونس وتركيا، 12 فبراير 2019م، تاريخ االاطلاع  14 يونيو 2020م، على الرابط   https://bit.ly/2MSJsJ8

([6]) سبوتنيك عربي، أهداف إستراتيجية تحملها زيارة أردوغان للجزائر، 26 يناير 2020م، تاريخ الاطلاع 11 يونيو2020م، على الرابط https://bit.ly/2UwkNOY

([7]) جزائر الترا، العلاقات الجزائرية التركية.. من البعد التاريخي إلى الجيوسياسي؟، 26 يناير 2020م، تاريخ الاطلاع 01 يوليو 2020م، على الرابط  https://bit.ly/2BrlId1

([8]) أحمد داود أوغلو، العمق الإستراتيجي.. موقع تركيا ودورها فى الساحة الدولية، ترجمة محمد جابر ثلجى وطارق عبدالجليل، بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، 2010م، ص234.

([9])  Libération, Turquie : vers l’Afrique et au-delà, February 18, 2019, Accessed on  June 14, 2020, Via link https://bit.ly/3fqLRXV

([10])  بوابة الحركات الإسلامية، مرجع سابق، https://bit.ly/2MMx2CM

([11])  عين أوروبية على التطرف، هل يبتز أردوغان أوروبا؟، 11 مايو 2020م، تاريخ الاطلاع 21 يونيو 2020م، على الرابط https://bit.ly/3egId2u

([12]) العربية،  أردوغان يهدِّد: طريق الوصول لسلامٍ في ليبيا يمرُّ عبر تركيا، 18 يناير 2020م، تاريخ  الاطلاع  15 يونيو 2020م، على الرابط https://bit.ly/37ziLTw

([13]) الشرق الأوسط، التدخل التركي في ليبيا يضع المنطقة على حافة الحرب، 04 يناير2020م، تاريخ الاطلاع 06 يوليو2020م، على الرابط https://bit.ly/3f9NYja

([14]) الوسط، ليبيا الخامسة عربيًا في احتياطي النفط الخام والثامنة في الغاز الطبيعي، 09 سبتمبر 2018م، تاريخ الاطلاع 05 ديسمبر 2020م، على الرابط  https://bit.ly/33SHod4

([15])  عين ليبيا، النفط الصخري.. ليبيا الأولى عربيًّا والخامسة عالميًّا، 15 فبراير 2019م، تاريخ الاطلاع 03 ديسمبر 2020م، على الرابط https://bit.ly/36y3xz2  

([16])  العربية، وكالة تركية: التنقيب عن نفط ليبيا يسدِّد ديوننا، 13 يونيو2020م، تاريخ الاطلاع 16 يوليو2020م، على الرابط https://bit.ly/3j85DtR

([17]) مرکز بین المللی مطالعات صلح –IPSC، اهداف و چشم اندار حضور ترکیه در لیبی، در بهمن ۵, 1398، تاريخ الاطلاع 24 يونيو 2020م، على الرابط  https://cutt.us/xjmuZ

([18])  سكاي نيوز عربية،  بعد الحدود والنفوذ.. عين تركيا على مليارات «كعكة ليبيا»،  08 مارس 2020م، تاريخ الاطلاع 08 يونيو 2020م،  https://bit.ly/3f3lBTg

([19]) The Libya Times, Turkey’s Long-Term Strategy in Libya, June 07, 2020, Accessed on July 14, 2020, Via link https://bit.ly/2Cy27YS

([20]) Ibid.

([21]) سبوتنيك عربي، مذكرة التفاهم الليبية التركية للتعاون الأمني والعسكري تدخل حيّز التنفيذ، 26 ديسمبر 2019م، تاريخ الاطلاع 07 يونيو2019م، على الرابط https://bit.ly/3onzbVW

([22]) المركز العربي للبحوث والدراسات، التدخل العسكري التركي في ليبيا.. صوره وتداعياته على الجماعات الإرهابية، 12 يناير 2020م، تاريخ الاطلاع 15 يونيو 2020م، على الرابط https://bit.ly/2YBdjLF

([23]) العربية، المسماري: أنقرة تنقل الأسلحة من عدة مطارات إلى ليبيا، 12 مارس 2020م، تاريخ الاطلاع 22 يونيو 2020م، على الرابط https://bit.ly/2zXsre6   

([24]) المركز العربي للبحوث والدراسات، مرجع سابق، على الرابط https://bit.ly/2YBdjLF

([25]) بي بي سي عربي، ليبيا: هل يخوض أردوغان مغامرة وقودها السوريون؟، 09 يونيو2020م، تاريخ الاطلاع 22 يونيو 2020م، https://bbc.in/2V87JiP

([26])  سكاي نيوز عربية، مرجع سابق، على الرابط  https://bit.ly/3f3lBTg

([27]) الشرق الأوسط، التدخل التركي في ليبيا يضع المنطقة على حافة الحرب، 04 يناير 2020م، تاريخ الاطلاع 23 يونيو2020م، على الرابط https://bit.ly/3dqeFhQ

([28]) Carnegie Middle East, Is Cairo Going to War?, June 22,  2020,  Accessed on  June 23, 2020, Via link https://bit.ly/2BrR56V

([29])  دويتشه فيله، ليبيا تتحول إلى كنز لتركيا وكارثة على المصريين والتونسيين، 12 يوليو2020م، تاريخ الاطلاع 14 يوليو2020م، على الرابط https://bit.ly/30d0IPu

([30]) دويتشه فيله، بعد تدخل أردوغان.. أين تقف الدول المغاربية من الأزمة الليبية، 30 يناير 2020م، تاريخ الاطلاع 23 يونيو2020م، على الرابط      https://bit.ly/2V9ogTP

([31])  الأمم المتحدة – مجلس الأمن، الحظر على توريد الأسلحة، (د. ت)، تاريخ الاطلاع 17 يونيو 2020م، على الرابط  https://bit.ly/3eDGXFX

([32]) العربية، غوتيريش يحذر تركيا من إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، 04 يناير 2020م، تاريخ الاطلاع 22 يونيو 2020م، على الرابط https://bit.ly/2zXzuDC

([33]) العرب، التدخل التركي في ليبيا.. إلى أين؟، 12 أغسطس 2020م، تاريخ الاطلاع 27 أغسطس 2020م، على الرابط  https://bit.ly/2B8lhU

([34]) سكاي نيوزعربية، الاتحاد الأوروبي يدعو لوقف إطلاق نار وسحب المرتزقة من ليبيا، 10 يونيو 2020م، تاريخ الاطلاع 10 يونيو2020م، على الرابط https://bit.ly/2BKP7yy

([35]) Al-Monitor, What to Expect from Entente between Moscow, Ankara in Libya, June 5, 2020, Accessed on December 07, 2020, Via link  https://bit.ly/3qCCrPa

([36]) أحوال تركية، ماذا يعني التدخل الروسي في ليبيا لتركيا، 10 ديسمبر 2019م، تاريخ الاطلاع 24 يونيو2020م، على الرابط  https://bit.ly/318O9Ha

د. أحمد بن ضيف الله القرني
د. أحمد بن ضيف الله القرني
نائب رئيس المعهد الدولي للدراسات الإيرانية