حكمَت إيران مؤخَّرًا على ثمانية مواطنين إيرانيين بهائيين بالسجن بتُهمٍ غامضة، ولا عجب إذ تمتلك إيران تاريخًا طويلاً في استهداف واضّطهاد الأقلِّيات الدينية، لا سيما البهائيين؛ وقد أدَّى هذا الحُكم، إلى إثارة انتقادات دولية تجاه الحكومة الإيرانية.
وأصدرت المحكمة الثورية في بندر عباس، في ديسمبر 2020م، حُكمًا يقضي بحبس الأشخاص الثمانية، ورفعت المحكمة أحكامًا بالسجن لمدَّة عامين، على كُلٍّ من أوميد أفقي ومهرالله أفشار وماهناز جنيسر وآراش راسخي ونسيم قنوتيان ومارال رستي، وحُكم بالسجن لمدَّة عام على أديب حقبجوه وفرهاد أميري، وأدرَك محامو الدفاع الذين يمثِّلون الأشخاص الثمانية قبل النُطق بالحُكم، أنَّ السُلطات الإيرانية غيَّرت طبيعة التُّهم الموجَّهة لهم. اتُّهم الأشخاص الثمانية في البداية بنشر دعاية مناهضة للحكومة، لكن تمّ تغيير التُّهمة لاحقًا إلى «التجمُّع والتواطؤ لارتكاب جرائم ضدّ الأمن القومي»، ورفض القاضي الاعتراض على هذا التغيير. كما منَعت المحكمة الأفرادَ الثمانية من الانضمام إلى أيّ منظمة، سواءً كانت سياسية أو اجتماعية، وصدر حُكمٌ مشابه عن الفرع 36 من محكمة الاستئناف في طهران، في ديسمبر 2020م، والذي حَكَم على تسعة بهائيين بالسجن لمدَّة عام، بتُّهمة «الدعاية ضدّ الدولة من خلال التبشير البهائي». وفي وقت سابق من عام 2019م، اعتقلت وسجنت محكمةُ بیرجند الثورية تسعة بهائيين من بیرجند.
وفقًا لتقارير عدَّة صادرة عن منظَّمات حقوقية مختلفة، صعَّدت إيران من اضطهادها للطائفة البهائية في الأشهُر الأخيرة. فقد هدَّد مسؤول في المحكمة باقتلاع الطائفة البهائية، خلال جلسة استماع في محكمة بمدينة شيراز، في العام الماضي؛ وردًّا على هذه التصريحات، قال الممثِّل الرئيسي للجماعة البهائية العالمية لدى الأمم المتحدة، بني دوجال: «يمثِّل هذا التصريح الفاضح من أيّ مسؤول دليلًا واضحًا على التعصُّب الديني والتحيُّز الذي يواجهُه البهائيون في إيران. كما أنَّه دليلٌ أبلج على الظُلم الذي تعرَّض له البهائيون داخلَ النظام القضائي، والدوافع الحقيقية للسُلطات (الإيرانية)»، وأفادت مصادر إيرانية أنَّ قوّات الأمن الإيرانية داهمت منازل قرابة 50 عائلة بهائية في مدن إيرانية مختلفة، تشمل طهران وكرج شهريار، في نوفمبر الماضي، وصادروا وثائقهم الشخصية وأجهزتهم الإلكترونية، التي تشمل أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة، وقد طُلِب من بعضهم إبلاغ مكتب الاستخبارات المحلِّي. كما كانت هناك تقارير متكرِّرة في الأشهر الأخيرة، عن عُملاء استخبارات إيرانيين يستهدفون الطائفة البهائية.
وأصدرت الجمعية العامَّة للأُمم المتحدة العام الماضي قرارًا، ردًّا على اضّطهاد إيران المستمرّ لأقلِّياتها، يحثُّها على إنهاء انتهاكاتها لحقوق الإنسان، ووافقت اللجنة الثالثة للجمعية العامَّة على القرار، بأغلبية 79 صوتًا مقابل 32، ودعا القرارُ الحكومةَ الإيرانية إلى «القضاء على جميع أشكال التمييز، على أساس الفكر أو الضمير أو الدين أو المعتقد، ويشمل ذلك القيود الاقتصادية، والحرمان والقيود المفروضة على التعليم، بما في ذلك أتباع الطائفة البهائية». كما حثَّ القرارُ إيرانَ على إنهاء انتهاكات حقوق الإنسان الأُخرى.
وقامت القيادة الإيرانية بتصدير تعصُّبها تجاه الأقلِّيات الدينية إلى مناطق أُخرى، إذ شنَّ الحوثيون، حملةً مماثلة ضدّ الأقلِّيات الدينية في اليمن. وحكمت سُلطات الحوثيين في 2018م على أكثر من 20 بهائيًا، متذرِّعين بأسباب مختلفة؛ ومع ذلك، أُفرِج العام الماضي عن ستَّةٍ منهم، وأشار نائب وزير الخارجية في ميليشيا الحوثي حسين العزّي إلى أنَّه تمّ الإفراج عنهم، على أمل أن «يحترموا القانون في المستقبل، ويراعُوا النظام العامّ للمجتمع اليمني». ويعيشُ ما يقرُب من 350 ألف بهائي في إيران، ولا يُسمَح لهم بممارسة عقيدتهم، أو الاحتفاظ بصلات مع إخوانهم في الدين بالبلدان الأخرى، وتواصل إيران احتجازَهم وسجنَهم بسبب معتقداتهم الدينية، وتعتبرُهم المرجعيةُ الدينية في إيران في حُكم المرتدّين، كما يُنظَر إليهم على أنَّهم أعداء للثورة، وموالون للنظام الملكي البهلوي. كما لم يُسمَح للبهائيين بالحفاظ على مؤسَّسات إدارية، أو الانخراط في أنشطة مجتمعية منذ عام 1983م، وتُشير التقارير إلى إعدام أو قتل أكثر من 200 بهائي، منذ الثورة الإيرانية، بالإضافة إلى اعتقال وسجن ومضايقة الآلاف منهم، وقد دأبت السُلطات الإيرانية على مصادرة أماكن عبادتهم وغيرها من الأماكن المقدَّسة بالنسبة إليهم، أو تدميرها.