صدرَ عن المعهد الدولي للدراسات الإيرانية «رصانة»، التقرير الإستراتيجي للعام 2020م الذي يرصُد ويحلِّل من خلال البيانات والمعلومات بجهدٍ بحثيّ، التفاعُلات الدولية والمستجدّات والتطوّرات التي شهدتها الساحةُ الإيرانية خلال العام الماضي.
يسلِّط التقرير الضوء على كامل المشهد، والذي أحاطت به خلال عام 2020م بيئةٌ دوليّةٌ جديدة على أثرِ تحولاتٍ كثيرة كشفتها جائحةُ «كورونا» وحضور الصين القوى على الساحة الدوليّة، وعلى الرغمِ من التحوّلات بسبب تصاعُد الانقسام أو «الاستقطاب الجديد» كملمَحٍ لنهايات حُكم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، إلَّا أنَّ التقريرَ أكَّد على أنَّ السياسةَ الأمريكية لا تصنعُها فقط الخِياراتُ السياسيّة الكُبرى للحزبين الديمقراطي والجمهوري، إنما المؤسّسات الأمريكية الراسخة والمصالح العُليا وقضايا الأمن القومي. كما عكَس التقرير قضيةَ الإسلامِ السياسي كقضيةِ فصائل وتنظيماتٍ محليّة ترغبُ في الانقضاضِ على السُلطة في العديد من البُلدان العربية والإسلامية، بل صارت تشكِّلُ هاجسًا حقيقيًّا لدى كثيرٍ من دول العالم في الشرق والغرب.
ومِن خلال هذه المِلفات المُتداخلة في تفاعُلاتها والمُتراكمة في آثارها ونتائجها، ركَّز التقرير على المستوى الداخلي، أيديولوجيًّا؛ حيث واجهت إيران انتقاداتٍ شعبية ضدّ رجال الدين تزامَنت مع التفاعُلات السياسية. كما كان لتردِّي الأوضاع السياسيّة والاقتصاديّة تأثيرهُ على أكثر القضايا المجتمعية إلحاحًا. وحلَّل التقرير عبرَ المِلف الاقتصادي، كيف أثَّرت متغيِّراتٌ مهمَّة على الأوضاعِ الاقتصاديّة، وهي: استمرارُ العقوبات الأمريكية، وتفشِّي فيروس «كورونا»، واستمرارُ النظامِ في تبنِّي سياسةِ «الاقتصاد المُقاوِم»، فيما لفَت إلى التراجُع في النشاطات العسكريّة. وفي الشأن العربي، تطرَّق التقرير إلى تكثيفِ دولِ مجلس التعاون لدول الخليج العربية جهودَها الدبلوماسية؛ لتوضيح ما يمثِّله السلوكُ الإيراني من خطرٍ على الأمن والسِلْم العالميّيْن، وكشفَ عن تصعِيد الحوثيين في اليمن باستخدام الصواريخ والطائرات المسيَّرة، واستهداف دولِ الجوار والملاحةِ الدولية، وكذلك تحوُّلِ العراقِ إلى ساحةِ مواجهةٍ بين إيران والولايات المتحدة، وترسيخِ التواجُد الإيراني في سوريا، إضافةً إلى استمرارِ معاناة لبنان من هيمنةِ «حزب الله» على الحياةِ السياسية.
ونوَّه التقرير إلى تواصُل تفاعُلات تأثيرِ الشأنِ الدولي على مُجمَل الحالةِ الإيرانية؛ بسببِ إستراتيجيةِ الضغوطِ القصوى المُنفَّذة من قِبَل الولايات المتحدة، وتداعيات المِلف النووي على كافَّة العلاقات الخارجية الإيرانية؛ وأوضَح أنَّه في ظلِّ التَّماهي بين إيران وروسيا، اتّخذ البلدان خطواتٍ ثابتة وتصاعُدية في مساراتِ التعاونِ الاقتصادي، الثُنائي ومُتعدِّد الأطراف. أما على صعيد العلاقات الإيرانية-الأوروبية، فقد تعاطى الطرفان حول المِلف النووي، ومِلف حقوقِ الإنسانِ في إيران، ومواجهةِ جائحةِ «كورونا».
وتناولَ التقرير الاصطفاف الصيني إلى جانب إيران في وجهِ السعي الأمريكي لتمديدِ حظرِ التسلُّح على طهران، كما تعرَّض لاتفاقيةِ التعاونِ الشاملة بين البلدين، وكشَف التقرير عن أنَّ تفاعُلات إيران مع الهند وباكستان تعتمدُ على سياساتِ الولايات المتحدة تجاهها؛ وغير بعيدٍ من ذلك علاقاتُ إيران بأفغانستان التي حافَظت على تفاعُلها، وناقش التقرير ملفات العلاقات الإيرانية-التركية، ما يتّصلُ بدوائر الصراع في سوريا وإقليم ناغورنو كاراباخ، وما يشملُ توافُقاتٍ سياسية وعسكرية ومصالح اقتصادية مُشتركة، وتناول كذلك اتّسام طبيعةِ العلاقات بين إيران ودول آسيا الوسطى بحالةٍ من الاستقرار السياسي والاقتصادي.
وخَلُص التقرير الإستراتيجي للعام 2020م إلى استنتاجٍ مفادُه أنَّ إيران في هذا العام غلَب على توجُّهِها العام الرغبةُ في التهدئة والرهانُ على عاملِ الوقت.
وتنبَّأ التقرير بأنَّ العام 2021م بالنسبة لإيران ستتعمَّقُ فيه الأزماتُ الداخلية، وتوقَّع ازديادَ حدَّة التعاطي مع الإدارة الأمريكية الجديدة وَفق السيناريوهات المُرجِّحة، وازدياد الفجوةُ بين إيران وأوروبا، وفقدان إيران لنفوذِها في العراق وسوريا. كما توقَّع عدمَ حدوثِ انفراجٍ ملحوظٍ بين إيران ودولِ مجلس التعاون الخليجي.
وأخيرًا، التمَس التقريرُ من دولِ المجلس استشعارَ المخاطر وامتلاكَ الإرادةَ السياسية لبلورةِ مُقارباتٍ سياسيةٍ وقُدراتٍ دفاعيةٍ مشتركة للحدِّ من التحدّيات الإيرانية المتوقَّعة، بالإضافةِ إلى تكثيفِ التعاونِ والتنسيق مع الحُلفاءِ الإستراتيجيين حول العالم.
لمُطالعة النسخة الكاملة من التقرير اضغط هنا
لمُطالعة النسخة المُختصرة من التقرير اضغط هنا