استبعاد الإخوة لاريجاني من صراع السلطة في إيران

https://rasanah-iiis.org/?p=24867

أقصى مجلس صيانة الدستور الإيراني الذي يتمتع بنفوذ واسع ويُعد الهيئة المسؤولة عن الموافقة على المرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية المُزمع إقامتها في 18 يونيو 2021م، رئيسَ البرلمان السابق علي لاريجاني من المنافسة على كرسي الرئاسة. وكان علي لاريجاني قد شغل منصب رئيس البرلمان لمدة 12 عامًا حتى عام 2020م.  وتُشير الأحداث الجارية إلى تراجُع نفوذ عائلته القوية، حيث كانت ثرواتها مرتبطةً بشكلٍ وثيق وحتى وقتٍ قريب بالمرشد الإيراني علي خامنئي.

 ووفقًا لموظفي الإعلام المقربين من لاريجاني، تقبّلَ المرشحُ الرئاسي مصيره فيما يتعلق باستبعاده من هذا السباق، ولكنه انتقد الخطوة المتعلقة بحصر عدد أصحاب السلطة في إيران، معتقدًا أن هذه الخطوة ستؤدي إلى مزيد من الانقسامات في البلاد. وتساءل علي لاريجاني عن تشويه البعض لصورته، والتي شملت الاتهامات التي وجِّهت لابنتِه فاطمة بأنها تعيش في الولايات المتحدة بجواز سفر أجنبي. يأتي ذلك، فيما اتَّهم «المتشدّدون»، أفرادًا من عائلات أشقاء لاريجاني البالغ عددهم خمسة، بالتعاون مع حكومات أجنبية، بينما اتُّهمت ابنة شقيق علي لاريجاني الأكبر صادق لاريجاني بالتجسُّس لصالح الحكومة البريطانية.

وتُثير هذه الاتهامات الإخوة لاريجاني وداعميهم السياسيين، وتُعد هذه إشارةً لتهميش العائلة في الأروقة السياسية الإيرانية، إذ كانت الدائرة الضيقة من لاريجاني تأملُ بعد استبعاد ترشيحه من مجلس الصيانة في أن يتلقى أمرًا من الدولة للسماح له بالترشح مجددًا للانتخابات الرئاسية.

وبحسب تقارير، طلب الرئيس حسن روحاني من المرشد استخدام سلطاته للسماح لمزيد من الشخصيات مثل لاريجاني بالترشح لخوض الانتخابات الرئاسية، لكن مجلس صيانة الدستور أصرَّ على عدم تغيير قرار تصفية المرشحين. لم يكن قبول صادق لاريجاني لقرار مجلس صيانة الدستور أمرًا مستهجنًا، لكنه في المقابل هاجم منتقدي عائلته بأنها تمارس الألاعيب للبقاء في السلطة، بينما قام مجلس صيانة الدستور بتحذيره حين شكّكَ في عملية فرز المرشحين.

وشكر المرشد خامنئي المرشحين للانتخابات الذين قبلوا عملية استبعادهم، وأوضح أن عدم أهليتهم لا يعني أنهم يفتقرون إلى المؤهلات أو الكفاءة، بل يفتقرون فقط للمؤهلات والمعايير العالية التي يبحثُ عنها مجلس صيانة الدستور بين المرشحين المحتملين.

توضح تصريحات المرشد، والتي كانت بمثابة صفعة على الوجه أن علي لاريجاني ربما يكون قد بالغ عندما قرَّر خوضَ السباق الرئاسي، حيث كان يُنظر إلى لاريجاني كوسيط سياسي موثوق به على مرِّ السنين بينما عمل على تنسيق آراء المرشد مع الفصائل السياسية الإيرانية المختلفة، كما كان يُنظر إليه كجزء من دائرة «المحافظين الوسطيين»، لكنه كان يدعم «المتشددين» الذين يدعمون خامنئي باستمرار. مع ذلك، واجه لاريجاني في السنوات الأخيرة المنتقدين «المتشددين» للاتفاق النووي، وبيّن أنه يدعم الاقتصاد الليبرالي، كما عارض تنافس الشخصيات العسكرية والقضائية الإيرانية على مناصب السلطة التنفيذية، وأصبح لاريجاني مستشارًا للمرشد بعد مغادرته البرلمان، وهو منصبٌ شرفي إلى حدٍ كبير، وقد قرّر خوض الانتخابات الرئاسية قبل أن يدخل منافسهُ القوي رئيسُ السلطة القضائية إبراهيم رئيسي هذه المعركة.

في المقابل، يبدو أن رئيسي يحظى بالدعم الكامل من المرشد علي خامنئي، كما أنه معادٍ للإخوة لاريجاني، وقد عيَّن المرشد رئيسي رئيسًا للسلطة القضائية في إيران قبل عامين خلفًا لصادق لاريجاني، وسرعان ما وجّه خلفُهُ اتهاماتٍ بالفساد للدائرة المقربة من لاريجاني.

وكان أنصار لاريجاني يأملون أن يتجاهل المرشد علي خامنئي تُهم الفساد الموجهة إلى صادق لاريجاني في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية وأنّ يُصادق على ترشيح أخيه علي. مع ذلك، أظهرت استطلاعات الرأي أن لاريجاني كان متخلفًا كثيرًا عن رئيسي في السباق الرئاسي، ويمكن حصر القضايا التي أبعدت المرشد عن عائلة لاريجاني في مدى طموحاتهم الكبيرة، وقد كانت هناك تكهنات بأن صادق كان يأمل في أن يتولى منصب المرشد، خاصةً بعد تعيينه رئيسًا للسلطة القضائية في البلاد في وقتٍ سابق قبل أربع سنوات، كما كان يتطلَّع إلى رئاسة مجلس الخبراء الذي يُعيّن المرشد.

وعمل صادق في مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني بعد تركه السلطة القضائية وشغل على مدى العقدين الماضيين منصبَ عضو مجلس صيانة الدستور، كما أن هناك مخاوف بين «المتشددين» من أنه يطمحُ لرئاسة مجلس صيانة الدستور بعد وفاة رئيسه الحالي أحمد جنتي.

ولا يزال مصيرُ الإخوة لاريجاني الآخرين غير واضح، إذ لازال الأخ الأكبر محمد جواد لاريجاني من الموالين للمرشد من خلال الدفاع عن سجل إيران السيء في مجال حقوق الإنسان.

يُذكر أن الأخ الأصغر فاضل لاريجاني تلقّى تُهمًا بتقاضي رشاوى، بينما يعمل الأخ الرابع باقر لاريجاني طبيبًا متدربًا وقد خدم في وزارة الصحة ثم ترأس لاحقًا القسم الطبي في جامعة طهران.

يجعلُ استبعاد علي لاريجاني من الترشح للانتخابات الرئاسية عائلته بأكملها في موقفٍ ضعيف، ويبقى أن نرى ما إذا كان سيتم إجراء مزيدٍ من التحقيقات ضدَّ صادق لاريجاني، ويُضاف إلى ذلك الضعف، حقيقةُ أن المرشد محاطٌ بشخصياتٍ تُعارض عائلة لاريجاني.

بالإضافة إلى رئيسي، هناك مرشحٌ رئاسيٌ آخر يُدعى علي رضا زكاني ويُعد من أشدّ المنتقدين للإخوة لاريجاني أيضًا، وقد كشفَ زكاني عن حلقة فساد صادق إبان فترته في السلطة القضائية؛ وعلى الرغم من التحركات المتزايدة لتهميش عائلة لاريجاني، إلا أنه من الواضح أن هذه العائلة لا تزال تعتمدُ على المرشد في مستقبلها السياسي، وسيكون من المثير للاهتمام معرفةُ ما إذا كان المرشد سيسمحُ لها ببعض المساحة أو ما إذا كان سيُغلق الباب بالكامل أمامها، مما يُشير إلى نهاية الحظوظ السياسية.

المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
إدارة التحرير