انعكاسات التحولات الدولية الراهنة على التنافس التركي-الإيراني في الشرق الأوسط

https://rasanah-iiis.org/?p=28463

المقدمة

بينما لا يزال يرزح العالم في تبعات جائحة كورونا وتحوراتها التي شكَّلت أكبر تهديدٍ للجنس البشري في كافة أصقاع الأرض، وأخطر تأثيرٍ على اقتصاديات الدول وحياة شعوبها منذ مطلع القرن الواحد والعشرين، تتوالى التحولات الدولية الكبرى المؤثرة على مضمون وأدوات وأهداف السياسات الخارجية للدول الكبرى والمتوسطةِ القوة على السواء من ناحية أولى، وعلى مستويات التنافس بين القوى الإقليمية المتنافسة، ومتقاربة القوة، الساعية لمد نطاق نفوذها وتأمين مصالحها الحيوية والمصيرية في الأقاليم الجغرافية ذات الأهمية الجيو-إستراتيجية في الإستراتيجيات الدولية من ناحية ثانية، وعلى أولويات الأقاليم الجغرافية في أجندات القوى الدولية الكبرى والعظمى الممّسكة بزمام النظام الدولي القائم، وعلى خريطة المحاور والتحالفات الإقليمية والدولية القائمة إما بتعاظم قوتها وثقلها الإقليمي والدولي أو ببزوغ محاور وأحلاف إقليمية ودولية جديدة مناهضة من ناحية ثالثة، وعلى موقع ومكانة الدول الإقليمية متقاربةِ القوة في تراتبية النُظم الإقليمية الفرعية من ناحية رابعة.

تركيا وإيران، باعتبارهما قوتين إقليميتين متقاربتين في القوة، ومتنافستين في العديد من الدوائر الجغرافية مثل الشرق الأوسط والبحر الأحمر والقرن الإفريقي بل وشرق إفريقيا وغربها وآسيا الوسطى وأمريكا اللاتينية، حلَّت بينهما مرحلة مفصلية جديدة من التنافس في الدائرة الشرق أوسطية بفعل التحولات الدولية الراهنة لا سيما مع قُرب انتهاء معاهدة لوزان بحلول 2023م، حيث هرولت كليهما لاستغلال الواقع الشرق أوسطي الجديد في محاولة منهما لحماية وتأمين المنافع من المسائل الحيوية (الغاز الطبيعي) في الساحة الشرق أوسطية الناجمة عن أزمة الطاقة العالمية التي خلَّفتها الحرب في أوكرانيا من ناحية، وملء الفراغ الإستراتيجي الناجم عن مبدأ الانسحابات العسكرية الأمريكية من ناحية ثانية، وفي هذه الحالة تسعى كلٌ منهما إلى تبوء موقع القيادة الإقليمية بالتغلُّب على الثانية في الدائرة الشرق أوسطية من خلال العديد من الأدوات، بينها استخدام القوة المسلحة في الساحات التي يتقاطع فيها النفوذ أو تدعيم نظام تحالفاتها باستقطاب الدول في بقية الدوائر الجغرافية التنافسية، أو ترغيب الدول غير المنضمة للانضمام إلى محورها.

تركز الدراسة على تحليل المرحلة الجديدة من التنافس بين الدولتين في الدائرة الشرق أوسطية لطبيعة المرحلة التي تمر بها المنطقة على خلفية تراجع أولويتها في الإستراتيجية الأمريكية ووضع قوى دولية صاعدة أسس لنظام دولي جديد ستلقي بظلالها على الشرق الأوسط لكونه منطقة اختبار حقيقية لتراتبية القوة في النظام الدولي، واحتواء بعض دولها على احتياطات ضخمة من الغاز الطبيعي الذي بات رقمًا مهمًا وعاملًا جديدًا في الصراعات الدولية على خلفية العجز الشديد في الكمية المعروضة عقب استخدام روسيا الغازَ كورقة ضغط ضد الدول الأوروبية، ما سيشعل الصراع التركي-الإيراني باعتبار أن إيران ضمن الدول ذات الاحتياطات العالمية من الغاز، وتطمح في استغلال فرصة الحاجة الأوروبية للغاز البديل للغاز الروسي في تعميق علاقاتها التجارية مع الأوروبيين، ومساعي تركيا الإقليمية لتصبح مجمعًا للغاز الشرق أوسطي لتصديره إلى الدول الأوروبية ما سيفقد إيران فرصةً محتملة لتعزيز علاقاتها التجارية بأوروبا، علاوةً على الدوافع التقليدية للدولتين للتنافس على هذه الدائرة الجيو-إستراتيجية، المرتبطة بتوجهات النظامين من ناحية، وبموقعها الجيوسياسي ومواردها وخيراتها وثرواتها الطبيعية وتركيبتها الاجتماعية والدينية من ناحية ثانية.

وعليه، تنقسم الدراسة إلى ثلاثة محاور رئيسية: يحلل الأول مظاهر وملامح التحولات الدولية الراهنة وتحولات القوة في النظام الدولي الراهن، ويبحث الثاني في تجلّيات تأثير التحولات الدولية على الصراع التركي-الإيراني، بينما يتطرّق الثالث للأهداف التركية-الإيرانية من التصعيد في الدائرة الشرق أوسطية.

أولًا: مظاهر وملامح التحولات الدولية الراهنة

تشير التحولات الدولية إلى حدوث تغيرات دولية جوهرية، لن تتوقف تأثيراتها عند دولة بعينها بل تمسُّ غالبية الدول، مثلما جرى بمراحل تحول النظام الدولي السابقة، وتحدث هذه التحولات على مستوى بعينه، أو على كافة المستويات: السياسية، مثل تحديات القوى الدولية الصاعدة للقواعد المستقرة في النظام الدولي القائم، أو إعادة اصطفاف القوى الدولية في محاور جديدة تتعارض وتوجهات النظام الدولي، وإدراك القوة أو القوى المتحكّمة في النظام الدولي لهذه التحولات مع تبنيها سياسات التطويق للقوى الدولية الصاعدة، والاقتصادية، مثل اندلاع أزمات ذات تأثير كبير على الاقتصاد العالمي كأزمة الطاقة الراهنة، والتي لم تستطع القوى الممّسكة بالنظام الدولي بمفردها مواجهتها، ما يؤثر على معدل التنافس بين القوى الإقليمية المتنافسة متقاربةِ القوة عند التحرك لممارسة دورها، والعسكرية، مثل إعلان إحدى أو بعض القوى الدولية الصاعدة الحربَ ضد دولةٍ محسوبة على المحور الأقوى في العالم، أو مساعيها لتقليص حجم الفجوة العسكرية مع القوى الدولية ذات المقدرات العسكرية الأقوى والأكبر في العالم.

وكذلك، يكون من شأنها -أيضًا- التأثير على أنماط وأدوات وأهداف السياسات الخارجية لأكبر عدد من الدول في المجتمع الدولي لا سيما القوى الإقليمية ذات النزعة التوسعية، أو الدفع نحو إحداث تغييرات في النظام الدولي القائم من نمطِه الأُحادي إلى الثنائية أو إلى التعددية القطبية أو إلى العكس، وفيما يلي أبرز مظاهر التحولات الدولية الراهنة، التي من شأنها رسم معادلات إقليمية ودولية جديدة تزيد من حدة التنافس بين القوى الإقليمية المتصارعة على موقع القيادة الإقليمية:

1. التحدي الروسي للقواعد الدولية المستقرة منذ نهاية الحرب الباردة:

بسياساتها المناوئة للولايات المتحدة في الأقاليم الجغرافية المختلفة على المستوى الدولي لتعظيم نطاق نفوذها العالمي منذ بداية العقد الثاني من الألفية الثالثة، وبمساعيها لخلق محور قوة عالمي يُضاهي قوةَ المحور الأمريكي-الأوروبي، وبمحاولاتها الدائمة لتقليص الفجوة في ميزان القوى الدولي لغير صالح الولايات المتحدة، وباتخاذها قرارات بإعلان الحرب ضد الحلفاء الإستراتيجيين للمعسكر الغربي مثل قرار الحرب ضد أوكرانيا فبراير 2022م، تكون روسيا قد تحدَّت القواعد الدولية المستقرة التي أرستها الولايات المتحدة على خلفية انتصارها على الاتحاد السوفيتي السابق منذ نهاية الحرب الباردة مطلع تسعينات القرن العشرين وإعلانها النظام العالمي الجديد([1]) لتكريس عصر الهيمنة الأمريكية المنفردة على العالم، وإيذانًا ببدء عصر جديد تكون فيه الولايات المتحدة الحارس المنفرد على الشرعية الدولية وصاحبة اليد الطولى في القرارات السياسية والاقتصادية والعسكرية الدولية، والانفراد بقيادة العالم والتصرف بصورة فردية دون حاجة للحلفاء التاريخيين أو الإستراتيجيين أو التقليديين للولايات المتحدة، وتوجيه القرارات الأممية لخدمة مصالحها، مع تجنُّب الدول اتخاذ قرارات تنال من الهيبة أو الهيمنة الأمريكية الدولية أو تدفع نحو إحلال نظام دولي جديد يُفقد الولايات المتحدة هيمنتها الدولية المنفردة.

أوكرانيا دولة محسوبة على المعسكر الغربي القادر على إحداث تحولات عالمية كبرى نتيجة استحواذ أعضائه على أكبر المقدرات العسكرية والاقتصادية، بمقاييس عالمية، وهيمنة أحد أعضائه الولايات المتحدة على النظام الدولي بشكل منفرد، وسيطرة أعضائه على مجلس الأمن الدولي بحكم امتلاك ثلاثة من أعضائه من أصل خمسة أعضاء دائمين في مجلس الأمن على حق النقض (الفيتو)، بل وامتلاك هذا المعسكر لتحالف عسكري هو الأقوى في العالم (حلف الناتو)، ومن ثم يُعد تأكيد البيان الختامي للقمة الروسية-الصينية ببكين مطلع فبراير 2022م دخولَ العلاقات الدولية حقبة جديدة لغير صالح المعسكر الغربي([2])، وبعدها القرار الروسي بشن الحرب في أوكرانيا، التي يعتبرها الروس ضمن فضائهم التاريخي، بمثابة خروج عن القواعد الدولية التي أرستها الولايات المتحدة بعد انتهاء الحرب الباردة، ورسالةً بأنه ليست الولايات المتحدة وحلفاؤها التاريخيون، وحدهم، القادرون على التأثير في مجريات الشؤون الدولية بل هناك أقطابٌ دولية صاعدة تستطيع التأثير أيضًا ليس فقط في مجريات الشؤون الدولية، وإنما في إحداث تحولات في صلب النظام الدولي ذاته وانتقاله لنظام دولي متعدد الأقطاب.

وبالتالي سيُلقي التدخل الروسي في أوكرانيا بتأثيره على خرائط التحالفات والسياسات الإقليمية والدولية، وعلى مستويات التنافس بين الدول في المحيطين الإقليمي والدولي، لأن الحرب في أوكرانيا أدت إلى أزمة في إمدادات الغاز الطبيعي (مسألة حيوية للدول) تهم اللاعبين الإقليميين والدوليين على السواء نتيجة القرار الروسي بوقف تدفق الغاز للدول الأوروبية المعتمدة على الغاز الروسي بشكل رئيسي كورقة ضغط مؤثرة ضد قادتها لثنيهم عن تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا، وهو ما أدى إلى حدوث فجوة شاسعة بين الطلب العالمي على الغاز الطبيعي والكمية المعروضة منه بل وإشعال أسواق الطاقة العالمية لمستويات قياسية، وبحث الدول الأوروبية عن بديل للغاز الروسي للتحلل من ورقة الضغط الروسية ضد الأوروبيين، وهو ما فاقم من حدة التنافس بين الدول للحصول على قدر من الحاجة الأوروبية للغاز البديل للغاز الروسي.

2. الانسحابات العسكرية الأمريكية من الأقاليم الجيو-إستراتيجية:

تشكِّل الانسحابات العسكرية الأمريكية خلال الإدارتين الأمريكيتين: السابقة بقيادة الرئيس دونالد ترامب والحالية بقيادة الرئيس جو بايدن، تحولًا إستراتيجيًا مهمًا للغاية ضمن التحولات الدولية الراهنة، لكونها انسحابات عسكرية لدولة عظمى قادرة على ضبط المعادلات الأمنية والسياسية وتوازناتها بالأقاليم الجيو-إستراتيجية التي تهم الفواعل الإقليمية والدولية بحكم خصائصها وأهميتها السياسية والثقافية ومواردها الاقتصادية ومواقعها الجيوسياسية في تنفيذ مسارات وخطوط الطاقة (النفط والغاز الطبيعي)، بل وتقاطع مصالح العديد من الفواعل والقوى الإقليمية والدولية فيها، أبرزها الانسحاب العسكري الأمريكي من إقليم الشرق الأوسط، ثم من إقليم وسط آسيا تحديدًا من أفغانستان.

تكمن خطورة الانسحابات العسكرية الأمريكية في إحداثها فراغًا إستراتيجيًا، وإيجادها ساحةَ تحرك أمام القوى الإقليمية -ذات النزعة التوسعية- المتصارعة لملئها واغتنامها ومد نطاق النفوذ إليها، فالسياسة مثل الطبيعة تخشى الفراغ كما يقول أرسطو، كما أن سياسة «ملء الفراغ» تبنَّتها إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق آيزنهاور في ستينات القرن العشرين في صراعها الدولي مع الاتحاد السوفيتي السابق بالقارة الآسيوية والإفريقية والشرق الأوسط على خلفية انسحاب القوى الاستعمارية التقليدية مثل فرنسا وبريطانيا منها، وذلك ضمن إستراتيجية أمريكية لملئها الفراغ الناجم عن الانسحاب الفرنسي والبريطاني، وبسط السيطرة الأمريكية عليها تجنبًا لمخاطر المد الشيوعي المتعاظم آنذاك تجاه الدوائر الأسيوية والإفريقية والشرق أوسطية.

ولذلك شكَّلت حالةُ الفراغ الإستراتيجي التي خلَّفها الانسحابُ الأمريكي من الشرق الأوسط ووسط آسيا بدايةَ مرحلة جديدة، ليس فقط في تاريخ هذه الأقاليم الجيو-إستراتيجية، وإنما في مسارات الأمن الإقليمي ولعبة التوازنات بالشرق الأوسط ووسط آسيا، عزَّزت من اندفاع القوى المتصارعة مثل تركيا وإيران للتحرك السريع نحوهما لملء الفراغ الناجم عن الانسحاب الأمريكي وترسيخ موطئ قدم إستراتيجية، وذلك لاعتبارات تتعلق بالموقع الجيو-سياسي الحساس للغاية لمناطق الانسحابات في الشرق الأوسط وكذلك لأفغانستان في وسط وجنوب وغرب آسيا، ما جعلها محطةَ ترانزيت للسلع الإستراتيجية ومفصلًا رئيسيًا في حركة التجارة الدولية، ومنطقة رئيسية لتنفيذ المشروعات المتعلقة بخطوط نقل الطاقة والموانئ التجارية الدولية وطريق الحرير الصيني([3]) على نحو أدخلها بؤرة الاهتمام الجيو-إستراتيجي للعديد من الدول، وجعلها أيضًا مناطق تقاطع مصالح حيوية تهم اللاعبين الإقليميين والدوليين، ومن ثم فالحضور في هذه الدول مفتاحٌ رئيسي لتنفيذ المشروعات الدولية العابرة للحدود.

3. تحولات القوة في النظام الدولي الراهن:

يلحظ المتابعون لهرم تراتبية الفواعل الدولية في النظام الدولي من حيث معدل القوة الشاملة، تحولاتٍ جوهرية، في القوتين الصينية والروسية الصاعدتين بقوة على الساحة الدولية ليس فقط من تقليصهم فارقَ القوة الشاملة مع القوة الأمريكية المتربَّعة على عرش النظام الدولي، وبمد نطاق نفوذهم لمناطق حيوية تشكِّل حدائق خلفية ومناطق نفوذ تاريخية للقوة الأمريكية، وبتشكيلهم صيغًا أمنية وتحالفاتٍ عسكرية واقتصادية حول العالم مناوئة للتحالفات الأمريكية مثل منظمة شنغهاي للتعاون، وتجمع بريكس الاقتصادي العالمي، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.. إلخ، إنما من خلال مزاحمتهم للولايات المتحدة لإرساء نظام دولي متعدد الأقطاب وتبديل ميزان القوى الدولي لغير صالحها.

تكشف نتائج تطبيق معادلة ديفيد سنغر لقياس توزيع القوة عالميًا بين بين الولايات المتحدة والصين وروسيا بموجب العديد من المؤشرات أبرزها إجمالي الناتج المحلي وحجم التجارة الخارجية وحجم الديون وحجم المساعدات الخارجية والقوة العسكرية والإنفاق العسكري وقبول الرأي العام الدولي لها كقيادة عالمية، أنَّ القوةَ العالمية تتوزع في الوقت الراهن كالتالي: الولايات المتحدة 38.1% والصين 34.5% وروسيا 27.2%، ما يعني أنَّ النظام الدولي يتحوّل تدريجيًا نحو التعددية القطبية([4]).

أشغلت هذه التحولات الولايات المتحدة في إعداد الإستراتيجيات وتغيير السياسات وتعظيم التحالفات العسكرية الجديدة في مناطق جغرافية مختلفة تشكِّل فضاءات حيوية لخصومها الدوليين بقصد احتوائهم وتطويقهم من ناحية، والحفاظ على هيمنتها العالمية المنفردة من ناحية ثانية، ومن ثم لم يعد مبدأ تحجيم القوى الإقليمية ذات النزعة التوسعية الأولوية الأولى في أجندات الفواعل الدولية المتنافسة لا سيما الفاعل الأمريكي، كما لم تعد أيضًا منطقةُ الشرق الأوسط الأولويةَ الأولى في الإستراتيجية الأمريكية مقابل إيلاء الأولوية للاتجاه شرقًا لتطويق العملاق الصيني وبخاصة على خلفية تحسن الوضع الأمني لإسرائيل في الشرق الأوسط من خلال اتفاقيات التطبيع؛ وبالتبعية تراجعت الضغوط الدولية المتأتية من النظام الدولي الأحادي القطبية ومن الفواعل الدولية الصاعدة على الساحة الدولية على القوى الإقليمية ذات النزعة التوسعية التي تتعارض مصالحها ومصالح هذه الفواعل الدولية.

وترى افتراضات مدارس القوة أنَّ القوى الإقليمية المتصارعة تتبنَّى مبدأ «تأجيل الصراع» عندما تكون السياسات الضاغطة من النظام الدولي شاملة لكافة القوى المتنافسة التي ترى في تغاضيها عمَّا يسود بينها من صراعات في ساحات النفوذ مكاسب جماعية في سبيل مواجهة الضغوط المتأتية من القوة الدولية الممّسكة بزمام النظام الدولي، دون أن يعني ذلك انتفاءَ التنافس القائم، ويتعاظم الصراع بينهما عندما تنتفي أو تتراجع الضغوط الدولية المتأتية من النظام الدولي لا سيما النظام الدولي الأحادي القطبية.

وهذا ما يقدِّم تفسيرات لتراجع مستويات التنافس التركي-الإيراني إبَّان فترة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، جرَّاء الضغوط الأمريكية القوية على الدولتين على السواء، وذلك بوقوف أنقرة بجانب طهران في رفض العقوبات التي فرضتها إدارته لتتعرض أنقرة لعقوبات مماثلة، وذلك بخلاف فترة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، والرئيس الحالي جو بايدن، التي شهدت تراجعًا للضغوط الأمريكية على الدولتين مقارنةً بفترة ترامب نتيجةَ زيادة انشغالها بالمكانة الأمريكية الدولية، وفي هذه الحالة يتفاقم الصراع من جديد بين هاتين القوتين المؤثرتين في مجريات الشؤون الإقليمية.

­­­تكشف هذه التحولات، عن تبدُّلٍ في أولويات محركات الصراع الدولي والإقليمي الراهن بين القوى الدولية والإقليمية ببروز لاعبين جدد نتيجةَ النقص الكبير في إمدادات السلع الإستراتيجية للفواعل الدولية الصناعية، ما ساهمَ في تأجيج أزمة الطاقة جرَّاء العجز الكبير في إمدادات الغاز مقابل تزايد الطلب العالمي عليه من ناحية أولى، ونقلت الدول والأقاليم التي تمتلك احتياطات من الغاز إلى الواجهة العالمية وباتت موضعَ اهتمامٍ إقليمي، ودولي من ناحية ثانية، وتصاعد معدلات ومستويات الصراع الإقليمي والدولي بتعارض المصالح والتنافس على خطوط وإمدادات الغاز لديمومة إنتاجها وتعظيم مكانتها من ناحية ثالثة، وتراجع أولويات دوائر جغرافية في الإستراتيجية الأمريكية مثل الشرق الأوسط مقابل صعود أولويات دوائر جغرافية مثل شرق آسيا من ناحية رابعة، وانشغال الفواعل الدولية بهذه التحولات لتأثيرها على موقعها في تراتبية النظام الدولي، وهو ما يُسهِم بدوره في إشعال التنافس بين تركيا وإيران مقابل تقليص فرص التعاون.

ثانيًا: تأثير التحولات الدولية على الصراع التركي-الإيراني

ترتَّب على التحولات الدولية بروزُ أربعة متغيرات جوهرية من شأنها إشعال الصراع التركي-الإيراني: أولها: تعدد حلقات الفراغ الإستراتيجي وساحات التحرك أمامهما في أكثر من بقعة جغرافية جرَّاء الانسحابات الأمريكية، وثانيها: تراجع أولوية الدائرة الشرق أوسطية في الإستراتيجية الأمريكية، وثالثها: انشغال القوى الكبرى في تعظيم مكانتها وموقعها في تراتبية النظام الدولي، وانشغالها بالحرب في أوكرانيا، ورابعها: بروز الغاز الطبيعي (مسألة حيوية للدولتين) كمحرك جديد للتنافس والصراع للحصول على جزء من الحاجة الأوروبية للغاز البديل للغاز الروسي، وفيما يلي تجليات تأثير التحولات الدولية على الصراع التركي-الإيراني لا سيما في الدائرة الشرق أوسطية:

1. التصعيد العسكري المتبادل في ساحات النفوذ الجيو-إستراتيجية:

لجأت الدولتان التركية والإيرانية إلى استخدام القوة المسلحة في ساحتين إستراتيجيتين في الشرق الأوسط بهدف المزاحمة وملء الفراغ الإستراتيجي بمد نطاق النفوذ، وكذلك حماية المصالح الحيوية:

أ. الساحة العراقية: يرتبط التحول في الصراع التركي-الإيراني في الشمال العراقي* بعدة متغيرات يتقدمها بروز ملف غاز إقليم كردستان العراق كمحرك جديد لتأجيج الصراع في ساحات التنافس، وذلك باتفاق الحكومة التركية مع حكومة كردستان العراق على تزويد تركيا والدول الأوروبية بالغاز، بعد المحادثات التي أُجريت بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني في أنقرة فبراير 2022م، واستكمال المباحثات على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي في مارس 2022م.

ويرتبط المتغير الثاني بنِية قيادة الإقليم في تصدير الغاز للعالم الخارجي، وما الجولات المكوكية التي أجرتها قيادته في أنقرة والدوحة وأبوظبي ولندن، بهدف الترويج للغاز الكردستاني ليُصبح الإقليم مزوّدًا عالميًا جديدًا للطاقة إلَّا دليلًا على ذلك، إذ أكد رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني أثناء مشاركته في منتدى الطاقة العالمي بدبي 28 مارس 2022م تطلُّع الإقليم للمساهمة في تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة([5])، وتأتي جهود الإقليم الكردي للترويج للغاز ضمن مساعيه نحو تعزيز الاستقلالية الاقتصادية، وتُعد الحاجة الأوروبية للغاز فرصةً تاريخية للإقليم لتصدير غازه لتحقيق تلك الاستقلالية.

ويمتلك الإقليم احتياطيًا كبيرًا من الغاز يقدر بنحو 5.6 ترليون متر مكعب([6])، ويُنتج الإقليم، حسب البيانات الرسمية لحكومته قرابة 14.1 مليون متر مكعب يوميًا([7])، ما يضعُه ضمن قائمة أهم المزودين للغاز في العالم، بل ولاعبًا عالميًا جديدًا في مجال الغاز، كما أوضح مراقبون أن هذه الكمية من الغاز قادرةٌ على تلبية الطلب في العديد من الأسواق الإقليمية والدولية، بما في ذلك المساهمة في حاجة تركيا ودول المنطقة والدول الأوروبية من الغاز، ولسنواتٍ عديدة، وهو ما آثارَ مخاوفَ الإيرانيين والروس.

بينما يتمثل المتغير الثالث في لجوء الدولتين للقوة المسلحة بذرائع مختلفة لإخفاء حقيقة الصراع على الغاز، فمن ناحية تذرَّعت إيران في قصفها لأربيل في مارس 2022م، بنحو 10 صواريخ بالستية من طراز فاتح 110 من داخل أراضيها، بضرب مواقع الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني المعارض في أربيل ومقرات للاستخبارات الإسرائيلية([8])، بينما قصفت الصواريخ الإيرانية منزلَ رئيس «مجموعة كار» الكردية المعنية بتنفيذ خط الغاز نحو تركيا([9])، وفي المقابل، ردَّت أنقرة على إيران برسائل ردع قوية، بإعلانها عمليةً عسكريةً جديدة منتصف أبريل 2022م تسمَّى بـ«المخلب القفل»، بل وقصفها قضاء جمجال في 05 مايو 2022م بذريعة ضرب مقرات حزب العمال الكردستاني المعارض، ثم ردَّت المدفعية الإيرانية للمرة الثانية بقصفها عددًا من المواقع الكردية بمنطقة سيدكان الحدودية في 11 مايو 2022م([10])، ما يعكس مدى حيوية المسألة بالنسبة للدولتين التركية والإيرانية.

تعكس كثافة التصعيدات التركية-الإيرانية في الشمال العراقي مقارنةً بالتصعيدات السابقة إبان التصعيد التركي-الإيراني لمد نطاق النفوذ في الشمال العراقي في مراحل زمنية سابقة، تحولًا جوهريًا في قضية الصراع لتتحوَّل إلى مسألة حيوية بالنسبة للدولتين التركية والإيرانية لارتباطه بمصلحة اقتصادية حيوية لكلا الدولتين، وهي مرحلة متقدمة للغاية من مراحل الصراع بين دولتين، لأنَّ نجاحَ سياسات أحد الجانبين التركي أو الإيراني تجاهَ ملف الغاز الكردستاني العراقي يشكِّل مكسبًا حيويًا وانتصارًا إستراتيجيًا لهذا الجانب وخسارةً حيوية للجانب الثاني ما يؤثر على معدل القوة الشاملة للدولتين لا سيما في إطار التنافس التركي-الإيراني للحصول على موقع الريادة الإقليمية، ومن ثم يدرك كلا الطرفين أنَّ خسارةَ المسألة الحيوية (المصلحة الاقتصادية المتمثلة في الغاز الكردستاني العراقي) ترتِّب ضررًا بالغًا يمكن أن يلحق بالقوة الشاملة لكليهما، ولذلك يتوقع استمرارية كليهما في اتخاذ إجراءات فعَّالة بما في ذلك استمرارية اللجوء للقوة المسلحة، لأن فوز أحد الجانبين بهذه المصلحة الحيوية يعني خصمًا من رصيد قوة وقدرات الجانب الثاني، وهو ما يُعلي من فُرص الحالة العدائية بين الدولتين في كافة ساحات التنافس البينية.

ب. الساحة السورية: كما لجأت الدولتان التركية والإيرانية إلى استخدام القوة المسلحة في الشمال العراقي، لجأتا أيضًا إلى استخدامها في الشمال السوري لمركزية الساحتين العراقية والسورية في إستراتيجيتيهما التوسعيتين لاعتبارات جيو-سياسية واقتصادية وأمنية وتاريخية، ووقوعهما ضمن الممرات الإستراتيجية لمشروعاتهم التوسعية وطموحاتهم بعودة أمجادهم الامبراطورية، حيث قصفت ميليشيات إيران في سوريا قاعدًة عسكريةً تركية في ريف حلب الغربي ضمن ما يعرف بمنطقة «خفض التصعيد الرابعة» شمالي غرب سوريا، وسبقت الميليشيات قصفها للقاعدة التركية باستقدام تعزيزات عسكرية ونشرتها في مناطق عمليات درع الفرات وغصن الزيتون، مع استهداف قواتٍ تتبعُ حزب الله اللبناني تدعى «فوج قاسم سليماني» للخط الواصل بين عفرين وأعزاز شمالي حلب الخاضعتين للقوات التركية، وردَّت قوات تابعة لتركيا في منتصف مايو 2022م على مواقع الفوج الإيراني ما أسفر عن مقتل 12 عنصرًا على الأقل([11])، ليس ذلك فقط، بل صعَّدت أنقرة عسكريًا بإعلانها عمليةً عسكريةً جديدة في الشمال السوري في يونيو 2022م، بذريعة أمنية لضرب مقاتلي «حزب العمال الكردستاني» الذي تصنُّفه أنقرة تنظيمًا إرهابيًا في المنطقة الواقعة شرق نهر الفرات بهدف إقامة مناطق أمنة على حدودها الجنوبية تمتد لعمق 30 كلم داخل الأراضي السورية لمنع إقامة ما تسميه تركيا «إنشاء ممر إرهابي» على حدودها الجنوبية.

ويظل الانتهاز التركي والإيراني لانشغال الفواعل الدولية بالحرب في أوكرانيا مع تراجع أولوية المنطقة في الإستراتيجية الأمريكية العاملين الجوهريين في التحرك التركي-الإيراني نحو تعظيم نطاق النفوذ في الساحتين العراقية والسورية، فالانشغال الروسي بالحرب في أوكرانيا عن سوريا على سبيل المثال ترك مساحةً واسعة أمام القوتين التركية والإيرانية لمد نطاق النفوذ في سوريا لا سيما في المناطق ذات السلع الإستراتيجية وبخاصة الغاز الطبيعي الذي يشكِّل مسألةً حيوية لا تهم فقط الدولتين التركية والإيرانية، وإنما العديد من الفواعل الإقليمية والدولية.

2. التنافس الاقتصادي المتبادل لتحجيم النفوذ:

تعتمدُ حكومةُ رئيسي على الدبلوماسية الاقتصادية النشطة بتعزيز علاقاتها التجارية طة مقابل سياسة الاستقطابوسفاتستراتيجية التي باتت تهم الفاعلين اللتعظيملتعمع العديد من الدول داخل الدوائر الجغرافية الإستراتيجية المختلفة مثل قطر وعمان وسوريا في المنطقة العربية وغانا وسيراليون في القارة الإفريقية وطاجيكستان وكازاخستان وتركمانستان في آسيا الوسطى وفنزويلا في أمريكيا اللاتينية، بالتزامن مع تطوير علاقاتها التجارية مع القوتين المؤثرتين في الشؤون الإقليمية والدولية: الصين وروسيا. وبقدر ما تهدف إيران من خلال إستراتيجية الدبلوماسية الاقتصادية النشطة إفقادَ ورقة العقوبات تأثيرها على الداخل الإيراني بلا رجعة، فإنها تهدف أيضًا إلى تعظيم نفوذها في هذ الدوائر الجغرافية الإستراتيجية ضد تركيا التي تتقاطع مصالحها مع إيران في تلك الدوائر، ولا شك أن تراجع الضغط الدولي على تركيا وإيران فتحَ المجالَ واسعًا أمامهما لمد نطاق النفوذ بما يصبُّ في صالح معدل القوة المطلوب للحصول على موقع الريادة الإقليمية.

في المقابل، تقاربت تركيا من خصوم إيران الإقليميين، فمن ناحية حلَّت مرحلةٌ جديدة في العلاقات السعودية-التركية، بمصالحة أنقرة للرياض أثناء زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للرياض في أبريل 2022م، تلتها زيارةٌ لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لأنقرة ضمن جولة مكوكية تشمل أيضًا القاهرة وعمان في يونيو 2022م، قبل زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة، وتتحسَّب إيران لأيّ تقارب سعودي-تركي من شأنه تشكيل محورٍ سنيٍ جديد يمتلك مشروعًا مناهضًا للمشروع الإيراني في الشرق الأوسط، ويحدُّ من نفوذها في ساحات النفوذ الحيوية في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ومن ناحية ثانية، وهي الأكثر تأثيرًا على مستقبل صادرات الغاز الإيراني، شهد النصف الأول من عام 2022م، تقاربًا تركيًا-إسرائيليًا، بموجب زيارة الرئيس الإسرائيلي لأنقرة في مارس 2022م، مع إحياء فكرة خط الأنابيب التركي-الإسرائيلي (خط ليفياثان) لخلق بدائل للغاز الإيراني والروسي، وما تصريح الرئيس التركي في فبراير 2022م بأن تركيا وإسرائيل يمكنهما العمل معًا لنقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا([12]) إلا دليلًا على ذلك.

هذه التحولات في المواقف التركية تجاه الرياض وتل أبيب ليس من شأنها فقط خلق بدائل للطاقة الروسية بل ستصبُّ في صالح التعاون التركي-الكردستاني في مجال الغاز الطبيعي، وستُلقي بتبعاتها على مستقبل صادرات إيران من الغاز للزبون الأوروبي.

­­ثالثًا: الأهداف التركية-الإيرانية من التصعيد في الدائرة الشرق أوسطية

لا تأتي أهمية منطقة الشرق الأوسط في الإستراتيجيتين التركية والإيرانية من مساحتها الجغرافية أو حجم سكانها أو وفرة مواردها وثرواتها وخيراتها فحسب، بل من موقعها وسط مجال جيو-سياسي متميز في العالم، الذي تعتبره الدولتان التركية والإيرانية مجالًا حيويًا للتمدد وتعظيم نطاق القوة والنفوذ والحصول على موقع الريادة الإقليمية، لذلك شكَّلت الدائرة الشرق أوسطية عبر التاريخ بؤرةً إستراتيجية ما بين الامبراطوريات وأصبح الاستيلاء عليها عنوانًا للنفوذ يشير إلى الدولة الأقوى كما بات انحسار النفوذ عنها دليلًا على انحسار النفوذ العالمي، وفيما يلي أهم الأهداف التركية والإيرانية من استخدام القوة المسلحة في ساحات النفوذ الشرق أوسطية مقارنةً باستخدامهم أدوات اقتصادية في مدّ نطاق النفوذ خارج الدائرة الشرق أوسطية:

1. الأهداف التركية: يتمثَّل الهدف الرئيسي لأنقرة من استخدام القوة المسلحة في الساحتين العراقية والسورية في انتهاز الظرف العالمي بانشغال الفواعل الدولية عن الشرق الأوسط في حماية مصالحها الحيوية في هاتين الدولتين خاصةً والشرق الأوسط عامة، ثم مد نطاق النفوذ وتعظيم المكانة بما يُسهم في الحصول على موقع الريادة الإقليمية، لا سيما مع قرب انتهاء معاهدة لوزان* بحلول 2023م، التي حدَّت من الأطماع التركية للسيطرة على مناطق النفوذ التاريخية، فرغم اعتمادها بشكل رئيسي على الغاز الروسي، وكان يمكنها الاستغناء عن الغاز الإيراني، وعدم التباحث للحصول على الغاز الكردستاني، من خلال تعظيم حصتها من الغاز الروسي أو الأذربيجاني، غير أنها لجأت للقوة المسلحة لإيصال رسالة لإيران بأن الغاز الكردستاني مصلحةٌ حيوية لأنقرة، مع السعي لتحقيق عدَّة أهداف فرعية:

  • إفقاد ورقة الضغط الإيرانية قيمتها: تهدف تركيا إلى التحلُّل من ورقة الضغط الإيرانية ضد تركيا وإن كان الغاز الإيراني يأتي في المرتبة الثالثة بعد الغاز الروسي والأذربيجاني، لأن طهران قد تستخدم غازها المصدَّر لتركيا كورقة ضغط ضد أنقرة لكونها تدرك مدى تأثير تلك الورقة على النشاط الصناعي التركي، للتأثير على مواقفها في بعض القضايا التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بإيران في إطار التنافس التركي-الإيراني على موقع الريادة الإقليمية.
  • الخصم من معدل القوة الإيرانية: تحاول أنقرة من خلال مباحثاتها للحصول على الغاز الكردستاني بدلًا من الغاز الإيراني للخصم من معدل القوة الإيرانية التي تسعى إيران لتعزيزها في إطار تنافسها مع تركيا في العديد من ساحات التنافس داخل الإقليم وخارجه، وتُعد الطاقة الإيرانية من أبرز مرتكزات القوة الإيرانية في المستقبل حال رفع العقوبات، ولجوء طهران إلى تنفيذ مخططات تصدير النفط والغاز للزبائن الإقليميين والدوليين وفي مقدمتهم الزبائن الأوروبيون.
  • تعزيز معدل القوة الشاملة التركية: تسعى تركيا لتعظيم معدل قوتها الشاملة ومكانتها الإقليمية من خلال تحويل أراضيها إلى مجمع مركزي للطاقة ولخطوط نقل الطاقة الممتدة نحو الغرب الأوروبي، وذلك لتحقيق الهدف الإستراتيجي المتمثل في خلق توازن يُفسد السيطرةَ الإيرانية والروسية على مصادر الطاقة المزوِّدة لأوروبا، وللهدف ذاته تتدخل تركيا في سوريا كونها حلقة وصل لعبور الطاقة إلى تركيا ثم إلى الدول الأوروبية لتعظيم العائدات المالية وامتلاك أوراق ضغط سياسية.

2. الأهداف الإيرانية: لجأت إيران إلى التصعيد بالقوة المسلحة في الساحة العراقية، بعرقلة مشاريع الغاز الجديدة المتَّفق عليها بين كردستان العراق وتركيا، فبينما تعيش إيران عقوبات قاسية أدَّت إلى تردِّي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وأجَّجت الاحتجاجات الشعبية، تعتبر الجهود التركية-الكردستانية لتزويد تركيا وأوروبا بالغاز بمثابة تهديد مباشر لمصالحها بصفتها بائعًا عالميًا محتملًا للغاز، ولذلك تهدف إيران إلى:

  • استمرارية ورقة الضغط الإيرانية ضد تركيا: رغم أن نسبة الغاز الإيرانية المصدَّرة لأنقرة قليلةٌ مقارنةً بالنِّسب التي تحصل عليها من روسيا وأذربيجان، فمثلًا استهلكت تركيا خلال 2020م نحو 46.4 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، استوردت منها 31.8 مليار متر مكعب، النسبة الأكبر منها من روسيا 15.6 مليار متر مكعب، والنسبة التالية من أذربيجان 11.1 مليار متر مكعب، أما النسبة الأقل كانت من إيران 5.1 مليار متر مكعب([13])، وهي تمثِّل ما نسبته 16% فقط من حجم الواردات التركية من الغاز خلال عام 2020م، حسب أرقام تقرير المراجعة الإحصائية للطاقة العالمية 2021م، غير أنها مهمةٌ بالنسبة لإيران للتخفيف من وطأة العقوبات، كما تدرك إيران أيضًا مدى تأثير الغاز الكردستاني العراقي كلاعب جديد محتمل في إفقاد إيران ورقة ضغطها بالغاز ضد أنقرة للتأثير على المواقف التركية فيما يخصّ بعض الملفات وثيقة الصلة بإيران، حيث تدرك طهران مدى تأثير وقف تدفق الغاز لأنقرة على النشاط الصناعي التركي.
  • الرغبة في الحصول على جزء محتمل من حاجة أوروبا للغاز: تتوجَّس إيران من التبعات المحتملة للجهود التركية-الكردستانية في مجال الطاقة على طموحاتها المستقبلية لرفع صادراتها من الغاز حال رفع العقوبات ليس فقط نحو تركيا بل للدول الأوروبية، في وقت تسعى فيه طهران إلى استغلال هذه الظروف لتطوير علاقاتها مع الغرب من خلال الغاز، ومن ثم فإن مساعي أنقرة وأربيل لنقل الغاز من كردستان العراق إلى تركيا وأوروبا تزعج إيران بشدة لتقديمها بديلًا آخر للغاز الروسي غير الغاز الإيراني وتفقد إيران فرصةً إستراتيجيةً لها. أضف إلى ذلك أن عقود الإمداد بالطاقة طويلة الأجل، وهو ما يشكل عقبةً أمام طموحات إيران المستقبلية في تعظيم صادراتها من الغاز لا سيما في ظل عدم إجراء أنقرة مفاوضات مع طهران لمد عقد استيراد الغاز الذي ينتهي في 2026م، ما يعني النية التركية في استبدال الغاز الإيراني بالغاز الكردستاني.
  • الحفاظ على مصلحة تصدير الغاز للعراق: دعم تركيا لزيادة إنتاج الغاز الكردي من شأنه التأثير على مصلحة إيران في تصدير الغاز للعراق، فإيران تستخدم ورقة الغاز في العراق للضغط على الحكومات المتعاقبة للحفاظ على المكتسبات الإيرانية، لأن إيران تزوّد العراق بالغاز لإنتاج الكهرباء، حيث تمثل الحصة الإيرانية من الغاز المصدَّر للعراق قرابة الثلث من إجمالي إنتاجه من الكهرباء البالغ 16 ألف ميجاوات، حيث أشارت هيئة إدارة معلومات الطاقة الأمريكي خلال عام 2019م أن 28% من الكهرباء العراقية تعود لإيران، (23% منها من إمدادات الغاز وال5% من حصة الكهرباء المستوردة من إيران([14]) والتي تقدّر بنحو 5000 -6000 ميغاوات)([15])، ومن ثم فإن إيران تمتلك ورقة ضغط قوية على الحكومات العراقية لتنفيذ مخططاتها في الساحة العراقية، لذلك تتخوَّف إيران من فقدان تأثير هذه الورقة.

وهنا يمكن الإشارة إلى الدور الذي تلعبه إيران ممثلةً في ميليشياتها المسلحة في العراق في عدم استفادة العراق من الغاز المصاحب في معالجة أزمة الكهرباء كبديل للغاز الإيراني لكونها مصلحةً حيويةً لإيران، فقد كشف وزير الكهرباء العراقي السابق قاسم الفهداوي في نهاية يونيو 2021م عن وجود أيادٍ خارجية في إشارة إلى إيران بقوله «إن وزير الكهرباء الأسبق عبدالجبار لعيبي حاول استثمار الغاز المصاحب للنفط في حقل نهران عمر لكنه واجه صعوبات كبيرة وتحديات تتمثل بمصالح بعض الأحزاب السياسية والتأثير الخارجي على هذا الملف»، مبينًا أن «هذا الحقل كان بإمكانه توفير 75% من كمية الغاز القادم من إيران وبتكلفة بسيطة جدا»([16])، حيث أفادت تقارير للبنك الدولي عن عام 2020م أن العراق أحد الدول الرائدة في حرق الغاز عالميًا([17])، حيث يصنف كثاني بلد عالميًا بعد روسيا في إحراق الغاز المصاحب.

ولكن على ما يبدو أن الفرص المتاحة أمام إيران لتصدير الغاز للدول الأوروبية ضئيلة على ضوء عدم وجود ضمان لاستمرارية تدفق الغاز الإيراني لوقوع إيران بشكل متكرر تحت طائلة العقوبات، وهو ما يحولُ دون وجود مشترين كبار للغاز الإيراني، والتكلفة المالية الكبيرة والوقت الكبير المطلوب لمد أنابيب الغاز لآلاف الكيلومترات لتصل لأوروبا، كما أن الفائض من إنتاج الغاز الإيراني ليس كثيرًا لنقله لأوروبا رغم استحواذ إيران على ثاني أكبر احتياطي في العالم من الغاز بعد روسيا، ويعود ذلك إلى عدم امتلاكها البنية التحتية اللازمة لزيادة الإنتاج مع وقوعها تحت طائلة العقوبات وارتفاع الاستهلاك المحلي([18])، فضلًا عن تزايد الطلب الإقليمي على الغاز الإيراني من الكويت وسلطنة عمان وباكستان، ولذلك فإن تصدير الغاز إلى أوروبا لن يشكِّل أولويةً لإيران في الوقت الراهن.

وفي المقابل، تواجه جهود تصدير الغاز الكردستاني لتركيا والدول الأوروبية، عقبات داخلية وخارجية، أما الداخلية فتدور حول رفض حزب الاتحاد الكردستاني الخطوة وتزويد تركيا وأوروبا بالغاز([19])، وهي من أبرز العقبات الداخلية التي تعترض طريق قادة الإقليم للدخول كلاعب مؤثر في أسواق النفط العالمية لكون الاتحاد الكردستاني شريك الحزب الديمقراطي الكردستاني في حكم الإقليم، ويهيمن على واحدة من المحافظات الكردية الثلاث التي تضم عددًا من حقول الغاز، كما يشكِّل قرار المحكمة الاتحادية العليا بالعراق منتصف فبراير 2022م، بعدم دستورية قانون 2007م، الذي منحَ حكومة الإقليم سلطةَ إدارة قطاع الطاقة (نفط/غاز) بشكل مستقل عن بغداد عقبةً أخرى، حيث يصبح حق الحكومة المركزية، قانونيًا، مقاضاةَ أنقرة حال المضي في تنفيذ هذا المشروع لا سيما في ظل الأزمة بين العراق وتركيا حول السياسات التركية تجاه مياه الفرات.

أما العقبات الخارجية، فتتمثَّل في الفيتو الروسي-الإيراني على تقديم بدائل للغاز الروسي والإيراني، وقد أدركت حكومة الإقليم ذلك، فما أنْ أنهت إيران هجومها العسكري على أربيل، حتى صرَّح مسرور بارزاني في نهاية مارس 2022م: «تطوير قطاع النفط والغاز في الإقليم قد لا يكون في مصلحة إيران»([20])، كما أدركت أنقرة -أيضًا- بتأكيد أحد مسؤوليها أنَّ توقيتَ الهجوم في أربيل مثيرٌ للاهتمام، ويبدو أنه كان موجهًا بالدرجة الكبرى لصادرات الطاقة من كردستان العراق وللتعاون المحتمل الذي قد يشمل إسرائيل»([21])، حيث أن خطة تصدير الغاز قد تهدِّد مكانةَ إيران كمورّدٍ محتمل للغاز الطبيعي.

الخلاصة

تكشفُ التحولات الدولية الكبرى المتعلقة بالتَّحدي الروسي للقواعد الدولية المستقرة منذ نهاية الحرب الباردة والانسحابات العسكرية الأمريكية من الأقاليم الجيو-إستراتيجية، والتغير في تراتبية القوى في النظام الدولي الراهن، أنَّ هناكَ واقعًا إقليميًا ودوليًا جديدًا بدأ يتشكَّل، تزداد خلاله مستويات التنافس بين تركيا وإيران، لأنه كلما زادت الضغوط المتأتية من النظام الدولي تجاهَ القوى الإقليمية المتصارعة قلَّ معدل التنافس أو الصراع البيني في سبيل مواجهة هذه الضغوط، ويزدادُ معدل التنافس أو الصراع البيني كلما تراجعت الضغوط المتأتية من النظام الدولي لا سيما النظام الأُحادي القطبية، فقد خلَّفت هذه التحولات الدولية لتركيا وإيران، مساحةً واسعةً للتنافس ومرحلةً جديدة من الصراع عند مساعيهم لاستغلال الفراغ الإستراتيجي الذي تمخَّض عن الانسحابات العسكرية الأمريكية، وتراجُعِ أولويةِ الدائرةِ الشرق أوسطية في الإستراتيجية الأمريكية، وانشغال القوى الكبرى بمسألة تعظيم مكانتها وموقعها في تراتبية القوة في النظام الدولي، وبالحرب في أوكرانيا، وبروز الغاز الطبيعي (مسألة حيوية للدولتين) كمحركٍ جديد للتنافس والصراع للحصول على جزءٍ من الحاجة الأوروبية للغاز البديل للغاز الروسي.

وتكمُن خطورة هذه المرحلة الجديدة من التنافس التركي-الإيراني أنها ترتبطُ بالمسألة الحيوية، وهي مرحلةٌ تسبقُ المرحلة الأخيرة من مراحل تعارُض المسائل، وهي المسألة المصيرية، وتكونُ المسألةُ مصيريةً بالنسبة للدولة حالَ تعرُّض وجودها وبقائها للخطر إما نتيجةً لهجومٍ عسكري على إقليمها، أو نتيجةً لهجومٍ حال الهجومِ عليها إنْ هي لم تنفِّذ مطالبَ الخصم، أو عند وصول مستوى خطورة تعارض المسألة الحيوية لمستوى المسألة مصيرية بوصول درجةِ كثافةِ خطورة المسألة الحيوية نفس درجةِ كثافةِ خطورة المسألة المصيرية وانتفاء عامل الزمن للتباحث مع الحلفاء أو المساومة مع الخصم، أو لاتخاذ إجراءات هجومية لتحذير الخصم بأنه سيدفع الثمن غاليًا إذ لم يُنهِ ضغوطَه السياسية والاقتصادية والعسكرية.

يتوقع استمرارية ارتفاع مستويات وساحات التنافس التركي-الإيراني ليس فقط في الشرق الأوسط بل في بقية ساحات التنافس بأدوات نوعية حسب طبيعة كلِّ ساحة، وذلك بسعي الطرفين لاستغلال هذه الفُرص التي خلَّفتها التحولات الدولية لتمرير مشاريعهم التوسعية والتدميرية، إذ يسعى كلاهما إلى ممارسة دورٍ أوسعَ نطاقًا وأعمقَ تأثيرًا، مع تمسُّك إيران بجني ثمار الأثمان المادية والبشرية التي تكبَّدتها لمدِّ نطاقِ النفوذ في المنطقةِ الشرق أوسطية، مقابلَ رغبةِ الأتراك في تعزيزِ الاستفادة من العهد الجديد الذي تتوقَّعهُ أنقرة بموجب انتهاء معاهدة لوزان بمناسبة مرور 100 عام على الاتفاقية التي صدَّقت عليها تركيا عام 1923م، لا سيما في ظل غياب مشروعٍ عربي يواجُه المشروعين التركي والإيراني باستثناء المواجهة السعودية للمشاريع التدميرية في المنطقة، وتعارُض المسألةِ الحيوية بين الدولتين التركية والإيرانية على خلفيةِ التباحث التركي مع كردستان العراق لتزويد أنقرة بالغاز ما يُفقِد إيران ورقتي الضغط ضدَّ العراق وأنقرة، وكذلك فرصةً جوهرية لتعظيم العلاقات التجارية مع الدول الأوروبية مستقبلًا.

لكن على ما يبدو أنَّ هناك إدراكًا من القيادات السياسية العربية والخليجية لهذه التحولات الدولية التي ألقت بظلالها على القضايا والمصالح العربية جرَّاء الجولات المكوكية التي يجريها القادةُ وكبارُ المسؤولين العرب في العديد من العواصم العربية وغير العربية، آخرها الزيارة التي أجراها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للعاصمة المصرية والأردنية ثم التركية يونيو 2022م، وقبلها القمة الثلاثية المصرية-الأردنية-البحرينية في شرم الشيخ، للتباحث حول مستقبل المنطقة العربية على ضوءِ التحولات الدولية الراهنة، ويُنتظَر أنْ تُسفر التحركات العربية الجارية عن سياساتٍ ومحاورَ إستراتيجية تحدُّ من الاندفاعةِ التركية والإيرانية للتنافُس على المنطقة العربية، وإلَّا ستظلُ المنطقة العربية تحتَ رحمةِ المطرقة الإيرانية والسندان التركي.


[1]– Don Oberdorfer, Bush’s talk of a ‘New World Order’ Forign Policy Tool or mere Slogan?, (May 26, 1991), Accessed: Jun 10, 2022, https://wapo.st/3xN7bSh.

[2]– kremlin, Joint Statement of the Russian Federation and the People’s Republic of China on the International Relations Entering a New Era and the Global Sustainable Development,(Feb 4, 2022), Accessed: Jun 10, 2022, http://en.kremlin.ru/supplement/5770.

[3]– د. ناجي خليفة الدهان، ملامح الصراع على مستقبل أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي، مركز أمية للبحوث والدراسات الإستراتيجية، (30 يوليو 2021م)، تاريخ الاطلاع: 07 يونيو 2022م، https://2u.pw/ash0C.

[4]– د. وليد عبد الحي، التوزيع الحالي للقوة العالمية، جيوبوليتيكا، (25 مايو 2022م)، تاريخ الاطلاع: 10 يونيو 2022م، https://bit.ly/3tRLW0e.

* يتضمن إقليم شمال العراق جغرافيًا: إقليم كردستان العراق المكون من ثلاثة محافظات عراقية: دهوك وأربيل وكركوك والسليمانية، بالإضافة إلى المناطق المتنازع عليها بين الدولة المركزية وإقليم كردستان العراق: كركوك وسنجار ومخمور وداقوق وخانقين وطوز خرماتو.

[5]– Reuters, Iraqi Kurdistan has energy capacity to help Europe, says Iraqi Kurdish PM, (Mar 28, 2022), Accessed: Jun 9, 2022, https://reut.rs/3MAX9st.

[6]– سبتونيك عربي، إقليم كردستان العراق.. السابع عالميًا في أكبر احتياطي للغاز الطبيعي، (22 يناير 2022م)، تاريخ الاطلاع: 06 يونيو 2022م، https://bit.ly/3ttfCAw.

[7]– موقع حكومة إقليم كردستان العراق، نص كلمة رئيس حكومة إقليم كوردستان في منتدى الطاقة العالمي في دبي، (18 مارس 2022م)، تاريخ الاطلاع: 07 يونيو 2022م، https://bit.ly/3ztvV4p.

[8]– خبرگزاری باشگاه خبرنگاران، سپاه پاسداران: مرکز توطئه وشرارت صهیونیست‌ها در اربیل را هدف قرار دادیم، (۲۲ اسفند ۱۴۰۰)، تاريخ الاطلاع: 02 أبريل 2022م، https://bit.ly/3H1D1yC.

[9]– Reuters, Exclusive Iran struck Iraq target over gas talks involving Israel – officials, (Mar 28, 2022), Accessed: Jun 9, 2022, https://reut.rs/39GR5S8.

[10]– وكالة تسنيم، نیروی زمینی سپاه مقر تروریست‌ها در اربیل را زیر آتش توپخانه گرفت، (۲۱ ارديبهشت ۱۴۰۱)، تاريخ الاطلاع: 29 مايو 2022م، https://bit.ly/3wjM2OF.

[11]– جسور للدراسات، الميليشيات الإيرانية تقود تصعيدًا ميدانيًا جديدًا شمال غرب، (16 مايو 2022م)، تاريخ الاطلاع: 08 يونيو 2022م، https://bit.ly/3O3RZqA.

[12]– Reuters, Exclusive Iran struck Iraq target over gas talks involving Israel – officials, (Mar 28, 2022), Accessed: Jun 8, 2022, https://reut.rs/3mCXQHl.

* معاهدة لوزان عام 1923م: بعد نهاية الحرب العالمية الأولى تم التوقيع على المعاهدة في 24 يوليو 1923م، بين تركيا من ناحية ودول الحلفاء المنتصرة في الحرب من ناحية ثانية، وقد أنهت ما يسمى بالامبراطورية العثمانية والخلافة الإسلامية وحلت مكانها الجمهورية التركية العلمانية، وبموجبها تنازلت تركيا عن سيادتها على مصر والعراق والسودان وليبيا وقبرص وليبيا وبلاد الشام بعدما كانت خاضعة لسيادة الامبراطورية العثمانية، بل واعتبار مضيق البوسفور ممرًا مائيًا دوليًا لا يحق لتركيا تحصيل أية رسوم، وللمزيد يمكن الرجوع للمصدر التالي: https://bit.ly/3Othb9O.

[13]– Natural gas, Iran, Statistical Review of World Energy 2021, Accessed: Jun 10, 2022, https://on.bp.com/39iL6CS.

[14]– بي بي سي عربي، كهرباء العراق: ما البعد الإيراني في أزمة الكهرباء التي يعيشها العراق؟، (02 يوليو 2021م)، تاريخ الاطلاع: 05 يونيو 2022م، https://bbc.in/3O6GFJP.

[15]– اندبندنت عربي، معضلة الكهرباء في العراق ستستمر لسنوات و«سيمنز» أحد الحلول، (19 مايو 2021م)، تاريخ الاطلاع: 06 يونيو 2022م، https://bit.ly/3xI3Vsc.

[16]– العين الإخبارية، أزمة الكهرباء في العراق.. من يقف خلفها؟، (30 يونيو 2021م)، تاريخ الاطلاع: 09 يونيو 2022م، https://bit.ly/3HjDSuT.

[17]– الشرق الأوسط، 7 دول تحرق ثلثي الغاز المصاحب لاستخراج النفط عالميًا، (12 مايو 2021م)، تاريخ الاطلاع: 10 يونيو 2022م، https://bit.ly/3xOqlbC.

[18]– الجزيرة، تمتلك ثاني أكبر احتياطي من الغاز.. هل يمكن لإيران تعويض أوروبا عن الغاز الروسي؟، (19 فبراير 2022م)، تاريخ الاطلاع: 06 يونيو 2022م، https://bit.ly/3mWdKNn.

[19]– شبكة أخبار العراق، طالباني: الحكم في الإقليم مرفوض ولن نسمح بتصدير الغاز وفق سياسة حزب بارزاني، (28 مايو 2022م)، تاريخ الاطلاع: 08 يونيو 2022م، https://bit.ly/3txDbYZ.

2- الجزيرة، مشروع غاز كردستان العراق إلى أوروبا يواجه مأزق الخلافات الداخلية، (07 مايو 2022م)، تاريخ الاطلاع: 10 يونيو 2022م، https://bit.ly/3Hjncnh.

[21]– Reuters, Exclusive Iran struck Iraq target over gas talks involving Israel – officials, (Mar 28, 2022), Accessed: Jun 8, 2022, https://reut.rs/3mCXQHl.

د. عبدالرؤوف مصطفى الغنيمي
د. عبدالرؤوف مصطفى الغنيمي
باحث سياسي بالمعهد الدولي للدراسات الإيرانية