تصاعُد التوترات بين إيران والغرب بعد تصنيف الحرس الثوري «منظمة إرهابية»

https://rasanah-iiis.org/?p=30493

اتخذ البرلمان الأوروبي مؤخرًا قرارًا بأغلبية ساحقة بلغت 598 صوتًا مقابل 9 أصوات، يدعو فيه إلى تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية. ويأتي تصويت البرلمان الأوروبي الأخير في خضمّ التوترات المتصاعدة بين إيران والغرب، إثر ما يواجهه النظام من موجة انتقادات وإدانات شديدة من المنظمات الدولية والحقوقية بسبب قمعه المتظاهرين الإيرانيين.

ومع وقوف الرأي العام في أوروبا بحزم ضد إيران، يواجه البرلمانيون الأوروبيون ضغوطًا لاتخاذ موقف أكثر حزمًا ضد الأعمال الوحشية التي يمارسها النظام الإيراني. وفي هذا الصدد صرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن كلير ليجيندر بأن الحكومة الفرنسية تعمل مع شركاء أوروبيين لتصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية. وشددت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك على أن حزمة العقوبات الجديدة لن تكون وحدها كافية لمنع الأعمال القمعية التي يمارسها النظام الإيراني، وحثَّت الوزيرة الألمانية أيضًا البرلمان الأوروبي على إدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية. كما أيَّدَت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية. ومن ناحية أخرى، صرح وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم بأنه «لا يمكن إدراج الحرس الثوري الإيراني في قائمة الإرهاب لمجرد انتهاكه لحقوق الإنسان في إيران ما لم يكن مرتبطًا بالأعمال الإرهابية». وفي إطار ردّ الفعل على التهديدات الأوروبية، هددت إيران باتخاذ إجراءات انتقامية بإدراج جيوش الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على قائمة المنظمات الإرهابية، فيما حاول الاتحاد الأوروبي ممارسة أقصى قدر من الضغوط على إيران لبعض الوقت، لكي يضمن تحقيق أهدافه الإستراتيجية في المنطقة، بما في ذلك إبرام اتفاق نووي دائم. وعلى الرغم من هذا النهج الذي اتخذه الاتحاد فإنه ما زال مستمرًّا في التعامل مع طهران، أما الآن فقد تبيَّن أنه من الصعوبة الاستمرار في هذا النهج بسبب بيع إيران مزيدًا من الأسلحة إلى روسيا في خضمّ الحرب على أوكرانيا وتنامي المخاوف الأوروبية إزاء استمرار الانتهاكات التي يمارسها النظام الإيراني لحقوق الإنسان. وفي الوقت الذي أعرب فيه بعض الدول مثل ألمانيا وهولندا وفرنسا عن الدعم القوي لإدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية، صرح عديد من مسؤولي الاتحاد الأوروبي بوضوح بتحفظاتهم على اتخاذ مثل هذا الإجراء بسبب وجود بعض التحديات البيروقراطية التي تقف أمام هذه الخطوة. وتكشف الآراء المتباينة داخل أروقة البرلمان الأوروبي عن حجم الصعوبات التي ينطوي عليها تحقيق توافق في الآراء. وأشار مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى العقبة القانونية التي تقف أمام تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، إذ ينصّ القانون الأوروبي على أنه «إذا أدرج الاتحاد الأوروبي منظمةً أو كيانًا على القائمة السوداء، فيجب أن يُصدِر عليه حُكما مبدئيًّا من إحدى محاكم الدول الأعضاء، لارتكاب ذلك الكيان جرائم متعلقة بالإرهاب. وحتى الآن لا توجد أي محاكمة أو حكم موجَّه ضد الحرس الثوري الإيراني في أي من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي». ولا يزال بعض الدول مثل السويد مترددًا إزاء دعم تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، واقترحت هذه الدول عوضًا عن ذلك فرض مزيد من العقوبات.

ومؤخرًا، كثف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والمملكة المتحدة العقوبات المفروضة على المسؤولين الإيرانيين الذين شاركوا في حملات القمع العنيفة ضد المتظاهرين الإيرانيين، إلا أن فاعلية العقوبات كانت دائمًا موضع شك بسبب فشل العقوبات السابقة في ردع دور إيران التخريبي في الشرق الأوسط وتأثيرها السلبي الذي يطال الأمن الإقليمي. وصرح بعض مسؤولي الاتحاد الأوروبي بأنّ أيّ تحرُّك لإدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية من شأنه أن يهدد فُرَص إحياء الاتفاق النووي. وحذَّر رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي من أن «إيران جمعت ما يكفي من المواد عالية التخصيب لصنع عديد من الأسلحة النووية». ومنذ الاجتياح الروسي لأوكرانيا على وجه الخصوص، واستمرار الدعم الإيراني لموسكو، تراجعت الجهود الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي، ويبدو أن المحادثات النووية قد توقفت تمامًا، نظرًا إلى التوترات المتزايدة بين إيران والغرب في الأشهُر الأخيرة. كما فرضت وزارة الخزانة الأمريكية مؤخرًا عقوبات على «المؤسسة التعاونية للحرس الثوري الإيراني»، وصرحت أيضًا بأن القرار اتُّخِذ بالتنسيق مع المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وقد تتفاقم حدّة التوترات بين الاتحاد الأوروبي وإيران في الأشهُر المقبلة بسبب حزمة العقوبات الجديدة التي فرضها الاتحاد الأوروبي على المسؤولين الإيرانيين، بما في ذلك بعض أعضاء الحرس الثوري الإيراني. وفي السياق الحالي، سوف يثبط استمرار المشاعر المعادية لإيران في أوروبا والنهج المتشدد للنظام الإيراني مِن فُرَص أيّ حوار بنّاء بين إيران والغرب، الأمر الذي يعني أن التوترات والمواجهات المتزايدة من المرجح أن تهيمن على العلاقات بين الغرب وإيران في الأشهُر المقبلة.

المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
المعهد الدولي للدراسات الإيرانية
إدارة التحرير